المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الهدي والأضحية] - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: ‌[باب الهدي والأضحية]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فإن فقده صام عشرة أيام ثم حل) قلنا: الصحيح أنه لا صوم عليه؛ لأنه لا دليل على ذلك.

قال: (وإن صُد عن عرفة تحلل بعمرة) إذا صُد عن عرفة غير إذا فاته الوقوف، إذا صد عن عرفة تحلل بعمرة؛ لأن هذا غاية ما يستطيع؛ إذ أنه هو لم يمنع من الطواف والسعي، لكن مُنع من أيش؟ من الوقوف، فيقال: الآن يمكنك أن تتحلل بعمرة كما لو فاتك.

وسبق أنه إذا فاته الوقوف تحلل بعمرة، وأنه إذا فاته الوقوف لا يجب عليه المبيت في المزدلفة ولا رمي الجمار ولا المبيت في منًى؛ لأن هذا كله تابع للوقوف.

(وإن صُد عن عرفة تحلل بعمرة، وإن حبسه مرض أو ذهاب نفقة بقي محرِمًا إن لم يكن اشترط) إن صده مرض؛ حبسه مرض، ما صار يستطيع، يبقى محرمًا، إلى متى؟ إلى أن يُشفى، طالت المدة أم قصرت. كذلك إذا حبسه ذهاب نفقة، يعني ضاعت نفقته ولم يتمكن من مواصلة إتمام الحج، يبقى محرمًا إلى أن يجد النفقة، لكن إذا فاته الوقوف له شيء آخر، إذا فاته الوقوف يتحلل بعمرة وينتهي؛ وذلك لأنه يجوز إذا فاته الوقوف أن يتحلل بعمرة، فكذلك إذا أُحصِر وفاته الوقوف فلم يقف، فإنه يتحلل بعمرة، بقي محرمًا إن لم يكن اشترط، فإن اشترط تحلل ولا شيء عليه، مجانًا ولا شيء عليه.

[باب الهدي والأضحية]

ثم قال المؤلف رحمه الله: (باب الهدي والأضحية) الهدي ما يُهدَى إلى الحرم من النعم وغيرها، فهو أوسع من الأضحية، إلا ما نص الشرع على أن المراد به ما كان من بهيمة الأنعام فإنه يُتبع ما دل عليه الشرع، مثل قول الله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، وقوله:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] فهنا يتعين أن يكون الهدي من بهمية الأنعام، وأن تتم فيه الأوصاف المطلوبة شرعًا، أما إنسان بيحمل الطعام إلى مكة ويتصدق به على الفقراء فهذا يسمى هديًا، لكن بالمعنى العام.

ص: 566

والأضحية: هي ما يُتقرب بذبحه إلى الله عز وجل في عيد الأضحى والأيام الثلاثة بعده. وهل هما متغايران؟

الجواب: نعم، متغايران؛ لأن الأضحية في البلاد الإسلامية عامة، والهدي خاص فيما يُهدَى للحرم.

يقول: (أفضلها إبل، ثم بقر ثم غنم، ولا يجزئ فيها

) إلى آخره، أفضلها إبل، ثم بقر ثم غنم، ولا تصح من غير هذه الأصناف الثلاثة التي هي بهيمة الأنعام، كما قال عز وجل:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 28] وهي الإبل والبقر والغنم؛ معزها وضأنها. فما هو الأفضل منها؟

نقول: إن كان يريد أن يضحي بشيء كامل فالأفضل الإبل؛ لأنها أكثر لحمًا، فتكون أكثر نفعًا. ثم بعد ذلك البقر؛ لأنها أكثر لحمًا فتكون أكثر نفعًا. ثم الغنم؛ لأنها أقل، هذا إن كان يريد أن يضحي بكامل، فإن كان يريد أن يضحي بشِقص فالضأن أفضل، يعني لو قال: أيهما أفضل: شاة أو سبع بقرة أو سبع بَدَنَة؟ الشاة أفضل؛ لأنها كاملة، لكن إذا أراد أن يضحي بالإبل والبقر كاملة فهي أفضل من الغنم.

يُستدل على هذا –والله أعلم- أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكثر الهدي أهدى إبلًا، ولم يهد بقرًا ولا غنمًا، أما الأضحية فإنه عليه الصلاة والسلام كان يضحي بالشاة.

(ولا يجزئ فيها إلا جذع الضأن وثنيُّ سِواهُ) ثم فسر، هذا هو الشرط الثاني في الأضحية والهدي. الأول: أن تكون من بهمية الأنعام، والثاني: أن تكون تبلغ السن المعتبَر شرعًا. وهو ما ذكره رحمه الله في قوله: (جذع الضأن وثنيّ سواه). ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «لَا تَذْبَحُو إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» (23). فقوله: «جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» خص الضأن بذلك لأن الضأن أطيب لحمًا من المعز.

وقوله: إلا مسنة؛ المسنة قال العلماء: إنها الثنية.

ص: 567

(فالإبل خمس، والبقر سنتان، والمعز سنة، والضأن نصفها): (الإبل خمس) لو أخذنا بظاهر العبارة لكان المعنى الإبل خمس، والبقر سنتان، والمعز سنة، والضأن نصفها، لكن مراده خمس سنين بدليل ما بعده. الإبل ما تم له خمس سنوات، فلو كان له أربع سنوات لم يجزئ أضحيةً ولا هديًا عند الإطلاق، وليس في الإبل هدي عند الإطلاق إلا واحدة، وهي الجماع في الحج قبل التحلل الأول.

لو كان لها أربع سنوات وستة أشهر تجزئ أو لا تجزئ؟ لا تجزئ.

البقر سنتان، فلا يجزئ ما دون ذلك. فإن قال قائل: لو أثنت البعير قبل الخمس، والبقرة قبل السنتين فهل نعتبر بالثنية لكونها أثنت، أو نعتبر بالسنين ونقول: هذا شيء نادر، والنادر لا حكم له؟

ظاهر كلام العلماء رحمهم الله أن العبرة بالسنوات، وأنها متى لها خمس سنين فإنها ثنية، أو سنتان فهي ثنية، أو المعز سنة فهي ثنية سواء أنبتت الثنية أو لا، وأنها لو أنبتت الثنية قبل هذه المدة فهي ليست ثنية، يعني أنها محددة بالسن، بقطع النظر عن كونها أثنت أو لا.

(والمعز سنة، والضأن نصفها) نصف سنة، يعني ستة أشهر هلالية، ولا عبرة بالأشهر غير الهلالية؛ لأن الله يقول:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189].

فإن قال قائل: هل لهذا علامة؟

فالجواب: يقال: إن فيه علامة بالنسبة للضأن، ما دام شعره قائمًا فإنه لا يجزئ، وإذا نام على ظهره صار مجزئًا، لكن هذه ما هي علامة مؤكدة، بمعنى أننا نعتبرها هي، بل نعتبر التاريخ، فإذا قال: وُلد هذا الخروف أول يوم من محرم، متى يتم ستة أشهر؟ آخر جمادى الثانية، بالوقت.

ص: 568

يقول رحمه الله: (وتجزئ الشاة عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة) يعني أن الشاة يُضحِّي بها الواحد، لكنها تجزئ من حيث الثواب عنه وعن أهل بيته وعمن شاء، لأن المعنى الواحد أي يضحي بها واحد، فلو ضحى الرجل عنه وعن أهل بيته، وأهلُ بيته عشرون، يجزئ أو لا يجزئ؟ يجزئ؛ فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يضحي عنه وعن أهل بيته وعنده تسع نسوة.

(والبدنة والبقرة عن سبعة) سبعة منين؟ ممن يضحون، فإذا ضحى الإنسان بالسبع من البقرة أو البدنة عنه وعن أهل بيته أجزأ؛ لأن السبع يقوم مقام الشاة، وهناك فرق بين الاشتراك الملكي والاشتراك الثوابي. الاشتراك الملكي لا يمكن أن يزيد في الشاة أو إن شئت في الغنم عن واحدة، وأما الاشتراك الثوابي فما شئت، يعني لو ذبحت شاة ضحية عنك وعن كل قبيلتك أجزأ، فقد ضحى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأضحيتين؛ إحداهما عنه وعن أهل بيته، والثانية عن كل المسلمين (24) عليه الصلاة والسلام، فصار الثواب واسعًا، شرِّك من شئت.

أما الاشتراك الملكي فالبقرة والبعير يشترك فيها سبعة لا زيادة، والشاة واحد لا زيادة، فلو قال رجلان جاران: سنضحي بشاة واحدة، كل واحد يبذل نصف القيمة، فإنه لا يجزئ؛ لأن الأضاحي مبناها على الاتباع، وليس المقصود اللحم حتى نقول: لو اشترك اثنان في ذبيحة يتصدقان بها صار جائزًا، هذا ما فيه إشكال، لكن الأضحية عبادة مخصوصة بوقت وسن وسلامة من العيوب، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الشاة التي ذبحت بعد الصلاة، والتي ذبحت قبل الصلاة، جعل الثانية شاة لحم وليست نسكًا، والأولى التي بعد الصلاة هي النسك (25).

إذن نقول: الاشتراك في الثواب ليس له حد، شرِّك من شئت، والاشتراك في الملك يجوز في الإبل والبقر أن يشترك سبعة، وفي الضأن لا يشترك اثنان؛ لأنها لواحد.

ص: 569

قال رحمه الله: (ولا تجزئ العوراء، والعجفاء، والعرجاء، والهتماء، والجداء، والمريضة، والعضباء، بل البتراء خلقة، والجماء، وخصي غير مجبوب، وما بأذنه أو قرنه قطع أقل من النصف

) إلى آخره.

هذا الشرط الثالث: أن تكون الأضحية سليمة من العيوب. العيوب ثلاثة: عيوب لا تضر مطلقًا، وعيوب تضر بحيث تكون الأضحية مكروهة، وعيوب تضر بحيث تكون الأضحية ممنوعة غير صحيحة. وسيأتي إن شاء الله في كلام المؤلف.

طالب: شيخ، بارك الله فيكم، متى نقول: يُشرع للإنسان الأضحية إما وجوبًا أو سنة مؤكدة على قولهم، متى يكون صفة هذا الإنسان لا بد يكون عليها؟

الشيخ: هو الأصل أنها لا يخاطَب بها إلا البالغ العاقل الواجد، هذا الأصل، لكن لو فُرض أن هناك يتامى، لو تركنا الأضحية لهم انكسرت قلوبهم، فهنا نضحي لهم، ولو كانوا صغارًا.

طالب: طيب يا شيخ لو كان رجل عنده أربعة أولاد، كل واحد له وظيفته وما تزوج، وبعضهم تزوج.

الشيخ: والبيت واحد؟

الطالب: والبيت واحد.

الشيخ: تكفي الواحدة. تكفي واحدة عن كل أهل البيت.

الطالب: ولا يُشرَع ..

الشيخ: لا ما يشرع عن كل واحد يأتي بواحدة، ولذلك لم يشرع النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته أن يضحين.

طالب: شيخ، أحسن الله إليك، ذكرنا أن الأفضل الإبل ثم البقر ثم ..

الشيخ: الغنم، إن أخرجها كاملة.

الطالب: نعم، فما وجه بعض العلماء قولهم في الأضحية خاصة: إن الشاة أفضل من الإبل والبقر؟

الشيخ: هذه ذكروها في العقيقة، قالوا: إنها أفضل؛ لأنها لم ترد بها السنة، وأما الأضحية فقد عرفت الدليل؛ الرسول عليه الصلاة والسلام أهدى إبلًا.

طالب: أحسن الله إليكم، هل يكون للطواف ركعتان يا شيخ؟

ص: 570

الشيخ: الفقهاء يقولون: كل طواف له ركعتان. وتعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف إلا ثلاثة أطوفة في حجه، طواف القدوم صلى ركعتين، وطواف الوداع صلى صلاة الفجر بعد الطواف، والفقهاء يقولون: إن الفريضة تجزئ عن ركعتي الطواف، بقينا في طواف الإفاضة؛ لا أعلم أنه صلى ركعتين لما انتهى من الطواف، لكن كلام الفقهاء يقولون: إن كل طواف له ركعتان.

طالب: أحسن الله إليكم، هل تُشرَع الأضحية للحاج؟

الشيخ: الحاج يكتفي بالهدي؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يضح، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

طالب: يا شيخ، أحسن الله إليك، سبعة أشخاص اشتركوا في عقيقة، فذبحوا بدنة.

الشيخ: عن واحد.

الطالب: عن سبعة.

الشيخ: ما تكفي عن السبعة؛ لأن العقيقة لا بد أن تكون شاة لها نفس؛ حيث إنها شبه فداء عن النفس المولود، ولهذا قالوا: إنه لا يجزئ فيها شرك في دم.

طالب: أحسن الله إليكم، إذا اعتمر رجل معتمر ..

الشيخ: إذا اعتمر رجل معتمر ويش معنى الكلام هذا!

الطالب: إذا أراد أحد أن يعتمر ..

الشيخ: ولو امرأة.

الطالب: اثنتين.

الطالب: وهو بيتلبس بالإحرام لم يحرم من الميقات، حتى رأى مكة.

الشيخ: يعني ما نوى.

الطالب: لا نوى، ولكنه لم يحرم من الميقات.

الشيخ: يعني بعد أن جاوز الميقات نوى الإحرام.

الطالب: نوى بعد أن وصل مكة. نوى من قبل أن يعتمر، لكنه لم يحرم من الميقات حتى وصل مكة، رجوعه إلى الميقات الأصلي أم يحرم من (

الشيخ: لكن ما يجوز هذا؛ أن يتجاوز الميقات وهو يريد العمرة حتى يحرم، إلا أن كان تقصد بالإحرام يعني لبس ثياب الإحرام.

الطالب: لا، ما لبس ولا أحرم، لكن نيته أن يعتمر.

الشيخ: نقول: لا يتجاوز الميقات إلا محرمًا.

الطالب: شيخ إذا تجاوز ويش يسوي؟

ص: 571

الشيخ: ما سمعت كلام المؤلف رحمه الله؛ يجب عليه دم، لكن لو رجع وأحرم من الميقات قالوا: إنه يسقط الدم. وكذلك ما يفعله بعض الناس الآن، ولا سيما المشتغلون في وظائف الحكومة من الجنود وغيرهم، يقدَمون إلى الميقات مثلًا في خمس وعشرين من ذي القعدة، ويقولون: ما نستطيع أن نعتمر، نبغي ندخل أشغالنا، ثم إذا صار يوم ثمانية خرجنا إلى الميقات الذي تجاوزناه وأحرمنا منه. هذا لا بأس به؛ لأنهم حين مرورهم بالميقات وتجاوزهم إياه قد نووا الرجوع إليه والإحرام منه.

طالب: شيخ، أحسن الله إليك، الآن هو يحرم من أدنى حِل أم من الحرم؟

الشيخ: لا يجب أن يخرج إلى الميقات الذي مر به، لو قدرنا أنه مر بذي الحُلَيفة، وهو يريد العمرة، ولكنه مضى إلى مكة، ثم أراد أن يحرم بالعمرة، نقول: اذهب إلى ذي الحليفة.

الطالب: إذا راح الجُحْفة مثلًا؟

الشيخ: ما يكفي؛ لأنه مر بذي الحليفة أولًا.

طالب: شيخ، قررنا أن فعل العبادة بدون اشتراط أولى من الاشتراط.

الشيخ: نعم.

الطالب: فإن كان سيحرم من مكان (

) ميقاتها قلنا: يحرم من مكانه، فإن خاف أن يُحصَر بين مكانه ومكة، في مكان سيحصر فيه، فهل لا يمكن إلا بعد (

الشيخ: لا، يحرم من ميقاته، من مكانه، حديث ابن عباس:«فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» (26).

طالب: قلنا: الاختلاف في الثواب لا حد له.

الشيخ: نعم في الأضاحي.

الطالب: (

) المسلمين (

).

الشيخ: ليس الرسول للمسلمين، لا ينبغي نخليه قبيلته لا بأس. لكن ما رأيكم في الأضحية للرسول عليه الصلاة والسلام؟ لو أراد إنسان يذبح أضحية للرسول صلى الله عليه وسلم؟

ص: 572

لقلنا: هذا بدعة؛ لأن الصحابة ما فعلوه، ومحبة الرسول في قلوب الصحابة أكثر من محبتك أنت، ولم يفعلوا ذلك، بل إن بعض أهل العلم يقول: الأضحية للميت غير مشروعة أصلًا؛ لأنها لم تثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول مات له أبناء وبنات ولا ضحى لهم، وزوجات وأعمام، ولم يضحِّ لهم. هل أنت أعلم بشريعة الله من رسول الله؟ إذن ما تصح. والتضحية يقولون: ليس المقصود منها الأكل، المقصود التقرب إلى الله تعالى بذبحها، فأنت إذا فعلت هذا فقد أهديت عبادة بدنية، ما هي مالية.

والذين قالوا بجواز الأضحية عن الميت قاسوها على الصدقة عن الميت، قياس، يعني ما عندهم دليل. فهمت؟ والقياس غير صحيح؛ لأن الأضحية عبادة مستقلة لها شروط معينة، والصدقة: أي مال ينتفع به الفقير فهو صدقة، حتى الثياب والأطعمة وغيرها، لكن نحن نقول إن شاء الله: إنه بناء على القاعدة إن كل من تصدق لشخص وصله وكل عبادة يتصدق بها عن ميت فنرجو أن تكون نافعةً.

