المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الشيخ: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا» - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: الشيخ: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا»

الشيخ: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا» ..

الطالب: «بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» .

الشيخ: يرى بعض العلماء أن التعديل واجب في العطية بين جميع الورثة، ما تقول في هذا الرأي؟

طالب: لا يصح.

الشيخ: يعني -مثلًا- إذا كان لك إخوة يرثونك فإنه يجب أن تعدِّل بينهم في العطية.

الطالب: غير صحيح.

الشيخ: غير صحيح.

الطالب: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» .

الشيخ: نعم، ومفهومه؟

الطالب: (

).

الشيخ: نعم، ولو كان واجبًا لقال: اتقوا الله واعدلوا بين وُرَّاثِكم، أليس كذلك؟ هذه واحدة، ولأن الأصل جواز التصرف بما شاء، عندك شيء؟

الطالب: لفظ الحديث: «أَلَكَ بَنُونَ؟ » ، فَبَيَّن أن ..

الشيخ: لا لا، ما هذه، هذه مسألة ثانية، التعديل هل يكون بالتسوية أو لا؟

طالب: التعديل بين الأولاد يكون (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: (

).

الشيخ: كلام المؤلف نبغي.

الطالب: التعديل (

).

الشيخ: هه؟

الطالب: (

).

الشيخ: كلام المؤلف.

الطالب: تسوية، يسوي.

الشيخ: تسوية، تمام.

الطالب: كلام المؤلف يُعْطَوْن بقدر إرثهم.

الشيخ: كلام المؤلف يُعْطَوْن بقدر إرثهم، وهذا هو الصحيح.

[مدخل]

نبدأ ب‌

‌كتاب الوصايا

.

الوصية هي التبرع بالمال بعد الموت أو الأمر بالتصرف بعد الموت، التبرع بالمال بعد الموت بأن يقول: إذا متّ فأعطوا فلانًا ألف ريال، هذه وصية، أو الأمر بالتصرف بعده، مثل أن يقول: إذا مت فالوصي على أولادي الصغار فلان، فهذا أمر بالتصرف بعده، فالأول بالمال، وهذا بالحقوق.

والوصية تجري فيها الأحكام الخمسة كما سيتبين إن شاء الله تعالى.

ص: 2500

يقول: (يُسَنّ لمن ترك خيرًا -وهو المال الكثير- أن يوصي بالْخُمْس)، والْخُمس واحد من خمسة، وإنما قال المؤلف:(لمن ترك خيرا) لمطابقة الآية {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180]، ولمن تكون الوصية؟ تكون للأقارب غير الوارثين.

دليل ذلك هذه الآية: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ، والآية كما سمعتم الوالدين والأقربين، فهي عامة في الوارث وغير الوارث.

نقول: هذه الآية مُخَصَّصَة بآيات المواريث؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّ اللهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» (2)، فيكون هذا العموم {لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} يكون مخصوصًا بآيات المواريث، وقد بَيَّنَ التخصيص محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال:«إِنَّ اللهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .

فإن قال قائل: هل يمكن أن يكون الوالدان غير وارثين؟ يمكن أن يكونَا غير وارثين، كما لو كانَا كافِرَيْنِ والولد مسلم، فإنه يوصي لهما؛ لقول الله تبارك وتعالى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].

وقول المؤلف: (يُسَنّ) صريح في أن الوصية للأقارب غير الوارثين ليست واجبة، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء، وقالوا: إن آيات المواريث نَسَخَت الآية، أعني قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180].

فأكثر العلماء على أن آية المواريث ناسخة لهذه الآية، وأنه لا يُعْمَل بأي حرف منها؛ لأنها منسوخة، والنسخ رفع الحكم.

ص: 2501

ولكن أبى ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنه، فقال: إن الآية مُحْكَمَة، وإن الوصية واجبة للأقارب غير الوارثين، وما ذهب إليه أقرب إلى الصواب.

فإن قال قائل: إن الله يقول: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12]، ويقول:{لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11]، والسدس إذا أُخِذَت الوصية الْخُمُس لم يكن سدسًا، يكون سدسًا إلا خُمُسًا، فيقال: إن الله بَيَّنَ فقال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]، و {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] و {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]، و {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]، الآيات صريحة أن هذه القسمة بعد؟ بعد الوصية.

وحينئذ إذا عدنا إلى الآية: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180]{كُتِبَ} أي: فُرِضَ، وإسقاط هذا الفرض يحتاج إلى دليل بَيِّن.

أيضًا {حَقًّا} ، يعني: أُحِقُّ هذا حقًّا وأثبته إثباتًا، وأيضًا {عَلَى الْمُتَّقِينَ} ، أي: على ذوي التقوى، وهذا يدل على أن الوصية من التقوى، ومخالفة التقوى حرام.

ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة أن الوصية للأقارب غير الوارثين واجبة؛ لأن الآية صريحة، والنسخ ليس بالأمر الهين أن يُدَّعَى مع هذه الصراحة، ومع إمكان الجمع بين هذه وآية المواريث، ويش الجمع؟ الجمع أن آية المواريث صريحة في أنها من بعد الوصية، وكيف نلغي هذه الأوصاف العظيمة، (كتب، حق، على المتقين)، مع إمكان العمل بالآيتين آية المواريث وهذه الآية، فالصحيح أن آية الوصية مُحْكَمَة وأنه يجب العمل بها.

ولكن هل نقول: إنه لا بد أن توصي بالْخُمُس؟

ص: 2502

الجواب: لا، ليس بلازم، لكن الْخُمُس اختاره أبو بكر رضي الله عنه، وهو داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم:«الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» (3).

قوله: (وهو المال الكثير) إلى أي شيء نرجع في كون المال كثيرًا أو قليلًا؟

طالب: العرف.

الشيخ: يُرْجَع إلى العُرْف وإلى أحوال الناس، فإذا كانت الدراهم كثيرة فالمال الكثير كثير، وإذا كان الناس عندهم قلة في المال فالقليل يكون أيش؟ يكون كثيرًا، حتى إن بعض الفقهاء يقول: مَن مَلَكَ خمسين درهمًا فهو غني لا تحل له الزكاة، في وقتنا الحاضر ويش خمسون درهمًا؟ توجب أن يكون الإنسان غنيًّ؟ اأبدًا، خمسون درهمًا يمكن تخلص في عشرة أيام، ما هو سنة كاملة.

فالحاصل أن المال الكثير يُرْجَع فيه إلى العرف، فقد يكون القليل كثيرًا في وقت، وقد يكون الكثير قليلًا في وقت آخر.

(أن يوصي بالْخُمُس) الدليل على تعيُّن الْخُمُس هو ما ورد عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: أرضى ما رضي الله لنفسه ولرسوله وهو الْخُمُس (4).

(ولا تجوز بأكثر من الثلث)، لا تجوز -أي الوصية- بأكثر من الثلث، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وقد نازله فيما يوصي به، فقال: أوصي بالثلثين؟ قال: «لَا» ، بالنصف؟ قال:«لَا» ، كلمة (لا) في مقام الاستفتاء يعني التحريم، قال: الثلث؟ قال: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» (3).

(ولا تجوز بأكثر من الثلث لأجنبي)، والمراد بالأجنبي هنا مَن لا يَرِثُ، بدليل قوله:(ولا لوارث بشيء)، فالوارث لا يجوز للإنسان أن يوصي له لا بقليل ولا بكثير، وغير الوارث تجوز بالثلث فأقل.

ص: 2503

يقول المؤلف رحمه الله: (إلا بإجازة الورثة لها)، وظاهر كلامه رحمه الله أنه إذا أجازها الورثة صارت حلالًا، وفيه نظر، والصواب أنها حرام، لكن من جهة التنفيذ تتوقف على إجازة الورثة.

