الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (آنية). لو قال قائل: ما شأن الآنية؟ الآنية تحفظ الخمر وغيرها، فهي تُستعمَل في الخمر وغيره؟
نقول: لأنه لما كان الخمر فيها ذهبت حُرمتها بذهاب حرمة ما فيها، فلا تُضمن.
وقوله: (غير محترمة) أفادنا رحمه الله أن الخمر المحترمة إذا كسر آنيتها فهو ضامن، فما هي الخمر المحترمة؟ هي خمر الذمي؛ الذمي الذي يعيش في بلاد المسلمين بالجزية خمره محترمة؛ بمعنى أنه لا يحل لنا أن نريق خمره التي يشربها، لكن بدون إعلان، لا يعلنها؛ ذمي في بيته يشرب الخمر، لا يجوز لنا أن ندخل بيته ونكسر أوانيه أو نريق خمره، لماذا؟ لأنه يعتقد حله، ولم يعلن به، فيكون محترمًا كاحترام دم الذمي وماله، والخمر عند الذمي مال يُباع ويُشترى.
طيب، المعاهَد والمستأمِن حكمهما حكم الذمي؛ لأن المعاهَد والمستأمن قد عاهدا المسلمين على ألا يتعدى عليهما أحد، لكن لو أن الذمي أظهر الخمر، وخرج إلينا بكؤوسه يشرب في أسواقنا فهنا انتقض عهده، ولم يكن له عهد، وخمره محترمة ولَّا غير محترمة؟
طلبة: غير محترمة.
الشيخ: غير محترمة، ذكروا أيضًا أن من المحترم من الخمر؛ خمر الخلال؛ الخلال الذي يبيع الخل، فيُخلِّل، وفي يومٍ من الأيام تخمَّر الخل؛ إما لشدة الحر أو لسببٍ آخر، قالوا: إن خمر الخلَّال مُحترَم؛ وعللوا ذلك بأنه لو كان غير محترم لزم على الخلال ضرر عظيم، هذا ماله فيتضرر بهذا. وهذه المسألة تحتاج إلى نظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الخمر تُتخذ خلًّا؛ قال: لا، وهذا الخلَّال سوف يحبس الخمر حتى تتخلل، وربما يخللها هو بنفسه، ففيما قاله الأصحاب في هذه المسألة نظر، فالله أعلم.
[باب الشفعة]
ثم قال المؤلف رحمه الله: (باب الشفعة) الشفعة مأخوذة من الشفع، وهو ضد الوتر. وسميت بذلك؛ لأن الشريك يضم نصيب شريكه إلى ملكه؛ فلذلك صار كجعل الوتر شفعًا.
أما اصطلاحًا فيقول: هي استحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه -يعني الحصة- بعِوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد، انتبه للشروط؛ للقيود التي فيها الاحتراز:
أولًا: يقول: إنها استحقاق انتزاع حصة شريكه، لا بد أن نأتي بالمثال أولًا: رجلان شريكان في أرض، فباع أحدهما نصيبه على ثالث، فللشريك الذي لم يبع أن ينتزع من المشتري هذا النصيب قهرًا عليه، ويضمه إلى ملكه، فتكون الأرض كلها لمن؟
طلبة: للشريك.
الشيخ: للشريك الأول الذي ..
(باب الشُّفْعة)
وهي استحقاقُ انتزاعِ حِصَّةِ شَريكِه مِمَّن انْتَقَلَت إليه بعِوَضٍ مالِيٍّ بثَمَنِه الذي اسْتَقَرَّ عليه الْعَقْدُ، فإن انْتَقَلَ بغيرِ عِوَضٍ أو كان عِوَضُه صَدَاقًا أو خُلْعًا أو صُلْحًا عن دمٍ عَمْدٍ فلا شُفعةَ،
ثم قال المؤلف رحمه الله: (باب الشُّفْعة)، الشُّفْعة مأخوذة من الشَّفْع، وهو ضد الوتر، وسميت بذلك؛ لأن الشريك يضم نصيب شريكه إلى ملكه؛ فلذلك صار كجعل الوتر شفعًا.
أما اصطلاحًا فيقول: (هي استحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه) يعني الحصة بعِوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد، انتبه للقيود التي فيها الاحتراز.
أولًا: يقول إنها استحقاق وانتزاع حصة شريكه، لا بد أن نأتي بالمثال أولًا؛ رجلان شريكان في أرض، فباع أحدهما نصيبه على ثالث، فللشريك الذي لم يبع أن ينتزع من المشتري هذا النصيب قهرًا عليه، ويضمه إلى ملكه، فتكون الأرض كلها لمن؟ للشريك الأول الذي لم يبع، هذه الشفعة.
المؤلف يقول: (استحقاق انتزاع) والحقيقة أن في هذا التعريف نظرًا؛ لأن الشفعة حقيقة انتزاع الحصة وليست الاستحقاق؛ لكن لا يستحق الانتزاع إلا بشروط، فالصواب أن يُقال في التعريف: الشفعة انتزاع حصة الشريك ممن انتقلت إليه .. إلى آخره، دون أن يُقال: استحقاق؛ لأن هناك فرقًا بين الاستحقاق وبين الانتزاع، ولهذا لو باع أحد الشريكين نصيبه فالشريك الأول مستحِق، فإذا أجاز البيع ولم يأخذه، فهل هناك شفعة؟ لا، إذن التعريف ليس بجيد، فالصواب أن يُقال: انتزاع حصة شريكه إلى آخره.
طالب: شيخ -بارك الله فيكم- بالنسبة لإجازتنا لضرب الدف عند قدوم الغائب.
الشيخ: لا، ما هو كل الغائب.
الطالب: عند قدوم الغائب الكبير المعظَّم، يعني هذا يا شيخ سوف يتخذوه ذريعة في كل من ذهب وأتى (
…
) يعظم له، ونفعل كذا، ثم إن هذا قضية عين، هذه المرأة النبي صلى الله عليه وسلم إنما أجازها؛ لأنها نذرت، ثم لم يتكرر هذا مع قدوم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، كبار الصحابة، وأئمة العلم، يعني لا نُعلم إلا في قضية واحدة، شيخ، وسبق معنا مرارًا أن بعض الأحاديث والأدلة، وهذه قضية عين لا يُقاس عليها، تُحفظ بدون قياس (
…
).
الشيخ: لا، ما هو صحيح، لو كانت كلما جاء الرسول دفوا له لكانت سُنَّة، لكن لما دفته هذه المرأة ونذرت، لو كان محرمًا لقال الرسول: لا وفاء لنذر في معصية الله، فدل ذلك على أنه جائز، وهذا أيضًا مما تدعو إليه النفوس؛ يعني إنسان أمير كبير ولَّا ملك يأتي إلى الناس النفوس لا بد أن تظهر الابتهاج به.
الطالب: شيخ، مثل قضية المرأة التي في حديث الفضل بن عباس لم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: في أيش؟
الطالب: في الحج في حجة الوداع.
الشيخ: لم ينكر عليها أيش؟
الطالب: أنها كانت سافرة.
الشيخ: سافرة؟ هذه بها نزاع، هل هي سافرة ولَّا على الفضل رضي الله عنه كان ينظر إلى جسمها وهيكلها، كما اختاره بعض علمائنا المعاصرين الذين لهم قدم صِدْق في العِلم.
طالب: شيخ، الشريعة لا تُفرِّق بين المتماثلين، لو قال قائل: ما هو الفرق بين الطبل والدف؟
الشيخ: يقول: الشريعة لا تُفرِّق بين المتماثلين، فلو قال قائل: ما الفرق بين الدف والطبل؟
نقول: القول بأنهما متماثلان قول من لا يعرفهما تمامًا؛ لأن الرنة في الدف ليست كالرنة في الطبل، الطبل مختوم من الجانبين فيكون له رنة أبلغ في التأثير من الدف، والدف إنما يكون في جانب واحد؛ ولهذا يسمى أحيانًا الغربال، مثل الذي تغربل به الحبوب.
طالب: بارك الله فيكم، الذِّمِّية التي تحت مسلم من أهل الكتاب إن كان يجوز لها أن تشرب الخمر، فهل يجوز لزوجها إراقة الخمر أو كسر آنيته؟
الشيخ: لا، ما يجوز، الذمية تشرب الخمر عند زوجها المسلم لا بأس.
طالب: والصليب كذلك؟
الشيخ: والله الصليب، قد يُقال: في النفس منه شيء؛ لأن الصليب نوع عبادة، ما هو أكل أو شُرب، فقد يُقال: إن له أن يمنعها كما أنه له أن يمنعها من أن تلبس حليًّا معينًا حتى لو حلي مباح إذا كانت نفسه تتقزَّز منه فإنه يمنع الزوجة منه، كما يلزمها أيضًا بقص الأظافر وإزالة الوسخ، فهذه تكون من حقوق الزوجية، إذا قال لها مثلًا: أنا لا أريد أن تلبسي الصليب؛ لأن نفسي تتقزز منه، فله أن يمنعها من هذه الناحية.
طالب: ما حكم إتلاف كتب أهل البدع؟
الشيخ: أحسنت، إتلاف كتب أهل البدع أولى من إتلاف المزمار؛ لأن هذه تغير الأديان، ولكن -كما قلت لكم- الذي يُؤمر بذلك هو الذي هي بيده، أعني صاحبها، ثم ولي الأمر، أما أن يُجعل هذا لكل واحد من الناس فإنه يحصل فيه من الفوضى والشر أعظم وأعظم، ولهذا لما أنكر أبو حنيفة على الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويفعلون أشياء تُنكَر عليهم، قيل له: إن هذا أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وهو فرْض، قال: لكن ما يفسدون أكثر مما يصلحون، وهذا من فقه أبي حنيفة رحمه الله؛ أن الإنسان يوازن بين المصالح والمفاسد، فإذا كان يترتب على هذا مفسدة أعظم؛ فإنه لا يجوز أن يتقدم الإنسان إلى إنكاره.
طالب: أحسن الله إليكم، ماذا تقولون في الأناشيد التي تُباح في (
…
)؟
الشيخ: أولًا: كلمة ماذا تقولون؟ في مخاطبة من يُعلِّمك هذه جافية جافة، السؤال: ما تقول؟ أو كلمة نحوها، يعني كلمة ما تقولون؟ يعني أنك جعلت من يعلمك ندًّا لك؛ فلذلك نعاقبك تعزيرًا بعدم الجواب.
طالب: شيخ -بارك الله فيك- شخص عنده إناء مكتوب فيها بعض الآيات القرآنية، ويغسل كل ما جاء عنده طفل مريض يغسل هذا ..
الشيخ: إي نعم، هذا سؤال جيد وإن كان ليس معنا، لكنه جيد، يعني بعض الآنية يُكتب فيها آيات من القرآن، ورأيي في ذلك أنه حرام؛ لأنه إن قصد الاستشفاء بها فليس ذلك من طريق السداد، وإن قصد التبرك فهو أشد وأبعد عن طريق السداد، فلم يبقَ إلا أن هذه الآيات الكريمة تُمتهن وتكون مبتذلة، والإناء قد يُرمى به، وقد يأخذه الصبيان ويعبثون به، فلهذا نرى أن كتابة الآيات في الأواني الكتابة المحفورة هذه، نرى أنها حرام، وأنه يجب على من هي عنده أن يسعى في طمس هذه بأن تُربَّ برباب من الرصاص أو نحوه حتى تزول.
طالب: شيخ -بارك الله فيكم- في الرياضيات والحساب هناك يوجد إشارة زائد، وهي تشبه تمامًا الصليب، وهي واردة من الغرب أصلًا، فهل نعملها نحن؟
الشيخ: إي نعم، يعني علامة زائد ما فيها شيء؛ لأن القرائن لها أثرها، الآن يوجد في بعض البُسط الكبيرة هذه عند الوشي والتزويق، يوجد مبنية على مربع يشبه الصليب، ثم اعلم أن أصل الصليب أن تكون الخط المعترض فوق، لكن تطور حتى صار مع التساوي يُسمَّى صليبًا، فلا أرى فيها شيئًا (
…
).
طالب: بعض الناس يتقرب إلى الله عز وجل بشراء كتب المبتدعة ويحرقها، ويقول: إن هذا أفضل من شراء الكتب النافعة وتوزيعها.
الشيخ: من أجل أن يُكثر الأموال للمبتدعة حتى يطبعوا أكثر، أو ما فهمت؟
الطالب: فهمت.
الشيخ: هو إذا بثوا في السوق هذه الكتب يعرفون ربحهم، فإذا اشتراها ربحوا، ثم طبعوا أكثر.
طالب: كيف يتصور إتلاف كتب أهل البدع؟
الشيخ: يتصور إتلافها أن الإنسان يتلف ما قدر عليه، ما نقول: اشترها ودع كتب أهل السنة، ما يمكن نقول هذا.
طالب: إذن يرجع إلى الإمام أو ..
الشيخ: هو يرجع الحقيقة إلى المسؤولين في الأمة، يعني إلى ولاة الأمور، يجب أن يمنعوا جميع الكتب اللي فيها بدع أو التي فيها دعوة للشر.
طالب: هل يُشرع يا شيخ محو الصلبان (
…
) السجاد و (
…
) السيارات قد تكون غير مقصودة؟
الشيخ: والله -كما قلت في الجواب قبل قليل- يعني بَيِّن الشيء المقصود وغير المقصود، اللي غير مقصود، وإنما هو مثلًا تطريز مربعات، هكذا مثل الصليب يتبع بعضها بعضًا ما فيها شيء هذه.
طالب: قول المؤلف: الخمر غير محترم، ألا يمكن أن يتلف الخمر بدون كسر الآنية؟
الشيخ: إي نعم، هذا ما ذكرناه إيرادًا وذكرنا جوابه، قلنا: هذا الإناء في نفسه ليس حرامًا، ولكن لما صار فيه ما يجب إتلافه صار تبعًا له على أنه ربما يُقال: إن كلام المؤلف آنية خمر، أن هناك آنية خاصة بالخمر كما عندنا مثلًا القهوة، لها آنية خاصة ولَّا لا؟ ما هي الآنية الخاصة بالقهوة؟ الدلَّة، لو أتى إنسان لك بقهوة في إناء شرب ماء يصير مقبولًا عند الناس ولَّا لا؟ يعني ممكن أن يقال: إن كلام المؤلف رحمه الله: آنية الخمر؛ لا يقصد بذلك كل إناء، إنما يقصد الأواني المخصصة المعدة للخمر، وبهذا يزول الإشكال نهائيًّا.
طالب: إذا قال قائل: إن هذه المزمار والصليب المحرَّم منها (
…
)، أما (
…
) فجائزة، الآن إذا قال: إنه غير مضمون هو ما يجوز (
…
)، أما ما زاد على ذلك من إتلاف فمضمون.
الشيخ: لا، لا بد أن يقول كما قال المؤلف؛ لأن كسرها فيه إهانة لصاحبها، لكن صاحبها إذا أراد أن يُتلفها -كما قلت لكم- إذا كان يمكن أن ينتفع بحطامها فإنه لا يُحرقها (
…
).
***
وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أولًا: عرِّف الغصب.
طالب: هو الاستيلاء على حق غيره قهرًا بغير حق من عقار أو منقول.
الشيخ: حكم الغصْب.
طالب: مُحرَّم.
الشيخ: محرم، الدليل؟
طالب: قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29].
الشيخ: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29].
طالب: وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» (1).
الشيخ: هل إتلاف الكلب مضمون؟
طالب: إتلاف الكلب ليس بمضمون.
الشيخ: ليس مضمونًا، لماذا؟
طالب: لأنه لا قيمة له شرعًا.
الشيخ: لأنه ليس له قيمة شرعًا، الدليل أنه ليس له قيمة شرعًا؟
طالب: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ» (2).
الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك.
يقول المؤلف: إذا استولى على حُرٍّ لم يضمنه، ما مراده؟ أولًا: ما هي الصورة؟ ثم ما المراد؟
طالب: يغصب الحر، ويجعله عنده، ويموت عنده.
الشيخ: يجعله كالخادم عنده.
الطالب: نعم.
الشيخ: هذا الحر مات، يضمنه أو لا؟
الطالب: لا ضمان عليه.
الشيخ: لا ضمان عليه، لماذا؟
طالب: لأنه ليس بمال.
الشيخ: ليس بمال، تمام الحر ليس بمال. طيب لا أدري هل ذكرت لكم الاستثناء؟
طالب: نعم.
الشيخ: إذا حَبَسَ الحر عن العمل، فماذا؟
طالب: إذا حبس الحر عن العمل فإنه يضمن أجرته.
الشيخ: يضمن الأجرة؟ كيف قلنا في الأول: إنه لو استولى عليه ومات لم يضمن، وهنا نقول: إذا حبسه فعليه أجرته؟
طالب: لأنه إذا حبسه فوَّت عليه المنفعة والعمل.
الشيخ: لأن منفعة الحر مضمونة، وأما ذاته فغير مضمونة. طيب رجل غصب شاة فنمت الشاة، سمنت الشاة وولَّدت، فهل يضمنها أو لا؟
طالب: يضمنها.
الشيخ: يضمنها، ويُقوَّم له السمن؛ بمعنى أن الغاصب يُعطى ما زاد على قيمتها نحيفة، طيب أولادها؟
طالب: للمالك.
الشيخ: للمالك؟ إي نعم، هل عندك دليل على هذا؟
طالب: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» .
الشيخ: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» (3). تمام، ذكر المؤلف أن الغاصب إذا بنى في الأرض لزمه أمور، فما هي الأمور؟
طالب: يلزمه القلع.
الشيخ: يلزمه القلع، يعني هدم البناء، هذه واحدة.
طالب: تسوية الأرض.
الشيخ: تسوية الأرض.
الطالب: وأرش نقصها.
الشيخ: أرش نقصها، كيف يعني؟
الطالب: إذا كانت تتضرر بالحفر.
الشيخ: إذا تضررت بالحفر أو البناء فإنه يلزمه أرش النقص. الرابع؟
طالب: الرابع؛ أجرتها.
الشيخ: الأجرة؛ أجرتها مدة بقائها في يده.
لو قُدِّر أن أجرتها تساوي قيمتها تلزمه؟ يعني الأجرة لمدة خمس سنين تساوي قيمتها تلزمه؟
طالب: نعم.
الشيخ: الدليل.
الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ لِعِرْقٍ» ..
الشيخ: الدليل قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» (3).
رجل غصب فرسًا، فحصل عليه صيد؟
طالب: يكون الصيد للغاصب وأجرة الْمِثل للمالك، أجرة الفرس لمالكه.
الشيخ: يعني الصيد للغاصب، وعليه أُجرة الفرس لمالكه، هذا الذي في الكتاب؟
الطالب: لا، يا شيخ هذا الصحيح.
الشيخ: هذا الصحيح، والذي في الكتاب؟
الطالب: أن الصيد للمالك، مثل العبد والجارية.
الشيخ: إي، مثل العبد، توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، رجل غصب بيضًا وصار فرخًا.
طالب: يرد أرش نقصه.
الشيخ: يرد أرش نقصه؟
طالب: إذا نقص.
الشيخ: إن نقص، وإن زاد؟
طالب: لا يرده.
الشيخ: إن زاد فلمالكه، وإن نقص فعلى الغاصب، توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ما معنى قول المؤلف: وما نقص بسعر لم يضمن؟
طالب: إذا نقص المغصوب بسبب نقص الأسعار؛ فإنه لا يضمن.
الشيخ: يعني إذا نقص سعر المغصوب ما هو بالمغصوب، سعره، مثِّل؟
الطالب: مثاله: غصبه وهو يساوي مئتين.
الشيخ: غصبه وهو يساوي مئتين.
الطالب: ثم نزلت الأسعار، وصار لا يساوي إلا مئة وخمسين، فلا يضمن النقص هذا.
الشيخ: فيرده على مالكه، وإن كان نقص خمسين ريالًا من مئتين، كذا؟ هل هناك قول آخر؟
طالب: القول الثاني: قول شيخ الإسلام رحمه الله أن نقص السعر يضمنه.
الشيخ: إن نقص السعر يضمنه، لكن لو قال قائل بقول وسط، قال: إن علمنا أنه حبسه لينقص السعر كما لو غصبه في أيام الموسم، ثم رده على صاحبه فهنا يضمن.
ما معنى قول المؤلف: (ولا بمرض عاد ببُرْئه)؟
طالب: قد يكون رجل أخذ.
الشيخ: لا ما أريد المثال، ما معنى الكلمة هذه (وَلا بِمَرَضٍ عَادَ بِبُرْئِهِ).
طالب: يمرض، ثم يعود.
الشيخ: ما معنى العبارة؟
الطالب: يعود بعد المرض سليمًا.
الشيخ: ما معنى العبارة؟
طالب: أي لا يضمن النقص الحاصل بسبب المرض إن عاد ببرء.
الشيخ: يعني لا يضمن النقص الحاصل بالمرض إذا شُفِي من المرض، إذا عاد، أي عاد النقص.
(ببرئه) أي ببرء الشاة أو العبد أو ما أشبه ذلك، المعنى أنه لو مرض عند الغاصب، ونقصت القيمة بالمرض، ثم شُفي وعاد النقص فإنه لا يضمنه؛ لأنه لم يكن عليه ضرر. لو أنه نقص بالمرض، ولكنه تعلَّم صنعة زاد بها أكثر مما نقص، هل يضمن النقص بالمرض؟
طالب: نعم، يضمن.
الشيخ: لكن الغاصب علمه وزادت قيمته بالتعليم أكثر مما نقص بالمرض.
الطالب: لصاحب العبد هذا يقول: ما هو أريده يتعلم.
الشيخ: لا، ما يقول: ما أريده يتعلم، دا يريده يتعلم مرتين، تخاف يعني تظنه إذا تعلم ينتفخ عليه؟
الطالب: إذا لم يكن هذا التعليم، إذا لم يكن للمرض تأثير فيه فلا يضمن ما زاد.
الشيخ: يعين إذا عاد النقص بتعلم الصنعة فإنه لا يضمن النقص الذي حصل بالمرض، تمام؟ توافقونه؟
طلبة: لا.
الشيخ: ما يوافقونك، من يعرف التفصيل؟ سؤال: هل يضمن النقص بالمرض؟
طالب: نعم، يضمنه.
الشيخ: يضمنه، طيب لماذا لا نجبر هذا بهذا؟
طالب: لاختلاف الجنس، هنا صحة، وهناك تعلم، فنقول: إن هذا العبد كان عندما نقص بالمرض لزم الغاصب في ذمته ضمان النقص، فلما تعلم الصنعة كانت زيادة، وكان مستحقًّا لأن ..
الشيخ: والزيادة تكون لمن؟
الطالب: للمالك.
الشيخ: للمالك، إذن إذا عاد النقص بالمرض بتعلُّم، يعني بصفة أخرى مرغوبة فإنه يضمن النقص، ولا يقول الغاصب: أنا زدته من جهة ونقصته من جهة، فهذه بتلك، نقول: لأن النقص عليك والزيادة لمن؟ للمالك.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الشفعة: وهي استحقاق انتزاع) إلى آخره ذكرنا مثالًا أولًا: رجلان شريكان في أرض، فباع أحدهما نصيبه على ثالث، فللشريك الذي لم يبع أن يأخذ هذا النصيب الذي باعه شريكه على ثالث قهرًا أو باختيار؟ قهرًا، هذه الشفعة وسميت شفعة؛ لأن الشريك الذي لم يبع ضم نصيب شريكه الذي باعه إلى نصيبه فكأنه شَفعه؛ أي: قوَّاه وجعله منضمًّا إلى ملكه.
يقول: (وهي استحقاق انتزاع) إذا تأملنا الشفعة على حسب المثال الذي ذكرنا تبين أن الشفعة ليست استحقاقًا، ولكنها انتزاع، ولهذا يحسن أن يُقال في التعريف: وهي انتزاع حصة شريكه.
وقوله: (انتزاع) تفيد أن الأمر ليس اختياريًّا، وأنه يُنزع منه قهرًا، وهو كذلك.
وقوله: (حصة شريكه ممن انتقلت إليه) أفادنا المؤلف أنه لا ينتزع ملك جاره، وأنه لا شُفعة للجار، وسيأتي الكلام عليه، لكن كلمة (شريك) تُخرج الجار؛ لأن الجار ليس بشريك.
وقوله: (ممن انتقلت إليه) يفيد أنه لا بد من نقل الْمُلك، فلو آجرها فإنه لا شُفعة، مثال ذلك: رجلان شريكان في أرض، أجَّر أحدهما نصيبه منها لشخص ثالث، فهنا لا شُفعة للشريك، لماذا يا إخوان؟ لأن ملكه لم ينتقل، وإنما انتقل النفع فقط، حتى ولو طالت المدة كالصُّبرة المعروفة بالحكورة، وهو أن يؤجره الأرض دائمًا وأبدًا، أو لمدة ألف سنة، أو ما أشبه ذلك، فظاهر كلام المؤلف: أنه لا شفعة في هذا؛ لأن الملك لم ينتقل، وإنما انتقل النفع.
وقوله: (بعوض) خرج به ما لو انتقلت بغير عوض، ولا فرق بين أن يكون انتقالها بغير عوض بملك قهري أو اختياري، فمثلًا: لو أن الشريك مات وله ابن يرثه، فهنا انتقل الملك إلى الابن، لكن بعوض ولَّا بغير عِوض؟
طلبة: بغير عِوض.