***

طالب: .. باب الهدي والأضحية:

ولا تجزئ العوراء، والعجفاء، والعرجاء، والهتماء، والجداء، والمريضة، والعضباء، بل البتراء خلقة، والجماء، وخصي غير مجبوب، وما بأذنه وقرنه قطع أقل من النصف.

والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، فيطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، ويذبح غيرها، ويجوز عكسها، ويقول: باسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك ويتولاها صاحبها، أو يوكل مسلمًا ويشهدها.

ووقت الذبح بعد صلاة العيد أو قدره إلى يومين بعده، ويكره في ليلتيهما فإن فات قضى واجبة.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

سبق لنا أن الأضحية لها شروط، الأول؟

طالب: الأول أن تكون بلغت السن المعتبرة شرعًا.

الشيخ: لا.

طالب: من النعَم.

الشيخ: أن تكون من بهيمة الأنعام. ما هو الدليل؟

ص: 573

طالب: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34].

الشيخ: نعم، أحسنت. فإذا ثبت هذا فـ «كُلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (27).

الشرط الثاني؟

طالب: السن المعتبر.

الشيخ: أن تبلغ.

الطالب: أن تبلغ السن المحددة شرعًا.

الشيخ: المحددة شرعًا. ما هو في الإبل؟

طالب: خمس.

الشيخ: خمس أيش؟

الطالب: خمس سنوات. والبقر؟

الطالب: سنتان.

الشيخ: في المعز؟

طالب: المعز سنة.

الشيخ: الضأن؟

الطالب: ستة أشهر.

الشيخ: ستة أشهر. ما هو الدليل على إجزاء الجذع من الضأن؟

طالب: ما نسيته، إلا تعسر ..

الشيخ: الحديث، ما هو؟ لعلك تقوم خطيبًا في الناس وتقول: الدليل حديث مشهور، آخره:«إِلَّا أَنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ» كذا؟ يصلح؟ لا يصلح.

طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» (23).

الشيخ: الشرط الثاني أو الثالث؟ الثالث:

طالب: تكون خالية من العيوب.

الشيخ: أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء. بارك الله فيك. الدليل:

الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: أربع لا تجوز فيها الضحايا.

الشيخ: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِيهَا الْأَضَاحِيُّ» (28) وذكره، ستأتي إن شاء الله.

الشرط الرابع؟

طالب: أن تكون في الوقت المحدد شرعًا.

الشيخ: أن تكون في الوقت المحدد شرعًا.

طيب، وقته؟

طالب: وقته قبل الصلاة.

الشيخ: من قبل الصلاة إلى ما بعد آخر يوم من ذي الحجة! من قبل الصلاة.

طالب: من بعد الصلاة.

الشيخ: إلى:

الطالب: إلى (

)

الشيخ: طيب، بارك الله فيك.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وتجزئ الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة) وذكرنا الدليل أن الصحابة اشتركوا في عمرة الحديبية، اشترك السبعة في بدنة.

ص: 574

قال: (ولا تجزئ العوراء، والعجفاء .. ) إلى آخره، لا تجزئ العوراء يعني لا تجزئ في الأضحية، أما أن يذبحها ويتصدق بلحمها فيجزئ، لكن الأضحية قربة معينة محددة من قبل الشرع.

وقول المؤلف: (العوراء) ليس على إطلاقا، بل لا بد من إضافة قيد أضافه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي البين عورها، وبيان العور يحصل بأمرين؛ إما بنتوء الحدقة -حدقة العين- وإما بانخسافها، هناك عور ليس فيه انخساف ولا نتوء، بل بياض في العين يمنع من الإبصار، وأحيانًا ماء من داخل العين، والعين على صورتها الطبيعية، هذان يجزيان: البياض في العين، والثاني: عدم الإبصار مع بقاء العين على ما هي عليه، على صورتها. وصورتان ممنوعتان: وهو أن تبرز العين أو أن تنخسف، هذا العور البين. الصورتان الأوليان تجزيان، والثالثة والرابعة لا تجزي؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«الْبَيِّن عَوَرُهَا» .

الحكمة من ذلك: تشويه المنظر من وجه، وقلة الغذاء من وجه آخر. أما تشويه الوجه فظاهر إذا ظهرت عينها هكذا زي النواة، أو انخسفت، هذا ظاهر، يشوه المنظر. والثاني: قلة الغذاء؛ لأنها لا تنظر إلى من جانب واحد، فيقل استيعابها للغذاء، فربما ترعى جانب الشجرة ولا ترعى الجانب الآخر. وإذا كانت عمياء فمن باب أولى، هذا ما يقتضيه الذوق والعقل. وقال بعض العلماء: العمياء تجزي، والعوراء لا تجزي. قالوا: لأن العمياء يحرص عليها أهلها ويأتون لها بالعلف والماء، ليست هي التي تطلب بنفسها وحينئذ لا يلحقها ضرر، لكن سبحان الله أيمكن أن يقال: الشريعة تمنع التضحية بالعوراء وتجيز التضحية بالعمياء! هذا بعيد جدًّا، فالعمياء من باب أولى.

ص: 575

قال: (والعجفاء) العجف والهُزال، والهزيلة نوعان: هزيلة ليس فيها مخ، يعني (

) إذا قامت تمشي وإذا هي ترجرج، ما فيها مخ. وهزيلة: طرأ عليها الهزال من قُرب لكنها قوية. فما المراد؟ ظاهر كلام المؤلف أنها كلها لا تجزي، ولكنه ليس بالمراد، المراد: الهزيلة التي لا تُنقِي.

والعَجْفاءُ والعَرجاءُ ولا تُجْزِئُ العَوراءُ والعَجْفاءُ والعَرجاءُ والْهَتْمَاءُ والْجَدَّاءُ والمريضةُ والعَضْبَاءُ بل الْبَتْرَاءُ خِلْقَةً والْجَمَّاءُ وخَصِيٌّ غيرُ مَجبوبٍ وما بأُذُنِه أو قَرْنِه قَطْعٌ أَقَلُّ من النِّصْفِ.

و(السُّنَّةُ) نَحْرُ الإبِلِ قائمةً مَعْقُودَةً يَدُها الْيُسْرَى فيَطْعَنُها بالْحَرْبَةِ في الْوَهْدَةِ التي بينَ أَصْلِ العُنُقِ والصدْرِ، ويَذْبَحُ غَيْرَها، ويَجوزُ عَكْسُها، ويقولُ " باسمِ اللهِ واللهُ أَكْبَرُ، اللهمَّ هذا منكَ ولكَ " ويَتَوَلَّاهَا صاحبُها أو يُوَكِّلُ مُسْلِمًا ويَشْهَدُها، ووَقْتُ الذبحِ بعدَ صلاةِ العيدِ أو قَدْرُه إلى يومينِ بعدَه، ويُكْرَهُ في ليلتِهما، فإنْ فاتَ قَضَى واجِبَه.

(فصلٌ) ويَتَعَيَّنَانِ بقَولِه: " هذا هَدْيٌ أو أُضْحِيَةٌ " لا بالنِّيَّةِ، وإذا تَعَيَّنَتْ لم يَجُزْ بَيْعُها ولا هِبَتُها إلا أن يُبْدِلَها بِخَيْرٍ منها،

أما تشويه الوجه فظاهر؛ إذا ظهرت عينه هكذا زي النواة، أو انخسفت، هذا ظاهر يشوه المنظر، والثاني قلة الغذاء؛ لأنها لا تنظر إلا من جانب واحد، فيقلُّ استيعابها للغذاء، فربما ترعى جانب الشجرة ولا ترعى الجانب الآخر.

طيب وإذا كانت عمياء؟

طلبة: فمن باب أولى.

الشيخ: فمن باب أولى، هذا ما يقتضيه الذوق والعقل.

ص: 576

وقال بعض العلماء: العمياء تجزئ، والعوراء لا تجزئ، قالوا: لأن العمياء يحرص عليها أهلها ويأتون لها بالعلف والماء، ليست هي التي تطلبه بنفسها، وحينئذٍ لا يلحقها ضرر، لكن -سبحان الله- أيمكن أن يقال: الشريعة تمنع التضحية بالعوراء وتجيز التضحية بالعمياء؟ ! هذا بعيد جدًّا، فالعمياء من باب أولى.

قال: (والعجفاء) العجف هو الهزال، والهزيلة نوعان: هزيلة ليس فيها مخ؛ يعني قاضية؛ إذا قامت تمشي وإذا هي ترجرج ما فيها مخ. وهزيلة طرأ عليها الهزال من قرب لكنها قوية.

فما المراد؟ ظاهر كلام المؤلف أنها كلها لا تجزئ ولكنه ليس بمراد، المراد الهزيلة التي لا تُنْقِي؛ أي ليس فيها نِقْيٌ، والنِّقْيُ هو المخ، واضح ولَّا غير واضح؟

طالب: نعم.

الشيخ: إذن لا بد من قيد أن تكون ليس فيها مخ.

فإن لم يكن فيها مخ ولكنها سمينة، أتجزئ أو لا؟

طالب: نعم.

الشيخ: تجزئ، تكون سمينة ولكن ما فيها مخ، قد تستغرب وجود هذا لكن لا تستغرب، يقول أهل العلم بالمواشي: إنه إذا جاء الربيع الجيد بعد الجدب ورعته المواشي، وكانت في الأول من الهزال ليس فيها مخ، فإذا رعته بنت اللحم والشحم قبل أن يصل إلى داخل العظام، فتكون سمينة لكنها ليس فيها مخ، أليس كذلك؟

طالب: نعم (

) أربعين يومًا.

الشيخ: أكثر مدة النفاس! جزاك الله خيرًا.

الطالب: (

).

الشيخ: إي نعم، صحيح، هكذا سمعنا. هل نقول: إن هذه تجزئ؟

طالب: نعم.

الشيخ: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اشترط لعدم الإجزاء شرطين: الأول العجفاء، والثاني أن لا مخ فيها، هذه العرجاء.

ص: 577

أيضًا العرجاء أطلق المؤلف عدم الإجزاء ولكن لا بد من إضافة قيد بينته السنة؛ وهو أن يكون العرج بينًا؛ لأن العرج نوعان: عرج سهل تحس بأن البهيمة ليس مشيها مستقيمًا لكنها تمشي مع الصحاح وتعانق الصحاح، هذه تجزئ؛ لأنه لا تخلو بهيمة من هذا لو تصيبها شوكة حصل لها ذلك. وعرج يكون بينًا ما تستطيع أن تمشي مع الصحاح، فأيهما الذي لا يجزئ الثاني أو الأول؟

طلبة: الثاني.

الشيخ: الثاني؟

طلبة: نعم.

الشيخ: الثاني هو الذي لا يجزئ. والحكمة من هذا ظاهرة؛ وهو سقوط قيمتها من وجه وعدم غذائها من وجه آخر؛ لأن البهائم الأخرى تسبقها إلى المرعى وربما لا تدرك شيئًا من الرعي.

الزَّمِنة تجزئ أو لا تجزئ؟ أتعرفون الزمنة؟ التي لا تمشي أبدًا، لا تجزئ من باب أولى.

وقال بعض العلماء: إنها تجزئ، كما قالوا في العمياء. ليش؟ لأن الزمنة ما تمشي، فيكون أهلها يأتون لها بالعلف، فلا يفوتها شيء من التغذية. ولكن هذا قياس بعيد، والصواب أنها لا تجزئ.

المقطوعة؛ مقطوعة إحدى القوائم الأربعة تجزئ أو لا تجزئ؟ لا تجزئ من باب أولى؛ لأنها لا بد أن يكون فيها عرج بينٍ، ولأنها فقدت عضوًا مقصودًا من أعضائها، فلا تجزئ.

يقول: (والهتماء)، الهتماء يقول العلماء في تفسيرها: هي التي سقطت ثناياها من أصلها، أتعرفون الثنايا؟

طالب: (

).

الشيخ: الوسط؛ يعني السنينِ المتلاصقينِ، إذا سقطت من أصلها فإنها لا تجزئ، فإن انكسرت مع بقاء الأصل فإنها تجزئ.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: الهتماء هي التي سقط بعض أسنانها، ولم يقيد ذلك بالثنايا.

ص: 578

وعلى كل حال الهتماء اختلف العلماء رحمهم الله في إجزائها، والصواب أنها تجزئ؛ لأنه لا دليل على كونها لا تجزئ، ولا ينقص غذاؤها ورعيها بفقد الثنايا، فإذا لم يكن دليل ولا تعليل فالأصل أيش؟ الإجزاء؛ ولهذا لما قال رجل للبراء بن عازب الذي روى:«أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِي» ، قال: إني أكره أن يكون في الأذن نقص أو في القرن نقص أو في السن نقص؟ قال: ما كرهت فدعْه ولا تحرِّمه على غيرك (1).

طيب لو لم يكن لها ثنايا من فوق سقطت من أصلها، تصح أو لا تصح؟

طلبة: (

).

الشيخ: كيف؟ ما له شيء؟

طالب: خلقة.

الشيخ: خلقة؟ ويش تقول؟ ما تعرف؟ ألا تقول كما قال من هو أمامك: إنها لا تجزئ؟

طالب: (

) الخلقة يا شيخ.

الشيخ: إذن تجزئ أو لا تجزئ؟

الطالب: لا تجزئ.

الشيخ: لا تجزئ، هكذا قلنا لشيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله؛ لأنه ألقى علي هذا السؤال وأنا طالب صغير، قال: ما تقول لو سقطت ثناياها من فوق، هذه ما تجزئ، اللي فوق وتحت كله واحد، فقال: إنها ليس لها أسنان من فوق، إذن تجزئ.

والصحيح أن الهتماء تجزئ؛ لأنه لا دليل على المنع ولا تعليل تلحق بما لا يجزئ.

(والجدَّاء) الجداء هي يابسة الضرع، يابسة الضرع يقولون: لا تجزئ، مع بقائه لكن لا يكون فيه لبن، قالوا: إنها لا تجزئ. وليس هناك دليل يدل على عدم الإجزاء؛ لأن هذه البهيمة لم تنقص خلقة ولم يكن فيها تشويه؛ الثدي باقٍ على ما هو عليه، واللبن ليس من شرط الأضحية أن يكون فيها لبن، غير محتاج إليه، ومثل ذلك ما لو يبس أحد ضرعيها فإنها تجزئ من باب أولى.

فإذا قال لك قائل: ما هو الدليل؟

فالجواب أن الذي يطالب بالدليل من هو؟ الذي يقول: لا تجزئ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِي» (2)، معناه أن الأصل الإجزاء إلا ما كان من هذه الأربع.

ص: 579

(والمريضة) أطلق المؤلف المريضة ولكن تحتاج إلى قيد جاءت به السنة؛ وهو البين مرضها، أن يكون مرضها بينًا ظاهرًا بحيث إذا رآها الإنسان عرف أنها مريضة، فهذه لا تجزئ.

ثم إن فيها معنى آخر؛ وهو أنها قد يكون مرضها مؤثرًا على آكليها، وقد قال الله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وقال: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، المريضة المرض السهل لا يضر.

قالوا: ومن المرض البين الجرب، معروف؟ معروف الجرب؟ إي نعم، الجرب عبارة عن بثرات تخرج في البهيمة، وهي معدية، ثم هي تنتشر أيضًا في الجلد وتفسد اللحم، حتى لو لم يكن فيها إلا كقُلَامة الظفر فإنها لا تجزئ، ما دمنا نتيقن أن فيها جربًا، أما إذا شككنا هل هو جرب أو بثرة عادية؟ فالأصل الإجزاء، لكن إذا علمنا أنه جرب فهي لا تجزئ.

إذا قال قائل: المريضة البين مرضها لو قُدِّر أن فيها مرضًا في عينها، هل نقول: لا تجزئ، أو نقول: إن هذا مرض لا يؤثر على اللحم ولا على الأكل فلا يضر؟

هذا يرجع إلى أهل الخبرة؛ إذا قالوا: إن مرض عينها يؤدي إلى نقص أكلها وغذائها وإنها لا بد أن تتأثر فحينئذٍ لا يجزئ التضحية بها.

فإذا شككنا هل هذا من المرض البين أو من المرض غير البين، فالأصل؟

طلبة: الإجزاء.

الشيخ: الإجزاء نعم، بارك الله فيكم.

(والعَضْباء) العضباء لا تجزئ، العضباء مقطوعة القَرْن أو الأذن لا تجزئ، وظاهر كلامه أنها لا تجزئ سواء كان القطع كبيرًا أو صغيرًا، لكن سيأتي في كلامه ما يدل على أن المراد العَضَب ما قُطِع منه نصف الأذن أو القرن فأكثر، إذن مقطوعة الأذن بالكلية لا تجزئ، مقطوعة القرن بالكلية لا تجزئ.

والصحيح أنها تجزئ؛ لأن الخبر الوارد في النهي عن العضباء ضعيف لا تقوم به حجة (3)، ثم العَضَب في القرن لا يضر اللحم إطلاقًا، بل إن بعض الناس يقلع قرون الضأن خاصةً، ويرى أن هذا أجمل وأرغب في الشراء.

