الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقينا بالأيش؟ بالفعل، هل يُشْرَع السجود لفعله نسيانًا، كما لو نسي فرفع يديه عند السجود إلى حذو منكبيه ثم سجد، هل نقول: يشرع أن يسجد، نعم أو لا؟ كذلك لو نسي وقال:(سبحان ربي الأعلى) وهو راكع، ثم ذكر وقال:(سبحان ربي العظيم)، هل يسجد أو لا؟
الفقهاء رحمهم الله قالوا في السنن القولية: إذا أتى بها في غير موضعها شُرِعَ له سجود السهو، يُسَنُّ له سجود السهو.
فإذا قال: (سبحان ربي الأعلى) في الركوع، ثم ذكر وقال:(سبحان ربي العظيم)، قلنا أيش؟
طالب: يشرع.
الشيخ: يُسَنُّ أن يسجد للسهو، الأفعال لم يتكلموا عليها كلامًا بينًا واضحًا، ولكن ينبغي أن يقال: هي كالأقوال ولا فرق، لكن كأنهم فرَّقوا بينها بأن الأفعال اليسير منها لا يُبْطِل الصلاة.
اليسير منها -الحركات اللي سبق لنا الكلام عليها- لا يبطل الصلاة، فإذا أتى بها فإنه لا يُشْرَع له سجود السهو؛ لأنه يسير، وليس عليه شيء.
بخلاف الأقوال، الأقوال لو أتى بقول لا يُشْرَع في الصلاة كالكلام بطلت الصلاة ولو كان يسيرًا.
والذي يظهر لي أن المسنونات فعلًا وتركًا يُسَنُّ لها سجود السهو ولا يجب، أفهمتم؟
[باب سجود السهو]
ثم قال المؤلف رحمه الله: (باب سجود السهو)، (سجود) مضاف إلى (السهو).
(سجود السهو) من باب إضافة الشيء إلى سببه، يعني السجود الذي سببه السهو، واعلم أن السهو يتعدى بـ (في) ويتعدى بـ (عن)، إن تعدى بـ (عن) فهو مذموم، وإن تعدى بـ (في) فالإنسان غير ملوم.
مثال المتعدي بـ (عن) قول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5].
وإن تعدى بـ (في) فالإنسان غير ملوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» . (28)
يقول المؤلف رحمه الله: (يُشْرَعُ لزيادة ونقص وشك).
هذه أسباب السجود: زيادة، نقص، شك؛ الزيادة معروفة، كأن يركع مرتين في الركعة، ويسجد ثلاثًا، والنقص كأن يسجد مرة واحدة، والشك هو التردد، هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، وهذا الإجمال سيأتي مُفَصَّلًا إن شاء الله.
(لا في عمد) يعني: لا يُشْرَع السجود في عمد؛ لأن العمد إما أن يُبْطِل الصلاة، وإما أن يُعْفَى عنه، وليس فيه السجود.
ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» ، فجعل السجود منوطًا بالنسيان.
قال: (في الفرض والنافلة) اعرف الفرض.
طالب: الذي فرضه ..
الشيخ: عدها، عد عليَّ المفروضات.
الطالب: صلاة الفجر.
الشيخ: الفجر.
الطالب: الظهر.
الشيخ: ظهر.
الطالب: العصر.
الشيخ: عصر.
الطالب: المغرب.
الشيخ: مغرب.
الطالب: العشاء.
الشيخ: عشاء، باقي شيء؟
طلبة: نعم.
الشيخ: باقي.
طالب: الجمعة.
الشيخ: جمعة، باقي.
طالب: العيدين.
الشيخ: عيد.
طالب: شيخ، الوتر، يا شيخ.
الشيخ: الوتر، على قول، الكسوف على قول.
طالب: النذر.
الشيخ: النذر عارض هذا، ما يعتبر شيئًا ثابتًا، على كل حال الفريضة والنافلة سواء في السهو، وما توهَّمَه بعض العوام أن النافلة لا سهو فيها خطأ لا شك؛ لأن النافلة صلاة.
هل يُشْرَع سجود السهو فيما كان سجودًا مجردًا، كسجود التلاوة مثلًا؟
طالب: لا يُشْرَع.
الشيخ: يعني لو نسي أن يقول: سبحان ربي الأعلى، في سجود التلاوة، هل نقول: يُسَنُّ أن يسجد للسهو؟
طلبة: لا.
الشيخ: ليش؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: لأنه يلزم من هذا أن يكون الجابر أكثر من المجبور، ولأن العلماء مختلفون هل سجود التلاوة صلاة أو لا.
لو سها في سجود السهو؛ نسي أن يقول: سبحان ربي الأعلى، في إحدى السجدتين، يسجد أو لا يسجد؟
طلبة: لا يسجد.
الشيخ: لا يسجد، وهذه وقعت عند الرشيد مع الكسائي وأبي يوسف؛ الكسائي إمام الكوفيين في النحو، وأبو يوسف معروف؛ أحد صاحبي أبي حنيفة، فقال الكسائي: إن الإنسان إذا تبحر في علم فَهِمَ جميع العلوم، فقال له أبو يوسف: أرأيت إذا سها في سجود السهو؟
قال: إذا سها في سجود السهو لم يسجد للسهو.
قال: أين أصلها في علمك؟ يعني في النحو.
قال: أصلها في علمي أن الْمُصَغَّر لا يُصَغَّر.
والظاهر لي أن هذه الحكاية مصنوعة لا شك، مصنوعة موضوعة؛ لأن مثل هذا لا يمكن أن يتكلم فيه الكسائي وهو بحضرة الخليفة، هذا من أبعد ما يكون، لكن ذكرناها.
بدأ المؤلف بالزيادة، قال:(فَمَتَى زَادَ فِعْلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ). انتبه! (فِعْلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ) احترازًا مما لو زاد فعلًا من غير جنس الصلاة، فقد سبق أن أقسامه كم؟
طلبة: خمسة.
الشيخ: خمسة، لكن إذا زاد من فعل الصلاة قيامًا، أو قعودًا، أو ركوعًا، أو سجودًا؛ قيامًا مثل أن يقوم إلى خامسة في الرباعية، أو رابعة في الثلاثية، أو ثالثة في الثنائية، قام ثم ذكر ورجع.
أو قعودًا؛ مثل أن يقوم من السجدة الثانية ويجلس ظنًّا منه أن هذا محل التشهد الأخير، هذه زيادة أيش؟ قعود.
أو ركوعًا، كأن يركع مرتين.
أو سجودًا، كأن يسجد، كم؟
طلبة: ثلاثًا.
الشيخ: ثلاث مرات، نعم.
(عمدًا بطلت)، لا شك أنه إذا زادها عمدًا تبطل الصلاة، الدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (10)، ومعلوم أن الزيادة في الصلاة تجعلها غير مأمور بها، فتكون باطلة.
(وسهوًا يسجد له)، يعني: إن زاد قيامًا أو قعودًا أو ركوعًا أو سجودًا سهوًا يسجد له.
والصلاة، ويش حكمها؟
طلبة: صحيحة.
الشيخ: الصلاة صحيحة، لكن يسجد له، وجوبًا أو جوازًا؟ يسجد وجوبًا، فإن نسي سجد متى ذَكَرَ، إن ذَكَر عن قرب، وإن طالت المدة سقط.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا طالت المدة يسجد؛ لأن هذا السجود جابر، والجابر يجوز أن يتأخر عن المجبور، بدليل أن الإنسان إذا ترك واجبًا في الحج وذبح الفدية بعد شهر أو شهرين أجزأه، لكن الذي يترجح عندي أنه إذا طال الفصل فلا يسجد، وما دام قد نسي يعفو الله عنه.
(وإن زاد ركعة فلم يعلم حتى فرغ منها سجد)، سجد ركعة مثل أن ..
طلبة: خامسة.
الشيخ: خامسة في رباعية، قام وقرأ، وركع وسجد، لما كان في التشهد علم أنه قد زاد ركعة، فماذا يصنع؟ يقول: سجد إذا فرغ منها، وهل يسجد قبل السلام أو بعده؟ يأتينا إن شاء الله أنه يسجد بعد السلام؛ لأنه عن زيادة.
(وَإِنْ عَلِمَ فِيهَا جَلَسَ فِي الْحَالِ فَتَشَهَّدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ).
(إِنْ عَلِمَ فِيهَا) أي: في الركعة الزائدة.
(جَلَسَ فِي الْحَالِ) حتى لو شرع في القراءة، حتى لو ركع، وقال: سمع الله لمن حمده، ثم ذكر بعد الركوع أن هذه الركعة زائدة يجب عليه أن يجلس؛ لأن هذه زائدة، ولو تمادى فيها لتمادى في شيء محرَّم مُبْطِل للصلاة.
(وَإِنْ عَلِمَ فِيهَا جَلَسَ فِي الْحَالِ فَتَشَهَّدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ، وَسَجَدَ وَسَلَّمَ).
(تشهد إن لم يكن تشهد) كيف؟ نعم؛ لأنه ربما يتشهد، يعني: يجلس بعد السجدة الثانية وتشهد، ثم يبدو له أنه باقٍ عليه ركعة، ثم يقوم، لما قام ذكر أنه لم يَبْقَ عليه شيء، فهنا نقول: ارجع.
هل يتشهد أو لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا يتشهد؛ لأنه تشهد أولًا تشهدًا يظن أن ذلك مكانه، فلا يلزم بالعبادة مرتين، (فيتشهد إن لم يكن تشهد وسجد وسلم).
وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه يسجد هنا قبل السلام، وهذا هو المذهب؛ أنه لا يسجد بعد السلام إلا في موضعين فقط، يأتي إن شاء الله ذكرهما.
والصواب أنه في هذه الصورة إذا زاد ركعة فإنه يسجد ..
طلبة: بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام.
(وسجد وسلم، وَإِنْ سَبَّحَ بِهِ ثِقَتَانِ فَأَصَرَّ، وَلَمْ يَجْزِمْ بِصَوَابِ نَفْسِهِ بَطُلَتْ صلَاتُهُ).
(إن سبح به ثقتان).
(سبح به) أي: بالإمام.
(ثقتان)، أي: رجلان، أو امرأتان.
والمراد بالثقة مَن يثق بقوله؛ لعلمه أنه حريص على صلاته، لا أنه ممن إذا دخلوا في الصلاة ذهبوا في البر والبحر، يعلم أنه رجل متدين حريص على الصلاة، محضرًا لها.
(إذا سبح به ثقتان) يعني قالَا: سبحان الله، والمرأتان، أيش تعملان؟
طلبة: تصفقان.
الشيخ: تصفقان، هل من شرط الثقة أن يكون الْمُسَبِّح بالغًا؟ أجيبوا.
طلبة: لا.
الشيخ: هذا مَبْنِيٌّ على أنه هل يُعْمَل بأذان الْمُمَيِّز أو لا يُعْمَل؟ بأذان المميز الذي لم يؤذِّن معه بالغ، أو لا يُعْمَل؟
فمن قال: إن أذان الْمُمَيِّز لا يصح ولا يُعْتَمَد عليه.
قال هنا: لا يُعْتَمَد كلام الصغير، بل لا بد أن يكون بالغًا.
والذي يظهر أن المسألة مَرَدُّها إلى الثقة، قد يكون بعض المراهقين عندهم من التثبت ما ليس عند كثير من البالغين، والمقصود هو أيش؟ الثقة.
ولأن الإمام أحيانًا يبني على ظنه، وإذا نَبَّهَهُ أدنى مُنَبِّه أيش؟ ذكر، حتى وإن كان صغيرًا.
وقوله: (فأصرَّ)، على أيش؟ على الزيادة.
أَصَرَّ على الزيادة، (وَلَمْ يَجْزِمْ بِصَوَابِ نَفْسِهِ بَطُلَتْ صلَاتُهُ)، فإن جزم بصواب نفسه فلا عبرة بالمنبه.
