المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

طالب: قلنا في زكاة الحلي إنه يُقدَّر بالوزن عند تقديم - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: طالب: قلنا في زكاة الحلي إنه يُقدَّر بالوزن عند تقديم

طالب: قلنا في زكاة الحلي إنه يُقدَّر بالوزن عند تقديم النصاب، وعند الإخراج يُقدَّر بالقيمة، ولكن كيف يُقدَّر بالقيمة الآن؟

الشيخ: يعني مثلًا إذا قدَّرنا أن الجرام من الذهب بدون أن يكون حليًّا بمئة، وإذا كان حليًّا بمئتين، يُقدَّر بمئتين.

الطالب: (

).

الشيخ: إي، لكن ينقص، يشتري بالوزن ناقصًا.

الطالب: يحاسبني على الوزن فقط؟

الشيخ: إي، يحاسبك على الوزن لكن ناقصًا، ما يمكن يحاسبك على الوزن مثل الجديد، مثلًا الجرام من المستعمل بمئة ومن غير المستعمل بمئة وخمسين.

الطالب: يكون قيمته أقل من الوزن.

الشيخ: ما يخالف بالقيمة، لكن غالبًا ما تكون بالنصاب ما تكون أقل في الغالب.

طالب: أجر رجل أجيرًا مقابل منفعة محرمة، فلما استوفى هذه المنفعة قال: إن هذا العمل محرم، ولن نعطيك أجرك؛ لأنه محرم.

الشيخ: ما ذكرنا هذه الآن؟ ! إذا استأجر أجيرًا على أمر مُحرَّم، قلنا: إنه تُؤخذ منه الأجرة، ثم إن كان العامل يَعلم بالتحريم جُعِلت في بيت المال، وإن كان لا يعلم أُعطي إياها؛ لأنه دخل على أنه عقد صحيح.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- رجل (

) في رمضان، أفطر لهوى دون عذر، فتاب قبل رمضان بأيام، وعليه أيام كثيرة يقضيها، فلم يتسع له الوقت، فماذا عليه؟ (

)

***

[باب السبق]

طالب: قال رحمه الله تعالى:

باب السَّبْق

يصح على الأقدام وسائر الحيوانات والسفن والمزاريق، ولا تصح بعِوض إلا في إبل وخيل وسهام. ولا بد من تعيين المركوبين واتحادهما والرماة والمسافة بقدر معتاد، وهي جعالة لكل واحد فسخها، وتصح المناضلة على معينين يحسنون الرمي.

ص: 1932

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى:(باب السبْق) بسكون الباء، وأما (السبَق) فهو العِوض، فالسبْق معناه فوت لا يدرك؛ يعني بمعنى أن يفوتك الإنسان على وجه لا تدركه، فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار لا يمكن لمن بعدهم أن يلحقهم في هذا الوصف، ومن سابقك جريًا على الأقدام حتى وصل المنتهى قبل أن تصله فهو سبَقك على وجه لا تدركه، فهو فوت لا يُدرك، سواء كان معنويًّا أو كان حسيًّا، وسواء كان في الزمان أو كان في المكان، فالصحابة سبقونا بالزمان، هذا سبْق حسي، وكذلك سبقونا سبقًا معنويًّا بالعلم والإيمان والجهاد والعمل الصالح.

والسبْق ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

قسم لا يجوز لا بِعوض ولا غيره، وقسم يجوز بِعوض وغيره، وقسم يجوز بلا عِوض، ولا يجوز بعِوض.

والأصل فيه المنع؛ أي منْع العِوض؛ لأنه من باب الميسر، فإن الإنسان إما أن يكون غانِمًا، وإما أن يكون غارمًا، فإذا جعلنا مئة ريال لمن سبق، وتسابق اثنان في الجري على الأقدام، فأحدهما إما غانم وإما غارم، إما أن يأخذ المئة من صاحبه فيغنم، أو تؤخذ منه المئة فيغرم، فهو في الحقيقة ميسر، ولذلك الأصل هو منْع العِوض في المسابقة، هذا الأصل، ولا يجوز إلا لسبب سيأتينا إن شاء الله فيما بعد.

الأشياء التي فيها السباق تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ما يجوز بعِوض وغيره.

والثاني: عكسه، لا يجوز لا بعِوض ولا غيره.

والثالث: التفصيل؛ يجوز بلا عِوض، ولا يجوز بعِوض.

قال المؤلف: (يصح على الأقدام وسائر الحيوانات والسفن والمزاريق)(على الأقدام) مثل أن يتسابق رجلان أيهما أسرع وصولًا إلى الغرض الذي عيَّنه، وهو جائز بين الرجلين، وبين المرأتين، وبين الرجل وزوجته، كما سابق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها (3). هذا على الأقدام.

