الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطالب: لا يحل للثانية أن تفعل.
الشيخ: نعم، يجب أن يعطيه مَن ذكرت، هذا مثلها.
أما بالنسبة لتأثير اللبن فهو مؤثِّر، حتى وإن كان لا يحل إعطاؤه طفلًا آخر، لكنه مؤثِّر، ولذلك لو سرقت امرأة لبن امرأة وأسقته طفلها صار مؤثِّرًا.
طالب: ولو بغير اختيار الأولى؟
الشيخ: لا، قد اختارت إرضاع اللبن، لكن اختارت شخصًا آخر.
طالب: أحسن الله إليك، إذا رضع الطفل من حليب العلب (
…
)، ولم ترضعه أمه (
…
) ما تصير أمه يا شيخ؟
الشيخ: (
…
) كيف تخفى عليك هذه؟
الطالب: ما أرضعته أمه.
الشيخ: كيف يخفى عليك أن هذه العلبة تكون أمًّا له؟ ! !
الطالب: ما رضع من أمه يا شيخ بس على العلب.
الشيخ: إي، بس رضع من العلبة هذه، يجري إلى حجرها، إلى ثديها: يا أمي يا أمي، ماذا تقولون في هذا السؤال؟ يعني يريد أن تكون العلبة أمًّا من الرضاعة! ! إذا كانت الشاة وهي ذات إرادة لو رضع من الشاة لن تكون أمه، لو ترضعه ألف مرة، كيف العلبة! !
طالب: يقول: أمه التي ولدته يا شيخ ما رضع منها.
الشيخ: إي ما رضع منها، رضع من حين ما أرضعته أمه من هذه العلبة، تضم صوتك إلى صوتي؟
الطالب: (
…
) مش مفهومة الصورة، أمه يا شيخ اللي جابته ما شرب من لبنها (
…
).
الشيخ: ويش الإشكال عندك؟
طالب: هو يا شيخ يسأل يقول: أمه التي ولدته ولم يرضع منها تكون أمه من الرضاع؟
الشيخ: أمه من النسب يا رجل، عجيب، لكن ما أظن يريد هذا؛ لأن هذا لا يخفى على أدنى واحد أن أمه التي ولدته هي أمه، سواء أرضعته أو لم ترضعه.
طالب: شيخ، بارك الله فيك، إذا المسلمة أرضعت ولد كفار هل يكون ولدًا لها؟
الشيخ: إي نعم، هذه لا يختلف فيها جميع (
…
).
***
[من يُحَرَّم بالرضاع]
طالب: وَمَحَارِمُهُ مَحَارِمَهُ، وَمَحارِمُها مَحَارِمَهُ، دُونَ أَبَوَيْهِ وَأُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا، فَتُبَاحُ المُرْضِعَةُ لأَبِي المُرْتَضِعِ وَأَخِيهِ مِنَ النَّسَبِ، وَأُمُّهُ وَأُخْتُهُ مِنَ النَّسَبِ لأَبِيهِ وَأَخِيهِ، وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا فَأَرْضَعَتْ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ، وَفَسَخَتْ نِكَاحَهَا مِنْهُ إِنْ كَانَتْ زَوْجَةً، وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَفْسدتْ نِكاحَ نَفْسِها بِرَضَاعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ طِفْلَةً فَدَبَّتْ فَرَضَعَتْ مِنْ نَائِمَة وبعد الدخول مهرها بحاله، وإن أفسده غيرها فلها على الزوج نصف المسمى قبله، وجميعُه بعده، ويرجع الزوجُ به على المفسِد.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لعلكم قد انتبهتم إلى القواعد في باب الرضاع السابقة، أكذلك؟ والقواعد في هذا الباب أحسن من معرفة المسائل، المسائل مسائل جزئية فردية، لكن القواعد تضبط لك الأحكام، وتدخل فيها ما شئت من أفراد المسائل، من ذلك ما قاله المؤلف هنا.
يقول: (فمتى أرضعت امرأة طفلًا صار ولدها في) أمور أربعة (النكاح والنظر والخلوة والمحرمية)، وصار وَلَدَ مَن نُسِبَ لبنُها إليه، وهذا الزوج أو السيد، فإذا تزوج امرأة وحملت وأتت بلبن فاللبن من الزوج، ومَن وطئ أَمَته فحملت وأتت بولد وصار فيها لبن فاللبن يُنْسَب إلى السيد.
(وولد مَن نُسِبَ لبنها إليه) مَن هو؟ الزوج والسيد.
(بحمل أو وطء) نسب لبنها إليه (بحمل) يعني: جامعها وحملت ووضعت وصار فيها لبن.
(أو وطء) هذا يمكن أن يكون فيما لو تزوج امرأة، ومع الجماع درَّت وصار فيها لبن بدون حمل، فظاهر كلام المؤلف أن هذا اللبن محرِّم لأنه نتج عن وطء.
وقد سبق لنا أن القول الراجح أنه متى وجد اللبن ناشئًا عن حمل أو وطء أو لعب بالثدي حتى دَرَّ أو غير ذلك فإنها تكون أُمًّا له، لكن مَن ليس لها سيد ولا زوج تثبت الأمومة دون الأبوة.