الشيخ: بغير عِوض، إذن ليس لشريكه أن يُشَفِّع، وهذا الانتقال انتقال قهري، يعني أن الملك انتقل إلى الوارث قهرًا، فيدخل في ملك الوارث قهرًا عليه، حتى لو أراد الوارث أن يتخلى، وقال: أنا لا أريد نصيبي من التركة، فإنه لا يمكنه ذلك؛ لأن الله ملَّكه إياه {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12]، {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، فلا يمكن أن يتخلى عن شيء ملَّكه الله إياه، فانتقال الملك بالإرث انتقال قهري، لا يمكن للوارث أن يرفضه، فلو مات ميت عن ابنين، فقال أحدهما: أنا لا أريد الإرث، أنا مغنيني الله ولا أريد الميراث، يمكنه هذا؟ لا يمكن، نقول: هو دخل عليك قهرًا بتمليك الله له إياك.
إذا انتقل بغير عِوض على وجه اختياري كالهِبة، فظاهر كلام المؤلف حسب المفهوم أنه لا شفعة، مثاله: شريكان في أرض وهب أحدهما نصيبه لشخص ثالث، فهل لشريكه أن يأخذ بالشفعة؟
أجيبوا على كلام المؤلف؛ لا؛ لأنه انتقل بغير عِوض، لكن هذا الانتقال اختياري، هو الذي قام بهبته، فعلى كلام المؤلف لا شُفعة؛ لأنه انتقل بغير عِوض، والصحيح أن فيها الشفعة؛ لأن الحكمة من إثبات الشفعة موجودة فيما خرج ملكه عن الشريك بالهِبة، والحكمة إذا ثبتت فإنه لا عبرة باختلاف الصور، يعني إذا وُجدت الحكمة فسواء كان ببيع أو بهبة.
إذن (بعِوَض) يخرج به أيش ما انتقل بغير عِوض، وهو نوعان:
أحدهما: أن يكون الانتقال قهريًّا، مثل الميراث، فلا شفعة، وهذا واضح؛ لأن الشريك لم ينقله باختياره.
والثاني: أن يكون انتقال الملك فيه بالاختيار كالهِبة، فالمذهب أنه لا شفعة، والصحيح أن الشفعة ثابتة؛ لأن الحكمة من الشفعة موجودة في الهبة، إذ إن الحكمة من الشفعة إزالة الضرر عن الشريك الأول بالشريك الجديد؛ لأنه قد يكون شريكه الجديد شكسًا سيئ الخلق، فشرع الشارع الشفعة لإزالة هذا الضرر، ثم إن هذا الشريك الجديد قد لا يتلاءم مع الأول فتحصل المنازعات والخصومات والبغضاء، وهذا ما يريد الشرع البعد عنه.
وقوله: (بعوض مالي) أيضًا يشترط أن يكون العوض ماليًّا، فإن لم يكن ماليًّا فإنه لا شُفعة، الأعواض مالية وغير مالية؛ فالمالية كالنقود والثياب والسيارات وما أشبه ذلك، ويشمل العوض المالي الأعيان والمنافع، فمثال الأعيان: إنسان باع ملكه على شخص بسيارات، العِوض هنا مالي ولَّا غير مالي؟
طلبة: مالي.
الشيخ: العِوض هنا مالي، أعيان أو منافع؟
طلبة: أعيان.
الشيخ: أعيان، مثال المنافع؛ إنسان استأجر بيتًا وأعطى صاحب البيت نصيبه من هذه الأرض مثلًا، فهنا فيه عِوَض، لكن العِوَض عين ولَّا منفعة؟
طلبة: منفعة.
الشيخ: منفعة؛ لأنه أعطى نصيبه من هذه الأرض لشخص استأجر بيته واستوفى العِوض منفعة؛ والمنفعة لا شك أنها من الأعواض المالية.
لو أنه أعطاها مُصالحة عن دم عمد، القتل العمد فيه القصاص، أليس كذلك؟ فهذا الشريك قتل شخصًا عمدًا، نقول: عليك القصاص، تَصالح هو وأولياء المقتول بإسقاط القصاص بعِوض على قدْر الدية أو أقل أو أكثر، فهل للشريك الأول أن يأخذ النصيب بالشفعة؟ ! لا؛ لأن العِوض هنا ليس ماليًّا، العِوض قصاص، قتل نفس فلا تُؤْخذ بالشفعة.
وقيل: بل تؤخذ بالشفعة ويأخذها الشريك بقيمتها التي تساوي عند الناس، وهذا القول أرجح؛ لأنها خرجت عن هذا باختياره، والذي نرى أنه كُلَّما خرج الشقص بالاختيار فإن للشريك أن يأخذ بالشفعة، سواء كان العِوض ماليًّا أو غير مالي، فإن كان العوض ماليًّا فواضح أنه يأخذه بعوضه، وإن كان غير مالي قُدِّر بقيمته في السوق.
قال: (بثمنه) الباء حرف جر، وكل مجرور فلا بد له من متعلق؛ لأن المجرور معمول لعامل، والمعمول لا بد له من عامل، كما أن المفعول به لا بد له من فعل ينصبه، المجرور أيضًا لا بد له من فعل يتعلق به، ولهذا قال ناظم القواعد:
لَا بُدَّ لِلْجَارِ مِنَ التَّعَلُّقِ
بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ نَحْو مُرْتَقِي
واسْتَثْنِ كُلَّ زَائِدٍ لَهُ عَمَل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلى آخره.
على كل حال الباء (بثمنه) تحتاج إلى متعلَّق، أين متعلقها، هل هو استحقاق ولَّا انتزاع، ولَّا انتقل، ولَّا أيش؟
طلبة: انتزاع.
الشيخ: نعم، (انتزاع)، وهي استحقاق انتزاع بالثمن، يعني أن الشريك يأخذ الشقص المبيع بالثمن لا بالقيمة.
واعلم أن هناك فرقًا بين القيمة والثمن عند أهل العلم، الثمن ما وقع عليه العقد، والقيمة ما يساوي عند الناس، فمثلًا اشترى رجل بيتًا بعشرة آلاف، ما الثمن؟ عشرة آلاف، لكن هذا البيت يُساوي بين الناس خمسة آلاف، فالقيمة إذن خمسة آلاف، أو يساوي عشرين فالقيمة عشرين، إذن القيمة هي ما يُساوي بين الناس والثمن ما وقع عليه العقد، قد يساوي القيمة، وقد يكون أقل وقد يكون أكثر.
هنا هل يأخذه بالقيمة أو بالثمن؟
طالب: بالثمن.
الشيخ: يقول المؤلف: بالثمن، وسيأتي إن شاء الله أن في هذا تفصيلًا في الدرس القادم.
طالب: (
…
) المنفعة وطلب أن يؤجر هو.
الشيخ: يعني أراد أن يأخذه بالأجرة فلا حق له، لكن سيأتينا إن شاء الله بالتفصيل في كلام المؤلف.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- لو باع لشخص ثالث نصف يعني ..
الشيخ: نصف نصيبه؛ ثبتت الشفعة.
طالب: ألا يكون الثالث شريكًا مثل الأول؟
الشيخ: لا، صاروا ثلاثة، الشركاء الآن، لكن للشريك الأول أن يأخذ بنصيبه مثلًا إذا باع نصف نصيبه صار يأخذ الربع نعم.
طالب: شيخ، من المقرر في الشرع أن العبرة في العقود بالمعاني ليست بالمباني، وإيجار الصبرة هو استئجاره مدى الحياة حتى قد يكون إلى ما بعد الموت وهذا الشريك ..
الشيخ: سيأتينا إن شاء الله.
طالب: إذا انتقل قهرًا إلى الشريك، فإن العلة قد تكون موجودة فيه، فهل يقال بأنه .. ؟
الشيخ: لا، ما يقال؛ لأنه ليس باختياره.
رجل غصب رزًّا (
…
). بصاع من الرز، فما الحكم؟
طالب: يجب عليه أن يخلصه.
الشيخ: يجب عليه تخليصه لو شق عليه. إذا قال لصاحبه: أنا أعطيك صاعين من البُر مما غصبت؟
طالب: المذهب أنه لا يلزمه أن يفعل، وله أن يطالب بعين ماله.
الشيخ: إي نعم، يعني هو غصب بُرًّا وخلطه برز، نقول: لا بد أن يخلصه، فإن قال الغاصب للمالك: أنا أعطيك صاعين بدل الصاع، فإنه -على المذهب- لا يلزمه القبول لوجود عين ماله، والصحيح أنه يلزمه؛ لأن هذا إضرار -بلا شك- قصد الإضرار.
غصب رزًّا فخلطه برز، غصب صاعًا من الرز فخلطه بصاع من الرز، هل يلزمه تخليصه أو لا؟
طالب: لا يلزمه.
الشيخ: لا يلزمه، لماذا؟
طالب: لأنه خلطه بما لا يمكن تخليصه.
الشيخ: لأنه لا يمكن تخليصه؛ إذ لا يتميز هذا عن هذا، إذن ما الواجب؟
الطالب: ننظر إن نقصت القيمة فالغاصب ضامن.
الشيخ: أولًا: هل يكون هذا المال المخلوط مشتركًا بين الغاصب ومالكه؟
الطالب: إن لم تزد القيمة أو تنقص.
الشيخ: لا، هل يكون مشتركًا أولا؟
الطالب: نعم، يكون مشتركًا.
الشيخ: مشترك.
الطالب: نعم.
الشيخ: كيف؟ أنصافًا أو أثلاثًا أو أرباعًا؟
طالب: بحسب المالين.
الشيخ: بحسب المالين؛ يعني لو غصب صاعًا من الرز، فخلطه بتسعة أصواع من الرز، كم يكون نصيب المالك؟
طالب: النصف.
الشيخ: لا إله إلا الله! غصب صاعًا من الرز فخلطه بتسعة أصواع من الرز، كم يكون للمالك؟
طالب: العُشْر.
الشيخ: العُشْر؟ توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، هذا قدر ماليهما. طيب لو زادت قيمة الصاع بسبب خلطه بالتسعة، فهل الزيادة للغاصب أو للمالك؟
طالب: للمالك.
الشيخ: للمالك، ماذا تقول؟
طالب: للغاصب إذا زادت قيمته بالخلط فلصاحبه.
الشيخ: إذا زادت قيمة التسعة لمن؟
طالب: للغاصب.
الشيخ: لأن التسعة ملكه.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: وإن زادت قيمة الصاع.
الطالب: فللمالك.
الشيخ: فللمالك إذا نقص الصاع بسبب الخلطة.
طالب: يضمن الغاصب.
الشيخ: يضمن أيش؟
الطالب: يضمن النقص.
الشيخ: يضمن النقص، تمام.
المؤلف يقول: (ولا يُجبر من أبى قلع الصبغ) معنى العبارة؟
طالب: لو غصب ثوبًا، ثم صبغه فإنه لا يُجبر على إزالة هذا الصبغ لما فيه من المشقة.
الشيخ: لما فيه من المشقة. طيب لو قال مالك الثوب الذي غُصب: إنه يمكن أن يزال الصبغ؛ لأن الآن فيه مواد كيماوية يمكن أن يزول الصبغ نهائيًّا؟
الطالب: شيخ، إن كان يريد بذلك التضييق على الغاصب فلا نمكنه.
الشيخ: إن أراد الإضرار بالغاصب.
الطالب: فلا نمكنه.
الشيخ: وإن كان له غرض في ذلك؟
الطالب: وإن كان له غرض صحيح في ذلك مكنَّاه.
الشيخ: هذا صحيح. طيب، رجل غصب طعامًا ودعا مالكه إليه فأكله؟
طالب: إن علم المالك أنه ملكه فلا ضمان على الغاصب، وإن لم يعلم فيضمن الغاصب.
الشيخ: كيف يضمن؟
طالب: يضمنه بقيمته.
الشيخ: قصدي ليش يضمن وصاحبه أكله؟
طالب: لأنه لم يعلم، وهذا متعدٍّ في الغصب.
الشيخ: لكن (
…
) تعليل بَيِّن.
طالب: لأنه أكله على أنه ضيف، وأن الملك لغيره لم يأكله على أنه ..
الشيخ: تمام، أكله على أنه ضيف، وأن الطعام هالِك على ملك الغاصب فضمنه، فإن كان عالِمًا أنه طعامه؟
طالب: إن كان عالِمًا فلا ضمان على الغاصب.
الشيخ: فلا ضمان على الغاصب، تمام؛ لأن هو عالم؛ إذ لو شاء لقال: هذا طعامي وأخذه ومشى.
رجل غصب قلمًا من شخص، وأعاره له، ثم تلف القلم، فهل على الغاصِب ضمان أو لا؟
طالب: على المذهب لا يضمن (
…
).
الشيخ: أنت فاهم الموضوع؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: غصبت منه قلمًا، ثم جاء يستعيره منك فأعرته إياه، فتلف عنده، هل تضمن القلم أنت أو لا تضمن؟
طالب: الغاصِب لا يضمن.
الشيخ: ليش ما تقول: أنا لا أضمن؟ تخشى أن نلزمك؟ ! الغاصب لا يضمن، ليش؟
طالب: لأن أصلًا الأصل أن المستعار أصلًا هو الضامن حتى على (
…
).
طالب آخر: (
…
) لا يضمن (
…
).
الشيخ: لماذا لا يضمن الغاصب إذا أعاره؟
طالب: لا يضمن (
…
) بكل حال.
الشيخ: أحسنت؛ لأن العارية مضمونة على المستعير بكل حال، فإذا كانت مضمونة عليه فإن مالكها دخل على أنها مضمونة عليه، فإذا تلفت فلا ضمان على الغاصب. هل هناك قول آخر في هذه المسألة؟
طالب: أنه إذا كان مبنيًّا على ضمان العارية هي مضمونة، وإذا قلنا: لا تضمن إلا بتعدٍّ أو تفريط فلا ضمان.
الشيخ: ننظر إن تعدى أو فرَّط فلا ضمان على الغاصب.
الطالب: وإلا فعليه الضمان.
الشيخ: وإلا فعليه الضمان نعم.
رجل غصب ساعة فأتلفها، فقال صاحبها: اضمن لي ساعة مثلها، قال: لا، أعطيك القيمة، فما الحكم؟
طالب: الصحيح أنه يلزم بالمثل.
الشيخ: وغير الصحيح؟
الطالب: المذهب أنه يضمن القيمة.
الشيخ: توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذن على المذهب لا يلزم المتلف إلا قيمة الساعة، وعلى القول الثاني؟
طالب: يلزمه المثل.
الشيخ: يلزمه المثل إلا إذا رضي صاحبها بالقيمة فلا بأس، ما هو المثلي على المشهور من المذهب؟
طالب: كل مكيل، أو موزون، أو صنعة فيه مُباحة يصح السَّلَم فيه.
الشيخ: يصح السلم فيه، ما هو بلا يصح، يصح السلم فيه، هل الحيوان مثلي؟
الطالب: على المذهب لا.
الشيخ: على المذهب ليس بمثلي؛ لأنه؟
الطالب: لأنه ليس مكيلًا ولا موزونًا.
الشيخ: ليس مكيلًا ولا موزونًا، وعلى القول الثاني؟
الطالب: أنه مثلي.
الشيخ: بناءً على أن المثلي؟
الطالب: هو ما قارب المتلف مثله أو قريب منه.
الشيخ: يعني ما له مثيل أو قريب من المثل. طيب أيهما أرجح؟
طالب: أنه مثلي يا شيخ.
الشيخ: إنه مثلي، عندك دليل؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ القعود من العارية (
…
).
الشيخ: إي، صحيح هذا دليل، فيه أيضًا دليل آخر؟
طالب: (
…
) النبي صلى الله عليه وسلم، أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع رسولها طعام في صحفة.
الشيخ: صحفة.
الطالب: في صحفة (
…
) النبي صلى الله عليه وسلم ضربت على يد الرسول فكسرت الصحفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«طَعَامٌ بِطَعَامٍ .. » .
الشيخ: أعطى الرسول صحفة صاحبة البيت وطعامها وقال: «إِنَاءٌ بِإِنَاءٍ، وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ» (4) بارك الله فيك، تمام. رجل غصب عصيرًا فصار خمرًا، فماذا يضمن؟
طالب: يضمن القيمة.
الشيخ: القيمة؟
الطالب: إي.
الشيخ: أو المثل؟
الطالب: لا، القيمة؛ لأن العصير على المذهب ليس مكيلًا.
الشيخ: ما هو مكيل؟
الطالب: لا.
الشيخ: توافقون على هذا؟ نعم.
طالب: لا يضمن.
الشيخ: لا يضمن أبدًا.
طالب: لا يضمن مثله.
الشيخ: مثله، العصير مثلي؟
طالب: (
…
).
الشيخ: مثلي؛ لأن القاعدة عندهم: كل مائع مكيل؛ اللبن مكيل، الدهن مكيل، كل مائع فإنه مكيل، وعلى هذا كما قال المؤلف:(إن تخمر عصير فالْمِثل).
أولًا: عرَّف المؤلف الشفعة بأنها؟
طالب: استحقاق انتزاع حصة الشريك ممن انتقلت إليه بالثمن الذي استقر عليه العقد.
الشيخ: بعِوَض مالي.
طالب: بعِوَض مالي.
الشيخ: وما هو القوْل الصحيح في تعريفها؟
الطالب: هي انتزاع.
الشيخ: هي انتزاع حصة الشريك، وليست استحقاقًا.
قول المؤلف رحمه الله: (بِعِوَضٍ مَالِيٍّ بِثَمَنِهِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ) عندنا الآن مجروران، بماذا تعلق هذان المجروران؟
طالب: متعلق بانتزاع.
الشيخ: كلا المجرورين؟
طالب: نعم.
الشيخ: خطأ.
طالب: بالباء.
الشيخ: لا، هما عندنا الآن بعِوَض وبثمن.
طالب: (بعِوَض) متعلق بـ (انتقلت).
الشيخ: (بعِوَض) متعلق بـ (انتقلت).
طالب: وبثمن متعلق بـ (انتزاع).
الشيخ: وبثمن متعلق بـ (انتزاع)، صحيح؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: الشفعة ذكرنا أنها من محاسن الشرع، ومما يدل على أن الشرع يحارب كل ما أدى إلى النزاع والخصومة، ما وجه ذلك؟
طالب: (
…
) الشريك (
…
) شريكه (
…
).
الشيخ: من محاسن الشرع؛ لأن الشريك الذي لم يبع جعل له الحق في انتزاع الحصة من أجل راحته، وتدل على أن الشرع يحارِب ما يؤدي إلى النزاع والعداوة؛ لأن الشريك الجديد قد يحصل منه نزاع يؤدي إلى العداء والبغضاء. مر علينا أنه لا يجوز أن يؤخذ مال الإنسان منه كرهًا، فكيف جاز للشريك أن يأخذ من المشتري نصيب شريكه كرهًا؟
طالب: هذا الإكراه بحق.
الشيخ: نعم، هذا الإكراه بحق، كذا؟ والممنوع؟
طالب: الإكراه بظُلم.
الشيخ: بالظلم بغير حق، ولهذا نأخذ الحصة من المشتري كُرهًا عليه ونبيع مال المفلَّس كرهًا عليه.
(وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ انْتِزَاعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِمَّنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ بِثَمَنِهِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ العَقْدُ)
قوله: (بثمنه) يعني لا بقيمته، ويجب أن نعرف الفرق بين الثمن والقيمة، وقد عرفناه من قبل، ما الفرق؟
طالب: الثمن الذي وقع عليه العقد.
الشيخ: الثمن ما وقع عليه العقد.
الطالب: والقيمة ما يساوي عند الناس.
الشيخ: ما يساوي عند الناس صح.
وقوله: (الذي استقر عليه العقد) فُهم من كلام المؤلف أن العبرة بما استقر عليه العقد لا بما جرى به العقد؛ فمثلًا لو أن رجلًا اشترى حصة الشريك بعشرة آلاف ريال، وفي مجلس الخيار قال المشتري: إنه غالٍ بعدما أتم العقد، قال: إنه غالٍ وأنا لا أريد أن آخذه إلا بتسعة، فبماذا يأخذ الشفيع؟
طلبة: بتسعة.
الشيخ: بتسعة، والعكس بالعكس، لو باعه بتسعة آلاف وفي مجلس العقد قال البائع: إن الثمن قليل، أريد أن يكون بعشرة، وإلا فسخت العقد، فوافق المشتري واشتراه بعشرة، فبكم يأخذ الشفيع؟ بعشرة، فالعبرة بما استقر عليه العقد لا بما جرى به العقد؛ لأنه قد يُزاد وقد يُنقص في خيار المجلس أو خيار الشرط.
ثم قال: (فإذا انتقل بغير عِوض فلا شفعة) انتقل بميراث فلا شفعة، مثاله: رجلان شريكان في أرض، مات أحدهما، فانتقل نصيبه في هذه الأرض إلى من؟ إلى ورثته، فهل للشريك أن يُشفِّع؟ الجواب: لا؛ لأنه انتقل بغير عِوَض على وجه قهري. هذا مثال.
مثال آخر: وهب الشريك نصيبه لشخص، فهل للشفيع أن يأخذه؟
طالب: لا.
الشيخ: على كلام المؤلف إلى الآن ما تعدينا كلام المؤلف. ليس له أن يأخذه؟
طلبة: لا.
الشيخ: لماذا؟ لأنه انتقل بغير عِوَض.
تَصدَّق الشريك بحصته على الفقراء، هل لشريكه أن يُشفِّع؟
طلبة: لا.
الشيخ: لماذا؟ انتقل بغير عِوَض.
أوقفه على الفقراء كذلك ليس له أن يأخذ بالشُّفعة؛ لأنه انتقل بغير عِوَض.
جعله أُجرة؛ يعني أن الشريك كان عليه أجور كثيرة، فقال لمن له الأجرة: أنا أُعطيك نصيبي من هذه الأرض فقَبِل، هل للشفيع أن يُشفِّع؟
طلبة: نعم.
الشيخ: أُجرة يا جماعة، نعم، له أن يشفع؛ لأن الأجرة دراهم انتقلت بعِوض.
ولكن القول الراجح أنه إذا انتقل بغير عِوَض، فإن كان قهريًّا فلا شفعة، وإن كان اختياريًّا ففيه الشفعة، وبناءً على هذا القول الراجح إذا انتقل بإرث، فهل للشريك أن يُشفِّع على الورثة؟
طلبة: لا.
الشيخ: لماذا؟ لأنه انتقل على وجه قهري. وهب الشريك نصيبه لشخص، فهل للشريك أن يُشفِّع؟
طلبة: نعم.
الشيخ: على القول الراجح نعم، له أن يُشفِّع، ولكن كيف يكون الثمن؟ إذا قال الموهوب له: لا يمكن أن تأخذ مني ما ملكته بالهبة بدون عِوض، أعطني عوضًا. نقول: تُقَدَّر قيمته من لدن أهل الخبرة، فإذا قالوا: قيمته كذا، قلنا للشريك: إن أخذتَه بهذه القيمة فلك الحق، وإلا فلا حق لك.
فصار على القول الراجح إذا انتقل بغير عِوض على وجه اختياري ففيه الشُّفعة للشريك أن يشفع، ولكن كيف يأخذه؟ نقول: يُقدِّره أهل الخبرة بما يساوي، ثم يقال للشريك إما أن تأخذه بهذا وإلا فدعه للموهوب له.
(أو كان عوضه صداقًا) كيف كان عوضه صداقًا؟ يعني أن الشريك أصدق نصيبه زوجة، فهنا العِوَض، ويش العوض؟ يعني جعله صداقًا، العوض غير مالي الآن، لم يعتض عنه شيئًا ماليًّا؛ ولذلك العبارة فيها شيء من الركاكة، والتقدير: وإن كان عوضه غير مالي بأن جُعل صداقًا؛ يعني أن الشريك أصدق امرأته نصيبه من المشترك، فليس لشريكه أن يُشفِّع؛ لأن هذا الشريك اعتاض عن حصته، ويش اعتاض؟ مالًا أو فرْجًا؟
طالب: فرْجًا.
الشيخ: فرْجًا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«لَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» (5). فهنا يقول المؤلف: إنه لا شُفعة، ولكن القول الراجح أن فيه شفعة، أن له أن يُشفِّع، وحينئذٍ بماذا يأخذه الشريك الْمُشَفِّع؟ لأن القيمة غير مالية، الآن القيمة غير مالية، هل نقول: يأخذه بالمالية، يعني بما يساوي في السوق بمعنى يُقوَّم ويأخذه بذلك، أو يأخذه بمهر مثل المرأة؛ لأن هذا جُعل مهرًا؟
فيه قولان، والصحيح أنه يأخذه بقيمته؛ بمعنى أنه يُقوَّم فيؤخذ بقيمته سواء زاد عن مهر مثل المرأة، أو نقص، أو ساوى، كذلك إذا جُعل خُلعًا، الذي يبذل الصداق يا إخواننا من هو؟
طالب: الرجل.
طلبة: الزوج.
الشيخ: الزوج؟
طلبة: نعم.
الشيخ: والذي يبذل الخلع؟
طلبة: المرأة.
الشيخ: المرأة، أو غيرها من الناس، المهم أن الزوج مُعطٍ في الصداق، وآخذ في الخلع، إذا جُعل خُلعًا بأن تكون امرأة شريكة لإنسان في أرض، وطلبت من زوجها المخالعة، فخالعها على نصيبها في هذه الأرض، فالعِوَض الآن ما هو؟ عِوض النصيب ما هو؟ مالي ولَّا غير مالي؟
طلبة: غير مالي.
الشيخ: غير مالي، وهو فداؤها نفسها من هذا الزوج وفراقها إياه، فليس للشريك أن يُشفِّع؛ لأن هذا النصيب، أو هذه الحصة انتقلت بغير عِوض مالي؛ فليس له أن يُشفِّع، والقاعدة عندنا أنه لا بد أن يكون انتقل بعوض مالي، وهذا أيضًا فيه خلاف، والصحيح أنه يشفع؛ لأن القاعدة التي تظهر لي من السُّنَّة أنه متى انتقل الْمُلك على وجه اختياري، ففيه الشفعة بأي حال من الأحوال.
