الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على كل حال مثل هذه المسائل إحنا ودّنا إن الناس يتحركون إلى طلب الدليل، ما يبقون راكدين هكذا؛ لأن الركود في الحقيقة موت للأفكار، وتعطيل للنصوص، لكن إذا بِدّنا ناس يتحركون نحو الدليل وصاروا يتباحثون فيما بينهم حصل في هذا خير كثير، وانفتحت أبواب من العلم ما كانت مفتوحة؛ لأن العلماء الذين أَلَّفُوا يعيشون في عصر غير عصرنا، وتجدَّد من القضايا والأمور ما يحتاج إلى نظر شديد، فإذا بقينا على ما سبق فهذا معناه الجمود والركود، لكن إذا فتحنا أبواب المعرفة والاستدلال ففي الكتاب والسنة من مسائل العلم ما لا يوجد في الكتب، وكثيرًا ما تبحث عن مسألة من المسائل في الكتب وتدوّر وتطلبها ما تجدها، لكنك لو راجعت الكتاب والسنة وجدتها في الكتاب والسنة إما منطوقًا أو مفهومًا أو إشارةً.
شروط القاضي انتهينا منها، كم صارت؟
طلبة: عشرة.
الشيخ: عشرة، وناقشنا ما يحتاج إلى النقاش فيها مع ذكر الأدلة.
[باب آداب القاضي]
أما آداب القاضي الواجبة والمستحبة فللقاضي آداب واجبة، وهي مراعاة العدل، لأن الله يقول:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ} أيش؟
طلبة: {أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} .
الشيخ: {أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58] فيجب على الإنسان مراعاة العدل أولًا في الحكم، بل قبل هذا أولًا في طريق الحكم، ثم في الحكم، طريق الحكم معناه أن يكون استقصاؤه مع أحد الخصمين كاستقصائه مع الخصم الآخر؛ لأنه قد يستقصي القاضي مع شخص ويلح عليه ويعنته حتى ينقطع ويعدل عن أن يقوم بالحجة، ويكون مع الشخص الآخر على غير هذه الحال، بمجرد ما ينطق يأخذ بقوله، وهذا حرام ما يجوز.
كذلك أيضًا من طريق الحكم قد يكون القاضي مع أحد الخصمين إذا أتى بالبينة قَبِلَها، والثاني إذا أتى ببينته حاول أن يجد فيها جارحًا حتى تُرَدّ، هذا أيضًا محرَّم، فلذلك يجب العدل على القاضي في معاملة الخصمين أنفسهما.
قال العلماء: يعدل بينهما في لفظه، وفي لَحْظِه، وفي المجلس، وفي الدخول؛ الدخول عليه يخليهم يدخلوا الاثنان، هذا إذا صار هو اللي يرتِّب الدخول، هو أو البواب اللي عند الباب، ما يقول: يا فلان ادخل قبل الثاني، إما أن يقول: ادخلوا وخَلَّى مسألة التقديم والتأخير عائدًا إلى؟
طلبة: إليه.
الشيخ: إليه يعني: أن يقول البواب: ادخلوا، وخَلَّى التقديم والتأخير عائدًا إليه، أو يقول: ادخلَا جميعًا، أو: ادخلوا جميعًا، إذا كان الباب واسعًا، وأما إنه يقول: تفضل يا فلان، ويُقَدِّمه على الآخر، فهذا لا يجوز.
كذلك أيضًا في المجلس، يجب يعدل بينهما في المجلس، ويكونان بين يديه لا على يمينه ولا على يساره؛ لأن جلوسهما عن يمينه إذا أجلس أحدهما على اليمين معناه أنه؟
طالب: قَدَّمَه عليه.
الشيخ: فضَّله على الآخر؛ إذ الأيمن أحقّ وأقدم، ثم إن القاضي إذا أجلسهما على يمينه ويساره ما يستطيع أن يعرف مِن تأثُّر وجوههما في الإدلاء بالحجة، ما يعرف مَن المحق؛ لأن الإنسان اللي بيُدْلِي بالحجة إذا كانت باطلة لا بد أن يتأثر؛ إما في نظره أو في ملامح وجهه، فإذا كانوا أمامه استطاع أن يعرف مَن هو له الحق إذا كان عنده فِرَاسة، لذلك لا يُجْلِسهما عن يمينه ولا عن يساره، بل بين يديه.