ص: 1933

وظاهر كلام المؤلف وغيره أنه لا فرْق بين أن يتسابقا اتجاهًا أو استدبارًا، استقبالًا أو استدبارًا، يعني مثلًا يتسابقا على الاستقبال أو على الاستدبار؛ لأن المسابقة على الاستدبار تقع أيضًا بين كثير من الناس أيهما أشد عزيمة أن يرجع على ورا بسرعة تفوق صاحبه، فهذا جائز. وهل يجوز على اليمين والشمال؟

طلبة: نعم.

الشيخ: نعم، يجوز، ويقع هذا أيضًا من بعض الناس يتسابقون أيهم أسبق ذهابًا يمينًا أو ذهابًا شمالًا، ويصح في سائر الحيوانات كالبغل والحمار وغيرهما مما يؤكل، والبقرة أيضًا تصح المسابقة عليها؛ لأن القول الراجح جواز رُكوب ما لا يُرْكب عادةً؛ لعموم قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].

(وسائر الحيوانات) ولكن هل يجوز المسابقة بالحيوان نفسه؟ بمعنى أن يطلق الرجلان كلبيهما ويتسابقا على ذلك؟

الظاهر أنه لا يجوز؛ لأنه لا فعل من المتسابِقَيْن في هذه الحال، وقد يقال بالجواز؛ لأن فعل الكلاب ونحوها بأمر صاحبها كفعل صاحبها، ولهذا جاز صيدها إذا أرسلها صاحبها، ويُشترط في المسابقة على الحيوانات نفسها ألا يكون في ذلك أذيَّة لها، فإن كان في ذلك أذية كما يفعله بعض الناس في المسابقة، في نقر الديوك بعضها ببعض، فإن بعض الناس -والعياذ بالله- يُربِّي ديكه على أن يكون قويًّا في المناقرة، فهذا حرام لا يجوز، ومثل ذلك نِطاح الكِباش، ومثل ذلك صراع الثيران، كل ما فيه أذيَّة للحيوان فإن المسابقة فيه مُحرَّمة لما فيه من إيذاء الحيوان.

(السفن) وهي الفُلك التي تجري في الماء، تصح المسابقة عليها؛ لأن الناس يختلفون فيها اختلافًا كثيرًا،

و(المزاريق) الظاهر أنها مراكب البحر التي دون السفن، ولعل إخواننا الذين يعيشون حول البحار يعرفونها، يسمونها أيش؟ زوارق صغيرة.

ص: 1934

(السفن والمزاريق) لكن المؤلف يقول: (ولا يصح بعوض إلا) هذه تصح بدون عِوض، فإن كان فيها عِوض فإنها حرام، سواء كان هذا العوض نقدًا أو عروضًا أو منفعة فإنه لا يجوز، وقد كان من عادة الصبيان أنهم يتسابقون على الأقدام، فإذا سبق أحدهما الآخر قال له: احملني على ظهرِك من منتهى المسابقة إلى ابتدائها، فهل هذا جائز؟

طالب: لا.

طالب آخر: بعِوض.

الشيخ: بعوض، ما هو العوض؟

طالب: المنفعة، حمله.

الشيخ: المنفعة، حمله إياه من هذا المكان إلى هذا المكان منفعة فلا تجوز، وقد يُقال: إنه يُرخَّص للصغار الذين لم يبلغوا في ذلك، وإن لم يُرخَّص للكبار؛ لأن الصغار يُرخَّص لهم من اللعب ما لا يُرخَّص للكبار.

قال: (ولا يصح بِعوض) يعني بعِوض مالي سواء كان عينًا، أو نقدًا، أو منفعة إلا في إبل وخيل وسهام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ» (4). الإبل بأن يتسابق اثنان على بعيريهما، والخيل بأن يتسابق اثنان على فرسيهما. والسهام بأن يتسابق اثنان في سهاميهما أيهما يصيب.

وظاهر كلام المؤلف في الإبل والخيل؛ أنه لا فرق بين أن تكون المسابقة في الجري أو في حمل الأثقال،

وهذا بالنسبة للإبل واضح؛ لأن الإبل يُنتفع بها في الجري، ويُنتفع بها في حمْل الأثقال، لكن في الخيل، في النفس من هذا شيء؛ لأن الخيل إنما يُنتفع بها في الجري المسابقة جريًا.

إذن الدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا سَبَقَ» أي: لا وضْع عِوض في المسابقة (إلا في إبل وخيل وسهام) وهذا النص صريح.