فإذا قال قائل: إذا كان الحق للورثة، ثم وافقوا بعد الموت، فكيف يقال: إنه حرام؟

يقال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استنزله سعد وقال: الثلثين، الشطر، قال:«لَا» ، ولم يقل: إلا أيش؟ إلا أن يجيز الورثة، ولأن الإنسان إذا أوصى بشيء بأكثر من الثلث لأجنبي، أو بشيء للوارث، فقد يجيز الورثة بعد الموت حياءً وخجلًا، ودرءًا لكلام الناس، وهذا وارد بلا شك، وارد أن الورثة إذا أوصى لأحدهم بزيادة على ميراثه، أو أوصى لأجنبي بزيادة على الثلث، واضح أنهم ربما يوافقون أيش؟ حياءً وخجلًا أن (

)، أو يخشون إن ردوا الوصية أن يتحدث الناس فيهم.

فلذلك نرى أنها حرام بكل حال، حتى وإن كان يقول: إن الورثة بعدي سوف يجيزون هذا، والدليل كما قلت لكم؛ أولًا: حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم منعه، ولم يقل: إلا أن يجيز الورثة، والثاني: أنهم إذا أجازوا قد يجيزون حياءً وخجلًا، لا عن اقتناع.

وقوله: (إلا بإجازة الورثة لها) يشمل مَن يرث بالفرض أو بالتعصيب، كذا؟ فعلى هذا لا بد من موافقة الزوجة –مثلًا- أو الزوج، لا بد من موافقة الأم، لا بد من موافقة العم إذا كان وارثًا بالتعصيب.

وقوله: (بعد الموت)، (بعد الموت) متعلِّق بإجازة، يعني إلا إذا أجازها الورثة بعد الموت، فإن أجازوها قبل الموت فلا عبرة بإجازتهم؛ لأنهم لم يملكوا المال بعد حتى يملكوا التبرع بشيء منه؛ لأن الإجازة معناها التبرع، فلا يُعْتَدّ بإجازتهم إلا إذا كان ذلك بعد الموت.

ص: 2504

وعلى هذا فلو أن المريض لما رأى دُنُوَّ أجله جَمَعَ الورثة، وقال: يا جماعة، أنا مالي مئة ألف، وأنا أرغب أن أوصي ببناء المسجد، وبناء المسجد يكلف خمسين ألفًا، تسمحون؟ قالوا: نعم نسمح، ثم مات، فهل ينفَّذ بناء المسجد؟ ينفَّذ منه ما لا يزيد على الثلث، وأما ما زاد على الثلث فلا.

فإن قال قائل: هؤلاء سمحوا وأَذِنُوا؟

فالجواب: أنهم أَذِنُوا قبل أن يملكوا المال؛ لأنهم لا يملكون المال إلا بعد موت المورِّث، فَإِذْنُهُم وإِذْن مَن لم يكن وارثًا على حد سواء؛ لأنهم الآن غير وارثين، ولا مالكين للمال، ولا يُعْلَم ربما يكون هو المريض وهو الذي يُخْشَى أن أجله قريب، والأصحاء يموتون قبله، وهذا يقع كثيرًا.

وقال بعض أهل العلم: إنه إذا كان مرضه مرضًا مَخُوفًا فإن إذنهم جائز، ولذلك منعناه من التبرع بما زاد على الثلث؛ لتعلق حقهم، فهم هنا يُسْقِطُون حقهم من الاعتراض، لا يتبرعون بالمال؛ لأن المال لم يمكلوه بعد، لكنهم إذا أَذِنُوا فهو يعني إسقاط حقهم من الاعتراض.

قال: ويدل لهذا أن المريض مرض الموت لا يمكن أن يتبرع بأكثر من الثلث من أجل حقهم، ولو قلنا: إن حقهم لا يكون إلا بعد الموت لقلنا: يتبرع بما شاء، وهذا القول هو الصحيح؛ أنهم إذا أَذِنُوا بالوصية بما زاد على الثلث، أو لأحد الورثة فلا بأس.

الوصية بما زاد على الثلث مثَّلْنا له بأيش؟ ببناء المسجد، إنسان عنده مئة ألف، ويريد أن يبني مسجدًا، والمسجد يكلِّف خمسين ألفًا.

الوصية لأحد الورثة أن يجمعهم ويقول: أبنائي أخوكم الصغير محتاج أكثر، أنتم موظفون وليس عندكم قاصر، أنا أريد أن أُوصِي لأخيكم القاصر بمثل نصيبه من الميراث أو أكثر، فيوافقون على هذا.

فالقول الراجح أن هذه الموافقة نافذة وجائزة، إلا إذا علمنا أنهم إنما أَذِنُوا أيش؟ حياءً وخجلًا فلا عبرة بهذا الإذن.

طالب: (

).

الشيخ: لو كانت نعم.

الطالب: (

).

الشيخ: لا تحدث (

) أيش؟

الطالب: (

).

ص: 2505

الشيخ: الميت له الثلث، له ثلث ما وراءه.

الطالب: نعم (

).

الشيخ: لو أوصى بالثلث للمسجد، ويش الفرق؟ ما دام بيؤخذ من نصيبهم.

الطالب: (

).

الشيخ: لا، لا عبرة بذلك.

طالب: (

).

الشيخ: لا تصح تنفيذًا، ما شرحناها، ما وصلنا لها.

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: (

) أو بإجازة الورثة.

الشيخ: كيف؟

الطالب: (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: (

).

الشيخ: هو يملكها من الموت، إذا أجازوها فهو يملكها من الموت، يعني من قبوله لها، سواء عند الموت أو بعده بأيام.

طالب: (

).

الشيخ: أيش؟

الطالب: أشكل علي استدلال الفقهاء (

) بالقبض (

).

الشيخ: نعم نعم

الطالب: (

) أبي بكر الصديق (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: (

) قبضتيه (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: (

) عائشة (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: مشكلة.

الشيخ: ما مشكلة؛ لأنه ربما استأذن من أولاده الآخرين.

الطالب: (

).

الشيخ: هذه قضية عين، يمكن استأذن، أو عَلِم أنهم لن يعارضوه في إعطائه عائشة؛ لأنها أمهم، هم إخوتها وهي أمهم، المهم القضايا الآن ما توجِب الإشكال، هناك –مثلًا- أشياء تحيط بالمسألة تسوغه.

طالب: (

).

الشيخ: أحد يرضى ألَّا يوصف بالتقوى؟

الطالب: (

).

الشيخ: يعني معنى {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} أن مَن اتقى الله فليفعل.

الطالب: (

).

الشيخ: لازم، الواجب على الإنسان أن يتقي الله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70].

طالب: أحسن الله إليك، قوله في الآية:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} ما المراد بالخير؟

الشيخ: يعني معناه: لا وكس ولا شطط، إذا ثبت له ورثة محتاجون فليقَلِّل، وإذا كانوا غير محتاجين فليُكَثِّر، لكن لا يزيد على الثلث.

طالب: قلنا: إن القول الراجح: لو أجاز الورثة في مرض الموت المخُوف.

الشيخ: قلنا ..

ص: 2506

الطالب: قلنا: القول الراجح لو أجاز الورثة في مرض الموت المخوف (

) هل يجوز أن ..

الشيخ: أن ..

طالب: (

) يجوز هذا؟

الشيخ: كما قلنا لكم: إذا كان يخشى أنهم سيوافقون حياءً وخجلًا فلا يجوز، وأما إذا كان يعرف أنهم ناس لا يهمهم أغنياء وكرماء وسليمو القلب هذه ترجع للأحوال، كل حالة لها حال.

الطالب: حديث سعد بن أبي وقاص.

الشيخ: إي نعم.

طالب: يشكل.

الشيخ: يشكل على أيش؟

طالب: (

)

الشيخ: إي نعم، يشكل على أيش؟

طالب: (

).

الشيخ: هو الرسول بَيَّن قال: «إِنَّكَ إِنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ لَهُمْ» (3)، لكن كما قلنا: إذا علم حياءً وخجلًا فلا يجوز.

طالب: (

) الورثة (

).

الشيخ: لا، الصغار والمجانين لا يمكن، لا يُعْتَدّ بموافقتهم، ولا بموافقة وليهم، المجنون على كل حال معروف أنه لا إرادة له ولا قول له، والصغير الذي لم يبلغ كذلك.

طالب: (

).

