الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: إنه لا يصح الإحرام إلا من الميقات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ» (12)، فجعل مكان إِهْلَالِهِم نفس الميقات، لكن الجمهور على أنه يصح إلا أنه يُكْرَه، كذلك الإحرام بالحج؛ لو أحرم بالحج قبل شوال فإنه مكروه بلا شك.
وقال بعض أهل العلم: إنه لا ينعقد، وأنه لو أحرم بالحج قبل شوال صار إحرامه عمرة، ولم يصح أن يكون حجًّا؛ لأنه قبل وقته، وهذا القول قوي جدًّا؛ لأن الله قال:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} .
مَن مَرَّ بهذه المواقيت وهو يريد الحج أو العمرة فلا شك في أنه يجب عليه أن يُحْرِم، وإذا كان لا يريد حجًّا ولا عمرة فإنه لا يجب عليه الإحرام، لكن هل يجب عليه أن يريد الحج والعمرة؟
الجواب: إن القول الراجح أن مَن أدى فريضة الحج والعمرة لا يلزمه بعد ذلك حج ولا عمرة إلا بنذر، وقول العوام: إن الرجل إذا غاب عن مكة أربعين يومًا ثم عاد إليها فلا بد أن يُحْرِم، لا أصل له.
فالصواب الآن: إن مَن مَرَّ بهذه المواقيت يريد الحج والعمرة فلا بد أن يُحْرِمَ منها، ومن لا يريد لا يلزمه أن يُحْرِم، لكن هل يلزمه أن يريد؟
نقول: إن كان ذلك فريضته لزمه أن يريد الحج والعمرة ويُحْرِم من الميقات، ومَن كان أدى الفريضة لم يلزمه، سواء طالت مدة غيابه عن مكة أم لم تطل.
[باب الإحرام]
ثم قال المؤلف: (بابٌ الإحرامُ نيةُ النسك)، أنا عندي العنوان بالحرف الكبير (بابُ الإحرام) عندكم كذا؟
طالب: نعم.
الشيخ: أو باب مفرد؟ هذا الصواب، (بابٌ الإحرام نية النسك) أي: نية الدخول في النسك، والمراد بالنسك الحج أو العمرة، وقولنا: نية الدخول؛ لأن هذا هو مراد المؤلف، وليس مراده مَن نوى النسك؛ لأن الإنسان ربما ينوي النسك في رمضان أو في أول شوال وهو في بلده، فلا يُسَنّ له أن يغتسل، يغتسل إذا أراد، يعني إذا أراد التلبس بالنسك يُسَنُّ أن يغتسل، وهل يجزئ الغسل لو اغتسل في بلده ثم لم يغتسل عند الميقات؟ في هذا تفصيل، إن كان لا يمكنه أن يغتسل عنده الميقات كالذي يسافر بالطائرة فلا شك أن ذلك يجزئه، لكن يجعل الاغتسال عند خروجه إلى المطار، وإن كان في سيارة نظرنا؛ إن كانت المدة وجيزة كالذين يسافرون إلى مكة عن قرب أجزأه، وإن كانت بعيدة لم يجزئه، لكن لا حرج عليه أن يغتسل في بيته ويقول: إن تهيأ لي الاغتسال عند الميقات فعلت، وإلا اكتفيت بهذا الغسل؛ لأنه أحيانًا يؤخِّر الغسل إلى الميقات، فإذا جاء الميقات وجده زحمة شديدة، أو ربما يجد الماء منقطعًا، فإذا كان يخشى من هذا فلا حرج أن يغتسل في بيته على نية أنه إن تَيَسَّر له الاغتسال عند الميقات فعل.
وقوله: (غُسْلٌ) أطلق المؤلف، والمراد به الغسل الشرعي، وهو أن يغتسل كما يغتسل للجنابة.
دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرَّد لإهلاله واغتسل (13)، وهذه سُنَّة فعلية ولا قولية؟ فعلية.