فإن قال قائل: هذا جارٍ على خلاف القياس؛ لأنه مُيسَّر؛ إذ إن أحدهما غانم أو غارم؟

ص: 1935

فالجواب من أحد وجهين؛ الأول: أن من العلماء من أخرج هذه المسألة عن القمار بأن قال: لا بد من ثالث مُحلِّل، أن يكون معهما ثالث ليس غانمًا ولا غارمًا، يكون مُحلِّلًا، فإن غلب أخذ عوضيهما، وإن غلباه لم يُؤخذْ منه شيء، وهذا يُخرِج المسألة عن صورة القمار والميسر، لكن هذا الجواب ضعيف جدًّا.

والتحيل على محارم الله مُحرَّم إذا قلنا: إن هذا ميسِر، وإنه حرام فإنه لا يمكن أن يحل بالتحيُّل عليه، والصواب أنه لا يُشترط أن يجعل محلل، وأن هذه المسألة مُستثناة لأن فيها مصلحة تربو على مفسدتها، والمصلحة هي التمرُّن على آلات القتال، وهذه مصلحة كبيرة عظيمة تنغمر فيها المفسدة التي تحصل بالميسر (

).

طالب: هل السباق الذي يجوز بلا عِوض، لو أن ثالثًا تبرع (

الشيخ: يقول: في المسابقة التي لا تجوز بعِوض لو أن رجلًا خارجًا عن المسابقة جعل مكافأة وجائزة للسابق منهما، فهل هذا جائز؟

والجواب: نعم، بشرط أن يكون الذي وضع فيه الجائزة نافعًا، أما إذا كان لهوًا ولعبًا ففي النفس من جواز ذلك شيء؛ لأن ذلك إضاعة مال، لا فائدة منه، لكن إذا كان مفيدًا كما لو كان في المصارعة أو المسابقة على الأقدام، أو في حمْل الأثقال، أو في سرعة الحركة، أو في الكاراتيه هذه لا بأس بها؛ لأن هذه فيها مصلحة، لكن على شيء لغو لا فائدة منه في النفس من هذا شيء.

طالب: المسابقة على الأقدام، المصلحة التي في المسابقة (

).

الشيخ: ليتها من غيرك هذه، النبي عليه الصلاة والسلام سابق على الأقدام وعرفها، وعرف مصلحتها وفائدتها، ومع ذلك قال:«لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ» (4). نعم، ربما لو فرضنا أن هناك سبقًا على الأقدام مما يُستعمل في الجهاد، وهو حِرْفة معروفة، فقد يُقال: إن هذا جائز، أما سبق عادي فلا يجوز.

الطالب: هل هو حصْر (

الشيخ: إي، ما فيه شك، حصر هذا من أبلغ الحصر؛ لأنه نفي وإثبات.

ص: 1936

طالب: قاعدة أنه يجوز للصغار ما لا يجوز للكبار، هل هي قاعدة مطردة، وإن لم يكن كذلك فما الضابط فيها؟

الشيخ: أنواع اللعب واللهو هذا، أما الشيء الْمُحرَّم كشرب الدخان مثلًا ما يجوز، لكن اللهو، الصبيان الآن يلهون ويلعبون، ويحصل لهم ميسر بما يسمونه لعب ..

طالب: البراجوز.

الشيخ: إي نعم، براجوز هذه الدوائر.

طالب: (

).

الشيخ: (

)، هذه يكسبون بها، ولما كنا صغارًا نكسب بكعب الغنم.

طالب: هل هي جائزة مُطلقًا في اللعب؟

الشيخ: جائزة هذه الصور ما فيها إشكال.

طالب: شيخ -بارك الله فيكم- من أقسام السبق ما لا يجوز لا بِعوض ولا بغيره، فهل لنا بعض الأمثلة لهذا النوع؟

الشيخ: ما وصلنا لها، إحنا الآن في الأول.

طالب: أحسن الله إليكم، صدقة العلم.

الشيخ: تأتينا إن شاء الله.

طالب: جزاك الله خيرًا، البعض يستأجر آلة اللعب، أو المكان الذي فيه اللعب، والذي يُغلَب هو الذي يدفع هذه الأجرة، في الآخر من يأخذ، إنما يأخذها صاحب المكان؟

الشيخ: هذا نوع من الغرم، الظاهر أنه لا يجوز، ويجب أن تكون الأجرة بينهما؛ لأن كُلًّا منهما انتفع بهذا المكان.

طالب: شيخ، جزاكم الله خيرًا، هل ممكن نقول: النساء جائز أن يتسابقن بالأقدام؟

الشيخ: التسابق على الأقدام؟

الطالب: إي.

الشيخ: إي نعم، جائز، ما فيه مشكلة.