إذا قلنا بهذا القول الراجح -وأظنكم إن شاء الله عرفتم المذهب في هذه المسألة- كيف يكون العِوض خُلعًا؟
بأن تكون الشريكة امرأة لها نصف هذه الأرض، وقالت لزوجها: اخلعني بنصيبي من هذه الأرض. ففعل، انتقلت الأرض إلى من؟ إلى الزوج، هل للشريك أن يُشفِّع؟
يرى المؤلف -وهو المذهب- أنه لا يُشفِّع؛ لأن العوض غير مالي، والقول الراجح أنه يُشفِّع، كما رجحنا ذلك فيما (
…
) إلى صداق، وإذا قلنا بأنه يُشفِّع، فكيف يكون قيمة هذا؟ هذا واضح أن القيمة تكون بالتقويم، بمعنى أن نسأل أهل الخبرة كم يساوي هذا الشقص؟ فإذا قالوا: يساوي كذا وكذا أخذه الشفيع بذلك.
قال: (أو صُلحًا عن دم عمد فلا شُفعة) إذا أُخذ صُلحًا عن دم عمد، فما هو دم العمد؟
دم العمد هو ما يثبت بالقصاص، يعني أُخِذ عوضًا عن قصاص، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- شروط القصاص.
وعندنا القتل ثلاثة أقسام: عمْد، وشِبْه عمْد، وخطأ؛ فالعمد أن يقصد من يعلمه آدميًّا معصومًا فيقتله بما يغلب على الظن موته به.
شبه العمد هو نفس العمد إلا أننا نُبدِّل بما يغلب على الظن موته به بكلمة أخرى: بما لا يغلب على الظن موته به، أو بما يغلب على الظن أنه لن يموت به، وإلا هو العمد، فمثلًا: رجل ضرب شخصًا على رأسه بالساطور هذا أيش؟
طلبة: عمد.
الشيخ: وآخر ضربه بعصا صغيرة شِبه عمد، العمد حاصل بالأمرين، لكن الآلة في العمد تقتل، وفي غير العمد لا تقتل.
الخطأ ليس فيه عمد؛ يعني ليس فيه قصد، بمعنى أن الإنسان يفعل ما له فعله، فيصيب آدميًّا لم يقصده، مثل أن يرمي صيدًا فوقع السهم على إنسان، فنُسمي هذا خطأً.
العمد يُوجِب القصاص، وشِبْه العمد والخطأ يُوجِب الدية، فإذا صُولح أولياء المقتول، وقيل لهم: نُصالِحكم عن قتل صاحبنا بكذا وكذا، أو نفس القاتل صالَح، صالح القاتل بنصيبه من هذه الأرض صالَح أولياء المقتول بنصيبه من هذه الأرض، وأخذوا نصيبه من الأرض، ثم عفوا عن القصاص، فهل للشريك؛ شريك القاتل أن يُشَفِّع؟
طلبة: لا، على المذهب؛ لا.
الشيخ: أولًا: لا بد نفهم كلام المؤلف.
طلبة: لا.
الشيخ: لماذا؟
طلبة: لأن العِوض غير مالي.
الشيخ: لأن العوض غير مالي، القتل ما هو مال، وهو جعل هذا الشقص عِوضًا عن القصاص؛ فلا شفعة.
والقول الراجح الذي رجَّحناه أن فيه الشفعة، وتُقدَّر قيمته -أي قيمة هذا الشقص- عند أهل الخبرة، فإن كان صُلحًا عن دم شبه عمد، فإنه يُؤخذ بالشفعة على ما مشى عليه المؤلف، مثال ذلك: رجل قتل إنسانًا خطأً أو شِبه عمد، ما الواجب؟ الواجب الدية، والدية مال، فصالَح أولياء المقتول عن الدية بنصيبه من هذه الأرض، الآن للشريك أن يُشفِّع؛ لأن نصيبه؛ أي نصيب القاتل انتقل إلى أولياء المقتول وعوضه مالي.
لكن هنا هل نأخذ بقيمة الدية التي صالح عنها، أو بقيمة الشقص؟ الثاني هو الصحيح، وقيل: بالأول، أن نقول مثلًا: دية المسلم مئة ألف، وهذا الشقص أُخذ عِوَضًا عن مئة ألف، فإذا أراد الشفيع أن يأخذه قلنا: هو عليك بمئة ألف، وعلى القول الراجح أنه يُؤخذ بقيمته، فيُسأل أهل الخبرة: كم يساوي؟ فإذا قالوا: يساوي كذا وكذا، قلنا: خذه.
طالب: شيخ، معنى الشقص؟
الشيخ: الشقص النصيب.
طالب: الموهوب له لو قال: ما تأخذ النصيب حتى يُقوَّم، هل التقويم يكون يوم الهبة أو يوم الشُّفْعة؟
الشيخ: لا، يوم الشفعة، يعني لو زاد أو نقص فهو على نصيب الموهوب له.
طالب: عفا الله عنك يا شيخ، إذا خالعت المرأة زوجها عن ضرر من الزوج، يحل لها أن تأخذ من ماله اللي هو سلم يا شيخ؟
الشيخ: إي، إذا خالعت المرأة زوجها عن ضرر، فإن كان هو الذي ضيَّق عليها من أجل أن تُخالعه فالخلع حرام عليه، العِوض حرام عليه؛ لأنه لا يحل له ذلك، قال الله تعالى:{وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19].
طالب: لو كان وَقَفَ نصيبه، ثم أخذه شفيعه على القول الصحيح، فأين تذهب القيمة؟
الشيخ: إذا أخذه تذهب للموقوف عليه.
طالب: يُشترط مثلًا مثلها.
الشيخ: مثلها أو أقل أو أكثر، المهم أنها تذهب للموقوف عليه.
طالب: ترجع للقاضي.
الشيخ: للقاضي أو للناظر إذا كان هو قد جعل نفسه هو الناظر، أو جعله وقْفًا على فلان وهو الناظر عليه، المهم يُصرف قيمته فيما وَقَّفَه عليه.
طالب: شيخ، إذا كانت القيمة تختلف بالنسبة للشخص الذي له أوقفت له عن غيره، يعني شخص وُهِبت له أرض بجانب أرضه؟
الشيخ: العبرة بالعموم، المسائل الشخصية لا عِبرة بها.
طالب: هو يقول: هذه الأرض لو وجدتها بمئة ألف أشتريها؛ لأنها بجانب أرضي وأستفيد منها.
الشيخ: العبرة بالعموم.
طالب: شيخ -بارك الله فيكم- هل يجوز الصلح عن قتل شبه العمد والخطأ؟
الشيخ: إي نعم، يجوز، إذا قالوا مثلًا الآن ليس عندنا إبل، نريد أن نصالحك، أو ما عندنا مال الآن ونريد أن نصالحك، أو على القول الراجح: نُعجِّل ونُسقِط.
الطالب: إذا صالح أولياء القاتل بجزء من الأرض، فكان هذا الجزء قيمته لما أخذه الشريك أقل من الدية، فهل لأولياء المقتول الخيار؟
الشيخ: لا، ليس لهم إلا قيمته.
الطالب: وإن كانت أقل.
الشيخ: وإن كانت أقل؛ لأنهم رضوا به من الأول، ما دام رضوا به مثلًا عن مئة ألف وهو يساوي خمسين ألفًا ليس لهم إلا ما رضوا به.
طالب: إذا كان الصلح في المنفعة (
…
) عند راعي مثلًا مئة سنة، أو مئة يوم أو شهر (
…
)؟
الشيخ: المنفعة تُقوَّم، كل ما لا يمكن دفعه يُقوَّم.
طالب: انتقال الملك قهرًا.
الشيخ: انتقال الملك قهرًا.
الطالب: هل له صورة أخرى غير (
…
)؟
الشيخ: فيه إذا تنصف الصداق، لكن الشيء اللي صعب فهمه لا نحب أن نلقيه؛ لأنك تلقي على جماعة مثلًا ما يفهمون ها الأمور كثيرًا، تشوش عليهم، لكن مسألة الميراث سهلة.
طالب: انتقل النصيب بالوصية (
…
).
الشيخ: إي نعم، يعني أوصى به أصلًا الوصية، ما تلزم إلا بعد الموت، لكن لو مات وانتقل الملك إلى الموصَى له وقبله يأخذه بالشُّفْعة.
طالب: أحسن الله إليك، انتقال الصداق يا شيخ، لو جعله صداقًا لزوجته، أليس للزوج أن يأخذ من مال زوجته وهي إن ماتت يرثها؟
الشيخ: للزوج أن يأخذ من مال زوجته؟ !
طالب: يعني يأخذ من مال زوجته.
الشيخ: أبدًا، وليس له يأخذ ولا قرش، الذي له أن يأخذ من مال غيره هو الأب فقط.
طالب: وإن ماتت يا شيخ ألا يرثها؟
الشيخ: لا، يرثها لكن وإن مات هو قبلها ما يدرى (
…
).
طالب: (
…
) شفعة (
…
) رجل آخر فقال: شفع، ثم بع عليه، أليس الشريك هو الغاصب؟
الشيخ: الظاهر أن هذا لا يملكها، إذا شفَّع لأجل يبيعها فالظاهر أنه لا يملك هذا الشيء؛ لأن الآن الشفعة لمصلحة آخر، ما هو لمصلحته هو.
طالب: (
…
) المحجور عليه، إذا انتقل شقصه إلى غريمه بأمر القاضي، فهل فيه الشفعة؟
الشيخ: إي معلوم، فيه الشفعة؛ لأنه عوض عن الدَّيْن.
طالب: ما هو انتقل باختياره يعني؟
الشيخ: لا، ما هو باختياره، انتقل لكنه بحق، وإذا كان بحق فهو كغير المكره.
طالب: لو باع الشريك نصيبه، ثم شفَّع شريكه وقال: على فلان تشفع، أما على غيره فلك أن تبيع؟
الشيخ: ما يصح، بيجينا إن شاء الله هذا، لا يصح هذا؛ لأن الشفعة إما أن تأخذ أو تترك، أما إذا قلت: إن كان كذا وإن كان كذا، فهي ستبطل شفعته، ما عاد يمكن تأخذ بهذا.
طالب: لو قتل الجاني بما يقتل غالبًا، وادعى أنه لم يرد القتل، وإنما أراد الجناية والأذية فقط، فهل يعد عمدًا أو شبه عمد؟
الشيخ: لا، يكون عمدًا؛ لأنه قصد القتل بما يقتل غالبًا ضربه بما يقتل غالبًا.
طالب: ذكرنا الحكمة من مشروعية الشفعة، فلو أن هذا الضرر كان متيقنًا أنه غير موجود، فهل للحاكم أن يجتهد في إجبار الشريك على قبول الشريك الجديد؟
الشيخ: لا، يجب أن نعلم أن العلة المستنبطة لا تُخصِّص العموم؛ لأنه قد يكون الشارع قد حكم بهذا لعلة أخرى لا نعلمها؛ فالعلة المستنبطة لا يمكن أن تُبطل العموم.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، قول استحقاق وانتزاع، ويش الفرْق بينهما؟ أليس يكون .. ؟
الشيخ: إذا قلنا: استحقاق صار معناه أنه مستحق وقد يُشفِّع وقد لا يُشفِّع، وإذا قلنا: انتزاع؛ تحققت الشفعة.
الطالب: أليس قولنا: استحقاق بالحق؟
الشيخ: لا؛ لأنه قد يستحق الشيء ولا يأخذ به. واضح ولَّا لا؟
الطالب: واضح.
الشيخ: وهذا (
…
) التي توصف.
طالب: بالصحة والفساد.
الشيخ: بالصحة والفساد.
الطالب: هذه باطِلة.
الشيخ: باطلة مثاله؟
الطالب: مثاله البيع، منه صحيح وفاسد، فإذا باع الغاصب عينًا مغصوبة فبيعه باطل.
الشيخ: نعم، إذا غصب شيئًا فباعه فالبيع؟
الطالب: باطل.
الشيخ: باطل لأنه؟
الطالب: يُوصف بالصحة والفساد.
الشيخ: لأن العقد -عقد البيع- يُوصف بالصحة والفساد، وعكسه؟
الطالب: وعكسه ما لا يُوصف بالصحة والفساد فإنه يكون صحيحًا.
الشيخ: مثل؟
الطالب: مثل إذا غصب ماء وتوضأ به.
الشيخ: الوضوء فيه صحة وفساد.
طالب: الماء الذي يزيل به النجاسة، لو غصبه فإنه لا يصح.
الشيخ: كالماء الذي يزيل به النجاسة؛ فإنه لو أزاله بماء مغصوب.
الطالب: لا يُوصف بالصحة ولا بالفساد.
الشيخ: فإن المتنجِّس يطهر؛ لأن ذلك لا يوصف بصحة وفساد. طيب غاصب غصب شيئًا وأتلفه؟
طالب: يضمنه.
الشيخ: يضمنه، إذا ادعى مالكه أن قيمته ألف، وقال الغاصب: بل قيمته مئة، من القول قوله؟
طالب: الغاصب.
الشيخ: قول الغاصب، الفرق الآن تسعة من عشرة؛ يعني المسألة ما هي قريبة.
طالب: يعرض مثلًا على أهل الخبرة (
…
) قولهما ويحكم (
…
).
الشيخ: إذا كان كل واحد منهما ادعى ما لا يمكن يُعرَض على أهل الخبرة، أما إذا كان يمكن فالقول قول؟
طالب: الغاصب.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأنه غارم.
الشيخ: لأنه غارم، هذه القاعدة عند الفقهاء أن الغارم يُقبل قوله مبنية على أيش؟
الطالب: مبنية على أساس أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» .
الشيخ: على الحديث الصحيح: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (6) اشرح لي هذا بتطبيقه على القاعدة.
الطالب: القاعدة مثلًا أن الغاصب ادعى أنه (
…
).
الشيخ: الغارم أي واحد.
الطالب: والآخر ادعى أنه خمس مئة (
…
)، ادعى مئة.
الشيخ: تمام، يعني أن الذي قال: القيمة أربع مئة، والمالك قال: القيمة خمس مئة، اتفقا الآن على أربع مئة، بقيت المئة زائدة، ادعاها هذا، فيكون مُدعيًا، والبينة على المدعي واليمين على من أنكر.
يقول المؤلف: (في رده وعدم عيبه قول ربه) ما معنى الجملة؟
في رده نبدأ بالأولى المسألة الأولى: إذا قال الغاصِب للمالك رددته عليك فقال.
طالب: إذا قال المالك فالقول قول المالك.
الشيخ: القول قول المالك؛ لأن الأصل؟
الطالب: لأن الأصل عدم الرد.
الشيخ: عدم الرد. طيب (وفي عدم عيبه).
الطالب: وفي عدم عيبه يقبل قول الغاصب (
…
) المالك.
الشيخ: لا، المالك ما يتعيب.
طالب: (
…
).
الشيخ: في عدم عيبه.
طالب: (
…
).
الشيخ: يعني الآن الغاصب رد المغصوب، وفيه عيب، فقال المالك: تعيَّب عندك، وقال الغاصب: أخذته معيبًا.
الطالب: فالقول قول المالك.
الشيخ: ما فائدة قول المالك: تعيَّب عندك؟
الطالب: ليضمن الغاصب.
الشيخ: ليضمن الغاصب النقص، توافقون على هذا؟ طيب ما معنى وإن جهل ربه تصدق عنه مضمونًا؟
طالب: أي إذا غصب هذا الشيء وطالت المدة، ثم ذهب صاحب هذا المغصوب، ولا يدري أين مكانه، ولا يدري أين ذهب، ففي هذه الحالة يتصدق بهذا المغصوب أو بقيمته عنه مضمونًا، ومضمونًا يعني على أنه لو جاءه يومًا من الدهر فإنه يرده، يدفع قيمته إليه.
الشيخ: واضح الجواب؟ يعني معناه إذا جهل ربه بأن طالت المدة، ونسي من مالكه وأيس منه، فإنه يتصدق به (عنه) أي عن المالك (مضمونًا) بمعنى أن المالك لو جاء يومًا من الدهر فإنه يضمنه الغاصب، إلا إذا قال: قد أجزت صدقتك.
ما معنى قول المؤلف: (ومن أتلف محترمًا)؟ يعني ما معنى المحترم؟
طالب: ما كان مالًا، هو ما كان في الشرع يصدق عليه أنه مال يُنتفع به شرعًا.
الشيخ: لا.
طالب: هو ما كان له قيمة في الشرع.
الشيخ: ما له قيمة في الشرع؟
طالب: ما كان محترمًا مصونًا بالشرع.
الشيخ: يعني أيش؟ المحترم ما كان محترمًا، ما زدنا شيئًا.
الطالب: ما يُمنع التعدي عليه.
الشيخ: يعني ما لا يجوز إتلافه، (محترمًا) يعني ما لا يجوز إتلافه، مثاله؟
طالب: مثال المال.
الشيخ: المال المحترم.
طالب: مثال المال المحترم كالماء مثلًا.
الشيخ: الماء؟ ما لقيت إلا الماء؟ !
الطالب: أو الزيت أو العسل، كل هذا من المال.
الشيخ: والثياب والأواني وغيره محترمة؟
الطالب: نعم.
الشيخ: غير المحترم؟
الطالب: غير المحترم هو يعني عكس تعريف المحترم الذي (
…
).
الشيخ: مثل أيش؟
الطالب: ما ليس مالًا.
الشيخ: مثاله؟
الطالب: مثال: (
…
) الخمر.
الشيخ: كالخمر فإنه ليس محترمًا إلا إذا كان خمر ذمي مستورة؛ فإنه محترم. بماذا يُضمن؟
طالب: الضمان بالمثل إن كان مثليًّا.
الشيخ: الضمان بالمثل إن كان مثليًّا.
الطالب: أو بالقيمة إن كان مُتقَوَّمًا.
الشيخ: أو بالقيمة إن كان مُتقوَّمًا، ما الفرق بينهما؟
طالب: المثلي المذهب: كل مكيل أو موزون يصح السلم فيه، ولا صناعة فيه مباحة.
الشيخ: المثلي على المذهب ضيق: كل مكيل أو موزون يصح السلم فيه، وليس فيه صناعة مباحة، وعلى هذا جميع المصنوعات ليست؟
الطالب: مِثلية بل مُقوَّمَة.
الشيخ: مِثلية، وما هو المثلي على القول الراجح؟
الطالب: المثلي -على القول الراجح- كل ما له مثيل أو شبيه أو مقارب.
الشيخ: أيهما أصح المذهب أو هذا القول؟ يعني ما هو الدليل على أن هذا هو القول الراجح؟
طالب: القول الثاني.
الشيخ: إي، لكن ما هو الدليل على رجحانه؟
الطالب: لأنه ربما كانت أشياء.
الشيخ: هذا تعليل، الدليل؟
الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَاءٌ بِإِنَاءٍ، وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ» (7).
الشيخ: في أيش؟
الطالب: في قصة أن إحدى أمهات المؤمنين قامت ..
الشيخ: إحدى أمهات المؤمنين قامت؟
الطالب: بإرسال إناء وصحفة، إناء فيه طعام للنبي صلى الله عليه وسلم، فقامت إحدى أمهات المؤمنين الأخرى ..
الشيخ: قامت التي هو في بيتها.
طالب: في بيتها فكسرت هذا.
الشيخ: ضربت يد الخادم حتى سقط.
الطالب: حتى سقط هذا الإناء وبه الطعام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَاءٌ بِإِنَاءٍ، وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ» .
الشيخ: يعني أخذ إناء المرأة التي هو عندها وطعامها، ورده إلى المرأة الْمُهدِية، وقال:«إِنَاءٌ بِإِنَاءٍ، وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ» (7). وهذا القول هو الراجح. ما هو الأصل فيما تتلفه البهيمة، الضمان أو عدمه؟
طالب: الأصل عدم الضمان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: الأصل عدم الضمان لقوله؟
طالب: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» (8).
الشيخ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» . على هذا الأصل أي بهيمة أتلفت شيئًا، فنقول: إن صاحبها لا يضمن إلا ما جاءت به السُّنة. مثال ما جاءت به السُّنة؟
طالب: ما أتلفته البهيمة من الزرع ليلًا.
الشيخ: ما أتلفته البهيمة من الزرع ليلًا.
الطالب: يضمن صاحبها.
الشيخ: يضمن صاحبها، ما وجه خروجه عن هذه القاعدة؟
الطالب: أن حفظ البهائم في الليل على صاحبها.
الشيخ: أن حفظ البهائم في الليل على صاحبها، وحفظ المزارع في النهار؟
الطالب: على صاحبها.
الشيخ: على صاحبها، أرأيت لو كان هذا الرجل صاحب البهيمة قد ضاعت البهيمة منه، ولا يدري أين هي؟
طالب: هذا لا يضمن.
الشيخ: لا يضمن أو يضمن؟
الطالب: لا يضمن على الأصل.
الشيخ: لا، على الأصل؛ لأنه ليس متصرفًا فيها، ومثل ذلك لو جعلها في الحوش، ثم خرجت فلا ضمان عليه.
رجل قتل صائلًا عليه، فهل يضمن؟
طالب: لا يضمن.
الشيخ: قتل صائلًا عليه؟
طالب: فيه خلاف.
الشيخ: خلاف ولَّا تفصيل؟
الطالب: فيه تفصيل، أو فيه خلاف.
الشيخ: فيه خلاف أو تفصيل، اجزم على أحدهما.
الطالب: فيه خلاف.
الشيخ: خلاف، اذكره.
الطالب: الحنابلة يرون أنه يضمن بكل حال وقول شيخ الإسلام أنه يُنظر إلى القرائن.
الشيخ: لا، غلط.
طالب: أعد السؤال.
الشيخ: السؤال: إذا قتل الصائل عليه، رجل صال عليه آدمي فقتله، هل يضمن القاتل أو لا؟
طالب: يدافع بالأسهل فالأسهل.
الشيخ: سؤال: هل يضمن أو لا؟ قل نعم ولَّا لا؟
طالب: (
…
).
الشيخ: هذا غلط.
طالب: إذا صال عليه إنسان فإنه ..
الشيخ: سؤال: هل يضمن أو لا؟
طالب: يضمن.
الشيخ: مطلقًا؟
طالب: لا، إذا كان الذي يُدافع بالأسهل فالأسهل، وبدأه بالقتل بدون مدافعة فإنه يضمن.
الشيخ: يعني إذا كان لا يندفع إلا بالقتل فإنه.
الطالب: لا يضمن.
الشيخ: صحيح، وإن كان يندفع بدونه؟
الطالب: وقتله.
الشيخ: وقتله.
الطالب: فيضمن.
الشيخ: فيضمن صحيح. رجل كسر آنية ذهب وفضة ما تقول؟
طالب: يضمن.
الشيخ: يضمن! تعرف آنية الذهب والفضة.
الطالب: نعم، إناء.
الشيخ: هذا إنسان عنده إناء كاس، فجاء شخص وكسره.
الطالب: لا يضمن؛ لأنها غير ..
الشيخ: محترمة.
الطالب: غير محترمة، لكن هناك قول ثان أنه يجوز اتخاذها لغير الأكل والشرب، فلا يضمن.
الشيخ: يجوز اتخاذها لغير الأكل والشرب وعلى هذا القول.
طالب: على هذا القول يضمن إذا أتلفه.
الشيخ: إذا كسره، توافقونه على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إي نعم، نقول: أما على قول من يرى أنه لا يجوز اتخاذ آنية الذهب والفضة، ولا الأكل بها ولا الشرب فإنه ليس بضامن؛ لأنه لا يمكن أن تحل على هذا الوضع، وأما على القول الثاني -وهو الراجح- أنه يجوز استعمالها لغير الأكل والشرب يكون ضامنًا؛ لأن لها قيمة، قيمتها مصنوعة أكثر من قيمتها غير مصنوعة فيضمن النقص.
ويَحْرُمُ التحيُّلُ لإسقاطِها، وَتَثْبُتُ لشَريكٍ في أرضٍ تَجِبُ قِسمتُها، ويَتْبَعُها الْغَرْسُ، والبناءُ ، لا الثمرةُ والزرعُ فلا شُفعةَ لِجَارٍ، وهي على الْفَوْرِ وقتَ عِلْمِهِ، فإذا لم يَطْلُبْها إذنٌ بلا عُذْرٍ بَطَلَت، وإن قالَ للمشترِي: بِعْنِي أو صالِحْنِي. أو كَذَبَ العَدْلُ أو طَلَبَ أَخْذَ البعضِ سَقَطَتْ، والشفْعَةُ لاثنينِ بقَدْرِ حَقَّيْهِما، فإنْ عَفَا أحدُهما أَخَذَ الآخَرُ الكلَّ أو تَرَكَ ، وإن اشْتَرَى اثنان حقَّ واحدٍ أو عَكْسُه ، أو اشْتَرَى واحدٌ شِقْصَيْنِ من أَرْضَيْن صَفقةً واحدةً فللشفيعِ أَخْذُ أحدِهما، وإن باعَ شِقْصًا وسيفًا ، أو تَلِفَ بعضُ الْمَبيعِ فللشفيعِ أَخْذُ الشقْصِ بحِصَّتِه من الثَّمَنِ، ولا شُفعةَ بشَركةِ وَقْفٍ، ولا غيرِ مِلْكٍ سابقٍ، ولا لكافرٍ على مُسْلِمٍ.
(فصلٌ)
وإن تَصَرَّفَ مُشتَرِيه بوَقْفِه أو هِبَتِه أو رَهْنِه لا بوَصِيَّةٍ سَقطَت الشُّفعةُ وبِبَيْعٍ فله أَخْذُه بأحَدِ الْبَيْعَيْنِ،
هذا إنسان عنده إناء كأس، فجاء شخص وكسره.
