المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الأطعمة) ‌ ‌[مدخل] ثم انتقل المؤلف رحمه الله بعد ذلك إلى الأطعمة. فقال: - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الأطعمة) ‌ ‌[مدخل] ثم انتقل المؤلف رحمه الله بعد ذلك إلى الأطعمة. فقال:

(كتاب الأطعمة)

[مدخل]

ثم انتقل المؤلف رحمه الله بعد ذلك إلى الأطعمة.

فقال: (كتاب الأطعمة) والأطعمة جمع طعام، والطعام كل ما يؤكل ويشرب، فإنه يسمى طعامًا، أما كون المأكول طعامًا فواضح:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145].

وأما ما يشرب فتسميته طعامًا دليله قوله تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249]، قال:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} فجعل الشراب طعامًا، ولأن المعنى يقتضيه؛ لأن الماء له طعم، فإذا شربه الإنسان فقد طعمه.

إذن الأطعمة جمع طعام، وهي ما يؤكل ويشرب، والأصل فيها الحل، الأصل في الأطعمة كلها الحل.

والدليل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وهذه الأطعمة خارجة من الأرض، وكذلك الأشربة فما كان داخلًا في هذا العموم فهو حلال.

وعليه فإذا تنازع رجلان في حل شيء من الأشياء، فمن الصواب معه؟ الصواب مع من قال بالحل، حتى يقيم المحرم دليلًا على تحريمه، مثال ذلك: الآن يقول بعض الناس: إن الدخان حرام، ويقول آخرون: إنه حلال، فمن الأصل معه؟

طلبة: من قال بالحلال.

الشيخ: الأصل مع من يقول: إنه حلال، قلنا: الأصل الحل؟

طالب: (

) يقول حلال.

الشيخ: المهم الآن أنا وإياكم نبغي نتناقش في الموضوع، هو مما خلق الله في الأرض؟

طالب: نعم.

ص: 3765

الشيخ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} إذا كنا ممنوعين منه شرعًا، فما فائدة خلقه ونحن ممنوعون؟ نقول: هو إذن الأصل فيه الحل، حتى يأتي المحرم بدليل؛ ولذلك اختلف العلماء فيه أول ما ظهر، حتى إن بعضهم يقول: إنها تجري فيه الأحكام الخمسة، يكون أحيانًا واجبًا، إذا قال الإنسان: أنا الآن دايخ ما أقدر أصلي إلا إذا كنت، بيشرب له سيجارة أو سيجارتين، يقولون: اشرب، لتستعين بها على واجب، ويرون أنه لا فرق بينه وبين القهوة، فإنها تجري فيها الأحكام الخمسة.

ولهذا قال في الغاية - غاية المنتهي أو المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى- قال: ويتجه حل قهوة ودخان والأولى لكل ذي مروءة تركهما؛ جعل القهوة مع الدخان.

ولكن على كل حال بعد ما أن الناس رأوا المضرة العظيمة في الدخان طبًّا واقتصادًا وصحة عرفوا أنه محرَّم حتى الأطباء الآن يكادون يكونون مجمعين على أنه ضار، وإذا كان ضارًّا فهو محرم؛ لأن الله تعالى يقول في القرآن:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]، وأوجب على المريض أن يتيمم خوفًا من الضرر، وإلا لكان يمكن أن يتوضأ ويتضرر.

وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (3).

ثم فيه أيضًا إتلاف مال بدون فائدة دنيوية ولا أخروية، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال (4)، وله مضار كثيرة معروفة كثر فيه البحث.

فإذن نقول لمن قال: كيف تنكرون عليَّ والأصل الحل؟ نقول: ننكر عليك بالأدلة الشرعية؛ لأن الأصل يمكن الانتقال عنه مع وجود دليل ينقل عنه. البيرة الآن يتكلم فيها الناس، يقول بعضهم: إنها حرام، وبعضهم يقول: إنها حلال، من نتبع؟

المحلل، حتى يوجد دليل على التحريم، إذا وجد دليل على التحريم قلنا: حرام، وإلا فالأصل أنها حلال، وهكذا تمشي على هذه القاعدة.

ص: 3766

طالب: الخبائث الحين أصلها الحل.

الشيخ: ما بعد جينا لها اصبر.

طالب: هو الدخان من الخبائث.

الشيخ: انتظر شوي، من الخبائث عند من لا يشربه، وإلا عند من يشربه يقول: ما شاء الله، هذا طيب؛ طيب أنت ما تشوف الإعلانات الآن طيبة النكهة، نعم صحيح، ولهذا يقول ابن وردي:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إِنَّ رِيحَ الْوَرْدِ مُؤْذٍ فِي الْجُعَلْ

جُعَل، تعرفونه يؤذيه ريح الورد، لكن النتن والخبائث والعزرات عنده طيبة، يجعلها على رأسه ويدبها في رأسه.

فعلى كل حال مسألة خبيث وما هو خبيث هذه المسألة بيجي بحث فيها إن شاء الله مهم في نفس (

). لكن الآن الأصل نقول: الحل في جميع المطعومات وجميع المشروبات حتى يقوم دليل التحريم.

والحمد لله يا جماعة إحنا، ما هو إحنا اللي بنحلل أو نحرم ليس لنا حق أن نمنع عباد الله مما أحل الله لهم، وليس لنا حق أن نحلل ما حرم الله علينا؛ لأن تحليلنا ما حرم الله جناية على الله سبحانه وتعالى، وعلى شرعه وهو أيضًا تغرير بعباده.

وتحريمنا لما أحل الله جناية على شرع الله وتضييق على عباد الله فيما أحل الله لهم فهو جناية على الخلق، ولذلك نحن عبيد الله ما أحل الله لنا نأخذه على العين والرأس، وما حرم نأخذه على العين والرأس، وما شككنا فيه نرجع فيه إلى الأصل، إذا شككنا إن ها العبادة مشروعة ولَّا غير مشروعة ويش نقول؟ نقول: ممنوع.

