الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: إي نعم، هذه المسألة نحتاج أن نستثنيها من قولنا: إنه يلزم الدفع عن نفسه، إي نعم، جيد ذكرتني بها، الدفع عن النفس إنما يجب في غير الفتنة، أما في الفتنة فلا بأس أن الإنسان يستسلم وينظر ما هو أصلح؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ، فَكُنْ فِيهَا عَبْدَ اللهِ الْمَقْتُولَ وَلَا تَكُنِ الْقَاتِلَ» (11)، ويدل لذلك فعل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، فإن عثمان حُصِرَ في بيته كما هو معلوم، وطلب الصحابة رضي الله عنهم علي وغيره أن يدافعوا عنه، ولكنه أبى عليهم؛ لأنه خشي إذا دافعوا أن يكون هناك شر أكبر، يمكن يُقْضَى على أهل المدينة بسبب هذه المدافعة، وحينئذ يُقْتَل الخليفة ويُقْتَل غيره معًا.
فهذه المسألة تُسْتَثْنَى من قولنا: إنه يلزم الدفع عن نفسه، يعني: ما لم يكن هناك فتنة، فإن كانت فتنة فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر أن يصبر الإنسان، وأن يكون عبد الله المقتول ولا يكن القاتل، لكن مع ذلك هو هذا الأمر مُقَيَّد فيما إذا لم يكن مَن أُرِيدَ قتله أقوى، فإن كان أقوى فإن الرسول عليه الصلاة والسلام، بل في القرآن، أنه إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين فإننا نقاتل التي تبغي، نقاتل الباغية حتى تفيء إلى أمر الله، والله أعلم.
طالب: جزاك الله خيرًا.
[باب حد المسكر]
طالب آخر: (
…
).
الشيخ: السَّكَر، أولًا السَّكَر تعريفه: تغطية العقل على وجه اللذة والطرب، هذا هو السَّكَر، إن العقل يتغطى وليس يزول؛ لأنه لو زال صار جنونًا، لكنه يتغطى بأي شيء؟ بسبب هذه القوة التي طرأت على النفس، وهي قوة الطرب واللذة حتى أفقدت الإنسان وعيه، والإنسان يفقد وعيه وإدراكه بعدة أمور؛ منها هذه السَّكَر -والعياذ بالله- لقوة اللذة والطرب يضيع عقله.
ومنها أيضًا: قوة الغضب، فإن الإنسان إذا غضب أحيانًا لا يدري ما يقول، ولذلك مر علينا العام الماضي في الطلاق أن الغضبان الذي يصل به الغضب إلى حد لا يدري ما يقول فإنه لا يقع طلاقه.
فتغظية العقل على هذا الوجه؛ وجه اللذة والطرب، هذا هو السَّكَر، تغطيته على وجه آخر ليس بِسَكَر، ولهذا البنج لا يعتبر سكرًا، ولَّا لا؟ مع أنه يغطي العقل، هذه الحبوب المخدِّرة لا تعد سَكَرًا، لأنها لا تغطي العقل على سبيل اللذة، ولكنها تُفْقِدُه قوة الإحساس، فهذا هو الفرق بين السَّكَر وبين غيره، وهو قوله: على وجه اللذة والطرب؛ لأن السكران يرى نفسه أنه فوق مرتفع، حتى إنه ربما يرى نفسه ملِكًا وأن مَن سواه كلهم خدم له، مثلما جرى لحمزة -كما مر عليكم حين مر به ساقيان لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، بعيران سانيتان، وكان عنده جارية تغنيه، فقالت:
أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النُّوَاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فهو كان سكران، وبهذه الكلمة أثارته، فأخذ السيف فجَبَّ أسنمتهما، وأظنه أيضًا بَقَرَ بطونهما، فجاء علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي عليه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى حمزة، فكَلَّمَه، فقال له: هل أنتم إلا عبيد أبي؟ يقول للنبي صلى الله عليه وسلم. مثل هذا الكلام يقوله حمزة في حال صحوه؟ لا يمكن أن يقوله، فعرف النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان ثَمِلًا فتقهقر وتركه (12).