طالب: (
…
) على قول المؤلف: إنه لا يضمن (
…
).
الشيخ: محترم.
الطالب: نعم (
…
) غير محترم. لكن هناك قول ثان: إنه يجوز اتخاذها الذهب لغير الأكل والشرب فلا يضمن.
الشيخ: يجوز اتخاذها لغير الأكل والشرب.
الطالب: نعم.
الشيخ: وعلى هذا القول؟
الطالب: على هذا القول يضمن البائع.
الشيخ: نعم، كسره. توافقون على هذا؟ إي نعم.
نقول: أما على قول مَن يرى أنه لا يجوز اتخاذ آنية الذهب والفظة ولا الأكل بها ولا الشرب: فإنه ليس بضامن؛ لأنه لا يمكن أن تحل على هذا الوضع.
وأما على القول الثاني وهو الراجح: إنه يجوز استعمالها في غير الأكل والشرب يكون ضامنًا؛ لأن لها قيمة؛ قيمتها مصنوعة أكثر من قيمتها غير مصنوعة، فيضمن النقص. انتهى، الحمد لله؛ انتهى باب الغصب، الآن نرجع إلى باب الشفعة.
***
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب الشفعة: ويحرُم التحيُّل لإسقاطها وتثبت لشريكٍ في أرض تجب قسمتها، ويتبعها الغرس والبناء، لا الثمرة والزرع.
الشيخ: عندنا (الغراس).
عندكم؟
طالب: الغرس.
الشيخ: نسخة (غراس).
طالب: ويتبعها الغراس والبناء، لا الثمرة والزرع، فلا شفعة لجار، وهي على الفور وقت علمه، فإذا لم يطلبها إذن بلا عذر بطلت.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
سبق لنا أن الشفعة انتزاع حصة الشريك ممن انتقلت إليه بعوض ماليٍّ لثمنه الذي استقر عليه العقد، وسبق مفاهيم الشرح مفاهيم هذه الشروط.
قال المؤلف رحمه الله: (ويحرُم التحيل لإسقاطها) يعني: يحرُم على المشتري أن يتحيل لإسقاط الشفعة، والحيل صور كثيرة؛ فمن الحيلة أن نظهر أن ثمنها كثير، والشريك يقول: ما دام ثمنها كثيرًا فإنه لن يأخذ بالشفعة.
هذا مثلًا يشتريها بعشرة آلاف الحصة، ويظهر أنه اشتراها بعشرين ألف، والشريك لا يريدها بعشرين ألف؛ لأن الثمن لها غالٍ فهذا حرام.
ومتى تبيَّن أن الثمن عشرة آلاف فإن له أن يأخذ بالشفعة ولو طالت المدة؛ لأن حق المسلم لا يسقط بالتحيل.
ومن ذلك أيضًا أن يظهر البائع أنه وهبها للمشتري. وسبق أن المذهب أن ما انتقل بغير عوض ليس فيه شفعة. هذه حيلة لأيش؟ لإسقاطها.
ومن ذلك: أن يُظهِر المشتري أنه أوقفها يعني من حين ما يشتريها يقول: هي وقف للمساجد، لطلبة العلم، لأولادي، فإذا أوقفها سقطت الشفعة؛ لأن انتقال الملك عن المشتري إلى جهة لا يثبت فيها الشفعة ابتداءً يسقطها.
المهم التحيل لإسقاطها حرام؛ التعليل لأنه يتضمن إسقاط حق المسلم، وكل ما تضمن إسقاط الحقوق الواجبة فهو حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» (1).
فإن قال قائل: ما هي الحيلة؟
قلنا: الحيلة هي أن يتوصل إلى شيء محرم بصورة ظاهرها الحل. هذه الحيلة، يتوصل إلى شيءٍ محرم بصورة ظاهرها الحل.
والحيل في أي شيء محرمة، كل حيلة على إسقاط واجب أو انتهاك محرم فهي حرام، وهي أبلغ من المخالفة الصريحة؛ لأنها تتضمن الوقوع في المخالفة الصريحة معنًى مع الخداع لله عز وجل والتلاعب بأحكامه؛ ولهذا قال أيوب السختياني رحمه الله: إن هؤلاء -يعني المتحيلين- يخادعون الله كما يخادعون الصبيان، ولو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكان أهون.
وحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من الحيل وقال: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» (2).
إذن الحيلة محرمة، والدليل الحديث الذي سقناه، والتعليل أن المخادعة لله أعظم من المخالفة الصريحة؛ لأن المخادعة فيها نوع من أيش؟ من التلاعب بأحكام الله عز وجل، فهي -أي: الحيلة- أشد.
والمُتحيِّل فيه خصلة من خصال اليهود، كما أن المٌخلِف للوعد فيه خصلة من خصال النفاق؛ ولهذا أي إنسان مسلم يقال له: إن فيك خلقًا من أخلاق اليهود سوف يغضب ويثور، ولكنه قد يكون فيه هذا الخلق من حيث لا يعلم.
التحيل لإسقاطها حرام، وإذا تحيل فهل تسقط؟ الجواب: لا تسقط، بل متى ظهر أن بالأمر حيلة فإن للشريك أن يُشفِّع.
قال: (وتثبُت) أي: الشفعة (لشريك في أرض تجب قسمتها)، فقوله:(لشريك) مفهومه أن الجار لا شفعة له، وصرَّح به في قوله:(فلا شفعة لجار).
قال: (في أرض) خرج بذلك الشريك في غير أرض، كالشريك في سيارة، والشريك في دكان، وما أشبه ذلك، فإنه لا شفعة فيما لو باع نصيبه على آخر.
الشرط الثالث: (تجب قسمتها) احترازًا من الأرض التي لا تجب قسمتها، ومعنى قوله:(تجب قسمتها) أنه إذا طلب أحد الشركاء القسمة قُسِمَت إجبارًا. هذا معنى قوله: (تجب قسمتها) وإلا فإن الأرض لا تجب قسمتها، الشركاء متى شاؤوا قسموا، ومتى شاؤوا بقوا على الشركة.
لكن معنى (تجب قسمتها) أنه يُجبَر عليها الشريك إذا طلب شريكه أن تُقسم، ففهمنا من قوله:(تجب قسمتها) أن الأرض منها ما تجب قسمته ويُجبر الشريك عليه؛ على القسمة، ومنها ما ليس كذلك. فما هو الظابط؟
إذا كانت الأرض تنقسم بدون ضرر ولا ردِّ عِوض فالقسمة إجبارية، وإذا كانت لا تنقسم إلا بضرر، أو ردِّ عوضٍ فالقسمة أيش؟ اختيارية.
مثال ذلك: رجلان بينهما أرض مقدارها عشرة أمتار في عشرة أمتار، فطلب أحدهما القسمة، وأبى الآخر، فهل يُجبر؟ لا يجبر على القسمة؛ لأنه إذا قسمها لم تصلح لبناء شيء، هذه ليس فيها شفعة.
المثال الثاني: رجلان بينهما أرض واسعة إذا قُسمت لا يتضرر أحدهما بالقسمة، فقسمة هذه إجبار أو اختيار؟ إجبار؛ إذا طلب أحدهما أن تُقسَم وأبى الآخر أُجبر على ذلك. هذه فيها الشفعة، والأُولى ليس فيها شفعة.
رجلان بينهما أرض صغيرة لو قُسمت لفسدت ولم يُستفد منها بشيء، هذه الأرض قسمتها اختيارية ولَّا إجبارية؟ اختيارية؛ يعني معناه: إذا اتفق الجميع على القسمة، ورضوا بالضرر فلا بأس، وإلا فمن امتنع فله الحق أن يمتنع.
أرض واسعة يمكن قسمتها وينتفع كل واحد بنصيبه على الوجه الأكمل، قسمتها؟ إجبارية؛ يعني: أن مَن أبى قسمتها أُجْبِر.
نعود مرة ثانية لكلام المؤلف؛ الشريك في الأرض الأُولى؛ الأرض الصغيرة باع نصيبه على شخص، فهل لشريكه في هذه الأرض أن يُشفِّع؟ المؤلف يرى أنه لا يشفع. والشريك في الأرض الواسعة إذا باع نصيبه فلشريكه أن يشفع. فأيهما أولى بالشفعة الثانية أو الأُولى؟ الأولى أولى بالشفعة يا إخواني؛ لأن الأولى لا يمكن قسمتها، ولا يمكن التخلص من الشريك الجديد، والثانية يمكن أن يتخلص من الشريك الجديد بالقسمة، بطلب القسمة، وتُقسَم، وينتهي الإشكال.
ولهذا كان الأَولى أن يقال: الأرض التي لا تجب قسمتها ولا تقسم إلا بالاختيار أولى بثبوت الشفعة من الأرض التي تُقْسَم إجبارًا. هذا هو المعقول.
فإذا قال قائل: ما هو الدليل على ما اشترطه المؤلف؟ لأن قوله: (لشريك في أرض) تخرج الجار؛ كلمة (شريك) تخرج الجار وقد صرح بها (لا شفعة لجار)، ما هو الدليل؟
قالوا: إن الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم، بل قول جابر رضي الله عنه: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يُقْسَمْ (3) مفهومه: أن ما قُسِمَ ليس فيه شفعة، وإذا قُسِم صار الشريك أيش هو؟ صار الشريك جارًا.
أرض بين أرجلين اقتسماها كانت في الأول مشتركة، والآن صار الشريك جارًا، والحديث: قضى النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما لم يُقْسَم. هذا المنطوق، مفهومه لا شفعة فيما قُسِم، النتيجة لا شفعة للجار؛ لأنه إذا كان الجار الذي كان شريكًا بالأول لا شفعة له، فالجار الذي ليس بينه وبين جاره شركة من باب أَولى.
ولكن نقول: الاستدلال بهذا الحديث فيه نظر؛ لأنه يجب إذا استدللنا بالحديث أن نستدل به كاملًا، وإذا استدللنا بالحديث كاملًا لزم أن يكون الجار له شفعة في بعض الأحوال، وليس له شفعة في بعض الأحوال؛ يقول جابر رضي الله عنه: فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ.
فالآن الحديث بيَّن أنه إذا حصلت القسمة ورسمت الأرض بحدودها وصُرِّفت الطرق بأن كان هذا الجانب له طريق والجانب الآخر له طريق فلا شفعة.
فيؤخذ من هذا أنهما لو اقتسما وبقي الطريق واحدًا لم يُصَرَّفْ فالشفعة باقية، وهذا هو القول الراجح أن الجار له الشفعة في حال، وليس له شفعة في حال.
إذا كانت الطريق واحدة أو الماء الذي يُسقى به الزرع واحدًا أو أي شيء اشترك فيه من حق الجوار فإن الشفعة ثابتة، وإذا لم يكن بينهما حق مشترك فلا شفعة. هذا هو القول الراجح في أيش؟ في ثبوت الشفعة للجار، وعليه يُحمل حديث:«الجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ» (4)؛ فصار الآن (لشريكٍ) لها مفهوم على كلام المؤلف، ما هو؟ أن الجار لا شُفعة له، وفهمتم استدلال الفقهاء رحمهم الله على ما ذهبوا إليه.
والصحيح أن له الشفعة أي: الجار، متى؟ إذا اشتركا في شيء من حقوق الملك كالطريق والماء وغير ذلك ممما يمكن الاشتراك فيه، فإن له أن يُشَفِّع.
قال: (شريك في أرض) خرج بذلك الشريك في غير الأرض كالشريك في السيارة، الشريك في السفينة، الشريك في السلعة، فإنه لا شُفعة له.
مثال ذلك: رجلان يملكان سيارة شركة، فباع أحدهما نصيبه على آخر، فعلى المذهب: لا شفعة؛ لأن الشركة الآن في غير أرض، ولا بد أن تكون الشركة في أرض.
وهذه المسألة فيها خلاف؛ فمن العلماء من قال كما قال المؤلف: لا شفعة في غير الأرض، ومنهم من قال: الشفعة في كل شيء. وهذا القول أرجح؛ لأن العلة التي ثبتت بها الشفعة للشريك في الأرض موجودة في الشريك في غير الأرض.
إذا كان شريكك في السيارة رجلًا طيِّبًا سهلًا لا يعارضك في شيء؛ إذا احتاجتِ السيارة إلى إصلاح أصلَحَها، وإذا احتاجت إلى زيادة زادها، وإذا حصل عليها حادث تساهل في الأمر، ثم جاء هذا الشريك الجديد وكان من أشكس عباد الله، إذا خربت السيارة قال: انتظر. إلى متى؟ انتظر بكره، يسهل الله. جئنا بكره، قال: ما يخالف، مر على جميع الورش التي في المنطقة علشان نأخذ بأرخصها. ثم يؤذيه. أيهما أولى؟ الشريك الأول الذي باع ولَّا الشريك الثاني الجديد؟ الأول لا شك، فيتضرر الشريك بهذا الشريك الجديد، والشفعة إنما شُرعَت لدفع ضرر الشريك الجديد.
وعليه فالقول الراجح أن الشفعة تثبت في كل مشترك، سواء كان أرضًا أم أواني، أم فُرُشًا، أم أَيِّ شيء.
قال: (تجب قسمتها) خرج به أيش؟ ما لا تجب قسمته؛ كالدور الصغيرة، والأراضي الصغيرة، وما أشبه ذلك، فإنها ليس فيها شفعة.
ومعلوم أن هذا يحتاج إلى دليل؛ قالوا: الدليل: إذا وقعت الحدود وصُرِّفَتِ الطرقُ فلا شفعة. ووقوع الحدود لا يمكن إلا في أشياء واسعة يمكن قسمتها.
والجواب على هذا سهل؛ لأن قوله: إذا وقعت الحدود يشمل أيش؟ كل ما يمكن قسمته، سواء كان إجباريًّا أم اختياريًّا، حتى الذي قِسمته اختيارية يمكن أن تقع فيه أيش؟ الحدود، وتُصرف الطرق؛ وعلى هذا فلا دليل في الحديث.
فالصواب إذن أن الشفعة واجبة حتى في الأرض التي لا تقسم إلا اختيارًا، خلافًا لكلام المؤلف رحمه الله.
***
طالب: بارك الله فيكم، لو أن الشريك أراد بيع قِسْمَه، جُزْءَه، نصيبه، فقال لشريكه: نقسم، فلما قسم باع نصيبه، ولم يكن للجوار هناك حق مشترك، وإنما هو أراد بهذا إسقاط الشفعة.
الشيخ: نعم. فلا بأس؛ لأن الشفعة لا تثبت إلا بعد البيع.
الطالب: فهو تحيُّل يا شيخ.
الشيخ: لا، ما تثبت إلا بعد البيع، وهنا تَصَرَّف قبل وجود السبب.
طالب: (
…
) الأرض الصغيرة ما فيها إشكال (
…
) ضرورة يا شيخ.
الشيخ: إي نعم؛ ولهذا قلنا: إن ثبوت الشفعة في الأرض الصغيرة أولى من ثبوتها في الأرض الكبيرة؛ لأن الكبيرة إذا رأى من الشريك الجديد ما يسوؤه طلب القسمة.
طالب: أحسن الله إليك، هل إذا كان الجاران مستأجرين ليسا مالكين، فهل لأحدهما ثبوت الشفعة إذا خرج الأول، وجعل مكانه مستأجرًا آخر؟
الشيخ: سبحان الله! هو ما مرت هذه؟
الطالب: بلى.
الشيخ: طيب، إذن ويش السؤال؟ ويش الفائدة منه؟
الطالب: إذ إن العلة قد توجد ..
الشيخ: ممن انتقلت إليه، والمستأجر مدته قليلة، لو كانت (
…
) يعني مثلًا المدة طويلة، فهنا قد نقول: إنها تجب الشفعة.
طالب: قطعة أرض كبيرة يمكن إنشاء فيها الطرق والحدود، ولكن الماء مشترك، فيها شفعة؟
الشيخ: ما تقولون؟
الطلبة: نعم، فيها شفعة.
الشيخ: الماء مشترك والحدود مُيِّزَت، هذه ينبني على القول بأن الجار إذا كان مشاركًا لجاره في شيء من حقوق الملك فله الشفعة، وهذه فيها خلاف، وسمعت ما ذكرنا.
طالب: (
…
).
الشيخ: أيش؟
الطالب: لو قال قائل: إن قول جابر: قضى بالشفعة ..
الشيخ: قضى بالشفعة في كل ما لم يُقْسم.
طالب: المراد هو ما لا يجوز قسمته شرعًا (
…
) الضرر.
الشيخ: كيف؟
طالب: ما لا يجوز قسمته (
…
) الضرر.
الشيخ: عامٌّ. (في كل ما لم يُقْسَم) عام، ولهذا قال: إذا وقعت الحدود وصُرِّفَت الطرق فلا شفعة.
طالب: يدخل في هذا العموم -يا شيخ- منع الشارع؟
الشيخ: كيف؟
طالب: ما يدخل في هذا العموم ما منع الشارع من قسمته.
الشيخ: مثل أيش؟
طالب: مثل ما فيه ضرر (
…
).
الشيخ: لا، ما منع الشارع منه، الذي فيه ضرر إذا رضي الطرفان بالضرر ما فيه مشكلة، يجوز، إنما مُنِعَ لحق الشريك، لكن لو قال الشريكان في أرضٍ صغيرة: نقسمها ولا يضر، ما يهم، نقول: ما فيه مانع، وهذا ربما يقع؛ قد تكون الأرض الصغيرة بين ملكيهما، فيريدان قسمها، ويكون الجانب الذي يلي ملك أحدهما له، يوسع بها على بيته مثلًا، يمكن هذا ولا ما يمكن؟ (
…
).
***
الطالب: صالحني أو كذَّب العدل أو طلب أخذ البعض سقطت، والشفعة لاثنين بقدر حَقَّيْهما فإن عفا أحدهما أخذ الآخر الكل أو ترك.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ما هي العين التي تجب فيها الشفعة؟
طالب: الأرض.
الشيخ: كمل. كل أرض؟
الطالب: كل أرض تجب القسمة فيها (
…
) الشفعة؛ الشفعة تجوز في كل أرض تجب قسمتها.
الشيخ: في كل أرض تجب قسمتها. قولك: (في كل أرض) احترازًا من أيش؟
الطالب: الإجارة.
الشيخ: لا، (في كل أرض)؟
الطالب: العقار والمنقول.
الشيخ: احترازًا من العقار؟
الطالب: والمنقول.
الشيخ: احترازًا من العقار والمنقول. أيش العقار؟
الطالب: العقار ..
الشيخ: الأرض ما هي من العقار؟ !
الطالب: (
…
) المنزل، البيت.
طالب آخر: المراد بالأرض العقار (
…
).
الشيخ: العقار وأصل الأرض، لكن احترازًا منين؟
طالب: من المنقول.
الشيخ: من المنقول، تمام.
قولنا: (تجب قسمتها)، ما هي التي تجب قسمتها؟
طالب: الأرض التي تجب قسمتها هي الواسعة.
الشيخ: التي ليس في قسمتها؟
الطالب: ضرر ولا رد عوض.
الشيخ: ضرر ولا رد عوض. ما معنى قول المؤلف: (تجب قسمتها)؟
الطالب: إذا طلب أحد الشركاء القسمة يُجبَر عليها.
الشيخ: يُجبر الطالب ولَّا الآخَر؟
الطالب: الآخر.
الشيخ: يعني: هي التي إذا طلب أحد الشركاء أن تُقسم وجبت إجابته؛ كالأرض الواسعة، احترازًا من أيش؟
الطالب: الأراضي الصغيرة.
الشيخ: الأراضي الصغيرة فليس فيها شفعة. ما هو القول الآخر في هذه المسألة؟
طالب: القول الثاني في المسألة أن الشفعة تجب في كل شيء.
الشيخ: أن الشفعة تجب في كل شيء؛ سواء كان منقولًا أو عقارًا أو أرضًا تجب قسمتها أو لا تجب، وهذا هو القول الراجح، لأن الحكمة واحدة، وبعض الألفاظ عام.
ما هو القول الراجح في شُفعة الجار؟
طالب: القول الراجح أنها في شفعة في حال دون حال.
الشيخ: أن الجار له شفعة في حال دون حال. متى يكون له شفعة؟
الطالب: له شفعة إذا كان بينه وبين (
…
) مشترك (
…
).
الشيخ: يعني: اشتراك فيما يتعلق بالملك، إذا كان اشتراكًا كطريق مشترك أو ماء مشترك أو ما أشبه هذا.
***
قال المؤلف: (ويتبعها الغراس والبناء، لا الثمرة والزرع) يعني: إذا شَفَّع الشريك في أرض فيها غراس وبناء، فإن الغراس والبناء يتبعها، إذا كانت حين البيع موجودًا فيها الغراس والبناء، وأما الثمرة والزرع فلا يتبع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا» لمن؟ «لِلَّذِي بَاعَهَا» (5)، فكما أن الثمر والزرع لا يتبع في البيع، كذلك لا يتبع في الأخذ بالشفعة، بل يكون لمن اشتراه.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن تكون حين البيع مثمرة أو مزروعة أو كان الثمر والزرع بعد ذلك.
ولكن الصحيح أنه إذا كانت الثمرة موجودة حين البيع، وشفَّع الشريك والثمرة موجودة فإنها تتبع، وكذلك يقال في الزرع.
أما لو كانت النخيل حين البيع ليس فيها ثمر، ثم أثمرت بعدُ عند المشتري فإنها تكون لمن؟ تكون للمشتري لأنها ملكه، ونماء ملكه، فإنه قبل أن يؤخذ بالشفعة يكون للمشتري.
ثم قال المؤلف: (فلا شفعة لجار) هذا مفهوم قوله: (وتثبت لشريك).
(وهي على الفور)(وهي) أي: الشفعة، وسبق أن الشفعة هي انتزاع الحصة؛ يعني: أنه لا بد أن يبادر الشفيع في أيش؟ في الأخذ بالشفعة، فيقول: شفَّعت، أو أخذتها بالشفعة، أو ما أشبه ذلك، إلا أنهم استثنوا ما إذا كان مشغولًا بما لا يمكن فيه المطالبة، كما لو علم مثلًا وهو على قضاء الحاجة، ما يستطيع أن يُشَفِّع، أو جاءه الخبر وهو يتغدى أو يتعشى، هذا لا يمكن أن يشفع، أما إذا جاءه وهو غائب فإنه إن لم يُشهد على الأخذ بالشفعة سقطت شفعته.
وعلى هذا إذا جاءه الخبر بأن شريكه قد باع وهو في مكان بعيد فإنه يُشْهِد رجلين أو رجلًا وامرأتين على أنه آخذ بالشفعة.
وقوله: (على الفور)، قد يقول قائل: إنَّ إلزامَنا إياه أن تكون المطالبة على الفور فيه مشقة؛ لأنه -أي: الشفيع- ربما يقول: أعطوني مهلة أفكر في الأمر، أعطوني مهلة أنظر، هل أحصِّل الثمن أو لا أحصله؛ فنقول: لا، لا مهلة لك، مع أن الشفعة حق من حقوقه لا يمكن أن يسقط إلا بما يدل على رضاه؟
لكنهم يقولون: إنها على الفور، إن لم يطالب على الفور سقطت؛ الدليل:«الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا» (6) هذا حديث، «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ العِقَالِ» (7)، أيُّ عقال؟
طالب: عقال البعير.
الشيخ: عقال البعير؛ يعني: لازم بسرعة، لكنَّ الحديثين ضعيفان لا يحتج بهما ولا يمكن أن يُتوصل بهما إلى إسقاط حق المسلم، فلا اعتماد عليهما، وإذا لم يكن عليهما اعتماد رجعنا إلى الأصل، والأصل أن كل من ثبت له حق فإنه لا يسقط إلا بما يدل على رضاه؛ لأن هذا حق شرعي، قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يُقسم (3)، هذا قضاء نبوي، لا يمكن أن يسقط إلا بما يدل على الرضا؛ وعليه، فالقول الراجح الذي يتعين الأخذ به أن يقال: هي على التراخي، لا تسقط إلا بما يدل على الرضا.
فإذا قال المشتري: إلى متى أنتظر؟ ما أدري متى يرضى أو لا يرضى، ففي هذه الحال نضرب له أجلًا مناسبًا، فيقال للشريك الذي له الشفعة: لك ثلاثة أيام، لك يومان، لك أربعة أيام، حسب الحال؛ لأننا لو قلنا لك: إلى شهرين أو ثلاثة حتى ترضى صار في ذلك ضرر على من؟ على المشتري.
إذن القول الراجح: أنها ليست على الفور، بل هي على التراخي، ولا تسقط إلا بما يدل على الرضا؛ ووجه هذا القول -كما سمعتم- أنه حق جعله الشارع للشريك، فلا يسقط إلا برضاه.
ثم إنه -أي: الشريك- قد يحتاج إلى تأمل؛ لأن المشكل أنه لا بد أن يأخذها بالثمن، وإذا كان حالًّا أخذها بالثمن الحالي، وقد لا يكون عنده دراهم في ذلك الوقت، يحتاج إلى أن يطلبها من يمين أو يسار، أو يستدينها، أو ما أشبه ذلك.
قال المؤلف رحمه الله بناءً على أنها على الفور: (وقتَ علمه، فإذا لم يطلبها إِذَن بلا عذر بطلت)(إذا لم يطلبها): (ها) تعود على أيش؟ الشفعة، والفاعل الشريك الذي هو الشفيع.
(إذن) أي: حال علمه (بلا عذر بطلت)، وعُلِمَ من قوله:(بلا عذر) أنه لو كان معذورًا في الفورية، فإذا زال عذره فلا بد أن يطلب بها على الفور، فلو جاءه الخبر وهو على فراشه يريد أن ينام، نقول: لا بد أن تذهب إلى المشتري وتقول: أنا مطالب بالشفعة؟ لا، هذا عذر، لكن إذا استيقظ، من حين أن يستيقظ ويقوم ويصلي الفجر يذهب إلى مَن؟ إلى المشتري، ويقول: أنا آخذ بالشفعة؛ فعلى هذا نقول: لا بد إذا زال العذر من أن يطالب بها على الفور.