شككنا في هذا الطعام هو حلال ولَّا حرام، نقول: هو حلال حتى يتبين التحريم. إذن هذا الأصل يشمل ما يشترط لحله الذكاة، وما لا يشترط أو لا؟

ما الذي يشترط لحله الذكاة؟ الحيوان.

طالب: بوجه عام؟

الشيخ: نعم، بوجه عام، وعلى هذا فنقول: حتى الحيوانات الأصل فيها الحل، فإذا وجدنا في البر حيوانًا نعرف أنه لا هو كلب، ولا ديب، ولا أشياء من المحرمات فالأصل؟

طالب: الحل.

ص: 3767

الشيخ: الحل، وجدنا طيرًا في السماء ولا نعلم أنه من المحرمات فالأصل فيه الحل، أفهمتم يا جماعة؟ بناءً على هذه القاعدة المستندة إلى الدليل من الكتاب والسنة. لكن نأتي أولًا إلى حيوان البحر، هو حلال ولَّا حرام؟

طالب: حلال.

الشيخ: حيوان البحر كله حلال، الحي منه والميت، قال الله تبارك وتعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] قال ابن عباس رضي الله عنهما: صيده ما أُخذ حيًّا، وطعامه ما وجد ميتًا (5).

كلمة: {صَيْدُ الْبَحْرِ} شامل، عام، {طَعَامُهُ} كذلك عام يشمل جميع أنواع السمك والحيتان التي تعيش في البحر. استثنى بعضهم منها ثلاثة أشياء: الضفدع، والتمساح، والحية.

وعللوا ذلك: قالوا: لأن التمساح يفترس، ويسمى عند الناس أيش؟ ويش يسمونه الناس؟ التمساح، يسمونه (

)؛ لأنه إذا وجد الآدمي يقطعه نصفين، ولهذا أحيانًا فيما سبق لما كان الناس يغوصون في البحر أحيانًا ما يطلع عليهم إلا نصف الرجال أعوذ بالله، هذا يقول بعض العلماء إنه مستثنى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم كل ذي ناب من السباع (6)، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن المقصود بالحديث الحيوان البري، أما البحري فكله حلال. وكذلك الحية، هو في البحر حيات؟

الطلبة: إي نعم.

الشيخ: حيات نعم، سمك مثل الحية.

فيه أيضًا ضفادع؟ فيه، لكن الضفادع البرية اللي تعيش في الماء والبر هذه يأتي إن شاء الله الكلام عليها هي حلال ولَّا حرام؟ الإنسان في البحر حرام ولَّا حلال؟

طلبة: حرام.

الشيخ: لا، حلال، إنسان الماء حلال، يقولون: إنه يوجد سمك على صورة الإنسان تمامًا، على صورة بني آدم.

طالب: يسمى نسناس.

الشيخ: ما أدري، والله أيش اسمه، لكن يسمونه إنسان الماء. على كل حال هو حلال، تأخذه وتطلع به وتأكله لو أنه على شكلك.

ص: 3768

إذن جميع حيوانات البحر حلال ولَّا يستثنى منها شيء لا حيها ولا ميتها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سُئل عن البحر قال:«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» (7).

أما البر فإنه أضيق من البحر، المحرم من حيوان البر؛ أولًا: الحمر الأهلية، الأهلية احترازًا من الوحشية؛ فإنها حلال؛ بدليل أن الصعب بن جثامة رضي الله عنه اصطاد حمارًا وحشيًّا فأهداه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فرده عليه وقال:«إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» (8).

فالحمار الأهلي احترازًا من الوحشي. الدليل: ما ثبت في الصحيح من حديث أبي طلحة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمره أن ينادي، حديث أنس، أن الرسول أمر أبا طلحة أن ينادي يوم خيبر إن الله ورسوله ينهيانيكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس (9)، فالحمر الأهلية إذن حرام بدليل هذا الحديث.

ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنها حلال -الحمر الأهلية- ويستدل بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145]، {لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ} .

ولو قلنا: إن الحمر الأهلية حرام لوجد ما ليس من هذه الدلائل، ولكن الصواب بلا شك مع الجمهور، وأنها حرام، والآية لا تدل على ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن الآية مكية في سورة الأنعام متقدمة ولفظها:{لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} ولم يقل: لم يكون فيما أوحي إلي، ولم تكن أيضًا قل لا أجد في ما يوحى إلي بل قال:{فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} ووقت نزول الآية لم تكن الحمر الأهلية مُحرَّمة؛ لأنها إنما حرمت متى؟

طلبة: في خيبر.

الشيخ: عام خيبر، فتبين أن الآية ليس فيها دليل؛ وأن الصحيح ما دل عليه الحديث الصحيح أنها محرمة وأنها رجس.

ص: 3769

من الناحية العقلية قد يقول قائل: إذا كانت رجسًا، فلماذا لم تكن محرمة من الأصل؟ وهل هذا الرجس تجدد لها؟ فما هو الجواب على هذا؟

طالب: كانوا بالحاجة إلى أكلها.

الشيخ: لا، دعنا من الحاجة، هي مثل غيرها حرام إلا للضرورة.

طالب: عدم العلم يا شيخ في الأول ما يثبت به ..

الشيخ: لا، بس خلقة الله ما دام أنها رجس، فالواجب أن يقول: رجسًا من أول الأمر.

طالب: قد لا (

) الأول، ثم (

) كما جاء في الخمر.

الشيخ: ثم خلقه الله بعد ذلك، صح هذا هو الجواب.

نقول: لا مانع أن الله تعالى يجدد فيها الرجسية ويحرمها، مثلما أن الرجس يطرأ على الحيوان بموته مثلًا ولا مانع، كما أن العقود قد تكون محللة ثم تكون محرمة، فالمتعة كانت في أول الإسلام حلالًا، ثم كانت في آخر الإسلام حرامًا، انقلبت بعد الحل والطيب إلى خبث وحرام، والله تبارك وتعالى على كل شيء قدير.