شوف كيف؟ تأمل أنه قال لأشرف الخلق عنده وعند غيره، قال له: هل أنتم إلا عبيد أبي؟ ! فيحصل له من اللذة والطرب ما يجعله يسكر وينسى كل شيء، نسأل الله العافية.
طالب: شيخ، (
…
).
الشيخ: لا ما أظن (
…
) تخمين.
طالب: (
…
).
الشيخ: إي، بس ما هو على سبيل أنه لذة وطرب، إنما يكون عنده هبوط في الوعي فقط.
طالب: (
…
).
الشيخ: (
…
) لا، يقصد به الراحة؛ لأنه -والعياذ بالله- عدم تحمله لما وقع عليه من الأمور يقصد بذلك أنه يرتاح بس، مثل حَقَّة النوم، تشبه حقَّةَ النوم، أما الحشيشة اختلف العلماء فيها، هل هي مُسْكِرَة أو غير مُسْكِرَة، ولكن شيخ الإسلام جزم جزمًا أكيدًا بأنها مُسْكِرَة، وأنها يحصل فيها من اللذة والطرب ما يحصل في الخمر.
ثم إن الخمر قد سبق لنا تعريفها، وهو كل ما خامَرَ العقل على سبيل اللذة والطرب من أي نوع كان.
أما عقوبته فهي جلد أربعين إلى ثمانين، وإن لم يندفع الناس بذلك فله الزيادة، إلا على قول مَن يقول: إنه حد لا تعزير.
أولًا: كلمة (قول من يقول: إنه حد لا تعزير) تدلنا على أن العلماء اختلفوا في عقوبة شارب الخمر؛ هل هي حد أو تعزير، فمن العلماء مَن يرى أنه حد، وهو رأي جمهور أهل العلم؛ لأنه بتقدير عمر بن الخطاب رضي الله عنه صار حَدًّا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي» (13)، ولا ريب أن منهم عمر بن الخطاب، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنْ يَكُنْ فِيكُمْ مُحَدَّثُونَ فَعُمَرُ» (14)، يعني: مُلْهَمُون مُوَفَّقُون للصواب فعمر، فعلى هذا يكون حدًّا.
وقال بعض أهل العلم: إنه حد ولكنه لا يُتَجَاوَزُ به الأربعون، وإنما تكون عقوبته أربعين جلدة؛ لأن هذا هو المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر، فإذا كان كذلك فالواجب الأخذ به دون مَا سَنَّهُ عمر؛ لأنه حادث على إجماع في الحقيقة، وهذا مذهب الشافعي، والأول مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
وقال بعض العلماء: إن الإمام مُخَيَّر بين الأربعين والثمانين؛ إذا كان الناس لا يشربونه كثيرًا فأربعون، إذا كانوا يشربونه كثيرًا فحَدُّه ثمانون، وهذا القول يجمع بين القولين؛ لأنه ما رفعه عمر رضي الله عنه إلا حين كَثُر الناس في شربه، فيكون في هذا جمع بين القولين، وهذا فيما أظن اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فالذين يقولون: إنه حد الآن صاروا ينقسمون إلى ثلاثة أقسام؛ قسم يقول: إنه لا يتجاوز به الأربعين؛ لأن ذلك المعروف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر، والثمانون طارئة على إجماع.
والذين يقولون: إنه ثمانون، يستدلون بفعل عمر، ويقولون: إن عمر رضي الله عنه له سُنَّةٌ مُتَّبَعَة، وأن ما قبل عهده ليس صريحًا في التحديد، ولهذا الذين جُلِدُوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام قام الناس إليهم منهم مَن يضرب بثوبه، ومنهم من يضرب بالجريد، ومنهم من يضرب بنعله، فلم يكن هناك تحديد بَيِّن، بدليل الناس كلٌّ يضرب، ولكنها نحو أربعين.
