الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالجواب: لا، فلو لم تحد وانتهت المدة خرجت من العدة، ولكنها آثمة.
***
[باب الاستبراء]
ثم قال المؤلف رحمه الله: (باب الاستبراء) الاستبراء: طلب البراءة، والمراد: طلب ببراءة الرحم من الحمل، هذا هو الاستبراء.
قال: (من ملك أمة يُوطَأُ مثلها من صغير)(مِن صغير) بيان للمالك، (من صغيرٍ وذَكَرٍ وضِدِّهِمَا) ضد الصغير: الكبير، وضد الذكر: الأنثى، (حَرُمَ عليه وطؤها ومقدماته قبل استبرائها).
(من ملك أمة يُوطَأُ مثلها) وهي التي تَمَّ لها تسع سنين، (حَرُمَ عليه وطؤها ومقدماته) سواء كان المالك صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، لكن الأنثى لا تطأ، وسواء ملكها أيضًا من صغير أو من كبير أو من ذكر أو من أنثى فإنه يجب عليه استبراؤها، سيأتي ذكر الاستبراء.
إذن (من صغير وكبير) يصح أن نفسرها بالمالك وبالمملوك منه؛ أي: بالبائع والمشتري منه.
مثال ذلك: رجل اشترى يُوطَأُ مثلها من صغير يجب عليه أن يستبرأها؛ أعني: المشتري يستبرؤها، ليش؟ خوفًا من أن يكون في بطنها ولد.
فإذا قال قائل: إذا ملكها من صغير هل يمكن الصغير أن يطأها؟ يعني: ولد صغير له سبع سنوات عنده أمة ورثها من أبيه -مثلًا- وباعها هذا الصغير؛ باعها وليه، فهل يجب على المشتري الاستبراء؟
يرى المؤلف أن الاستبراء واجب؛ لأنه ملكها؛ تجدد ملكه عليها.
والقول الثاني أنه لا يجب الاستبراء في هذه الحال؛ لأن الاستبراء طلب براءة الرحم من الولد، وهنا لا يمكن أن تلد، حتى لو وطئها هذا الصغير ما ولدت منه.
لو قال قائل: الصغير لا يمكن أن تحمل منه، لكن أَلَا يمكن أن يكون أحد زنى بها؟
فالجواب: بلى، لكن الأصل عدم ذلك.
كذلك لو ملك أمة من امرأة -إنسان اشترى جارية من امرأة- فإنه يجب استبراؤها مع أن المرأة هل يمكن أن تجامع الجارية؟ لا يمكن أن تجامعها، حتى لو حصل سحاق ما يمكن أن تحمل من ذلك.
والقول الثاني أنه إذا ملكها من امرأة لم يجب عليه استبراؤها؛ لأن الاستبراء إنما هو لطلب براءة الرحم، وهنا لا حاجة إليه.
لو ملكها رجل، لكن الرجل قال له: إنه لم يجامعها، أو قال: إنه استبرأها بحيضة قبل البيع، فهل يستبرؤها المشتري أو لا؟
إذا كان البائع غير ثقة فإنه يجب على المشتري استبراؤها؛ لأنه لا يثق من قول البائع، وأما إذا كان البائع ثقة يخاف الله عز وجل وقال للمشتري: إنه استبرأها، أو قال للمشتري: إنه لم يجامعها فالمذهب يجب استبراؤها.
والقول الثاني: لا يجب، وهو الراجح؛ لأن المقصود من الاستبراء أيش؟ العلم ببراءة الرحم، وهنا نعلم أنه ليس بها حمل؛ لأن الرجل الذي باعها أخبر بأنه استبرأها أو أخبر بأنه لم يجامعها، ونحن نثق بقوله، فلا استبراء.
يقول رحمه الله: (حرم عليه وطؤها ومقدماته) أما وطؤها فلا إشكال، وأما مقدماته فلسد الذريعة؛ سدًّا للذريعة، أتعرفون مقدمات الوطء؟ كالتقبيل، والغمز، والضم، وما أشبه ذلك، قالوا: يحرم عليه مقدمات الجماع؛ سدًّا للذريعة؛ لأنه ربما لا يملك نفسه، إذا قويت شهوته لا يملك أن يجامع.