إذن فالجواب: أن نقول: إن الله تعالى أحدث فيها هذا الرجس فحدث لها التحريم.

ثانيًا: (ما له ناب يفترس به) من السباع.

ما له ناب يفترس به، هذه واحدة؛ الثانية: من السباع، هذا قيد آخر؛ لأنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حرَّم كل ذي ناب من السباع (6).

شوف كل ذي ناب من السباع، فالذي له ناب لا يفترس به ولو كان سبُعًا ليس محرمًا، والذي له ناب يفترس به، ولكن ليس من السباع ليس بمحرم؛ فلو أن جملًا صار شريرًا يأكل؛ لأنهم حكوا لنا أن بعض الجمال يأكل الآدمي خصوصًا الذي يمنعه من (

)، هذا هل يحكم بتحريمه؟

طلبة: لا.

الشيخ: لا، ولو كان يفترس؛ لأنه ليس من السباع؛ ولهذا صارت الضبع محللة لماذا؟ قالوا: لأنها ليست من السباع، وبعضهم يقول: ليست تفترس إلا عند الحاجة والضرورة، بخلاف الذئب وشبهه فإنه يفترس بكل حال، حتى إنه يدخل على الرعية من الغنم فيفترس منها واحدًا يأكله، أقول: يدخل على الرعية من الغنم فيفري بطن واحدة ويأكلها ويشبع ثم؟

طلبة: يقتل الباقي.

ص: 3770

الشيخ: نعم، يقتل الباقي ولو ما أكل.

والحكمة إذن من تحريم هذا النوع من الحيوان؛ لأن الإنسان إذا أكله فإنه يتغذى به، ، والتغذية بالشيء يتأثر بها المتغذي، فربما يتأثر هذا الآكل شو به بغذاء هذا السبع، ويكون محبًّا للاعتداء والظلم، وإن كان قد لا يكون محبًّا لأكل الناس، لكن الاعتداء مجرد الاعتداء والظلم؛ لهذا كان من الحكمة أن الإنسان يبتعد عنه؛ ولذلك يقول العلماء: إنه ينبغي للإنسان أن يرضع ولده من كانت معروفة بحسن الخلق والطباع الكريمة، وأنه يكره أنه يسترضع لولده المرأة الحمقاء وسيئة الطباع.

الثالث: ما له مخلب يصيد به من الطير.

طالب: الناب ويش المقصود به؟

الشيخ: الناب المقصود به السن.

طالب: السن العادي ما فيه (

).

الشيخ: لا، ما فيه (

). ما له مخلب يصيد به من الطير: هذا مثل الأول قد ورد فيه النهي نهى عن كل ذي مخلب من الطير (10).

وحكمته كالذي قبله، والمخلب ما هو يا أخ؟

طالب: المخلب يكون في الرجلين.

الشيخ: أيش؟

طالب آخر: الظفر.

الشيخ: إي نعم، الأظافر؛ لأنها تخلب الشيء تمسك به، وليس المراد بالمخلب ما يظهر في أرجل الديكة، بعض الناس يقولون: أيش لون الصدر ما له مرتفع ساقه مثل ما في ساق الديك، نقول: ليس هذا المراد.

المراد بالمخلب: الظفر الذي يخلب به الشيء -أي: يقطع به الشيء- ومنه سميت المخلب عند الناس التي يحصدون بها. فالمهم كل ذي مخلب يصيد به فهو محرم، والحكمة منه ما سبق في القسم الثاني.

الرابع: ما أمر الشرع بقتله أو نهى عن قتله، كيف؟ نعم، ما أمر الشرع بقتله أو نهى عن قتله، أما ما نهى عن قتله فتحريمه واضح؛ لأنه ما يمكن التوصل إلى أكله إلا بقتله، فإذن يلزم منه تحريم الأكل بناءً على تحريم القتل.

لكن ما أمر الشرع بقتله؟ نقول: نعم؛ لأن كل شيء أمر الشرع بقتله فإنما هو لفسقه وعدوانه فهو يشبه ما له مخلب يصيد به من الطير أو ناب يفترس به من السباع؛ فلذلك نقول: كل ما أمر الشرع بقتله هو حرام.

ص: 3771

مثل أيش؟ إي نعم، كالفأرة والعقرب والحية.

طالب: والكلب.

الشيخ: لا، الكلب ما يدخل فيما له ناب يفترس به، العلماء ذكروه فيما له ناب يفترس به.

على كل حال: كل ما أمر به الشرع -الغراب الأبقع- كل ما أمر الشرع بقتله فإنه منهي عنه حرام.

العلة في ذلك: لأنه فاسق، هو مأمور بقتله، يقول: اقتله، لكن لا تأكله؛ لأنه فاسق؛ أي ذو عدوان وظلم، وإذا تغذى به الإنسان فقد يكتسب من طباعه.

الخامس: ما يأكل الجيف.

طالب: نهى عن قتله؟

الشيخ: نهى عن قتل أربع من الدواب: النَّمْلة، والنَّحْلة، والهُدهُد، والصُّرَد (11).

يقول لي بعض الناس -أنا ما أعرف في الطيور- يقول لي بعض الناس إنه يسمى صبري، معروف عندك؟

طالب: إي أصغر من النعامة (

).

الشيخ: لا، على كل حال لسنا نعرفه معرفة جيدة لكن ..

إذن: ما يحل أكل النمل أو لا؟ ما يحل؛ لأن الرسول نهى عن قتله، ولا أكل النحل لذلك، ولا أكل الهدهد لهذا أيضًا، مع أن الهدهد أظنه يأكل الخبائث.

طالب: أحيانًا يا شيخ تؤذي.

الشيخ: إي نعم، إذا آذت جاز قتلها دفاعًا، إذا كان دفاع ما فيه مانع.