قال: وصار (محارمُه محارمَه ومحارمُها محارمَه) محارم مَن؟ محارم الراضع، محارم مَن نُسِب لبنها إليه محارم للراضع؛ البنت مَحْرَم لأبيها، الولد الذي رضع من امرأة يُنْسَب لبنها إليه يكون محرَمًا، فمحارم صاحب اللبن محارم للراضع، ومحارم المرضعة محارم للراضع، بأي لغة هذا الكلام؟ عربية مفهومة؟
رضع هذا الرجل من امرأة اسمها عائشة، عائشة لها محارم، محارم عائشة محارم للطفل الذي رضع، فلننظر؛ بنتها محرم لها ولَّا لا؟
طلبة: مَحْرَم.
الشيخ: أمها؟
طلبة: مَحْرَم.
الشيخ: عمتها، خالتها؟
هؤلاء المحارم يكونون محارم للرضيع.
كذلك محارم صاحب اللبن يكونون محارم للرضيع؛ زوج المرأة التي أرضعت له محارم، محارم هذا الزوج محارم للرضيع، ابنه مَحْرَم، أبوه، أخوه، عمه، خاله، وهكذا.
المحارم في الموضعين هم الأصول والفروع والحواشي، هذا بالنسبة للمرضعة ولصاحب اللبن.
أما بالنسبة للرضيع فقال المؤلف: (دون أبويه وأصولهما وفروعهما).
(دون أبويه) أي: أبوي الرضيع، (وأصولهما) وهما الجد والجدة، (وفروعهما) وهما الإخوة والأعمام.
هذه مسائل فردية كما قلت لكم، نرجع للضابط الأول، ينتشر التحريم -تحريم الرضاع- بالنسبة للطفل إلى مَن؟ إلى فروعه فقط، دون أصوله وفروعهم وحواشيه، أنا قلت: دون أصوله وفروعهم، واعلموا أن فروع الأصول هم الحواشي، لكن غابت عنكم، فروع الأصول هم الحواشي، فروع الأب إخوة، فروع الجد وإن عَلَا أعمام.
فرَّع المؤلف عليه مسائل، قال:(فتُبَاح المرضعة لأبي المرتَضِع وأخيه من النسب)، المرضعة التي أرضعت الطفل يجوز لأبي الطفل أن يتزوجها.
ولنَقُل: إن التي أرضعت فاطمة، أرضعت طفلًا اسمه علي، يجوز لأبي علي أن يتزوج فاطمة، يجوز لأخي علي أن يتزوج فاطمة؛ لأن أبا الرضيع ليس من فروعه، أخو الرضيع ليس من فروعه.
قال: (وأمه وأخته من النسب لأبيه وأخيه) منين؟ من الرضاع، فيجوز لأبي الطفل من الرضاع أن يتزوج أخت الطفل، أخته التي ولدتها أمه؛ لأن حواشي وأصول المرتضِع لا علاقة لهم بالرضاع.
افهموا القاعدة، حتى وإن لم تفهموا هذه الأمثلة، الكلام على القاعدة.
ثم قال: (ومَن حَرُمت عليه بنتُها فأرضعت طفلةً حرَّمتها عليه، وفسخت نكاحها منه إن كانت زوجتَه)، وفي نسخة:(إن كانت زوجةً).
كل امرأة حرُمت عليه بنتُها فمَن أرضعت من النساء فهي حرام عليه، تخمَّرت في رؤوسكم ولَّا لا؟ كل امرأة حرُمت على الرضيع بنتُها فإنها تُحَرِّمُها عليه.
مثال ذلك: إنسان أرضعت أمُّه طفلةً، هل تحرُم عليه الطفلة؟
طالب: تحرُم عليه.
الشيخ: تحرُم؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لأن بنتها؟
طالب: أخته.
الشيخ: لا، تحرُم عليه، إحنا بنطبق على قاعدة المؤلف، كل امرأة تحرُم عليك بنتُها فإنه يَحْرُم عليك كلُّ ما أرضعت.
الأخت؛ إنسان له أخت، بنت أخته حرام عليه؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لو أرضعت هذه الطفلةَ، أختُه أرضعت طفلةً صارت حرامًا؛ لأن بنتها تحرُم عليه، فمن أرضعت تحرُم عليه.
هذه القاعدة اللي فيها نوع من التعقيد يكفي عنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» (1)، وكفى.
فمعلوم أن أختك التي هي بنت أمك حرام عليك، إذا أرضعت أمُّك طفلةً صارت الطفلةُ أيش؟
طلبة: محرَّمة عليك.
الشيخ: ما هو حُكْمًا، صارت أيش؟
طلبة: أختًا لك.
الشيخ: أختًا لك.
طلبة: من الرضاع.
الشيخ: من الرضاع، فعليك بالأصول، وَلَيْتَ المؤلف لم يَأْتِ بهذا الضابط، هذا الضابط هو ليس بقاعدة، لكن لَيْتَه لم يَأْتِ به؛ لأنه الآن في ظني يشوِّش عليكم، لكن عليكم بالأصول.
ومعلوم أن مَن حرُمت عليه بنتُها حرُمت عليه مَن أرضعته، قال:(مَن حرُمت عليه بنتُها فأرضعت طفلةً حرَّمَتْهَا عليه) هذا ما هو فيه إشكال.
(وفسخت نكاحَها منه إن كانت زوجةً)، هذه مشكلة فعلًا، طفلة تكون زوجةً؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: يمكن، خصوصًا على قاعدة المذهب؛ أن الرجل يجوز أن يُزَوِّج ابنته بدون إذنها، هذا إنسان وُلِدَت له طفلة وجميلة خفيفة الدم، ولها سنة وشهران، رآها رجل قال: والله بنتك هذه حلِيلَة وطيبة زَوِّجْنِيها، قال: توكَّل على الله، فعقد له النكاح على هذه الطفلة اللي ترضع، هل يستمتع بها؟ لا، يلاعبها الآن بإيديه كذا، وبعدين إن شاء الله يسهِّل الله.