الشيخ: هل؟

الطالب: (

).

الشيخ: يشمل الوارث المحجوب؟ كيف وارث وهو محجوب؟

الطالب: (

).

الشيخ: (

)، يجوز أن يوصي لابن ابنه مع وجود أبنائه.

الطالب: (

).

الشيخ: (لا بوارث) يعني: في نفس المسألة.

طالب: (

)، والحديث قال:«لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» (2).

الشيخ: أجزنا أن يوصي لوارث؟ أبدًا ما أجزنا هذا، قلنا: هذا حرام.

الطالب: (

).

الشيخ: أيش؟

الطالب: أوصى لمسجد (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: (

) فقهاء، أظن هذا يجوز.

الشيخ: يجوز إذا أَذِنُوا.

الطالب: (

).

الشيخ: نعم، لأنه معروف العلة؛ لأنه تعلَّق به حق الورثة. (

)

من هذا الفصل نأخذ بأن الأمراض ثلاثة أقسام.

طالب: مرض مَخُوف، ومرض غير مَخُوف.

الشيخ: مرض مَخُوف، ومرض غير مَخُوف.

طالب: مَرَض مُمْتَد.

الشيخ: الأمراض الممتدة، ما حكم تبرع المريض مرضًا مَخُوفًا.

طالب: يجوز تبرع المريض مرضًا مَخُوفًا أنه لا ينفذ من ماله تبرعه للوارث بشيء، وينفذ الثلث فما دون لغير الوارث.

ص: 2507

الشيخ: أنه لا يصح تبرعه لوارث بشيء، ولا لأجنبي بما فوق الثلث، خطأ.

طالب: (

) لازم.

الشيخ: لازم، ولو كان بكل ماله، خطأ.

طالب: من ثلثه.

الشيخ: هذا كلام وارد، وقلنا: إنه خطأ.

الطالب: من الثلث، أو أقل من الثلث.

الشيخ: أو أقل من الثلث هذا كلام الأخ وقلنا له: خطأ.

طالب: لا يجوز التصرف بأكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة.

الشيخ: خطأ.

طالب: السؤال يا شيخ.

الشيخ: نعم.

طالب: لا يلزم.

الشيخ: لا يلزم؟ خطأ.

طالب: فيه تفصيل.

الشيخ: ما هو؟

طالب: إن مات منه فتصرُّفه غير لازم، وإن عُوفِي فتصرفه صحيح.

الشيخ: هذا هو، انتبهوا لهذا، نقول: تبرَّع من مرض وهو مَخُوف، إن مات منه فهو من الثلث فأقل لغير وارث، وإن عُوفِي فكالصحيح، هكذا جاء في الكتاب، وهو واضح.

تصرُّف بالأمراض الممتدة.

طالب: إن قطعه في الفراش.

الشيخ: إن قطعه في الفراش.

طالب: كان من الثلث، وإن لم يقطعه فمن كل ماله.

الشيخ: يعني إن قطعه في الفراش فهو كصاحب المرض المخوف، من الثلث فأقل لغير الوارث وإلا؟

الطالب: من كل ماله.

الشيخ: من كل ماله، مثل أيش؟

الطالب: أول الفالج.

الشيخ: خطأ.

طالب: الجذام، السل والفالج.

الشيخ: (

).

الطالب: (

).

الشيخ: المرض غير الْمَخُوف مثل أيش؟

طالب: وجع الضرس.

الشيخ: وجع الضرس؟ تأمل، متأكد؟ وجع الضرس، وجع العين كذلك من الأمراض غير الْمَخُوفَة، ما معنى قولنا: مَخُوفَة أو غير مَخُوفَة.

طالب: أنه إذا مات منه (

).

الشيخ: يعني الذي يتوقع منه الموت ولا يُعَدّ الموت به مستغربًا فهذا مَخُوف، وما لا فلا، بارك الله فيك، مَن مرضه غير مخوف كيف تَبَرُّعه؟

طالب: من مرضه غير مخوف؟

الشيخ: أي، هل ينفذ تبرعه بكل ماله أو للوارث وغير الوارث أو ماذا؟

الطالب: ينفذ.

الشيخ: ينفذ؛ يعني لأن حكمه حكم الصحيح، هل يُعْمَل بقول الأطباء في كونه مخوفًا أو لا؟

طالب: نعم، لكن يشترط طبيبان مسلمان عَدْلَان.

ص: 2508

الشيخ: إي نعم، يُعْمَل بقول الأطباء بشرط أن يكونا اثنين فأكثر، مُسْلِمَيْن عدلين.

هل يوافق المؤلف على هذا الشراط أنه لا يُعْمَل بقول الطبيب الواحد، ولا بقول ألف طبيب غير مسلم، ولا بقول ألف طبيب غير عدل؟

طالب: الصحيح أنه لا يُعْمَل به، لا يوافق عليه.

الشيخ: إذن ما هو الضابط؟

الطالب: الضابط أنه إذا كان الطبيب حاذقًا مأمون الجانب في مهنته فإنه يوافق ولو كان كافرًا.

الشيخ: المدار على الثقة في علمه وأمانته، تمام.

لو قال لك قائل: وهل يمكن أن يؤتمن الكافر؟

طالب: (

).

الشيخ: ممكن، أعندك دليل؟

طالب: (

).

الشيخ: أعندك دليل؟ وما تومئ إليه الآن فهو تعليل.

طالب: (

).

طالب آخر: النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة إلى المدينة اتخذ كافرًا دليلًا له.

الشيخ: وكان مشركًا، صحيح، الدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه على آله وسلم استعمل رجلًا يَدُلُّه على الطريق من مكة إلى المدينة وهو كافر، مع أن المسألة خطيرة جدًّا، والكافر في هذا يعني مَن الذي يؤتمن من الكفار، بارك الله فيكم.

إذا وقع الطاعون في بلد فما حكم القدوم إليها والسفر منها؟

طالب: إذا وقع الطاعون ببلد لا يجوز القدوم عليه.

الشيخ: لا يجوز القدوم عليه.

الطالب: ولا يجوز الخروج منه فرارًا.

الشيخ: ولا يجوز الخروج منه فرارًا، فإن خرج منه لحاجة أيجوز؟

طالب: لا يجوز الخروج إلا إذا خرج لحاجة.

الشيخ: إذا خرج من البلد الذي فيه الطاعون لحاجة، هل يجوز أو لا؟

الطالب: يجوز.

الشيخ: يجوز، الدليل؟

طالب: لأنه ليس ..

الشيخ: اترك (لأن)؛ إذا جاءت (لأن) فهو تعليل.

طالب: (

) إذا وقع الطاعون ببلد (

).

الشيخ: إذا وقع بأرض فلا تخرجوا منها ..

الطالب: ولا تقدموا عليها.

الشيخ: ما أتيت بالدليل.

الطالب: فلا تخرجوا منها.

الشيخ: إي نعم، ما أتيت.

الطالب: فرارًا منه.

الشيخ: فلا تخرجوا منها فرارًا منها.

بين العطية والوصية فروق منها؟

ص: 2509

طالب: في العطية يقدَّم الأول فالأول، أما في الوصية يُعْطَى بالسوية.

الشيخ: أحسنت، هذا واحد، الثاني؟

الطالب: أن العطية لا يمكن الرجوع فيها.

الشيخ: نعم، لا يملك، مَن الذي لا يملك؟ المعطي، الرجوع فيها، والوصية؟

الطالب: والوصية (

).

الشيخ: (

الطالب: (

).

الشيخ: إذن الفرق أنه لا يملك الرجوع في العطية، ويملك الرجوع في الوصية، إذن على كلامك هل يجوز للموصِي أن يرجع في وصيته ويبدلها؟

الطالب: نعم.

الشيخ: يجوز، إي نعم، صحيح، فرق ثالث؟

طالب: في العطية يشترط القبول لها عند وجودها.

الشيخ: نعم، في العطية يعتبر القبول لها عند وجودها، والوصية؟

الطالب: أما الوصية لا يعتبر القبول إلا بعد الموت.