الأصل أن ما جاز للرجال جاز للنساء إلا إذا كان هناك مانع، فإذا كن نساء وحدهن، وأردن أن يتسابقن فلا بأس (

).

***

طالب: وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلف رحمه الله تعالى:

باب السَّبْق

يصح السبق على الأقدام وسائر الحيوانات والسفن والمزاريق، ولا يصح بعِوض إلا في إبل، وخيل، وسهام. ولا بد من تعيين المركُوبين واتحادهما، والرماة، والمسافة بقدْر مُعتاد، وهي جعالة لكل واحد فسخها، وتصح المناضلة على معينين يُحسنون الرمي.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، سبق أن السبْق بسكون الباء هو أيش؟

طلبة: (

).

ص: 1937

الشيخ: يعني (

) لا يُدرك، بمعنى أن يتقدم الإنسان غيره في شيء لا (

)، وأما السبَق بالفتح فهو العِوض المجعول في المسابقة.

وسبق لنا أن الأشياء تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم منها يجوز بعِوض وبدونه، وقسم لا يجوز بعِوض ولا بدونه، وقسم يجوز بلا عوض ولا يجوز بعوض.

الذي يجوز بعِوض ثلاثة أشياء، وهي: الإبل، والخيل، والسهام؛ دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ» (4). ويُقاس عليها ما يشبهها من آلات الحرب الحاضرة، فالدبابات ونحوها تشبه الإبل، والصواريخ وشبهها تشبه السهام، والطائرات وشبهها تشبه الخيل، فهذه تجوز بعِوض.

وأما ما لا يجوز بعِوض ولا غيره فهو السبق في الأمور المحرمة، المسابقة في الأمور المحرمة؛ كالمسابقة في العدوان على الناس، وقطع الطريق، وما أشبه ذلك، أو المسابقة في لعب الشطرنج والنرد وغير ذلك مما يلهي كثيرًا عن المهمات في الدِّين أو الدنيا، ولا فائدة فيه، وهذا هو الضابط فيه، فالذي لا يجوز (

) العوض، إما أن يكون محرمًا لذاته كالمسابقة على العدوان على الناس، وقطع الطريق، ونهب الأموال، وإخافة الآمنين، وما أشبه ذلك، هذا حرام سواء كان بعِوض أو بغير عِوض.

وإما أن يكون مما يُلهي كثيرًا، ويتعلق به القلب كثيرًا، ولا خير فيه ولا منفعة كالنرد، والشِّطْرنج، وما أشبهها من هذه الألعاب التي كثرت أنواعها في الوقت الحاضر.

القسم الثالث: ما يجوز بلا عِوض، ولا يجوز بعِوض، وهو ما لا مضرة فيه شرعية، وليس فيه منفعة تربو على جواز المراهنة فيه؛ يعني بأن تكون منفعته قليلة، فهذا لا يجوز بعِوض، ويصح بلا عِوض، مثل المسابقة على الأقدام، فإن ذلك جائز ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سابق عائشة على الأقدام (3).

(سائر الحيوانات) مثل الفيلة والكلاب وما أشبهها، هذه تجوز، لكن اشترطنا في الدرس الماضي ألا يكون فيها أذية على الحيوان.

ص: 1938

السفن معروفة، وهنا ينبغي أن يُقال: السفن الحربية يجب أن تُلحق بالإبل فإنها إذا كانت حربية تدخل في آلة الحرب ومعدات الحرب.

المزاريق قال في الشرح: إنها رمح قصير، يتسابقون في الطعن، وكذلك المسابقة بالسيوف إلا أن الإمام أحمد رحمه الله قال: لا يجعله سيفًا حادًّا، بل يكون سيفًا من خشب أو نحوه، وهذا ما يُسمى عند الناس الآن بالمعركة الوهمية؛ بمعنى أنهم يتشابكون فيما يُسمى بالسلاح الأبيض، لكن لا يجعل الإنسان خنجرًا حادًّا أو سيفًا حادًّا؛ لأنه ربما أهوى به الشيطان إلى صاحبه فقتَلَه، لكن يجعله من جنس العصا أو الخشب أو ما أشبه ذلك. وهل من ذلك ما يُسمى بالملاكمة؟

طلبة: لا.

الشيخ: ليش؟

طلبة: (

).

الشيخ: أولًا: لأنها أظنها تُضرب مع الوجه خاصة، وهذا منهي عنه.

والثاني: أنها خطرة؛ لأنه لو أُصيب الإنسان الملاكم بمقتل لكان هلك، لكن إذا كان الإنسان يريد أن يتمرَّن تمرينًا فقط، ولكنه لا يضرب الوجه، من أجل أن يستعين بذلك على قِتال العدو، مثل الكاراتيه، هذه يقولون: إنها مفيدة للإنسان جدًّا، في مهاجمة العدو، وفي الهرب منه، فيكون هذا المسابقة فيها جائزة، بل لو قيل: لو أن الناس انقلبوا إلى حرب بهذه الطريقة دخلت في الأشياء التي تجوز بعِوض.