(وإن قال للمشتري: بعني) القائل الشفيع وهو الشريك، إذا قال للمشتري:(بعني) -يعني: بع عليَّ الذي اشتريت- سقطت شفعته؛ لماذا؟ لأنه لم يُطالب على الفور، وكونه يقول:(بعني) إقرار للملك -أي: لملك المشتري- وإذا كان إقرارًا لملك للمشتري فلازم ذلك أنه لا يريد المطالبة بها.
(أو قال: صالحني) فكذلك تبطل؛ لأن طلب المصالحة يؤخِّر المطالبة على الفور، ويدل على أن الشريك قد أقرَّ بأنها ملك المشتري.
(أو كذَّب العدلَ)(كذب): الفاعل مَنْ؟ الشريك، (العدل) يعني: المخبر العدل؛ يعني أن الشريك أخبره رجل عدل، وقال له: إن شريكك باع على فلان. قال: كذبت، شريكي ما يمكن يبيع؛ لأنه له رغبة في البقاء، في بقاء ملكه، ولا يمكن. قال: يا رجل تتهمني؟ ! قال: ما أتهمك، لكن كلٌّ يخطئ. تسقط الشفعة؟
طلبة: تسقط.
الشيخ: ليش؟
طالب: ما طالب بعد (
…
).
الشيخ: لأن الرجل عدل، والأصل في خبر العدل أنه مقبول؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]، فعُلِم منه أنه إذا جاءنا عدل نقبل خبره.
وعُلم من قوله: (أو كذَّب العدل) أنه لو كذب الفاسق فلا تسقط الشفعة؛ لأن الفاسق لا يجب قبول خبره، بل يتبين فيه، ولو كذَّب الكذوب؟
طالب: من باب أولى.
الشيخ: نعم، من باب أولى؛ لأن علة الكذوب هنا في أخباره، فيكون إخباره غير مقبول.
(أو كذب العدل، أو طلب أخْذَ البعض سقطت) طلب الشريك أخذ البعض؛ مثاله: شريكان في أرض لكل واحد منهما نصفها، فباع أحد الشريكين نصيبه على شخص، فقال الشريك: أنا لا أتحمل قيمة الأرض كلها، أريد أن آخذ بعضها ولك البعض، فتسقط الشفعة؛ لماذا؟ لفوات الفورية؛ ما بادر على طول.
لو أنه بادر وأخذ بالشفعة، ثم طالب المصالحة أو المقاسمة؟ لا بأس، لكنه لما طلب المصالحة أو المقاسمة قبل الأخذ بالشفعة سقطت.
إذن هذه المسقِطات مبنية على أيش؟ على أنه لا بد أن يطالب بها فور علمه.
لكن ينبغي أن يقال: إن اللوازم التي ذكروها من أنَّ طلبَ المصالحة أو طلب البعض أو ما أشبه ذلك تدل على أنه أقر البيع، ينبغي أن يقال: إذا وقع هذا من عالم فنَعَم، وإن وقع من جاهل لا يدري قال: أنا أريد المصالحة دفعًا للمطالبة وكسر قلبه وما أشبه ذلك فإنه لا ينبغي أن تسقط الشفعة، فيُفرق بين من يفهم ويعلم، وبين من لا يفهم ولا يعلم؛ فإذا قال: صالحني، أو لأننا نخليها أنصاف، لك النصف ولي النصف عن سلامة قلب وعدم معرفة فينبغي ألا تسقط الشفعة؛ لأنه في هذه الحال معذور، وكما عَذَرُوا مَن لم يطلبها على الفور بما عذروه به، فهذه مثلها.
والخلاصة أن الشفعة حقٌّ للشفيع لا تسقط أيش؟ إلا بما يدل على رضاه؛ أما كونها حقًّا للشفيع فقد علمتم ذلك أنه قضاء نبوي؛ قضى بالشفعة في كل ما لم يُقْسَم (3)، وأما كونها لا تسقط إلا برضاه فلأنها حقه، ولا يمكن أن تؤخذ الحقوق من أصحابها كُرهًا.
قال: (والشفعة لاثنين بقدر حقَّيْهما، فإن عفا أحدهما أخذ الآخر الكل أو ترك)(الشفعة لاثنين) تستلزم أن يكون الشركاء ثلاثة، فتكون (بقدر حقيهما)، فإذا باع صاحب النصف، رجعت المسألة إلى ثلاثة، من ستة مثلًا، إذا باع صاحب النصف، رجعت إلى كم؟ ثلاثة، فيكون الملك الآن بين صاحب الثلث والسدس، أيش هو؟ أثلاثًا.
وإذا باع صاحب السدس رجعت إلى خمسة، فيكون الملك بين صاحب النصف والثلث؟ أخماسًا.
وإذا باع صاحب الثلث رجعت إلى أربعة، فيكون الملك بين صاحب النصف والسدس؟ أرباعًا. واضح؟
طالب: غير واضح.
الشيخ: لا إله إلا الله. هذه الأرض بين ثلاثة شركاء؛ أحدهم له النصف، والثاني له الثلث، والثالث له السدس، كم مسألتهم؟
الطلبة: ستة.
الشيخ: من ستة، لصاحب النصف؟
الطلبة: ثلاثًا.
الشيخ: وصاحب الثلث؟
الطلبة: اثنان.
الشيخ: وصاحب السدس؟
الطلبة: واحد.
الشيخ: واحد. إذا باع أحدهم صارت الشفعة لشريكين؛ فلنبدأ أولًا بالأكبر صاحب النصف، باع صاحب النصف، كم راح من الستة؟
الطلبة: ثلاثة.
الشيخ: إذن يكون الملك الآن؟
طالب: أثلاثًا.
الشيخ: أثلاثًا بين صاحب الثلث وصاحب السدس. هذا واضح ولا غير واضح؟
الطلبة: واضح.
الشيخ: واضح. باع صاحب الثلث، والثلث كم؟ اثنان، كم يبقى؟ أربعة. الملك؟ أرباعًا بين صاحب النصف وصاحب السدس.
باع صاحب السدس، كم يبقى؟ خمسة، يعود الملك الآن بين صاحب النصف والثلث؟ أخماسًا؛ لصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب الثلث اثنان. واضح هذه ولَّا غير واضح؟
الطلبة: واضح.
الشيخ: والإخوان، واضح؟ هو سهل في الواقع.
إذا باع واحد منهم اقسم الملك على الباقيَيْن، ما يحتاج إلى تعب ولا شيء.
إذا عفا أحدهما نقول للثاني: إما أن تأخذ الجميع، وإما أن تترك الجميع؛ لنفرض أن الذي باع صاحب النصف، ويش بقي؟ النصف، فإذا قال صاحب السدس: أنا لا أريد الشفعة، يكفيني نصيبي من هذه الأرض. نقول لصاحب الثلث الآن: إما أن تأخذ كل الثلاثة، ثلاثة هي النصف، ويكون له -أي: لصاحب الثلث- خمسة، ولصاحب السدس واحد، فإذا قال: ما أتحمل، قلنا: إذن سقطت الشفعة.
إذا قال صاحب الثلث: أنا لا أريدها، والذي باع صاحب النصف؛ يعني: المسألة هي الأولى، لكن الذي قال: لا أريدها هو صاحب الثلث، ماذا نقول لصاحب السدس؟ نقول: خذ نصيب صاحب النصف، يكون لك أربعة من ستة. إذا قال: ما أتحمل. قلنا: إذن لا شفعة.
ولهذا قال: (بقدر حقيهما، فإن عفا أحدهما أَخَذ الآخر الكلَّ أو ترك)، وهذا الاشتراك يسميه العلماء اشتراك تزاحم، بمعنى أنهم إذا طلب كل واحد منهما حقه زاحم الآخرين، وإن أسقط حقه لزم الآخرين؛ لأن هذا الاشتراك اشتراك تزاحم، وإذا كان اشتراك تزاحم فإنه إذا طلب كل واحد حقه ازدحموا فيه، وإن عفا عاد إلى الآخرين.
ثم قال: (وإن اشترى اثنان حقَّ واحد) اشترى اثنان حق واحد، (فللشفيع أخذ أحدهما)، كيف اشترى اثنان حق واحد؟
أرض بين رجلين؛ باع أحدهما نصيبه من الأرض على رجلين، فنقول: للشفيع أن يأخذ نصيب أحد الرجلين دون الآخر، لماذا؟ لأنه في هذه الحال لا ضرر على واحد منهما؛ إذ إن أحدهما أُخِذ حقُّه في الشفعة، وهو حق للشريك، والثاني بقي حقه كاملًا، فيكون الملك الآن بين اثنين ولا بين ثلاثة؟
طالب: اثنين.
طالب آخر: بين ثلاثة.
طلبة: بين اثنين.
الشيخ: بين اثنين، يا إخواني؛ لأن الثالث طلعناه بأخذ نصيبه بالشفعة.
فإذا قال الذي لم يُؤْخذ نصيبه: في هذا ضرر عليَّ. نقول: ما فيه ضرر عليك، وين الضرر؟ الضرر لا ضرر عليك، أنت لك الربع من الأصل، والآن الربع باقٍ ولَّا غير باقٍ؟ باقٍ، ولم يتجدد لك شريك، الشريك الأول الذي لم يبع موجودٌ ما زال. واضح ولَّا؟
طلبة: واضح.
الشيخ: واضح؟
طالب: الأخير هذا غير واضح.
الشيخ: نعم، الآن أرضٌ بين رجلين، هذا واضح ولَّا غير واضح؟
الطلبة: واضح.
الشيخ: باع أحدهما نصيبه على رجلين، للشريك أن يُشَفِّع في الجميع، أليس كذلك؟
الطلبة: بلى.
الشيخ: فقال: أنا لا أريد أن أشفع إلا في واحد منكم؛ يقول للمشتريين، أخذ الشفعة من واحد، أيصح هذا أو لا يصح؟ يصح، هو ما فيه ضرر، وهذا ربما يحتاج إليه الإنسان؛ إما لكونه ليس عنده مال يدفعه للاثنين، وإما لكون أحد الشريكين سيء العشرة، والآخر طيب العشرة. هذا واقع ولَّا غير واقع؟ واقع، وإما لعدوانه، يريد أن يحرم المشتري الثاني نصيبه من الأرض.
المهم، أي سبب يكون، فله أن يأخذ من أحدهما دون الآخر، ولا ضرر، هذه واحدة، اشترى اثنان حقَّ واحد (أو عكسه)، (عكسه) اشترى واحد حق اثنين، هذا العكس؟
طلبة: نعم.
الشيخ: اشترى اثنان حق واحد، أو عكسه؛ اشترى واحد حق اثنين، إذن الأرض بين ثلاثة أطراف، فباع اثنان حقَّيْهِما على واحد، فللشفيع أيش؟ أن يُشَفِّع في نصيب واحد من شركائه دون الثاني.
التعدد الآن في المشتري ولَّا في البائع؟ في البائع، له أن يأخذ بنصيب أحدهما. والبيومي يبين لنا، يلَّا صور المسألة.
طالب: بيع اثنين نصيبهما على واحد.
الشيخ: إي، صوِّر المسألة، صورتها؟
الطالب: زيد وعمرو وخالد.
الشيخ: اترك زيدًا وعمرًا وخالدًا. قل: أرض بين كذا.
طالب: أرض بين ثلاثة أشخاص؛ باع اثنان من الشركاء نصيبهم على واحد (
…
) أن يشفع في أحد ..
الشيخ: فللشريك؟
طالب: أن يُشَفِّع في أحد الشريكين.
الشيخ: أن يشفع في نصيب أحد الشريكين دون الآخر.
يقول: (أو اشترى واحد شِقْصَين من أرضين صفقة واحدة)؛ مثال ذلك: أرضان فيهما شَرِكَة لشخصين، فباع أحد الشريكين نصيبَيْه من الأرضَينِ على واحد، فللشفيع أن يأخذ أحد الشقصين؛ لأن الآن تعدَّد المعقود عليه، الصورتان السابقتان تعدَّدَ البائع أو تعدَّدَ المشتري. هذا تعدَّد المعقود عليه، فللشفيع أن يأخذ بأحد الأرضين ويدع الأخرى، وهذا بخلاف ما إذا اشترك اثنان في شفعة، فإننا نقول: إما أن تأخذا جميعًا بالشفعة، وإلا فيسقط حق أحدكما، وهي اشتراك التزاحم.
قال: (أو اشترى واحد شقصين من أرضين صفقة واحدة، فللشفيع أخذ أحدهما) من يصور المسألة الثالثة؟
طالب: شريكان لديهما أرضين، فباع أحد الشريكين نصيبيه من الأرضين.
الشيخ: نعم، صفقة واحدة، يعني: بيعة واحدة.
الطالب: فأراد الشريك الثاني أن يشفع في أحد الأرضين، فله ذلك.
الشيخ: فله ذلك، تمام.
قال: (وإن باع شِقْصًا وسيفًا) يعني ما وجد يمثل إلا بالسيف؟ ! نقول: نعم، الفقهاء رحمهم الله دائمًا يتلقون العبارات بعضهم عن بعض، فهذا أول مَنْ مثَّل بهذا المثال، قال: باع شقصًا وسيفًا، ونحن نقول: إن باع شقصًا وكتابًا، يصلح؟
الطلبة: يصلح.
الشيخ: يصلح؟ !
الطلبة: يصلح.
الشيخ: يصلح، وهذا اللائق بطلبة العلم شقص كتاب، وبالمجاهدين شقص سيف، وبالنجارين شقص وباب، وبأصحاب المعارض شقص سيارة؛ إذن نمثل لكل إنسان بما يناسبه.
الآن ضابط المسألة إذا باع ما فيه الشفعة وما لا شفعة فيه، فالمراد بالشقص هنا الشقص الذي فيه الشفعة، والسيف ما لا شفعة فيه.
إذا باع صفقة واحدة ما فيه الشفعة وما لا شفعة فيه، يقول:(فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن)، وأما الآخر الذي ليس فيه شفعة فلا يأخذه بالشفعة؛ مثاله: رجل صاحب معرض بِيعَ عليه شِقص وسيارة -شقص يعني: نصيب مشترك- شقص وسيارة، فللشفيع وهو الشريك في الأرض أيش؟ أن يأخذ بالشفعة في الأرض دون السيارة. كيف ذلك؟ نقول: الآن كم تساوي الأرض؟ قالوا: تساوي مئتي ألف، كم تساوي السيارة؟ خمسين ألفًا، كم الثمن الآن؟ مئتان وخمسون، صحيح، فنقول الآن: خذ الأرض بكم؟ بمئتين، والسيارة للمشتري؛ ولهذا قال:(فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن) ما قال: بحصته من القيمة؛ لأن الشفعة يرجع فيها إلى الثمن لا إلى القيمة.
ثم قال: (أو تلف بعض المبيع فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن) بمعنى: أنه باع أرضًا وسيفًا أو سيارة أو ما أشبه ما ذلك، وتلف البعض فللشفيع أخذ الباقي بالحصة.
(أو أرضًا باعها وتلف بعضها) كيف يتلف بعض الأرض؟ بأن؟
طالب: السيل.
الشيخ: لا، السيل ما يُتلِف الأرض، صحيح ربما يُفسِد الأرض لكن لا يتلفها.
طالب: (
…
).
الشيخ: يعني: معناه أخذه مَن لا تمكن مطالبته، ربما نقول: هذا مثال صحيح، لكنه ما ينطبق تمامًا على كلام المؤلف، إنما إذا أخذه من لا تمكن مطالبته فللشفيع أخذ الباقي بحصته من الثمن.
(ولا شُفعة بشركة وقف) يعني: لو كان الشريك نصيبه موقوف وباع شريكه، فإن الموقوف عليه لا يأخذ بالشفعة، واضح؟
طالب: غير واضح.
الشيخ: غير واضح. أرض بين اثنين وهي على أحدهما وقف، وعلى الثاني طِلق؛ يعني أن نصيبه طلق ليس وقفًا، فباع صاحب النصيب الطلق، فهل لشريكه الموقوف عليه أن يُشَفِّع؟ يقول المؤلف: لا. اثنان شريكان في أرض، نصيب أحدهما وقف ليس ملكًا، فباع مَن نصيبُه طلق -يعني: غير وقف- فهل للشريك الموقوف عليه، هل له أن يأخذ بالشفعة؟ يقول المؤلف: لا. لماذا؟
قال: (لأن الملك في الوقف قاصر) غير تام؛ لأن الموقوف عليه لا يستطيع أن يبيع الوقف، ولَّا لا؟ ما يمكن يبيعه، فملكه إذن غير تام، وإذا كان غير تام، فكيف نسلطه على أخذ مال المشتري؟
ولكن القول الراجح في هذه المسألة أن له الشفعة؛ أي: للشريك في الوقف، الذي نصيبه وقف أن يأخذ بالشفعة؛ لأن العلة الثابتة فيما إذا كان الملك طِلقًا، هي العلة الثابتة فيما إذا كان وقفًا، بل العلة فيما إذا كان وقفًا أوضح؛ لأن هذا الوقف لا يمكن أن يتخلص منه الموقوف عليه، ولو كان طِلقًا لكان إذا وجد الشريك الجديد سيء المعاملة يبيع نصيبه وينتهي؛ فالشُّفعة في شركة الوقف أحق منها في شركة الطلق.
وأما قولهم: إنه غير تام، فيقال: هو تام باعتبار أن الموقوف عليه يملك الوقف، حتى عند الأصحاب رحمهم الله قالوا: إن الوقف يملكه الموقوف عليه، لكن ملك قاصر.
القول الراجح أن الشريك في الوقف له حق الشفعة، وأن استحقاقه للشفعة أقوى من استحقاق صاحب الملك؛ لأن صاحب الملك إذا وجد من الشريك الجديد سوء معاملة يبيع وينتهي، لكن صاحب الوقف لا يمكن يبيعه، فيكون تَضَرُّر صاحب الوقف أشد من تضرر صاحب الملك الطِلق.
فلهذا نقول: إن الراجح أن الشريك -أي: الذي نصيبه موقوف- له الشفعة.
وإذا كان له الشفعة وأخذ بها، فهل يكون هذا النصيب تبعًا للوقف، أو يكون ملكًا للموقوف عليه؟ الثاني إلا إذا نوى، هو ملك للموقوف عليه ملك طلق إلا إذا نوى أنه تبع للوقف، فيكون تبعًا للوقف، وحينئذٍ نسأل: هل الأولى أن ينويه للوقف أو أن يبقيه على ملكه؟ يُنظر للمصلحة؛ إذا كان في الوقف ريع كثير يتحمل ثمن هذا الشقص فالأولى أن يجعله للوقف؛ لأجل أن ينمو الوقف ويزداد، ولأجل أن لا يكون نزاع فيما إذا مات الموقوف عليه؛ لأن الموقوف عليه إذا مات ما ينتقل انتقال ميراث، ينتقل حسب شرط الواقف.
(ولا غيرِ مُلك سابق) يعني: لا بد أن يسبق ملك الشريك الشفيع ملك المشتري؛ فلو اشترى اثنان حق واحد أو اشتريا أرضًا مستقلة، فهل لأحدهما أن يشفع للآخر؟ اثنان اشتريا أرضًا صفقة واحدة، فهل لأحدهما أن يشفع للآخر؟ ليش؟
طالب: ليس له.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: ليس بسابق.
الشيخ: لأن ملكه ليس بسابق، هما ملكَا الأرض صفقة واحدة؛ فإذا قال زيد لعمرو -وهما المشتريان- قال زيد لعمرو: أنا أشفع عليك. يقول عمرو: وأنا أشفع عليك. فحينئذٍ نقول: لا شفعة لواحد على الآخر، وأنتما اشتريتما الأرض أو الشقص صفقة واحدة، فتساويتما، فلا حق لأحدكما على الآخر؛ إذن لا بد أن يسبق ملك الشفيع ملك شريكه.
لو أن أرضًا بين اثنين كانت لأحدهما دون الآخر في الأول؛ ثم اشترى نصفها منه، ثم إن الأول باع نصيبه على آخر، تثبت الشُّفعة أو لا؟
طلبة: لا تثبت.
طالب: تثبت الشفعة يا شيخ.
الشيخ: تثبت. أنتم فاهمين الصورة ولا ما فهمتوها؟ رجل يملك أرضًا، فباع نصفها على شخص، ثم إن المالك الأول باع نصيبه على آخر، فهل للمشتري الأول أن يُشَفِّع على الثاني؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: نعم؟ ! ملك البائع سابق على ملك المشتري! نقول: وملك المشتري سابق على الملك الذي فيه الشفعة.
(ولا غير ملك سابق، ولا لكافر على مسلم) يعني: لو كانت أرض بين مسلم ونصراني، فباع المسلم نصيبه على رجل مسلم، فهل للنصراني أن يشفع؟ يقول المؤلف: لا، ما يشفع؛ لأننا لو مكناه من الشفعة لسلطنا كافرًا على مسلم، والإسلام يعلو ولا يُعلى. وللبحث بقية إن شاء الله تعالى (
…
).
***
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب الشفعة: ولا شُفعة بشركة وقفٍ، ولا غير ملك سابق، ولا لكافر على مسلم.
فصل
وإن تصرف مشتريه بوقفه أو هبته أو رهنه، لا بوصية سقطت الشفعة وببيع فله أخذه بأحد البيعين، وللمشتري الغلة والنماء المنفصل، والزرع والثمرة ظاهرة، فإن بنى أو غرس ..
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
يقول المؤلف رحمه الله: (ولا شُفْعة بشركة وقف) يعني: لو كان الملك بين رجلين أحدهما الذي بيده وقف، والثاني الذي بيده ملك، وهذا واقع يعني: ليس صعبًا؛ يكون الرجلان الشريكان نصيب أحدهما ملك ونصيب الآخر وقف، فباع صاحب الملك، فهل لصاحب الوقف أن يُشَفِّع؟ يقول المؤلف: لا، ليس له أن يشفع؛ لأنه وإن كان مالكًا فإن ملكه غير تام؛ لأنه لا يملك -أي: الموقوف عليه- أن يتصرف في الوقف ببيع ولا رهن ولا غيرهما من نقل الملك. هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله وهو المذهب، والعلة كما سمعتم: أن الملك أيش؟ غير تام.
والصحيح أن له الشفعة؛ أن الشريك الذي يكون نصيبه وقفًا له أن يُشَفِّع، بل لو قيل: إنه أحق بالشفعة ممن نصيبه ملك لكان له وجه، لماذا؟ لأن صاحب الوقف لا يملك بيعه، ولو كان مالكًا لكان يملك البيع إذا تأذى من الشريك الجديد؛ فالصواب إذن أن لصاحب الوقف أن يُشَفِّع، ولكن إذا شَفَّع، هل يُضم إلى الوقف فيكون وقفًا، أو يكون ملكًا للمشفع؟
يُنظر؛ إذا كان نواه للوقف فهو للوقف، وهذا يتصور فيما إذا كان بيده ثمن الشقص المبيع من الوقف، أو أراد أن يتبرع؛ مثاله: الوقف الذي كان بيده، يريع ريعًا كبيرًا، وعنده الآن دراهم، فلما شَفَّع قضى الثمن من هذه الدراهم ونواه لأيش؟ للوقف، فيكون للوقف، أو يريد أن يتبرع هو بنفسه فيما أخذه بالشفعة لكون الوقف لوالده أو ما أشبه ذلك، المهم إذا نواه الشفيع للوقف صار للوقف، وإن نواه لنفسه صار لنفسه.
فإن قال قائل: إذا صار لنفسه فإن الشركة لم تنتفع؛ لأنه لم يكن الملك مصرفه واحدًا. قلنا: نعم، هذا حق، إذا كان للمشتري فالواقف لم ينتفع به، لكن لا شك أن كون الإنسان مشاركًا بنفسه لنفسه خير من كونه يتلقى شريكًا جديدًا.
كذلك: (غير ملك سابق)(لا شفعة بغير ملك سابق)، ومثال ذلك: أن يشتري اثنان الملك معًا، بأن يكون هذه أرض اشتراها رجلان من رجل واحد، فليس لأحدهما أن يشفع؛ لماذا؟ لأن الحقين وردَا على هذه العين ورودًا واحدًا فتعارضَا، وإذا تعارضَا فإنه لا يمكن أن نفضِّل أحدهما على الآخر.
إذن لا بد من أن يكون ملك الشريك الذي يأخذ بالشفعة سابقًا على أيش؟ على على ملك أخيها الذي باع، أو موافقًا له، المهم سابق على ملك المشتري الذي انتقل إليه النصيب.
(ولا لكافر على مسلم) يعني: لو كان الشريك كافرًا، والمسلم باع نصيبه من هذه الأرض (على مسلم) فإنه لا يحق للشريك أن يأخذ بالشفعة؛ لماذا؟
طالب: فيه إهانة للمسلم.
الشيخ: نعم؛ لأن فيه إهانة للمسلم؛ حيث إنه سيؤخذ منه ما ملكه قهرًا، ففيه إذلال له، والإسلام يعلو ولا يعلى؛ شريكان في أرض أحدهما مسلم والثاني كافر، فباع المسلم نصيبه على مسلم فليس للكافر أن يأخذ بالشفعة.
لو كان الشريكان كافرين، وباع أحدهما على مسلم، هل يأخذ شريكه الكافر بالشفعة؟ لا؛ لأن العلة واحدة، وإن كان البائع على المسلم كافرًا فإنه لا يأخذ شريكه الكافر بالشفعة؛ لأن العلة هي إهانة المسلم.