على كل حال، زَوَّجَها إياه، جاءت أخته -أخت الرجل اللي تزوج الطفلة- فأرضعت الطفلة، صارت الطفلة الآن بنت أخته، فهو خالها، انفسخ النكاح، اللي حصل أخته الآن فَسَّدَت عليه، هذا واضح ولَّا غير واضح؟
طلبة: واضح.
الشيخ: لماذا أَفْسَدَت النكاح؟ لأن بنت أخته تحرُم عليه، فمن أرضعته تحرُم عليه وتفسخ النكاح.
مشكل، راح عليه الآن، لكن الزوج يلزمه على هذا نصف المهر، هو أَصْدَقَ هذه البنت الطفلة مثلًا عشرة آلاف، انفسخ النكاح بغير سبب من الطفلة، نقول: يلزم الزوج نصف المهر، كم؟ خمسة آلاف ريال، لكن من أين يأخذه؟ يأخذه من أخته التي أفسدت النكاح، فيقول: أنت التي جَنَيْتِ عليَّ وفسختِ النكاح، فعليكِ نصف المهر، واضح ولَّا غير واضح؟
طلبة: واضح.
الشيخ: قال: (وكل مَن أَفْسَدَت نكاح نفسها برضاع قبل الدخول فلا مهر لها).
هذه ضابط أيضًا، كل امرأة أفسدت نكاح نفسها برضاع قبل الدخول فليس لها مهر، أفهمتم؟ قولوا: نعم ولَّا لا.
طلبة: نعم.
الشيخ: مثال ذلك: رجل له زوجة كبيرة فيها لبن من غيره، تزوَّج طفلة صغيرة، صار عنده الآن زوجتان؛ كبيرة تُرْضِع، وصغيرة طفلة تَرْضَع، فقامت الكبيرة وأرضعت الصغيرة، أفسدت نكاحها، مين اللي أفسد نكاحها؟ الكبيرة أفسدت نكاحَها؛ لأنها صارت أُمَّ زوجة، وأم الزوجة حرام على الزوج.
المسألة الآن قبل الدخول، وقد عيَّن لها مهرًا قيمته أربعون ألف ريال، هل يسقط هذا المهر أو لا يسقط، أجيبوا يا جماعة؟
طلبة: لا يسقط.
الشيخ: يسقط؛ لأن المرأة نفسها هي التي أفسدت النكاح، هي التي أرضعت زوجتَه، فصارت أُمًّا لزوجته.
بالنسبة للطفلة هذه، هل يبقى نكاحها أو لا يبقى؟
طلبة: لا يبقى.
الشيخ: يبقى؛ لأنه ما دخل على أُمِّهَا، وبنت الزوجة لا تحرُم إلا إذا دخل بأمها، وعلى هذا فيبقى نكاح الطفلة، وينفسخ نكاح المرضعة؛ لأنها صارت أم زوجة.
والله ما أدري أفهَّمْكُم إياه، ما نترك هذه ونقول: إنها فرضية ما هي بواقعية، ونريحكم من الإشكال، أو واضح؟
طلبة: واضح.
الشيخ: أعيد المثال، رجل تزوج امرأة فيها لبن من غيره، ولم يدخل بها، وكان له زوجة صغيرة تَرْضَع، فقامت الكبيرة وأرضعت الصغيرة، ماذا كانت؟ صارت أم زوجة، ينفسخ نكاحها؛ لأن أم الزوجة حرام على الزوج تحريمًا مؤبدًا، بالنسبة للطفلة هل ينفسخ نكاحها أو لا؟
طلبة: لا ينفسخ.
الشيخ: لا ينفسخ، ليش؟ لأنها من الربائب، والربيبة يعني بنت الزوجة، والربيبة يُشْتَرَط أن يدخل بأمها، فلا تحرُم.
بقينا في المهر الذي سُمِّي للأم التي أرضعت، هل يكون للأم أو لا؟ لا؛ لأن كل فُرْقَة من قِبَل الزوجة قبل الدخول تُسْقِط المهر، هذه القاعدة، كل فُرْقَة تأتي من الزوجة قبل الدخول فإنها تُسْقِط المهر.
على هذه القاعدة نقول: هذه المرأة التي أفسدت نكاح نفسها ليس لها مهر؛ لأن الفُرْقَة جاءت من قِبَلِهَا.
قال: (وكذا إن كانت طفلةً فدبَّت فرضعت من نائمة)، الزوجة طفلة صغيرة في الفراش في المهد، وكانت أختُ الزوج الذي تزوج الطفلة كانت موجودة نائمة، الطفلة قامت تدب حتى التقمت ثدي أخت الزوج، ورضعت، يَفْسُد نكاحها أو لا يَفْسُد؟
طلبة: يَفْسُد.
الشيخ: ليش؟
طلبة: لأنه خالها.
الشيخ: لأنها لما رضعت من أخته صار هو خالها، فيفسُد النكاح، مَن أَفْسَد النكاح؟ نفس الزوجة، الزوج الآن ما دخل، ولو دخل يكون لا عبرة به؛ لأنه ما يمكن يستمتع بها صغيرة، مهر هذه الطفلة أتدرون كم؟
طالب: عشرة ريالات.