ولكن الصواب أن مقدمات الجماع لا تحرم؛ لعموم قول الله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6]، وهذا مالك لليمين، وهذا يمين مالكه، لكن يمنع من الجماع خوفًا من أن يكون في بطنها حمل، فالصواب أن مقدماته لا تحرم.
نعم، لو فُرِضَ أن الرجل ضعيف العزيمة ويخشى على نفسه خشية محققة لو أنه أتى بمقدمات الجماع أن يجامعها، فحينئذٍ نمنعه، ويكون لكل مسألة حكمها.
فإن قال قائل: كيف لا تحرم مقدماته مع تحريم الوطء؟
نقول: هذا الحائض يحرم وطؤها ولا يحرم مقدمات الجماع، هذه الصائمة يحرم وطؤها ولا تحرم مقدمات الجماع؛ كالتقبيل، وما أشبه ذلك.
(ومقدماته قبل استبرائها) واستبراء الحامل بوضعها؛ يعني: بوضع الحمل، ومن تحيض بحيضة، والآيسة والصغيرة بمضي شهر، فإذن الاستبراء ثلاثة أقسام:
استبراؤها بوضع الحمل؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة أوطاس: «لَا تُوطَأُ ذَاتُ حَمْلٍ حَتَّى تَضَعَ» (9).
الحائض استبراؤها بحيضة؛ لأن الحامل عادة لا تحيض.
التي لا تحيض لصغر أو إياس تستبرأ بشهر؛ لأن الله تعالى جعل الشهر بدل الحيضة في قوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]. فهذه أحوال الاستبراء، ثلاث فقط؛ الحامل بوضع الحمل، الآيسة أو الصغيرة بشهر، التي تحيض بحيضة، والله أعلم.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا تُوطَأُ ذَاتُ حَمْلٍ حَتَّى تَضَعَ» ، هل هذا الحديث يدل على أن الحامل لا توطأ؟
الشيخ: لا، الحامل من الغير؛ لأن هؤلاء النساء مسبيات قد حملن من أزواجهن، فقال: لا توطأ حتى تضع، وأما زوجة الإنسان فله أن يطأها إلا أن يضرها، إن ضرها فلا يجوز، وأما بدون ضرر فهي زوجته.
طالب: شيخ، إذا وُجِدَ مع المحتدة محرم هل لها أن تخرج في الليل؟
الشيخ: لا تخرج إلا لضرورة.
طالب: (
…
) ضوابط الحاجة؟
الشيخ: الحاجة: ما دون الضرورة؛ يعني -مثلًا- الكماليات هذه حاجة.
طالب: بارك الله فيك، ذكرنا أنه إذا مات زوجها ولها مسكنان فلها أن تعتد في أيهما شاءت (
…
) مرة هنا أو مرة .. ؟
الشيخ: لا بأس (
…
) -مثلًا- أسبوع وهذا أسبوع، أو هذا في الليل وهذا في النهار.
طالب: يا شيخ، (
…
) بيتها -مثلًا- في وسط المدينة، ومعروف في وقتنا الحاضر أن المدينة في الليل يكون السكان أكثر من النهار، فهل لها أن تخرج في الليل؟
الشيخ: ما تخرج إلا للضرورة.
طالب: شيخنا -الله يحفظك- بالنسبة لتزيين الأسنان أو تركيب الأسنان، الآن يركبون الأسنان ويزينونها، فهل هذا يحرم أيضًا على (
…
)؟
الشيخ: الظاهر أنه يحرم حتى تنتهي العدة، كل شيء فيه تجميل هو حرام إلى أن تنتهي العدة.
طالب: هل يتعبر متعدد المساكن مساكن الأبناء؟
الشيخ: لا، إذا صار لها مسكن مع زوجها ولها أبناء لهم مساكن، ما تخرج لأبنائها، تبقى في بيت الزوج.