والذين قالوا: إنْ كَثُر الناس فثمانون، وإن قَلَّ شربها بين الناس فأربعون، هؤلاء جمعوا بين الحالين؛ حال الناس على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وأول خلافة عمر، وحال الناس بعد ذلك، وجمعوا بين السُّنَّتَيْن في الواقع؛ لأن سُنَّة عمر واضح سببها، وهو كثرة شربها.
ولكن هناك قولًا آخر، وهو القسيم لهذه الأقوال؛ أن عقوبة شارب الخمر تعزير، لكنه لا تُنْقَص عن الأربعين؛ لأن أقل ما حصل أربعون، واستدلوا لذلك بأدلة، منها: أنه لو كانت عقوبة شارب الخمر حَدًّا ما أمكن لعمر ولا غيره أن يزيده، أليس كذلك؟
لو زاد الناس في الزنا مثلًا هل لأحد من الخلفاء أو من الفقهاء أن يزيد حد الزاني على مئة جلدة؟ لا، إذن لو كانت عقوبة شارب الخمر حَدًّا ما أمكن لعمر ولا لغيره أن يزيده، هذه واحدة.
الدليل الثاني أنه لما كثر شربه في الناس في عهد عمر جمع الصحابة واستشارهم، فقال عبد الرحمن بن عوف: أَخَفُّ الحدود ثمانون، فجعله عمر ثمانين (15)، فقول عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، يدل على أنه ليس بحد؛ لأن الحدود اللي يقول: أخفها ثمانون، ويش يعني بأي حد هو ثمانون؟ القذف، فعُلِمَ أن ما دون القذف ليس بحد، يعني ما دون الثمانين ليس بحد.
وقد اتفق البخاري ومسلم (16) وغيرهما على أن الناس يعاقَبون على شرب الخمر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر يعاقَبون عليه بأيش؟ بأربعين جلدة، لو كانت الأربعون حدًّا لكان أخف الحدود أربعين.
الدليل الثالث: ما ثبت في البخاري (17) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ما كنت لأقيم على أحد حَدًّا فيموت فأجد في نفسي إلا شارب الخمر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَسُنَّه، يعني: يقول: إني لو أقمت حدًّا على إنسان فمات فإني لا أجد في نفسي من هذا شيئًا، ويش السبب؟ لأنه مات بحد، والحد حق، وكما قال الفقهاء: مَن مات في حد فالحق قتله، إلا شارب الخمر، قال: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَسُنَّه، وهذا نص صريح من علي بن أبي طالب في أنه -أي عقوبة شارب الخمر- ليست بحد؛ لأن معنى (لم يسنه) يعني: لم يتخذ فيه طريقًا محددًا لا يُزَاد ولا ينقص.
وبهذه الثلاثة الأدلة يتبين لنا أن عقوبة شارب الخمر ليست بحد.
فإذا قال قائل: قولكم هذا فيه مفسدة عظيمة؛ لأنه يوجِب أن يتتايع الناس في شرب الخمر؟
فالجواب أن الأمر بخلاف ذلك؛ لأن قولنا هذا يقتضي أننا إذا رأينا أن من المصلحة أن نزيد على ثمانين يجوز لنا ولَّا لا؟ يجوز لنا، لكن لو قلنا: إنه حد، ما جاز أن نتجاوزها لو يشربها في البيت عشرة من أحد عشر، لكن هذا القول الذي نقول به هو الذي تقتضيه المصلحة، وهو أنه إذا رأى الحاكم -وطبعًا إننا نعني بالحاكم الحاكم الذي يحكم بالشرع لا بالهوى، يحكم بالهدى لا بالهوى- إذا رأى أنه يقرِّر أن شارب الخمر يعاقَب بمئة جلدة أو مئتين، ويزيد على ذلك مثلًا حبسًا أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا بأس به.