ص: 580

الأذن صحيح أن فيها نقصًا في اللحم؛ لأن الأذن تُؤْكَل وينتفع بها، لكن مع ذلك لا تطيب نفس المرء أن يقول: إنها لا تجزئ؛ لأن الأذن غالبًا غير مقصودة، هذا الغالب، وكما قال الفقهاء رحمهم الله في البتراء التي قطع ذَنَبُها يقول: تجزئ، مع أن الذنب بالنسبة للبهيمة أنفع من الأذن؛ شاهدِ البعير -مثلًا- إذا أتاها ما يؤذيها من الذباب أو ما أشبه ذلك، ماذا تصنع؟ تطرده بذنبها، أو جاءها -مثلًا- حشرة تطردها بذنبها، ومع ذلك يقولون: إنها تجزئ.

لكن على كل حال سواء قابلناهم بالقياس أو ما قابلناهم نقول: الصحيح أنها تجزئ، ما دام الحديث ضعيفًا فالأصل أيش؟ الأصل الإجزاء حتى يقوم دليل على أنها لا تجزئ.

(والْعَضْبَاء، بل البتراء خلقة والجَمَّاء)(بل البَتْرَاء خلقةً) البتراء هي مقطوعة الذَّنَب، وهي نوعان:

ما كان قطع ذَنَبها خلقةً؛ أي أنها خُلِقَت بلا ذَنَب، وهذه لا شك أنها تجزئ كما قال المؤلف:(بل البتراء خلقة).

وما كانت بتراء بقطع ذَنَبها فظاهر كلام المؤلف أنها لا تجزئ، وهو قياس صحيح على الأذن، لكن المذهب أنها تجزئ؛ ولهذا قال في الروض: بل البتراء خلقة أو مقطوعًا.

والصواب أنها تجزئ خلقةً كانت أو مقطوعةً؛ وذلك لأن الذنَب غير مقصود في الأكل، وأكثر الناس يرمونه، إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة مسغبة فكل شي يؤكل.

المقطوعة الألية لا تجزئ؛ لأن الألية مقصودة قصدًا أوليًّا، ولا سيما فيما سبق من الزمن؛ كان الناس فيما سبق من الزمن إذا قُدِّم الطعام وعليه ذبيحة وفيها ألية أول ما يأكلون الألية، يقطعون منها كما تُقْطَع القرعة ويجعلونها في اللقمة ويأكلونها؛ لأنها حقيقةً هي أقل دهنًا من بقية الشحوم ولذيذة، لكن الناس الآن تغيرت أحوالهم.

(والجَمَّاء) الجماء أيش الجماء؟ التي ليس لها قرون؛ لأنها هكذا خُلِقَت.

طيب ومقطوعة القرن على ما مشى عليه المؤلف؟

طلبة: لا تجزئ.

الشيخ: لا تجزئ، والصحيح أنها تجزئ كما قررنا.

ص: 581

قال: (وخَصِي غير مَجْبُوب) الخصي هو الذكَر من بهيمة الأنعام تُقْطَع خصيتاه، وفائدة قطع الخصيتين في البهائم نوعان:

النوع الأول أنه يسمن إذا قُطِعت خصيتاه.

والنوع الثاني أن مالكه يسلم منه؛ لأنه إذا كان فحلًا أتعب صاحبه في طلب الضراب، فبعض الناس يخصون لهاتين الفائدتين، وهما أيش؟ زيادة اللحم، والثاني أن صاحبه يسلم من أذاه؛ لأن الفحل يطلب الأنثى، وكم من فحل هرب من أهله لطلب الأنثى، إي نعم.

يقول: (وخصي غير مجبوب) اشترط المؤلف في الخصي ألا يكون مجبوبًا؛ وهو الذي قطعت خصيتاه وذكره، فإذا قطعت خصيتاه وذكره فهذا لا شك أنه عيب مؤثر فلا يجزئ.

يقول رحمه الله: (وما بأذنه أو قرنه قطعٌ أقل من النصف) هذا مستثنى من قوله فيما سبق: (العضباء) العضب إذا كان أقل من النصف فلا يضر؛ يجزئ، وإذا كان النصف فظاهر كلام المؤلف أنه لا يجزئ، لكن المذهب خلاف هذا؛ المذهب أنه ما كان من النصف فأقل فإنه مجزئ، (قطع أقل من النصف) النصف فما فوق لا يجزئ، وما دون النصف يجزئ، هذا المذهب، أما المؤلف فيرى أن النصف يجزئ أو لا يجزئ؟ لا يجزئ؛ لأنه اشترط أن يكون أقل من النصف.

هذه العيوب التي ذكر المؤلف أنها مانعة من الإجزاء نقول: لا شك أنها تنقص أجر الأضحية، وأن المقابلة والمدابرة والخرقاء وما أشبه ذلك مما في أذنه عيب مكروهة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنها (4)، ولكنها مجزئة، وبهذا يُجْمَع بين حديث النهي عن التضحية بهذه وحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نص على أن الذي لا يجزئ أربعة.

طيب ما أخذها الطلق؛ يعني شاة تطلق أو بعير أو بقرة هل تجزئ أو لا؟

فيه تفصيل؛ إن تعسرت الولادة فهي لا تجزئ حتى تنجو، وإن لم تتعسر فالولادة العادية ما فيها خوف ولا فيها مرض فتجزئ.

ص: 582

قال: (والسُّنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى) السنة في الإبل النحر، وأن تكون قائمة لا باركة، يقول:(معقولة يدها اليسرى) تُعْقَل اليد اليسرى؛ يعني تُربط بالحبل ويأتيها الناحر من على يمينها، فيطعنها طعنًا لا شقًّا؛ لأن جلدها قوي تحتاج إلى قوة، يطعنها في الوهدة؛ الوهدة يعني المنخفض التي بين أصل العنق والصدر، ولكن لا بد أن يكون قويًّا كما قلت لكم، ولا بد أن تكون السكين حادة جدًّا.

إذا طعنها فإلى أي جهة؟ تسقط إلى اليسار؛ لأن اليد اليسرى معقولة فليس على يسارها شيء يدعمها فتسقط على اليسار. هذا هو السنة.

إذن السنة شيئان: النحر، والثاني وأن تكون قائمة معقولة يدها اليسرى، يدل على هذا قول الله تعالى:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] الصواف يعني التي عُقِلَت إحدى يديها، {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} يعني: سقطت على الأرض، {فَكُلُوا مِنْهَا} لأنها حينئذ ماتت.

والإبل من نعمة الله عز وجل أنها أسرع البهائم موتًا، ولعل ذلك لقرب المنحر من القلب فيخرج الدم بغزارة وبشدة فتموت سريعًا، وهذا شيء مشاهد؛ كونها تموت بسرعة شيء مشاهد.

لو أنه ذبحها ذبحًا فهذا جائز لكنه خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: «إِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ» (5)، لأن هذا سيؤلمها ويتعبها، لو ذبحها من عند الحنك ستتعب ويكون خروج الدم صعبًا، وإذا تأخر خروج الدم تأخر خروج الروح؛ تتألم.

وإذا نحرها غير قائمة؛ نحرها باركة فهو مجزئ، ولكن الأفضل الذي دل عليه القرآن أن تكون واقفة، إلا أنه عندنا من زمان بعيد لا يمكن أن ينحروها إلا وهي باركة، ما يستطيعون أن ينحروها قائمة؛ إما لخوفهم، وإما لعدم معرفتهم بذلك، فلا أدري عن الوضع في البلاد الأخرى.

طالب: (

) باركة.

الشيخ: باركة، إي.

ص: 583

الطالب: وأحيانًا النحر وهي قائمة (

) ثلاثة قوائم تهرب مسافة بعيدة.

الشيخ: هي تهرب؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: إي؛ لأنه ضعيف ما أتى على الودجين.

الطالب: (

).

الشيخ: لا، ما هو بصحيح، على كل حال إذا لم يستطع الإنسان أن ينحرها قائمة نحرها باركة، المهم لا يذبحها، ينحرها سواء باركة أو قائمة؛ إن أمكن قائمة فهو أفضل، وإن لم يمكن فلا بأس.

يقول: (فيطعنها بالحربة) بالحربة ما قال: بالسكين، لا بد أن تكون حربة قوية لها رأس حاد؛ لأنه ليس يسحبها عليها سحبًا بل يطعنها ثم يجرها.

(في الوهدة الذي بين أصل العنق والصدر ويذبحَ) ولَّا (يذبحُ)؟ بالرفع ولَّا بالنصب؟

طالب: (

).

الشيخ: لا، ما شُكلت عندي، مشكلة؟

الطالب: (

).

طالب آخر: بالرفع.

الشيخ: لا، بالنصب، يتعين النصب؛ لأنها معطوفة على مصدر، والفعل المضارع إذا عطف على مصدر وجب نصبه، كما في قول الشاعر:

وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي

أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ

الشاهد قوله: وتقرَّ، وابن مالك يقول في الألفية:

وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ

تَنْصِبُهُ (أَنْ) ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ

قال: (ويذبح غيرها، ويجوز عكسها) ما هو العكس؟ أن ينحر ما يُذْبَح ويذبح ما يُنْحَر، لكن السنة أحق أن تُتَّبع؛ لأن السنة لا شك أنها أريح، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» (5)، فإذا كانت أريح فهذا هو المطلوب.

طالب: العرج (

) الكسر في الإبل ما يمكن يجبر، واللي صار في الإبل (

) ما يمكن أنه يبرأ إلا شيء بسيط؟

الشيخ: إي، لكن كل عرج يصير بينًا في الإبل؟

الطالب: كل عرج -يا شيخ- يصير بينًا وينقص يمشه.

الشيخ: يعني ما يمكن تهمز قليلًا قليلًا؟

الطالب: (

).

الشيخ: خلوه لا يبرأ، ما دام أن ما فيها مرض وهمزها قليل فهي مجزئة، لكن كسرها لا يجبر؟

الطالب: لا يمكن.

الشيخ: الذي نعرف أن الذي لا يجبر كسره الحمار.

ص: 584

الطالب: لا يا شيخ، الإبل ما يمكن يجبر كسرها (

).

الشيخ: متأكد؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: ترى بنسب عنك.

الطالب: (

) وحطها عليَّ، (

) لو تعطيها عسل ما (

).

الشيخ: ما هي بآكلة العسل.

الطالب: أنا بعلمك أقول ..

الشيخ: طيب، الهتماء ما تأكل، تقول؟

الطالب: لا، تأكل لكن ما ينفعها بشيء.

الشيخ: ما ينفعها؟

الطالب: إي، الكبرى ..

الشيخ: الكبيرة يمكن، نعم الكبيرة.

الطالب: كبر سن لا يمكن ينفعها شيء، وإن كان (

) هذا ما يضرها.

الشيخ: هو على كل الحديث روي بألفاظ؛ منها: «الْكَبِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي» (6)، ومنها:«الْكَسِِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي» (7)، ومنها:«الْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» (8).

طالب: أحسن الله إليك، إذا كانت البهيمة صغيرة جدًّا؛ يعني بعض البهائم صغيرة جدًّا (

) السن المعتبر؟

الشيخ: فهي صغيرة، لا بأس، إي نعم؛ لأنها سليمة.

طالب: شيخ -بارك الله فيكم- المجبوب هل يجزئ أو لا؟

الشيخ: الخصي المجبوب؟

الطالب: لا، المجبوب فقط.

الشيخ: والله محل نظر، حتى الخصي المجبوب محل نظر؛ لأن الذكر عادة لا يُؤبَه له.

طالب: أحسن الله إليك، عنده بهيمتان؛ إحداهما بلغت السن المعتبرة، والثانية ما بلغت السن المعتبرة لكنها أحسن من ذا، فأيهما .. ؟

الشيخ: والله ما أقدر أفتيك، هذا الواجب أنك أنت تفتيني ما هو من الشرط أن تبلغ السن المعتبر؟

الطالب: نعم.

الشيخ: خلاص.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- بعض الناس يحسن الذبح في الشاة ..

الشيخ: يحسن ذبح في الشاة.

الطالب: لكن في الإبل ليس له خبرة ويريد أن يأتي بالسنة، ويقول: أنا أريد أن (

)، فهل يمكَّن من ذلك أم لا؟

الشيخ: والله ما دام ما يعرف خطر؛ لأن البعير أيضًا إذا ندَّت، إذا جرحها جرحًا خفيفًا وندَّت مشكلة، لا بد أن يكون يحسن، فالسنة أن يباشر الإنسان ذبحه الفدي بنفسه، فإن لم يستطع وكَّل من يذبح.

طالب: شيخ، معروف أنه منهي عن قطع أذن الشاة ..

الشيخ: منهي وين؟

ص: 585

الطالب: مر علينا أنه منهي ..

الشيخ: وينه هو؟

الطالب: لكن لا أذكر الدليل الآن، فهل هذا صحيح؟

الشيخ: هو على كل حال إذا تعمد قطعها وهو يؤذيها بدون قصد شرعي هو داخل في تعذيب الحيوان، أما الذي يفعلونه اعتقادًا -كما يفعل أهل الجاهلية- فهذا منفي شرعًا، {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103].

الطالب: فإذا كان ذلك -يا شيخ- فهل يُنْهى عن ذبحها إذا كان مخالفة شرعية؟

الشيخ: لا، أبدًا، بالعكس؛ لأن أهل الجاهلية إذا بحروها فإنها لا تُذبح عندهم أبدًا، تكون محترمة.

طالب: أحسن الله إليكم، العجفاء قلنا: الهزيلة التي ليس فيها مخ، كيف -يا شيخ- نعرف أن هذه ليس فيها مخ وهذه فيها؟

الشيخ: ما نعرف إلا بظهور ذلك عليها بحيث تكون عند المشي ما هي مظبوطة، وقد لا نعلم إلا بعد الذبح، فإذا لم نعلم إلا بعد الذبح ما أجزأت.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- بعض الناس إذا نحر البدنة يشق بطنه قبل خروج الروح؟

الشيخ: قبل خروج الروح ما يجوز، هذا تعذيب لا حاجة له، لعله يشق بطنه إذا كان فيه حمل.

الطالب: هو كذلك.

الشيخ: إي، فرق بين السؤال الأول والثاني، بعض الناس صحيح إذا أنهر الدم شق البطن خوفًا من أن يموت الحمل؛ هذا لا بأس به؛ لأن شق بطنها هنا لمصلحة.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- الحبل في البطن لو كان على وشك الولادة، هل لا بد تذكيته أو قد يموت؟

الشيخ: هو يموت بموت أمه، صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:«ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» (9).

طالب: شيخ -بارك الله فيكم- قلنا: السن المعتبر هو بالأيام؛ يعني وإن أنبتت قبل أن .. ؟

الشيخ: إي نعم، المعتبر الأيام (

).

طالب: المعتبر الأسنان والأيام، الناس الحين إنما يعرفون أسنان البهائم بما أنبت من الأسنان، كيف -مثلًا- يعرف أن هذا مجزئ أو .. ؟

ص: 586

الشيخ: هو الغالب أنه إذا ظهرت الثنايا فقد تمت المدة، فإذا شك يسأل صاحبها؛ إن وثق منه أخذ بقوله، وإن لم يثق لا يشتريها.

طالب: عفا الله عنك يا شيخ، الضأن لا يصيبها جرب أبدًا.

الشيخ: سبحان الله!

الطالب: والثاني الخروف الخصي، اللي يقولون: الخصي ما يجزئ ..

الشيخ: لا، يجزئ إذا كان غير مجبوب.

الطالب: لو أني بأكل لحم أنا وعندي خروفان (

) واحد خصي آخذ الخصي وبأذبحه.

الشيخ: لأنه أطيب لحمًا؟

الطالب: أطيب لحمًا.

الشيخ: صحيح.

الطالب: وإنما الجرب لا يمكن يصيب الضان يا شيخ.

الشيخ: ولهذا ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين موجوءين (10)، وهذه فائدة أن الجرب ما يأتي الضأن.

الطالب: إي نعم ما يجيئها.

الشيخ: نعم.

طالب: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْنَا أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْبَعِيرَ» (11)؟

الشيخ: حديث علي، يعني أن نطلب شرفها بأن تكون شريفة؛ ما فيها عيب، أو نستشرف؛ يعني: نشرف عليها، لكن المعنى الأول أصح.

طالب: (

الشيخ: اقرأ الحديث.

الطالب: (

).

الشيخ: العين معناها ألَّا يكون فيها عور، والأذن ألَّا يكون فيها قطع ولا خرق ولا شرم، لكن هذا على سبيل الاستحباب.

طالب: شيخ، بعض (

) يكون فيها سلع (

الشيخ: هذه إذا كانت قد جمدت وتحدث مرضًا لا بأس بها؛ يضحى بها.

الطالب: شيخ، تكون غالبًا داخل الجلد؛ يعني ليس لها أثر؟

الشيخ: يعني ما هي بظاهرة؟

الطالب: لا، خارجة كبيرة لكن ليس فيها جرح، من داخل.

الشيخ: إي معروفة هذه، هذه معروفة، كما قلت لك: إن كانت قد جمدت فلا تضر، وإن كانت باقية حية بحيث إذا مسها شيء تألمت البهيمة فهي لا تجزئ.