طالب: وطء الحامل هل يؤثر في اختلاط النشأة؟
الشيخ: لا، ما يؤثر، الحامل -إن شاء الله عز وجل على حسب ما أراده سبحانه وتعالى ولا يؤثر، لكن قال الإمام أحمد: إن وطء الحامل يزيد الحمل نموًّا ويزيد في سمعه وبصره، وقد جاء في الحديث:«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُسْقِي مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» (10).
طالب: المعتدة (
…
) أجبرها والديها بالانتقال إليهما، فما الحكم في هذا؟
الشيخ: لا يجوز، يقول: إن المرأة المعتدة إذا أجبرها أبوها أو أمها على أن تسكن مع أبيها أو أمها، فنقول: لا يجوز لهما إجبارها، وإذا أجبراها لم يلزمها أن توافق، لكن إذا أكرهاها فحينئذٍ لا ذنب عليها.
طالب: المحتدة إذا كان في عرفكم بلباس معين؛ يعني نوع من اللباس، هل تلتزم بلباس معين؟
الشيخ: لا، المعتدة لا تعتد بلباس معين، خلافًا لما كان الناس يعتادونه فيما سبق، يقولون: إن المرأة المعتدة من الوفاة لا بد أن تلبس ثوبًا أسود أو أخضر، وهذا لا أصل له، تلبس ما شاءت من الثياب إلا ثياب الزينة.
طالب: جزاكم الله خيرًا، المعتدة إذا كانت في بلاد الغربة -يعني ما فيها أهلها- هل تعتد .. ؟
الشيخ: ساكنة ولا طارئ؟
الطالب: ساكنة.
الشيخ: إي نعم، تبقى في مكانها حتى تنتهي العدة، ما لم تخف على نفسها.
طالب: حكم استعمال الحناء للمعتدة؟
الشيخ: من الوفاة؟
الطالب: نعم يا شيخ.
الشيخ: هل الحناء تحسين أو لا؟
الطالب: للضرورة يا شيخ.
الشيخ: هل الحناء تحسين أو لا؟ ما أسألك عن الضرورة وعدم الضرورة.
الطالب: نعم، تحسين.
الشيخ: إذن ما يجوز.
طالب: للعلاج يا شيخ؟
الشيخ: إذا كان للعلاج فهذا لا بأس به، على أني في شك من هذا؛ لأن امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: إن ابنتها مات عنها زوجها وإنها تشتكي عينها، أفنكحلها؟ قال:«لَا» (11)، فقياس هذا على كحل العين للعلاج أقرب من الإباحة، ولكن لكل حالة حكمها؛ قد تكون هناك ضرورة بينة والعلاج بالحناء أيضًا ناجع، فهنا نجيزه؛ مثل لو كانت يدها -مثلًا- تتقشر، الجلد يتقشر والحناء تخفف، فهذا قد نجيزه.
طالب: شيخ -بارك الله فيك- إذا كان ليس يوجد فيه إلا إخوة الزوج وتخشى من دخولهم عليها، هل يحق لها الخروج من المنزل؟
الشيخ: تخشى من دخولهم عليها؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ولو دخلوا، إذا كان ما فيه خلوة والإخوان هؤلاء أناس ثقات ما عليها شيء، تبقى في بيتها.
طالب: أحسن الله إليك، بالأمس أخذنا من الحاجات التي تبيح للمرأة المعتدة أن تخرج من بيتها لضيق صدرها، فتذهب عند جارتها، لو قال قائل: كيف تجيزون ذلك ومظن المضرة؛ يعني ربما يحصل لها مرض؛ يعني ضيق الصدر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمح لهذه المرأة تكحل عيون ابنتها (11)؟
الشيخ: الفرق بينهما ظاهر؛ هذا إحداد في المكان، وذاك إحداد في الحال، والتجمل متصل بالبدن، أما هذا فهو ظرف منفصل.
***