يعني لو أنه قام إلى الخامسة ونَبَّهَهُ الْمُصَلُّون، كل المصلين، استمر؛ لأنه يجزم أنه على صواب، والمصلون: سبحان الله! سبحان الله! وهو مستمر. سبحان الله! سبحان الله! مستمر، كيف يُسَكِّتُهُم؟
طالب: (
…
).
الشيخ: يقول: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ؛ لأن القنوت معناه هنا السكوت، كما قال زيد بن أرقم.
المهم كيف يجزم بصواب نفسه وأهل المسجد كلهم يُخَطِّؤُونَه؟
يكون هذا فيما لو ترك قراءة الفاتحة في إحدى الركعات، الجماعة لا يعلمون عنها؛ لأن القراءة؟
طلبة: سرًّا.
الشيخ: سرية، وهو يدري، يعرف أنه باقٍ عليه ركعة الآن، فقام وسَبَّحَ الناس وأَصَرَّ؛ لأنه يجزم بصواب نفسه، هنا نقول: يجب عليه أن يستمر في صلاته ولا يرجع إلى قول هؤلاء، ولكن يجب عليه إذا سلَّم أن ..
طالب: يُبَيِّن.
الشيخ: يُبَيِّن لهم حتى لا يقعوا في إشكال.
يقول: (بطلت صلاته، وصلاة مَن تَبِعَهُ)، ولكن يقيد هذا بما إذا كان قيامه وزيادته تكميلًا للصلاة.
وعُلِمَ من قول المؤلف رحمه الله أنه إذا تردد في الأمر يرجع إلى قول الثقتين؟
طالب: نعم.
الشيخ: أو لا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يرجع، إذا تردد، ما جزم، يرجع إلى قولهما، لو ترجح عنده أن الصواب معه؟
طالب: يرجع.
الشيخ: يرجع أو لا؟
طلبة: لا يرجع.
الشيخ: يرجع إلى قولهما؛ لأنه قال: (ولم يجزم بصواب نفسه)، وهذا ما جزم، فإذا سَبَّحَ به الْمُصَلُّون خلفه وهو لم يجزم أنه على صواب يجب أن يرجع؛ لأن يقينهم مُقَدَّمٌ على ظنه، والصلاة يا إخواني مشتركة، المأمومون خلف الإمام، الصلاة للجميع، فإذا تيقنوا وليس عنده إلا ظن وجب عليه أن يرجع إلى قولهم.
قال: (بطلت صلاته وصلاة من تبعه عالمًا لا جاهلًا أو ناسيًا ولا مَن فارقه).
وهذه الساعة عندها براعة اختتام؛ لأننا نفارق المجلس الآن الليلة، وإلى الليلة القادمة إن شاء الله.
وما عَدَا الشرائطَ والأركانَ والواجباتِ المذكورةَ سُنَّةٌ، فمَنْ تَرَكَ شَرْطًا لغيرِ عُذرٍ - غَيْرَ النِّيَّةِ، فإنها لا تَسْقُطُ بحالٍ - أو تَعَمَّدَ تَرْكَ رُكنٍ أو واجِبٍ بَطَلَتْ صَلاتُه، بخِلافِ الباقي وما عدا ذلك سُنَنُ أقوالٍ وأفعالٍ، ولا يُشْرَعُ السجودُ لتَرْكِه، وإن سجَدَ فلا بَأْسَ.
(باب سجود السهو)
يُشْرَعُ لزيادةٍ ونَقْصٍ وشَكٍّ، لا في عَمْدٍ في الفَرْضِ والنافلةِ، فمتى زَادَ فِعْلًا من جِنْسِ الصلاةِ؛ قِيامًا أو قُعودًا أو رُكوعًا أو سُجودًا
فإن قال قائل: أيهما أفضل الواجب أو السنة؟ قلنا: الأفضل الواجب، بدليل السمع والعقل.
الدليل السمعي على أن الواجب أفضل من السنة قوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» (1)، وهذا صريح:«مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» .
أما الدليل العقلي؛ فإن إيجاب الله له على العباد يدل على تأكده، وأنه لا يستقيم الدين إلا به، وعدم إلزام الله العباد بالسنة يدل على أنها ليست كتأكد الواجب، وما كان أوكد ففعله أحب إلى الله بلا شك، لولا شدة محبة الله له ما ألزم الله به العباد.
ومن العجب أن الشيطان يخفف على الإنسان أن يتصدق بالعشرة من ماله، ويثقِّل عليه أن يؤدي درهمًا واحدًا زكاةً عن ماله، تجد الناس في باب الزكاة أشحاء بخلاء يلتمسون الرخص؛ لعلهم يجدون عالمًا يقول: ليس عليكم زكاة في هذا، لكن في باب الصدقة ما يهمه أن يتصدق بأكثر من الزكاة، يجيء لشخص يقول: (
…
) جزاك الله خيرًا، أفتنا: ما تقول في الدين إذا كان على معسر، هل فيه زكاة؟ قال: نعم، فيه الزكاة؛ لأنه ملكك؛ تملك أن تسقطه، وتملك أن تطالب به، ولو مت لورث عنك، فهو مالك، فعليك الزكاة في الدين ولو كان على شخص معسر، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، قال: طيب، أنا أطلب فقيرًا خمسين ألف ريال، خمسين ألف ريال كم فيها؟
طلبة: ألفان ونصف يا شيخ.
الشيخ: ألف ومئتان وخمسون.
طالب: ألف وسبع مئة وخمسون.
الشيخ: فيها ربع العشر، كم عشر الخمسين؟
طالب: عشرة.
طلبة: خمسة.
الشيخ: خمسة آلاف، كم ربعه؟ ربع الخمسة ألف ومئتان وخمسون.
طالب: ألف وسبع مئة وخمسون.
الشيخ: لا، ألف ومئتان وخمسون.
قال: أسوق ألفًا ومئتين وخمسين على دين عند معسر، عندي في هذه الفتوى نظر، يقول وهو عامي: اذهب إلى عالم آخر، ذهب إلى عالم آخر قال: ما تقول في دين على معسر هل فيه زكاة؟ قال: لا، الدين اللي على معسر كالمعدوم؛ لأنك لا يمكنك أن تطالب به، ولا أن تطلب الشخص، {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، قال: هذا القول هو الراجح؛ ليش؟ لأنه وافق الهوى.
فأقول: إن الناس الآن في باب الزكاة تجد الواحد منهم يلتمس الرخص من أقوال أهل العلم، لكن في باب الصدقة يسهل عليه.
حتى في الصلاة الآن؛ في صلاة الفريضة يأتي الشيطان يلعب على الإنسان في الوساوس، ويفتح عليه كل باب، فإذا جاءت النافلة خشع خشوعًا عجيبًا، وهذا من الشيطان؛ لأنه إذا كنت تعطي النافلة شيئًا فأعط الفريضة أضعافه؛ أشياء؛ لأنها أحب إلى الله، وهي رأس مالك في الحقيقة.
المؤلف يقول هنا: (وما عدا ذلك من الشرائط والأركان والواجبات المذكورة سنة)، ثم بين المؤلف رحمه الله الأحكام لكل واحد من هذه الأشياء الأربعة، فقال:(فمن ترك شرطًا لغير عذر غير النية فإنها لا تسقط بحال) يعني: بطلت صلاته، من ترك شرطًا لغير عذر بطلت صلاته، ولعذر لا تبطل.
مثال ذلك: صلى عريانًا وهو قادر على الستر، نقول: ترك شرطًا لغير عذر، فتبطل صلاته.
صلى إلى غير القبلة وهو يعلم القبلة، باطلة؛ لأنه ترك شرطًا لغير عذر.
ترك الوضوء وصلى، فصلاته باطلة؛ لأنه ترك الشرط من غير عذر.
إذا تركه لعذر صحت الصلاة، فلو صلى بغير وضوء ولا تيمم لعدم القدرة عليهما صحت صلاته.
استثنى المؤلف رحمه الله النية؛ لأن النية محلها القلب، ولا يمكن العجز عنها، لكن في الحقيقة يمكن النسيان فيها، مثل: أن يأتي الإنسان ليصلي الظهر، ثم يعزب عن خاطره نية الظهر وينوي العصر، وهذا يقع كثيرًا، هل تصح صلاته أو لا؟
طلبة: ما تصح.
طالب: على القول الراجح: ما تصح.
الشيخ: ما تصح؛ لماذا؟ لأنه ترك التعيين، عيَّن خلاف فرض الوقت، فلا تصح؛ لأن النية لا تسقط بحال.
بقي أن يقال: لو صلى الإنسان قبل الوقت جاهلًا، فما حكم صلاته؟ صلاته غير صحيحة، ويجب عليه إعادة الصلاة بعد دخول الوقت، وهذا مما يستدرك على المؤلف؛ لأن ظاهر قوله:(لغير عذر) أن هذه الصورة التي ذكرت تصح فيها الصلاة، مع أن الصلاة لا تصح، فكلام المؤلف فيه شيء من الاستدراك على حسب التفصيل الذي مر علينا.
قال: (أو تعمد ترك ركن أو واجب بطلت صلاته) إذا تعمد ترك الركن أو الواجب بطلت صلاته، مثل أن يتعمد ترك الركوع ويسجد من القراءة إلى السجود، فصلاته باطلة.
لو أنه ندم وهو ساجد، ثم قام وأتى بالركوع، ينفع ولَّا لا؟
طلبة: لا ينفع.
الشيخ: انتبهوا يا جماعة، بعد أن سجد تاركًا للركوع عمدًا نَدِم، ثم قام وأتى بالركوع، لا ينفعه؟
الطلبة: لا ينفعه.
الشيخ: نعم، لا ينفعه؛ لأنه تركه عمدًا، وبمجرد تركه وسجوده تبطل صلاته، فعليه أن يعيد الصلاة من جديد.
لو ترك التشهد الأول متعمدًا حتى قام، ثم ندم ورجع، تبطل صلاته؟
الطلبة: تبطل.
الشيخ: وإن رجع؟
الطلبة: وإن رجع.
الشيخ: وإن رجع؛ لأنه تعمد تركه، وإذا تعمد ترك واجب بطلت صلاته.
طالب: (
…
) سجود السهو؟
الشيخ: إي، باقٍ.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: لا (
…
).
طالب: لو كان تردد يا شيخ هل هو سنة أو واجب؛ تردد في نفسه؟
الشيخ: يأتي به ويَسْلَم.
الطالب: (
…
) العبادة؟
الشيخ: إي نعم، يأتي به وبعدين يسأل.
طالب: في مسألة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (
…
) استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ» (2)، الحديث، لكن في التعوذ قالوا: إن مذهبنا سنة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ» (3) (
…
)؟
الشيخ: الصحيح -كما مر علينا- أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الأقرب أنها سنة، وليست بواجبة ولا ركن.
طالب: التعوذ يا شيخ؟
الشيخ: التعوذ ذكرنا فيما سبق أن فيه قولًا لبعض أهل العلم -وهو وجه لأصحاب الإمام أحمد- بوجوبه، وذكرنا أن طاوسًا أمر ابنه لما أخبره بأنه لم يتعوذ، أمره أن يعيد الصلاة (4).
طالب: شيخ، جزاك الله خيرًا، ذكرنا في صفة الصلاة أنه لا يشرع أن يزيد على: رب اغفر لي أكثر من مرة بين السجدتين، وهنا يقول:(يسن ثلاثًا)؟
الشيخ: إي نعم، ذكرنا دليلهم هنا، لكن ذكرنا فيما سبق أنه لا يشرع إلا في صلاة الليل.
الطالب: وهنا يقول: (يسن)؟
الشيخ: هنا (
…
) مطلقًا المؤلف، لكن الأقرب الأول.
طالب: كل واجب أفضل من تطوع، قاعدة هذه؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: بعض الفقهاء يذكرون مثلًا الوضوء ثلاث مرات، يقول: أفضل من مرة، وهذا الواجب، وهذا يسن، وقول مثلًا الأذكار في الصلاة: سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى، الواجب واحد، ويسن ثلاثة؟
الشيخ: هذا ما هو مشكلة؛ لأن الذي يأتي بالثلاث قد أتى بالواحد.