الشيخ: لا يعتبر القبول إلا بعد الموت، تمام الرابع؟

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

الطالب: وأما الوصية فلا يجوز (

).

الشيخ: حتى يقبل بعد الموت، بارك الله فيك.

طالب: العطية يُشْتَرَط فيها التنجيز.

الشيخ: نعم، والوصية؟

الطالب: والوصية ثابتة (

).

الشيخ: موضوعها معلَّق، هذه الفروق كتبناها لكم ستة أو سبعة احفظوها، والذي ينسى ما في الكتاب ما له لزوم (

).

***

نبدأ الآن نأخذ درسًا جديدًا، وقبل الدرس الجديد نناقش فيه: ما هو القدر الذي ينبغي للإنسان أن يوصي به؟

طالب: الْخُمُس.

الشيخ: الْخُمُس؟ الدليل؟

الطالب: أبو بكر رضي الله عنه يقول: نرضى ما رضي الله لنفسه ولرسوله.

الشيخ: فأوصى بالْخُمُس، بارك الله فيك، هل قول أبي بكر دليل؟ أجب، الدليل على أنه دليل؟

الطالب: قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ» (5).

الشيخ: صحيح، وأيضًا قد نص على أبي بكر عمر، فقال:«اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» (6)، وقال:«إِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا» (7)، وهذا نص صريح في أن قوليهما حجة رضي الله عنهم.

ص: 2510

من الذي يُسْتَحَبُّ له أن يوصي بالْخُمُس؟

طالب: (

).

الشيخ: لا يا أخي، مَن الذي يُسْتَحَبّ أن يوصِي؟

الطالب: الميت.

الشيخ: الميت؟ !

الطالب: الموصَى عليه الناظر.

الشيخ: لا لا، هل نقول لكل ميت: يُسْتَحَبّ أن توصي لو ما عنده إلا عشرة ريالات؟

الطالب: إي نعم، الوصية يجب (

) ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يحل (

).

الشيخ: لا، (

).

طالب: إذا ترك خيرًا وهو المال الكثير.

الشيخ: الذي يُسَنُّ له أن يوصي مَن ترك خيرًا، كما قال الله عز وجل في القرآن:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180] وهو المال الكثير، رجل أوصى بأربعة من تسعة من ماله؟

طالب: ينفذ في ثلاثة، وما زاد فلا ينفذ إلا بإجازة الورثة.

الشيخ: تنفذ الوصية في ثلاثة، وما زاد فبإجازة الورثة، تمام، ما هي الوصية المحرَّمة؟

طالب: (

).

الشيخ: أن يوصي لوارث بقليل أو كثير أو ..

الطالب: (

).

الشيخ: بما فوق الثلث لغير وارث، صحيح، هل عندنا دليل لهذا؟ الأول: الوارث.

طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .

الشيخ: نعم، «إِنَّ اللهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» (2)، ولأن الوصية للوارث تؤدي أن يأخذ من المال أكثر مما فرض الله له، وهذا تعدٍّ لحدود الله، الثلث؟

الطالب: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

الشيخ: سعد بن أبي وقاص.

الطالب: عندما جاء (

) يتصدق بنصف ماله، (

).

الشيخ: بثلثيه.

طالب: بثلثيه، قال:«لَا» ، قال: فالنصف، قال:«لَا» ، حتى بلغ الثلث، فقال:«الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» (3).

الشيخ: تمام، إجازة الورثة قبل الموت هل تعتبر أو لا؟

طالب: (

).

الشيخ: تعتبر، هل قرأت الكتاب؟

الطالب: (

).

الشيخ: غلط.

الطالب: (

)

الشيخ: إي نعم.

الطالب: (

).

ص: 2511

الشيخ: هل تعتبر إجازة الورثة ما زاد على الثلث، أو ما كان لوارث قبل الموت؟

الطالب: لا، لا عبرة بها.

الشيخ: لا عبرة بها، لماذا؟

الطالب: قد يجيزونها خجلًا من (

).

الشيخ: لا، شيء آخر أهم من هذا، تعليل أهم من هذا.

طالب: لأنهم لا يسمون (

).

الشيخ: لا، هذا تعليل عليل.

طالب: لأنهم لم يملكوا المال بعد.

الشيخ: صح؛ لأنهم لم يملكوا المال بعد، فكيف ينفذ إجازتهم في شيء لا يملكونه، ولأنه ربما يكون هذا الوارث اليوم هو الموروث، أليس كذلك؟

طالب: بلى.

الشيخ: كثيرًا ما يكون رجلًا صحيحًا شحيحًا ورجلٌ مُدنِف يموت الأول قبل الثاني، أليس هكذا؟

طلبة: بلى.

الشيخ: إذن لا عبرة بالإجازة، وقال بعض العلماء: إنه إذا كان المريض في مرض موت مَخُوف فالإجازة نافذة.

***

نبدأ الدرس الآن، قال المؤلف رحمه الله تعالى:(إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت)، (بإجازة الورثة)، مَن الوارث الذي يملك الإجازة؟ الوارث الذي يملك الإجازة هو البالغ العاقل الرشيد، فإجازة غير البالغ لا تعتبر؛ لأنه لا يملك التبرع بشيء من ماله، وإجازة المجنون غير مُعْتَبَرَة، وهو ظاهر؛ لأنه لا قصد له، ولا إرادة له، ولا عقل له، الثالث: الرشيد، فالسفيه الذي لا يحسن التصرف في المال، والتبرع بألف ريال كالتبرع بقرش عنده، هذا لا عبرة به.

إذن الورثة يُشْتَرَط أيش؟ ثلاثة شروط: البلوغ والعقل والرشد، وقوله رحمه الله:(إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت)، أي: لا بد أن تكون الإجازة بعد الموت، أي: موت الموصِي، وكما سمعتم من المناقشة أنهم لا يملكون المال إلا بعد موت مُوَرِّثهم.

(فتصح تنفيذًا)، تصح الوصية، (تنفيذًا) يعني: لا ابتداء عطية، وإنما هي تنفيذ، وعلى هذا فلا يُعْتَبَر شروط العطية في هذا التنفيذ؛ لأنه تنفيذ لتصرف الغير، وعليه فلو كان أحد الورثة مريضًا مرض الموت، وليس له مال إلا ما ورثه من مُوَرِّثِه، وأجاز، تصح إجازته؟

طلبة: نعم.

ص: 2512

الشيخ: ولو استوعبت جميع المال، لماذا؟ لأنه لم يتبرع بشيء، غاية ما هنالك أنه أجاز تصرف المورِّث قبل أن يملكه هو؛ لأن المورِّث قد كتبه لفلان، أو قد أوصى به لفلان، فتكون إجازة الوارث ليست ابتداءَ عطيةٍ وليست تبرعًا محضًا، وإنما هو تنفيذ لتصرف غيره، ولذلك لا يُشْتَرَط فيها –أي: في هذه الإجازة- شروط العطية، فتصح تنفيذًا.

قال: (وتُكْرَه وصية فقير وارِثُه محتاج)، والمراد بالفقير هنا الفقير عُرْفًا، وليس كالفقير في باب الزكاة، الفقير في باب الزكاة هو الذي لا يجد كفايته وكفاية عائلته سَنَةً، والفقير هنا ما عُدَّ عند الناس فقيرًا ولو كان عنده مؤونة نفسه لمدة سنة.

(وارثه محتاج) يعني: وارِثه أيضًا مثله فقير، يحتاج إلى المال، فهذا يُكْرَه أن يوصِي، لماذا؟ لأنه بعد موته تتعلَّق نفس الوارث به، أي: بالمال، والموصِي لماذا أوصى؟ أوصى للأجر، طلب الأجر، وأيهما أولى؛ أن نحرِم الذي له الحق شرعًا وهو محتاج، ونعطيه شخصًا أجنبيًّا؟ أيهما أولى، الأول أولى، فما دام الوارث محتاجًا والمال قليل فإنه يُكْرَه للإنسان أن يوصِي ولو بالثلث. %%

فعندنا الآن ثلاثة أقسام، أو ثلاثة أحكام للوصية: وصية مسنونة، ووصية محرَّمة، ووصية مكروهة؛ وهي وصية الفقير الذي وارثُه محتاج، إذا قال: أنا أريد الخير، أنا أوصي بثلث مالي للمساجد، قلنا: إغناء الورثة خير، كما قال النبي صلى الله وعلى آله وسلم:«إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً» (3).