اختلف العلماء رحمهم الله في المسابقة على الأقدام، هل تجوز بعِوض أو لا؟ وقلنا: إن المذهب أنها لا تجوز بعِوض.

ص: 1939

ومنهم من قال: إنها تجوز بعِوض؛ لأن السَّبْق على الأقدام يُنتفع به في الحرب، في الكر والفر، فهو مفيد، لكن هذا الاحتمال يرد عليه أننا لو أجزنا العِوض في هذه الأشياء لكانت سببًا للتجارة؛ بمعنى أن الناس يتجرون بها؛ لأنها سهلة المؤونة، ولا تحتاج إلى اقتناء فرس أو إصلاح رُمح أو ما أشبه ذلك، فتُتخذ تجارة، وينشغل الناس بها عن أمور أهم منها، فهذه المصلحة التي قد يتوقعها الإنسان مع العدو مُعارَضة بالمفسدة، وهي أن ينكب الناس عليها، ثم يتخذونها تجارة، وهذا المانع مانع قوي.

فإن قال قائل: وأيضًا السبق على الخيل الآن يتخذونه تجارة، أليس كذلك؟ فهو الآن يتخذ تجارة ومنفعته في الحرب في الوقت الحاضر قليلة، فيلزم على اطراد القاعدة أن تمنعوا من ذلك؛ أي من المسابقة على الخيل بالعِوض؛ لأن الناس اتخذوها تجارة.

فنقول: هذا ينبني على قاعدة ذكرها العلماء رحمهم الله وهي: إذا نص الشرع على شيء ذي فائدة في وقت الشرع؛ يعني في وقت الرسالة، ثم عُدِمت منفعته التي تكون في وقت الرسالة، فهل نتبع المعنى أو نتبع اللفظ؟

العلماء يختلفون في هذا، ومن ذلك الشعير في زكاة الفطر، الأقط في زكاة الفطر منصوص عليهما، أليس كذلك؟ وهما في ذلك الوقت قوت للناس سواء كانوا في البادية أو في الحاضرة، في الوقت الحاضر ليست قوتًا، فهل نتبع اللفظ ونقول: هذا شيء عيَّنه الشرع فهو مُجزِئ سواء كان قوتًا للناس أو لا؟

أو نقول: إذا أصبح واحد من هذه الأربعة غير قوت فإنه لا يُجزئ؟ فيه احتمال واحتمال، لكن الاحتمال الأخير بالنسبة للفطرة أصح؛ لأنه ثبت في البخاري من حديث أبي سعيد: كنا نُخرجها صاعًا من طعام، وكان طعامنا يومئذٍ التمر، والشعير، والزبيب، والأقط (5). فهذا صريح أن العلة هو الطعام، وكما قال عبد الله بن عباس: فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهْرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمة للمساكين (6).

ص: 1940

لكن الآن نحن في مسألة الخيل، الخيل في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لا شك أنها آلة عظيمة فعَّالة في الحرب، هي في الوقْت الحاضر ليست كذلك، هي في الوقت الحاضر تجارة يحصل السبق بها تجارة، فهل نقول: لما فُقِدت العِلَّة التي من أجلها جاز السَّبَق يجب أن يفقد الحكم، أو نقول: نأخذ بظاهر اللفظ، ولا علينا من العِلَّة تخلفت أو وُجِدت؟ فيه احتمال.

ذكر المؤلف عن شروط المسابقة .. سبق لنا البارحة أن ذكرنا أن بعض العلماء قال: إنه لا يجوز السبَق في هذه الثلاثة إلا بمحلل، وبينا أن هذا القول ضعيف جدًّا.

أولًا: لضعف الحديث الوارد فيه، فالحديث ليس بحجة.

ثانيًا: أن هذا حِيلة؛ لأنه إن جاز أخْذ العِوض بلا مُحلِّل فلا حاجة للمُحلِّل، وإن كان حرامًا صار إدخال المحلِّل من أجل استحلال الحرام، والحيل ممنوعة شرعًا.

ثالثًا: وأيضًا المحلِّل الآن سيُشاركهم في المسابقة، ومع ذلك هو غانم على كل حال أو سالم، فيكون شاركهما في الفعل وخالَفهما في الحُكم والنتيجة، وهذا ليس من العدْل، والمسابقة مبناها على العدل، أتدرون أن المحلل إذا سبق أخذ العوضين من الاثنين، وإن سُبِق لم يأخذ شيئًا، ولم يُؤخذ منه شيء، هذا خلاف العدْل، فكيف يكون مشاركًا لهما في العمل، ثم يخالفهما في النتيجة والثمرة؟ ! الصواب أن المحلِّل ليس بشرط.