الطالب: ما هو بأفضل (
…
) يا شيخ؟
الشيخ: لكن هذا زائد، هذا أتى بالواجب وزيادة، إذا قال: سبحان ربي العظيم، ثلاث مرات، فقد أتى؟
الطالب: بالواجب.
الشيخ: وزيادة، إذا توضأ ثلاث مرات فقد أتى بالواجب وزيادة، وهذا ما فيه إشكال، واستثناؤه غلط، بعض العلماء استثنى هذا، لكن غلط.
استثنى بعض العلماء أيضًا السلام، قال: ابتداؤه سنة، وردُّه فرض، وهذا الاستثناء فيه نظر؛ وذلك أننا نقول: من قال: إن ابتداء السلام أفضل من رده؟ يعني: لنا أن نمنع ونقول: رده أفضل من ابتدائه، ولنا أن نسلم ونقول: ابتداؤه أفضل من رده، لكن نقول: وصار الابتداء أفضل من الرد؛ لأنه هو سبب الرد، والرد مبني عليه؛ لولا السلام ما حصل الرد.
استثنى بعضهم أيضًا شيئًا ثالثًا، قال: إبراء المعسر أفضل من إنظاره، المعسر: المدين، وإنظاره واجب، وإبراؤه سنة، فهنا السنة أفضل من الواجب.
هذا الاستثناء أيضًا فيه نظر؛ ليش؟ لأن الإبراء يشتمل على الإنظار وزيادة، المبرئ خلاص، ما هو مطالب هذا لا في الدنيا ولا في الآخرة، والمنظِر يطالبه إذا أيسر.
فالمهم أن بعض الناس استثنى أشياء، ولكنها في الحقيقة لا تستثنى، والله عز وجل قال:«مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ» (1)، كلام الله عز وجل، وكل ما ادُّعِي أنه مستثنى ففيه نظر، إي نعم.
طالب: يا شيخ، بعض العلماء يذكر في تفسير القرآن، يقول: يفسر القرآن بالقرآن أولًا، فإن لم يوجد فبالسنة، أليس الواجب أن يفسر القرآن بالقرآن والسنة معًا؛ يعني: لا يبحث في القرآن أولًا؟
الشيخ: أصله ما يوجد مثال تعارض تفسير السنة وتفسير القرآن.
الطالب: يعني: ظاهر عبارتهم أليس فيها .. ؟
الشيخ: لا، أبدًا، قصدهم معلوم: أول من نرجع إليه في تفسير الكلام من تكلم به.
طالب: شيخ، قلنا: إنه إذا صلى قبل دخول الوقت فبطلت صلاته وهو ناسٍ؟
الشيخ: إي نعم، لا تسقط بها الفريضة، لكن له أجر، تكون نافلة في حقه، إي نعم.
الطالب: ويعيد الصلاة؟
الشيخ: ويعيد الصلاة.
الطالب: طيب، يا شيخ ما يقاس على الصيام؟
الشيخ: نعم.
الطالب: يعني: الصيام لما أفطروا والدنيا غيم وطلعت الشمس لم يأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعادة (5)، وهذا فرضٌ وهذا فرضٌ؟
الشيخ: ما رأيك لو أن رجلًا ظن أن رمضان شعبان وصام في شعبان شهرًا كاملًا، ثم قدم البلد وقالوا له: غلطت بالحساب، واحد مثلًا بره صام شعبان كله، يوم صار يوم واحد من رمضان عيد، فلما قدم البلد قيل: هذا أول يوم من رمضان؟
الطالب: لا، يا شيخنا.
الشيخ: يعيد ولَّا ما يعيد؟
الطالب: يعيد.
الشيخ: نفس الشيء، أما هذاك فهو فعل محذور؛ الإفطار فعل محذور، وفعل المحذور يعذر فيه الجاهل والناسي.
(
…
) على أركان وواجبات وشروط وسنن، فما مصدر هذا التقسيم؟
طالب: التتبع.
الشيخ: التتبع.
الطالب: تتبع الأحاديث؛ السنن اللي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: أو الأدلة عمومًا حتى يشمل القرآن.
الطالب: عموم الأدلة تبين أن الصلاة فيها فرائض وأركان وواجبات.
الشيخ: وسنن.
هل يعتبر هذا التقسيم بدعة، أو وسيلة إلى تقريب الشريعة للأمة؟
طالب: لا يعتبر بدعة؛ لأنه ليس مقصودًا به العبادة، بل مقصود به شيء ثانٍ، فهو من باب تقريب الوسيلة.
الشيخ: إي، إذن وسيلة لتقريب ..
الطالب: الفهم فقط منها.
الشيخ: الفهم والشرع للأمة.
هل الوسائل تعتبر كالمقاصد والغايات؛ بحيث لا نأتي بوسيلة إلا إذا ثبتت بعينها عن الشارع، أو نقول: إن الوسائل أوسع من الغايات، فكل ما كان وسيلة لشيء فله حكم ذلك الشيء؟
الطالب: الوسيلة (
…
).
الشيخ: يعني (
…
) الأول، وأيش تقولون يا جماعة، توافقونه؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: نعم، لكن يستثنى من ذلك أن تكون الوسيلة محرمة بعينها، فهذه لا يجوز أن تستخدم.
لو قال قائل: أنا بأدعو هؤلاء الجماعة؛ كفار بأدعوهم بالضرب على الربابة والعود وأغنية فلان وفلان من الأغاني الخليعة، ليش يا أخي؟ قال: عشان (
…
) للإسلام، يجوز هذا ولَّا لا؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز، إذن انتبهوا لهذه النقطة؛ لأن بعض الناس الآن يشتبه عليهم الأمر، يظنون أن الوسائل غايات ويقولون: لا بد أن تثبت الوسيلة بعينها عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإلا فلا نقبلها ونقول: أنت مبتدع؛ ولهذا يبدعون الفقهاء في تقسيمهم هذه الأشياء إلى واجبات وأركان وشروط.
فنحن نقول: الشرع مقاصد ووسائل؛ المقاصد غايات لا يمكن أن نغير فيها ولا أن نستبدلها بغيرها، والوسائل لها أحكام الغايات ما لم تكن محرمة بعينها، فإن كانت محرمة بعينها فهي حرام.
يقول المؤلف رحمه الله: إن من أركان الصلاة القيام، فهل يستثنى من هذا شيء؟
طالب: نعم، يستثنى ما إذا كان مسبوقًا، أو يستثنى إذا كان على الراحلة.
الشيخ: اصبر، سلَّمك الله، القيام؟
الطالب: العاجز.
الشيخ: المؤلف يقول: القيام ولم يفصِّل، أولًا هل هذا على عمومه أو يستثنى منه شيء؟
الطالب: يستثنى منه شيء.
الشيخ: ما الذي يستثنى؟
الطالب: العاجز.
الشيخ: العاجز.
الطالب: والذي لا يعلم القبلة.
الشيخ: ما .. القيام، وين القبلة في القيام؟
الطالب: يصلي على الراحلة في النافلة.
الشيخ: يعني: النافلة إن صلى الراحلة.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: وإلا فالقيام ركن؟
الطالب: نعم.
الشيخ: تأكد يا أخي؟
الطالب: العاجز.
الشيخ: طيب، هذا العاجز.
الطالب: المريض.
الشيخ: المريض داخل في العاجز.
الطالب: المعذور، إذا واحد ما عليه ..
الشيخ: الخائف يعني؟
الطالب: لا، ما عليه هدوم وصلى جالسًا.
الشيخ: العاري يعني؟
الطالب: العاري.
الشيخ: العاري، طيب، هذا واحد، اثنان يعني.
طالب: إمام الحي إذا صلى قاعدًا.
الشيخ: أيش؟ إذا صلى قاعدًا وهو عاجز دخل في قولنا: عاجز، إمام الحي.
طالب: النافلة مطلقًا.
الشيخ: والنافلة، طيب هذه ثلاثة.
الطالب: والمأمومون إذا صلوا مع إمام ابتدأ صلاة ..
الشيخ: والمأموم إذا صلى خلف إمام يصلي قاعدًا، هذه أربعة.
طالب: والخائف.
الشيخ: الخائف، هذه خمسة.
طالب: ما لم يصل إلى حد الركوع (
…
).
الشيخ: أيش هذا؟ لا، هذا قائم.
طالب: ما أدري هل هذا من العاجز ولَّا لا؟ بالنسبة إذا كان في مكان ضيق وما يقدر يعني ..
الشيخ: هذا عاجز يا شيخ، يخرق السقف؟ ! ما يقدر.
طالب: إذا أدرك الإمام راكعًا هل يسقط عنه القيام؟
الشيخ: لا، ما يسقط، خمسة أشياء.
ما هو الدليل على أن القيام ركن؟
طالب: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ» .
الشيخ: «فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ» .
الطالب: نعم.
الشيخ: واللي بيسبغ الوضوء يتوضأ قائم.
الطالب: «ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ» (6).
الشيخ: وين القيام؟
الطالب: استقبل القبلة قائمًا يعني ..
الشيخ: مين قال: قائمًا؟ أنا الآن مستقبلها وأنا قاعد.
الطالب: النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي قائمًا، ورَدَ عنه.
طالب آخر: الدليل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].
الشيخ: أحسنت، هذا من القرآن. من السنة؟
طالب: حديث عمران بن الحصين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَجَالِسًا» .
الشيخ: «فَقَاعِدًا» .
الطالب: «فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبَيْكَ» (7).
الشيخ: طيب، أحسنت. ما هو الدليل على استثناء العاجز؟
طالب: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
الشيخ: تمام، و {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
والدليل على استثناء النفل؟
طالب: الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْجَالِسِ» .
الشيخ: «الْقَاعِدِ» .
الطالب: «الْقَاعِدِ عَلَى نِصْفِ صَلَاةِ» .
الشيخ: «عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَجْرِ صَلَاةِ» .
الطالب: «الْقَائِمِ» .
الشيخ: «الْقَائِمِ» (8).
ما هو الدليل على استثناء من صلى خلف من يصلي قاعدًا؟
طالب: فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى قاعدًا فقام الصحابة، فأشار إليهم أن اجلسوا، أو قول الرسول صلى الله عليه وسلم بمعنى الحديث: إذا صلى الإمام جالسًا فصلوا جلوسًا.
الشيخ: «إِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا» (9).
طيب، الدليل على استثناء الخائف؟
طالب: قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 238، 239].
الشيخ: الغالب أن اللي يمشي رجليه بيصير واقف؛ قائم.
الطالب: الخائف ..
الشيخ: الراكب يمكن يصير يركب وهو جالس.
الطالب: لعموم الأدلة.
الشيخ: أيش الأدلة؟
الطالب: أن الله سبحانه وتعالى قال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
الشيخ: إي نعم، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
ذكر المؤلف رحمه الله أن من الأركان الجلوس بين السجدتين، ما هو الدليل؟
طالب: فعله عليه الصلاة والسلام، وقوله:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (10).
الشيخ: ما يصح هذا الدليل.
الطالب: قوله: «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ جَالِسًا» (11).
الشيخ: من يقول له؟
الطالب: للمسيء صلاته.
الشيخ: المسيء صلاته، «حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا» .
ذكر المؤلف رحمه الله أن الترتيب ركن، فما هو الدليل على أنه ركن؟ الترتيب يعني: تبدأ بالركوع ثم بالسجود؛ يعني معروف؟
طالب: الدليل الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أمر المسيء في صلاته أمره بقيامه إلى الأركان مرتبة لم يقدم منها شيئًا على شيء ..
الشيخ: مرتبة بأيش؟
الطالب: مرتبة بالفعل.
الشيخ: مرتبة بأي واسطة؟
الطالب: بـ (ثُم).
الشيخ: زين، مرتبة بـ (ثم).
الطالب: و (ثم) تفيد الترتيب، وأيضًا محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة على هذه الصفة؛ أنه لا يقدم شيئًا على شيء، وقوله:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (10).
الشيخ: هذه اثنتان، ثالثًا؟
الطالب: دليل؟
الشيخ: نعم.