كذلك أيضًا ما يُقَدِّم واحدًا، واحد يحطه على كَنَب، وواحد يحطه على عتبة حجر حَرْشَة، ما يمكن هذا، ما يجوز، لماذا؟ لأنها خلاف العدل، إن جاؤوا إليك الآن كل واحد منهما في كفّة يجب أن تُسَوِّي بينهما، ما تحط واحدًا على مجلس جيد ومريح والآخر على خلافه.
يجب عليه كذلك أن يعدل بينهما (في لفظه)، اللفظ يجعله واحدًا بقدر الممكن، لا يقول لأحدهما عندما يطلب منه الحجة: ما حجتك بارك الله فيك، والثاني يقول: ويش تقول أخذك الله؟ هذا ما يصلح، السبب؟
طالب: لخلاف العدل.
الشيخ: هذا خلاف العدل، ثم إن فيه تقوية لأحد الجانبين وقد يكون مُبْطِلًا، ويكون فيه إضعاف للجانب الآخر ولو كان عنده حجة، الإنسان حجته صحيحة وقوية إذا عامله القاضي هذه المعاملة، والثاني عامله تلك المعاملة، لا بد أن يهون في نفسه وأن يضعُف عن الإدلاء بالحق أو الحجة، لذلك يجب أن يعدل بينهما في اللفظ.
لو كان أحدهما قريبه قال له: صَبَّحَك الله بالخير، كيف الأهل، ويش لون الوالد، ويش لون الأخت، ويش لون البنت، والثاني قال: سلام عليكم، عليكم السلام، يجوز ولّا ما يجوز؟
طلبة: ما يجوز.
الشيخ: ما يجوز؛ لأن الناس الآن القريب والبعيد في حد سواء، حتى إن الفقهاء رحمهم الله ذكر بعضهم أنه يقدِّم المسلم على الكافر في الدخول، والصحيح أنه ما يقدِّم؛ لأن الناس في هذا المكان كلهم على حد سواء، المقام مقام حُكْم، فلا بد أن يكون بحسب العدل، وإذا كان تحب أنك تسأل قريبك عن أقاربك فبعد انتهاء القضية اسأله عما تريد، اعزمه أيضًا، حطه جنبك على الكَنَب (
…
)، لكن ما دام في القضية فإنه لا يجوز أن تفضِّل أحدًا على أحد.
كذلك قال العلماء: يجب أن يعدل بين الخصمين في لَحْظِه، (لَحْظه) لام حاء ظاء، في لحظه، أي: في نظره وملاحظته، كيف ذلك، هل يمكن هذا؟
طالب: (
…
).
الشيخ: إي نعم، يمكن واحد ينظر إليه بنظرة غضب وبعين حمراء أو ما يناظر، والثاني ينظر إليه بعين الرضا والانبساط، فهذا أيضًا لا يجوز، يجب أن يكون النظر إليهما واحدًا في كميَّته وكيفيَّته، الكمية ما يجب إذا أدلى الأيسر بحجته ولم يُنْظَر إلى الأيمن، وإذا أدلى الأيمن بحجته وإذا هو ينظر إليه، يصير فضل بينهما في؟ في الكمية، خَلَّى عيونه دائمًا في الأيمن، الأيسر ما يناظر ولو كان هو اللي يدلي بالحجة، أو بالكيفية بأن ينظر إلى هذا نظر غضب، وإلى هذا نظر رضا، وهذه معروفة عند الناس.
فالمهم أنه يجب أن يعدل بين الخصمين في طريق الحكم، وفي الحكم أيضًا، إذا تبين له الحق مع أحدهما يجب الحكم له، وفي الأمور الأربعة التالية وهي: الدخول عليه، والمجلس، واللفظ، واللحظ، كل هذه من الآداب الواجبة؛ لأنها من العدل الذي أمر الله به في قوله:{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58].
طالب: (
…
).
الشيخ: إي نعم، إذا تطاول أحدهما على الآخر أو على القاضي مثلًا فله أن ينتهره؛ لأنه هنا هو الذي قام بسبب هذه الغضبة عليه.
طالب: (
…
).
الشيخ: على حسب الحال، فيه ناس يحسن إنك تُغْلِظ عليهم، وناس يجب أنك تخفف عنهم، المهم لا يفضل واحدًا على الثاني، حتى لو فُرِضَ واحد معروف بالفسق والفجور، وآخر معروف بالعدل والاستقامة، وجاؤوا يختصمون في أمر بينهما، ويش الواجب؟
طلبة: العدل بينهما.