فإذا قال قائل: إن هذا من باب الميسر؛ لأن أحدهما إما غانم وإما غارم؟

قلنا: نعم، هو من باب الميسر، لكن مفسدة الميسر فيه مُنغمِرة في جانب المصلحة، والشرع كله حول المصالح؛ يعني كل الشريعة مصالح؛ إما غالبة، وإما متمحِّضة.

قال: (ولا بد من تعيين المركوبين) يعني اللذين يقع عليهما السبْق، فتقول مثلًا: أسابقك على هذا الجمل، والثاني يقول: أسابقك على هذا الجمل، أو يقول: أسابقك على هذا الفرس، والثاني يقول: أسابقك على هذا الفرس، فلو قال: أسابقك على فرس بدون تعيين؛ لم تصح، لا بد من تعيين الفرسين أو الجملين مثلًا.

ص: 1941

وظاهر كلام المؤلف أنه لا يُشترط تعيين الراكبين؛ لأنه قال: (المركوبين)، فظاهره أن تعيين الراكبين ليس بشرط، والصحيح أنه شرْط ولا بد منه؛ لأنه ليس المقصود أن يكون هذا الجمل أو هذا الفرس سابقًا، بل السبق في الحقيقة يكون من جودة الفرس أو الجمل، ومن حذق الراكب، يعني ربما يكون فرس جيد جدًّا جدًّا يركبه إنسان ليس حاذقًا يمشي ولَّا ما يمشي؟ ما يمشي، يهك عليه، نفس الفرس يجي يتلفت وذاك راكب عليه بيمشي وهو واقف، وهذا شيء مُشاهَد، يعني الآن لما كان الناس يستعملون الحمير كآلة ركوب وآلة نقل، تجد أحد الركاب إذا ركب على الحمار بمجرد ما يحرك نفسه يطمر الحمار، ويمشي زين، وبعض الناس يركب ويزجره، ويضربه، وينغزه، ولا يتحرك.

المهم أن كون تعيين الراكب ليس بشرط قول ضعيف؛ لا بد من تعيين المركوبين، ولا بد من تعيين الراكبين؛ وذلك لأن جري المركوبين بحسب حذق الراكبين، فلا بد من هذا، ولا بد أيضًا من اتحادهما؛ بمعنى أنه لا بد أن يكون السبق في الخيل على فرسين من نوع واحد كعربي وعربي، وبرذون وبرذون، هجين وهجين.

طيب لو قال: أُسابق على فرس وبغل؟

طلبة: ما يجوز.

الشيخ: لا يجوز، لأنه لا بد من اتحادهما أن يكونان من نوع واحد.

وظاهر كلام المؤلف أنه لا يُشترط اتفاقهما في الذكورة والأنوثة، فيجوز أن يكون السبق على جمل وناقة، أو على فرس وحصان، وهذا هو الظاهر، الظاهر أنه لا يُشترط، ولا سيما أيضًا بالنسبة للناقة، الناقة جمل، وناقة لا بأس، وإن كان يختلف بعضهما عن بعض في مسألة التحمُّل والصبر والقوة.

ولا بد أيضًا (من تعيين الرماة) فيقال مثلًا: فلان بن فلان يُسابق فلان ابن فلان، فلو قال مثلًا: المسابقة على رجل من بني تميم ورجل آخر من بني غطفان مثلًا، يصح؟

طلبة: لا يصح.

ص: 1942

الشيخ: ليش؟ لعدم التعيين؛ لا بد من تعيين الرماة، ولا بد أيضًا من تعيين السهم؛ بمعنى أن يكون المرمي به (الآلة) من نوع واحد، وأنتم تعرفون الآن الفرْق بين أنواع الأسلحة، فلا بد أن يكون السلاح نوعًا واحدًا.

وهل يُشترط أن يكون أيضًا موديلًا واحدًا؟ يُنظر، إذا اختلفت المواديل فلا بد من أن يكون الموديل واحدًا، أما إذا لم تختلف؛ لأن أحيانًا ما تختلف من حيث القوة والأداء، لكن تختلف من حيث الشكل فقط، فلا بد من اتحاد ما يُرمى به بشرط أن يكون عدم الاتحاد يؤدي إلى الاختلاف.