الطالب: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]، فالركوع قبل السجود.
الشيخ: فبدأ الله بالركوع قبل السجود، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«أَبْدَأُ» .
الطالب: «بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» (12).
الشيخ: «بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» ، طيب، لكن أصرحها الأول؛ حديث المسيء في صلاته (11).
ذكر المؤلف أن التشهد الأخير ركن، وأن التشهد الأول واجب، فما دليله في كل منهما؟
طالب: الدليل على ركنية التشهد الأخير قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إنا كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: سلام من عباده على الله، وسلام على جبرائيل وميكائيل، وسلام على فلان وفلان (13)، الشاهد قوله: قبل أن يفرض علينا التشهد، وخرج التشهد الأول (
…
) سجود السهو لما نسيه النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: وأيش تقولون يا جماعة، صحيح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، فقوله: قبل أن يفرض علينا التشهد، يقتضي أن يكون التشهدان فرضين، ثم جبر التشهد الأول بسجود السهو يدل على أنه ليس بركن.
ذكر المؤلف رحمه الله أن التكبير من واجبات الصلاة غير التحريم، ما هو الدليل؟
طالب: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» (14)، ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ..
الشيخ: «إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» ، فأمر؟
الطالب: بالتكبير.
الشيخ: بالتكبير، طيب.
الطالب: «وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» .
الشيخ: خليك معي، هذه واحدة، والأمر للوجوب، دليل آخر؟
الطالب: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ..
الشيخ: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على التكبير، كما رواه الصحابة عنه: أنه يكبر كلما خفض وكلما رفع (15).
الطالب: وقوله: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (10).
الشيخ: طيب، هل يستثنى من هذا شيء؟
طالب: التكبير استثنى في الاستسقاء يا شيخ.
الشيخ: كيف؟ المؤلف رحمه الله يقول: (التكبير ما عدا التحريمة) ما هذا الاستثناء في التحريمة، هل معناه أنها ليست بواجبة، ولَّا ويش معناه؟
طالب: نعم.
الشيخ: نعم، يعني التحريمة غير واجبة؟
الطالب: نعم، تكبيرات الإحرام يعني ركن.
الشيخ: هو قال: (التكبيرات غير التحريمة).
الطالب: إي نعم، التكبيرات غير التحريمة.
الشيخ: يعني إذن التحريمة ليست بواجبة، كذا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: وأيش نوعها؟
الطالب: لأنها ركن.
الشيخ: صحيح يا جماعة؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: إي نعم، واجب وزيادة؛ لأنها ركن.
هل يستثنى من التكبير غير التحريمة شيء؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: المسبوق أو العيدين.
الشيخ: اصبر، المسبوق كيف يعني؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: المسبوق متى؟
الطالب: إذا لحقه وهو في الركوع.
الشيخ: إذا دخل مع الإمام راكعًا.
الطالب: فيكبر تكبيرة الركن في الركوع.
الشيخ: يكبر تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الركوع تعتبر؟
طالب: تعتبر واجبة، ولكن إذا تركها (
…
).
الشيخ: أيش واجب؟ إذا كانت تعتبر واجبًا فلا وجه للاستثناء، شوف ترى بعض الطلبة يكون فاهمًا وعارفًا، لكن عند السؤال يرتبك.
الطالب: (
…
).
الشيخ: وأيش يدل عليه؟
طالب: بعض الناس طبيعته هكذا.
الشيخ: يدل على أحد أمرين؛ إما أنه لم يفهم جيدًا وخاف يقع في حفرة، وإما أن فيه شيئًا من الجبن.
يستثنى؟
طالب: يستثنى المسبوق.
الشيخ: المسبوق إذا أدرك الإمام راكعًا، وهذا صحيح.
الطالب: والعيدين؛ التكبير للعيدين.
الشيخ: تكبيرة الركوع في العيدين ليست واجبة.
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب.
الطالب: وكذلك ..
الشيخ: الجماعة يخالفونك.
الطالب: التكبير للعيدين يا شيخ.
الشيخ: إي هذه، أنا سألتك الآن قلت: التكبير للركوع في العيدين غير واجب.
الطالب: (
…
) التكبير التسع، قصدي سبع وخمس.
الشيخ: إي، الزوائد يعني؟
الطالب: نعم.
الشيخ: تمام، هذه اثنين.
الطالب: (
…
) الاستسقاء يا شيخ.
الشيخ: والاستسقاء تبع لها؛ لأنها كالعيد.
ثالثًا؟
طالب: الجنازة.
الشيخ: تكبيرات الجنازة.
الطالب: ركن.
الشيخ: فإنها كلها أركان.
هذه ثلاثة أشياء، فصار قول المؤلف:(غير التحريمة) يحتاج إلى إضافة، ما هم؟ ثلاثة أشياء؛ إذا أدرك المسبوق الإمام راكعًا، والتكبيرات الزوائد في صلاة العيد، والثالث؟
طالب: الجنازة.
الشيخ: تكبيرات الجنازة، تمام.
المؤلف رحمه الله قال: إن التشهد الأخير ركن، وكذلك جلسته، هل نقول: جِلسته أو جَلسته؟
طالب: جَلسته بالفتح.
الشيخ: بالفتح، لماذا لا نقول: جِلسة؟
الطالب: ليس المقصود الهيئة.
الشيخ: لأن الجلسة ليست ركنًا؛ إذ إن الجلسة هي الهيئة، وهيئة الجلوس ليست ركنًا، الجَلسة بمعنى الجلوس هي الركن، كذا ولَّا لا؟ هل هناك دليل على أن الجلسة للتشهد الأخير ركن؟
طالب: الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم قالوا: علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ (
…
)» (2)، وذكر الحديث.
الشيخ: هذا دليل على أن الجلسة ركن؟
الطالب: لا، دليل على أن التشهد ركن.
الشيخ: يا أخي، أنا أسأل: ما هو الدليل على أن الجلسة للتشهد الأخير ركن؟
الطالب: مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الجلوس.
الشيخ: ما (
…
) غير هذا؟
طالب: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (10).
الشيخ: لا، هذه تكميل لكلام يوسف.
طالب: لأن الجلسة (
…
) التشهد، والتشهد فرض، وهذا جلسته؛ ولهذا (
…
).
الشيخ: صحيح، الجلسة ما فيه تشهد إلا فيه جلسة، الرسول ما يتشهد إلا في الجلسة؛ ولهذا أنا أقول: جلسة الفرض، وجلسة الفرض فرض.
طالب: أيضًا فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (16).
الشيخ: لا، العمومات ما نريدها، إذا أمكن الدليل الخاص.
طالب: فيه دليل عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: «إِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ .. » (17)، هذا يصلح؟
الشيخ: «إِذَا قَعَدَ فَلْيَقُلْ» ما هو إلا ذاك؛ يعني: لا بأس به.
على كل حال كون الرسول ما تشهد إلا (
…
)، وأيضًا الجلسة مضافة إلى فرض فلا بد أن يكون فرضًا.
المؤلف يقول: (ما عدا ذلك فسنن) وأيش مراده أنها سنن؟
طالب: يعني: يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها.
الشيخ: ولا يعاقب تاركها، تمام، اضرب لي مثلًا من القول والفعل؟
الطالب: يعني مثلًا إذا قام ..
الشيخ: سنن قولية وسنن فعلية؟
الطالب: السنة الفعلية ..
الشيخ: سنن قولية وسنن فعلية، أنت حديث عهد بصلاة يا أخي.
الطالب: السنن القولية: قول المصلي ..
الشيخ: رب اغفر لي.
الطالب: رب اغفر لي، لا، قول المصلي في التسبيحات؛ يعني: مثلًا تسبيحه: سبحان ربي العظيم مرة واحدة واجبة، والثانية سنة.
الشيخ: يعني: ما زاد عن الواحد في تسبيح الركوع والسجود؟
الطالب: نعم.
الشيخ: تمام، الفعل؟
الطالب: الفعل: القيام، التشهد ..
طالب آخر: رفع اليدين بعد الركوع.
الشيخ: بعد الركوع؟ ! بعد الركوع ما فيه رفع.
طالب: (
…
).
الشيخ: لا تفسِّر يا أخي، أناقش معه.
الطالب: (
…
).
الشيخ: رفع اليدين بعد الركوع على الركبة، ما فيها رفع.
الطالب: لا، بعدما ترفع.
الشيخ: يعني: رفع اليدين عند الرفع؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: طيب، صحيح يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: هذه سنة أيش؟
الطلبة: فعلية.
الشيخ: سنة فعلية.
ما تقول في الالتفات عند السلام؛ الالتفات يمينًا وشمالًا هل هو ركن ولَّا واجب ولَّا سنة؟
طالب: الظاهر سنة.
الشيخ: والباطن؟ !
الطالب: سنة؛ لأنه قال المؤلف: (ما عدا ذلك فهو سنة).
الشيخ: أحسنت، يعني ممكن نأخذه من كلام المؤلف، ولَّا عاد ما نستفيد بكلام المؤلف؛ لأن كلام المؤلف غير معصوم، لكن يمكن أن نأخذها إذا أردنا أن نمشي على كلام المؤلف أن نأخذها من قوله:(ما عدا ذلك فهو سنة)، وهذا استنباط جيد.
الالتفات الآن كثير من الناس يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، فيلتفت عند قوله: ورحمة الله.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: هذا ما له أثر، ذكرنا هذا؛ أنه يشرع في الالتفات حينما يشرع بالسلام؛ السلام عليكم، والحكمة لأجل أن تأتي الكاف التي للخطاب ووجهه إلى من؟ إلى المصلين.
أحكام هذه الأشياء الأنواع الثلاثة أو الأربعة؛ الشرائط والأركان والواجبات والسنن، كل واحدة لها حكم، الشرط ما حكم تركه؟
طالب: (
…
) الصلاة.
الشيخ: حكم ترك الشرط؟
الطالب: ما تقوم العبادة حتى يأتي بالشرط.
الشيخ: إذا ترك الشرط بطلت الصلاة؟ أجب يا أخي ما فيه شيء.
الطالب: نعم، تبطل الصلاة.
الشيخ: بدون قيد ولا شرط؟
طالب: إذا ترك الشرط والركن متعمدًا بطلت الصلاة، وإذا تركه ..
الشيخ: الشرط؟
الطالب: الشرط إذا تركه لغير عذر تبطل الصلاة.
الشيخ: ولعذر؟
الطالب: ولعذر كذلك.
الشيخ: إذن من تركه مطلقًا.
طالب: من ترك شرطًا لغير عذر بطلت صلاته، وإن كان لعذر فإنها لا تبطل.
الشيخ: طيب، ما رأيك في رجل صلى عريانًا لعدم وجود الثوب؟
الطالب: هذا الرجل معذور.
الشيخ: تصح صلاته؟
الطالب: تصح.
الشيخ: طيب، صلى إلى القبلة عجزًا عن استقبال القبلة؟
الطالب: كذلك تصح صلاته.
الشيخ: ليش؟
الطالب: لأنه معذور.
الشيخ: لأنه معذور، طيب، هل يستثنى من قولنا: من ترك شرطًا لغير عذر لم تصح صلاته، هل يستثنى من هذا شيء؟
الطالب: من الشروط؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: لا يستثنى.
الشيخ: المؤلف ما استثنى شيئًا؟
طالب: استثنى النية.
الشيخ: استثنى النية؟
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب، هل استثناؤه النية؛ أي: أنه إذا ترك النية صحت أو أن الحكم شيء آخر؟
الطالب: الحكم أن النية .. أي: لا يعذر بتركها.
الشيخ: بيَّنها المؤلف قال: (فإنها لا تسقط بحال).
الطالب: نعم.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأن النية محلها القلب، فلا عذر بالعجز عنها.
الشيخ: لا، فلا يمكن العجز عنها.
الطالب: لا يمكن العجز عنها فلا يعذر.