وقال بعض أهل العلم: بل للكافر شفعة على المسلم؛ لأن الشفعة من حق التملك، وليس من حق المالك، إذا كان الكافر له الخيار؛ خيار المجلس، ويمكن أن يفسخ العقد غصبًا على المسلم؛ لأن هذا حق ملك، فكذلك الشفعة.
صورة المسألة الأخيرة: مسلم باع على كافر شيئًا، فهل للكافر ما دام في مجلس الخيار أن يفسخ البيع؟ نعم، له ذلك؛ لأن هذا من باب حق التملك، فله أن يفسخ، حتى وإن كره المسلم؛ لأن هذا حقه، وهذا مقتضى العقد.
الشفعة حقٌّ، ومقتضى البيع -أي: بيع الشريك على أجنبي- أن يكون للشريك الأول حق الشفعة، فالمسألة فيها خلاف بين العلماء.
ولو قلنا برجوع هذا إلى نظر الحاكم القاضي لكان هذا جيدًا، ويظهر هذا بالقرائن؛ إذا عرفنا أن الكافر سوف يفتخر بأخذ الشفعة من هذا المسلم، ويرى أنه علا عليه، فحينئذ لا نمكنه، أما إذا علمنا أن الكافر مهادن، وأنه لم يأخذ بالشفعة إلا لأنه مضطر إليها لمصلحة ملكه فإننا نمكنه منها.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (فصل، وإن تصرف مشتريه بوقفه).
(مشتريه) أي: مشتري الشقص، (بوقفه) أي: تسبيله؛ يعني أنه حين اشترى الشقص وقَّفه، سواء على خاص أو على عام؛ فعلى الخاص مثل أن يقول حين اشترى الشقص: هذا وقف على فلان أو على ذريته، فإن الشفعة تسقط.
العام مثل أن يقول حين اشتراه هذا وقف على الفقراء، فتسقط الشفعة؛ لماذا؟ لأن الشقص انتقل بعقد لا تثبت فيه الشفعة، كيف لا تثبت فيه الشفعة؟ لأن الشفعة إنما تثبت فيما إذا انتقل بعوض مالي، وهنا انتقل الملك إلى الوقف، والوقف ليس فيه شفعة؛ يعني: لو أن أحد الشريكين وقَّف نصيبه من أرض مشتركة فليس للشريك أن يُشَفِّع؛ لأن انتقل ملكها بغير عوض مالي.
أو تصرف بـ (هبته) يعني أن الذي اشترى الشقص وَهَبَه لشخص آخر فتسقط الشفعة؛ لأنه لو انتقل الشقص بالهبة لم تثبُت الشفعة، فإذا انتقل من المشتري إلى جهة أخرى لا تثبُت الشفعة بانتقاله إليها فإن الشفعة تسقط.
(أو رهنه) يعني: أن المشتري -مشتري الشقص- رهنه، مثاله: أرض بين شريكين، باع أحدهما نصيبه على ثالث، الثالث استدان من شخص وأرهنه نصيبه الذي اشتراه، يقول المؤلف: إن الشفعة تسقط؛ لماذا؟
لأن الرهن ليس انتقالًا، ولكنه إشغال، الإنسان إذا رهن ملكه عند شخص، هل معناه أنه باعه عليه؟ وهبه له؟ لا، ولكن شغله، شغل الملك للتوثقة -توثقة صاحب الدين- فليس انتقال ملك.
هذا ما ذكره المؤلف رحمه الله، والصحيح أنها لا تسقط بالرهن؛ لأن الملك لم ينتقل للمرتهن، لكن يقال: إن أوفى الراهن دينه أخذ الشريك بالشفعة، وإن لم يوف وبِيعَ الرهن حينئذ نرجع إلى انتقاله بالبيع، وسيأتي ذكره إن شاء الله؛ وذلك لأن الرهن لم ينتقل به الملك، فهو على ملك المشتري، إنما تعلق به حق الغير، فإذا تعلق به حق الغير، فإننا نُبْقِي حق الغير وحق الشفيع، ونقول: ما دام مرهونًا لا يمكن أن تأخذه بالشفعة؛ لأنه مرهون مشغول، لكن إن أوفى المدين دينه بقي الرهن الآن طِلقًا ليس مرهونًا فخذه بالشفعة، وإن لم يوفِ وبيع فخذه أنت بأحد البيعين كما سيأتي إن شاء الله تعالى. هذا القول هو الراجح؛ لأن الملك لم ينتقل، ومثل ذلك: لو آجر النصيب الذي اشتراه، فهل تسقط الشفعة أو لا؟
المذهب: تنفسخ الإجارة ويأخذه بالشفعة، والصحيح أنها لا تنفسخ الإجارة، وأنها باقية، ولكن للشفيع الأجرة من حين أخذه بالشفعة، مثال ذلك: باع أحد الشريكين نصيبه على شخص ثالث، الشخص الثالث آجره على طول، قال لواحد: أجَّرتك نصيبي تجعله معارض، تجعله أي شيء، أجَّرتك نصيبي لمدة خمس سنوات، فالإجارة على المذهب تنفسخ؛ لأن حق الشفيع سابق على حق المستأجر.
القول الثاني: لا تنفسخ، وللشفيع الأجرة من حين أخذ بالشفعة، فإذا قدَّرنا أنه أخذ بعد شهر، صار بقية الخمس سنوات أجرتها لمن؟ للشفيع؛ وذلك لأن المشتري آجر الشقص وهو على ملكه، فالإجارة صحيحة، وهي عقد لازم أو جائز؟ هي عقد لازم، وإذا كان هذا الرجل تصرف تصرفًا مأذونًا فيه بعقد لازم فإننا لا يمكن أن نضيع حق المستأجر، بل نقول للمستأجر: تبقى، ولكن الأجرة من حين أخذ الشفيع تكون للشفيع، وهذا لا شك أنه أقرب إلى العدل، القول بأن الإجارة لا تنفسخ أقرب إلى العدل بلا شك.
قال: (لا بوصية) يعني: لا إن تصرَّف مشتريه بوصية فإنها لا تسقط، فيكون المؤلف رحمه الله ذكر ثلاثة أشياء تسقط بها الشفعة، وذكر شيئًا واحدًا لا تسقط به الشفعة؛ مثاله: اشترى الشقص؛ يعني: رجلان شريكان في أرض، باع أحدهما نصيبه على شخص، ومن حين اشتراه الشخص أوصى به، قال: أوصيت بنصيبي الذي اشتريت أن يكون وقفًا على طلبة العلم، فالشفعة لا تسقط؛ لماذا؟ لأن الوصية لا تثبت إلا بعد الموت، وقبل الموت يكون الموصى به مُلْكًا للموصي، له أن يتصرف فيه بما شاء، التعليل؛ لماذا؟ لأن الوصية لا ينتقل بها الملك إلا بعد موت الموصي وقبول الموصى له إن كان معينًا، أو جماعة يمكن حصرها. المثال؟
طالب: باع زيد نصيبه من الأرض ..
الشيخ: باع زيد نصيبه من أرض مشتركة على بكر.
الطالب: فقال الرجل: أوصيت بنصيبي من هذه الأرض وقفًا لطلبة العلم.
الشيخ: فقال بكر: أوصيت بنصيبي من هذه الأرض وقفًا على طلبة العلم.
الطالب: فإن الشفعة لا تسقط.
الشيخ: فإن الشفعة لا تسقط، وللشفيع أن يشفع، إذا شفع انتقل الملك من نصيب الموصي إلى نصيب الشريك، تبطل الوصية أو لا تبطل؟ تبطل الوصية؛ لأن محلها تعذر أن تُنفذ به الوصية.
ثم قال: (وببيع)، والخلاصة أن نقول: إذا تصرف المشتري تصرفًا لا تثبت به الشفعة ابتداءً على وجه التمليك فإن الشفعة تسقط، هذا الضابط؛ إذا تصرف المشتري في فيما اشتراه تصرفًا ينقل الملك على وجه لا تثبت فيه الشفعة فإن الشفعة تسقط، وإن تصرف فيه تصرفًا لا ينقل الملك فالشفعة باقية، حتى في الرهن على القول الراجح خلافًا لما قال المؤلف رحمه الله، إذا تصرف تصرفًا لا ينقل الملك فالشفعة باقية؛ مثل الإجارة، الوصية، الرهن، العارية، وما أشبه ذلك، فالشفعة باقية.
وإن تصرَّف فيه بنقل الملك على وجه تثبت به الشفعة ابتداءً فهو ما ذكره المؤلف رحمه الله: (وببيع فله أخذه بأحد البيعين)، إذا تصرف في الشقص ببيع فله أخذه بأحد البيعين.
***
طالب: (
…
) الوصية، فأوصى به، لو أنه مات بعد أن أوصى (
…
).
الشيخ: نعم.
فلو مات بعد أن أوصى به، (
…
) الموصى إليه إذا كان معينًا أو جماعة يمكن حصرهم، هل قبلوا الوصية أو لا؟ إذا قبلوا الوصية سقطت الشفعة؛ لأن الوصية تبرع بالمال بعد الموت، أما إذا ردوها بقيت الشفعة.
طالب: لو رهن أحد الشريكين نصيبه عند المرتهن، ثم عجز عن الإيفاء، فباع المرتهن الشقص، فالشفيع يأخذ ممن اشترى الشقص؟
الشيخ: يأتي. لأن اللي بيبيع ما هو بالمرتهن، اللي بيبيع نفس الراهن.
الطالب: لكنه لو باع المرتهن ما يمكن ..
الشيخ: حتى لو باع فهو بالنيابة عن الراهن.
طالب: وحينئذ يأخذ الشفيع؟
الشيخ: يأخذ الشفيع، نعم.
طالب: (
…
) هذا؛ لأنه تصرَّف حال كونه مالكًا للتصرف هذا، لكن أليس حق الشفيع سابقًا على حق هذا؟
الشيخ: إي، لكن ما يمكن إبدال الوقف.
الطالب: هذا مقتضى ما مشينا عليه في أول الباب؛ يعني: حق الشفيع لا يمكن أن يسقط بحق.
الشيخ: لا، ما قلنا بهذا، لكن على قولنا مسألة الإجارة فقط؛ لأن الإجارة ما فيها نقل ملك، يكون التصرف صحيحًا، وللشفيع أن يأخذ، وله الأجرة من حين أخذه.
الطالب: أليس الشفيع حقه ما يسقط؟ لعلمْنا أنه تركه أو تصرف تصرفًا يدل على رضاه بالتصرف هذا.
الشيخ: إي، لكن سقطت هذه بتصرف المشتري، إلا إذا علمنا أنه حيلة، فعلى الحيلة لا تبطل الشفعة.
الطالب: (
…
) أن هناك فرصة للشفيع يفكر أو يجمع مال أو ..
الشيخ: هذه المسألة فيها الفورية؛ هل تجب على الفور أو لا تجب؟ قلنا: إنها لا تجب على الفور.
الطالب: أليس هذا مما يترتب عليه، يا شيخ؟
الشيخ: لا، هذا يترتب عليه أن هذا الرجل لم يأخذ بالشفعة إلا بعد أن تصرف؛ يعني: بمعنى تصرف تصرفًا ينقل الملك على وجه لا شفعة فيه ولا يمكن أخذه.
طالب: رضي الله عنك يا شيخ، مضى علينا أن للكافر على قولين في الشفعة؛ قول اللي هو الشفعة، والقول اللي رجحته أن ما فيها الشفعة، وعلى هذا إذا كان فيها الشفعة يا شيخ (
…
) على بيع الخيار، العلة الموجودة في الشفعة هو الإذلال من الكافر على المسلم، ما هي موجودة في الخيار يا شيخ، موجودة في الشفعة، ولا هي موجودة ..
الشيخ: نعم، ولذلك قلنا: يرجع للقاضي، القاضي إذا رأى أن في هذا إذلال للمسلم وأنه ربما يتعالى الكافر، فحينئذ لا يمكنه من الشفعة، أما إذا كان الكافر رجلًا عاديًّا، ولا يهمه هذا الشيء، لكن من مصلحة ملكه أن يأخذ بالشفعة، فهذا كسائر المعاملات.
طالب: بارك الله فيك يا شيخ، في مسألة الإجارة -أحسن الله إليك- المذهب يقولون: تنعقد الإجارة، وتكون الشفعة، وعند مذهب (
…
) قلنا: إن انتقلت (
…
) انتقل الملك إلى آخر الإجارة ما (
…
).
الشيخ: ولهذا بطلت.
الطالب: لكنهم يثبتون الشفعة.
الشيخ: لا، ما يثبتون الشفعة، في الإجارة ما يثبتونها.
الطالب: يقولون: تبطل الإجارة، وليس كذلك.
الشيخ: تبطل الإجارة من المشتري، المشتري أجَّر، وليس معناه أن الشريك هو الذي أجَّر، الشريك إذا أجر ما فيه شفعة، أصلًا ما فيه شفعة؛ لأنه ما انتقل الملك، لكن هذا الذي أجَّر هو المشتري.
طالب: مسألة (
…
) الشفعة للكافر (
…
) قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم (3) (
…
)، وقوله تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141] كيف يعني؟
الشيخ: هذا في المحاكمة يوم القيامة، الله قال:{فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} هذا ما هو بكل حق، هذا يوم القيامة، يكون الخصوم بين المسلمين والكفار، ولا يمكن أن يحكم الله للكافرين.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا، واضحة الآية، السياق {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} .
طالب: والحديث؟
الشيخ: أي حديث؟
طالب: أن الإسلام يعلو ولا يُعلى.
الشيخ: ما يخالف، الإسلام نفسه يعلو ولا يعلى، ومن عُلُوِّه أن نمكن الكافر من من الشفعة؛ لئلا يقال: إن الإسلام دين حَيْف وجور، قد يكون في هذا مصلحة للمسلمين أيضًا.
وبِبَيْعٍ فله أَخْذُه بأحَدِ الْبَيْعَيْنِ، وللمُشترِي الْغَلَّةُ، والنَّماءُ والْمُنْفَصِلُ والزرْعُ والثمرَةُ الظاهرةُ، فإن بَنَى أو غَرَسَ فللشفيعِ تَمَلُّكُه بقِيمتِه وقَلْعُه ويَغْرَمُ نَقْصَه ، ولربِّه أَخْذُه بلا ضَرَرٍ وإن ماتَ الشفيعُ قبلَ الطلَبِ بَطَلَتْ وبعدَه لوارِثِه ويأخذه بكلِّ الثمَنِ، فإن عَجَزَ عن بعضِه سَقَطَتْ شُفعتُه، والْمُؤَجَّلُ يَأخُذُه المليءُ به وضِدُّه بكَفيلٍ مَليءٍ، ويُقْبَلُ في الْخَلَفِ مع عَدَمِ الْبَيِّنَةِ قولُ الْمُشْتَرِي، فإنْ قالَ: اشْتَرَيْتُه بأَلْفٍ أَخَذَ الشفيعُ به ولو أَثْبَتَ البائعُ بأكثرَ، وإن أَقَرَّ البائعُ بالبيعِ وأَنْكَرَ الْمُشترِي وَجَبَتْ، وعُهدةُ الشفيعِ على الْمُشترِي وعُهدةُ الْمُشترِي على البائعِ.
طالب: (
…
) قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم (
…
)، وقوله تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} كيف يعني؟
الشيخ: هذا في المحاكمة يوم القيامة، كما قال:{فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]، هذا ما هو بكل حق، هذا يوم القيامة تكون الخصومة بين المسلمين والكفار، ولا يمكن أن يحكم الله للكافرين.
الطالب: العبرة بعموم اللفظ يا شيخ؟
الشيخ: لا، واضحة الآية، السياق:{فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} .
الطالب: والحديث؟
الشيخ: أي حديث؟
الطالب: «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» (1).
الشيخ: ما يخالف، الإسلام نفسه يعلو ولا يُعلى، ومن علوِّه أن يمكِّن الكافر من الشفعة لئلا يقال: إن الإسلام دين حيف وجور، قد يكون في هذا مصلحة للمسلمين أيضًا، إذا مكَّنا الإنسان الذي له حق في عصمة ماله من أن يأخذ بالشفعة، قد يكون هذا من مصلحة المسلمين.
الطالب: قول السلف: لا شفعة (
…
)؟
الشيخ: ما يخالف، إذا قال هذا نقول: وقال الآخر له الشفعة.
***
طالب: (
…
) وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب الشفعة:
فصل
وإن تصرف مشتريه بوقفه أو هبته أو رهنه -لا بوصية- سقطت الشفعة، وببيع فله أخذه بأحد البيعين، وللمشتري الغلة والنماء المنفصل والزرع والثمرة الظاهرة، فإن بنى أو غرس فللشفيع تملكه بقيمته وقلعه، ويغرم نقصه، ولربه أخذه بلا ضرر.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
سبق لنا أن تصرف المشتري في الشقص الذي به الشفعة ينقسم إلى ثلاثة أقسام، ما هي؟
طالب: القسم الأول (
…
) ليتصرف فيه على وجه لا يثبت فيه الشفعة ابتداءً، ولا ينتقل فيه الملك.
الشيخ: أن ينتقل الملك على وجه لا تثبت فيه الشفعة ابتداءً. ما الحكم؟
الطالب: هنا تسقط الشفعة.
الشيخ: تسقط الشفعة، أحسنت. الثاني؟
طالب: أن ينتقل الملك على وجه لا تثبت الشفعة فيه.
الشيخ: هذا اللي قال.
الطالب: على وجه تثبت الشفعة، أو القسم الثاني إن انشغل الملك، عين الـ .. بالرهن.
الشيخ: لا، أعطنا قاعدة، الرهن مثال.
طالب: رضي الله عنك يا شيخ، الثاني انتقال الملك بدون عوض.
الشيخ: إي نعم، هذا الذي ذكر الأخ.
طالب: أن يتصرف فيه تصرفًا لا ينقل الملك.
الشيخ: طيب، أن يتصرف فيه تصرفًا لا ينقل الملك، فما الحكم؟
الطالب: لا تسقط الشفعة.
الشيخ: أنها لا تسقط الشفعة.
طالب: أن يتصرف تصرفًا تثبت فيه الشفعة.
الشيخ: أن يتصرف تصرفًا ينقل الملك على وجه تثبت به الشفعة ابتداءً. ما الحكم؟
الطالب: (
…
)؟
الشيخ: تأتي، طيب. إذا تصرف به بإجارة؛ آجر الشقص الذي به الشفعة، أتسقط الشفعة أو لا؟
طالب: لا تسقط الشفعة.
الشيخ: لا تسقط؟ يأخذ بالشفعة؟
الطالب: نعم، يأخذ بالشفعة.
الشيخ: أجره، طيب أخذ بالشفعة، تنفسخ الإجارة أو لا؟
الطالب: لا تنفسخ الإجارة على القول الصحيح.
الشيخ: لا تنفسخ الإجارة على القول الراجح، تمام.
إذا قلنا: لا تنفسخ، فما الحكم؟
طالب: (
…
) للشفيع (
…
) ينتقل إليه (
…
).
الشيخ: يعني: يكون للشفيع الأجرة من حين أخذ بالشفعة، كذا؟ يعني إذا مضى من الإجارة ستة أشهر من سنة، كم يكون له؟
الطالب: (
…
) إنها ستة أشهر.
الشيخ: لكن كم يُعْطَى من الأجرة؟
الطالب: (
…
) نصف الأجرة.
الشيخ: نصف الأجرة؟ ماذا تقولون؟ مضى من السنة ستة أشهر، وقلنا على القول الراجح: إنها لا تنفسخ الإجارة، كم للشفيع إذا أخذ بعد مضي ستة أشهر؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: من يعرف؟
طالب: ربع الأجرة.
الشيخ: كيف ربع الأجرة؟ أجر سنة، ومضى ستة أشهر، وقلنا: الصحيح أن الإجارة هذه لا تنفسخ، كم يستحق؟
طالب: النصف الباقي.
الشيخ: نصف الأجرة ولَّا ثلثيه ولَّا ثلاث أرباعه؟
الطالب: نصف الأجرة.
الشيخ: كما قال الأخ، لا، يجب أن تلاحظوا، يجب له من الأجرة بقسط، قد يكون ما بقي من المدة زمن موسم، وتكون الأجرة فيه أغلى، فإذا كانت أغلى فإنه لا بد أن يقدر هذا الشيء، مثلًا إذا كان في المدينة أيام الحج يكون الأجرة أكثر وأغلى فهنا يُعْطَى بقسطه، ويجب أن نعرف هذا الفرق.
إذا رهنه -المشتري رهن الشقص- تسقط الشفعة أو لا؟
طالب: على المذهب تسقط.
الشيخ: وعلى غير المذهب؟
الطالب: لا تسقط.
الشيخ: وعلى ما مشى عليه المؤلف؟
الطالب: على ما مشى عليه المؤلف تسقط.
الشيخ: وعلى المذهب؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا.
الطالب: على قول المصنف تسقط الشفعة، والمذهب أنها لا تسقط.
الشيخ: المذهب أنها لا تسقط.
فإذا أخذ بالشفعة أينفسخ الرهن أو لا؟
طالب: ليس له أن يأخذه بالشفعة (
…
)، فنقول له: إن أوفى المدين الدين فله أن يأخذه بالشفعة بعد ذلك.
الشيخ: هذا على القول الراجح، أما المذهب فيأخذه؛ لأن ما دام أن الشفعة باقية فله أن يأخذها وينفسخ، كالإجارة تمامًا.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وببيع فله أخذه بأحد البيعين) يعني: إن تصرف فيه ببيع، من الفاعل؟ المشتري؛ يعني: المشتري باعه على آخر، (فله) أي: للشفيع؛ وهو الشريك الأول، (أخذه) أي: أخذ الشقص، (بأحد البيعين).
مثاله: باع الشريك -وهو زيدٌ- على عمرو نصيبه من الملك، ثم باع عمرو نصيبه على بكر، فعندنا الآن بيعان؛ بيع زيد على عمرو، وعمرو على بكر، فبم يأخذ الشريك؛ أيأخذ بالبيع على عمرو، ولَّا بالبيع على بكر؟ يقول المؤلف:(له أخذه بأحد البيعين)، أيهما يفضل؛ أن يأخذ بالأقل ثمنًا أو بالأكثر ثمنًا؟
طلبة: بالأقل.
الشيخ: إي نعم، الغالب بالأقل، وقد يأخذ بالأكثر إذا كان هناك مماطلة.
باع الشريك -الذي هو زيد- على عمرو بمئة ألف، ثم إن عمرًا باعه على بكر بمئتي ألف، الشريك -شريك زيد- يأخذ بأي البيعين هنا؟ بالأول، إذا أخذه بالبيع الأول سوف ينتزع ملكه ممن؟
الطلبة: من الشريك الثاني.
الشيخ: منين؟ لا، بيع -يا جماعة- سيأخذه من بكر، وسيعطيه مئة ألف، فأين تذهب مئة الألف التي سلمها بكر؟ نقول: يرجع بها على من باع عليه.
أعيد المثال: باع زيد على عمرو نصيبه بمئة ألف، وباع عمرو ذلك النصيب بمئتي ألف على بكر، الشريك الأول يريد أن يأخذ بالشفعة، إذا أخذ بالبيع الأول، هو بيأخذ الآن من بكر، الملك الآن منتقل إلى بكر، سيأخذه الشريك من بكر، فكم يعطي بكرًا؟ مئة ألف. بكر يقول: أنا سلمت مئتي ألف، نقول: ترجع بمئة ألف على عمرو الذي باع عليك.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: يرجع على عمرو بمئة، إحنا قلنا: مئة ومئتين.
إذا كان العكس: زيدٌ باعه على عمرٍو بمئتي ألف، وعمرٌو باعه على بكرٍ بمئة ألف، فالشريك الآن سيأخذ بأي البيعتين؟ بالثانية، لا شك أنه يأخذ بالثانية، إذا أخذ بالثانية سوف يعطي بكرًا مئة ألف وينتهي، بكرٌ لن يرجع على أحد، لماذا لا يرجع؟ لأنه ما ضمن شيئًا، سلَّم مئة ألف، وأخذ منه الشقص، وأُعْطِي مئة ألف.
المهم أنه إذا بيع فللشفيع أخذه بأحد البيعين، وإن بيع ثلاث مرات أو أربع مرات يأخذ باللي يبغي؛ باللي يرى أنه أنسب له، سواء أول بيعة أو آخر بيعة أو ما بينهما، والرجوع كل يرجع على من أخذه منه بما زاد على ما أعطي.
ثم قال المؤلف: (وللمشتري الغلة والنماء المنفصل والزرع والثمرة الظاهرة)(للمشتري) يعني: لمشتري الشقص، (الغلة والنماء المنفصل والزرع والثمرة الظاهرة)، (الغلة) مثل أن يكون هذا النصيب مؤجرة؛ يعني: رجلان شريكان في عمارة، وأجراها السنة بمئة ألف، ثم إن أحد الشريكين باع نصيبه على شخص، وخفي على الشريك أنه باع حتى مضى أربعة أشهر، فالغلة في هذه الأربعة أشهر لمن؟ للمشري.
التعليل: لأنه نماء ملكه، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» (2)، فهو ملكه مضمون عليه، فتكون له غلته.
له أيضًا (النماء المنفصل)، مثاله: رجل باع نصيبه من النخل قبل أن يثمر؛ قبل أن تطلع فيه الثمرة، ولم يطالب الشريك إلا بعد أن خرجت الثمرة وجذها، الآن انفصلت الزيادة، أليس كذلك؟ من تكون له؟ تكون للمشتري؛ لأنها نماء ملكه.