ولا بد أيضًا من تحديد المسافة مسافة أيش؟ مسافة الرمي، وكانوا في الأول يعتمدون في مسافة الرمي على قوة الرامي؛ لأنه نبل يرمي به الإنسان، فالإنسان الذي ليس بقوي ما يذهب سهمه بعيدًا، فلا بد من تعيين المسافة بقدْر معتاد، قالوا: وأكثره ثلاث مئة ذراع، كم تأتي؟ مئتا متر تقريبًا، بالنسبة للأسلحة الموجودة الآن لا شيء، لكن فيما سبق ما أحد يرمي ثلاث مئة ذراع. (

)

طالب: السباق (

) معتبر؟

الشيخ: لا، ما هو معتبر لأن السابق تعرف إنه إذا صار (

).

طالب: شيخ، الآن يتسابقون بسيارات ودراجات النارية، فيهم اختلافات في النوعية والقوة، هم راضون بهذا ..

الشيخ: لكن بدون عِوض؟

الطالب: لا، بعِوض بجوائز.

الشيخ: بجوائز مالية؟

الطالب: اشتراكات يا شيخ.

الشيخ: (

) يعني المتسابقان لا يشتركان في إثم.

الطالب: طيب ولو اشتركوا يبطل هذا؟

الشيخ: لا، إذا كانت جائزة (

).

طالب: عفا الله عنك يا شيخ، لو اشتركوا في الجائزة، تبطل؟

الشيخ: يعني مثلًا لو قال: منك ألف ريال، ومني ألف ريال ونتسابق، هذا ما يجوز.

طالب: الضابط الذي يحكم، الذي يتعلق به القلب كثيرًا.

الشيخ: ويلهي عن المصالح.

الطالب: بعضهم يقيدها يقول: الصلاة ..

الشيخ: الصلاة؟

الطالب: فقط.

الشيخ: لا.

الطالب: ضابطها؟

الشيخ: كما قلنا: هذا الضابط، الصلاة داخلة في المصالح.

ص: 1943

طالب: هل يجوز تعيين المركوب بالوصف؟

الشيخ: لا، ما يصح، لكن بالنسبة للأسلحة الحديثة يمكن بالوصف؛ لأن تعرف أن الصناعة ما تختلف، لكن بالنسبة للدواب تختلف.

طالب: شيخ -أحسن الله إليك- ما حكم اللعب بالشطرنج والدومينا من غير فصل، المسابقة بالتلهي فقط؟

الشيخ: هذا اللي قلنا؛ حرام، النرد والشطرنج كلها حرام، حتى ورق البلوت هذه حرام، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الذي اختاره شيخنا عبد الرحمن بن سعدي كان لا يشك في أنها حرام.

الطالب: والدومينا مثلها؟

الشيخ: الدومينا ويش لونها؟

الطالب: هذا الحجر الْمُنقَّط، ثمانية وعشرون حجرًا.

الشيخ: حجر؟

الطالب: إي، ثمانية وعشرون حجرًا، كل حجر فيها اثنتا عشرة نقطة، وإحدى عشرة نقطة.

الشيخ: ثم؟

الطالب: ويُلصقونها، فالأرقام المتساوية تُلصق بجانب بعضها حتى إذا انتهت أوراقها حزمًا فاز، وتسمى دومينا.

الشيخ: الظاهر أنها من جنسه، لكن اتفقنا من قبل يعني يُرخَّص للصغار ما لا يُرخَّص للكبار، الصغار كل حياتهم لهو، ما هم مطالبون بشيء، حتى الواجبات الدينية أسقطها الله عنهم، لكن الكبار عليهم مسؤولية، ولهذا كُلِّفوا وألزموا بالواجبات الشرعية.

طالب: شيخ، فيه ألعاب للصغار تُباع مع كونها بالنرد إلا أن فيها تعويدًا الصغار على فوائد ربوية؛ يعني كأن شركة يقال: تستقرض مئة ألف، ثم تدفع له فئة مئة ألف وهكذا، ويُباع في الأسواق، حكمه؟

الشيخ: هذه أشد، إذا كان هذه اللعبة تفتح أذهانهم للربا أو غيره من المحرمات (

).

طالب: الصلاة (

) ملعون (

) (

).

الشيخ: لأن فيه دعوة للإسلام كعقد أبي بكر رضي الله عنه الرهان على قريش حينما راهنهم على أن الروم ستنتصر على الفرس (7). هذا قالوا: إنه نوع من الجهاد؛ لأن فيه غيظ الأعداء، ويقال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام لما أسلموا كان رد عليه غنمه.

طالب: ما يحصل (

).

ص: 1944

الشيخ: لا، الحاصل الآن بأعيانها واضح، لكن لعل الرسول عليه الصلاة والسلام ضربها مثالًا، فكل ما يُستعان به على الجهاد في سبيل الله، أو على إعزاز الدين ورفعة الدين فإنه داخل في هذا؛ لأن المصالح تغمر المفاسد.