الشيخ: لا يمكن العجز؛ ولذلك لا نقول بالعذر، النية محلها القلب ولا يمكن العجز عنها؛ ولهذا لا نقول: لعذر، صح؟
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب، استفدنا من قول المؤلف:(غير النية فإنها لا تسقط بحال) على أن الصلاة لا تسقط؟
طالب: لا تسقط.
الشيخ: ما دام العقل؟
الطالب: باقيًا.
الشيخ: كذا؟ حتى لو عاجزًا عن الحركة؟
الطالب: أعد السؤال يا شيخ.
الشيخ: أقول: استفدنا من قول المؤلف لا تسقط بحال على أن الصلاة لا تسقط ما دام العقل؟
الطالب: ما دام العقل باقيًا.
الشيخ: طيب، ولو عجز عن الحركة؟
الطالب: لا، إن عجز عن الحركة فإنه يصلي بقلبه.
الشيخ: يعني ما تسقط الصلاة ولو عجز؟
الطالب: ولو عجز.
الشيخ: ولو عجز عن الحركة.
الطالب: نعم.
الشيخ: إي، وأيش تقولون يا جماعة؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، وأما ما ذهب إليه بعض العلماء من أنه إذا عجز عن الحركة سقط وجوب الصلاة، فهذا لا وجه له.
هل يسجد للسهو إذا ترك مستحبًّا، إذا ترك مسنونًا هل يسجد للسهو ولَّا لا؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: يسجد؟
الطالب: نعم.
الشيخ: كيف؟
الطالب: مثاله: إذا ترك الجلسة الأولى.
الشيخ: أي الجلسة الأولى؟
الطالب: الجلسة الأولى.
الشيخ: يعني: الجلسة بين السجدتين؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: وهذه سنة؟
الطالب: هذا ما هو واجب، لكن في السجود للسهو يقبل، يسجد.
الشيخ: الجلسة بين السجدتين واجب؟
الطالب: يسجد ..
الشيخ: أقولك لك: هل الجلسة بين السجدتين واجب؟
الطالب: إي، هي من شروط الصلاة.
الشيخ: (
…
)، شرط؟
الطالب: إي، من الشروط، إذا ترك وما سجدت لازم تسجد سجود السهو، سنة.
الشيخ: الآن -ما شاء الله- صار شرطًا وواجبًا وسنة، باقٍ عليك الصواب، الصواب ما قلته إلى الآن!
طالب: لا يسن السجود إلا إذا استمر؛ يعني: داوم على فعل السنة، يشرع ذلك من تمام الصلاة.
الشيخ: سؤالي الآن الذي وجهناه إلى الأخ: هل الجلوس بين السجدتين سنة أو ماذا؟
طالب: شرط.
الشيخ: شرط.
طالب: بين السجدتين؟
الشيخ: نعم.
طالب: أركان يا شيخ، ركن.
الشيخ: ركن؟
الطالب: نعم.
الشيخ: صحيح، إذن المثال الذي ذكره الأخ ما يصح؛ يعني: تمثيله بالجلسة بين السجدتين غير صحيح، مثِّلْ لنا أنت بمستحب تركه؟
الطالب: داوم على الاستفتاح أو (
…
) الاستفتاح.
الشيخ: لا، خلاص راح عنك.
الطالب: داوم على ذلك.
الشيخ: كيف داوم عليه؟
الطالب: يعني دائمًا يقوله النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: وأيش يقول؟
الطالب: دعاء الاستفتاح: «سُبْحَانَكَ» (18) ..
الشيخ: أقول: مثِّلْ لترك سنة، عشان (
…
) هل يسجد للسهو ولَّا ما يسجد؟ كرجل صلى فترك، كمِّل.
الطالب: مثلًا رجل اعتاد في صلاته يقبِّل يديه عند كل تكبيرة.
الشيخ: كيف؟
الطالب: اعتاد في صلاته ..
الشيخ: أقولك يا أخي: رجل صلى فترك.
الطالب: ترك سنة؟
الشيخ: إي نعم، مثل أيش؟
الطالب: زيادة على التسبيح يا شيخ.
طالب آخر: رجل اعتاد أن يقنت في الفجر أو في الوتر، ثم نسيه، فله أن يسجد للسهو.
الشيخ: طيب، وليش ما تعطونا آلاف الأمثلة؟ عندكم غير هذه الأشياء اللي فيها الخلاف واللي فيها الإشكال.
طالب: فيه دعاء الاستفتاح فيه الاستعاذة، فيه البسملة، فيه ..
الشيخ: يعني: إذن رجل نسي أن يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام؟
الطالب: نعم.
الشيخ: هذه أول سنة تلاقينا في الصلاة، هل يجب سجود السهو؟
الطالب: المؤلف يقول رحمه الله: إنه لا يشرع، وإن عمل فلا بأس.
الشيخ: إذن لا يجب.
الطالب: إي، لا يجب، الوجوب لا يجب، إي نعم، لكن ذكرنا أن ..
الشيخ: ويسن ولَّا ما يسن؟
الطالب: يسن.
الشيخ: على رأي المؤلف؟
الطالب: على القول الراجح، على رأي المؤلف: لا يسن.
الشيخ: على رأي المؤلف: لا يسن، وإن سجد؟
الطالب: فلا بأس.
الشيخ: فلا بأس، وذكرنا أن القول الراجح؟
الطالب: أنه إن واظب على السنة فليسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانَ» (19).
الشيخ: نعم، طيب، وإلَّا؟
الطالب: فلا يسجد.
الشيخ: فلا يسجد.
ما تقول في رجل ترك قول: سبحان ربي العظيم عمدًا؟
طالب: يسجد للسهو.
الشيخ: عمدًا؟
الطالب: عمدًا، ترك واجبًا، تبطل.
الشيخ: تبطل صلاته؛ لأنه ترك واجبًا في الصلاة. طيب، وإن كان سهوًا؟
الطالب: إن كان سهوًا يسجد للسهو.
الشيخ: يسجد للسهو وتصح، تمام.
جماعة صلوا بدون إقامة للصلاة؟
طالب: ليس عليهم شيء.
الشيخ: هل تبطل صلاتهم؟
الطالب: لا، الإقامة سنة.
الشيخ: الإقامة سنة؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: للجماعة؟
الطالب: لكن لا تبطل صلاتهم.
الشيخ: أنت الآن نشوف هل هي سنة ولَّا واجب، جماعة في الحضر؟
الطالب: نعم، واجب.
الشيخ: واجب؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: طيب، صلوا بدون إقامة؟
الطالب: إن كان عمدًا تبطل.
الشيخ: تبطل صلاتهم؟
الطالب: إن قلنا: إن الإقامة واجبة تبطل صلاتهم.
الشيخ: نعم، نقول: واجبة.
الطالب: تبطل صلاتهم.
الشيخ: تبطل صلاتهم؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: طيب، نشوف.
طالب: لا تبطل صلاتهم؛ لأن الإقامة واجبة للصلاة وليست في الصلاة، وسجود السهو أتي به جبرًا لما يحصل في الصلاة، وهذا خارج الصلاة.
الشيخ: إي، ويش تقولون يا جماعة؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، إي نعم، لو تركوا الإقامة مع وجوبها عمدًا لم تبطل صلاتهم؛ لأنها واجب للصلاة وليس واجبًا في الصلاة؛ ولهذا نقول: لو تركوا صلاة الجماعة وصلوا فرادى مع قدرتهم على الجماعة لم تبطل صلاتهم؛ لأن الجماعة واجبة للصلاة لا في الصلاة، واضح يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذن نفرق بين الواجب للشيء والواجب في الشيء؛ الواجب للشيء يأثم الإنسان بتركه، ولكن ما يتعدى هذا الحكم إلى إبطال هذا الشيء، والواجب في الشيء إذا تعمد تركه بطل.
ما هو الدليل على أن الركوع ركن في الصلاة؟
طالب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته.
الشيخ: ويش قال؟
الطالب: «إِذَا قُمْتَ فَكَبِّرْ ثُمَّ ارْكَعْ» .
الشيخ: قال له: «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى» ؟
الطالب: «تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا» (11).
الشيخ: أحسنت، صحيح هذا يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب. ما تقول في رجل سجد قبل أن يركع؟
طالب: عامدًا؟
الشيخ: عامدًا.
الطالب: إذا كان عامدًا بطلت صلاته.
الشيخ: تبطل الصلاة ولَّا يعيد الصلاة؟
الطالب: يعيد الصلاة.
الشيخ: ولا تبطل؟
الطالب: تبطل.
الشيخ: تبطل ويعيدها؟
الطالب: أيوه يعيدها.
الشيخ: ناسيًا؟
الطالب: ناسيًا يسجد للسهو.
الشيخ: يسجد للسهو فقط ولَّا يأتي بالسجود بعد الركوع؟
الطالب: بعد الركوع؟
الشيخ: إي، هو سجد قبل أن يركع، ويش تقول؟
طالب: يأتي بالسجود بعد الركوع.
الشيخ: يأتي بالسجود بعد الركوع ويسجد للسهو، تمام.
***
(
…
) لنا ما ذكره المؤلف رحمه الله من أركان الصلاة وواجباتها وشروطها أيضًا، والجمع بين هذه الثلاثة: أنها كلها واجبة، تبطل الصلاة بتعمد تركها، لكنها تختلف؛ فالشروط سابقة، والواجبات هي ماهية الصلاة.
الفرق بين الأركان والواجبات: أن الأركان لا بد من وجودها والواجبات تسقط بالسهو وتجبر بالسجود، ولكن يجمعها كلها أنها واجبة، لكن يختلف جهة الوجوب.
قال المؤلف رحمه الله: (فمن ترك شرطًا لغير عذر أو تعمد ترك ركن أو واجب بطلت صلاته، بخلاف الباقي).
(الباقي) يعني: الباقي بعد الشروط والأركان والواجبات، فإن الصلاة لا تبطل بتركه ولو كان عمدًا؛ لأنه سنن مكمل للصلاة؛ إن وجد صارت الصلاة أكمل، وإن عدم نقصت الصلاة، لكنها نقص كمال، تنقص نقص كمال لا نقص وجوب؛ ولهذا قال:(بخلاف الباقي) يعني: فلا تبطل به.
(وما عدا ذلك) أي: أركان الصلاة وواجباتها، وكلمة (ما) هنا بمعنى: الذي؛ يعني: والذي عدا ذلك، وليست (ما) التي تدخل على (عدا) الاستثنائية؛ لأنه لم يسبقها ما يستثنى منه، فتكون (ما) اسم موصول بمعنى:(الذي)؛ عدا ذلك، ومعنى (عدا) أي: جاوز ذلك.
(وما عدا ذلك سنن أقوال وأفعال)(سنن أقوال) أي: أقوال يسن قولها، (وأفعال) أي: أفعال يُسَن فعلها.
والسنة عند الفقهاء رحمهم الله غير السنة في اصطلاح الصحابة والتابعين؛ لأن السنة في اصطلاح الصحابة والتابعين تعني الطريقة، وقد تكون واجبة، وقد تكون مستحبة، فقول أنس بن مالك مثلًا: من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعًا، ثم قسم (20)، السنة هنا: الواجبة، وما يذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: من السنة وضع الكف على الكف تحت السرة (21)، فهذا يعني به السنة المستحبة، هذا إن صح الحديث.
لكن عند الفقهاء إذا قالوا: سنة، فإنما يعنون السنة المستحبة فقط، من أجل التبيين والتوضيح، والتفريق للناس بين الواجب الذي لا بد منه وبين المستحب الذي يمكن تركه.
(سنن أقوال) ولنبدأ الصلاة من أولها.
أولًا: تكبيرة الإحرام من الأركان، أليس كذلك؟
طلبة: نعم.
الشيخ: الاستفتاح سنة، البسملة سنة، التعوذ سنة، قول: آمين سنة قولية ولَّا فعلية؟
الطلبة: قولية.
الشيخ: قولية، الزيادة على قراءة الفاتحة سنة قولية، الزيادة على تسبيح الركوع والسجود سنة، الجهر بالقراءة في موضعه سنة، والإسرار في موضعه سنة، ولكن هل هو سنة قولية أو فعلية؟
طالب: فعلية وقولية.