فإن كان وارثه غير محتاج، هو فقير لكن وارثه غير محتاج، فالوصية مباحة؛ لأن الأصل فيها الإباحة.

(وتجوز بالكل لمن لا وارث له) تجوز الوصية بالكل، أي: بكل ماله، (لمن لا وارث له)، فإذا كان رجل ليس له وارث، وعنده أموال عظيمة، وأوصى بهذه الأموال أن تُعْمَرَ بها المساجد، أيجوز أو لا يجوز؟

طالب: (

).

ص: 2513

الشيخ: جواب هش هذا، يجوز؛ لأن النبي صلى لله عليه وسلم عَلَّل منع الزيادة على الثلث بقوله:«إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً» ، فإن لم يكن له وارث فهنا لا أحد يطالبه بماله، فتجوز الوصية بالكل لمن لا وارث له.

هذه أربعة أحكام تكليفية في الوصية، بقي الحكم الخامس وهو وجوب الوصية.

تجب الوصية لكل حق واجب على الموصِي ليس به بينة، هذه الوصية الواجبة، كل حق واجب على الموصِي وليس به بينة فالوصية به واجبة، وبهذا تقرَّر أن الوصية تجري فيها الأحكام الخمسة التكليفية.

مثال الأخير: إنسان عليه دَيْن، وليس لصاحب الدَّيْن شهود، فيجب على الْمَدِين أن يوصِي بقضاء دَيْنِه وجوبًا، إلا إذا كان به بينة، فإنه إذا كان به بينة لا يمكن أن يضيع، ولكن بشرط أن تكون البينة موجودة معلومة موثوقة، ثلاثة شروط.

فإن كانت البينة قد ماتت، هو يعرف أن فلانًا وفلانًا يشهدان على أن في ذمته لفلان كذا، لكن مات الرجلان، فوجود هذه البينة وعدمه سواء، لماذا؟ لأن صاحب الحق يضيع حقه إذا لم توجد بينة.

الشرط الثاني أيش؟ أن تكون معلومة، فإن لم تكن معلومة فلا فائدة منها، يجب أن يوصِي، ومعنى معلومة أن البينة معلومة في المكان الفلاني، وبكل سهولة يمكن أن نستدعيهما، أما إذا كانت غير معلومة كرجل أشهد على دَيْنِه، شهد بذلك فلان بن فلان الفلاني، وكان ذلك في موسم الحج، والشاهدان من الحجاج، وذهبوا، هل هذه البينة معلومة؟ غير معلومة، ثم لو فُرِض أنها معلومة غير مقدور على إحضارها، إذا قَدَّرْنا أنهم من عمال في أمريكا أو في روسيا ويش يجيب ها دول؟ !

الشرط الثالث: موثوق، فإن كانت البينة غير موثوقة، يعني يعرف أن هذين الرجلين لو شَهِدَا عند الحاكم لرَدّ شهادتهما، فلا فائدة من ذلك، وسواء رد شهادتهما لفسقهما، أو لقرابة بينهما وبين مَن له الحق، أو لغير ذلك.

طالب: (

).

ص: 2514

الشيخ: على ما اخترناه تدخل الواجب لا على المذهب.

طالب: أحسن الله إليك، لو كان الأمر وارث واحد (

)، هل يجوز له أن يوصي لهذا الوارث بزيادة على أخيه؟

الشيخ: كيف؟

الطالب: له وارث واحد فقط، ليس له وارث آخر.

الشيخ: ليس له وارث آخر.

الطالب: إي نعم، يريد أن يوصي لهذا الوارث زيادة على حقه.

الشيخ: كيف زيادة على حقه؟

الطالب: يعني كان له بنت واحدة.

الشيخ: كيف تقول: له وارث واحد، وتقول: له بنت واحدة ورَجَّال؟

الطالب: (

) يريد أن يوصي لها زيادة على نصيبها.

الشيخ: ولا له عاصب؟

الطالب: ما له عاصب.

الشيخ: هذه سترث المال فرضًا ورَدًّا، أفهمتم؟ لو أوصى لكل وارث بمقدار حقه، يجوز؟ مثلًا: له أربعة أولاد، فقال: أوصيت لفلان بالربع، ولفلان بالربع، ولفلان بالربع، ولفلان بالربع، يجوز ولَّا ما يجوز؟

طالب: لا.

الشيخ: يجوز ما فيه إشكال، ما فيه ظلم لأحد، لكن لو أوصى لوارث بمعين بقدر حقه، بأن كان له أربعة أبناء، وكان عنده أربع شقق قيمتها متساوية، فهل يجوز أن يوصي لكل واحد من الأبناء بشقة تساوي حقه؟

طالب: (

).

الشيخ: لماذا؟

طالب: (

).

الشيخ: ما بينهم تنافس، الحقيقة كلهم واحد، كلهم على شارع واحد، والشارع أعلاه وأسفله واحد.

طالب: (

).

الشيخ: يقول لك: عمارة فيها أربعة شقق متساوية تمامًا، وكلهم بالدور الأسفل، وكل ها الصبغ واحد والببان واحدة.

طالب: (

).

الشيخ: أوصى.

الطالب: (

).

الشيخ: أيش لون؟

الطالب: (

).

الشيخ: إي، ما يخالف، لكن بينهم فرق، إذا لم يُوصِ صاروا شركاء في الأربع على وجه مشاع، الآن كل واحد له شقته، هو –مثلًا- خاف يتنازعون فيما بنهم، قال: أبغي أوصي لكل واحد بهذا المعين الذي هو بقدر حقه.

طالب: (

).

ص: 2515

الشيخ: دعنا من الإجازة، الإجازة ما فيها شيء، على كل حال المذهب يرون أنه لا بأس به، لا بأس أن يوصي الشخص لوارث معين بشيء معين بقدر حقه، والقول الثاني: لا يصح، وهذا القول أصح، فعلى هذا يكون الأخ موافقًا للقول الأصح؛ أنه ما يُوصِي لهم، حتى لو كانت متساوية من كل وجه.

لنفرض أنها سيارات كلها موديلها واحد ولونها واحد، وفي كل شيء، المذهب يقول: لا بأس، ولكن القول الراجح: لا، أنه لا يجوز؛ لأن كل وارث حقه مشاع في التركة، فكيف نلزمه بأن نفرز حقه بدون رضاه، ثم إنه ربما يحصل تشاحن فيما بينهم، ثم إن الموصِي قد يقدِّر أن قِيَمَها واحدة، وهي مختلفة. (

)

***

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف رحمه الله تعالى في كتاب الوصايا: وإن لم يَفِ الثلث بالوصايا فالنقص بالقسط، وإن أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث صحّت، والعكس بالعكس، ويعتبر القبول بعد الموت وإن طال لا قبله، ويثبت الملك به عقب الموت، ومَن قَبِلَها ثم رَدَّها لم يصح الرد، ويجوز الرجوع في الوصية، وإن قال: إن قَدِمَ زيد فله ما أوصيتُ به لعمرو، فقَدِم في حياته فله، وبعدها لعمرو، ويُخْرَج الواجب كله من دَيْن وحج وغيره من كل ماله بعد موته وإن لم يُوصِ به، فإن قال: أدوا الواجب من ثلثي بُدِئ به، وإن بقي منه شيء أخذه صاحب التبرع وإلا سقط.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ما هي الوصية الجائزة؟ يعني مستوية الطرفين؟

طالب: أن يوصي بكل ماله ولا وارث له.

الشيخ: أن يوصي بكل ماله ولا وارث له، ولو أوصى بثلثه وليس له وارث جاز من باب أولى، ما هي الوصية المحرَّمة؟

طالب: أن يوصي لوارث، أو أن يوصِي بأكثر من الثلث لغير وارث.