كذلك (الزرع والثمرة الظاهرة) لو أنه -أي: الشريك- باع على شخص وزُرِعَت الأرض، فالزرع لمن؟ للمشتري، ما دام أنه قد ظهر، أما إذا كان حبًّا مدفونًا في الأرض فإنه يتبعها، لكن إذا ظهر فإنه يكون للمشتري؛ لأنه بَرَزَ وبان وتعلقت به نفسه.
وكذلك (الثمرة الظاهرة) تكون أيضًا للمشتري حتى وإن لم تؤبر، ففي هذا الموضع لم يفرقوا بين المؤبر وغير المؤبر، وجعلوا الثمرة الظاهرة نماء منفصلًا.
ولكن الصحيح أنها إذا لم تؤبر فإنها تتبع؛ قياسًا على البيع، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا» (3).
وعُلِمَ من قول المؤلف: (النماء المنفصل) أن النماء المتصل يتبع وليس للمشتري منه شيء. مثاله؟
طلبة: الشاة.
طلبة آخرون: السمن.
الشيخ: الشاة والسمن ما فيها شفعة -بارك الله فيكم- وهذا ما أريد منكم، الآن عندكم مطب، لا يمكن أن نمثل بالسمن؛ لأن الغنم ما فيها شفعة إلا على القول الراجح.
لكن مثاله: اشترى نصيب زيدٍ من النخل، والنخل توه غراس صغيرة، وبقي الشريك لم يعلم أن شريكه قد باع، ونما النخل؛ كبر، فهل للمشتري هذا النماء أو ليس له؟
كلام المؤلف مفهومه يدل على أنه ليس له؛ لأنه نماء متصل، مع أن المشتري تعب عليه، وخسر في إصلاح حرث الأرض وفي جلب الماء له.
المهم أنه خسر عليه، يقولون: ليس له شيء؛ لأن هذا نماء متصل فيتبع.
لكن القول الراجح -بلا شك- أن النماء المتصل كالمنفصل يكون لمن انتقل عنه الملك، ولا فرق، وهذا هو العدل؛ لأن الرجل تعب عليه، ونما بسبب عمله، ومثل ذلك الشاة في غير الشفعة، إلا على القول الراجح إذا سمنت فإن النماء المتصل يكون للمشتري.
إذن الصواب خلاف مفهوم كلام المؤلف، كلام المؤلف يدل على أن النماء المتصل يتبع العين، وليس للمشتري شيء.
والقول الراجح أنه لا يتبع -أنه يتبع العين ضروري؛ لأنه ما يمكن الفصل- لكن تُقَدَّر قيمته للمشتري، كيف يُقَدَّر؟ يُقَوَّم النخل وهو فسيل صغير، ويُقَوَّم وهو كبير قد نما، فتُقَوَّم الأرض وفيها النخل على صفته حين البيع، ثم تُقَوَّم وفيها النخل على صفته حين الأخذ بالشفعة، والفرق بين القيمتين يكون لمن؟ يكون للمشتري؛ لأنه قيمة النماء المتصل.
وهذا اللي ذكرته هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا شك أن هذا هو العدل؛ فالعدل أن يُعْطَى كل إنسان ما تعب عليه وعمل فيه.
(فإن بنى أو غرس فللشفيع تملكه بقيمته) هذه واحدة، (وقلعه ويغرم نقصه) ثنتين، (ولربه أخذه بلا ضرر).
أولًا: قال المؤلف: (فإن بنى أو غرس) مع قوله فيما سبق: إن الشفعة تكون على الفور. كيف يكون بناء وغراس والشفعة على الفور؟ نعم، يكون هناك حيلة؛ بأن يُخْفِي على الشريك البيع، يأتي المشتري وكأنه وكيل لشريكه ثم يعمل، والشريك يظن أن هذا وكيل ولا يدري أنه انتقل الملك، وبعد ذلك يدري أنه انتقل الملك، فحينئذٍ يُتَصَور أن المشتري يبني ويغرس.
إذا بنى أو غرس فيخير الشفيع بين أمرين: بين تملكه، أو قلعه ويغرم النقص، فإن اختار التملك فله ذلك.
ولكن كيف نعرف قيمة الغراس والبناء؟ نقدر الأرض خالية منهما، ثم نقدرها وهما فيها، والفرق بين القيمتين هو قيمة الغراس والبناء.
فإن قال قائل: لماذا لا نعطيه قيمة الغراس والبناء من أصله، ونقول: أعطنا الفواتير بما أصرفت ونعطيك؟
نقول: هذا لا يستقيم؛ لأن الأمور قد ترخص وقد تزيد، وقد يكون قيمة المواد قبل أن تبنى ويؤلف بينها شيئًا وقيمتها بعد البناء شيئًا آخر، والعدل هو أن تُقَوَّم الأرض خالية من الغراس والبناء، ثم تُقَوَّم وفيها الغراس والبناء، فما بين القيمتين يكون هو قيمة الغراس والبناء.
فإذا قال الشفيع: أنا أريد أن يبقى الغراس والبناء وأنا أعطيكم القيمة، قلنا: ما فيه مشكلة.
وإن قال: أنا لا أريد أن يبقى الغراس والبناء؛ لأني أريد أن أبني الأرض على شكل آخر على غير الشكل هذا، فهل له الحق أن يقلعه؟ نعم، له الحق.
فإذا قال المشتري: هذه أدواتي وآلاتي، هذا حديدي، هذا لبني، هذه أبوابي، فلا تتصرف فيها، نقول له: تصرف فيها واقلعها، لكن يغرم النقص.
فإذا قدَّرنا أن الأبواب نقصت بعد قلعها يضمن نقصها؛ اللَّبِن نقص، يمكن هذا أو لا يمكن؟ يقولون: إن الأسمنت لا يمكن؛ لأنه إذا نقض خرب ما يصلح لشيء، لكن لَبِن الطين يمكن، ولهذا أنقاض الطين من اللبن تنفع. أنقاض من الأسمنت ما تنفع. على كل حال إن نفعت نفعت يضمن النقص.
الغراس يضمن النقص أو لا؟ يضمن النقص؛ إذا نقصت الشجرة بعد قلعها يضمن نقصها، فإن كانت الشجرة بعد قلعها لا يمكن أن تنمو يضمنها كلها.
فإذا قال قائل: لماذا تضمنونه النقص، وفي الغصب لا تجعلون للغاصب حقًّا؟
نقول: لأن المشتري غرسها وبنى بحقٍّ، والغاصب غرس وبنى بلا حقٍّ فلا شيء له.
يقول: (ولربه أخذه بلا ضرر) إذا تعارض رأي المالك -مالك الغراس والبناء- ورأي الشفيع؛ الشفيع يقول: أبغي آخذه، وذاك يقول: لا، أبغي أخذه أنا، من يُقَدَّم؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: رب الغراس والبناء؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: لماذا؟
طالب: لأنه صار ملكه.
الشيخ: لأنه ملكه.
فإذا قال الشريك الذي هو الشفيع: أنا أريد أن آخذه وثمنوها علي، وقال ربها: أريد أن آخذها، أنا لي -مثلًا- مكان آخر، آخذ الغراس هذا وأغرسه في مكانه، فالقول قول ربها؛ لأنه ملكه.
لكن المؤلف رحمه الله قيَّد هذا قال: (بلا ضرر) ولا بد من هذا؛ بلا ضرر ولا مضارة، فإن كان هناك ضرر فإنه لا يمكن أن يزال الضرر بمصلحة؛ لأن أخذ ربها له مصلحة له، لكن ضرر رب الأرض ضرر.
ومن المعلوم أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، لا سيما إذا علمنا أن صاحبها -أي: المشتري- يريد أن يأخذ الغراس، والبناء مضارة لا لمصلحة، وهذا قد يقع؛ قد يأخذها مضارة وإن كان لا ينتفع بها، يقول: أنا أبغي أهدم البناء، وأنا أعرف الآن أنني لا أنتفع بالحديد ولا باللَّبِن، لكن أنا أريد أن أهدمه، نقول: هذا سفه، ولا يمكن أن نمكنك من السفه؛ فإن الله يقول:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5]، فنمنعه.
إذن نمنعه في حالين: إذا كان على الأرض ضرر، وإذا كان هو -أي المشتري- لا ينتفع بها، فيكون زدنا على كلام المؤلف:(بلا ضرر)، والثاني: أن يمكنه الانتفاع بها؛ لأنه إذا كان ضرر فإنه لا يمكن أن يقع الإنسان في ضرر مع مصلحة؛ لأن دفع الضرر مقدم على المصلحة.
وإذا كان لا ضرر لكن يفسد هذا الغراس والبناء فإننا لا نُمَكِّن المشتري من ذلك؛ لأن هذا من باب إضاعة المال والسفه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال (4)، وقال تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} .
الغريب أن المذهب رحمهم الله يخالفون كلام المؤلف يقولون: له أخذه ولو تضررت الأرض؛ ولو مع ضرر، لكن هذا القول -أعني: المذهب- ضعيف، وهذا يدلنا على أن صاحب الكتاب لم يلتزم بالمذهب في جميع المسائل، وهذا كثير لمن تدبره؛ يعني: لو أن أحدًا تدبَّر الكتاب هذا منطوقًا ومفهومًا وإشارة لوجد فيه أشياء كثيرة تخالف المشهور من المذهب.
طالب: (
…
) وعلى البناء لا أريده؛ لأني أريد أن أبني على نسق معين، فلماذا تلزمونني بقاء هذا البنيان؛ لأن المشتري فقط يتضرر من (
…
)؟
الشيخ: نقول: هو وضعه بحق؛ المشتري وضعه بحق ..
الطالب: (
…
) قلنا: إنه يأتي حيلة كأنه وكيل؟
الشيخ: لا، هو على كل حال إذا كان حيلة ربما يكون للقاضي الحق أن يعامله بضد ما أراد، لكن إذا وقعت غير حيلة، أما إذا كان حيلة فيتوجه أن يقال: أنت فعلت هذا على وجه محرَّم فلا شيء لك.
الطالب: (
…
) حتى لو كان بحق؟
الشيخ: لا، إذا كان بحق فمفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» (5) أن العرق غير الظالم له حق، وهذا ربما يخسر آلاف.
الطالب: (
…
) حق سابق على حقه؟
الشيخ: لا، بس هذا بحق.
الطالب: (
…
)؟
الشيخ: ما دام مشروع كبير بيكون الربح كثير، ويكون ضمانه يسير إن شاء الله.
طالب: كيف نعرف أنه أراد المضاربة أو لم يرد المضاربة؟
الشيخ: إي، إن أراد المضاربة إذا كان يريد أن يأخذها وهي لا تفيده شيئًا، الغالب أن مثل هذا أراد المضاربة أو يتحدث الرجل عند أصحابه يقول: واللهِ هذا الذي أخذها مني قهرًا لأضرنه -مثلًا- قد يكون هذا.
طالب: (
…
) فيكون ثمنه رهنًا بدلًا منه؟
الشيخ: يمكن أن نقول هكذا، لكن الذي سيستفيد من الثمن هو المشتري، وربما يقول المرتهن: أنا لا أريد إلا رهني فقط، أنا لا أريد دراهم.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: إي نعم، يقولون: إن المذهب هو ما جاء في المنتهى -منتهى الإرادات- فإن لم يكن صريحًا فيه فالإقناع، فإذا تعارض منطوق هذا ومفهوم هذا قُدِّم منطوق القناع على مفهوم المنتهى؛ يعني: لهم اصطلاحات العمدة عند المتأخرين في المذهب هو المنتهى.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- القول الصحيح الذي رجحناه لو اشترى (
…
)؟
الشيخ: الولد هل هو موجود حين البيع ولَّا نشأ بعد؟ أسألك: هل الولد موجود في بطنها حين البيع؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يتبع، إذا كَبُرَ فعلى القول الراجح أن النماء المتصل يتبع، فيُقَدَّر هذا الثور -مثلًا- وهو حمل ويُقَدَّر وهو ثور كبير.
الطالب: والبقرة يا شيخ؟
الشيخ: والبقرة أيضًا مثله. ما شاء الله، المهم المنفصل يكون للمشتري.
طالب: يا شيخ، واحد الشريكين باع نصيبه لأحد، وهذا مشترٍ بنى الأرض، لكن في نفس الوقت (
…
) باعه نصفه لأحد (
…
)؟
الشيخ: كيف؟
الطالب: المشتري الآن بنى (
…
).
الشيخ: بنى، ثم باع بعد البناء ..
الطالب: شيئًا من الأرض.
الشيخ: أصلًا ما يمكن يبيع شيئًا من الأرض منفردة؛ لأن الأرض مشاعة الآن.
طالب: (
…
) إذا تصرف المشتري .. ؟
الشيخ: إذا تصرف بنقل الملك على وجه لا تثبت فيه الشفعة ابتداءً تسقط.
الطالب: (
…
)؟
الشيخ: إي، بس الآن لا يمكن الأخذ به، والمشتري تصرف تصرفًا مأذونًا فيه.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا، دعنا من .. ، القول الراجح يأخذه حتى لو تصرف، حتى وإن لم يبع، القول الراجح شيء آخر.
طالب: على القول الراجح يأخذه يا شيخ؟
الشيخ: إي نعم، يأخذه ويُقَوَّم له.
طالب: أحسن الله إليك، لو أخفى أحد الشريكين البيع، فهل على المشتري (
…
)؟
الشيخ: الواجب على البائع، لكن المشتري إذا أراد أن يحتاط لنفسه قبل أن يتصرف فليبلغ الشريك؛ لأن هذا أحسن له حتى يكون كما يقول العوام: (
…
).
طالب: شيخ -بارك الله فيكم- لو أن الشفيع اختار قلع الغراس، ولكن المشتري ليس عنده ما يقلع به هذا الغراس، فهل للشفيع أن ينتفع به بالمعروف حتى يقلعه من أرضه؟
الشيخ: لا، هو يأخذه بالشفعة، ويبقى هذا للمشتري، إما يأخذه -إذا كان نخل- يأخذه مساقاة، وإذا كان بناء فله نصيبه من الأجرة، أو يقول: أنا أعطيك قرضًا أو أقلع.
الطالب: يعني: لا بد من أحد الخيارين؟
الشيخ: لا بد من هذا، ما يضيع حقه، وضمان القلع على المشتري؛ لأنه ملكه.
***
طالب: وإن مات الشفيع قبل الطلب بطلت، وبعده لوارثه، ويأخذه بكل الثمن، فإن عجز عن بعضه سقطت شفعته، والمؤجل يأخذه المليء به، وضده بكفيل مليء.
ويُقْبَل في الخلف مع عدم البينة قول المشتري، فإن قال: اشتريته بألف أخذ الشفيع به ولو أثبت البائع بأكثر، وإن أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري وجبت.
وعهدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.
سبق الكلام على تصرف المشتري بالشقص الذي فيه الشفعة أنه على ثلاثة أقسام، وناقشنا فيها أيضًا.
وتقدم أيضًا أن المشتري لو بنى أو غرس فللشفيع الخيار بين تملكه بقيمته وقلعه، ويغرم نقصه، وأن خيار الغارس الذي هو المشتري مقدم، بشرط ألَّا يكون في ذلك ضرر.
فلو قال الشفيع: أنا أريد أن أتملكه، وقال الباني والغارس: أنا أريد أن آخذه فإنه يقدم قوله، لكن بشرط ألَّا يكون هناك ضرر على الأرض مثلًا.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وإن مات الشفيع قبل الطلب بطلت وبعده لوارثه) إذا مات الشفيع -وهو الشريك الأول- قبل أن يطالب بالشفعة فإن الشفعة تبطل، وليس لوارثه المطالبة بذلك، أما إذا كان بعده فإن الوارث يأخذ بها، المطالبة أن يقول: أنا أريد أن أشفع، ولي الحق في هذا، والأخذ أن يقول: أخذته بالشفعة، فيصرح بأنه تملكه.
يشبه من بعض الوجوه الخطبة والعقد؛ الخطبة إبداء الخاطب الرغبة في هذه المرأة، والعقد تملكه إياها بعقد النكاح.
فالشفيع إذا مات قبل أن يطالب فإنه لا شفعة له؛ لأنه لم يطالب، ولا لوارثه؛ لأن الشفعة حق للشفيع؛ حيث إن الخيار له، فلما مات ولم يختر لم يكن لوارثه أن يختار، كخيار الشرط.
ولكن القول الراجح في هذه المسألة أنه ينتقل حق المطالبة بالشفعة إلى الوارث؛ لأن هذا تابع للملك، فإذا مات الشفيع ولم يطالب، فللوارث أن يطالب؛ لأن هذا من حقوق الملك، فإذا كان من حقوق الملك فإن الملك ينتقل بحقوقه؛ ولهذا نجد في وثائق البيع يقول: فصار المبيع ملكًا للمشتري بجميع حقوقه وحدوده، ومنها الأخذ بالشفعة، وهذا هو الصواب؛ لأنه حق ثابت، فيورث عن الميت كما يورث المال، وكما يورث بقية الحقوق.
قال: (ويأخذ بكل الثمن)(يأخذ) الضمير يعود على الشفيع وليس على الوارث، بل على الشفيع عمومًا؛ يعني: من أراد أن يأخذ الشقص بالشفعة فإنه يأخذه بكل الثمن؛ بدون مماكسة، وبدون أن يحاول تنزيل شيء من الثمن؛ لأن المشتري -مثلًا- اشتراه بألف، فيقال للشفيع: خذه بألف، فإذا قال: أنا آخذه بتسع مئة، قلنا: سقطت شفعتك، ولا تأخذه بأقل من ألف، نعم لو تم الأخذ ثم قال الشفيع للمشتري: أريد أن تسقط عني مئة من الألف، فهذا حكمه؟ هذا جائز، لكنه لا ينبغي أيضًا للشفيع أن يسأل المشتري إسقاط شيء؛ لأن هذا من المسألة المذمومة، ولأنه قد يحرج المشتري، فيضع من الثمن وهو لا يريد ذلك.
(فإن عجز عن بعضه سقطت شفعته)(إن عجز) الفاعل الشفيع، إذا قال: أنا ليس عندي إلا تسعة آلاف، والثمن عشرة آلاف، سقطت الشفعة؛ لأننا لو قلنا بثبوت الشفعة مع إعساره ببعض الثمن صار في ذلك ضرر على من؟ على المشتري، صار في ذلك ضرر على المشتري، والمشتري سيؤخذ منه الملك قهرًا، فكيف نضره من وجهين؛ من جهة أننا أخذناه منه قهرًا، ومن جهة أننا عاملناه بالأشد من جهة الثمن. (فإن عجز عن بعضه سقطت شفعته).
ثم قال: (والمؤجل يأخذه المليء به)(والمؤجل) يعني: الثمن المؤجل، فالمؤجل هنا صفة لموصوف محذوف، التقدير: الثمن المؤجل.
(يأخذه) الضمير يعود على الشفيع؛ وهو الشريك؛ يعني: الفاعل في (يأخذه) يعود على الشفيع؛ وهو الشريك.
وقوله: (الملي) الملي هو القادر بماله وحاله. هذا الملي؛ القادر بماله بمعنى أن يكون عنده مقدار الثمن، والقادر بحاله ألَّا يكون مماطلًَا.
فمثلًا إذا قُدِّر أن الشفيع فقير والثمن مؤجل؛ بأن يكون الشريك باع هذا الشقص بألف ريال إلى سنة، أراد الشريك أن يأخذ الشقص المبيع، نقول: خذه بثمن حاضر أو مؤجل؟
طلبة: حاضر.
طلبة آخرون: مؤجل.
الشيخ: سبحان الله! نقول: إذا كان مليًّا أخذه بثمنه المؤجل، فإذا كان يحل بعد سنة أخذه المليء لمدة سنة، فإذا كان فقيرًا -أعني الشفيع- وقال: الثمن لم يحل، وسوف يرزقني الله عز وجل في هذه المدة وأوفي، نقول: نعم، إن الله على كل شيء قدير، لكن هات كفيلًا يضمن؛ ولهذا قال:(وضده بكفيل مليء) هات كفيلًا يضمن.
فإذا حَلَّ الأجل ولم يسلم الشفيع أخذنا من الكفيل، فإذا كان الكفيل معسرًا سقطت الشفعة، إذا كان الشفيع غنيًّا؛ عنده مال لكنه معروف بالمماطلة، فالمماطل كالمعسر تمامًا، وإن كان المماطل يمكن لصاحب الحق أن يطالبه ويحبسه عليه، لكن المشتري يقول: أنا ما لي وللمطالبة؟ فهذا رجل معروف بالمماطلة؛ فلا أقبل منه إلا إذا أقام كفيلًا مليئًا.
ويُشْتَرط أيضًا أن يكون المشتري الذي سيؤخذ منه الشقص قادرًا على مطالبته؛ أي: مطالبة الشفيع، فلو فُرِضَ أن الشفيع من ذوي السلطان الذين لا تمكن مطالبتهم والثمن مؤجل؛ بأن يكون الشريك باع نصيبه على شخص بألف ريال إلى سنة، فأراد الشفيع أن يأخذ الشقص بثمنه المؤجل، وكان هذا الشفيع من ذوي السلطان الذين لا تمكن مطالبتهم، فماذا يكون الحكم؟ أجيبوا يا جماعة.
طلبة: (
…
).
الشيخ: نقول: أقم كفيلًا مليئًا تمكن مطالبته، وإلا فلا شفعة لك، من المعلوم أن مثل هذا المليء المماطل لكونه ذا سلطان لا يمكن لأحد أن يجرأ عليه، فيقول: أقم كفيلًا، هذا شيء متعذر حسب العادة، فللمشتري الآن أن يمنع من أخذه بالشفعة؛ وذلك لأنه لا يمكنه مطالبته عند حلول الأجل، ولا يمكنه أن يطالبه بكفيل مليء. أليس كذلك؟
الطلبة: بلى.
الشيخ: لا يمكن، كذلك إذا كان المشتري لا يمكن أن يطالب الشفيع لكونه أباه؛ لأن الابن لا يمكن أن يطالب أباه إلا بنفقته الواجبة، الابن إذا كان له على أبيه دين فإنه لا يمكنه مطالبته، حتى لو طالبه عند القاضي فالقاضي لا يسمع دعواه إلا في شيء واحد؛ وهي النفقة الواجبة.
فإذا كان الشفيع في المثال الذي ذكرنا أبًا للمشتري، وقال المشتري: لا يمكن أن يأخذه أبي؛ لأن أبي لا يمكنني مطالبته، فهل نقول: إن له أن يمتنع، أو نقول: إذا كان الأب يتملك من مال ولده ما شاء فليس لولده أن يمتنع؟
طالب: الأول.
الشيخ: لا، الثاني؛ لأنه لو فُرِضَ أن الأب قال: أنا لا أريد أن آخذه بالشفعة، أنا أريد أن آخذه بالتملك، أيملك هذا أو لا؟ يملك، فإذا أخذه بالشفعة زاد الابن خيرًا؛ لأنه إذا أخذه بالشفعة فسوف يدفع الثمن، ولا يأخذه بالقوة.
إذن يشترط بالإضافة إلى قولنا: إن المليء هو الذي يقدر على الوفاء بماله وحاله، نضيف إلى ذلك: ويشترط ألَّا يلحق المشتري ضرر؛ لكونه لا يستطيع مطالبته، والمثال الذي ليس عليه توجيه اعتراض هو أن يكون الشفيع من ذوي السلطان الذين لا تمكن مطالبتهم.
(وضده بكفيل ملي)(ضده) ضد من؛ ضد المؤجل ولَّا ضد الملي؟ ضد المليء؛ يعني: إذا كان الشفيع غير مليء والثمن مؤجلًا فللشفيع أن يأخذه ولو كان فقيرًا، بشرط أن يقيم كفيلًا مليًّا.
وهنا نقول: هل المراد الكفيل بالبدن أو الكفيل بالمال؟ الثاني، وعلى هذا فالكفالة هنا بمعنى الضمان.
ولقد مرَّ عليكم فيما سبق أن الضمان والكفالة بينهما فرق، لكن هنا المراد بالكفالة الضمان، الذي يسميه العامة عندنا كفيلًا غرامًا؛ يعني: أنه ضامن، (وضده بكفيل ملي).
ثم قال: (ويُقْبَل في الخلف مع عدم البينة قول المشتري) يعني: إذا اختلف الشفيع والمشتري -والمثال لا يزال قائمًا- فقال الشفيع: قيمة الشقص ألف، وقال المشتري: بل قيمته ألف ومئة، فمن القول قوله؟ القول قول المشتري؛ لأن المشتري غارم؛ إذ إنه سيؤخذ منه الشقص -لو قُبِلَ قول الشفيع- بأقل مما غرم، فيكون القول قول المشتري.
لكن لو كان هناك بينة على أن البيع بألف، فالقول ما شهدت به البينة، وهنا يجب أن ننتبه إلى شيئين:
الشيء الأول: كل من قلنا: القول قوله فلا بد من يمين عليه؛ لاحتمال صدق خصمه، فيحلف. هذه واحدة.
الشيء الثاني: ألَّا تكون دعواه مخالفة للعرف، فإن كانت مخالفة للعرف سقطت، فلو ادَّعى المشتري في المثال الذي ذكرنا أن قيمة الشقص عشرة آلاف وهو لا يساوي إلا ألفًا. قل لي يا أخي، ماذا تقول؟
طالب: (
…
).
الشيخ: ما هو المثال الذي ذكرنا؟
الطالب: (
…
) ولا يساوي إلا ألفًا.
الشيخ: القول قول المشتري ..
الطالب: في هذا المثال (
…
).
الشيخ: قول من؟
الطالب: قول الشفيع.