طالب آخر: مئة ألف.
الشيخ: عشرة ريالات؟ على كل حال لنقول: عشرين ألفًا، عشرين ألفًا هذه تسقط عن الزوج، ليش؟ الفُرْقَة ممن؟
طلبة: من الزوجة.
الشيخ: من الزوجة نفسها، يا جماعة الزوجة صغيرة ما لها راعٍ ولا شيء، نقول: إن الإتلافات يستوي فيها العاقل وغير العاقل، ولذلك لو أن المجنون أفسد مال إنسان ضَمَّنَّاه، فيسقط مهرها بفعلها؛ لأنها هي التي أفسدت نكاح نفسها.
أيها الطلبة، كلام الفقهاء رحمهم الله مثل هذه الأمور وإن كان لا يقع أو لا يقع إلا قليلًا يَقْصِدُون به تمرين الطالب على إدراك المسائل، وإن لم يكن ذلك واقعًا أو يقع قليلًا.
فمن يتصور أن إنسانًا يتزوج طفلةً لها سنة تَرْضَع، ثم تأتي المقادير وتدب هذه الطفلة وتجد ثدي أخته مفتوحًا، الغالب أن المرأة إذا نامت أيش؟ تكشف الثدي؟
طالب: لا.
الشيخ: لا، لكن مع ذلك جاء أمر الله، وهذه الطفلة وجدت الثدي مفتوحًا، أو عبثت بالثوب حتى انفتح الثدي ورضعت، ثم الرضاع يحتاج إلى عدد، كم؟
طلبة: خمس رضعات.
الشيخ: خمس رضعات، فيقال: هذه الطفلة كل صباح يوم تدب وترضع، خمسة أيام؟ ! خلاص، تم النصاب.
طالب: هل الطلاق يقطع اللبن؟
الشيخ: لا، إلا إذا تزوجت وحملت من الثاني.
الطالب: ما دام فيها لبن من الأول فيعتبر أبًا لـ ..
الشيخ: نعم، ما دام فيها لبن من الأول فهو أبو الراضع، والثاني زوج أم.
طالب: في مسألة ذكرناها قبل قليل إذا كان عنده زوجتان، وكانت الكبيرة في عصمته واللبن للزوج، فأرضعت الطفلةَ الصغيرةَ هل تطلق الصغيرة؟
الشيخ: إي، معلوم الزواج بينفسخ؛ لأنها صارت بنته.
الطالب: والكبيرة؟
الشيخ: والكبيرة؛ لأنها أم زوجته.
الطالب: كلهم؟
الشيخ: كلهم.
طالب: في المسألة التي ذكرناها قبل قليل إذا كان له زوجتان، أن يكون اللبن من غيره (
…
)
الشيخ: إي لأنه إذا كان اللبن منه صارت الطفلة التي رضعت بنتًا له وانفسخ نكاحها ونكاح المرضعة.
الطالب: في المسألة الثانية لو كانت أخته مثلًا.
الشيخ: نعم.
الطالب: متزوج من المرأة الصغيرة وله أخت، فرضعت الصغيرة من الكبيرة.
الشيخ: رضعت منين؟
الطالب: كنت أسأل ولكن اتضحت المسألة لي.
الشيخ: هَوَّنْت.
طالب: ما حكم الرضاعة من المحارم، يعني مثلًا الطفل الصغير يرضع من أخته شقيقته؟
الشيخ: لا بأس، فيكون ابنًا لها من الرضاع ويكون أخًا لها.
طالب: الرجل الذي له زوجتان الصغيرة والكبيرة، الكبيرة أرضعت الصغيرة، (
…
) الصغيرة؟
الشيخ: لا.
الطالب: كيف ذلك؟
الشيخ: لا، الكبيرة، إلا إذا كان اللبن للزوج، فإنها إذا أرضعت الكبيرةُ الطفلةَ صارت الطفلة بنتًا له فينفسخ نكاحها.
الطالب: ما أسأل عليه يا شيخ عدم الدخول بالكبيرة.
الشيخ: إي نعم؛ لأنه ما دخل عليها، واللبن من غيره، يعني قد تزوج امرأة متزوجة من قبل وفيها لبن، ولم يدخل بها، فأرضعت الصغيرةَ، واضح ولَّا؟
الطالب: واضح نعم.
طالب آخر: أحسن الله إليك، إذا ادَّعَت امرأة أنها أرضعت زوجة رجل من محارمه ولم يقل: البينة على ذلك، وأنها مشتهرة أنها تريد الفراق للزوج، فهل عليها أن تقيم البينة؟
الشيخ: هذه ستأتينا في كلام المؤلف، غدًا إن شاء الله يتبين الحكم.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، إذا كان هناك رجل وله ولد من الرضاعة، فتزوج هذا الولد، فزوجته هل تحرُم عليه بحيث إنه يخلو بها ويسافر معها؟
الشيخ: إي نعم، هذه المسألة فيها خلاف، يعني زوجة الابن من الرضاع، هل تحرُم على أبيه من الرضاع أو لا تحرُم؟
المذاهب الأربعة كلها يقولون: إنها تحرم كزوجة ابنه من النسب، واختار شيخ الإسلام رحمه الله أنها لا تحرُم، واستدل الجميع بحديث واحد وهو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» (1).
فقال الجمهور: زوجة ابنه من النسب حرام، فتكون زوجة ابنه من الرضاع حرامًا؛ لأنه يحرُم من الرضاع ما يحرُم من النسب، وهذا رأي المذاهب الأربعة كلها.