ص: 2516

الشيخ: أن يوصي لوارث بشيء ولو قليل، أو بأكثر من الثلث لغير الوارث، جيِّد، نأخذ الدرس الجديد.

قال المؤلف رحمه الله: (وإن لم يَفِ الثلث بالوصايا فالنقص بالقسط) سبق أنه يُبْدَأ بالأول فالأول في العطية، وأن الوصايا يُسَوَّى بين المتقدِّم والمتأخِّر، فإذا أوصى لجماعة وزادت الوصية على الثلث، فإن النقص يكون بالقسط، فلو أوصى لشخص بألف، ولآخر بألفين، ولثالث بثلاثة، وماله تسعة آلاف، فهنا مجموع الوصايا ستة آلاف، يزيد على الثلث، فهل نبدأ بالأول فالأول، أو نأخذ بالأكثر، أو ماذا؟

يقول المؤلف: (النقص بالقسط)، وكيفية ذلك أن تنسب الثلث إلى مجموع الوصايا، فما بلغ بالنسبة فلكل واحد من وصيته بمثل تلك النسبة، الطريقة أن تنسب أيش؟ أن تنسب الثلث إلى الوصايا، فما بلغ من النسبة فلكل واحد من وصيته مثل تلك النسبة.

في مثالنا الذي مَثَّلْنَا مجموع الوصايا كم؟ ستة آلاف، والثلث ثلاثة آلاف، انسب الثلث إلى مجموع الوصايا يكون النصف، فأعطِ كلَّ واحد نصف ما أُوصِي له به، فنعطي صاحب الألف؟

طلبة: (

).

الشيخ: وصاحب الألفين؟

طلبة: (

).

الشيخ: وصاحب الثلاثة ألف وخمس مئة، الجميع ثلاثة آلاف، وهو الثلث، هذا هو الطريق أن تنسب الثلث إلى مجموع الوصايا، فما بلغ في النسبة فلكل واحد مثل هذه النسبة مما أُوصِيَ له به.

يقول رحمه الله: (وإن أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث صحَّت، والعكس بالعكس)، سبق أنه لا يحل له أن يوصي لوارث، لا بقليل ولا بكثير، فما هو الوقت الذي يعتبر فيه كونه وارثًا؟ الموت، لا وقت الوصية، فإذا أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث فالوصية صحيحة.

مثال ذلك: أوصى لأخيه الشقيق، ثم وُلِدَ له بعد ذلك ابن، كان الأخ الشقيق عند الوصية وارثًا، ثم لما وُلِدَ للموصِي ابن صار الأخ غير وارث، فتصح الوصية له.

ص: 2517

(والعكس بالعكس)، لو كان له ابن وأخ، فأوصى للأخ، ثم مات الابن فورثه الأخ، فالوصية أيش؟ غير صحيحة، الوصية غير صحيحة، لماذا؟ لأنه صار عند الموت وارثًا، فتبطل الوصية ويَكْتَفِي بما قُدِّرَ له من الميراث.

المهم القاعدة أن اعتبار كون الموصَى له وارثًا أم غير وارث هو وقت الموت دون الوصية.

العطية هل هي كالوصية، أو المعتبَر وقت الإعطاء؟

في هذا خلاف بين فقهائنا رحمهم الله، فمنهم من قال: إن العطية كالوصية، يُعْتَبَر في كون المعطَى وارثًا أو غير وارث وقت الموت.

ومنهم من قال: بل هو وقت الإعطاء، لأنه وقت ملكه إياه، وحسب ما قال المؤلف في عَدّ من تفارق به الوصية العطية: أن تكون العطية أيش؟ كالوصية؛ لأنه لم يذكر أنها تفارقها باعتبار كون المعطَى وارثًا أو غير وارث، الموت أو وقت الإعطاء.

قال: (ويعتبر القبول بعد الموت وإن طال)، قبول مَن؟ قبول الموصَى له الوصية يُعْتَبَر بعد الموت، فلو قَبِل قبل الموت فالقبول غير صحيح، لو أنه أوصى له ببيت، أوصى رجل لآخر ببيت، وقَبِلَ الموصَى له البيت من حين ما علم بالوصية، فهل يصح القبول وينتقل ملك البيت إلى الموصَى له أو لا يصح؟ الجواب: لا يصح؛ لأن الوصية لا تنفذ إلا بعد الموت.

إذن قبوله وعدمه سواء، ما دام الموصِي على قيد الحياة، يُعْتَبَر بعد الموت، ولو بعد موته بلحظة، لو طال، يعني أُخْبِر بأن فلانًا أوصى له بالبيت، ولم يقبل في الحال، تأخر قبوله فلا بأس بهذا؛ لأن المعتبر القبول بعد الموت ولو طال، ولا يشترط أن يقبل حين عِلْمِه بالوصية؛ لأن أصل الوصية قبل أن يموت الموصِي عقد جائز، فكذلك أيضًا قبل أن يقبل الموصى له هي عقد جائز، إذا شاء قبله وإذا شاء رد، صار من شرط قبول الموصَى له أن يكون قبوله أيش؟ بعد الموت، فإن قبل قبله فلا عبرة بقبوله.

ص: 2518

قال: (ويثبت الملك به عقب الموت)، (يثبت الملك به) أي: بالقبول، (عقب الموت)، ولو طال الزمن بين موت الموصِي وقبول الموصَى له، وعلى هذا فما حدث من نماء بين موت الموصِي وقبول الموصَى له فهو للموصَى له؛ لأنه يثبت ملكه للموصَى به من حين مات الموصِي.

مثال ذلك: رجل أُوصِيَ له ببيت، وكان يؤجَّر في اليوم الواحد بمئة ريال، ثم لم يقبل الموصَى له إلا بعد عشرة أيام، كم النماء؟ ألف ريال، قَبِلَ الموصَى له الوصية، فألف ريال التي بين موت الموصِي وقبول الموصَى له تكون للموصَى له؛ لأن المؤلِّف يقول:(يثبت الملك به) أي: بالقبول (عقب الموت) أي: من حين مات الموصِي؛ مع أنه بالأول ليس على ملكه، كان بالأول محتمل أن يكون للورثة أو للموصَى له، لكن لَمَّا قَبِل انسحب الملك بأثر رجعي كما يقولون، فصار النماء من موت الموصِي إلى قبول الموصَى له للموصَى له، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.

وقال بعض العلماء -وهو المذهب-: إنه لا يثبت الملك إلا بالقبول؛ لأنه قبل أن يقبل ليس ملكه، فلا يثبت الملك إلا بالقبول، وبناء على هذا ففي مثالنا السابق تكون ألف ريال لمن؟ للورثة؛ لأن ملك الموصَى له للموصَى به لم يثبت إلا بعد قبوله.

والمسألة محتملة، يعني كلام المؤلف رحمه الله له قوة؛ لأن ملكه للموصَى به ملكًا مُرَاعًى من قبل، فهو ملك من حين زال ملك الموصِي عنه، وملك الموصِي عنه متى يزول؟ بالموت، والمذهب له وجهة نظر أيضًا؛ لأنه لم يثبت ملكه إياه إلا بالقبول، فكيف يكون نماء ملك غيره له؟ فالمسألة مترددة بين هذا وهذا، والقاضي إذا تحاكم الورثة والموصَى له عنده يرجح ما يراه راجحًا.

(ومَن قَبِلَهَا ثم ردها لم يصح الرد)، (مَن قَبِلَها) أي: الوصية، أي: الموصَى به ثم ردها لم يصح الرد؛ لأنها دخلت ملكه، لكن لو قبلها الورثة، أي: قبلوا رده للوصية صار ابتداءَ هبةٍ لهم من الموصَى له.