يقول الخامس: ما يأكل الجيف. الشيء الذي يأكل الجيف من طائر وماشية هو محرم أيضًا؛ لأنه يتغذى بالخبيث، فيكون خبيثًا. الجيف محرمة ولَّا غير محرمة؟

طلبة: محرمة.

الشيخ: حرام، فإذا تغذى بها اكتسب لحمه منه فلهذا يحرم الذي يأكل الجيف.

وقيل: لا يحرم، قيل: إنه لا يحرم؛ لأن هذا مبني على مسألة الجلالة؛ مسألة الجلالة التي تأكل النجاسة، وهي حرام حتى تحبس عن النجاسة وتطعم الطاهر ثلاثة أيام.

وقد اختلف العلماء في تحريم أكل الجلالة:

منهم من يرى أنه لا بأس به؛ لأنها حيوان حلال، ومنهم من يرى أنها لا تؤكل، وهذا الخلاف روايتان عن الإمام أحمد.

يقول شيخ الإسلام: إن الذي يأكل الجيف فيه رواية الجلالة -يعني فيه روايتان عن أحمد هل هو محرم أو غير محرم- وما هو الأصل؟

الطلبة: الحل.

ص: 3772

الشيخ: الأصل الحل؛ ولأن الذي يأكل الجيف قد يأكل غيره؛ لأنه ليس دائمًا أمامه الجيف، فهو لا بد أن يكون متغذيًّا بغيرها، إنما هذا الذي استثنى هو قاعدة المشهور من مذهب الإمام أحمد على أن الذي يأكل الجيف من الطيور وغير الطيور يحرم؛ لأنه يتغذى بالنجاسة، وما يتغذى بالنجاسة فإنه نجس، والنجس لا يجوز أكله.

السادس: ما يستخبث.

طالب: والراجح في المسألة؟

الشيخ: والله أنا أتوقف عنده؛ لأن عندنا أصلًا قويًّا وهو الحل، كونها تتغذى بأكل الجيف، قد لا تأكل الجيف، ما هو لازم دائمًا، ولكن الأولى تركه وعند الحاجة لا بأس به.

مثلوا له بالنسر، والرخم والعقاب، لا العقاب مما يصيد بمخلبه.

طالب: الغراب.

الشيخ: لا، الغراب لا يأكل الجيفة، الغراب أكثر ما يأكل الثمر، يأكل النخيل تمرها وغيره.

طالب: الكلاب؟

الشيخ: الكلاب يقولون: إنها من السباع؛ لأنها تفترس، الكلب يفترس.

السادس: ما يستخبث، يعني الذي يستخبث، ولكن ما هو الميزان لذلك، هل هو الشرع أو العرف؟

يرى بعض العلماء أن المرجع للاستخباث العرف؛ ويرى آخرون: أن المرجع الشرع.

وعلى القول الأول: من نرجع إلى استخباثه إذا قلنا إنه ما يستخبث باعتبار العرف، وأن لكل قوم عرفهم، فهو يوجد ناس يأكلون كل ما هب ودب، فعلى هذا نقول: يجوز أكله كل شيء، وهذا مذكور عن مالك، لا انتظروا يا جماعة، ما هو عن مالك، اذكره الآن.

إذا قلنا: العبرة بما يستخبث بحسب العرف صار لكل قوم عرفهم، وصارت الشريعة حينئذٍ مجزأة، يكون هذا عند قوم حرامًا، وهذا عند قوم حلال، وتختلف الأعراف؛ يعني فيه ناس ما يستقبحون شيئًا، وفيه أناس يستخبثون الطيب، فيه الآن أناس يستخبثون الجراد غاية الاستخباث، ويقولون: إن الجراد خبيث مثل الصراصير تمامًا، وفيه ناس يستطيبون الصراصير ويقولون: هي مثل الجراد.

ص: 3773

وإحنا لولا أننا منذ عشنا ونحن نرى أن الصراصير حرام، وإنه ما تؤكل لكنا لا نستخبثها، أليس كذلك؟ فيه ناس أيضًا يستخبثون بعض الأمور الطيبة اللي ما فيها شك في طيبها، لكنهم عارفينها ويستخبثونها، ومع ذلك فهي حلال، هذا قول.

القول الثاني: أن الاستخباث يرجع إلى الشرع، وأن ما حرمه الشرع فهو الخبيث، وبناءً على هذا يجب أن تنزع هذه الفقرة، لأن الذي ما يستخبث -أي ما استخبثه الشرع ورآه خبيثًا حرامًا- معناه أنها لا فائدة منها الآن؛ إذ المرجع إلى ما قرره الشرع، وإلا فالأصل الحل، وهذا القول هو الصحيح؛ أن المرجع في الاستخباث إلى الشرع لا إلى العرف.

ما حجة هذا القول؟ حجتهم قول الله تعالى في وصف الرسول عليه الصلاة والسلام: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] قالوا: {يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} .

ولكن اختلف في معنى قوله: يحرم الخبائث، هل المراد ما استخثبه الناس عرفًا، أو المراد إنه ما حرم شيئًا إلا وهو خبيث؟ يصير معنى {يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} يعني أن جميع ما حرم فهو خبيث، خلافًا لشريعة التوراة التي تحرم بعض الطيبات على اليهود، وخلافًا لشريعة الإنجيل التي تحلل كثيرًا من الأشياء التي لا تحل في الشريعة الإسلامية. يصير على هذا القول وهو عندي أرجح، أن المراد بالخبائث: المحرمات؛ يعني يحرم عليهم كل خبيث، فكل ما حرمه فهو خبيث.

قد يقول قائل: إذا قلت بهذا القول بطلت دلالة الآية؛ لأنه يصير معنى الآية يحرم عليهم المحرمات، وهذا تحصيل حاصل.

ص: 3774

فيُقال: لا، وصف هذه بالخبائث تدل على العلية، وهو أنه حرمها؛ لأنها خبيثة، لكن خبث الشيء وعدم خبثه مرجعه إلى من؟ إلى الشرع، لا إلى الأعراف.