وقال شيخ الإسلام الحديث: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» ، ولو سُئِلْنَا عن تحريم زوجة الابن على أبيه، فهل تحريمها من النسب أو تحريمها من المصاهرة؟ لكان الجواب أن تحريمها من المصاهرة، وعلى هذا فلا تدخل في الحديث، ولأن الله تعالى قال:{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23]، فقيَّد، واختيار شيخ الإسلام هو الصحيح من حيث الدليل.
وقد كتبت في هذا جوابًا سابقًا مطولًا، وبَيَّنْتُ أن قول الجمهور ضعيف، وقد قال الله تعالى بعد ذكر المحرَّمات، قال:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24].
ولكن لو قال قائل: أنا أسلك الاحتياط، قلنا: ما نمنعك، فنقول: زوجة ابنك من الرضاع لا تحل لك، أي: لا يحل أن تزوجها، لو طلقها أو مات عنها بناء على رأي الجمهور، ولكنها لا تكشف لك، ولا تخلو بها، ولا تسافر بها، بناء على قول شيخ الإسلام ابن تيمية، فنجمع بين الأمرين، الاحتياط هنا أو هنا.
لو سلك إنسان هذا المسلك لكان له أصل، الأصل هو قصة سعد بن أبي وقاص مع عبد بن زمعة حين اختصمَا في غلام، فقال سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله، هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد به إِلَيَّ، وكان عتبة قد زَنَا بهذه المرأة وأتت بهذا الولد، وعبد بن زمعة قال: يا رسول الله، هذا من وليدة أبي، وُلِدَ على فراشه فهو أخي، اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، واحتج سعد بالشبه، قال: يا رسول الله انظر شبهه، هل يشبه لعتبة أو لا يشبه؟ فرأى النبي صلى الله عليه وسلم شبهًا بَيِّنًا بعتبة، وأن الولد هذا من حيث الشبه لعتبة، لكن عتبة عاهر زانٍ، فقال:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ، الولد لك يا عبد بن زمعة، ثم قال لسودة:«احْتَجِبِي مِنْهُ» (2)، مع أن الزوجة تكون أخته، لما قضى به لزمعة تكون أخته، وأمرها أن تحتجب، لماذا أمرها أن تحتجب؟
لأنه رأى شبهًا بيِّنًا بعتبة، فرأى من باب الاحتياط أن تحتجب عنه ولو كانت أخته.
أقول: لو أن أحدًا سلك هذا المسلك وقال: نحن نأخذ بكلام شيخ الإسلام رحمه الله من حيث وجوب الاحتجاب في زوجة الابن من الرضاع، وألَّا يكون محرَمًا لها، ونأخذ بالاحتياط في قول الجمهور ألَّا يتزوجها. (
…
)
***
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم. وإن أفسده غيرُها فلها على الزوج نصف المسمى قبله، وجميعه بعده، ويرجع الزوج به على المفسِد، ومن قال لزوجته: أنت أختي لرضاع، بطل النكاح، فإن كان قبل الدخول وصدَّقَتْه فلا مهر، وإن كذَّبَتْه فلها نصفه، ويجب كله بعده، وإن قالت هي ذلك وأَكْذَبَها فهي زوجته حُكْمًا، وإذا شك في الرضاع أو كماله أو شكَّت المرضِعة ولا بَيِّنَةَ فلا تحريم.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما إذا فسد النكاح بالرضاع، سبق إذا أفسدته المرأة فإنه إن كان قبل الدخول فلا مهر لها، وإن كان بعد الدخول فلها المهر؛ لأنه استقر بالدخول.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: إذا أفسدته بعد الدخول فإنه لا مهر لها، لا لأنه لم يستقر، ولكن من أجل الضمان؛ لأنها لما فوَّتت نفسها على زوجها ضمنته بالمهر، وهذا قول لا شك أنه قوي، فيقول الزوج مثلًا: أنتِ الآن أفسدتِ النكاح، وقيمتك هو المهر، فأعطيني القيمة.
(وَإنْ أَفْسَدَهُ) أي: النكاح، (غَيْرُهَا فَلَهَا على الزَّوْجِ نصْفُ المُسَمَّى قَبْله، وجميعُهُ بَعْدَه، وَيَرْجعُ الزَّوْجُ به عَلَى المُفْسِدِ)
(إن أفسده غيرُها) أي: غير الزوجة، فإن كان قبل الدخول فللزوجة النصف، وإن كان بعد الدخول فللزوجة الجميع، ولكن الزوج ماذا يصنع؟ يرجع بما غَرِمه للزوجة على مَن أفسده.
مثال هذا: امرأة أرضعت زوجة أخيها؛ لأنه تزوَّج طفلة صغيرة، فجاءت أخته فأرضعتها، مَن الذي أفسد النكاح؟
الأخت عليها نصف المهر؛ لأنها أفسدته قبل الدخول، فعليها نصف المهر، وأما إذا كان بعد الدخول كما لو دبت طفلة صغيرة فرضعت من زوجة كبيرة صارت الزوجة الكبيرة الآن أُمًّا للزوجة، فينفسخ النكاح ويجب المهر كاملًا على الزوج، يرجع به على مَن؟ على الطفلة الصغيرة اللي دبَّت ورضعت.