ثم لاحظوا أن كلام العلماء رحمهم الله على المجزئ وعدم المجزئ، أما مسألة هل تؤكل أو لا تؤكل؟ هذه لا بد من أن تعرض على البيطار؛ لأنه أحيانًا يكون مرضها خطير وهو غير ظاهر، وإذا أكله الإنسان تأثر به.

ص: 587

طالب: أحسن الله إليك، الهدي في منى، قد يشتري الإنسان من شخص يكون الهدي صغيرًا، ويسأله فيقول: إنه مجزئ وإنه بلغ ستة أشهر، هل يعمل بقوله؟

الشيخ: هذه ترجع إلى ثقته بقوله.

الطالب: ما يعرفه يا شيخ؟

الشيخ: اتركه، ما دام شاكًّا اتركه؛ لأنه هو ربما يقول قولًا بانيًا على شيء كان علمه وأخطأ فيه، وقد يكون من جنس اللي يغشون الناس والعياذ بالله.

طالب: شيخ، عندنا إذا ذبحوا الشاة ينفخونها نفخًا، ويضربون عليها بعصا حتى ينفصل الجلد عن اللحم فيسهل السلخ، فهل هذا يجوز؟

الشيخ: والله هؤلاء بطالون.

الطالب: هذا يعني في كل الشياه يفعل هكذا.

الشيخ: هو على كل حال فيه نفخ، لكن إذا كانت للبيع فلا يجوز؛ لأن النفخ يعطيها بهاء وحسنًا.

الطالب: بعد الذبح؟

الشيخ: أنت تقول: للبيع اللحم، إذا كان هذا الرجل يريد أن يبيع اللحم فلا يجوز.

الطالب: ينفخونها ليس للحم، ينفخونها للسلخ.

الشيخ: أنا فاهم، هذا النفخ يعطي اللحم بهاء وجمالًا وحسنًا، فإذا كانوا يريدون بيع اللحم لا يجوز؛ لأنه غش، وأما إذا كانوا يريدون أكله فلا حرج.

طالب: أحسن الله إليك، أخذنا أمس أن العيوب ثلاثة؟

الشيخ: ثلاثة ولَّا أربعة؟

الطالب: (

).

الشيخ: ما ورد فيه النهي وليس من العيوب المانعة من الإجزاء فهذا مكروه، وما لم يرد فيه النهي فهو غير مكروه ولو كان الناس يرون هذا عيبًا من حيث البيع والشراء.

قال المؤلف رحمه الله: (يجوز عكسها) عكس ذلك يعني: نحر ما يُذبح وذبح ما يُنحر، الدليل قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا» (12) ولم يفصل بين النحر والذبح، وما دام الكل في الرقبة فهو مجزئ، إذن يجزئ أن يذبح الشاة من نصف الرقبة، ومن أسفلها مما يلي صدرها، ومن أعلاها مما يلي رأسها، كل هذا محل الذبح.

ص: 588

قال: (ويقول: باسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك) سمع عاميٌّ خطيبًا يقول في خطبة العيد، يقول الخطيب: ويقول عند الذبح: باسم الله وجوبًا، والله أكبر استحبابًا، فلما أراد أن يذبح شاة قال: باسم الله وجوبًا، والله أكبر استحبابًا، هذا نتيجة الاختصار؛ عند بعض الخطباء يختصرون اختصارًا مخلًّا، والعامي يقول ما سمع.

لكن نرجع إلى كلام المؤلف يقول: (باسم الله) باسم الله وجوبًا ولَّا استحبابًا؟ وجوبًا، ومن شرط حل الذبيحة أن يُسَمَّى الله عليها؛ لقول الله تبارك وتعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]، ولأمره بذكر اسم الله عليها في قوله:{فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36]، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» . فهذه أدلة الكتاب والسنة تدل على وجوب التسمية على الذبيحة.

وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا» (13) فحديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

والتسمية شرط لحل الذبيحة، وعلى هذا فلو نسي وذبح بدون تسمية فإنها لا تحل؛ لأن هذا شأن الشروط أنه لا بد من أن تكون موجودة، وإلا لفات المشروط؛ ولهذا قال الله عز وجل:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] ولم يستثن تبارك وتعالى شيئًا.

فإن قال قائل: أليس الله تعالى قال: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]؟

قلنا: بلى. قال: هذا، ونحن نقول للذابح الذي ذبح ولم يسم نسيانًا: لا إثم عليك؛ لدخوله في الآية، ولو أنه تعمَّد ألَّا يُسَمِّ لكان آثمًا، سواء نسي أن يذكر اسم الله أو لم يسم إطلاقًا أو سمى غير الله فإن الذبيحة لا تحل.

ص: 589

ولكن نأتي إلى أكلها بعد ذبحها بدون تسمية؛ إن أكل منها ناسيًا قلنا: لا إثم عليك؛ طردًا لما تقتضيه الآية، وإن أكل متعمدًا قلنا: عليك الإثم؛ لأن الله تعالى قال: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} ، فهاهنا شيئان؛ ذبح وأكل، وكلاهما يُعْفَى عنه في حال النسيان.

لكن التسمية شرط للحل، فإذا لم توجد تسمية ولو نسيانًا فالحل مرتفع؛ فلا حِل.

فإن قال قائل: حديث عائشة في البخاري أن قومًا أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا: يا رسول الله، إن قومًا يأتوننا باللحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال:«سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا» (14)، فأذن لهم أن يسموا ويأكلوا؟

ص: 590

فالجواب عن هذا سهل جدًّا؛ وهو أن الأصل في الفعل الواقع من أهله أيش؟ أنه واقع على وجه الصحة، وكأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لهم: إنكم غير مكلفين بفعل غيركم، أنتم مكلفون بفعلكم أنفسكم، وعليه فسموا إذا أردتم الأكل، ولا يمكن أن يريد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم «سَمُّوا أَنْتُمْ» يعني: سموا على ذبحها؛ لأنه من المعلوم أن هذا لا يصح؛ إذ إن الذبح انتهى ولا يمكن التسمية عليه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن نسمي أيش؟ على الأكل، وهذا واضح، وهو من نعمة الله علينا والحمد لله؛ أننا غير مسؤولين عن فعل غيرنا، فإذا وقع الفعل من أهله فهو مجزئ وصحيح، ولو كلفنا أنفسنا أو كلفنا الله عز وجل أن نسأل لصعب علينا هذا؛ لأنه إذا قُدِّم اللحم -مثلًا- نقول: من ذبحها؟ أرجل يصلي أو لا يصلي؟ إذا كان لا يصلي فذبيحته حرام، إذا كان يصلي باقٍ علينا؛ هل سمَّى أو ما سمَّى؟ إذا قلنا: سمَّى، بقي علينا من أين ملك هذه الشاة؟ قد تكون مسروقة، فإذا قال ملكها: بشراء. من البائع؟ البائع فلان، تعالَ يا فلان من أين جاءتك؟ هبة أو صدقة أو بشراء؟ قال: بشراء. من البائع؟ ثم تأتي سلسلة ما لا نهاية، لكن الحمد لله أن هذا منفي شرعًا، وليس لنا أن نسأل عن هذه الأمور أبدًا؛ لأن الأصل في الفعل الواقع من أهله أنه واقع على وجه صحيح.

قوله: (الله أكبر) يقولها استحبابًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سمى وكبَّر على أضحيته (15).

وهل التكبير خاص بالأضحية أو بكل ذبح؟ بمعنى أن الإنسان لو ذبح شاة أو بعيرًا للأكل قلنا: يستحب أن تقول: الله أكبر؟

ص: 591

فيه احتمال؛ لأن سياق الآيات {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ} [الحج: 34] فيما إذا قُصِد به التعبد لله بالذبح، أما الذبح للأكل فالتسمية لا شك أنها شرط في حله، وأما هل يستحب أن يقول: الله أكبر هذا محل تردد، ولكننا نبني على القاعدة السابقة؛ وهي حمل المتشابه على المحكم، ونقول: الأصل أن التكبير مسنون عند الذبح، هذا هو الأصل وإن كان لم يذكر في القرآن والسنة إلا التسمية فقط، لكن ما دام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«وَاللَّهُ أَكْبَرُ» (16) فالأصل أن هذا مسنون في الذبائح المتقرب بها إلى الله والذبائح المعتادة.

قال: (اللهم هذا منك ولك)(منك) لأن الله هو الذي خلقها، ولأن الله هو الذي يسَّر لك الحصول عليه، أليس كذلك؟ فكم من إنسان لا يستطيع أن يحصل عليه، فهو من الله سبحانه وتعالى، (ولك) ملكًا وإخلاصًا، قلنا: ملكًا؛ لأنه داخل في عموم قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 189]، وإخلاصًا هذا حسب فعل العبد؛ يعني: أنني ذبحته أو نحرته لك مخلصًا لك لا لغيرك، فيكون معنى (ولك) أيش؟ ملكًا وإخلاصًا.

قال: (ويتولاها صاحبها) يتولى أيش؟ يتولى الذبح صاحبُها. طيب لو كان صاحبها أنثى، هي قَيِّمة في البيت وتريد أن تضحي عنها وعن أهل البيت، تذبح؟

طلبة: نعم.

الشيخ: ذبح الأنثى يحل؟

طلبة: نعم.

الشيخ: نعم يحل، إذا أحسنت ذلك حلَّ، بدليل أن جارية كانت ترعى غنمًا عند سلعٍ في المدينة، فأصاب الذئب واحدة من الغنم، فأخذت حجرًا له حدٌّ فذبحت الشاة وطردت الذئب، فاستفتوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك، فقال:«كُلُوا» (17)، أذن لهم في أكلها مع أن الذي ذبحته امرأة.

ص: 592

هذا الحديث فيه فوائد كثيرة، استنبط منه أناسٌ من العلماء استنباطًا قريبًا نحو اثنتي عشرة مسألة؛ منها: جواز ذبح المرأة ولو كانت حائضًا أو نفساء؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يستفصل، ومنها: جواز تصرف الإنسان في مال الغير بإتلافٍ إذا كان ذلك لمصلحة؛ لأن المرأة تصرفت، ومنها: أنه يجوز الذبح بالحجر لكن بشرط أن ينهر الدم.

فإذا قال قائل: كيف فيه حجرٌ ينهر الدم؟

فالجواب نعم ولَّا لا؟ نعم لا شك، لكن من تيسير الله أن الله يسر حجرًا له حدٌّ في هذه الحال، وهذا من التسهيل.

قال: (يتولاها صاحبها أو يوكِّل مسلمًا ويشهدها) طيب لم يذكر المؤلف رحمه الله توكيل الكتابي مع أن الكتابي ذبيحته حلال، فهل نقول: إن الكتابي لا يذبح الأضاحي؛ لأن ذبحها قربة، والكتابي ليس من أهل القربة، أو نقول: يذبح؛ لأن ذبيحته حلال؟

كَرِه العلماء رحمهم الله أن يتولى ذبح الأضاحي والهدايا كتابيٌّ، وعللوا ذلك بأنه ليس من أهل القُرْبَة، وهذا التعليل يقتضي ألَّا تصح تذكيته للأضاحي ونحوها، لكن لما كان نائبًا عن مسلم في هذه العبادة خفَّ الوضع، وصار مباشرته للأضاحي والهدايا والعقائق مكروهة ولكنها لا تمنع حل الذبيحة.

قال: (ووقت الذبح بعد صلاة العيد أو قَدْرِه إلى يومين بعده) وقت الذبح من بعد صلاة العيد، وهل المراد بالعيد العيد الذي صلَّاه الإنسان، أو حتى لو كان عيدًا لم يصل معه؟ يعني -مثلًا- لو كان في البلد مسجدَا عيدٍ؛ أحدهما خلص من الصلاة والثاني لم يخلص، لكن هذا الذي يريد التضحية صلى مع المسجد الذي لم يخلص، فهل تجزئ الأضحية بعد أن صلى المسجد الثاني؟

نقول: إن كان هذا الذي صلى في المسجد المتأخر هو الذي يباشر الأضحية فلا تصح، وأما إذا كان غيره -مثل أن يكون له أولاد صلوا في المسجد الثاني السابق، ثم جاؤوا إلى البيت وذبحوا- فهذا يجزئ؛ لأن الذابح قد صلى، والصلاة الثانية صلاة شرعية؛ لأنها مباحة لتباعد البلد أو ما أشبه هذا.

ص: 593

(من بعد صلاة العيد) وعُلِم من قوله: (صلاة العيد) أنه لا يشترط أن يكون ذلك بعد خطبة العيد، فلو أن الإنسان انطلق من حين أن سلَّم من صلاة العيد وذبح والإمام يخطب؛ صحت الأضحية.

وظاهر كلامه أيضا أن ذلك صحيح وإن لم يذبح الإمام؛ إمام مسجد العيد؛ لأن المؤلف أطلق، وهو كذلك.

ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَا نُسُكَ لَهُ» (18)، فمفهومه أن من ذبح بعد الصلاة فله نسك، سواء انتهت الخطبة أو لم تنتهِ، وسواء ذبح الإمام أم لم يذبح، لكن الأفضل ألَّا يذبح قبل الإمام.

وهذا الذي قاله العلماء رحمهم الله صحيح فيما لو كان الناس يفعلون في الأضاحي ما كان يُفْعَل بها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فهنا ننتظر الإمام؛ لأنه إمامنا في الصلاة فكان إمامنا في النسك.

ماذا كانوا يفعلون فيما سبق؟

كانوا يخرجون بضحاياهم إلى مصلى العيد لكن في غير مكان الصلاة، فيذبحون هناك؛ من أجل أن يكون نفعها أعم، كل من حضر يمكن أن يأخذ منها، فكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخرج بأضحيته ويضحي، والناس أيضًا يخرجون بضحاياهم ويضحون، لكن هذا نُسِّي من زمان. فإذا كان الناس يضحون في مصلى العيد قلنا: لا تضحوا قبل إمامكم، هذا هو الأفضل.

يقال: إن خالد بن عبد الله القسري رحمه الله خرج بالجهم بن صفوان في عيد الأضحى مكبلًا ..

طالب: الجعد بن درهم.

الشيخ: الجعد بن درهم خرج به في عيد الأضحى مكبلًا وخطب الناس وقال: أيها الناس ضحوا، تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم؛ لأنه قال: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلم موسى تكليمًا، ثم نزل فذبحه، يقول ابن القيم رحمه الله:

شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ

لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ

الأضحية هذه تجزئ؟ هي لا تجزئ عن الأضحية الشرعية لكن مصلحتها أعظم بكثير؛ لأن الله أنقذ بهذه الضحية أنقذ أُممًا.

ص: 594

قال المؤلف رحمه الله: (إلى يومين بعده) قوله: (أو قدره) يعني: قدر صلاة العيد، وهذا فيمن ليس عندهم عيد؛ كأصحاب البوادي -مثلًا- ليس عندهم عيد، فإذا قدروا أن صلاة العيد انتهت جاز لهم الذبح.

طيب قال: (إلى يومين بعده) أي: بعد العيد، فتكون أيام الذبح ثلاثة، والصواب أنه إلى ثلاثة أيام بعده، فتكون أربعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» (19)؛ يعني وقتًا للذبح.

فالأقوال إذن إما أنها الوقت يوم العيد فقط، أو يوم العيد ويومان بعده، أو يوم العيد وثلاثة أيام بعده. وأظن في ذلك قولًا رابعًا أنه جميع شهر ذي الحجة، لكن أصح الأقوال أن أيام الذبح يوم العيد وثلاثة أيام بعده.

(ويكره في ليلتهما، فإن فات قضى واجبه)(يكره) أي: الذبح؛ ذبح الأضاحي، (في ليلتهما) أي ليلتي اليومين.

عللوا ذلك بالخلاف في إجزاء الذبح في الليل، ولكن التعليل عليل؛ لأن خلاف العلماء رحمهم الله ليس دليلًا شرعيًّا، لكن إذا كان الخلاف له دليل يوجب الشك في القول المقابل فهنا نقول: الورع تركه؛ لوجود الدليل، أما إذا كان الخلاف ليس له حظ من النظر فهذا لا عبرة به، ولا ينبغي أن تعلل الأحكام بخلاف العلماء رحمهم الله.

(فإن فات قضى واجبه) إن فات أيش؟ إن فات وقت الذبح فإنه يقضي واجبه، وهذا واضح فيما إذا نسي حتى فات الوقت، أو لم يعلم بثبوت العيد حتى فات الوقت، أما إذا تعمد فإنه لا يقضي، اللهم إلا إذا كان هديًا أو ما أشبه ذلك مما يُشترط أن يكون في أيام الأضاحي، والله الموفق.

***

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب المناسك في باب الهدي والأضحية:

فصل

ص: 595

ويتعينان بقوله: هذا هدي أو أضحية، لا بالنية، وإذا تعينت لم يجز بيعها ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها، ويجز صوفها ونحوه إن كان أنفع لها، ويتصدق به، ولا يعطي جازرها أجرته منها، ولا يبيع جلدها ولا شيئاً منها، بل ينتفع به، وإن تعيبت ذبحها وأجزأته، إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين.

والأضحية سنة، وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها، وسُنَّ أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثًا، وإن أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز، وإلا ضمنها.

ويحرم على من يضحي أن يأخذ في العشر من شعره أو بشرته شيئًا.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شاة انقلعت إحدى ثنياتها؟ هل تجزئ أو لا تجزئ؟

طالب: لا تجزئ.

الشيخ: لا تجزئ.