أما أن يقال مثلًا: يُجْلَد ثمانين جلدة أو أربعين جلدة، ولا سيما أنه قد تكون الجلدات أيضًا ليست بشيء؛ لأني أسمع بعض الناس إذا جُلِدَ يقف يضربونه بالسوط يسلتونه سلتًا، بحيث إنه حتى الثوب نفسه ما يحس بالضرب، فهذا حرام ولا يجوز، ولا يؤدي إلى مصلحة، ولهذا نسمع أن بعض المجلودين إذا انتهى ركب سيارته وفَحَّط على الشرطة، تَحَدٍّ يعني.
كل هذه من الأمور التي يجب على الناس إذا ضعف الإيمان أن يقوى رادع السلطان، وهذه القاعدة مأخوذة من سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذا ضعف الإيمان فيجب أن يَقْوَى رادع السلطان؛ لأن عمر لما كثر شرب الناس لها، معناه أن الإيمان ضعف عند هؤلاء، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ» (18)، لما ضعف الإيمان عند هؤلاء ماذا صنع عمر؟ زاد في ردعهم، ولما كثر الطلاق الثلاث في عهده أمضاه عليهم حتى يكون فيه ردع لهم، حيث تَعَجَّلُوا ما جعل الله لهم فيه أناة.
فالحاصل أنه يجب أنه إذا ضعف وازع الإيمان أن يقوى رادع السلطان، وأما أن يضعف هذا وهذا فإنه فساد للأمة، نسأل الله السلامة.
طالب: (
…
).
الشيخ: لا، يعني معناه ضبطه إلى الثمانين، ضبطه إلى أخف الحدود ثمانين، ولا يزيد على ما يتجاوز؛ يدل على أنه ليس بالحد وهو رأى في ذلك الوقت أن الدنانير مانعة رادعة، لكن ربما يأتي في يومنا الآن ما تمنع ولا تضر.
طالب: هل يصل التعزير إلى القتل؟
الشيخ: لو وصَّل نعم، يصل إلى القتل، وحديث عبد الله بن عمرو:«إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ» (
…
) هذا الحديث صَحَّحَه بعض المحدثين، وممن صححه ابن حزم، ولكنه مع ذلك الحديث ما فيه:(اجلدوه أربعين): «اجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ فَاقْتُلُوهُ» (19)، يُقْتَل في الرابعة.
فابن حزم وجماعته يرون أنه يجب قتله في الرابعة إذا كان يُجْلَد في كل الثلاث السابقة، وشيخ الإسلام يقول: يُقْتَل إذا لم ينته الناس بدونه، ابن تيمية جعله من باب التعزير، قال: يُقْتَل إذا لم ينته الناس بدونه، وليت هذا الأمر يُنَفَّذ، لو نُفِّذ هذا الأمر وصار مَن جُلِد ثلاث مرات في الخمر قُتِلَ في الرابعة لكان يحصل به ردع، ويعرف الناس أنه ليس بالأمر الهين، لكن الناس الآن مع الأسف الشديد انفتح عليهم البلاء من كل جانب، صاروا يسمعون بالبلاد الأخرى ويسافرون إليها، ويرون أنه يُجْعَل على مائدة الأكل، وعلى طاولة القهاوي، فصاروا لا يرونه شيئًا، يعني في غير بلاد السعودية -والحمد لله، ونسأل الله أن يثبتها ويديم عليه النعمة ويزيدها- في غير بلاد السعودية تجلس في القهوة ويجاب لك بيبسي ويجاب لك جرة خمر، ويجاب لك فنجان شاي، (
…
) اللي تبغيه تطلبه، ما فيه شيء.
في الطائرة غير السعودية يقدِّم المضيفون أو المضيفات كؤوس الخمر مع أكواب الشاي، هذا شيء مُشَاهَد.
هؤلاء الناس الذين يذهبون إلى هذه البلاد، وهي بلاد تنتمي إلى الإسلام أيضًا مع الأسف ماذا يكون شأن الخمر في نفوسهم وهم يرونه بهذه السهولة؟ لا يكون شيئًا؛ لأنهم يقولون: مع كثرة المساس يقل الإحساس.