فإذا قال قائل: صغيرة هذه كيف تضمن؟
قلنا: حقوق الآدميين لا يُشْتَرَط فيها العقل، ولا يُشْتَرَط فيها الذُّكْر، بل تضمن، سواء كانت من مجنون أو عاقل، أو ذاكر أو ناسٍ، أو عالم أو جاهل، حقوق الآدميين لا بد أن تكون مضمونة، ولهذا قال:(ويرجع به على المفسِد، ومن قال لزوجته: أنت أختي للرضاع بطل النكاح) مؤاخذةً له بإقراره، إنسان قال لزوجته: أنت أختي لرضاع، نقول: النكاح يبطل، لماذا؟ لأنه أَقَرَّ على نفسه بأنها أخته، والأخت لا يجوز أن يتزوجها، فيفرَّق بينهما، لو قال ذلك مزحًا، هل يؤاخَذ أو لا يؤاخَذ؟
نقول: إن علمنا بالقرائن أنه يمزح لم يؤاخَذ؛ لأنه لا يمكن أن نبطل نكاحًا قائمًا إلا بدليل بيِّن، وإن لم نعلم فإنه يؤاخَذ بإقراره؛ لأن الأصل في الإقرار أنه صحيح.
المهم يقول: يبطل النكاح.
(فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَصَدَّقَتْهُ فَلَا مَهْرَ) إن كان قوله لها إنها أخته من الرضاع قبل أن يدخل عليها وصدَّقَتْه قالت: نعم صَدَقْت، فهنا لا مهر.
التعليل؛ لأنه اتفق الطرفان على أن النكاح باطل، والنكاح الباطل لا أثر له.
(وَإِنْ أكْذَبَتْهُ فَلَهَا نِصْفُهُ)، (أكذبته) يعني قالت: إنه كاذب، فلها نصف المهر.
اسمع: رجل بعد أن عقد على امرأة قال: إنها أختي من الرضاع، بالنسبة له حكم النكاح باطل، بالنسبة لها إن صَدَّقَتْ فالنكاح باطل، وإن كَذَّبَتْ فلها نصف المهر؛ لأن الفُرقة جاءت من قِبَل الزوج، وكل فُرقة جاءت من قِبَل الزوج قَبْل الدخول فإن عليه نصف المهر.
ولهذا قال: (وإن أَكْذَبَتْه فلها نصفه)
(ويجب كُلُّهُ بَعْدَهُ) يعني لو كان قال بعد الدخول: أنت أختي للرضاع، وجب المهر كاملًا؛ بماذا استقر؟
استقر بالدخول، فيجب المهر كاملًا، وهذا سواء صَدَّقَتْه أو لم تُصَدِّقْه، لكن يبقى النكاح هل يبطل أو لا يبطل؟
إن صَدَّقَتْهُ بطل بلا شك؛ لأن الطرفين اتفقَا على أنه نكاح باطل، وإن كَذَّبَتْهُ بطل النكاح في حقه، ولم يبطل في حقها، وحينئذٍ يلزم الزوج بأن يطلِّق، فإذا قال: كيف أطلق وأنا أعتقد أنها ما هي زوجة؟
نقول: لكن هي تعتقد أنها زوجة، وبناء على اعتقادها لا يحل لها أن تتزوج أحدًا؛ لأنها تعتقد أنها مع زوجها، فلا يمكن أن تنفك منك إلا بطلاق، وحينئذٍ يُجْبَر على أن يُطَلِّق، فإن أبى أن يطلق طَلَّق عليه القاضي؛ لئلا تبقى المرأة محبوسة، أفهمتم هذا أو لا؟
نعيد مرة ثانية: رجل قال لزوجته: أنت أختي للرضاع وصَدَّقَتْه، فما حكم النكاح؟
طلبة: باطل.
الشيخ: باطل، سواء قَبْل الدخول أو بعد الدخول، لكن الذي يختلف المهر؛ إن كان قبل الدخول فلا مهر لها، وبعده لها المهر.
رجل قال لزوجته: أنت أختي للرضاع، كَذَّبَتْه، ثبت بطلان النكاح في حقه، ليش؟ لأنه أقر بأنه باطل، أما في حقها فلا، ولكن ماذا تصنع هذه المرأة المسكينة التي تعتقد أنها في حبال هذا الرجل؟
نقول: يُلْزَم الرجل بأن يطلقها، فإذا قال: كيف تُلْزِمُوني بأن أطلِّق وأنا لا أعتقدها زوجة؟ نقول: لكن هي تعتقدك زوجها، فلا بد أن تفك أسرها، فإن قال: لا أفعل، قلنا: يطلِّق عليه القاضي وينتهي الموضوع.
(فإِنْ قَالَتْ هِيَ ذلِكَ وَأَكْذَبَهَا فَهِيَ زَوْجَتُهُ حُكْمًا) هذه مشكلة عاد.
المرأة قالت: إنها أخت زوجها من الرضاع، هل ينفسخ النكاح أو لا؟ إن صَدَّق تبيَّن بطلانُه، وإن كَذَّب فهي زوجته حُكمًا، لكن يُشْكِل كيف تكون زوجته وهي تعتقد أنها حرام عليه؟ !
نقول: لكن هو لا يعتقد، في مثل هذه الحال يجب عليها أن تفتدي من زوجها بكل ما تستطيع، ويش معنى تفتدي؟ أي: تعطيه دراهم ليطلقها؛ لأنه لا يحل لها أن تمكِّنه من نفسها وهي تعتقد أنه ليس بزوج، أفهمتم يا جماعة؟
طالب: فهمنا.