طالب: تجزئ.

الشيخ: تجزئ، انقلعت من أصلها؟

طالب: (

) العيوب الأربعة المذكورة في (

الشيخ: وعلى كلام المؤلف.

الطالب: نعم.

الشيخ: تجزئ؟

طالب: قول المصنف لا تجزئ، والصحيح أنها تجزئ.

الشيخ: على قول المؤلف؟

طالب: تجزئ حتى على قول المؤلف.

الشيخ: الآن اختلفتم، بماذا فسرنا الهتماء؟

طالب: التي سقطت ثنيتها.

الشيخ: ثنيتها ولَّا ثناياها؟

الطالب: (

).

الشيخ: طيب والواحدة تمنع الإجزاء أو لا؟

طالب: (

).

الشيخ: إذن تجزئ، الواحدة لا تضر؛ يعني قصدي لا تمنع الإجزاء، وإن كان غيرها أحسن منها.

طيب ما هي الجدَّاء؟

طالب: هي التي نشف ضرعها.

الشيخ: صحيح، هي التي نشف ضرعها؛ يعني ما يكون فيه لبن. هل تجزئ أو لا تجزئ؟

طالب: على المذهب لا تجزئ.

الشيخ: على المذهب لا تجزئ.

الطالب: وعلى قول المؤلف ما تجزئ، والصحيح أنه تجزئ.

الشيخ: والصحيح أنها تجزئ؛ لأنها غير داخلة في الأربع التي نص عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا في معناها.

طيب ما تقول في المقطوعة الرجل؟

طالب: لا تجزئ يا شيخ.

الشيخ: لا تجزئ. ليش؟

الطالب: لأن فيها عضو مفقود، هذا عيب شرعي.

ص: 596

الشيخ: تمام، طيب ما تقول في مقطوعة الذيل من المعز؟

طالب: هذا لا ضرر بشيء.

الشيخ: يعني تجزئ؟

الطالب: إي نعم، لا يضرها بشيء.

الشيخ: أنت تقول لي بالأول: لأنه مقطوع منها عضو، هذه مقطوع منها عضو؟

الطالب: لكن عضو لا يعتبر.

الشيخ: لا يعتبر، طيب هذه الشاة مقطوع ما أسفل الرجل اللي ما فيه إلا عظم وكراع؟

الطالب: (

) العظم والكراع؛ لأنها ما تنفع إلا (

).

الشيخ: إي، يعني هي أولى بعدم الإجزاء من؟

الطالب: (

) الذنب.

الشيخ: لا، الذنب يجزئ، أولى من العرجاء البين عرجها، تمام، صحيح.

العضباء، ما هي العضباء؟

طالب: العضباء هي مقطوعة الأذن.

الشيخ: أو؟

الطالب: أو مكسورة القدم.

الشيخ: طيب، هل تجزئ أو لا تجزئ؟

الطالب: تجزئ.

الشيخ: تجزئ مطلقًا؛ يعني سواء قطع الأكثر أو الأقل؟

الطالب: إذا كان المقطوع إذا كان أقل من نصفها ..

الشيخ: إذا كان أقل من النصف فهي تجزئ.

الطالب: إذا كان الباقي أكثر من نصفها يجزئ.

الشيخ: تجزئ، وإن كان أقل؟

طالب: وإن كان أقل ما تجزئ، بالنسبة (

).

الشيخ: وبالنسبة للقرن، والله هذا يستغرب منك، ما هي عادتك.

طالب: على المذهب إذا كانت أقل من النصف، إذا قطع أقل من النصف فإنها لا تجزئ.

الشيخ: إذا قطع أكثر من النصف.

الطالب: إي نعم، فإنها لا تجزئ، ولكن الصواب الإجزاء؛ لأنها (

) في اللحم.

الشيخ: طيب، هذا صحيح.

ما هي السنة في نحر الإبل؟

طالب: السنة في نحر الإبل أن تكون قائمة معقولة اليد اليسرى.

الشيخ: اليسرى، تمام.

الطالب: فيطعنها في الوهدة التي بين الصدر وأصل العنق.

الشيخ: إي نعم. هل في القرآن ما يدل على أنها تنحر قائمة؟

الطالب: نعم، قول الله عز وجل:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 36]، قوله:{وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} يدل على أنها قائمة.

ص: 597

الشيخ: قائمة فتسقط، أحسنت.

هل يجزئ أن ننحرها وهي باركة؟

طالب: نعم يجزئ يا شيخ.

الشيخ: يجزئ؟

الطالب: نعم.

الشيخ: الدليل؟

الطالب: الدليل أن هذا سُنة؛ أن نحرها قائمة سُنة، ليس شرطًا في الإجزاء.

الشيخ: إن كان عندك دليل ثبوتي يجاب، إي نعم.

طالب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ» ..

الشيخ: «وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا» (20)، صح، وهذا أنهر الدم وذكر اسم الله عليه.

ماذا يقول عند الذبح؟

طالب: يقول: باسم الله.

الشيخ: باسم الله.

الطالب: ويسن له أن يزيد عليها: والله أكبر.

الشيخ: يسن أن يزيد: والله أكبر.

وهل يذكر من يضحي له إن كان نفسه أو غيره؟

الطالب: هذا ليس بواجب.

الشيخ: إي، لكن أسألك هل يذكر أو لا يذكر؟ قل: نعم أو لا.

الطالب: نعم، يذكر ذلك.

الشيخ: وجوبًا أو استحبابًا؟

الطالب: استحبابًا.

الشيخ: ما الدليل على الاستحباب؟ إحنا ما ذكرنا هذه يا جماعة؟ ! أنا أتهم نفسي.

الطالب: الدليل هو فعل النبي عليه الصلاة والسلام حين ذبح كبشين.

الشيخ: حين ضحى.

الطالب: حين ضحى بكبشين موجوءين فذكر ..

الشيخ: ذكر «اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ» .

الطالب: «عَنْ مُحَمَّدٍ» .

الشيخ: «وَآلِ مُحَمَّدٍ» (21). تمام.

أيام الذبح؟

طالب: يوم العيد وثلاثة أيام التشريق.

الشيخ: يوم العيد وثلاثة أيام بعده. وعلى ما في الكتاب؟ لا تنظر للكتاب يا رجل، ترى الغش ما يجوز، حتى هنا يمكن يزداد إثمه؛ لأنك في مسجد.

طالب: يوم العيد ويومان.

الشيخ: يوم العيد ويومان.

كم تكون الأيام على ما في الكتاب؟

الطالب: ثلاثة.

الشيخ: ثلاثة؛ العيد ويومان بعده. القول الراجح؟

الطالب: العيد وثلاثة أيام.

الشيخ: نعم أيام التشريق.

الدليل على هذا؛ على أن أيام التشريق أيام ذبح؟

ص: 598

طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى» (22)، وأيضًا ذكر بأنها أيام ذبح (19).

الشيخ: كل أيام التشريق ذبح، كذا؟ هذا الدليل؟

طالب: نعم.

الشيخ: طيب، وأيام التشريق أيام أكل أيضًا؛ لأنه يأكل من أضحيته.

طيب هل هناك قياس يترجح به هذا القول؟ الآن فهمنا الدليل واضح، قياس يترجح به القول؟

الطالب: يترجح به القول بأنها ..

الشيخ: بأنها ثلاثة أيام بعد العيد.

الطالب: لأن هذه الأيام الثلاثة قد خصها الله بعبادة معينة منها هذه الأيام (

).

الشيخ: هي متفقة في جميع الأحكام إلا هذه؛ يعني يحرم صومها، وترمى فيها الجمار، وأيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل، وجميع الأحكام تتفق فيها الأيام الثلاثة إلا الأضحية، وهذا مما يدل على أن القول بأنها ثلاثة أيام بعد العيد هو الذي دل عليه الأثر والنظر.

قال المؤلف: (إنه يكره في ليلتهم) الدليل؟

طالب: الدليل هو خلاف بعض العلماء أنه قال: لا يجزئ الذبح في الليل، فخروجًا من الخلاف يُكره.

الشيخ: للخروج من الخلاف قلنا: يكره. طيب هل هذه قاعدة صحيحة؟

الطالب: (

) قاعدة صحيحة إلا إذا كان الخلاف يوجب الشك في الدليل، الأحوط (

).

الشيخ: يعني غير صحيحة هذه؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: وإلا لقلنا: كل من خالفنا في شيء ورأى أنه حرام ونحن نرى أنه مباح، قلنا: لا بد أن يكون مكروهًا، إذن نقول: الخلاف إن كان له حظ من النظر يوجب التردد في الحكم فنعمْ نعتبره، لا لوجود الخلاف ولكن لاشتباه الدليل، وإلا فلا عبرة به.

طيب حجة من قال: إنها في الليالي يصح لأن الله قال: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28].

ص: 599

الجواب عن هذا الاستدلال أن العرب يطلقون الأيام على الليالي، فيقال: أيام، ويشمل الليل والنهار، وكذلك يطلقون الليالي ويراد بها الليل والنهار؛ مثل قوله تعالى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] أي: عشر ليالٍ، والمراد الليالي والأيام.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ويتعينان بقوله هذا هدي أو أضحية)(يتعينان) الضمير يعود على الهدي أو الأضحية؛ لقوله: (بقوله: هذا هدي أو أضحية لا بالنية) يعني: أن الإنسان إذا اشترى شاة يريد أن يضحي بها، فهل تتعين بهذه الإرادة أو لا بد من لفظ يدل على ذلك؟ يقول المؤلف: إنه لا بد من اللفظ، النية لا تكفي بل لا بد من اللفظ، أو من الفعل فيما يمكن فيه الفعل؛ لأن الإنسان لو اشترى عبدًا ليعتقه فهل يكون حرًّا بمجرد الشراء؟ لا يكون حرًّا بمجرد الشراء، مع أنه ناوٍ أن يعتقه، ولو اشترى بيتًا ليوقفه فهل يكون وقفًا بمجرد الشراء؟ لا، إذن الأضحية مثلهم؛ لا تكون أضحية بمجرد الشراء بل لا بد من النطق، فيقول: هذا ويعينها؛ هديًا إن كان هديًا، أو أضحية إن كان أضحية.

وقوله: (لا بالنية) هذا دفع به قول من يقول: إنه يتعين بالشراء مع النية؛ بمعنى أنه إذا قارنت النية بالشراء فإنه يتعين ويكون كالمنذور لا يُغَيَّر.

وما ذهب إليه صاحب الكتاب هو الصحيح؛ أنه لا بد من لفظها، مجرد النية لا يثبت بهذا الحكم؛ كما لو أن الإنسان عزل شيئًا من دراهمه قال: أريدها للصدقة، هل تكون صدقة؟ ما تكون، له أن يُغَيِّر، وله أن يمسك.

ص: 600

يتعين بالفعل؛ إذا اشترى هديًا وقلَّده أو أشعره تعين؛ لأنه انضاف إلى النية فعلٌ يدل على ذلك. ويش معنى قلَّده؟ كانوا إذا اشتروا غنمًا هديًا علَّقوا في رقابها النعال البالية وآذان القِرَب وما أشبه ذلك مما يدل على أنها للفقراء، الإشعار يكون في السنام؛ في سنام البعير يشقه بالمشرط حتى يسيل الدم ليعرف من يرى هذه البعير أنها هدي، فتتعين هديًا بهذا الفعل. والإشعار سُنة مع أنه سوف تتأذى به البعير، لكن لما كان لمصلحة راجحة سُومِحَ به؛ كما سُومِح في وسم الإبل في رقبتها أو في أذنها أو فخذها أو عظمها أو ما أشبه ذلك، مع أن الوسم كيٌّ بالنار لكن للمصلحة، أحيانًا يجب الوسم؛ إذا كان يتوقف حفظ إبل الصدقة أو خيل الجهاد على ذلك صار واجبًا؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

إذن الهدي يتعين باللفظ وبالفعل؛ اللفظ أن يقول: هذا هدي، والفعل هو التقليد أو الإشعار.

طيب لو فُرِض أن الناس جعلوا علامة على الأضحية؛ بمعنى أن الشاة إذا فُعِل فيها كذا وكذا فهي أضحية، هل نقول: إنه كالإشعار والتقليد؟

الجواب: نعم نقول. وكانوا فيما سبق إذا اشتروا الضحايا؛ الغنم وضعوا على رأسها حناء أو على جنبها أو على أليتها، لكنهم لا يجعلون هذا علامة على أنها أضحية، بل علامة على أنها ملك فلانٍ؛ لئلا تختلط بغيرها، هذه نقول: لا تتعين، لكن إذا كان هناك علامة معروفة عند الناس أنه إذا عُلِّمت الشاة أو البعير بهذه العلامة فهي هدي أو أضحية تتعين بذلك.

وإذا تعينت ترتب على هذا أحكام؛ إذا تعينت لم يجز بيعها ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها، لم يجز بيعها مطلقًا ولا هبتها؛ لأنه لما عينها صارت بمنزلة المنذور أو بمنزلة الموقوف، فلا يجوز أن يبيعها.

ص: 601

وظاهر كلام المؤلف أنه لا يجوز بيعها ولو من أجل أن يشتري خيرًا منها، وإنما نمنع البيع مطلقًا درأً للمطامع؛ لأن الإنسان ربما إذا رأى أن السوق متحرك وزادت البهائم ربما يبيع على أنه يشتري خيرًا منها ثم يتهاون.

هبتها أيضًا لا تجوز، حتى للفقير؟

طالب: نعم.

الشيخ: حتى للفقير، ومن هنا نعلم أن ذبح الأضحية مقصود لذاته؛ لأن هذا الرجل الذي قلنا: لا تهبها، لو ذبحها ثم وهبها كلها، يجوز أو لا يجوز؟ يجوز، إذن فالمقصود من الأضحية ليس كما يظنه بعض الناس مجرد نفع الفقراء بل هو التقرب إلى الله بالذبح؛ ولهذا لا ينبغي أن نشعر الناس بأن العبادات المقصود بها رفع المستوى الاقتصادي أو ما أشبه ذلك، المقصود بها أهم شيء هو التعبد لله تعالى بها، طيب ولا هبتها.

ولا الصدقة بها؟

طالب: نعم.

الشيخ: ولا الصدقة بها. أرأيت لو أن إنسانًا في منى، وفي شدة الزحام جاءه رجل عليه أثر الفقر وقال: أعطنيها، أنا أذبحها، أعطنيها، هل يجزئ أو لا يجزئ؟

طالب: لا يجزئ.

الشيخ: لا يجزئ، إلا إذا كان الطالب ثقةً يُعْتَمد عليه؛ بحيث يكون معروفًا عنده فلا بأس، وإلا فلا.

قال لي بعض الناس: إنه شاهد فقراء قالوا: أعطونا الهدي ونحن نذبحه ونتصدق به، يقول: فأعطاهم إياه، وإذا به يُباع في الأسواق، شوف -أعوذ بالله- هذا لأنه غير ثقة، لكن إذا كنت تعرف أنه فقير، وقال: أعطنيها أذبحها أنا وآكل منها وأتصدق؛ فلا بأس.

طيب إذا قال قائل: هذا رجل فقير جارٌ لي، وطلب مني أن أعطيه أضحيتي يذبحها ويتصدق بها، فهل الأفضل أن أعطيه إياها أو الأفضل أن أعطيه غيرها ليضحي بها لنفسه؟

طلبة: الثاني.

الشيخ: الثاني أفضل، ويُكْتَب لي أجر أضحيته؛ لأني أنا ساعدته على ذلك.

ص: 602

قال: (إلا أن يبدلها بخير منها) بمعنى أنه عيَّن هذه الشاة، ورأى مع شخص آخر شاة خيرًا منها، فقال: هل تبدلني بهذه؟ فإذا وافق فلا بأس. أو هو نفسه كان عنده غنم كثير، فعيَّن واحدة منها أضحية، ثم أراد أن يبدلها بخير منها مما عنده، يجوز أو لا يجوز؟ يجوز، ودليل ذلك أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد فتح مكة وقال له: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس -عيَّن المسجد- فقال: «صَلِّ هَاهُنَا» -لأن مكة أفضل من بيت المقدس- فأعاد عليه فقال: «صَلِّ هَاهُنَا» ، فأعاد عليه قال:«شَأْنَكَ إِذَنْ» (23)، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرض بعدم قبوله؛ حيث قال:«شَأْنَكَ إِذَنْ» يعني معناه: ما عندي لك فتوى.

أخذ العلماء من هذا مسائل كثيرة؛ منها: جواز إبدال الهدي والأضحية بأيش؟ بخير منها، ومنها: جواز إبدال الوقف بخير منه، وهذا لا شك أنه دليل واضح.

طيب لو فُرِض أنه لم يجد ما هو خير منها ويبدلها به إلا بدفع دراهم فرقًا، هل يجوز أو لا يجوز؟

نقول: يجوز؛ لأنه الآن اشترى من صاحب هذه البهيمة الجيدة، اشترى منه زيادة الوصف وأضافه إلى أصل الأضحية أو الهدي.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، هذه القاعدة مطردة في كل ما نذره الإنسان أو أخرجه لله سبحانه وتعالى من صدقة أو وقف أو غيرها، إذا رأى الإنسان أن يفعل شيئًا خيرًا منه، هل يفعله؟

الشيخ: يعني يصرفه في خير منه؟

الطالب: نعم.