طالب آخر: تشمل.
الشيخ: هي فعلية؛ لأن الجهر صفة القراءة، ليست هي القراءة، بل صفتها، وكذلك طول القراءة أو تطويل القراءة يعتبر سنة فعلية، أما المطوَّل أو المجهور به فإنه قولي.
يقول: (ما عدا ذلك سنن أقوال وأفعال لا يشرع السجود لتركه، وإن سجد فلا بأس).
(لا يُشْرَع) كلمة (يُشرع) عندهم تشمل الواجب والمستحب، فالواجب يُسَمى مشروعًا، والمستحب يُسَمى مشروعًا؛ لأن كلًّا منهما مطلوب للإنسان ومشروع أن يفعله، فقوله:(لا يشرع) يعني: لا يجب ولا يُسَن.
(لا يشرع السجود لتركه).
مثال ذلك: رجل نسي أن يقرأ البسملة في الفاتحة، إذا قلنا بالقول
الصحيح: إنها ليست من الفاتحة، وإنها سنة، فهل يسجد للسهو؟
نقول: لا يشرع له ذلك، لا يشرع له أن يسجد للسهو؛ لأن هذا سنة، إن جاء به فهو أكمل، وإن لم يأت به فلا حرج، وعلى هذا فلا يشرع السجود.
رجل ترك رفع اليدين عند الركوع، ورفع اليدين عند الركوع سنة، هل يشرع أن يسجد للسهو؟
طالب: لا يُشْرع.
الشيخ: لا يُشْرع أن يسجد للسهو؛ لأنه سنة.
وعلى هذا، فكل سنة يتركها المصلي فإن السجود لها غير مشروع، لا على سبيل الوجوب، ولا على سبيل الاستحباب.
هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله، وعلل ذلك: بأنه ترك لا تبطل به الصلاة، فلا يجب به السجود، وإذا لم يجب فلا دليل على مشروعيته؛ يعني: لا دليل على أنه سنة، فلا يكون السجود له مشروعًا، لا على سبيل الوجوب، ولا على سبيل الاستحباب.
ولو ترك الاستعاذة من الشيطان الرجيم، ما الجواب؟
طالب: لا يسجد.
الشيخ: لا يسجد؛ يعني: لا يشرع أن يسجد، قال:(وإن سجد فلا بأس) يعني: إنه لو سجد لا نقول: إن صلاتك تبطل؛ لأنك زدت زيادة غير مشروعة، وهذا مما يدل على أن المؤلف رحمه الله لم يجزم بنفي المشروعية، أو ليس نفي المشروعية في كلامه نفيًا مطلقًا، وإلا لكان السجود بدعة، وكان مبطلًا للصلاة، كما قال به بعض الفقهاء، قال: إنه إذا سجد لترك السنة فصلاته باطلة؛ لأننا إذا قلنا: لا يشرع، صار بدعة، وكل بدعة ضلالة، فإذا سجد فقد أتى بزيادة غير مشروعة، فتبطل الصلاة، لكن المذهب يرون أن السجود لا بأس به، لكنه غير مشروع.
لو فعل هذا المستحب في غير موضعه؛ بأن رفع للانحدار إلى السجود، لما أراد يسجد رفع يديه ناسيًا، فهل يشرع السجود؟ نقول: لا يشرع؛ لأنه إذا لم يشرع السجود لتركه وهو نقص في ماهية الصلاة، فلئلا يشرع لفعله من باب أولى، لكنه لا يبطل الصلاة؛ لأنه من جنسها، إلا أنه سيأتي -إن شاء الله- في باب سجود السهو أنه إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه فإنه يسن له أن يسجد للسهو، كما لو قال: سبحان ربي الأعلى في الركوع، ثم ذكر فقال: سبحان ربي العظيم، فهنا أتى بقول مشروع وهو: سبحان ربي الأعلى، لكن سبحان ربي الأعلى مشروع في السجود، فإذا أتى به في الركوع قلنا: إنك أتيت بقول مشروع في غير موضعه، فالسجود في حقك سنة، كما سيأتي.
فصار خلاصة القول: أن السنن القولية والفعلية لا يشرع لتركها السجود، وإن سجد فللعلماء في ذلك قولان؛ قول ببطلان الصلاة، وقول آخر بعدم البطلان، وهذا هو المشهور من المذهب.
أما إذا أتى بقول أو فعل مستحب في غير موضعه، فهذا نقول: إن كان قولًا فالسجود له سنة، على المذهب، وإن كان فعلًا فإنه لا يشرع له السجود؛ كما لو رفع يديه عند الانحطاط للسجود، نقول: هذا فعل غير مشروع في هذا الموضع، فلا يجب به السجود، ولكن لو سجدت فلا بأس.
وهذا الذي ذكره المؤلف يدل على قاعدة ذكرناها سابقًا، وهو أن الشيء قد يكون جائزًا وليس بمشروع، قد يكون جائزًا في الشريعة الإسلامية؛ يعني: جائز أن تتعبد به، وليس بمشروع أن تتعبد به؛ يعني: لا يقال لك: افعل، وذكرنا لهذا أمثلة فيما سبق يحضرنا منها عدة:
أولًا: فعل العبادة عن الغير؛ كما لو تصدق إنسان لشخص ميت فإن هذا جائز، لكن ليس بمشروع؛ يعني: أننا لا نأمر الناس أن يتصدقوا عن أمواتهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به ولم يفعله هو بنفسه حتى يكون مشروعًا، فهو لم يقل للأمة: تصدقوا عن أمواتكم، أو صوموا عنهم، أو صلوا عنهم، أو ما أشبه ذلك، ولم يفعله هو بنفسه، غاية ما هنالك أنه أمر من مات له ميت وعليه صيام أمره أن يصوم عنه (22)، فرق بين الواجب وغير الواجب.
مثال آخر؟
طالب: الرجل الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
الشيخ: الرجل الذي أمَّره النبي صلى الله عليه وسلم على السرية، بعثه في سرية وجعله أميرًا، فكان يقرأ ويختم لهم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك (23)، ولكنه لم يقل للأمة: إذا قرأتم في صلاتكم فاختموا بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ولم يكن هو أيضًا يفعله عليه الصلاة والسلام، فدل هذا على أنه ليس بمشروع، لكنه جائز لا بأس به.
طالب: التعوذ عند آية الوعيد والسؤال عند آية رحمة في الفرض.
الشيخ: إي نعم، هذا أيضًا من الشيء الجائز الذي ليس بمشروع؛ التعوذ عند آية وعيد والسؤال عند آية رحمة في الفرض، وقد سبق لنا مناقشة هذه المسألة.
الوصال إلى السحر؛ يعني: وصال الصائم إلى السحر جائز؛ يعني: يجوز ألَّا تفطر إلا في آخر الليل، أقره النبي عليه الصلاة والسلام قال:«أَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إِلَى السَّحَرِ» (24)، لكنه ليس بمشروع؛ يعني: لا نقول للناس: الأفضل أن تمسكوا حتى يكون السحر، بل نقول: الأفضل أن تبادروا.
هذه المسألة التي ذكرها المؤلف رحمه الله: إذا ترك سنة قولية أو فعلية في الصلاة؛ فإن سجد قلنا: لا بأس، وإن لم يسجد قلنا: هذا ليس بمشروع.
قال المؤلف: (وإن سجد فلا بأس).
هذا ما قرَّره المؤلف، وعندي أن الإنسان إذا ترك شيئًا من الأقوال أو الأفعال المستحبة نسيانًا وكان من عادته أن يفعله، فإنه ينبغي له أن يسجد؛ يعني: يشرع أن يسجد جبرًا لهذا النقص الذي هو نقص كمال، لا نقص واجب؛ لعموم قوله في الحديث:«لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ» (19)، و «إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» (25)، فإن هذا عام.
أما إذا ترك سنة ليس من عادته أن يفعلها، فهذا لا يسن له السجود؛ لأنه لم يطرأ على باله أن يفعلها.
فالظاهر عندي: أنه إذا ترك سنة كان من عادته أن يفعلها، فإن صلاته تعتبر ناقصة باعتبار الكمال؛ يعني: أنها ناقصة نقص كمال، فيجبر هذا النقص بسجود السهو، لا على سبيل الوجوب؛ يعني: لو ترك سجود السهو فلا حرج عليه.
من جملة المسنونات: الخشوع في الصلاة، وليس الخشوع البكاء، ولكن الخشوع حضور القلب وسكون الأطراف؛ يعني: أن يكون قلبك حاضرًا مستحضرًا ما يقول وما يفعل، ومستحضرًا أنه بين يدي الله عز وجل، وأنه يناجي ربه، ولا شك أنه من كمال الصلاة، وأن الصلاة بدونه كالجسد بلا روح.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الخشوع في الصلاة واجب، وأنه إذا غلب الوسواس على أكثر الصلاة فإنها لا تصح؛ يعني: أنه لو صار أكثر صلاته يهوجس فصلاته غير صحيحة.
وهذه قد تشكل في بادئ الأمر، ويقال: لو قلنا بهذا القول لأوجبنا على الناس جميعًا كلما صلوا أن يعيدوا صلاتهم، وإذا صلوا المعادة وحصل وسواس أعادوا، وهلم جرًّا! لكن عندي أن هذا ليس بوارد؛ لأن الإنسان إذا أمر أن يعيد صلاته مرة واحدة، فإنه في المستقبل سوف يخشع ولا يفكر في شيء.
فالقول بأنه من الواجبات، وأنه إذا غلب الوسواس على أكثر الصلاة بطلت الصلاة، لا شك أنه قول وجيه؛ لأن الخشوع لب الصلاة وروحها، إلا أنه يعكر على وجاهته ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشيطان إذا سمع الأذان أدبر وله ضراط من شدة وقع الأذان عليه، ثم إذا فرغ الأذان حضر، وإذا حضر دخل على الإنسان في صلاته، يقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، اذكر كذا، حتى يصبح لا يدري ما صلى (26)، فهذا الحديث نص في أنه لا يبطل الصلاة؛ يعني: في أن الوسواس -وإن كثر- لا يبطل الصلاة، وكذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» (27)، فإنه يشمل هذه الصورة؛ أعني: يشمل من كثر وسواسه في صلاته.
على كل حال، ينبغي للإنسان أن يحاول بقدر ما يستطيع حضور قلبه في الصلاة، ولا شك أن الشيطان سوف يهاجمه مهاجمة؛ لأنه أقسم بعزة الله أن يغوي جميع الناس إلا عباد الله المخلصين، اللهم اجعلنا منهم، فسيهاجمك، لكن كلما هاجمك استعذْ بالله من الشيطان الرجيم، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم (28)، ولا تزال تمرن نفسك على حضور القلب في الصلاة حتى يكون عادة لك.
[باب سجود السهو]
وبمناسبة هذا نقول: (باب سجود السهو)(سجود السهو) من باب إضافة الشيء إلى سببه، والإضافات -كما تعلمون- كثيرة الأنواع؛ فقد يضاف الشيء إلى زمنه، وقد يضاف إلى مكانه، وقد يضاف إلى سببه، وقد يضاف إلى نوعه، المهم أن الإضافات كثيرة؛ ولهذا يقدرون الإضافة أحيانًا باللام، وأحيانًا بـ (من)، وأحيانًا بـ (في)، وأكثرها تقديرًا ما يقدر باللام، يقدر بـ (في) إذا كان المضاف إليه ظرفًا للمضاف، وبـ (من) إذا كان جنسًا له أو نوعًا، وباللام فيما عدا ذلك.
فقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ} [سبأ: 33]، هذا على تقدير (في)؛ لأن الليل ظرف للمكر، وقولك: خاتمُ حديدٍ، على تقدير (من)، وقولك: كتابُ زيدٍ، على تقدير اللام.
سجود السهو هل هو على تقدير (من) أو اللام أو (في)؟
طلبة: اللام.
الشيخ: السجود للسهو؛ يعني: الذي سببه السهو.