والدليل الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عُمَيْس زوج أبي بكر رضي الله عنهما حين ولدت ابنه محمدًا في ذي الحليفة أمرها أن تَسْتَثْفِرَ بثوب وتغتسل (14) مع أنها نُفَسَاء، فثبت إذن الاغتسال للإحرام مِن فِعْل الرسول عليه وعلى آله وسلم وقوله.
قال: (أو تيمُّم لعدم) يعني: وإذا عدم الماء يتيمم، والتيمم معروف، وقوله رحمه الله:(لعدم) فيها قصور، لو قال: أو تَيَمُّمٌ لِعُذْر، ليشمل مَن عَدِم الماء ومَن خاف ضررًا باستعماله، ومتى أمكن أن نأتي بالعبارة العامة فهو أولى من العبارة الخاصة.
وقوله: (أو تَيَمُّم لعدم)، لو قال قائل: ما هو الدليل على أن التيمم إذا لم يجد الماء أو تضرر باستعماله مشروع؟
نقول: لأن الاغتسال للإحرام تَعَبُّدِيّ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم به، وفِعْلِه له، فهو تَعَبُّد لأنه ليس عن جنابة، وإذا كان تعبديًّا نابَ عنه التراب عند تعذُّر استعماله؛ لأن التطهر بالتيمم ما نوعه؟
طالب: تعبدي.
الشيخ: تعبدي، وقال بعض أهل العلم -ومنهم الموفَّق وابن أخيه وصاحب الفائق- قالوا: إنه لا يتيمم عند العذر؛ لأن المقصود بالاغتسال هو التنظف والتهيؤ للإحرام، وهذا لا يحصل بالتيمم، فيقال: إنْ تَيَسَّر له الغسل بلا ضرر اغتسل، وإلا فلا يتيمم، وهذا أقرب إلى الصواب أنه إن تَيَسَّر له الاغتسال اغتسل وإلا سقط عنه.
قال: (وتَنَظُّف وتَطَيُّب)، التنظف إزالة الأوساخ، ومن ذلك إذا كانت أظفاره طويلة أن يقلمها، إذا كان شاربه طويلًا أن يقصه، إذا كانت عانته طويلة أن يحلقها، إذا كان إبطه كثير الشعر أن؟
طالب: ينتفه.
الشيخ: ينتفه، وهذا ليس بسُنَّة مطلقة، سُنَّة إن وُجِدَ هذا وافرًا، وأما إذا كان غير وافر فإنه لا يحتاج إليه؛ لأنه لم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم أنه أمر بذلك عند الإحرام، أمر بالاغتسال ولم يأمر بالتنظف، لكن إذا كانت أظفاره طويلة أو شعره المطلوب إزالته طويلًا فإنه يزيله.
طالب: عفا الله عنك يا شيخ، جاءت السنة بتفاضل الأعمال في العشر، هل مثلها يا شيخ يتفاضل فيها المحذور من المعاصي؛ لأن بعض الناس ما يتقيد عن المعاصي، لا في الأزمان الفاضلة ولا في الأزمان .. ؟
الشيخ: العلماء رحمهم الله قالوا: إن المعاصي في الأزمان الفاضلة أعظم جرمًا من المعاصي في غير الأزمان الفاضلة.
الطالب: جزاك الله خيرًا.
طالب آخر: يا شيخ أحسن الله إليك، إذا حَجَّت المرأة بدون مَحْرَم، فهل يصح منها عن الفرض؟
الشيخ: الصحيح أنه يصح، ولكنها آثمة إذا حَجَّت بلا مَحْرَم؛ لأن الْمَحْرَمِيَّة هذه لا تختص بالحج، كل سفر لا يجوز أن تسافر بلا مَحْرَم.
طالب: أحسن الله إليك، هذه امرأة مستطيعة بالمال وبالْمَحْرَم، لها مَن يحججها لكن لم يأذن لها زوجها؟
الشيخ: إذا وجب الحج على المرأة لا يشترط إذن الزوج، بل لو منعها فلها أن تحج؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
طالب: مَن كان مرضه يرجى برؤه فمات قبل أن يَبْرَأ، فهل يجب على ورثته أن يحجوا عنه في تركته؟
الشيخ: نعم، إذا وجب عليه الحج، يعني: إن كان عنده المال الذي يقدر أن يحج به وجب أن يُحَجّ عنه.