فالحاصل أن هذه المسألة لو طُبِّقَت بأن الإنسان الذي يُجْلَد في الخمر ثلاث مرات ولا يتوب يُقْتَل، لكان هذا طيبًا وفيه مصلحة للمسلمين، حتى للذين يهوون الشرب فيه مصلحة لهم.
طالب: المذهب (
…
).
الشيخ: هذا بيجينا إن شاء الله في التعزير.
المهم الآن إحنا ما تكلمنا عن السَّكَر، ما هو المسكر إلى آخره، إلا أنّا تكلمنا عن السَّكَر وعلى حده.
يُشْتَرَط طبعًا كما مر علينا في أول الحدود أن يكون الإنسان عالِمًا، ولَّا لا؟ فإن كان جاهلًا، مثل أُعْطِيَ شيئًا من الخمر وهو لا يدري ما هو فشربه ثم سَكِر، عليه عقوبة ولَّا لا؟ ليس عليه عقوبة.
إذا كان الشيء يُسْكِرُ إن أَكْثَرَ منه ولا يُسْكِر إن أَقَلَّ، هل يحرُم ولا ما يحرُم؟ يحرُم، ولكنه إذا شربه ولم يسكر فإنه لا يُحَدّ، يُعَزَّر تعزيرًا، يعني حتى على القائلين بأنه يُحَدّ، يُعَزَّر تعزيرًا يمنعه عنه؛ لأنه فعل معصية، ولكن لا يجب عليه الحد، لماذا لا يجب؟ لأنه ما سَكِرَ، لكنه حرام عليه.
وأظننا قد نَبَّهْنَاكم على خطأِ فَهْمِ بعض الناس للحديث: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» (20)، حيث ظنوا أن ما اختلط بالخمر القليل يكون حرامًا، ولَّا لا؟ وبَيَّنَّا أن هذا ليس بصحيح؛ لأن بعض الناس يقول: إذا كان الشراب فيه مادة من الخمر ولو قليلة فإنه يكون حرامًا؛ لحديث: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن معنى «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ويش معناه؟ أن الشيء الذي إن أكثرت منه أسكرك، وإن أَقْلَلْتَ لم يسكر، يحرُم عليك قليله؛ لأن شرب القليل يؤدي إلى شرب الكثير، فمنعُ القليل إذن من باب سد الذرائع، لكن خمر اختلط بغير الخمر ولم يظهر له أثر فهنا لا أثر له؛ لأن الحكم يدور مع علته، وكما مر علينا في كتاب الطهارة أنه لو أصاب الماءَ شيء من النجاسة ولم يؤثر فيه فما حكم هذا الماء؟
طلبة: طاهر.
الشيخ: طَهُور، ولَّا نجس؟ طَهُور؛ لأنه ما ظهر أثر الخبث فيه، كذلك ما اختلط بالخمر لا يكون حرامًا إذا لم يظهر في ذلك أثر الخمر.
وهذا الذي ذكرناه موجود حتى في كتب الفقهاء، على أنه إذا لُتَّ شيء بخمر ولم يظهر له أثر، أو اختلط فيه ولم يظهر له أثر، فإنه لا يحرُم، أما إذا ظهر أثره برائحته أو طعمه أو أثره في السَّكَر فلا شك أنه مُحَرَّم ولا يجوز.
طالب: (
…
).
الشيخ: البيرة حلال إذا لم تُسْكِر فهي حلال.
طالب: ما يضاف إلى الأدوية؟
الشيخ: بعض الأدوية نعم، يدخلها شيء من الخمر أو الكحول، هي نفس الشيء، إذا ما ظهر فيها أثر، إذا تناولته هل يحصل أنك سكرت بها؟
طالب: يعني (
…
).
الشيخ: ما يخالف، الغريب أن الخمر يقولون: إذا أكثرت منه ما عاد يسكرك إلا ما زاد عن العادة، يعني إذا جاء واحد -والعياذ بالله- يعتاد شرب الخمر دائمًا ما يسكر إلا إذا زاد عن عادته، يكون الزيادة عن عادته كالتجديد لغيره، إي نعم.
طالب: بعض (
…
).