والسهو تارة يتعدى بـ (عن)، وتارة يتعدى بـ (في)؛ فإن عُدِّي بـ (عن) صار مذمومًا، وإن عُدِّي بـ (في) صار معفوًّا عنه، فإذا قلت: سها فلان في صلاته، فهذا من باب المعفو عنه، وإذا قلت: سها فلان عن صلاته، صار من باب المذموم؛ ولهذا قال الله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5] أي: غافلون لا يهتمون بها ولا يقيمونها، فهم على ذكر من فعلهم، بخلاف الساهي في صلاته فليس على ذكر من فعله؛ ولهذا يقال: سها في صلاته.
المراد هنا: السهو في الصلاة، والسهو في الصلاة واقع من النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مقتضى الطبيعة البشرية؛ ولهذا لما سها في صلاته قال:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؛ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» (29)، فهو من طبيعة البشر، ولا يقتضي ذلك أن الإنسان معرض في الصلاة؛ لأنا نجزم أن أعظم الناس إقامة للصلاة هو الرسول عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك وقع منه السهو، لكن هو من طبيعة البشر.
والسهو الوارد في السنة أنواع: زيادة، ونقص، وشك، كلها وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ الزيادة والنقص من فعله، والشك من قوله عليه الصلاة والسلام.
قال المؤلف: (يشرع لزيادةٍ ونقصٍ وشكٍ) كذا عندكم بالواو ولَّا بـ (أو)؟
طلبة: بالواو.
الشيخ: بالواو.
(يشرع) يعني: يجب تارة، ويسن أخرى، (لزيادة) اللام للتعليل؛ يعني: بسبب زيادة أو نقص أو شك، ولكن في الجملة لا في كل صورة؛ لأنه سيأتينا أن بعض الزيادات لا يشرع لها السجود، وأن بعض الشكوك لا يشرع له السجود؛ فلهذا نقول:(يشرع لزيادةٍ) يعني: أن سبب مشروعيته الزيادة أو النقص أو الشك، ولا يعني ذلك أن كل زيادة أو نقص أو شك فيه سجود، لا، بل على حسب التفصيل الآتي.
إذن أسباب سجود السهو ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك.
قال: (في الفرض والنافلة) قوله: (في الفرض) الجار والمجرور متعلق.
طالب: (
…
).
الشيخ: إي نعم.
قال: (لا في عمد) أي: لا يشرع في العمد؛ وذلك لأن العمد إن كان تعمد ترك واجب فالصلاة باطلة، لا ينفع فيها سجود السهو، وإن كان تعمد ترك سنة فالصلاة صحيحة، وليس هناك ضرورة إلى جبرها بسجود السهو.
لكن ذكر بعض العلماء: أن من زاد جاهلًا فإنه يشرع له سجود السهو، مثل لو زاد الإمام في صلاته جاهلًا فإنه يشرع له سجود السهو، وكذلك المأموم لو زاد جاهلًا فإنه يشرع له سجود السهو.
مثال زيادة المأموم جاهلًا: سجد الإمام سجود تلاوة، فظن المأموم أنه ركع، فركع، ولما قام الإمام من السجود قال: الله أكبر، عرف أنه لم يركع، فهذه زيادة ولَّا لا؟ جهل ولا نسيان؟ جهلًا؛ لأنه جهل الحال، فقد ذكر بعض العلماء أن قوله:(لا في عمد) يعني: ما لم يكن جاهلًا، فإنه يشرع له السجود.
قال: (في الفرض والنفل) يعني: يشرع؛ إما وجوبًا، أو استحبابًا، في صلاة الفرض وفي صلاة النفل، لكن بشرط أن تكون الصلاة ذات ركوع وسجود، احترازًا من صلاة الجنازة، فإن صلاة الجنازة لا يشرع فيها سجود السهو؛ لأن أصلها ليست ذات ركوع وسجود، فكيف تجبر بالسجود؟ لكن كل صلاة فيها ركوع وسجود فإنها تجبر بسجود السهو؛ الفريضة والنافلة.
فإذا قال قائل: هل توجبون سجود السهو في صلاة النافلة فيما لو ترك واجبًا من واجبات الصلاة؟ فالجواب: نعم، نوجبه.
فإذا قال: كيف توجبون شيئًا في صلاة نفل، أصلًا النافلة كلها غير واجبة؟
نقول: نعم، لكن لما تلبس بها وجب عليه أن يأتي بها على وفق الشريعة، وإلا كان مستهزئًا، وإذا كان لا يريد أن يصلي النافلة فمن الأصل لا يصلي، أما أن يتلاعب فيأتي بالنافلة مخرَّقة، ثم يقول: أنا لا أجبرها، فهذا لا يوافق عليه.
***
قال رحمه الله: (فمتى زاد فعلًا من جنس الصلاة قيامًا أو قعودًا أو ركوعًا أو سجودًا عمدًا بطلت صلاته).
وهذا مجمع عليه؛ متى زاد فعلًا من جنس الصلاة، احترازًا مما لو زاد قولًا، واحترازًا مما لو زاد فعلًا من غير جنس الصلاة، وسيأتي -إن شاء الله- بيان ذلك، المهم إذا زاد فعلًا من جنس الصلاة؛ شرطان: فعلًا، وأن يكون من جنس الصلاة.
ثم ضرب لذلك أمثلة، فقال:(قيامًا) في محل القعود، (أو قعودًا) في محل القيام، (أو ركوعًا) في غير محله، (أو سجودًا) في غير محله.
وهل المراد هذه الأنواع الأربعة من الأفعال؟ ننظر، هناك أفعال غير هذه الأربعة، مثل: رفع اليدين في المواضع الأربعة المعروفة، هل نقول: لو رفع يديه في غير موضع الرفع يدخل في عموم قوله: (فمتى زاد فعلًا)، أو نقول: المراد بالفعل هذه الأنواع الأربعة فقط؛ لأنها هي التي تتغير بها هيئة الصلاة؟
الظاهر الثاني، وأن المراد بالفعل الذي ذكره المؤلف ما بينه بقوله:(قيامًا أو قعودًا أو ركوعًا أو سجودًا)؛ لأن كلمة (فِعْل) هذه مجملة، و (قيامًا وقعودًا ركوعًا سجودًا) هذه مبينة، فالظاهر: أن هذا هو المراد، وأنه لو زاد فعلًا غير هذه الأفعال الأربعة فإنه لا يدخل في عموم كلام المؤلف.
طالب: شيخ، أقول: في الفصل الأول قالوا: إذا سجد في السنن أنها تبطل الصلاة، ما الجواب على ذلك؟
الشيخ: خلاف المذهب، هذا قول آخر.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: يقولون: إذا سجد لترك السنة فإنها تبطل الصلاة.
الطالب: نقول: ويش الجواب عن هذا؟
الشيخ: الجواب عليه عموم الحديث: «لُكِلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ» (19) عام لكل سهو؛ لأنك أنت لو تعمدت هذا الشيء غيرت صفة الصلاة، فإذا سهوت عنه، فهذا السهو الذي أوجب تغيير هيئة الصلاة يجبر بسجود السهو.
طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (10) وبعض أفعال (
…
) في السنن (
…
)؟
الشيخ: لا، سبق لنا أن بعض السنن فيها معارضة، وبعض الواجبات فيها معارضة، فمثلًا التكبير سوى تكبيرة الإحرام فيه خلاف؛ كثير من أهل العلم يقولون: إنه سنة وليس بواجب، التسميع، التحميد، فيه أشياء كثيرة مختلف فيها.
الطالب: وإن قلنا: (
…
) واجب بدليل قوله: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ؟
الشيخ: ما هو بظاهر أن كل ما فعل؛ لأن هذا الأمر مشترك بين الوجوب والندب.
طالب: هل يشترط للإنسان الذي يصلي الأقوال والأفعال المستحبة وسها الإنسان، وكان من عادته أن يفعلها، فله أن يسجد للسهو؟
الشيخ: قلنا: فالمشروع أن يسجد للسهو.
الطالب: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تأخر هو والمغيرة بن شعبة عن صلاة فصلى عبد الرحمن بن عوف (30)، فالنبي صلى الله عليه وسلم (
…
).
الشيخ: ركع.
الطالب: (
…
) استفتاح الصلاة (
…
)؟
الشيخ: ما ندري، هل ندري أن الرسول استفتح في أول ركعة أو تركه للقضاء؟ لأن هذه المسألة فيها خلاف، فمن رأى أن الذي يقضى أول الصلاة قال: نؤخر الاستفتاح إلى الركعة الأولى من القضاء، ومن رأى أن الذي يُقضى آخر الصلاة قال: أستفتح من حين ما أدخل.
طالب: هل ورد ذكر بعد سجود السهو؟
الشيخ: بعد سجود السهو، لا، أبدًا، ما له ذكر خاص.
طالب: الإمام ما يتحمل عن المأموم إذا مثلًا سجد للتلاوة، والمأموم كان جهلًا منه أنه ركع؟
الشيخ: المأموم ركع؟
الطالب: إي نعم ركع، لكن الإمام سجد.
الشيخ: سجد للتلاوة؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: طيب.
الطالب: يعني سواء ركع ركعة جديدة؟
الشيخ: من اللي ركع؟
الطالب: يعني المأموم اللي ركع.
الشيخ: إي نعم، يركع ركعتين؛ لأنه لا يصح ركوعه قبل إمامه، ركوعه قبل إمامه غير صحيح.
الطالب: هل يسجد للسهو؟
الشيخ: إذا كان فاته شيء سجد للسهو، إذا كان ما فاته فالإمام يتحمل عنه.
طالب: السهو في صلاة الجنائز ويش يسوي الإنسان؟
الشيخ: الإنسان ما يسوي شيء.
الطالب: ترك ركنا مثلًا؟
الشيخ: إي نعم، إذا ترك ركنًا والتكبيرات فهو إذا ذكر يقضيها، فإن كان بعد السلام والانصراف وحمل الجنازة سقطت عليه، راحت عليه.
طالب: (
…
) تعمد البكاء في الصلاة يا شيخ؟
الشيخ: هو إذا كان مغلوبًا عليه فإنه لا يضر، أما إذا كان متعمدًا فقد ذكر الفقهاء أنه إذا بان حرفان بطلت صلاته.
طالب: هل نقول باستحباب إذا لم يخشع الإنسان في صلاته، نقول: يستحب أن يعيد إذا لم نقل بالوجوب؟
الشيخ: الذي يظهر لي أن الأولى عدم الإعادة، وإن كان بعض العلماء قال: إذا قرأت الفاتحة ولم يخشع قلبك ولم تستحضر، فالأفضل أن تعيدها على وجه أكمل، لكني أرى عدم ذلك؛ لأننا لو فتحنا الباب صار فيه وسواس، صار كلما قرأ الإنسان شيئًا قال: والله ما خشعت فيها بَرُدُّه، وربما يقول الركوع ما خشعت فيه بَرُدُّه، فينفتح الوسواس، ولا شك أن الشيء الذي يجلب إلى مفسدة تركه أولى.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده يقوم هو، فورًا يقوم ثم يركع.
الطالب: إذا كان متعمدًا؟
الشيخ: متعمد، ما يمكن، ما أحد يتعمد.
الطالب: كسجود التلاوة، قال: هذا واجب فسجد؟
الشيخ: ما هي بواجبة.
الطالب: هو يقول: إنها واجبة؟
الشيخ: إذا قال: واجبة نقول: متابعة الإمام أوجب، أليس الإنسان يسقط عنه التشهد الأول من أجل متابعة الإمام، وهو واجب في نفس الصلاة؟
طالب: (
…
) «كُلُّ سَهْوٍ لَهُ سَجْدَتَانِ» (19) هذا الحديث فيه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف (
…
) الحجازيين.
الشيخ: نعم، صحيح.
الطالب: طيب ما يدخل .. ؟
الشيخ: وحينئذٍ أشرنا إلى ذلك، لكن في صحيح مسلم أيضًا ما يؤيده، عموم؛ «مَنْ سَهَا فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» (31) بهذا اللفظ أو قريب منه.