طالب: بارك الله فيكم، هل من موانع الحج أن تكون المرأة مُعْتَدَّة؟
الشيخ: عدة الوفاة؟
الطالب: نعم.
الشيخ: إي نعم، هذه من الموانع.
الطالب: إذا -يا شيخ- ماتت بعد أن (
…
) بجب إخراج .. ؟
الشيخ: إذا ماتت وعندها مال تستطيع أن تحج به وجب إخراجه؛ لأن هذا وجود مانع.
طالب: بارك الله فيكم، قول عمر رضي الله عنه في أهل الكوفة: فانظروا حَذْوَهَا من طريقكم في الميقات (15)، فما معني المحاذاة يا شيخ؟
الشيخ: المساواة، وتعرف أن المساواة دائرية، مثلًا إذا كان بينهم وبين مكة يومان أو أكثر حسب أقرب ميقات لهم، والآن مُحَدَّدة كل شيء والحمد لله حتى لها طرق الآن محددة وكل شيء.
طالب: أحسن الله إليكم، مَن كان يعلم أنه يبلغ في أيام الحج، هل يجب عليه الحج وهو قادر؟
الشيخ: إذا علم أنه يبلغ قبل يوم عرفة؟
الطالب: قبل يوم عرفة.
الشيخ: نعم وجب عليه الحج، يعني بمعنى أنه إذا مات يُقْضَى عنه، لكن أن نأمره بالمسير لا نأمره بالمسير إلا إذا بلغ.
الطالب: هو يعلم يا شيخ، لكن يقول: لو كان جاي يوم عرفة وهو عند أهله ما يستطيع أن يحج.
الشيخ: ما يجب عليه الظاهر، الظاهر أنه في هذه الحال ما يجب عليه؛ لأنه ما يستطيع.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، المكي إذا أراد أن يحج متمتعًا نلزمه بالخروج إلى الحِلّ؟
الشيخ: ما فيه متعة لأهل مكة، ولهذا قال بعض العلماء:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196]{ذَلِكَ} أي: المتعة أو التمتع، على أن أهل مكة كثير من العلماء يقول: ليس لهم عمرة.
طالب: شيخ، لو خرج من مكة يعني في أشهر الحج بنية الرجوع إليها وهو ليس مقيمًا في بلده، لكن مقيم في بلد آخر، وخرج من مكة في أشهر الحج بنية الرجوع إليها، هل يدخلها غير مُحْرِم؟
الشيخ: وهو ساكن مكة؟
الطالب: لا، هو ليس ساكنًا بمكة، هو ساكن في بلد غير بلده؟
الشيخ: قل لي، حَدِّد؟
الطالب: يعني مثلًا ساكن في القصيم وبلده مثلًا مصر؟
الشيخ: مصر.
الطالب: وخرج من مكة في أشهر الحج بنية الرجوع إليها للحج، فهل يدخلها غير مُحْرِم.
الشيخ: يعني إذا رجع مِن .. ؟
الطالب: إذا رجع إليها مرة تانية.
الشيخ: إذا كان قد توجه إلى مكة على نية أن يبقى حتى يحج، ثم طرأ له طارئ أن يخرج فهو يرجع بلا إحرام؛ لأن مقره مكة، أما إذا لم يكن كذلك فيجب أن يُحْرِم؛ إما بعمرة ويكون متمتعًا، وإما بحج.
طالب: أحسن الله إليكم، المكي إذا كان يسكن خارج مكة لغرض ثم ذهب إلى مكة في أيام الحج وهو ينوي الحج في هذه السنة؟
الشيخ: نعم.
الطالب: يلزمه أن يدخل بعمرة؟
الشيخ: لا، ما يلزمه؛ لأنه رجع إلى بلده، ما رجع بقصد الحج.