الشيخ: إذا قال قائل: على رأيكم هذا ترون أن هذه الزوجة لا تُمَكِّن زوجها من الاستمتاع بها؟
قلنا: نعم نرى هذا.
فماذا يصنع الزوج إذا كانت هذه الزوجة تأبى أن يستمتع بها؟ نقول: حكمها حكم الناشز، ليس لها نفقة، وليس لها قَسم إن كان معه زوجة، وليس لها حق، وفي هذه الحال يتدخل القضاء، فيُلْزِم الزوج بأن يطلق، ولكن يعطَى مهرَه، كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع امرأة ثابت بن قيس التي قالت: أنا لا أطيقه، فقال:«تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ » ، قالت: نعم، قال:«خُذِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا» (3).
فهمنا الآن أنه في هذه الحال لا بد أن يتدخل القضاء لفك الحصار.
وقول المؤلف رحمه الله: (فهي زوجته حكمًا) أي: لا حقيقة؛ لأنها تعتقد أنها أخته من الرضاع، لكن القاضي يحكم بأنها زوجته؛ لأن الرجل يُنْكِر هذا، ولو قبلنا قول كل امرأة قالت لزوجها: أنت أخي للرضاع، لحصل شر كثير، ما هو الشر؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لكل امرأة ما تريد زوجها تقول: هو أخوها من الرضاع، لكننا لا نقبل هذا الشيء.
قال المؤلف رحمه الله -وهو أهم من المسائل اللي سبقت-: (إذا شُكَّ في الرضاع أو كمالِه أو شكَّت المرضِعة وَلَا بَيِّنَةَ فَلَا تَحْرِيمَ).
هذه مسائل مهمة جدًّا:
(إذا شُك في الرضاع) يعني: أن أهل الطفل شَكُّوا هل رضع من المرأة هذه أو لا، فلا تحريم؛ لأن الأصل عدم الرضاع فلا يثبت التحريم، إذا شُك في كماله بأن قالوا: نعم، الطفل رضع من هذه المرأة عدة مرات، لكن لا ندري أرضع خمسًا أم دون ذلك؟ فلا تحريم؛ لأن الأصل الحِلّ، وهنا لم نتيقن إلا ما دون الخمس فلا تحريم، وهذا من أكثر ما يقع.
دائمًا اللي يسألون عن هذا الرضاع، نقول: كم رضع؟ قال: والله ما أدري، هو جاء عند المرأة من أول النهار إلى آخر النهار ولا ندري كم رضع، فما جوابنا على هذا؟ أن نقول: لا تحريم، الولد ليس ولدًا لها حتى نتيقن أنه رضع خمس مرات.
(أو شكت المرضعة) بأن شكت في الرضاع، أو في كماله، والشك هنا ليس من أهل الطفل، بل من المرضعة، قالت: أنا ما أدري هل أرضعته أو لا؟ أمه أعطتني إياه وذَهَبَت إلى السوق، ولا أدري أرضعته أم لا؟ هذه صورة.
الصورة الثانية: قالت: نعم أنا أرضعته، لكن لا أدري أرضعته خمسًا أم أقل؟
في كلتا الصورتين لا تحريم، يعني لا يكون الولد ولدًا لها.
قال: (ولا بَيِّنَةَ)، فإن وُجِدَ بينة فالحكم لها، يعني مثلًا شككنا هل رضع هذا الطفل أو لا، فجاءنا شاهد وقال: أشهد أن هذا الطفل رضع من هذه المرأة خمس مرات، ماذا نعمل؟ يثبت التحريم؛ لأنه وُجِدَت البينة، أو شككنا هل رضع خمسًا أو أقل؟ فقال: أشهد أنه رضع خمسًا، يثبت التحريم.
ولكن ما هي البينة هنا؟ البينة امرأة عدل، إذا صار امرأة موثوقة في دينها وفي حفظها ثبت التحريم.
ودليل ذلك أن رجلًا استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في زوجته التي قالت امرأة: إنها أرضعتهما -الزوج والزوجة، فصارَا أخوين- فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ » (4) يعنى كيف تُبْقِيها وقد قيل: إنها رضعت معك، وهذا دليل على أن البينة كم؟ امرأة واحدة ثقة، فإن شهد رجل فمن باب أولى؛ لأن الرجل أثبت في شهادته من المرأة، فإذا كانت السنة النبوية أثبتت الرضاع بشهادة امرأة واحدة، فإثباته بشهادة رجل واحد من باب أولى، والله أعلم.
طالب: بارك الله فيك، قلنا: إن الصورة للذِّكْرَى محرَّمة؛ لأن الملائكة لا تدخل في بيت فيه صورة، لماذا لا نذكر ذلك في صورة الزوجة للتمتُّع؟
الشيخ: لماذا أيش؟
الطالب: صورة الزوجة للتمتع بها.
الشيخ: إي، هذه لغرض مقصود؛ لأن كل شيء يوجب المودة بين الزوجين فهو مطلوب شرعًا.
الطالب: الملائكة يا شيخ.