ص: 2519

مثاله: أوصى رجل بهذا البيت لفلان، فقَبِلَ فلان، صار البيت أيش؟ له، ثم بعد ذلك نَدَّمَه بعض الناس، قال: كيف ترضى أن تأخذ شيئًا موصى لك، فجاء إلى الورثة وقال: يا جماعة أنا تعجلت وقبلت الوصية، وأنا الآن أردها، فقال الورثة: لا نقبل، فقال: أردها، قالوا: لا نقبل، أردها، لا نقبل، من نأخذ بقوله، بقول الورثة أو بقوله هو؟ بقول الورثة؛ لأنه لما قبلها دخلت ملكه، لكن لو قَبِلَ الورثة الرد صار ابتداء عطية، كأنه أعطاهم من جديد، وبناء على ذلك لو كان له غرماء، وكان محجورًا عليه، فإن هبته للورثة غير صحيحة؛ لأنه محجور عليه.

(ومَن قبلها ثم ردها لم يصح الرد)، قال:(ويجوز الرجوع في الوصية)، يجوز لمن؟ للموصِي، أن يرجع في وصيته، وذلك لأنها تبرع معلَّق بالموت، ولم يحصل الموت، فله أن يرجع.

مثال هذا: أوصى رجل بهذا البيت يسكنه الفقراء، أوصى به ليسكنه الفقراء، فهو أوصى به لله صدقة، ثم بعد ذلك رجع وقال: فسخت وصيتي، يصح أو لا يصح؟ يصح.

فإن قال قائل: أليس أخرجه لله؟ قلنا: فالجواب بلى، فهو الرجل يعزل الدراهم ليتصدق بها، أو يكيل الطعام لتصدق به، ثم يبدو له فيرجع، فالرجوع صحيح؛ لأنه لم يخرج عن ملكه، فهذا الذي رجع في وصيته ولو كانت صدقة لله رجوعه صحيح؛ لأنها لم تخرج عن ملكه.

لكن كيف الرجوع؟ الرجوع بالوصية يكون بالقول ويكون بالفعل، فإذا قال: اشهدوا أني قد رجعت في وصيتي، أو أني فسخت وصيتي، فهذا رجوع؟ اللهم صَلِّ على محمد، القول؟ قال: اشهدوا أني رجعت بوصيتي، أو فسخت وصيتي، هذا بالقول بالقول طيب، بالفعل؛ كتب بيده: إني قد أوصيت بالدار الفلانية لسكنى الفقراء، ولكني رجعت في وصيتي هذا أيش؟

طلبة: (

).

الشيخ: قولان مشهوران، هذا بالفعل يا إخوان، بالفعل كَتَبَ ما نطق ولا بكلمة، هذا بالفعل.

مثال ثالث: أوصى بالبيت أن يكون سكنًا للفقراء، ثم باعه، باع البيت، هذا رجوع بأيش؟

طلبة: بالفعل.

الشيخ: بالفعل؟

طلبة: نعم.

ص: 2520

الشيخ: نعم، بالفعل؛ لأنه لما باعه نقل ملكه، فبطلت الوصية لانتقال ملك الموصِي عن الموصَى به.

إذن الرجوع يكون بالقول وبالفعل، والفعل إما كتابة، وإما تصرف يدل على الرجوع.

أوصى بهذا البيت لسُكْنَى الفقراء، ثم أَجَّرَه، هذا رجوع بأيش؟

طلبة: (

).

الشيخ: ليس رجوعًا، صحيح؛ لأنه لم ينقل ملكه، الملك باقٍ حتى مع التأجير، وإذا قُدِّر أنه مات فالإجارة تبقى إلى أن تتم المدة، ثم يسكنه الفقراء؛ لأنه موصًى به لهم، أفهمتم؟

(يجوز الرجوع في الوصية)، إذا قال قائل: كيف جاز الرجوع في الوصية؟

قلنا: لأنها لا تنفذ إلا بعد الموت، ومن هنا نعلم صحة الْهِبَة المشروطة بشرط، خلافًا للمذهب، مثل أن يقول لشخص: إن تزوَّجْت فقد وهبتُ لك هذا البيت تسكنه أنت وزوجتك، يجوز أو لا يجوز؟ يجوز؛ لأن المسلمين على شروطهم إلا شرطًا أَحَلَّ حرامًا، أو حرَّم حلالًا، والصحيح أن جميع العقود يجوز فيها التعليل، إلا إذا كان هذا التعليل يُحِقّ باطلًا أو يُبْطِلُ حقًّا.

(وإن قال: إن قدم زيد فله ما أوصيت به لعمرو، فقدم في حياته فله، وبعدها لعمرو)، (إن قال) مَن؟ الموصِي، (إن قدم زيد فله ما أوصيت به لعمرو، فقدم في حياته)، فهنا يكون الموصَى به لزيد؛ لأنه قَدِمَ قبل أن يملك عمرو الوصية، وبعده لعمرو، قدم بعده فإنه يكون لعمرو، لماذا؟ لأنه لَمَّا تُوُفِّيَ الرجل تعلق حق الموصَى له بهذه العين، ولا يمكن أن نُبْطِل حقه من أجل قدوم زيد، وهذا مبني على ما سبق من جواز الرجوع في الوصية؛ لأنه لَمَّا قال: إن قَدِمَ زيد فله ما أوصيت به لعمرو، هذا رجوع في الوصية.

ثم قال: (ويخرج الواجب كله).

إن كان فيه أسئلة.

طالب: أوصى (

) فلم يعلم (

) ..

الشيخ: إلا بعد؟

الطالب: إلا بعد زمن (

) والبيت له نماء، (

) ..

الشيخ: نعم.

الطالب: هل نقول: إنه يتبع (

الشيخ: متى حضرت الدرس؟

الطالب: من أوله.

الشيخ: من أوله، ألم تأتنا هذه المسألة بعينها؟

ص: 2521

الطالب: (

).

الشيخ: سبحان الله! أيش تقولون؟

طلبة: (

).

الشيخ: جاءتنا هذه بعينها.

طالب: (

).

الشيخ: لا، ولو قبل، راجع الشريط.

طالب: (

) على التراخي، ولكن إلى متى التراخي؟

الشيخ: نعم؟

الطالب: (

).

الشيخ: إي، هذا عاد إذا تضرر الورثة فهم (

).

الطالب: (

).

الشيخ: إي، إما أن تقبل وإما لا تقبل؛ لأن هذا ضرر.

الطالب: يا شيخ، -مثلًا- لو كانوا أغنياء (

الشيخ: ما يخالف (

).

الطالب: إي.

الشيخ: إلى قبول، إلى أن يموت.

الطالب: نريد ضابطًا لهذه المسألة.

الشيخ: أبدًا، التراخي ما له ضابط، لكن إذا تضمن ضررًا على الغير أُلْزِم.

الطالب: تصور هذه المسألة، (

).

وبعدَها لعمرٍو، ويَخْرُجُ الواجبُ كلُّه من دَيْنٍ وحَجٍّ وغيرِه من كلِّ مالِه بعدَ موتِه وإن لم يُوصِ به، فإن قالَ: أَدُّوا الواجِبَ من ثُلُثِي بُدِئَ به، فإن بَقِيَ منه شيءٌ أَخَذَه صاحبُ التَّبَرُّعِ وإلا سَقَطَ.

(بابُ الْمُوصَى له)

تَصِحُّ لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُه، ولعَبْدِه بِمَشاعٍ كثُلُثِه، ويَعْتِقُ منه بقَدْرِه، ويَأخُذُ الفاضلَ، وبمائةٍ أو بِمُعَيَّنٍ لا تَصِحُّ له، وتَصِحُّ بحَمْلٍ ولحَمْلٍ تَحَقَّقَ وُجودُه قَبْلَها، وإذا أَوْصَى مَن لا حَجَّ عليه أن يَحُجَّ عنه بأَلْفٍ صُرِفَ من ثُلُثِه مَؤُونَةُ حَجَّةٍ بعدَ أُخرى حتى يَنْفَدَ، ولا تَصِحُّ لملكٍ وبَهيمةٍ ومَيِّتٍ، فإن وَصَّى لحَيٍّ ومَيِّتٍ يُعلَمُ مَوْتُه فالكُلُّ للْحَيِّ، وإن جَهِلَ فالنصْفُ، وإن وَصَّى بمالِه لابْنَيْهِ وأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّا فله التُّسُعُ.