الشيخ: إي نعم، لا بأس.

طالب: إذا كان الإنسان عنده ثلاث أضاحٍ، ويقول: أسهل لي أن أتصدق بكاملة، وأهدي كاملة، وآكل كاملة.

الشيخ: ما ينفع، ما تصير أضحية، تكون هذه الشاة الثالثة التي أراد أن يتصدق بها تكون صدقة لا أضحية، الأضحية هي التقرب إلى الله بذبحها -انتبه للتعريف- أن يتقرب إلى الله تعالى بذبحها، والصدقة بها كاملة وهي حية؟

طالب: لا، يذبحها، يذبح الثلاث أضاحٍ.

ص: 603

الشيخ: بعدما ذبحها، لا بأس، يتصدق إن شاة بها كلها.

الطالب: يتصدق بكاملة (

) الثلث.

الشيخ: ولا يتصدق من الأخرى ..

الطالب: يصح؟

الشيخ: لا، ما يصح، ويش سهل؟ يقطع رِجْلًا ويعطيها الفقير وانتهى، ما هو لازم الثلث، المهم على كل حال لا بد أن يتصدق من كل واحدة.

طالب: شيخ -أحسن الله إليكم- بعض الناس يرون أن جلود اللحم لا يستفيد منه الفقراء، ثم يبيع الجلود ليشتري بثمنه اللحم، ثم يوزع على الفقراء؟

الشيخ: يشتري بثمنه أيش؟

الطالب: لحوم، هل هذا جائز؟

الشيخ: سيأتينا إن شاء الله.

طالب: أحسن الله إليك، حاج أراد أن يحج بنية المتمتع ويهدي بمكة، لكنه أوصى لأهله أضحية يضحون في يوم النحر، هل له ذلك يا شيخ؟

الشيخ: له ذلك، وما المانع؟ !

الطالب: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى الْحُجَّاجِ أُضْحِيَةٌ» (24)؟

الشيخ: قل: حدثنا فلان .. إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، أو اعزه إلى أحد الكتب.

الطالب: (

).

الشيخ: لا، على كل حال هو الحاج صحيح أنه نفسه ما يضحي في مكة، الهدي أفضل، لكن إذا كان رب عائلة وأوصاهم أن يضحوا فلا بأس، لكن قل لي: إذا كان متمتعًا، وطاف وسعى في العمرة، هل يقصر أو لا يقصر؟ لعلك تريد هذا.

الطالب: لا، قصدي ..

الشيخ: نقول له: قصِّر؛ لأن التقصير هنا نسك واجبُ، والأخذ من الشعر في أيام العشر لمن أراد أن يضحي ليس من النسك.

طالب: الذمي إذا شككنا في تسميته على الذبيحة، هل يؤكل منها أم لا؟

الشيخ: إذا شككنا في تسميته؟

الطالب: إي نعم، هل يقاس على المسلم؟

الشيخ: إي نعم، نقول: سم الله بس، أنت إذا بغيت تأكل سم الله.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- من أراد أن يتعجل في اليوم الثاني عشر، وكان له حق أن يجمع الرمي بعضه إلى بعض، فجمعه إلى يوم الحادي عشر، فمتى ينفر؟

الشيخ: ينفر إذا رمى الجمرات بعد الزوال.

الطالب: هو رماها مقدمًا يوم الحادي عشر؟

ص: 604

الشيخ: التقديم ما يجوز؛ تقديم الرمي ما يجوز، أما جمعه مؤخرًا فلا بأس إذا كان هناك حاجة.

الطالب: الجمع أليس يجوز لمن احتاج إليه وشق عليه أن يأتي إلى منى في كل يوم؟

الشيخ: إي، لكن الجمع بالتأخير.

طالب: أحسن الله إليك، مشروعية الأضحية -يا شيخ- القول الذي يعتمد أنه مأخوذ من قوله تعالى:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] قصة إبراهيم، هل هذا صحيح؟

الشيخ: فيه حديث بهذا لكنه ضعيف؛ يعني أصل مشروعيتها أن الله فدى إسماعيل بذبح عظيم لكنه الحديث ضعيف.

إلا أن يُبْدِلَها بِخَيْرٍ منها، ويَجُزُّ صُوفَها ونحوَه إن كان أَنْفَعَ لها ويَتَصَدَّقُ به، ولا يُعْطِي جَازِرَها أُجْرَتَه منها، ولا يَبيعُ جِلْدَها ولا شيئًا منها بل يَنْتَفِعُ به، وإن تَعَيَّبَت ذَبَحَها وأَجْزَأَتْه إلا أن تكونَ واجبةً في ذِمَّتِه قبلَ التعيينِ.

و(الْأُضْحِيَةُ) سُنَّةٌ، وذَبْحُها أَفضلُ من الصدَقَةِ بثَمَنِها،

وسُنَّ أن يَأْكُلَ ويُهْدِيَ ويَتَصَدَّقَ أَثلاثًا وإن أَكَلَها إلا أُوقِيَّةً تَصَدَّقَ بها جازَ وإلا ضَمِنَها ويَحْرُمُ على مَن يُضَحِّي أن يَأْخُذَ في العَشْرِ من شَعَرِه أو بَشَرَتِه شَيْئًا.

المهم على كل حال لا بد أن يتصدق من كل واحدة.

طالب: بعض الناس يرون أن جلود النعم لا يستفيد منه الفقراء ثم يبيع الجلود ليشتري بثمنه اللحم، ثم يوزعه، أهذا جائز؟

الشيخ: سيأتينا إن شاء الله، يمكن بعد الأذان.

طالب: حاج أراد أن يحج وهو في نيته متمتع ويُهدِي في مكة، لكنه أوصى لأهله أضحية يضحون في (

) هل له ذلك يا شيخ؟

الشيخ: له ذلك، ما المانع؟

الطالب: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس على الحجاج أضحية.

ص: 605

الشيخ: قل: حدثنا فلان إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أو اعزُ إلى أحد الكتب، (

) هو الحاج صحيح أنه نفسه ما (

) في مكة، الهدي أفضل، لكن إذا كان رب عائلة، وأوصاهم أن يضحوا فلا بأس، لكن قل لي: إذا كان متمتعًا وطاف وسعى في العمرة، هل يقصِّر أو لا يقصّر؟ لعلك تريد هذا؟

الطالب: لا قصدي الأول.

الشيخ: نقول له: قصِّر؛ لأن التقصير هنا نُسُك واجب، والأخذ من الشعر في أيام العشر لمن أراد أن يضحي ليس من النسك.

طالب: الذمي إذا شككنا في تسميته على الذبيحة، هل يؤكل منها أم لا؟

الشيخ: إذا شككنا في تسميته؟

الطالب: إي نعم، هل يقاس على المسلم؟

الشيخ: إي نعم، نقول: سَمِ الله بس، أنت إذا بدأت تأكل سَمِ الله.

طالب: شيخ، بارك الله فيكم، من أراد أن يتعجل في اليوم الثاني عشر وكان له حق أن يجمع الرمي بعضه إلى بعض، فجمعه إلى اليوم الحادي عشر، فمتى ينفر؟

الشيخ: ينفر إذا رمى الجمرات بعد الزوال.

الطالب: هو رماها مُقدمًا يوم الحادي عشر.

الشيخ: التقديم ما يجوز؛ تقديم الرمي ما يجوز، أما جمعه مؤخرًا فلا بأس إذا كان هناك حاجة.

الطالب: الجمع أليس يجوز لمن احتاج إليه وشق عليه أن يأتي إلى منى في كل يوم؟

الشيخ: إي (

) التأخير.

طالب: أحسن الله إليك، مشروعية الأضحية يا شيخ، بعض الناس يعتمد أنه مأخوذ من قوله تعالى:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] (

الشيخ: فيه حديث بهذا لكنه ضعيف؛ يعني أصل مشروعيتها أن الله فدا إسماعيل بذبح عظيم، لكنه الحديث ضعيف.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ نحن ذكرنا أنه إذا تعمد إخراج الأضحية (

) عن الوقت فإنه لا (

)، وذكرنا يا شيخ أنه لا يباع ولا يوهب. ماذا يصنع به؟

الشيخ: الذي فعلها بعد الوقت ليس أضحية، يأكلها يبيعها يهديها، ما هي أضحية، (

).

ص: 606

طالب: شيخ، أحسن الله إليك، من عيَّن هديه أو أضحيته، ثم كان في حاجة شديدة لماله، لا يجد مالا إلا هذه الأضحية أو الهدي، هل له أن يبيعها؟

الشيخ: لا (

).

طالب: السنة في الفرس يا شيخ النحر ولا الذبح؟

الشيخ: موجودة في الكتاب عندك.

الطالب: ولكن يا شيخ قضية أسماء (1) يا شيخ.

الشيخ: إي، (نحرنا) بمعنى ذبحنا.

طالب: شيخ أحسن الله إليك قلنا أمس: إن المعتبر في (

) بعد الصلاة هو مقدار الصلاة.

الشيخ: مقدار الصلاة لمن ليس عندهم صلاة.

الطالب: لو كان يوجد مسجدان أحدهما ..

الشيخ: يسبق الآخر.

الطالب: إن صلى بالذي يسبق قلنا له: إذا كان هو اللي يباشر الذبح فإن (

) لا تلزمه، وإذا كان يباشرها غيره (

).

الشيخ: قلنا هكذا؟

الطلبة: لا.

الشيخ: لا إله إلا الله! لا فهمت غلطا.

طالب: قلنا هذا من قبل: إن الأضحية المراد التقرب بإنهار دمها لله عز وجل، طيب كيف يقال: إنه يجوز التضحية عن الأموات بها مع أن هذه العلة هي سبب الجواز (

)، هي المراد.

الشيخ: إي نعم، الواقع أن الأضحية عن الأموات توسع الناس فيها، حتى إنهم قبل سنوات ليست بعيدة يقولون: إنه لا يضحى إلا عن الميت، حتى إن الرجل إذا قال: يريد أن يضحي عن أبيه قالوا: الله يرحمه، متى مات؟ وهو حي يُرزَق. لأنهم لا يعرفون الأضحية إلا عن الأموات. وهذا في الحقيقة خلاف السنة، الأ ضحية عن الأحياء فقط، ولم يضح النبي صلى الله عليه وسلم عن أحد مات من أقاربه ولا من زوجاته؛ لا أعمامه ولا أبنائه ولا زوجاته، ما ضحى عن أحد.

طالب: إذن نمنع يا شيخ.

الشيخ: لا مسألة المنع صعبة، وقد منع بعض العلماء من هذا، قالوا: الأضحية لا يضحى عن ميت ما تجزي مثلما لو صلى لكن المسألة (

).

الطالب: إذن ما العلة يا شيخ؟

ص: 607

الشيخ: بعض العلماء يقول: قياسًا الصدقة لا بأس بها، لكن القاعدة في مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن كل قربة فعلها الإنسان لحي أو ميت نافعة، هذه قاعدة الإمام أحمد، أما عامة المحدثين يقولون: ما يمكن أن تنفع العبادات أحدًا ميتًا إلا ما ورد به النص فقط.

الصدقة عن الميت ثبتت، قضاء النذر عن الميت ثبت، قضاء صوم رمضان ثبت، الحج ثبت، فيقتصر على ذلك، لكن نحن نقول: نرضى من العوام أن يذبحوا أضحية عنهم وعن أهليهم، ومنهم الأموات، أما أن يخصوا بالميت حتى إن فيه عقيدة عجيبة أول ما (

) يموت الإنسان يضحون عنه أضحية، يسمونها ضحية الحفرة، يرون هذه واجبة ولا أحد يُدخَل مع ها الميت في الثواب. المسألة تحتاج إلى معالجة.

طالب: الذي يريد أن يضحي ولا يجيد الذبح إلا بيده اليسرى؟

الشيخ: لو ذبح بيده اليسرى تجزي، لكن هل يضجع الشاة على الجانب الأيسر، أو على الجانب الأيمن؟

الطالب: يقتضي الأيمن.

الشيخ: يضجعها على الأيمن.

الطالب: الأيسر.

الشيخ: الأيسر، صحيح؟ يعني الإنسان ما يعرف إلا باليسرى، وهذا موجود، إذا أراد يذبح الشاة يضجعها على اليمين، وكذلك في مسألة البعير يعقل اليد اليمنى.

***

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (إلا أن يبدلها بخير منها) وهل المراد بالخيرية هنا الخيرية في كثرة اللحم أو في الأوصاف المعتبرة شرعًا؟ الثاني هو المراد؛ لأنها قد تكون كبيرة في السن لكن فيها شدة وعضل في اللحم فينظر إلى الخيرية باعتبار ما تقتضي الشريعة.

قال: (ويجز صوفها ونحوه إن كان أنفع لها ويتصدق به) جز صوفها ونحوه، الصوف للضأن والوبر للإبل والشعر للماعز والبقر. فقوله:(نحوه) يدخل فيه الشعر والوبر. وقوله: يجزه إن كان أنفع الظاهر أن مراد المؤلف رحمه الله أنه يجوز أن يجز ذلك بشرط أن يكون أنفع، وجزه إما أن يكون ضررًا عليها فيمنع، أو ليس به ضرر ولا نفع فيمنع، أو فيه نفع فيجوز.

والغالب، نشوف الأخ، ويش الغالب؟

ص: 608

طالب: الغالب أنه يشوهها (

) لأنه ما هو مخليها سنة، نشتريها ونخليها سنة للسنة الجاية، هذا كله يشوهها منظرها وينقص من قيمتها.

الشيخ: ويضرها أيضا خصوصًا في أيام الشتاء مثلا، وفي أيام الصيف أيضًا يقيها من الحر ويقيها من الشمس.

فالمهم أن جز الصوف له ثلاث حالات:

أن يكون أنفع، أن يكون ضارًّا، ألا يكون فيه ضرر ولا نفع.

متى يجوز؟ إذا كان أنفع. مثاله: أن يكون فيها جروح؛ فيها جرح لا تمكن مداواته إلا إذا جززنا ما حوله، فحينئذٍ يجوز أن يجزه، كما جاز للمحرم أن يحلق رأسه إذا احتاج للحجامة، يحلق ما يحتاج إليه في الحجامة، ولا شيء عليه، لا فدية ولا إثم.

وقوله: (ويتصدق به) وجوبًا أو جوازًا؟

طالب: وجوبًا.

الشيخ: نعم، وجوبًا أو استحبابًا؟

الظاهر أنه يقال: ليس وجوبًا، ولكن يجب أن يتصدق بما يجب أن يتصدق به في اللحم، يعني فلو أخذه أثلاثًا فلا بأس؛ لأنه إذا كان يجوز أن يأخذ من اللحم الذي هو المقصود، فمن الشعر والوبر ونحوه من باب أولى.

قال: (ولا يعطي جازرها أجرته منها): (لا يعطي) يعني المضحي (جازرها) أي: من يذبحها ويفرق لحمها، يخلص لحمها من جلدها، (أجرته منها) لأنه إذا أعطاه أجرته منها فقد باع شيئا منها، حقيقة أنه باع؛ لأننا نعطيه إياه مقابل العِوَض، مقابل دراهم، فكأنه باعه عليه. ومن المعلوم أن ما أخرجه الإنسان صدقة لله لا يجوز أن يرجع بشيء فيه منه.

لو أراد أن يعطيه صدقة لفقره، أو هدية لغناه، فلا بأس؛ لأن الممنوع أن يجعل اللحم الذي يعطيه عوضًا عن الأجرة، هذا الممنوع، وأما إذا أعطاه هدية أو أعطاه صدقة فلا بأس، بشرط ألا ينقص ذلك من الأجرة، فإن كان ينقص فلا يجوز.

(ولا يبيع جلدها ولا شيئا منها، بل ينتفع به): (ولا يبيع شيئًا منها) ويش اللي غير الجلد؟

طالب: القرن.

ص: 609

الشيخ: اللحم، لا يجوز أن يبيعه شيئًا منه وكذلك ما أشار إليه أحد الإخوة قال: القرن. القرن هو يباع؟ نعم يباع، ربما يحتاج إليه في المعامل أو ما أشبه ذلك، كل شيء الآن لا يضيع، ما شاء الله، كل شيء بدأ بنو آدم يصلحونه.

(ولا شيئا منها، بل ينتفع به). قوله: (بل ينتفع به) يعني أو يتصدق به أو يُهديه، الممنوع هو البيع؛ لئلا يأخذ عوضًا عما أخرجه لله. ولهذا لا يجوز للإنسان أن يشتري صدقته، لو تصدق على فقير بثوب، ثم إن الفقير أخرجه للسوق يبيعه، فإنه لا يجوز للمتصدق به أن يشتريه حتى ولو كان في المزاد العلني؛ لأن الأصل في منع شراء المتصدق صدقته؛ لئلا يحابيه من تصدق به عليه، فإذا كان يباع في المزاد العلني، والفقير لم يحضر البيع، فهذه التهمة (

) لكن مع ذلك لا يجوز. والقاعدة: أن كل شيء أخرجته لله فلا ترجع فيه؛ لأنك أخرجته، كالمهاجر لا يجوز أن يرجع في بلده الذي هاجر منه.

إذن (بل ينتفع به) هل نقول: لا يجوز أن يتصدق به؟ لا، هل نقول: لا يُهدِيه؟ لا. الممنوع أن يبيعه.