والدليل على هذا -أن مرجعه إلى الشرع- ما ذكرناه قبل قليل في مسألة الحمر الأهلية؛ فالحمر الأهلية كانت قبل فتح خيبر خبيثة ولَّا طيبة؟

طلبة: طيبة.

الشيخ: طيبة، ثم صارت خبيثة بعد فتح خيبر مع أن نظرة الناس إليها قبل وبعد على حد سواء، فتبين بهذا أن المرجع في الخبث إلى ما قرره الشرع. وبناءً على هذا نشوف الدخان، هل الدخان من الخبائث ولَّا لا؟

طالب: من الخبائث.

الشيخ: نقول: الآن تبين أنه من الخبائث؛ لأنه محرم شرعًا بدليل: ما ذكرنا قبل قليل من الأدلة، أما كونه يقول: يستخبث في عرف الناس، فهذا قد يمنعه من يتعاطاه، ويقول: أبدًا، أنا لا أقول: إنه خبيث، بل إنه إذا شربه يكيف ويستأنس؛ ولهذا بعض الناس الغرباء تقول: ليش يا أخي تشرب الدخان؟ يقول: والله هموم عندي، ولضيق صدري والدخان يعطي كيف، هو بيشربه علشان هذا.

إحنا نقول: مسألة الطيب والخبث، انظر إلى الضب، أكل على مائدة الرسول عليه الصلاة والسلام والنبي عليه الصلاة والسلام لم يأكله قال:«إِنَّهُ لَيْسَ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» (12). فهو رأى أنه ما يطيق أنه يأكله، ومع ذلك فهو حلال.

كوننا نرجع في الخبث والطيب إلى أذواق الناس، وإلى أعراف الناس يلزم منه تجزئة الشريعة، ثم يلزم منه ألا يستخبث بعض الناس ما حرم الله، ويقول: هذا ليس بخبيث، أليس كذلك؟

طالب: نعم، فالصواب إذن أن معنى قوله:{يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} أنه ما حرم عليهم شيئًا إلا وهو خبيث، أما الطيب فلا يمكن أن يحرمه الله أبدًا.

لكن على المذهب: إذا قلنا بتحريم ما يستخبث: فإلى من نرجع؟ إلى عُرف من؟

ص: 3775

يقولون: نرجع إلى عرف العرب ذوي اليسار -يعني: ذوي الغنى- العرب اللي موجودين في وقت نزول القرآن وهم أهل غنى وسعة إذا كانوا يستخبثون هذا الشيء فهو حرام، وهذا شيء صعب، لكن مع ذلك يقول: إننا ما نعتبر الأعراف كل عرف بحسبه؛ لأنه سُئل بعض الأعراب فقال: ما تأكلون؟ قال: نأكل ما هبَّ ودبَّ إلا أُم حُبَيْن.

أم حبين يقولون: إنها الخنفساء فقال: هنيئًا لأم حبين التي سلمت منكم، ولا يأكلون كل شيء جعل صراصير دسيسة، فيه شيء يسمى دسيسة أظنكم ..

الطلبة: إي.

الشيخ: إحنا لما كنا صغارًا يقولون: إنه حلال.

طالب: (

).

الشيخ: لا، الدسيسة هذه أشبه (

).

طالب: غير.

الشيخ: تختلف عنها، لكنها تعيش في البر، ما تعيش في (

).

طالب: (

).

الشيخ: لا، ما أظن، والله ما أدري يعني يختلف.

المهم على كل حال: إذا قلنا بأن الصحيح أن ما يستخبث من قبل الشرع فعلى هذا نقول: الأصل في هذه الأشياء، ويش الأصل فيها؟ الحِل، ولهذا يروى عن مالك رحمه الله أنه يبيح (

).

هو أيضًا من المحرمات؛ وذلك لأنه إذا اختلط المحرم بالمحلل على وجه لا يتميز أحدهما عن الآخر فإنه يجب اجتنابهما جميعًا؛ لأنه لا يمكن ترك المحرم إلا باجتناب المحلل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، هذا هو مأخذ هذا الحكم.

والبغل محرم؛ لأنه متولد بين الحمار والأنثى من الخيل، فما دام خلق من هذا، وهذا على وجه لا يتميز به المحرم من الحلال، فإنه لا بد من اجتنابه؛ إذ إن ممارسة المحلل تقتضي ممارسة المحرم وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ص: 3776

وقولنا: على وجه لا يتميز به، احترازًا مما لو أمكن تمييزه، فإنه إذا أمكن تمييزه لا يحرم الحلال، ومن ذلك: استعمال الراديو مثلًا يرى بعض الناس أنه ما يجوز للإنسان أن يستعمل الراديو؛ لأنه يأتي فيه أشياء محرمة، وقد قال الله تعالى في الخمر:{فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} والميسر {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]، ثم حرمهما الله تبارك وتعالى بعد ذلك، فدل هذا على أن ما كان فيه حلال وحرام فإنه يكون حرامًا.

ولكننا نقول: هذا القياس ليس بصحيح؛ لأن الإثم والمنفعة في الخمر والميسر في عين واحدة لا يمكن تمييز أحدهما عن الآخر ولَّا لا؟ يعني ما يمكن فصل هذا عن هذا، لكن الراديو يمكن فصل الحلال عن الحرام، وإذا كان يمكن فصل الحلال عن الحرام فإننا لا يمكن أن نحرم الحلال؛ لأنه يمكن أن يستقل بنفسه.

فالمهم يجب أن ننتبه لهذه القاعدة: ما تولد من مأكول وغيره، ما هي علة التحريم فيه؟ أنه يشترط حلال وحرام على وجه لا يتميز أحدهما عن الآخر، وحينئذٍ لا يمكن اجتناب هذا المحرم إلا بجتناب المباح، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

والتمثيل يمثلون لذلك بالبغل، السِّمْع، العِسْبَار.