الشيخ: العدل بينهما، حتى لو أن هذا الرجل الثاني الفاجر الفاسق من أقرب الناس عندك رؤيةً ونطقًا، المقام الآن واحد، لا بد أن يكونَا على حد سواء.
طالب: والرجل والمرأة؟
الشيخ: حتى الرجل والمرأة سواء، بس طبعًا النظر ما هو واحد، عند المرأة بالنسبة للآداب المستحبة، الآداب المستحبة قالوا: إنه ينبغي أن يكون حليمًا من غير ضعف، وقويًّا من غير عنف، كيف قوي بدون عنف، هل يمكن هذا؟ يمكن يكون قويًّا في ذات الله سبحانه وتعالى، وفي تنزيل الحكم، وفي استخلاص القرائن مثلًا، لكنه دون عنف، وهذا ما يسمى عند الناس بقوة الشخصية، ويمكن يصير إنسان من أعنف ما يكون وهو ما هو بقوي، ولّا لا؟ (
…
) أي شيء الذي يبدأ، لكنه ليس بقوي فهذا أيضًا ما يستقيم، لا بد أن يكون قويًّا ولكن بدون عنف، وبعض الناس قوي ويكون عنيفًا، وهذا أيضًا ليس بمستحب.
هي أربعة أقسام في الحقيقة: قوي عنيف، والثاني: ضعيف غير عنيف، والثالث: عنيف بلا قوة، والرابع: قوي بلا عنف، هذه الأخيرة هي المطلوبة، كذلك ينبغي أن يكون حليمًا بدون ضعف؛ لأن غير الحليم اللي بيؤاخِذ على كل شيء كل دقيق وكل جليل هذا صعب، الرسول عليه الصلاة والسلام قال له الرجل: إن هذه قسمة ما أُرِيدَ بها وجهُ الله، يقول للرسول صلى الله عليه وسلم، هذا ويش يوجِب من الإنسان، ويش يفعل؟ يوجِب يعني أكبر عنف عليه، لكن الرسول ما قال هكذا، بل قال:«خِبْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ» (13)، هذه كلمة بسيطة لكنها في الحقيقة دَقّ على قلب هذا الرجل.
كذلك أيضًا بعض الناس يكون حليمًا لكنه ضعيف مسكين، تجد الخصمين عنده يتناوشون ويتلاسنون ويتشاتمون وتضيع الحجة وهو (
…
) آخر ما يكون (
…
).
طالب: (
…
).
الشيخ: (
…
) هذا خطأ أيضًا، يعني ينبغي يكون للقاضي وقار وهيبة، لكنها لا تُضَيِّع الحق، فالضعيف مُشْكِل، والعنيف مُشْكِل، لكن قولوا لي: هل هذه الآداب من الأمور الممكنة أو هي أمور غريزية؟
طلبة: غريزية.
الشيخ: هي أصلها غريزة، صحيح، الأصل أنها غريزة، لكنها تحصل بالاكتساب، بالتمرن عليها تحصل، ولهذا نجد الناس مثلًا كانوا من أهل الفجور، ومن أهل العنف، ومن أهل الانحراف، فمَنَّ الله عليهم بالعلم، تعلَّمُوا وصار هذا العلم مَكَّنَهُم من أخلاق فاضلة ما كانوا عليها من قبل، قلنا: إن الإحسان يُكْتَسَب، فهذا لا شك أنها غريزة، ولكنها تحصل أيضًا بالاكتساب.
ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأشَجّ عبد القيس: «إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ» .
طالب: (
…
).
الشيخ: لأشج عبد القيس: «إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ» ، قال: يا رسول الله، خُلُقَيْنِ تخلَّقتُ بهما أو جُبِلْتُ عليهما؟ قال:«جَبَلَكَ اللهُ عَلَيْهِمَا» ، فقال: الحمد لله الذي جَبَلَنِي على ما يحب. (14)
فقوله: تخلَّقت بهما، دليل على أن مثل ذلك يحصل بالاكتساب، لكن الذي يحصل بالاكتساب قد يزول؛ لأنه يحتاج إلى ضبط، إن الإنسان يضبط نفسه جازمًا ويكون على حذر، بخلاف الذي يكون هذا الأمر جِبِلَّةً له فإنه يكون طبيعةً، لكن هذا يحتاج إلى كبح جماح النفس دائمًا وملاحظتها دائمًا.