الشيخ: طيب، قول الشفيع، وهذا أيضًا إذا أمكن؛ لأن كل دعوى لا تمكن غير مقبولة، فإذا كان هذا الشقص لا يساوي عشرة آلاف؛ لا يساوي إلا ألفًا إن زادت قيمته، فالقول قول الشفيع ويحلف، وإذا كان يساوي خمسة آلاف فهنا لا نقبل قول الشفيع ولا قول المشتري؛ لأن المشتري زاد خمسة آلاف على المعتاد، وهذا نقص أربعة آلاف عن المعتاد فلا يُقْبَل. وهذه قاعدة عامة في كل الدعاوى. ما هي القاعدة العامة؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: طيب، قلها يا أخ.
طالب: (
…
) القول قوله حلف ..
الشيخ: أن كل من قيل القول قوله فلا بد من يمينه، لاحتمال؟
الطالب: صدق خصمه.
الشيخ: والثاني؟
الطالب: أن ما (
…
) العرف لا (
…
) أصلًا.
الشيخ: أن هذا مشروط بما لا يخالف العرف، فإن خالف العرف فإنه لا يُقْبَل.
(ويُقْبَل في الخلف)(في الخلف) أي: في الاختلاف، اختلاف من؟ الشفيع والمشتري، (قول المشتري) فإن قال -أي المشتري-: اشتريته بألف، أخذ الشفيع به ولو أثبت البائع بأكثر.
إذا قال المشتري للشفيع: الثمن ألف ريال، فإن الشفيع يأخذه بكم؟ بألف ريال، لكن البائع قال للمشتري: قد بعت عليك بألفين، وأقام بينة، فهنا يثبت على المشتري ألفان بمقتضى دعوى البائع الثابتة بالشروط.
بقي علينا: هل يثبت على الشفيع ما ثبت على المشتري ونقول: يجب على الشفيع أن يدفع ألفين، أو نقول: لا يلزم الشفيع إلا ما أقر به البائع وهو ألف؟
يقول المؤلف: (فإن قال: اشتريته بألف أخذ الشفيع به ولو أثبت البائع بأكثر) لماذا؟ التعليل: لأن البائع لما أثبت أنه بألف بالبينة لزم المشتري ما شهدت به البينة، أما بالنسبة للشفيع فالشفيع يقول: أنا لا يلزمني إلا ما أقر به المشتري، والمشتري أقر بأنه كم؟ بأنه بألف، فلا يلزمني أكثر مما أقر به، وكيف أعطيه ألفين وهو يقول: إني اشتريته بألف؟ ! فصار لدينا الآن حقان: الحق الأول حق البائع على المشتري، وثبت أنه بألفين. والثاني حق المشتري على الشفيع، وثبت بأنه بألف بإقرار المشتري. ومنها تتبعض الأحكام باختلاف أسبابها.
ولكن لو قال المشتري: أنا نسيت أو غلطت، أو أنا رجل لا أدري عن تجارتي؛ تجارتي بيد العمال، فظننت أنه بألف فقلت: بألف، فهل يُقْبَل قوله في هذه الحال أو لا؟ لا يُقْبَل، وقالوا: إن غلطك على نفسك، وإن جهلك على نفسك، وإن نسيانك على نفسك، ولا نقبل قولك، لا عذر لمن أقر، وهذا هو المشهور من المذهب كما علمتم.
والقول الثاني في المسألة: أنه إذا كان المشتري معروفًا بالصدق وقال: إني نسيت الثمن أو غلطت؛ أردت أن أقول: ألفين فقلت: ألف، أو أنا رجل لا أباشر أعمال التجارة، يباشرها غيري، وهذا الذي ظننته، فما المانع من أن نقبل قوله، ولكن باليمين؟
وهذا القول هو الراجح، بل المتعين؛ لئلا تضيع الحقوق، ولأننا أثبتنا أن على المشتري كم؟ ألفين بمقتضى الشهادة التي أتى بها البائع، والمسألة كلها صفقة واحدة تعتبر، فلا يمكن أن نبعضها، والسبب واحد.
إذن الصواب أنه إذا ثبت أن البيع بأكثر مما أقر به المشتري؟
طالب: (
…
).
الشيخ: ما هو القول الراجح؟
الطالب: إذا كان المشتري صادقًا ..
الشيخ: صادق بأيش؟
الطالب: بنفسه في الثمن (
…
).
الشيخ: هو قال: بألف اشتريته، وثبت أنه بألفين، ثم قال: إنه غلط أو نسي أو جاهل؟
الطالب: نقبل قوله بيمينه.
الشيخ: على القول الراجح؟ إي نعم، يُقْبَل قوله بيمينه؛ لأن ما قاله محتمل، وهو رجل معروف بالصدق، فتعين أن نعطيه ما ثبت دون ما أقر به.
قال: (ولو أثبت البائع بأكثر) فإن أثبت البائع بأقل -عكس المسألة- وهو قال: اشتريته بألف، وأثبت البائع أنه بثمان مئة، فماذا نقول؟
طلبة: قول البائع.
الشيخ: نقول: إن هنا يأخذه الشفيع بما أثبته البائع؛ لأنه ظهر كذب المشتري أو غلطه أو جهله. أفهمتم الصورة هذه؟
المشتري قال: إني اشتريته بألف، وأثبت البائع أنه اشتراه بثمان مئة، لدينا الآن دعوى المشتري أنه بألف، وثبوت أن الثمن ثمان مئة، فهل نأخذ بدعوى المشتري ونلزم الشفيع بألف، أو نأخذ بما ثبت؟ هنا نأخذ بما ثبت؛ لأنه تبين أن المشتري كاذب؛ إما متعمدًا الكذب، وإما غالط، وإما جاهل.
(وإن أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري وجبت) وجبت أي: الشفعة، إذا قال البائع: إني بعت نصيبي. والبائع هنا مشارك ولَّا مستقل؟
طلبة: مشارك.
الشيخ: إذا قال البائع للشريك: إني بعت نصيبي على فلان، وقال فلان: لم أشتره منه، يقول المؤلف:(وجبت) أي: الشفعة؛ لأن البائع الآن أقر بأن الملك انتقل إلى من؟ إلى المشتري، وبإقراره تثبت الشفعة، ولا نلزم المشتري بذلك؛ لأنه ليس عند البائع إلا الدعوى، أما لو أقام بينة بأنه باعه فالأمر واضح، لكن ليس فيه إلا دعوى البائع، فصار الكلام الآن إقرار ودعوى؛ إقرار بالنسبة للشفيع، ودعوى بالنسبة للمشتري.
أصل المسألة: أن البائع أقر بالبيع على فلان وفلان، قال: لم تبع عليَّ.
فهنا نقول: تضمن قول البائع إقرارًا ودعوى، إقرار أيش؟ أنه باع، وإذا أقر بالبيع فلزم هذا البيع ثبوت الشفعة.
ودعوى على من؟ على المشتري؛ المشتري يقول: أبدًا، أنا ما اشتريت، المشتري بريء حتى يقيم البائع البينة، فالمشتري الآن ليس عليه شيء. والصواب أن نقول بالتعبير: المدعى عليه الشراء؛ لأنه لم يثبت أنه مشترٍ، هذا لا شيء عليه، ولكن تثبت الشفعة، فيقال للبائع: بكم بعت؟ قال: بعت بألف، يأخذ الشفيع بكم؟ بألف.
يقول رحمه الله: (وعهدة الشفيع على المشتري) العهدة هي ما نعرفه بالمسؤولية، هذه العهدة مسؤولية الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع، كيف العهدة؟ يعني: لو ظهر أن الشقص مغصوب أو أنه ملك لغير البائع أو ما أشبه ذلك أو أن البائع باعه على شخص ثم باعه مرة أخرى -وهذا ربما يقع- فالعهدة على من؟
عندنا ثلاثة: بائع ومشترٍ وشفيع، عهدة الشفيع على المشتري، الشفيع ما يدور أحد إلا المشتري، لو أن الشفيع ذهب إلى البائع وقال: وجدت أن الأرض بها عيب؛ أن الأرض مملوكة، أن الأرض مرهونة، فهل يملك أن يطالبه؛ أعني: الشفيع يملك أن يطالب البائع؟ لا، سيقول البائع له: وجهك على المشتري، أنا ما بعت عليك ولا شيء. إذن عهدة الشفيع على المشتري بالتسلسل، عهدة المشتري على البائع.
فلو أن الشفيع طالب البائع بالعهدة فإنه ليس له حق، إلا في مسألة مرت علينا؛ إذا أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري، فهنا عهدة الشفيع على من؟ على البائع؛ لأن المشتري لم يثبت أنه اشترى، فعليه يحتاج أن يستثنى من هذا.
(عهدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع) إلا فيما إذا ادعى البائع البيع وأنكر المشتري فإن الشفيع ليس له عهدة على المشتري.
ومن هنا نعرف أن ما يفعله الآن بائعو السيارات غلط محض؛ تجده يشتري السيارة، ثم يبيعها، والثاني يبيعها، والثالث يبيعها، وتكتب السيارة باسم الرابع على أنه اشتراها من الأول، وهذا غلط؛ لأنه لو ظهر أن السيارة مسروقة، فالمشتري الرابع يطالب من؟ حسب الوثيقة يطالب الأول، وقد تكون مطالبة الأول صعبة، لكنه يجب في هذه الحال أن يقال: فلان باع السيارة على زيد، وزيد باعها على عمرو، وعمرو باعها على خالد، وخالد باعها على بكر، يجب التسلسل؛ من أجل أن يعود كل إنسان إلى من باع عليه حتى لا يقع الغلط.
(عهدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع) قلنا: يستثنى منها أيش؟ إذا أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري.
العهدة فهمتوها الآن، ما هي؟
الطلبة: المسؤولية.
الشيخ: المسؤولية التي يُطَالَب بها الإنسان.
طالب: لو رجع (
…
) لماذا لا نقول بالصحة ونقول يرجع الأول على الثاني، والثاني على .. ؟
الشيخ: ما يستقيم.
الطالب: لماذا يا شيخ؟
الشيخ: لأن الأول ما اشتراها من الثاني، بل بالعكس؛ الثاني هو الذي اشتراها من الأول.
الطالب: صحيح؟
طالب: إذا (
…
) الشقص (
…
)؟
الشيخ: لا، يأخذه بأرشه، لكن فيما أظن أن بعض العلماء يقول: إنه إذا انتقل الشقص بشفعة فإن الملك يكون للشفيع من العقد الأول، لكن هذا القول ضعيف؛ لأنه سبق لنا أن نماءه للمشتري، فغرمه عليه أيضًا.
طالب: في مسألة إذا كان الشفيع أبًا للمشتري، فإن الشفيع يأخذ الشقص (
…
) حتى (
…
)؟
الشيخ: لا، مستثنى هذا؛ يعني: لو فرضنا أنه تضرر وأنه لا يمكن للأب أن يتملكه، فهنا لا شك أنه ما له يتملك؛ لأن من شروط تملك الأب ألَّا يلحق على الابن ضررًا.
طالب: شيخ -بارك الله فيك- إذا كان الثمن مؤجلًا فما الحاجة (
…
)، لماذا لا يرجع الشفيع على البائع أولًا؟
الشيخ: قد يكون البائع أولًا: مماطلًا أو معسرًا، فيقول الشفيع: أنا ما أعرف الأول، البائع الأول فقير، والمشتري غني، تبين أن الشقص مغصوب، أو أن البائع الأول قد باعه على شخص آخر ولكنه فقير، الشفيع يقول: ما أرجع على هذا.
الطالب: يا شيخ، أليس الشفعة حق للجار على جاره .. ؟
الشيخ: لا، ما هي للجيران.
الطالب: (
…
) حق لشفيع، لماذا نقول: طالب من لك الحق عليه، حتى هذا الرجل الجديد، فلما أخرجناه في الشفعة يخرج؟
الشيخ: لا، ما يخرج؛ لأنه انتقل الملك من البائع الأول إلى المشتري، انتقال تام، وسبق لنا أن له نماءه المنفصل، والمتصل على القول الراجح؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: ما يخالف، ولو كان لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«إِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعَ» (6).
طالب: (
…
) قرينة، (
…
) من البينة، لماذا (
…
) ونقول .. ؟
الشيخ: ما فيه بينة، الشفيع يقول: المشتري (
…
) العهدة على المشتري للشفيع، وعلى البائع للمشتري، فيقول الشفيع: ويش ذنبي؟ رجل أقر عندي بأنه اشتراها بثمان مئة، وذاك البائع أثبتها بألف، أنا ما أدري؛ ولهذا قلنا: إن القول قول المشتري في هذا الحال إذا كان معروفًا بالصدق وأنه لا يمكن أن يخالف.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: يقول: أنا ما أعرف، يمكن يكون ثمان مئة تريد أن تسمح عني بالمئتين، لكن عند العلماء إذا أقر الإنسان فالاحتمال غير مقبول، حتى لو احتمال غلط.
طالب: إذا تعذر (
…
) المشتري فهل تكون (
…
) البائع؟
الشيخ: لا، يقال (
…
) للمشتري في أي مكان، وهذه مشكلة، مثلًا إنسان باع على شخص سيارة في غير الشفعة باع عليه سيارة، ثم إن المشتري باع السيارة وهرب، ثم ظهر أن السيارة مملوكة، وثبت بالبينة أنها ملك فلان، فلان يأخذها، مشتري السيارة من يرجع عليه؟
طلبة: البائع.
الشيخ: على الذي باع عليه، الذي باع عليه وينه؟ هرب، يضيع حقه.
طالب: رضي الله عنك يا شيخ، إنسان باع شقصًا من الأرض على إنسان بمجرد الانتقال للملك، جاء إنسان قابل الشفيع وقال: أكسبك ألفين ريال، قال: ما أني بايع (
…
) سبعة آلاف مكسب خذها (
…
)، وجاء الشفيع وشفع، للمشتري حق (
…
)؟
الشيخ: لا، هذا ما له حق؛ لأنه ما باع، لكن لو باع بأكثر الشفيع يأخذ بالأحوط لنفسه، ما الأحوط الأقل ولَّا الأكثر؟ الأقل.
طالب: (
…
) باع المشتري (
…
) بأحد البيعين؟
الشيخ: إي نعم، لكن ما يرجع عليهم كلهم، يأخذ بأحد البيعين، وإذا أخذ بأحد البيعين صارت العهدة على من أخذه في صفقته.
الطالب: أيش ذنب البائع (
…
)؟
الشيخ: لا، هذه ما تعدد البيع، في المسألة التي ذكرها المؤلف الأخيرة ما تعدد، لكن لو تعدد البيع؛ مثلًا باع زيد على عمرو، وعمرو على خالد، وخالد على بكر، وأخذ الشفيع ببيع خالد؛ لأنه أنقصهم تكون العهدة على خالد دون الآخرين.
طالب: شيخ، في مسألة البناء في الأرض .. إذا بنى الشريك في الأرض التي بها الشركة فلم يستطع أن يشتريها يتملكها، فهل له أن يطالب بالمشاركة؟
الشيخ: لم يستطع الشفيع، يقول: أقلعه، يقلعه ويغرم النقص.
الطالب: فيه ضرر.
الشيخ: على من؟
الطالب: ضرر (
…
).
الشيخ: ما هو مضار، أنا ما أقدر (
…
)، أقلعه وأضمن لك نقصه فقط، كما مر علينا (
…
).
طالب: جزاك الله خيرًا، لو قال البائع: بعتك وكنت أنا المشتري، ثم قلنا: للشفيع أن يشفع، فلو قال البائع وجاء ببينة: إنه باع بألف، والآن يقول: ما أريد أن أبيع بألف، لكن بألف ومئة، هل يشفع للشفيع بألف ومئة ولَّا لا؟
الشيخ: البائع أثبت ببينة أنه باع بألف؟
الطالب: لكن الآن يريد أن يبيع بألف ومئة.
الشيخ: من اللي يريد؟
الطالب: البائع.
الشيخ: لا، ما له إلا ما أقر به.
طالب: أحسن الله إليكم، إن عجز الشفيع (
…
)؟
الشيخ: تسقط.
الطالب: لكن إذا أحضر -مثلًا- كفيلًا أو رهنًا؟
الشيخ: لا، الرهن ما ينفع، والكفيل ما ينفع؛ لأن هذا حاضر ما هو مؤجل، فيقول: سلمني الآن (
…
)، لكن لو طلب الإمهال، أحيانًا يطلب الشفيع الإمهال، يقول: أنا الآن ما بيدي شيء، لكن أمهلني يومين أو ثلاثة، فهنا يمهل ما جرى به العرف؛ ويمهل يومين، ثلاثة، أربعة، إن رأى الحاكم هذا ..
طالب: شيخ، إذا (
…
)؟
الشيخ: فكما لو عجز تسقط الشفعة.
***
(
…
) ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
هل ثبتت الشفعة في الشريعة الإسلامية؟ وما الدليل؟
طالب: قول جابر: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم (7).
الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك.
هل الشفعة من محاسن الشريعة أو فيها ظلم؟
طالب: (
…
).
الشيخ: حتى لا يتضرر الشريك السابق بهذا الشريك الجديد.
هل فيها ضرر على الشريك الجديد؟
طالب: قد يكون فيها ضرر.
الشيخ: كيف؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا، على الشريك الجديد الذي أخذ منه الشقص، هل فيها ضرر عليه؟ زيد باع على عمرو نصيبه من الأرض، هل على عمرو ضرر إذا أخذ شريكه زيد بالشفعة؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: السؤال: هل عليه ضرر أو لا؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: قد يكون وقد لا يكون. ما هو الضرر الذي يمكن أن يكون عليه؟
الطالب: (
…
).
طالب آخر: أن يكون عليه ضرر (
…
).
الشيخ: (
…
) يثمن له، ما يخسر.
طالب: ليس عليه ضرر (
…
).
الشيخ: نعم، ليس عليه ضرر إلا فوات الربح إن زادت القيمة، وهذا ليس بضرر، فاته ربح لكنه لم يخسر شيئًا.
وإذا قال قائل: إن فوات الربح كالخسارة، بدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ حَرْثٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ» أو قال: «قِيرَاطَانِ» (8)، وهذا فوات؟
فالجواب: أن هذه المضرة إذا قُدِّر وجودها فهي منغمرة في جانب دفع الضرر عن الشريك الأول.
تعريف المؤلف للشفعة فيه انتقاد؛ استحقاق انتزاع، لكن الشفعة هي استحقاق الانتزاع ولَّا الانتزاع؟ الانتزاع. إذن تكون العبارة فيها خطأ.
قوله: (وبعوض مالي) الجار والمجرور متعلق بأيش؟
طالب: (
…
) بانتزاع.
الشيخ: بانتزاع.
طالب: متعلق بالانتقالات.
الشيخ: متعلق بالانتقالات؟
الطالب: نعم.
الشيخ: إذن عندنا قولان، رجح.
طالب: (
…
).
الشيخ: متعلق بالانتقالات. ما تقول؟
طالب: (
…
).
الشيخ: انتقلت. ما معنى قوله: (أو كان عوضه صداقًا)؟
طالب: أن يكون (
…
) يعني العوض أو الشقص الذي أخذ يكون صداقًا.
طالب آخر: شيخ، (
…
)؟
الشيخ: إي، إذن العبارة فيها ركاكة، كيف نعبر إذا أردنا التعبير الصحيح؟ ذكرتها لكم بالشرح يا إخوان! (أو كان عوضه غير مالي بأن جُعِلَ صداقًا)(أو كان عوضه غير مالي) أما عوض الشخص يكون صداقًا ما يمكن، الصداق لمن؟ للمرأة؛ للزوجة، ما هو للشقص، فيكون في العبارة شيء من الركاكة، والظاهر -والله أعلم- أن سبب هذا أن الفقهاء رحمهم الله يقلد بعضهم بعضًا في التعبير، وقد يختصر الإنسان -مثلًا- العبارة التي قلَّدها فيحصل الخلل.
قوله: (فلا شفعة لجار) هذه مفرعة على أي شيء؟
طالب: (
…
).
الشيخ: ما أقول: لأنها، أنا أقول: مفرعة على أي شيء؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: على أيش؟
الطالب: غير ..
الشيخ: غير شفعة؟
طالب: من حديث ..
الشيخ: لا، من كلام المؤلف.
طالب: قوله: (انتزاع حصة شريكه).
الشيخ: من قوله: (انتزاع حصة شريكه) بناء على اشتراط الشركة قال: (فلا شفعة لجارٍ)، هل في هذه المسألة خلاف؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: مطلقًا، فيه قول؟
الطالب: على القول الراجح (
…
).
الشيخ: فيه قول: إنه يشفع. على كل حال؟
الطالب: على كل حال.
الشيخ: فيه أقوال هذا، لكن ما هو الراجح؟
الطالب: الراجح (
…
).
الشيخ: على كل حال. والأخ ماذا يقول؟
طالب: (
…
) يشتركان (
…
) الشفعة.
الشيخ: يعني: إن اشتركا في شيء من حقوق الملك؛ كالطريق والماء وما أشبه ذلك فله الشفعة، وإلا؟
الطالب: وإلا (
…
).
الشيخ: هذا على القول الراجح ولَّا المرجوح؟
الطالب: القول الراجح (
…
).
الشيخ: متأكد؟
الطالب: أيوة.
الشيخ: ما هو الدليل على هذا القول، وهو التفصيل؟
الطالب: الدليل على هذا القول ..
الشيخ: حديث جابر.
الطالب: نعم، حديث جابر: قضى النبي صلى الله عليه وسلم (
…
) بالنسبة للشفعة (
…
).
الشيخ: قوله: فإذا وقعت الحدود وصُرِّفَت الطرق فلا شفعة (7).
إذن القول الراجح أن الجار له شفعة إذا اشترك مع جاره في شيء من حقوق الملك؛ كالطرق، أو عين الماء تسقي الأرضين، وما أشبه ذلك.
إذا تعدد المشتري هل للشفيع أن يأخذ بأحد نصيب المشتريين؟
طالب: نعم، له ذلك.
الشيخ: له ذلك. مثاله؟
الطالب: إن اشترى شريكان أو اشترى واحد حق شريكين ..
الشيخ: إذا تعدد المشتريان، هل للشريك الأول أو يأخذ ببيع أحدهما؟
الطالب: نعم، مثاله: اشترى زيدٌ وعمرٌو حصة -مثلًا- محمد من الأرض، فللشريك أخذ حق واحد منهما.
الشيخ: توافقون على هذا، يقول: باع زيدٌ نصيبه على اثنين، فلشريكه عمرٍو أن يأخذ من أحد الاثنين ويترك الآخر.
لو تعدد البائعان، هل له أن يأخذ بأحد البيعتين؟ كيف صورتها؟
طالب: (
…
).
لشيخ: هل للشفيع أن يأخذ بإحد البيعتين، مثاله؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: ما يصير هذا.
طالب: يا شيخ، زيد وعمرو (
…
) باع زيد وعمرو على واحد ..
الشيخ: على واحد، تعدد الآن البائعان والمشتري، هل للشفيع أن يأخذ بأحد البيعين؟
الطالب: له أن يأخذ بأحدهما.
الشيخ: إي نعم، صحيح.
ما معنى قول المؤلف: (ولا شفعة بشركة وقف)؟
طالب: أنه لو كان اثنان في أرض (
…
) نصيبه وقف عليه، والثاني نصيبه طلق، وباع صاحب النصيب الطلق، فإنه ليس لصاحب النصيب المفروض أن يشفع على الطلق.
الشيخ: أحسنت، أرض بين شريكين نصيب أحدهما وقف والثاني طلق، فباع من نصيبه طلق على شخص ثالث، فإن الشريك الذي نصيبه وقف لا يأخذ بالشفعة، التعليل؟
طالب: التعليل، القول الراجح؟
الشيخ: لا ما هي بالراجح (
…
).
طالب: (
…
) قاصر.
الشيخ: بأن ملك الموقوف عليه بالوقف قاصر؛ ولهذا لا يجوز أن يبيعه ولا يرهنه، والملك القاصر لا يقوى على انتزاع المشتري. هل في هذا قول آخر؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أن للموقوف عليه الأخذ بالشفعة.
الطالب: (
…
).
الشيخ: اصبر، ما سألت عن الدليل، اثبت على هذا القول، فيه قول آخر أنه يجوز لشريك الوقف الذي نصيبه وقف أن يأخذ بالشفعة. هل هذا الراجح؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: هذا الراجح، الدليل؟
الطالب: الدليل (
…
).
الشيخ: وهذا عام، التعليل؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: أن العلة -وهي الضرر- موجودة فيما إذا كان الشريك نصيبه وقف، بل هذا أشد ضررًا، لماذا؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: تمام، إذن معناه المشاركة إذا كانت الشركة وقفًا، فإثبات الشفعة فيها من باب أولى؛ لأن الشريك في الوقف إذا رأى الضرر من المشتري لا يتمكن من البيع، بخلاف الذي ملكه طلق، وهذا القول هو الراجح.
قوله: (ولا غير ملك سابق) كيف يكون المثال؟
طالب: اثنان اشتركا في شراء أرض من شخص واحد، فملكهما دخل معه ليس لأحد (
…
) على الآخر، فلا يشفع أحدهما على الآخر.
الشيخ: بارك الله فيك.
قول المؤلف: (ولا لكافر على مسلم) صورتها؟
طالب: صورتها: لو كان اثنان شريكان؛ أحدهما مسلم والآخر كافر، فباع المسلم نصيبه فإنه ليس للكافر أن يشفع.
الشيخ: على من باع؟
الطالب: باع على كافر أو على مسلم.
الشيخ: ما يصير.
الطالب: باع المسلم نصيبه على مسلم، فليس للكافر أن يشفع.
الشيخ: فليس للكافر أن يشفع، فإن باعه على كافر؟
الطالب: له الشفعة.
الشيخ: له الشفعة، لو كان الشريك كافرًا؛ هذه أرض بين كافرين، فباع أحدهما نصيبه على مسلم؟
الطالب: أيضًا كذلك لا شفعة.