السِّمْع: يقولون إنه ولد الضبع من الذئب، والعكس العِسْبَار. وعلى كل حال القاعدة المعروفة بالشيء المألوف في البغل، فإنه متولد من الحلال والحرام؛ فلذلك كان حرامًا ما عدا هذه الأصناف السبعة من حيوانات البر يكون مباحًا.

وقد علمتم أننا ناقشنا في كم من واحدة منها؟ ناقشنا في اثنين منها، وهو ما يأكل الجيف وما يستخبث.

وقلنا: إن ما يأكل الجيف فيه روايتان عن الإمام أحمد، وهما الروايتان في الجلالة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.

ص: 3777

وقلنا أيضًا فيما يستخبث: إنه لا أصل له، وأن معنى قوله:{يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] أن ما حرمه الشرع فهو خبيث، وأنه لو وكل الأمر إلى استخباث الناس لأصبحت الشريعة مجزأة، وصار هذا الحيوان حرامًا في بلد وحلالًا في بلد آخر.

الآن بعد ما عرفنا هذه المحرمات لا يجوز أكلها طبعًا؛ لأنها محرمة، لكن في حال الضرورة يقول:(إذا اضطر إلى محرم تندفع به ضرورته حل له منه ما تندفع به).

هذه القاعدة تشمل الحيوان وغير الحيوان، إذا اضطر إلى محرم تندفع به ضرورته حل له منه ما تندفع به الضرورة، فقولنا: إذا اضطر: معنى كلمة اضطر: أي ألجأته الضرورة، ومعنى الضرورة، هو الذي يفوت به أو يحصل به ضررٌ -الذي يحصل به ضررٌ بفقده- هذا هو الذي يضطر الإنسان.

اضطر الإنسان إلى أن يأكل حمارًا، يجوز أن يأكله؟

طلبة: يحوز.

الشيخ: يجوز؛ لأن الحمار ليس بأخبث من الخنزير وقد قال الله تعالى في الآية التي حرم فيها الخنزير: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، وقال تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3].

وقولنا: تندفع به ضرورته: احترازًا مما لو اضطر إلى محرم، لكن لا تندفع به الضرورة، ومثلوا لذلك: بما لو اضطر إلى خمر للشرب فإنه لا يجوز أن يشربه؛ لأن ضرورته لا تندفع به.

السبب في أنه لا يزيد العطشان إلا عطشًا، لكن لو اضطر إلى شربه ليدفع لقمة غص بها؟

طالب: جاز.

الشيخ: فإنه يجوز، واضح أنه يجوز؟ لأنه هنا تندفع به الضرورة.

لكن في المسألة الأولى ما تندفع.

طالب: إذا خلط بالماء تندفع به.

الشيخ: لا أصل إذا صار عنده ماء، ما هو مضطر.

طالب: (

).

الشيخ: ما يخالف هو أصله في هذه الحال إذا ثبت أنه ما يضره فلا بأس إنه يخلطه.

ص: 3778

القاعدة اللي عندنا: إذا اضطر إلى محرم تندفع به ضرورته، فله أن يأكل، لو اضطر إلى محرم تندفع به ضرورته، لكن لهذا المحرم من الحرمة مثل ما له.

اضطر إلى أكل ومعه صبي سمين تندفع به ضرورته ولَّا لا؟ نعم، لو أكله اندفعت به ضرورته، ولكن له من الحرمة مثل ما لهذا الرجل، فلا يجوز أن يأكله ليدفع ضرورته.

إذا كان حيٌّ اضطر إلى أكل ميت يجوز يأكله ولَّا لا؟

طالب: لا يجوز.

الشيخ: اختلف في هذا أهل العلم؛ فالمشهور من مذهب الحنابلة: أنه لا يجوز، لأن حرمة الميت كحرمة الحي، فلا يجوز أن يعتدي عليه ويأكل منه.

ومذهب الشافعي: جواز ذلك أنه يجوز، قال: لأن حرمة الميت كحرمة الحي، لكن هنا نستفيد فائدة إذا أكل منه الحي؛ وهو إبقاء حياة الحي.

ولهذا لو اضطر إلى أن يأكل عضوًا من حيٍّ لا يموت به ما هو بميت فإنه لا يجوز؛ لأن حرمته حيًّا مثل حرمة هذا الحي، أما الميت فإنه يجوز، وهذا القول هو الصحيح.

ويؤيده ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه في قصة كفنه، أنه أمر بأن يغسل ثوبه ويكفن به، وليس ثوبه القميص، لكن ثوبه الذي يستر به عورته وقال: إن الحي أولى بالثوب من الميت، وأبقى الجدد لورثته (13).

ثم إنه أيضًا: مقتضى القياس والنظر الصحيح؛ لأنه لا شك أنه إذا بقي هذا الرجل لم يأكل سيموت، لكن إذا أكل وبقي فإنه سيحيا وذاك الميت أكل منه شيء للضرورة.

لو كان معه حربي يجوز يأكله ولَّا لا وهو حي؟

طلبة: يجوز.

الشيخ: يجوز؛ لأن الحربي يجوز يقتل حتى ولو لغير الأكل ولَّا لا؟

لاحظوا المسألة، فإذا قتله صار ميتًا وعلى الأقل إننا نلحقه بالميت المسلم الذي يجوز للحي إذا اضطر إليه أن يأكل منه.

طالب: (

).

الشيخ: ما يجوز.

طالب: (

).

الشيخ: كذلك أيضًا لا يجوز؛ لأن النفس محترمة.

طالب: (

).

الشيخ: طيب واحد بيقطع من فوق ويأكل (

).

طالب: (

).

ص: 3779

الشيخ: إي، هو ربما (

) الغالب (

)، لكن الظاهر أنه ما يجوز؛ لأن أصل الحرمة الحي باقية، «إِنَّ دَمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» (14)، فلا يمكن أن نأكل منه.

طالب: المناقلة يا شيخ الآن للأعضاء؟ جائزة؟

الشيخ: المناقلة؟

طالب: ينقل عضو من إنسان ..