طالب: الذين يأتون عن طريق السودان كان الجحفة في السابق، الجحفة هي ميقاتهم على أساس أنهم يأتون عن طريق الْجُبّ.
الشيخ: عن طريق أيش؟
الطالب: عن طريق الْجُبّ.
الشيخ: ما أدري والله.
الطالب: سابقًا يأتون إلى مصر ويأتون عن طريق مصر في البحر، والآن ..
الشيخ: السودان تقع جنوبًا عن مصر.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: السودان .. وسط السودان يُحْرِمُون من جدة؛ لأنهم سيأتون إلى مكة في الطائرة استقبال وجوههم، ويصلون إلى جدة قبل أن يحاذوا الجحفة وقبل أن يحاذوا يَلَمْلَم، ومَثَّلَ العلماء السابقون بأهل سواكن
الطالب: وعلى كل مَن يأتي من طريقهم.
الشيخ: من هذا الطريق يُحْرِم من جدة
***
نعود إلى الدرس، يقول رحمه الله:(وتَطَيُّب) يعني: يُسَنُّ أن يتطيب عند الإحرام، وهذا ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قالت عائشة: كنت أُطَيِّبُ النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم (16)، وينبغي أن يتطيب بأطيب ما يجد؛ لأن المسافة طويلة، خصوصًا فيما سبق على الأبل، فيحتاج إلى طِيب طَيِّب حتى تبقى رائحته، وأين يكون التطيُّب؟ يكون على البدن في الرأس وفي اللحية، ولا يكون في ثياب الإحرام، ولذلك يخطئ مَن يُطَيِّب ثياب الإحرام، لا بالبخور ولا غيره.
(وتجرُّد من مَخِيط في إزار ورداء)، (تجرُّد من مخيط) يقول: سنة، وليس المراد التجرد، بل التجرد في إزارٍ، لأن المقصود أن يكون تجرُّدُه في إزار ورداء أَبْيَضَيْنِ، وأما التجرد عن الْمَخِيط فهو؟ واجب؛ لأنه يَحْرُم على الْمُحْرِم أن يلبس المخيط.
وقوله رحمه الله: (تجرُّد من مَخِيط)، هذه العبارة كلمة (مخيط) لم تُذْكَر لا في القرآن ولا في السنة، ويقال: إن أول مَن ذكرها فقيه التابعين إبراهيم النخعي رحمه الله هو الذي عَبَّرَ بها، وهذه العبارة لَمَّا لم تكن هي المأثورة في السنة أوجبت إشكالًا عظيمًا عند العامة، حتى ظن العامة أن كل شيء فيه خياط فهو حرام على الْمُحْرِم، ولو كان إزارًا ورداءً، بل ولو كان حذاءً، فضَلُّوا بهذه الكلمة.
والرسول عليه الصلاة والسلام لما سُئِلَ: ما يلبس الْمُحْرِم؟ (17) ذَكَرَ أشياء معينة، سواء خِيطَت أو نُسِجَت على هذا الوصف، فالقميص مثلًا إذا نُسِجَ نَسْجًا ليس فيه أي خياطة لكنه نُسِجَ على صورة القميص يَحْرُم أو لا يَحْرُم؟
طلبة: يَحْرُم.
الشيخ: يَحْرُم، والإزار والرداء لو كان فيه ألف خياطة يَحْرُم أو لا يَحْرُم؟
طلبة: لا يَحْرُم.
الشيخ: لا يَحْرُم، إذن المؤلف رحمه الله تبع غيره في كلمة (مخيط)، ولو قال: تَجَرُّدٌ من ملبوس محذور، لكان أولى، أن يتجرد من الملبوسات المحذورة كالقميص والسراويل والبرانس والعمائم والخِفَاف.
(في إزار ورداء أَبْيَضَيْن)، (في إزار)، الإزار: ما يستر أسفل البدن، والرداء: ما يستر أعلى البدن.
وقوله: (في إزار) كما جاء في الحديث: «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ» (18)، أو كما قال.