(بابُ الْمُوصَى به)

ص: 2522

تَصِحُّ بما يَعْجِزُ عن تَسليمِه كآبِقٍ وطَيرٍ في الهواءِ، وبالمعدومِ كما يُحْمَلُ حيوانُه وشجرتُه أبدًا أو مُدَّةً مُعيَّنَةً فإن لم يَحْصُلْ منه شيءٌ بَطَلَتِ الوَصِيَّةُ، وتَصِحُّ بكلبِ صَيْدٍ ونحوِه، وبزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ وله ثُلُثُهما ولو كَثُرَ المالُ إن لم تُجِزِ الوَرَثَةُ، وتَصِحُّ بمجهولٍ كعَبدٍ وشاةٍ، ويُعْطَى ما يَقَعُ عليه الاسمُ العُرْفِيُّ،

يقول: (وبعدها لعمرو، ويُخْرَج الواجب كله من دَيْن وحج وغيره من كل ماله بعد موته وإن لم يُوصِ به).

إذا مات الإنسان يتعلق بتركته خمسة حقوق، أولًا: تجهيزه، ثانيًا: الدَّيْن برَهْن، وثالثًا: الدَّيْن الْمُرْسَل، ورابعًا: الوصية، والخامس: الإرث.

فنقدِّم ما يتعلق بالتجهيز، فلو مات وخَلَّف مئة ريال وهو لا يُجَهَّز إلا بمئة جَهَّزْنَاه بها، حتى وإن كان عليه دَيْن؛ لأن تجهيزه بمنزلة ثياب الْمُفَلَّس وطعامه وشرابه، الحاجة الشخصية، فكما أن الْمُفَلَّس الذي عليه الديون لا نبيع ثيابه التي عليه، ولا نأخذ طعامه الذي يأكله؛ لأن هذا تتعلق به حاجته بنفسه.

بعد ذلك الدَّيْن الذي برهن، ثم الدَّيْن الذي بغير رهن، الديون تُخْرَج قبل كل شيء، يقول المؤلف رحمه الله:(من كل ماله)، لا من الوصية، من كل المال، ثم بعد ذلك الوصية، ثم بعدها الميراث، سواء أوصى بالدَّيْن أو لم يُوصِ.

وقول المؤلف رحمه الله: (مِن دَيْن وحج وغيره) يشمل الكفارات إذا كان عليه كفارات، والزكاة إذا كان عليه زكاة؛ لأن هذا واجب لله عز وجل، الحج كذلك.

ولنضرب لهذا مثلًا برجل تُوُفِّيَ وأوصى بالثلث، وعليه دَيْن، الدَّيْن عشرة آلاف ريال، ولَمَّا تُوُفِّي لم نجد عنده إلا عشرة آلاف ريال، ماذا نصنع؟

طلبة: الدَّيْن.

الشيخ: يُقْضَى دَيْنُه حتى وإن كان أوصى بشيء يبطل، حتى لو أوصى بشيء معيَّن نُبْطِل الوصية ونبيعه في الدَّيْن، الدَّيْن مُقَدَّم على الوصايا وعلى المواريث.

ص: 2523

ولعل قائلًا يقول: أليس الله تبارك وتعالى قَدَّم الوصية على الدَّيْن، فقال:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا} [النساء: 11]، في الآية الثانية:{يُوصَى بِهَا} [النساء: 12]، وفي الآية الثالثة:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]، {يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]، فبدأ بالوصية، والقاعدة أنه يُبْدَأ بأيش؟ بالأهم فالأهم؟

فالجواب عن هذا من وجهين؛ أولًا: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قَضَى بالدَّيْن قبل الوصية (1).

ثانيًا: أن الحكمة في تقديم الوصية هو الاعتناء بها؛ لأن الوصية لا مُطَالِب بها، والدَّيْن له مُطَالِب، فالوصية لما كانت لا مُطَالِب بها ربما يتوانى الورثة في تنفيذها، أو يجحدونها أيضًا، والدَّيْن لا يمكنهم هذا، لو أنهم توانوا في قضائه فصاحبه يطالب، فهذا هو الحكمة في تقديمها وهو الاعتناء بها؛ لأنها أيش؟ لا مُطَالِب بها، فيُخْشَى أن يتوانى الورثة في تنفيذها أو يجحدوها نهائيًّا، لذلك قُدِّمَت على الدَّيْن.

الخلاصة: يُقْضَى الدَّيْن قبل الوصية، وبعد قضاء الدَّيْن نرجع للوصية وننظر، إن استغرقت أكثر من ثلث الباقي بعد الدَّيْن لم ينفُذْ منها إلا الثلث؛ ثلث الباقي بعد الدَّيْن.

فإذا قَدَّرْنا أن رجلًا عنده أربعون ألفًا، وعليه عشرة آلاف دَيْنًا، وقد أوصى بالثلث، فكم نجعل الوصية في هذه المسألة؟

طلبة: عشرة آلاف.

الشيخ: عشرة آلاف؟

طلبة: نعم.

الشيخ: ولو أننا اعتبرنا الوصية قبل الدَّيْن لكان ثلاثة عشرة ألفًا وثلاث مئة وثلاثة وثلاثين وثلثًا، لكننا لا نعتبر الوصية إلا بعد قضاء الدَّيْن، فنُخْرِج أولًا الدَّيْن ثم ننظر ثلث الباقي ونُنَفِّذ منه الوصية.

ص: 2524

ولهذا قال: مِن كل ماله بعد موته وإن لم يُوصِ به، يعني: وإن لم يُوصِ بقضائه هذا الميت الْمَدِين؛ لأنه حق واجب عليه، وسبق لنا أنه إذا كان هذا الدَّيْن ليس به بينة فإنه يجب عليه أيش؟ أن يُوصِيَ به.

(فإن قال -يعني الميت-: أَدُّوا الواجب من ثلثي، بُدِئَ به)، الميت قال: أَدُّوا الواجب من ثلثي؛ الحج أو الكفارة أو الدَّيْن، نَفْصِل الثلث عن التركة ونبدأ به، نُخْرِج الدَّيْن من الثلث، فإما أن يزيد الدَّيْن على الثلث، وإما أن ينقص، وإما أن يساوي، أنتم معي ولَّا طائرين؟ !

إذا قال: أَدُّوا الواجب عليَّ من زكاة أو غيرها من الثلث، ماذا نصنع؟ نعزل الثلث ثم نبدأ بقضاء الواجب عليه، إما أن ينقص الثلث عن الواجب، أو يزيد، أو يساوي؛ إن ساوى فالأمر واضح، يعني قال: أدوا الواجب من ثلثي، ولما مات وفرزنا التركة وجدنا أن الثلث عشرة آلاف، وأن الدَّيْن عشرة آلاف، ماذا نصنع؟ نُخْرِج الثلث، ولا يكون له وصية؛ لأنه أوصى أن يُقْضَى الدَّيْن من الثلث، وقد أديناه.

لما أفرزنا التركة وجدنا أن الثلث سبعة آلاف، والدَّيْن عشرة آلاف، ماذا نصنع؟ نأخذ من بقية التركة، يعني نوفي الواجب سبعة آلاف ونأخذ الثلاثة الباقية من التركة، وهذا واضح.

الصورة الثالثة: قال: أَدُّوا الواجب من ثلثي، وثلثه عشرة آلاف، أحصينا الواجب وجدناه سبعة؟ نُخْرِج سبعة في الواجب، والباقي تبرعًا، الباقي نصرفه في أعمال تطوعية.

استمع يقول المؤلف: (إن قال: أدوا الواجب من ثلثي بُدِئَ به، فإن بقي منه شيء -منه أي: من الثلث شيء- أخذه صاحب التبرع، وإلَّا -يعني وإلا يبقى شيء- سقط) صاحب التبرع.

وقوله: (وإلا)، يدخل تحتها صورتان:

الصورة الأولى: أن يكون الثلث بقدر الدَّيْن.

والصورة الثانية: أن يكون الدَّيْن أكثر من الثلث، واضح؟

ص: 2525