الشيخ: إي، هذا غلط هذا ما يجوز، يعني بعض الناس مثلًا ينقل إحدى الكليتين لإنسان مريض بالكلى، هذا حرام، ما يجوز، ولو فرض فإنه حرام.

أولًا: لأن نفسك هي في الحقيقة ليست ملكك، هي أمانة عندك، ثم إنك لا تدري هل تنجح العملية بالنسبة للمعطى أو لا تنجح؟ فالمفسدة الآن متحققة؛ وهي نزع هذا العضو من السليم.

وبالنسبة لزرعه في السقيم متحققة ولَّا لا؟ ما هي متحققة، موهومة، ولا يمكن أن ترتكب مفسدة معلومة لمصلحة موهومة.

ثانيًا: نقول: هب أن الباقية تعطلت في هذا السليم، لو كانت التي وهبت موجودة لبقي هو الآن سوف يتلف.

ثالثًا: نقول: كونه لا يتأثر، هذا صحيح، قد لا يتأثر على المدى القريب، لكن على المدى البعيد لا بد أن يتأثر؛ لأنه معروف الآن أن الكليتين جميعًا يعملان، فإذا اجتمع العمل على واحدة فسوف يرهقها أكثر.

طالب: (

).

الشيخ: على كل حال ما عندنا علم بهذا جيدًا في هذا الموضوع، لكن حتى تضخمها في جانب واحد أخشى أن يؤدي إلى مضاعفات.

وعلى كل حال الاحتمال الذي قلنا وهو تعطلها هذا وارد؛ ولذلك لا يجوز.

فإذا قال قائل: أتمنعون حقن الدم من شخص لآخر؟ نقول: لا، ما نمنع.

والفرق بين الدم والعضو ظاهر أن الدم يتجدد أما العضو فلا يتجدد؛ هذا هو الفرق بينهما؛ ولهذا لو فرض أن أحدًا من الناس فيه ستة أصابع وواحدًا من الناس فيه أربعة، وأرادوا أن يأخذوا الزائد ويجعلوه في هذا الناقص يجوز ولَّا لا؟

طالب: يجوز.

ص: 3780

الشيخ: يجوز إذا علمنا السلامة أو غلب على ظننا وإلا فالعلماء السابقون رحمهم الله يقولون: إنه يحرم قطع الأصبع الزائدة لأجل الخطأ، الآن الحمد لله الطب ترقى ولا في خطر في إنزال العملية.

المهم إذا اضطر إلى محرم تندفع به ضرورته حل له منه ما تندفع به.

كلمة (ما تندفع به) يقتضي أنه يقتصر على ما تندفع به الضرورة، وأنه ليس له أن يزيد فيحل له من الطعام المحرم ما يسد رمقه ويبقي حياته، أما أن يشبع فإنه لا يجوز؛ لأن ما زاد على ما تندفع به الضرورة له حاجة ولَّا ما له حاجة؟ ليس له حاجة، لكن هل له أن يتزود؟ بمعنى يحمل من هذا المحرم لأجل إن احتاج إليه أكله ولَّا لا؟

طلبة: له.

الشيخ: نقول: له أن يتزود لأنه هنا ما فعل المحرم غاية ما هنالك أنه أخذه معه إن اضطر إليه أكله وإلا فلا.

طالب: يشبع.

الشيخ: لا، الظاهر أنه لا يشبع؛ لأن ما كان محللًا للضرورة يتقيد بقدره، فإذا قال: أخشى أني أجوع، قلنا له: احمل معك، لا بأس أن تتزود؛ يعنى تأخذ منه زادًا تحمله إن احتجت وإلا فأنت في غني عنه؛ ولهذا (

) حل له ما تندفع به فقط، أما ما زاد على ذلك فلا حاجة إليه.

قال: وإذا اضطر إلى مال غيره فإن كان إلى عينه وجب بذله بالقيمة، وإن كان إلى نفسه وجب بذله مجانًا. هذه أيضًا قاعدة فيها خلاف بين أهل العلم وفيها مناقشات:

أولًا: إذا اضطر إلى مال الغير فإن كان إلى عينه -إلى عين هذا المال- وجب بذله بالقيمة.

رجل اضطر إلى أن يأكل طعام هذا الرجل يحتاج إلى طعام خبز، تمر، أو غيره، فإنه يجب على صاحب الطعام أن يبذله له، ولكن مجانًا ولَّا بالقيمة؟

طلبة: بالقيمة.

الشيخ: يقول: بالقيمة.

أما وجوب بذله: فلأنه يجب إنقاذ المعصوم، وهذا معصوم فيجب إنقاذه بإعطاء الأكل، وأما كونه بالقيمة فلأنه أتلف ماله لمصلحة هذا الرجل، فإذا أتلفه لمصلحته فلا بد أن يعطيه عوضه.

وقولنا له: بالقيمة، هكذا عبر بعضهم بالقيمة؛ يعني: أنه يقوم.

ص: 3781

ويحتمل أن يُقال: يجب بذله بالمثل، فإذا كان الشيء مثليًّا وجب أن يعطيه مثله، لكن الذين قالوا بالقيمة لاحظوا بأن مكان الضرورة ليس كمكان الرخاء، فالشيء الذي يساوي في البر مثلًا مئة قد لا يساوي في البلد إلا خمسين، فإذا قلنا: إنه يعطيه القيمة، هو يعطيه القيمة في مكانه، قيمته في مكانه، قربة الماء مثلًا في البلد تساوي كم من ريال؟

طالب: عشرة.

الشيخ: لا، ما تسوى عشرة، قربة ماء ما تساوي إلا ريالًا، ترى ما هي بقربه، يعني الوعاء، قربة يعني ماء في قربة؟ يساوي ريالًا، لكن لو يأتيك في مفازة في عطش؟

طالب: كل مالك.

الشيخ: إي نعم، يصير كل اللي عندك من المال، فلهذا يجب أن يعرف الفرق بين قيمة الشيء في مكانه وبين قيمته في غير مكانه.