يشمل الإزارَ المخيط، يعني: الذي خِيطَ بعضُه ببعض، والإزار المطلَق الذي يُلَفُّ على البدن لَفًّا، كلاهما جائز، وعلى هذا فلو خاط الْمُحْرِم الإزار ولبسه فهو جائز، ولو التفَّ به التفافًا فهو جائز، ولو وضع فيه حينما يَخِيطُه جَيْبًا، يعني مخابئ للنفقة أو لغيرها، فهو جائز.
بعض الناس قد يستنكر هذا ويقول: هذا الإزار هو الذي يُلْبَس قبل الإحرام؟
فنقول: هل قَيَّد النبي صلى الله عليه وسلم الإزار بشرط ألَّا يُلْبَس في الحِلّ؟ لا، وإذا لم يقيِّد فما سُمِّيَ إزارًا فهو إزار، وأما الرداء فواضح.
(أَبْيَضَيْنِ)، هذا الأفضل أن يكونَا أبيضين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على اللباس الأبيض، ولأنه أقرب ما يكون للكفن، والناس الْمُحْرِمُون يُشْبِهُون الأموات، فالأموات كلهم أكفانهم واحدة، والْمُحْرِمُون لباسهم واحد، وهذا من حكمة الشرع أن يكون كل الحجاج والعُمَّار على هذا الوجه، وإلا لحصل فَخْرُ بعضهم على بعض.
وقوله: (أبيضين) لم يقل: إنه ينبغي أن يكونَا جَدِيدَيْنِ أو نظيفين، لكن هذا معروف، الأفضل أن يكونَا جديدين، فإن لم يمكن فغَسِيلَيْنِ؛ لأن الله تعالى يُحِبّ النظافة.
قال: (وإحرامٌ عَقِبَ ركعتين) يعني: وَيُسَنُّ أن يَعْقِد الإحرام بعد ركعتين، أيُّ الركعتين؟ يشمل الركعتين السنة والفريضة، ففي الفريضة يعقده بعد صلاة الفجر، بعد صلاة الظهر، بعد صلاة العصر، بعد صلاة العشاء، كل هذه الأربع مثنى، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: المغرب نفس الشيء، وإن لم تكن ركعتين لكنها أكثر من ركعتين، المهم يُسَنُّ أن يعقد الإحرام عقب فريضة، حتى لو كان في الميقات من أول النهار وهو لا يريد أن يمشي، فليُؤَخِّر الإحرام ليكون بعد أيش؟ بعد الفريضة.
إذا لم يكن وقت فرض فهل يصلي ركعتين من أجل الإحرام؟ المذهب: نعم، يصلي ركعتين من أجل الإحرام، وعلى هذا فتكون الركعتان ذَوَاتَيْ سبب وهو الإحرام، ولكن جَعْل الإحرام سببًا لصلاة الركعتين، أو أي سبب من الأسباب جعلوه سببًا للصلاة ولم يَرِد لا يجوز، فكما أن أحكام الله القَدَرِيَّة لا يجوز أن نجعل سببًا لها ما ليس بسبب شرعي فهذه مثلها.
أرأيتم التمائم لَمَّا لم تكن سببًا شرعيًّا صارت نوعًا من الشرك، أيضًا الأفعال الشرعية إذا لم يكن السبب صحيحًا ثابتًا بالشرع صارت بدعة، ولهذا نقول: ليس للإحرام صلاة تخصه، يغتسل ويُحْرِم، ولكن إذا كان من عادته أن يصلي بعد الوضوء ركعتين سُنَّة الوضوء، فهنا نقول: إذا اغتسلت وتَمَّت طهارتك صَلِّ ركعتين للإحرام ولَّا للوضوء؟
طلبة: للوضوء.
الشيخ: للوضوء، هذا هو الصحيح، وقد صَرَّح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس للإحرام صلاة تخصه، وصدق؛ لأن إثبات أن عقد الإحرام سبب لمشروعية ركعتين يحتاج إلى دليل.
وقوله: (عقب ركعتين)، يعني أنه لا يتأخَّر في الإحرام إلى الركوب، وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء:
منهم من قال: يُحْرِم عقب الصلاة في مكانه.