ولهذا يجب أن نقول بما ذكره الفقهاء أن يكون حليمًا، وأن يكون لَيِّنًا، وأن يكون قويًّا، هي الأصل أنها أخلاق غريزية، ولكنها تحصل بالاكتساب.
ينبغي أيضًا من الآداب التي ذكرها الفقهاء أنها مستحبة ألَّا ينزل بنفسه إلى سفاسف الأمور، مثل سؤال الناس، وعدم التعفف عما في أيديهم ولو بغير طريق مباشر، قد يكون بغير طريق مباشر، ما يقول للناس: أعطوني ساعة، أعطوني قلمًا، لكن يأخذ ساعة ويضعها عنده ويقول: والله هذه ساعة طيبة، (
…
) خصوصًا إذا قال: ما يوجد مثلها، يعني ما دام ما هي موجودة إلا عندك أعطني إياها، مثل هذه الأمور أيضًا ينبغي أنه يبعد نفسه عنها.
كذلك أيضًا من الأمور التي ينبغي أن يُنَزِّه نفسه عنها أن يكون مجلسه مع العامة مجلس انتهاء وابتداء له، وألَّا يَرَوْا منه شيئًا، أنا لا أقول: يتكبَّر على الناس، لكني أقول: ينبغي أن يكون له وقار، حتى لا يُمْتَهَن فيُبْتَذَل؛ لأن مَن لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمُ، ومَن يَهُنْ يسهُل الهوان عليه، أنت لا تكون مُتَرَفِّعًا عن الناس؛ لأن هذا ليس من خُلُق الرسل وأتباعهم، ولكن لا تكن مُبْتَذَلًا بينهم بحيث يستهين الناس بك، ولا (
…
) شيئًا، كذلك هل من الآداب أن يكون مُتَنَزِّهًا أو أن يكون غير مجيب للدعوات؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: يعني هل مفهومه أنه ينبغي للقاضي إذا دُعِيَ أن يجيب؟
طالب: لا.
الشيخ: اتباعًا لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام، أو نقول: ينبغي أنه إذا دُعِيَ يقول: والله أنا ما أقدر.
طالب: حسب الحال.
الشيخ: والله أنا رأيي كلمة حسب الحال واسعة بالمذهب، لكن ما أدري أيش الحال اللي تقتضيها.
طلبة: إذا كان طرفًا في القضية هذا (
…
).
الشيخ: يعني إذا كانت الدعوة رشوة فأنا لا أجيب، أما إذا لم تكن كذلك فأنا أجيب؛ لأن إجابة الدعوة فيها مصلحة، غير امتثال الشرع، امتثال الشرع فوق كل شيء، لكن فيها أيضًا مصلحة وهي معرفة الناس وأحوال الناس؛ لأن اللي ما يخالطهم ما يمكن يعرف ولا يعيش معهم، الناس (
…
) لكن إذا خالَط الناس وامتزج بهم أولًا أن الناس يألفونه أكثر، وكان من ..
هنا توقف الشيخ رحمه الله عن شرح متن الزاد إلى الشرح من مذكرة أخرى.
والتوجيه نعم، ولا أقول: إنه يفعل مثلما يفعل بعض الناس، يفرض نفسه على الجماعة؛ بعض الناس يجي مثلًا يحاضر، ثم يصطحب معه كتابًا (
…
) يقول: اقرأ حتى ينتهي المجلس، والناس ما تكلموا معه ولا عرفوه، هذه طيبة، لا شك أن العلم طيب، لكن يمكن أن تُوصل إلى المجلس مسائل ينتفعون بها ومن حياتهم اليومية أكثر مما ينتفعون مما يستمعون هذا الكتاب مثلًا.
أو مثلًا إذا شك أنهم (
…
)، أحيانًا في المجلس يتكلمون شوي (
…
)، كل واحد يتهيَّب أن يتكلم، هذه لا بأس أنك تقول: واحد مثلًا اقرأ آية من القرآن أو حديث من الأحاديث، مين تكلم عليه؟ نعم بحسب الحالة.
المهم الذي نقول: إن مجالسة الناس خصوصًا بالنسبة للقاضي، أو للأمير، أو للإنسان بيحتاج إلى معرفة أحوال الناس أنه من الأمور الهامة، ولكن بشرط ألا تؤدي إلى الابتذال والامتهان، هذا لا بد منه.