(وإن تعيبت) هذا ما يتفرع على قوله هناك: تعين الأضحية (وإن تعيبت) يعني المعيَّنة (ذبحها وأجزأته إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين).

طالب: (وإن تعينت).

الشيخ: لا (وإن تعيبت) بالباء، إن تعيبت يعني المعينة (ذبحها وأجزأته) مثاله: إنسان عين هذه الشاة أضحيته، ثم إنها انكسرت كسرًا يمنع من الإجزاء، فإنه إن كان بتفريط منه أو تعدٍّ له، وجب عليه ضمانها بمثلها أو خير منها. وإن كان بغير تعدٍّ ولا تفريطٍ فإنه يذبحها وتجزئه. وعللوا ذلك بأنها لما تعينت صارت عنده وديعة، والمودَع لا يضمن، إلا إذا تعدى أو فرط.

إن تعيبت قبل التعيين لم تجزئ مطلقًا؛ لأنه لا يجوز أن يعيِّن ما لا تجزئ التضحية به.

وإن تعيبت بعد التعيين لكن بتفريط منه أو تعد، مثل أن يركب البعير أو يحمل عليها شيئًا ثقيلًا فتتضرر بذلك فإنه يضمن بمثلها أو خير منها.

ص: 610

لو ضلت، يعني بعد أن عينها هربت إلى رؤوس الجبال، وعجز عنها، ماذا يصنع؟

إن كان ذلك بتعد وتفريط منه، فهو ضامن على كل حال، وإن كان بغير تعدٍّ منه فإن كانت واجبة في ذمته قبل التعيين؛ كرجل نذر أن يضحي، وجب عليه أن يذبح بدلها؛ مثلها أو خيرًا منها. انتبه: إذا هربت بعد التعيين وعجز عنها، فإن كانت واجبة في ذمته قبل التعيين مثاله: نذر أن يضحي وعين هذه أضحية للنذر، وجب عليه بدلها؛ لأنه لم يوف بما وجب عليه، وإن لم تكن واجبة فلا شيء عليه؛ لأنها هربت بغير تعد منه ولا تفريط، فلا شيء عليه، كما لو تعيبت فإنه يذبحها ولا شيء عليه، هذا لما ضلت نقول: لا يلزمه بدلها؛ لأنه لا تعدى ولا فرط.

لو أنه ذبح بدلها سواء كانت واجبة في ذمته قبل التعيين أو لم تجب، ذبح بدلها ثم عادت، هل يلزمه ذبحها أو لا؟

طلبة: يلزمه.

طلبة آخرون: لا يلزمه.

الشيخ: هذا عندنا قولان، الصحيح أنه لا يلزمه؛ لأنه لما ذبح بدلها قام مقامها، وقيل: يلزمه لأنه عينها، ولكن هذا القول ضعيف، هو عينها وجب عليه أن يذبحها لكن عجز عنها هربت وذبح بدلها كيف يجب عليه أن يذبحها؟ وهو ناوٍ أن هذا الذي ذبحه نذر، فالصواب أنه لا يلزمه ذبحُ ما وجده بعد أن ضل إذا ذبح بدله.

ص: 611

قال: (إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين) مثاله: نذر أن يذبح أضحية، فاشترى شاة، وقال: هذه أضحية للنذر، ثم تعيبت بكسر أو عرج أو ما أشبه ذلك، فهل يذبحها أو لا؟ يذبحها لأنه عينها، وهل يذبح بدلها لأنها لا تجزئ؟ الجواب: نعم، يلزمه أن يذبح بدلها، لكن لو أنه قال: تعيبت وأقدّر أنها هربت، أبغي أذبح غيرها، وأبقيها هي. يقول: لا يصح؛ لأنها وجبت بالتعيين فلا بد من أن يذبحها، ويقضي ما وجب بالنذر. والصواب خلاف ذلك، أنها إذا تعيبت ولو كانت واجبة في ذمته قبل التعيين فإنه يذبح بدلها خيرًا منها أو مثلها، وتجزئ؛ لأن الله لم يوجب على العباد عبادتين بدون سبب، هذا الرجل عيَّنها وتَعينت، ولكن عابت عيبًا يمنع من الإجزاء، وقال: بدلًا من أنها عابت أبدلها، فبدلها، فالصواب أنها تجزي، ولو كانت واجبة قبل التعيين.

إذن (إلا أن تكون) هذا الاستثناء على القول الراجح لا حاجة إليه إذا ذبح بدلها.

قال: (والأضحية سنة) والسنة عند الفقهاء ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه، وعلى كلام صاحب الكتاب أنها ليست واجبة، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء رحمهم الله؛ فمنهم من قال: إنها سنة مؤكدة، ولا يُكرَه تركها؛ لأنها من السنن، والسنن يُكره تركها، ومنهم من قال: إنها سنة يكره تركها للقادر، ومنهم من قال: إنها واجبة. وهذا الأخير ظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ أن الأضحية واجبة على القادر؛ لأنها من شعائر الله، وتعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، ولأن الله قرنها بالصلاة في قوله:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].

ص: 612

والقول بالوجوب قوي جدًّا، فلا ينبغي للإنسان إذا كان قادرًا أن يدعها، ولكن إذا كان الناس في بيت واحد، وقيم البيت واحد، فإنه يجزئ عن الجميع، ولا حاجة كل واحد يضحي، خلافًا لما اعتاده بعض الناس الآن، تجد الأب صاحب البيت يضحي، والزوجة تقول: أبغي أضحي، والبنات المتوظفات يقلن: نضحي، والعيال المتوظفون يقولون: نضحي، هذا خلاف السنة، ما دام المسألة سنة واضحة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا ينبغي أن تُجاوَز، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضحى بواحدة عنه وعن أهل بيته، كم عنده من مرأة؟ تسع زوجات كل واحدة في بيت. واقتصر على ذلك. والمطالَب بالتضحية هو رب البيت؛ لأنها من الإنفاق بالمعروف.

فالحاصل أن الأضحية سنة مؤكدة جدا، ولو قيل بالوجوب لم يبعد، والمطالَب بها من؟ رب البيت، وبقية العائلة لا يطالَبون بها. ويكفي عن الجميع أضحية واحدة.

قال: (وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها) نعم، ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها بأضعاف كثيرة، حتى لو تصدق بأضعاف قيمتها فهي أفضل؛ لأنه كما قررنا المقصود منها التقرب إلى الله بالذبح، وهذه عبادة عظيمة جليلة، كما أن عتق العبد أفضل من الصدقة بثمنه، نعم ربما لو يصيب الناس مسغبة شديدة يحتاجون إلى ثياب، يحتاجون إلى خيام، ربما نقول في هذه الحال: تكون الصدقة بذلك أفضل؛ لأنه لدفع ضرورة، أما مع استقامة الحال فإن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها.

قال: (ويُسن أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثا) ثلث له، وثلث صدقة، وثلث هدية.

ص: 613

أما الثلث الذي لنفسه فواضح، وأما الهدية وتكون للأغنياء فإن فائدتها إلقاء المحبة والألفة والتواصل بين الناس، ففي الإهداء فوائد، وأما الصدقة ففيها أيضا فائدة وهي التحبب للفقراء وكسر حدتهم؛ لأن الفقراء قد يحتدون على الأغنياء، فإن كنا في شعب مؤمن فالفقير يتمنى أن يكون عنده مال يفعل به ما يفعل الغني، وإن كنا في شعب همج فربما يعتدي الفقراء على الأغنياء بالسرقات والسطو على البيوت وغير ذلك.

إذن الصدقة فيها فوائد كثيرة، مع ما فيها من الثواب عند الله تبارك وتعالى، فإن الإنسان قد يتصدق بما يعادل تمرة، فيأخذها الرب عز وجل ويربيها كما يربي الإنسان فلوه، يعني صغير فرسه، حتى تكون مثل الجبل (2). وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«اتَّقِ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» (3).

أما كونه أثلاثًا فهذا ما ورد عن السلف رحمهم الله، ولكن ظاهر القرآن أنه أنصاف بدون ذكر الهدية، قال:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]. فإذا قسمنا هذا صار الأكل نصفًا وإطعام الفقير نصفًا. والأكل الذي منحت إياه أهده لمن شئت. والمسألة ليست يعني بالضيق بحيث يتحرى الإنسان هذا القدر بالميزان، المسألة مقاربة، فيُهدِي ويتصدق ويأكل حول هذا القدر.

قال: (وإن أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز وإلا ضمنها) إن أكلها كلها إلا أوقية، الأوقية معيار معروف توزَن به الأشياء، وهي قليلة جدًّا، أكلها المضحي إلا أوقية تصدق بها، من أين أخذ الأوقية؟ أخذها من لحى الرأس، تعرفون لحى الرأس؟

معروف، رأس الشاة، أخذ الحنك وما عليه من اللحم وتصدق به، ظاهر كلام المؤلف أنه يجزي؛ لأن الله قال:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] يعني: وأطعموا منها، و (من) للتبعيض، فيصدق بأدنى بعض. فإذا أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز.

ص: 614

وإن أكلها كلها يقول: (ضمنها) الضمير يعود على أيش؟ على الأوقية، (وإلا) يعني وإلا يتصدق بالأوقية (ضمنها) أي ضمن الأوقية.

(ويحرُم على من يضحي أن يأخذ في العشر من شعره أو بشرته شيئًا) يحرم على من يضحي، لا مَن يُضَحَّى عنه، أن يأخذ من شعره أو بشرته أو ظفره شيئًا. و (شيئًا) عامة، يعني لا قليلة ولا كثيرة.

دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ، وَلَا مِنْ ظُفُرِهِ، وَلَا مِنْ بَشَرَتِهِ شَيْئًا» (4). والأصل في النهي التحريم.

وقال بعض أهل العلم: بل يُكره ولا يُحرم.

ولكن الأقرب أنه حرام؛ لأن هذا هو الأصل في النهي لا سيما فيما يظهر فيه قصد التعدد. والإمساك عن هذه الأشياء لا شك أنه تعبد.

فإن قال قائل: إلى متى؟

نقول: إلى أن يضحي، فإذا ضحى تحلل، ولكن الآن العوام يسمون هذا الإمساك يسمونه إحرامًا، فيسأل، خصوصًا النساء، هي تريد أن تضحي: هل تُحرِم أو لا تحرِم؟ سموه إحرامًا لأنه يشبه إمساك المحرِمين، ولكنه إمساك وليس بإحرام.

هل يُستثنَى من ذلك شيء؟

الجواب: نعم، يستثنى من ذلك إذا تأذى بشيء من شعره أو ظفره أو بشرته، والبشرة تعرفونها؛ هي الجلد، فإنه يجوز أن يأخذ هذا المؤذي، فلو كان في عينه شعر فله أن يأخذ هذا الشعر؛ لأنه يوجد بعض الناس ينبت في أجفانه شعر يؤخذ بالمنقاش، فيجوز؛ لأنه فعل ذلك دفعًا لأذاه، كذلك انكسر الظفر، وتأذى به، فله أن يأخذ المنكسر، كذلك تطاير شيء من جلده، وأكثر ما يكون في الشقوق بالرِّجل وبقي نابيًا يتأذى به، كلما مسه شيء تأذى به، يجوز أن يقصه أو لا؟ يجوز؛ لأنه كالصائل، تجوز مدافعته بأي وسيلة.

وفي قواعد ابن رجب رحمه الله: من أتلف شيئًا لدفع أذاه لم يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه. فهمتم القاعدة؟

ص: 615

من أتلف شيئًا لدفع أذاه لم يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه. واضح الفرق؟ واضح إذن ما حاجة للشرح.

طلبة: يحتاج للشرح.

الشيخ: أباح الله عز وجل للمحرم إذا تأذى من رأسه بقمل أو وسخ أو جروح أن يحلق الشعر وأوجب عليه الفدية، لماذا؟ لأنه أتلف الشعر لدفع أذاه به، أي بإتلافه، فضمن، وأما لو نزل الشعر في عينه أو انكسر الظفر وتأذى بهذا اللي انكسر وقصه فهنا أتلفه لدفع أذاه. والله أعلم.

طالب: شيخ أحسن الله إليكم، «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ» هل يدخل فيه المحرِم؟

الشيخ: لا المحرم لا يدخل؛ لأن لا بد أن يقصر من شعره إذا كان متمتعًا، أو يحلق إذا كان قارنًا أو مفردًا أو متمتعًا في يوم العيد.

الطالب: بس يجوز (

) نظاره وشعر بسيط في الجسم؟

الشيخ: كيف؟

الطالب: ما يجوز له أن يأخذ ..

الشيخ: ما دام لم يعقد الإحرام يأخذ ما شاء.

يعني مثلًا الإنسان (

) نقول: لك أن تأخذ مما شئت.

طالب: شيخ، قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ» هل هذا يكون صارفًا عن الوجوب يا شيخ؟

الشيخ: لا، ما هو بصارف. لو قلت: إذا أردت أن تصلي فتوضأ، هل هذا يدل على أن (

) هذا ينبئ عن إرادة (

).

طالب: شيخ، الصدقة (

).

الشيخ: إي نعم، لكن أقل شيء كما قال المؤلف أوقية.

طالب: أحسن الله إليك (

) البيت (

) بيته، هل يدخل في أهل البيت أخوه وأمه وإخوانه؟

الشيخ: حسب النية، حسب نيته. إلا أن عرف الناس الآن أن أهل بيته هم الذين معه في البيت، دون الأقارب (

) لكن لو نوى بأهل البيت كل قرابته شمل حسب النية.

طالب: شيخ، بارك الله فيك، يضحوا الهدي الضحية ..

الشيخ: يضحوا الهدي!

الطالب: يعني يضحوا (

) ولكن يأكلون منه قبل الذبح (

) ويركبون على ظهره.

الشيخ: يأكلون منها قبل الذبح!

طالب: يُؤَكِّلُونها.

الشيخ: إي نعم.

ص: 616

الطالب: الذبيح (

) على الضحك (

).

الشيخ: هو لا بد يؤكلونها، لازم يؤكلونها ويعطونها الماء أيضًا، ويدخلونها عن البرد وعن الحر.

طالب: يركبون على ظهره.

الشيخ: يركبون على ظهره! الخروف يركَب عليه!

طالب: يمر على الصراط يا شيخ، باعتقادهم أن من أركب ظهره يمر على الصراط (

).

الشيخ: هذا غير صحيح، مبني على حديث ضعيف جدًّا أو باطل:«اسْتَفْرِهُوا (5) ضَحَايَاكُمْ؛ فَإِنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ» (6). لعلهم أخذوا هذا من الحديث، وهذا لا يصح، استفرهوا يعني خذوا شاة مثلًا فارهة، لكن قوله:«فَإِنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ» (

) يركبونها على الصراط هذا غير صحيح، هذا موجود عندكم؟

طالب: عند (

) يا شيخ.

الشيخ: قل: عندنا ولا تستح يا أخي، ما هو أنت! وإذا كان كذلك فاحرص على أنه تدفع هذا الاعتقاد.

طالب: شيخ، أحسن الله إليك، هل ورد فضل في أن إذا كان يوافق يوم عرفة يوم الجمعة ورد فيه فضل؟

الشيخ: لا، ما ورد فيه فضل، لكنه فيه فضل، وهو أنه يوم الجمعة خير أيام الأسبوع، ويوم عرفة خير أيام العام.

أيضًا عشية عرفة الدعاء حري بالإجابة، وعشية الجمعة الدعاء حري بالإجابة.

أيضًا يوافق الحجة أن تكون كحج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن حجته كانت الوقفة فيها يوم الجمعة.

أما قول العوام: إنها عن سبعين حجة فهذا لا أصل له.

طالب: (

) أن كثيرًا من الحجاج اضطر إلى الذهاب من منى يوم الثاني عشر قبل الزوال، فبالنسبة للرمي الذي لم يرم ماحكمه؟

الشيخ: تركوا واجبًا.

الطالب: أُفتوا بأنه يجوز لهم الرمي قبل الزوال أو يجوز لهم التوكيل، علمًا بأنهم سيطوفون للوداع في الوقت قبل أن يرمي الموكل؟

الشيخ: قبل أن يرمي الموكل، نعم. شوف ها الفتوى قسمان، قسم لها حظ من النظر، هذا نقول: الفتوى من حيث هي، هذه يجب مراعاتها ويُنظر فيها، وربما يقول بها الإنسان عند الضرورة.

ص: 617

قسم آخر: ليس لها حكم من النظر، هذه لا يُلتفت إليها، ولا يُعمل بها، هذا بالنسبة للخلاف من حيث هو، أما بالنسبة للعامي فالعامي إذا أفتاه من يرى أنه أهل للفتوى برئت ذمته، خصوصًا فيما لا يمكن تداركه، أما ما يمكن تداركه سهل، يقال له: اذهب وارم في المثال اللي قلت، لكن ما لا يمكن تداركه (

) أما الفتوى بجواز الرمي قبل الزوال فلا وجه لها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان هناك رخصة لرخص فيها، أو فعلها، كيف يتحرى أشد ما يكون من الحر، وهو وسط النهار، في أمر ليس بواجب، وإذا علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم من حين ما تزول الشمس يشرع في الرمي قبل صلاة الظهر فإن هذا يدل على أنه كان ينتظر الزوال بفارغ الصبر حتى تزول الشمس ويرمي. افهمت؟

والقول بالمشقة نعم وارد، ولا شك أن المشقة واردة، لكنلماذا لم يأذن الرسول عليه الصلاة والسلام للضعفاء على الأقل، أن يرموا قبل الزوال وينفروا؟

فالصواب أنه لا يجوز الرمي قبل الزوال، وأنه لا وجه للفتوى بذلك، حتى وإن قال بها من التابعين من قال، أو من الأئمة من قال.