الشيخ: كل شيء مباح، الملائكة لا تمتنع من الدخول فيه.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، قلنا: العلاج، لا يَلْزَم المريض أن يتداوى، فإذا توقف تناول الدواء على إنقاذ حياة المريض أو حياة عضو من أعضائه هل يَلْزَمُه تناوله؟
الشيخ: إي، هذا فيه خلاف؛ بعض العلماء يقول: إذا تَيَقَّنَّا نفعه، أو غلب على ظننا وجب، وهذا يمكن في بتر عضو يُخْشَى من انتشار المرض منه، هذا صحيح، لكن في الأشياء الأخرى ما تتيقن، حتى لو قلت: إن هذا الدواء جرت العادة بأن الناس يشفون منه، فقد يشفى منه مريض ولا يشفى منه مريض آخر، فكيف نوجِب على الإنسان ما لا يُدْرَى عن عاقبته.
أما إذا كان يقينًا ينفع كما قلت لك، أحيانًا تكون فيه آكلة في أصبع من الأصابع، ويقول الأطباء: لا بد من قطعه، وإذا قُطِعَ انقطع المرض، فهنا نقول بالوجوب، فيه شيء يسمى ذات الجنب، تعرفونه؟
طالب: الشلل النصفي.
الشيخ: لا، ذات الجنب هو عبارة عن أن الرئة تلتصق بالأضلاع، وإذا التصقت لم تتمكن من جذب الهواء ودفعه، إن أراد الله لهذا المريض شفاء شفاه عز وجل، وإلا هلك، يعني هو من الأمراض المخوفة، فيه له دواء نافع جدًّا وهو الكي، سبحان الله ما يرفع الرجل يده من الكي إلا وقد تنفَّس المريض، هذا يمكن نقول بالوجوب.
طالب: يا شيخ، من القواعد المعروفة أن كل صلاة يُشْرَع فيها الاجتماع يجهر بها بالقراءة، هل يُسْتَثْنَى من هذا صلاة الجنازة؟
الشيخ: لا، الجنائز أصلًا ما فيها جهر، لا في الليل ولا في النهار.
الطالب: الفاتحة.
الشيخ: لا، ولا الفاتحة، ما يُجْهَر فيها.
الطالب: (
…
) يُسْتَثْنَى يا شيخ؟
الشيخ: كيف يستثنى؟ ! صلاة الجنازة صلاة سرية ما فيها جهر أصلًا، لكن يجهر بها ابن عباس رضي الله عنه للتعليم فقط، ولهذا قال: ليعلموا أنها سنة (5)، وإلا فالأصل أنها سرية ليلًا ونهارًا.
طالب: شيخ، أثابكم الله، إذا جاءت المرأة إلى أم الإنسان وقالت بأنها أرضعته، والأم تقول: هي ما أرضعته؟
الشيخ: هي ثقة التي قالت أنها أرضعته؟
الطالب: إي ثقة.
الشيخ: ثقة، إذا اجتمع نافٍ ومُثْبِت مَن يُقَدَّم؟
الطالب: يُقَدَّم الناقل عن الأصل.
الشيخ: أيش الناقل عن الأصل، مُثْبِت ونَافٍ مَن يُقَدَّم؟
الطالب: يقدَّم الْمُثْبِت.
الشيخ: الْمُثْبِت؛ لأن المثبت معه زيادة علم، فالأم تقول: ما أرضعته، وهي تقول: أرضَعْتُه، وهي ثقة، نقول: نحكم بشهادتها؛ لأنها قد تأتي والأم غائبة مثلًا وتُرْضِع، وقد تُرْضِع في حضور الأم وتنسى الأم، فالمهم متى ثبت بشهادة امرأة موثوقة متى ثبت الرضاع المحرِّم وهو خمس رضعات في الحولين، أو قبل الفطام على القول الثاني، ثبت الحكم.
طالب: يا شيخ، بارك الله فيك، إذا قال أناس لأهل طفل: إنهم أرضعوه خمسًا أو أربعًا، شكوا في ذلك، ألا يؤخذ بالاحتياط أنهم أرضعوه؟
الشيخ: لا، الأصل الحِلّ، فلا يثبت التحريم.
(كتاب النفقات)
من هنا توقف الشيخ رحمه الله عن شرح متن الزاد إلى الشرح من مذكرة أخرى.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد، فإنكم بمقدمة المذكرة، وأرجو أن يكون كحضور المذكرة دائمًا، المذكرة هذه اللي فيها فقرات تحضرون بها.
فيه يقول: يراعى فيها الدليل أو التعليل ما أمكن؛ لأن المسائل الفقهية بعضها له دليل خاص، وبعضها له دليل عام، وبعضها له تعليل، والتعليل هو اللي يؤخذ من قواعد الشريعة، وأهداف الشريعة؛ كدرء المفاسد وجلب المصالح، وما أشبه ذلك، فإذا وُجد في المسألة دليل فهو فوق كل شيء، وإذا لم يوجد فإننا نلجأ إلى التعليل.
ممكن يكون دليل وتعليل ولَّا لا؟ يمكن أن يكون دليل وتعليل.
ثانيًا: مع ترجيح الراجح من أقوال أهل العلم، وهذا أيضًا مهم ولا سيما بالنسبة لكم؛ أن الإنسان يكون عنده ملكة ومقدرة يستطيع أن يعرف بها الراجح من المرجوح من أقوال أهل العلم؛ لأنكم تعرفون أن أهل العلم يختلفون في الأحكام لأسبابٍ متعددة؛ منها أن يكون بعضهم لم يبلغه الدليل، ومنها أن يكون بعضهم بلغه الدليل لكن ظنَّ دلالته على كذا، أو ظن أنه على عمومه وقد خُصِّص، أو ظن أنه مُحكَم وهو قد نُسخ، وما أشبه ذلك، فيحصل بذلك الاختلاف بين أهل العلم.