هل مثلًا من الآداب أن يلتزمَ هيئة معينة بأن يلتزم العمامة مثلًا، والمشلح، والكم الواسع، وما أشبه ذلك، أو يتبع في ذلك وقته؟ يتبع في ذلك الوقت؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الصحابة رضي الله عنهم لما نزحوا إلى الأقطار بعد فتحها صاروا يلبسون كما يلبس الناس، صاروا يلبسون؛ ولهذا تحولت الألبسة الآن بدل من الرداء والإزار.
طالب: إلى قمص.
الشيخ: إلى قُمص (
…
)، وأشياء أخرى. فالمهم أنه من الآداب ينبغي أن يسلك ما يسلكه الناس، لكن إذا قال: كل القضاة مثلًا، أو العلماء على هذا النمط، فهل الأولى أن أخرج عن طريقهم وأتبع طريق العامة، أو أن آخذ بطريق نظير؟
وهذا الأخير هو الحق إن الإنسان يأخذ بطريق نظيره، لكنه إذا كان هذا الطريق قد تناساه الناس وتركوه؛ فلا حرج عليه في تركه.
كان الناس في الأول -حسب ما أسمع- ما يمشي العالم، أو الإنسان المعروف بالتديُّن إلا ومعه عصا (
…
) ومسواك، ولهذا قال أحد الشعراء عندنا:
ثَلَاثَةٌ لِلطُّوعِ قَدْ تَحُوزُ
مَهَفَّةٌ مَلَفَّةٌ عَكُّوز
المهفة معروفة، والملفة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لا، الملفة العمامة والعكُّوز: العصا، فيكون شرط الطوع عندهم أن يكون حائزًا على هذه الثلاثة؛ وهي:
ثَلَاثَةٌ لِلطُّوعِ قَدْ تَحُوزُ
مَهَفَّةٌ مَلَفَّةٌ عَكُّوز
الملفَّة (
…
)، ولَّا لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: والعكوز أيضًا بدأ يتلاشى، والمهفة أيضًا ذهبت؛ لأن الناس يصطحبون المهفة بالأول؛ لأنه ما في الأماكن أسباب راحة كما في هذا الوقت الحاضر، فكانوا يصطحبونها، أما الآن فالحمد لله هنأها الله.
طالب: (
…
).
الشيخ: كيف؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: (
…
).
الطالب: (
…
).
الشيخ: إي، صحيح، نعم.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا، ما أظنهم، ما يأخذون هذا من الناحية الشرعية، يأخذونها دلالة على أن هذا (
…
) القضاة (
…
)، يأخذونها كعلامة؛ لأنك تعرف الناس الآن ما لهم إلا المظاهر، ويمكن ما يحصل إلا بمظهرهم الذي يرونه مظهر عالم ولا قاضٍ ولَّا ما أشبه ذلك.
(
…
) ما يقصد التعبد، وما قصد أنه يتعبد لله، ولا قصد أن هذا الزي من الأمور المشروعة (
…
)، بل ومن العادة التي يعتادها مثل هذا الصنف من الناس، ثم إنه لا بد أيضًا من أن يكون هناك خلو القلب من الرياء، وبعدين إذا صار فيه مثلًا رياء حتى إن بعض الناس يتصنع مثل هذه الأمور، يتصنعها (
…
) نظره نعم، ويمشي على الأرض يدب بيه، يتصنع، هذا هو اللي ما لا ينبغي. لعلنا نقتصر على هذه الآداب.
(من لا يُقبل حكمُه له) القاضي ليس كل واحد يُقبل حكمه له، نعم، هناك أناس لا يقبل حكمه لهم لأسباب متعددة:
أولًا: إذا كانوا له شراكة، أو له شركة فيما حكم به فإنه لا يقبل حكمه؛ تخاصم إليه شخصانِ في أمر هو شريك فيه لأحد الخصمين فلا يحكم لشريكه به، السبب؛ لأن حكمه به حُكم لنفسه، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: حكمه لنفسه، فإذا كان حكمه به حُكمًا لنفسه فإنه لا يُقبل أن يحكم لنفسه، ومن هنا نأخذ أيضًا أنه لا يحكم لنفسه بطريق الأولى، فإذا كان بينه وبين شخص خصومة في عين معينة، ووكَّل إنسانًا ليخاصم هذا الرجل، وقال: تخاصموا عندي، يجوز ولَّا ما يجوز؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز؛ لأنه إذا حكم هنا.
طالب: يحكم لنفسه.