طالب: هذا رأيكم يا شيخ؟

الشيخ: هذا رأيي، وهذا أنقل لكم أيضا رأي مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز.

الطالب: ولا يوكلون؟

الشيخ: لا، التوكيل غير وارد أصلًا، لكن يكون عليهم دم، إلا أنه كما قلت لك إذا استفتوا من يظنونه عالمًا فالإثم عليه.

طالب: أحسن الله إليكم يا شيخ، ذكرنا أن المسعى لا يُعد من البيت.

الشيخ: نعم.

الطالب: طيب من يصلي فيه الآن أيأخذ أجر البيت؟

الشيخ: إذا اتصلت الصفوف بارك الله فيك، إذا اتصلت الصفوف لو يصلون إلى الأبطح.

طالب: قد تنقطع يا شيخ في (

الشيخ: لا ما تنقطع؛ لأن مش هيجوها المصلون.

ص: 618

وسُنَّ أن يَأْكُلَ ويُهْدِيَ ويَتَصَدَّقَ أَثلاثًا وإن أَكَلَها إلا أُوقِيَّةً تَصَدَّقَ بها جازَ وإلا ضَمِنَها ويَحْرُمُ على مَن يُضَحِّي أن يَأْخُذَ في العَشْرِ من شَعَرِه أو بَشَرَتِه شَيْئًا.

(فصلٌ)

تُسَنُّ العَقيقةُ: عن الغلامِ شاتان وعن الجارِيَةِ شاةٌ تُذْبَحُ يومَ سابعِهِ.

فإن فاتَ ففي أربعةَ عَشَرَ، فإن فاتَ ففي أَحَدٍ وعشرينَ، تُنْزَعُ جُدُولًا ولا يُكْسَرُ عَظْمُها، وحُكْمُها كالأُضْحِيَةِ إلا أنه لا يُجْزِئُ فيها شِرْكٌ في دَمٍ، ولا تُسَنُّ الفَرَعَةُ ولا العَتيرةُ.

(كتاب الجهاد)

وهو فَرْضُ كِفايةٍ، و (يَجِبُ) إذا حَضَرَه، أو حَصَرَ بلدَه عَدُوٌّ، أو اسْتَنْفَرَه الإمامُ، وتَمامُ الرِّباطِ أربعون يَوْمًا، وإذا كان أبواه مُسلِمَيْنِ لم يُجاهِدْ تَطَوُّعًا إلا بإذْنِهِما،

هذا هو الأهم، قال الله تعالى:{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37].

فإن قال قائل: لو كان في المسلمين مسغبة، وكانت الصدقة بالدراهم أنفع، تسد ضرورة المسلمين، ففي هذه الحال نقول: دفع ضرورة المسلمين أوْلى؛ لأن فيها إنقاذًا للأرواح، وأما الأضحية فهي إحياء للسنة، لكن قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل.

ثم قال المؤلف: (وسن أن يأكل ويُهدي ويتصدق أثلاثًا) يعني كيفية توزيع الأضحية، أفاد المؤلف بقوله.

الطالب: قلنا في قوله: إن كان أنفع لها ويتصدق بها.

الشيخ: نعم.

الطالب: قلنا: القول الراجح.

الشيخ: (يتصدق به) أي بالصوف.

الطالب: إي نعم، قلنا القول الراجح: هو مخير إما يتصدق بها أو يأخذها.

الشيخ: نعم.

الطالب: لو باعها.

الشيخ: لو باع هذا؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: ما فيه بأس.

الطالب: يجوز ذلك؟

الشيخ: يجوز نعم.

ص: 619

طالب: أحسن الله إليك، إذا ضُحي عن الميت استقلالًا، ألا يقال إنها بدعة، فإنه لم يرد عن الشرع النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعلها، نتقيد بالحديث أو لا يجوز؟

الشيخ: بعض العلماء قال: إنها بدعة، وبعضهم قاسها على الصدقة، فالصدقة قد جاءت بها السنة.

الطالب: وهو نوى أضحية يا شيخ.

الشيخ: إي نعم، هو نوى أضحية، فيكون الأضحية من جملة المقصود بها نفع الفقراء.

طالب: شيخ، أحسن الله إليكم، ذكرتم في اليوم بأنه لا بأس بأن يبيع الإنسان صوفها، الفقهاء منعوا بيع الجلد، أي فرق بين الصوف والجلد؟

الشيخ: تعرف أن الفقهاء يقولون: حتى الصوف ما يجوز بيعه. يقول: إذا جز صوفها؛ لأنه أنفع، فهل يجوز أن يبيعه؟ المذهب لا يجوز، يتصدق به، ولا يجوز بيعه، لكن القول الراجح أنه يجوز أن يتصدق به.

طالب: والجلد؟

الشيخ: الجلد جزء من اللحم، تدخله الحياة، وليس في حكم المنفصل بخلاف الصوف فهو يشبه اللبن، لو كان فيها لبن وحلبه فله أن يبيعه، وله أن يتصدق به، وله أن يشربه.

طالب: بارك الله فيكم، قول المؤلف:(ويتعينان بقوله: هذا هدي أو أضحية)، يخرج منه الهدي الواجب؟ هدي التمتع الواجب؟

الشيخ: لا، يدخل في هذا.

الطالب: لا بد من تعيينه.

الشيخ: كيف لا بد؟ لا، ما هو لا بد، قلنا: كل أضحية أو هدي إذا ذبحها بالنية تعيَّنت.

الطالب: بمجرد الشراء يا شيخ قلنا قبل ..

الشيخ: لا، بمجرد الشراء ما يكون، لا بد أن يعين.

الطالب: قبل التعيين يا شيخ (

) (وإن تعيبت بعد تعينها ذبحها وأجزأته إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين) مثلنا بالهدي.

الشيخ: إي نعم، صحيح.

الطالب: مثلنا بالهدي.

الشيخ: هذا صحيح، هذه واجبة في ذمته؛ يعني معناها أنه في ذمته يجب أن يذبح شاة.

الطالب: بمجرد الشراء؟

الشيخ: لا، ما هي بالشراء، ما هي بالشاة المعينة، أن يذبح شاة غير معينة.

طالب: (

الشيخ: قد يدفع، وقد لا يدفع.

الطالب: يدفع (

).

الشيخ: إذا دفع، لا بأس طيب.

ص: 620

الطالب: هذا يعتبر بيع؟

الشيخ: لا، ما باعك، هو دفع للذي أعطاه خيرًا منها.

الطالب: (

الشيخ: إي، لكن ما دخل عليه الآن، ما هو بيع، هذا شراء، اشتراط زائد.

طالب: قلنا: يا شيخ القول الراجح أنه يجوز لصاحب الأضحية أن يبيع صوفها، فهل يعطيه الجزار؟

الشيخ: الجزار؟

الطالب: الجازر.

الشيخ: منين؟

الطالب: من الصوف؟

الشيخ: إي، إذا قلنا: بجواز بيعه ملكه، يعطي الجازر، ويشتري بها خبز زي ما هو (

).

طالب: قلنا: يا شيخ، يجوز الانتفاع بالصوف، إذا جاز الانتفاع بالجلد، فبالصوف أوْلى، لكن هذا يا شيخ بعد الموت ما هو قبل الموت.

الشيخ: أيوه.

طالب: والانتفاع بالصوف ..

الشيخ: الصوف أصله ما يُجَز، لا يمكن جزه إلا إذا كان أنفع لها.

الطالب: فإذا كان أنفع لها؟

الشيخ: إذا كان أنفع لها وجزه، وأراد أن يبيعه أو يتصدق به أو ينتفع به فله ذلك.

طالب: الدليل على جواز الانتفاع به؟

الشيخ: أنه جزء منفصل كاللبن كما أنه إذا حلبها بعد التعيين، فإن اللبن له، يتصرف فيه كما شاء.

***

الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى: وإن تعيبت ذبحها وأجزأته إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين، والأضحية سنة، وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها، وسُن أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثًا، وإن أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز، وإلا ضمنها، ويحرم على من يضحي أن يأخذ في العشر من شعره وبشرته شيئًا.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قل لنا بماذا يتعين الهدي؟

طالب: يتعين الهدي أولًا: بالقول، بأن يقول: هذا هدي، ثانيًا: يتعين بالفعل المختص به كالإشعار والتقليد.

الشيخ: إذن يتعين بالقول، وبالفعل الدال عليه، الدال على التعيين، والأضحية، الأخ؟

طالب: الأضحية ..

الشيخ: بماذا تتعين؟ قل بارك الله فيك بماذا تتعين؟

طالب: من الأنعام.

ص: 621

الشيخ: لا، لست أسأل ما الذي يُضحَّى به، أسأل بماذا تتعين الأضحية؟ إنسان عنده شاة متى تكون أضحية لازمة؟

طالب: تتعين بقوله: هذه أضحية.

الشيخ: بقوله: هذه أضحية؛ يعني بالقول، تتعين بالقول، وهل تتعين بالفعل؟

طالب: لا تتعين.

الشيخ: ليش؟

الطالب: لا إشعار ولا تقليد.

الشيخ: لأنه لا يسن لها إشعار ولا تقليد، لكن لو فُرض أن هناك علامة خاصة في الأضحية يضعها الناس، ويرون أن ما حصل له هذه العلامة فهو أضحية تعيَّنت؛ يعني معناه كل فعل يدل على التعيين فإن التعيين به.

هل يجوز بيع الأضحية؟

طالب: فيه تفصيل يا شيخ.

الشيخ: ما هو؟

الطالب: إن باعها للانتفاع بثمنها فلا يجوز، أما إن باعها ليشتري خيرًا منها، فهذا جائز.

الشيخ: إي؟

طالب: لا يجوز بكل حال يا شيخ.

الشيخ: لا يجوز بكل حال، على القول الصحيح. هل يجوز إبدالها؟

طالب: يجوز إبدالها بخير منها.

الشيخ: يجوز إبدالها بخير منها. ما هو الدليل على منع البيع؟

طالب: الدليل من الأثر والنظر، فأما النظر بأنه زاد (

)، وأما الأثر ..

الشيخ: هذا الدليل على إبدالها بخير منها. ما الدليل على تحريم بيعها؟

الطالب: الدليل على تحريم بيعها بأنها تعينت لله عز وجل.

الشيخ: أخرجها لله فلا يجوز له الرجوع فيها.

الطالب: كمن هاجر لله من مكان من بلاد كفر، فلا يجوز له أن يرجع إلى هذا البلد ..

الشيخ: ولا فيه دليل؟

الطالب: نعم، يوجد دليل.

الشيخ: ما هو؟

الطالب: الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر لا، عندما ..

الشيخ: حين حمل على فرس ..

الطالب: حين حمل على فرس في سبيل الله فقال له: «لَا تَشْتَرِهْ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ؛ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ (

(1).

الشيخ: والبيع نوع؟

الطالب: من العود.

الشيخ: نوع من الرجوع في الصدقة، إبدالها بخير منها، ما هو الدليل على جوازه؟

ص: 622

طالب: عندما قال أحد الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم: لئن فتح الله على يديك بيت المقدس.

الشيخ: لا، فتح الله عليك؟

الطالب: أيوه، بيت المقدس.

الشيخ: الرسول ما فتح له بيت المقدس.

الطالب: بلاد الشام.

الشيخ: ولا بلاد الشام.

طالب: لأصلين في بيت المقدس.

الشيخ: قال: إني نذرت أن أصلي في بيت المقدس إن فتح الله عليك مكة، فماذا قال له؟

الطالب: «صَلِّ هَاهُنَا» .

الشيخ: «صَلِّ هَاهُنَا» . كمل.

الطالب: «صَلِّ هَاهُنَا» .

الشيخ: فأعاد فقال؟

الطالب: «صَلِّ هَاهُنَا» .

الشيخ: فأعاد ثلاثًا فقال: «شَأْنكَ» (2). هل يجوز أن يعطي الجازر شطره منها؟

طالب: لا.

الشيخ: لا، كيف؟ ! ما هو الدليل أو التعليل؟

طالب: التعليل بأنها معاوضة؛ ولأنها لله خالصة.

الشيخ: وإعطاؤه أجرته منها نوع من البيع؛ لأنه كأنه باعها في الواقع، باعها بالمنفعة التي انتفعها من هذا الجزار. هل يجوز أن يُهدي له؟

طالب: نعم، يجوز.

الشيخ: يجوز.

طالب: يجوز الهدية إن كان غنيًّا يهدي، وإن كان فقيرًا فلا يجوز، استحق عليه الإثم.

الشيخ: بشرط ألا ينقص ذلك من الأجرة شيئًا، كذا؛ لأنه اشترط ألا ينقص من الأجرة من أجل هديته أو صدقته.

يترتب على قولنا: إنها تتعين بالتعيين ما سمعتم أنه لا يجوز بيعها، ولا إبدالها إلا بخير منها، ولا يجز صوفها إلا إذا كان أنفع لها، ومما يترتب عليه لو تعيبت؟

طالب: التعيب فيها فيه تفصيل، إذا كان التعيب بإهمال منه فإنه يضمنها.

الشيخ: إذا كان بفعله أو تفريطه.

الطالب: بفعله أو تفريطه يضمنها؟

الشيخ: نعم.

الطالب: إن كان تركها في يوم بارد بدون مأوى يقيها من البرد، والثاني: تعيبت بغير فعله.

الشيخ: ولا تفريطه.

الطالب: ولا تفريطه، فإنه لا يضمنها، وتجزئه حتى لو اختل شرط من شروط الأضحية.

الشيخ: لماذا يكون بالأول يضمنها، وفي الثاني لا يضمنها؟

طالب: لأن الأول يضمنها؛ لأنها بتفريطه وبفعله واختياره، والثاني لا يضمنها؛ لأنها بغير إرادته.

ص: 623

الشيخ: وهي عنده أمانة، هي عنده بمنزلة الأمانة. لو كانت واجبة في ذمته قبل التعيين، هل تجزئ إذا تعيبت؟

طالب: لا تجزئ.

الشيخ: لا تجزئ، لماذا؟

الطالب: لأنها واجبة من الأصل.

الشيخ: لأنها واجبة في ذمته سليمة، فيجب أن يذبحها سليمة، إذا ذبح بدلها، فهل له أن يسترجعها هي؟

طالب: فيه خلاف.

الشيخ: وما هو الصحيح؟

الطالب: الصحيح أن له أن يستفيد منها.

الشيخ: أن له أن يسترجعها، صحيح، وكذلك لو ضاعت فإنه يذبح بدلها إذا كانت واجبة في ذمته قبل التعيين، فإن رجعت فهي ملكه على القول الراجح.

يقول المؤلف: إن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، فلماذا؟

طالب: لأن في ذبح الأضحية تقرب إلى الله عز وجل بإظهار شعيرته.

الشيخ: بالذبح. وإذا تصدق بثمنها هل يجزئ عن الأضحية؟

الطالب: لا.

الشيخ: لا يجزئ، أحسنت؛ لأن {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37].

ص: 624

طالب: الهدف نفسه.

الشيخ: في أيش؟

الطالب: يعني: بعض النساء يكون عندهم الدورة غير منتظمة تنتظم بهذه الحبوب، وهذا استعمال لكنه ..

الشيخ: إذن لا بأس.

الطالب: هذه الأمور الأخرى؟

الشيخ: الثاني أشبه الكحة.

الطالب: في بعضها فيه كحول.

الشيخ: لكن يمكن تتمكن من مجيئها هنا، ويُسْمح لها؟

الطالب: إي، كل الأدوية هذه بعضها ما يذوب إلا في الكحولات أصلًا.

الشيخ: إي، لكن أنا ما أظن أن وزارة الصحة تسمح لها هكذا أبدًا، يمكن فيها جزء يسير ما يؤثر.

الطالب: هو جزء.

الشيخ: إي، جزء يسير ما يؤثر.

الطالب: بس أنا سألتك قبل ذلك قلت: إنه هذا ما يَصْدُق عليها أنها خمر؛ إذا كان هذا الشيء يسيرًا فلا يصدق عليه حكم الخمر.

الشيخ: نعم، ما فيه شك.

هذه واحدة.

الثالثة: دهان مستوردة من بلاد نصرانية، هذه ما فيها شيء، الأصل السلامة.

طالب: (

الشيخ: ما عليك شيء -إن شاء الله- أبدًا.

طالب: شيخ، بعض أدوية الكحة تكون مسكرة.

الشيخ: والله إذا ثبت هذا ..

الطالب: بعض المدمنين يأخذون الزجاجة كلها فيسكرون.

الشيخ: لكن، هل إنها مسكرة سكرًا حقيقيًّا؛ يعني: تُغَطِّي العقل على وجه اللذة؟

الطالب: نعم، إذا شرب كل الزجاجة يسكر.

الشيخ: (

) إذا كَثَّر معلوم.

طالب: ما تباع هنا، يا شيخ.

ص: 625