طالب: المسابقة على الأقدام.

الشيخ: لا، المسابقة (

) فيها مانع، وإلا ألحقناها بهذه إذا كان فيها مصلحة، لكن المانع أنها تتخذ تجارة، وتلعب كثيرًا؛ لأن ما تتعب الواحد (

) ما شاء الله سبق صاحبه يفرح بهذا (

)

***

الطالب: قال رحمه الله تعالى في باب السَّبْق: ولا بد من تعيين المركوبين واتحادهما والرماة والمسافة بقدْر معتاد، وهي جعالة لكل واحد فسخُها، وتصح المناضلة على مُعيَّنين يُحسنون الرمي.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب السبق، وقد تقدم أن المسابقة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: ما لا يحل بعوض ولا غيره، وما يحل بعوض وغيره، وما يحل بغير عِوض ولا يحل بعوض، وسبق هذا مفصلًا.

وسبق أنه إذا جازت المعاوضة فلا بد فيها من شروط؛ منها تعيين المركوبين، والصحيح أنه يشترط

تعيين المرْكُوبَيْن والراكِبَيْن.

ومنها اتحادهما بأن يكونا من جنس واحد كخيل من نوْع عربي، أو هجين، أو ما أشبه ذلك، فلا يصح بين فرس وحمار؛ وذلك لعدم اتحادهما، ولا بد من تعيين الرماة وهذا حق، لا بد من تعيين الرماة، فيقال: فلان وفلان، ولا بد أيضًا من تعيين المسافة بقدْر معتاد لئلا تخرج المسألة عن المسابقة، لو عيَّن أمدًا بعيدًا لا يمكن الوصول إليه عادة فإنه لا يصح؛ لأن هذا من المتعذِّر أو المتعسِّر.

وهذه الشروط لجواز أخْذ العِوض في المسابقة، أما إذا لم يكن عوض فالأمر واسع، فلو قال شخص لآخر: إن عنده حمارًا جيدًا لا يسبقه الفرس، وقال الآخر: أنا عندي فرس أتحداك، فتسابقا أحدهما على حمار، والثاني على فرس، يجوز أو لا؟ بِلا عِوض يجوز، ما فيه مانع، لكن بعِوض لا بد من الشروط التي ذكرها المؤلف.

ص: 1945

قال: (وهي) أي المسابقة (جعالة لكل واحد فسخُها) يعني أنها ليست من العقود اللازمة، بل هي من العقود الجائزة فهي تُشبه الجعالة.

والجعالة: أن يجعل الإنسان شيئًا معلومًا لمن يعمل له عملًا معلومًا، مثل أن يقول: من ردَّ ضالتي فله ألف ريال، هذه جعالة. السبْق من هذا الجنس.

وقوله: (لكل واحد) أي: من المتسابِقين (فسخها)، ويُشترط لذلك ألَّا يظهر الفضل لأحدهما، فإن ظهر الفضل لأحدهما فإنه يمتنع على صاحبه أن يفسَخ؛ لئلا يُؤدي إلى التلاعب، فمثلًا إذا كانت الإصابة تسعة من عشرة، ثم إن صاحبه أخذ ثلاثة وهو أخذ خمسة، فلا يجوز لصاحب الثلاثة أن يفسخ، ويجوز لصاحب الخمسة أن يفسخ؛ لأنه ظهر له الفضل.

فإن قال قائل: حتى صاحب الثلاثة ربما يكون مع تكرار المسابقة يقفز، وذاك يتأخر؛ لأن الإصابة مُقدَّرة بكم؟ بتسعة من عشرة؟ والآن ثلاثة من عشرة، وخمسة من عشرة، ربما في المستقبل يقفز صاحب الثلاثة حتى يغلب صاحب الخمسة، فيبقى صاحب الخمسة في مكانه، وذاك يتعلق.

نقول: هذا احتمال وارد، لكن ليس لنا إلا الظاهر، والآن الظاهر الغلبة مع مَنْ في المثال اللي ذكرنا؟ مع صاحب الخمسة، فصاحب الخمسة تبين الآن أن الحق له فيما يظهر، فإن فسخ هو فلا بأس، وإن فسخ المغلوب فليس له ذلك إلا إذا رضي صاحبه.

فقول المؤلف: (لكل واحد فسخها) هذا مُطلق يجب أن يُقيَّد، بماذا؟ ما لم يظهر الفضل لأحدهما، فإن ظهر الفضل لأحدهما فليس للمفضول أن يفسخ إلا برضا صاحبه.

قال: (وتصح المناضَلة) يعني المسابقة في الرمي.

ص: 1946