ولهذا قال بعض العلماء: إنه يستثنى من قول أهل العلم من المثلي ومن غير المثلي، يستثنى منه الماء في المفازة فإنه يعتبر بقيمته.

إذا كان إلى نفعه، وجب بذله مجانًا، ويش هو نفعه؟ مثل: اضطر إلى فراش الغير أو غطائه، إلى الفراش أو للغطاء، إنسان مثلًا في البرد في أيام البرد احتاج إلى غطاء يتقي به البرد، وهذا الرجل معه أغطية يجب عليه أن يبذله له مجانًا، بذله له واجب؛ لأن فيه إنقاذًا لمعصوم، وكونه مجانًا؛ لأنه لم يتلف على صاحبها ولَّا لا؟ لم يتلف على صاحبها.

وهذه هي العارية التي تجب -كما قال أهل العلم- إنه أحيانًا تجب العارية فيما إذا اضطر الإنسان إلى نفع مال، ولم يجنِ غيره.

طالب: ما يجوز تأجير المنفعة؟

الشيخ: لا، ما يجوز يأخذ عليه أجرة؛ لأن هنا الدفع؛ دفع الضرورة واجب.

هذا هو الذي كتب الآن.

بعض العلماء يرى أن من اضطر إلى مال الغير إلى عينه، أو إلى نفسه وجب بذله له مجانًا.

ص: 3782

ووجه ذلك يقولون: لأنه الآن صار واجبًا عليه دفع ضرورة أخيه، والواجب ما يؤخذ أجره من الدنيا يؤخذ أجره من الآخرة، الثواب عند الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن يأخذ شيئًا، لكن هذا الذي كتب هو أقرب الأقوال؛ لأنه في الضرورة إلى عينه يحصل التلف، وفي الضرورة إلى نفسه ما يحصل التلف.

طالب: بالنسبة لدفع القيمة (

).

الشيخ: كيف؟

طالب: بلغ مبلغ يعني (

).

الشيخ: أولًا، نعم.

طالب: (

).

الشيخ: العوام يقولون: إن الفرس مقدمه حرام؛ لأنه يتقى به الأعداء بحيث إن الفرس (

)، ومؤخره حلال، هذا ما هو موجود أبدًا، ما يوجد في الشريعة الإسلامية حيوان بعضه حلال وبعضه حرام، أما في شريعة اليهود فهو موجود:{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: 146].

ولهذا يستدل من يرى أن لحم الإبل ناقض بجميع أجزاء الإبل، وهو الذي نراه كما مر علينا في أول سنة، إنه ما فيه شيء حيوان تتباعض الأحكام بالنسبة إلى أجزاء بدنه أبدًا، أجزاء البدن واحد في الحكم ما يمكن تختلف، أيش تقول؟

طالب: (

).

الشيخ: القنفذ داخل في الذي يستخبث القنفذ والنيص والسلحفاة وما أشبه ذلك؛ ولهذا الذين يرون أنه لا أصل لهذا الجنس (

)؛ لأننا ما سمعنا أنه يأكل الجيف ولا (

)، وإنما يأكل الزرع أو جمار النخل، ومثل هذا يطلق الشوك يدافع عن نفسه أيش يسوي إذا جاء الصياد يصده، هذا يدل على شجاعته، ومعنى هذا أنك إذا أكلته تصير شجاعًا.

أما القنفذ فالذي يعني يكرهه الإنسان به أنه يأكل القاذورات.

طالب: (

).

ص: 3783

الشيخ: هذا يكون طيبًا اللي يأكل (

)، لكنه في الحقيقة الإنسان يستخبثه، إلا أن بعض العلماء يرى أنه لا بأس به؛ ولهذا أنا أذكر أن رجلًا عندنا من أهل فلسطين تعشى عندنا في رمضان، وخرج على ما بيجي للسحور، لما جاء في السحور جاب معه خيشه، وفيها من ها القنافذ، فقلت له: ما هذا الشيء، قال: هذا قنافذ، يا شيخ، تأكله ما يصلح، قال: هذا عندنا من أحسن الأطعمة، وأبى إنه (

)، لكن يقول: إنهم يأكلونه، وأنه من أحسن شيء عندهم، لكن كيف يذبحونه؟

طالب: أول ما يقطع الرأس.

الشيخ: يقطع رأسه (

).

طالب: (

).

الشيخ: إي، سبحان الله.

طالب: (

).

طالب آخر: مثل الهر.

الشيخ: الهر نقول اللي حرمها قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ» (15). لو كان إنها من الحلال لقال: إنها حلال، لقال: إنها مما أحل الله لكم، فلما علل بأنها من الطوافين ليكثر ترددها دلت على أنها ليست بمحرم؛ لأن تعليل طهارتها بكونها حلالًا أظهر من تعليلها بكونها من الطوافين علينا، فدل ذلك على أنها لا تؤكل، وأنها مُحرَّمة.

ثم إنها لو كانت مما تؤكل لكان أمرًا مشهورًا؛ لأن كثرتها بين الناس يوجب لو كانت تؤكل أن يكون الناس يأكلونها دائمًا في الصباح والمساء.

طالب: (

).

الشيخ: لا، أنا أقول: (

)، ولهذا بالنسبة للرجل اللي حكيت عليكم قصته ما أحببت أني أؤكد عليه الموضوع، قلت: هذا رجل يرى حله؛ لأن ما عندي دليل على هذا.

أنت الآن لو قلت: يجي واحد يقول: جب لي دليل على أنه حرام، ويش تقول؟

الآن ما أذكر دليلًا على أنه حرام، والأصل الحل، كما أن هناك مسألة ما أدري أحد منكم يعرفه، يقول: إن الطيور اللي معكوف منقاره تكون حرامًا، واللي منقاره غير مفتوح فهي حلال. هذا أيضًا ما له أصل.

طالب: عند العوام يا شيخ.

ص: 3784