طالب: أحسن الله إليكم، في الصلاة التكبير بعد سجود التلاوة واجب أو سنة في الصلاة؟
الشيخ: إذا قام يعني؟
الطالب: نعم.
الشيخ: إذا قام لا بد أن يكبر، إي نعم؛ لأن جميع الواصفين لصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: إنه يكبر كلما خفض وكلما رفع (15)، وهذا يشمل سجود التلاوة؛ لأنه ثبت أن الرسول كان يسجد للتلاوة.
طالب: فيه رجل إمام كان يقنت دائمًا في صلاة الفجر ثم نسيها يومًا فسجد للسهو، فما حكمه؟
الشيخ: نعم، هو إذا رأى أنها سنة فقد تركها، هذا ينبني على ما ذكرنا.
الطالب: لكن الذين خلفه مأمومون؟
الشيخ: إي، يجب أن يتابعوه.
طالب: بالنسبة لاستحباب السجود لترك فعل مستحب؛ يعني: مأخوذ من عموم؛ لأنه قد ينازع فيه، لكن ما (
…
) عليه القاعدة: الأصل في العبادة التوقف؟
الشيخ: لا أبدًا، ما دام عندنا لفظ عام فالأصل بقاء العموم على ما هو عليه.
طالب: بالنسبة لنسيان قراءة الفاتحة في الصلاة، هل (
…
) أن تجبر بالسجود؟
الشيخ: هذا نسي ركنًا، الركن لا بد أن يأتي به.
الطالب: (
…
)؟
الشيخ: ما يسقط، لا بد أن يأتي به.
طالب: من أخل (
…
)؟
الشيخ: ما هو بالظاهر؛ لأن ظاهر الحديث الذي سقناه أن الشيطان يأتي للإنسان ويقول: «اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا» (26) أنه لا يشرع له سجود السهو.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: نعم.
طالب: إذا نسي سجود السهو لسهوه عن التشهد الأوسط وهو واجب، هل تبطل الصلاة ولَّا؟
الشيخ: لا، ما تبطل الصلاة؛ لأنه جابر فإذا نسيه سقط عنه.
لكن لو سها في سجود السهو؟
الطالب: كيف هذا؟
الشيخ: يعني سجد السجدة الأولى، ثم شك هل هي السجدة الثانية أو الأولى؟
الطالب: يبني على اليقين.
الشيخ: بنى على غالب ظنه، يجب عليه سجود السهو؛ يعني: بنى على اليقين، على غالب ظنه، إن كان مترجحًا عنده أنها الأولى أتى بالثانية، وإن كان المترجح عنده الثانية انتهى، وإن بنى على اليقين -كما قلت- فيأتي بالسجدة الثانية، لكن هل يسجد لهذا السهو؟
طالب: والله أعلم أنه لا يسجد.
الشيخ: ليش؟
الطالب: لأن مجموع إذا سها كثيرًا يسجد سجدتين فقط للسهو مرة واحدة، وهذا يعتبر سهو (
…
).
الشيخ: بس هذا السهو وقع بعد سجود السهو، أما لو اجتمعت -مثلما قلت- أسباب متعددة كفاها سجود واحد.
فمتى زَادَ فِعْلًا من جِنْسِ الصلاةِ؛ قِيامًا أو قُعودًا أو رُكوعًا أو سُجودًا عَمْدًا بَطَلَتْ، وسَهْوًا يَسْجُدُ له، وإن زَادَ رَكعةً فلم يَعْلَمْ حتى فَرَغَ منها سَجَدَ، وإن عَلِمَ فيها جَلَسَ في الحالِ فتَشَهَّدَ إن لم يكنْ تَشَهَّدَ وسَجَدَ وسَلَّمَ، وإن سَبَّحَ به ثِقتانِ فأَصَرَّ ولم يَجْزِمْ بصَوابِ نفسِه بَطَلَتْ صلاتُه وصلاةُ مَن تَبِعَه عالِمًا،
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فمتى زاد فعلًا من جنس الصلاة قيامًا أو قعودًا أو ركوعًا أو سجودًا عمدًا بَطَلَتْ، وسهوًا يَسجدُ له، وإنْ زاد ركعةً فلم يعلمْ حتى فرغَ منها سَجَدَ، وإنْ عَلِم فيها جلس في الحال فتشهَّد إنْ لم يكن تشهَّد وسجد وسلَّم، وإنْ سبَّح به ثقتانِ فأَصَرَّ ولم يَجْزم بصوابِ نفْسه بطلتْ صلاتُه وصلاةُ من تَبِعه عالمًا، لا جاهلًا أو ناسيًا ولا من فارقه).
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
إضافة (سجود السهو) من باب؟
طالب: من باب إضافة الشيء إلى سببه.
الشيخ: من باب إضافة الشيء إلى سببه.
الإضافة تكون على تقدير؟
طالب: سجود للسهو.
الشيخ: لا، الإضافة عمومًا تكون على تقدير؟
طالب: اللام.
الشيخ: بَس اللام.
الطالب: لا، الإضافة تكون على تقدير (مِن)، و (في)، لكن هنا اللام.
الشيخ: تقدير (مِن)، و (في)، واللام.
متى تكون على تقدير (في)؟
طالب: الغالب يا شيخ تكون على تقدير اللام، غير هذا قليل.
الشيخ: متى تكون على تقدير (في)؟
طالب: ظرف الزمان والمكان.
الشيخ: إذا أيش؟ إذا كان المضاف إليه ظرفًا لأيش؟
الطالب: ظرفًا للمضاف.
الشيخ: ظرفًا للمضاف، تمام، مثاله؟
طالب: قوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} [سبأ: 33].
الشيخ: قالوا: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي: مكرٌ في الليل.
الضابط لِمَا كانتْ على تقدير (مِن)؟
طالب: (
…
).
الشيخ: ما يحتاج، (
…
)، يعني هذه لأنها فائدة نحوية ما للفقه فيها دَخْل.
الطالب: (
…
) ظرف زمان.
الشيخ: لا.
طالب: إذا كان المضاف إليه جنسًا للمضاف.
الشيخ: إذا كان المضاف إليه جنسًا للمضاف، مثاله؟
الطالب: ثوبُ خَزٍّ.
الشيخ: ثوبُ خَزٍّ؛ يعني ثوبٌ من خَزٍّ، خاتمُ حديدٍ.
ومتى تكون على تقدير اللام؟
طالب: إذا كان المضاف إليه سببًا للمضاف مثل: (سجودُ السهْوِ) سجودٌ للسهْوِ.
الشيخ: إي نعم.
طالب: إذا كان المضاف إليه (
…
) للمضاف.
الشيخ: إي نعم.
طالب: ما عدا ذلك، ما عدا المذكور.
الشيخ: ما عدا ذلك، فيما عدا ذلك تكون على تقدير اللام، هذا الصحيح.
هل هناك فرقٌ بين السهو عن الصلاة والسهو في الصلاة؟
طالب: نعم.
الشيخ: من حيثُ المعنى ومن حيثُ الحكْم؟
الطالب: إي نعم، من حيث المعنى أنه يكون السهْو عن الصلاة ليس داخلًا فيها بلْ خارجًا عنها، والسهو في الصلاة يكون متلبِّسًا بها ولكنْ سَهَا عن بعضها، ومن حيث ..
الشيخ: لا.
الطالب: أو يكون مذمومًا إذا سَهَا عنها.
الشيخ: هذا الحكْم، كلمة (مذموم) لا تَجِئ بها هنا.
الطالب: إذا سَهَا عن الصلاة يكون هذا سهْوًا مذمومًا.
طالب آخر: السهو عن الصلاة كأن يسهو عن ذات الصلاة كلِّها.
الشيخ: يعني الغفلة عنها، والتهاوُن بها، والإعراض عنها.
طيب، والسهْو فيها؟
الطالب: السهْو فيها كأنْ يكون في الصلاة ثم يسهو عن بعض أركانها أو واجباتها أو سُنَنها.
الشيخ: يعني النسيان فيها.
طيب، الحكْم؟
طالب: من ناحية الحكْم: السهو عن الصلاة مذمومٌ، أمَّا السهو في الصلاة فمعفوٌّ عنه.
الشيخ: فمعفوٌّ عنه، أحسنت، بارك الله فيك.
الدليل على أن السهو عن الصلاة مذمومٌ.
طالب: قوله تعالى: (والذين هم عن صلاتهم ساهون).
الشيخ: (والذين هم)، كذا؟
الطالب: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5].
الشيخ: {الَّذِينَ هُمْ} ، طيب، والدليل على أن السهو في الصلاة معفوٌّ عنه؟
الطالب: «عُفِيَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأ والنِّسْيَان وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (1).
الشيخ: نعم، طيب، أحسنت.
أسباب سجود السهو، ما هي أسبابُ سجودِ السهو؟
طالب: أسبابُ سجودِ السهو نسيانُ واجبٍ من واجبات الصلاة.
الشيخ: لا، الأسباب الكُلِّية العامَّة؟
طالب: إمَّا زيادةٌ في الصلاة، أو نقصٌ فيها، أو شكٌّ.
الشيخ: أو شكٌّ، صح، أسبابها: الزيادة، والنقص، والشك.
ما هو الذي وَقَعَ للرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الثلاثة؟
طالب: وَقَع للرسول صلى الله عليه وسلم الزيادةُ والنقص من السُّنةِ الفعلية، والشكُّ ..
الشيخ: هذا الذي وقع منه، والشك؟
الطالب: قَولِيٌّ.
الشيخ: يعني ما وَقَع منه.
الطالب: ما وَقَع منه.
الشيخ: لكنَّه بيَّنه.
هل كلُّ زيادةٍ أو نقصٍ أو شكٍّ فيه سجودُ السهو؟
طالب: حَسَب كلِّ زيادةٍ يا شيخ، الزيادة في السنن لا يُشرَع لها سجود.
الشيخ: لا، المهم أجب.
الطالب: ليس كلُّ شيءٍ.
الشيخ: ليس كلُّ شيءٍ؛ ليس كلُّ زيادةٍ أو نقصٍ أو شكٍّ فيه سجود السهو، لكن كل سجود السهو فسبَبُه إمَّا زيادةٌ أو نقصٌ أو شكٌّ، لاحظوا الفرق؛ كلُّ سجودِ السهو فسبَبُه إمَّا زيادةٌ أو نقصٌ أو شكٌّ، لكن ليس كلُّ زيادةٍ أو نقصٍ أو شكٍّ سببًا لسجود السهو؛ لأن فيه بعض الزيادات ما فيها سجود السهو، فيه بعض الشكوك ما فيه سجود السهو.
الأفعالُ التي بها سجودُ السهْو شَرَطَ المؤلفُ شَرْطينِ؟
طالب: أن يكون فِعْلًا، وأن يكون من جنس الصلاة.
الشيخ: شَرَطَ في ذاتِ الأفعال أن تكون فعلًا من جنس الصلاة.
هل يُشترَط أنْ يكون الفعلُ الذي يَثْبت له هذا الحكْم من الأفعال الأربعة التي ذَكَرها المؤلفُ أو يشمل كلَّ فعلٍ؟
الطالب: يشملُ الأربعةَ التي ذكرها المؤلف.
الشيخ: ما هي؟
الطالب: الزيادة، والنقص.
الشيخ: لا، زيادة أفعال، نحن الآن في الزيادة، المؤلف ذكر أربعة أفعال.
الطالب: النقص، والزيادة.
الشيخ: النقص ما هو بزيادة، ما راجعْتَ الظاهر، راجع يا أخي.
طالب: القيام، والركوع، والسجود.
الشيخ: نعم، بقي واحد.
طالب: والقعود.
الشيخ: صحيح، (قيامًا، أو قعودًا، أو ركوعًا، أو سجودًا).
***
قال المؤلف رحمه الله: (فمتى زاد فِعْلًا من جنس الصلاة قيامًا أو قُعودًا أو ركوعًا أو سجودًا عَمْدًا بَطَلَتْ).
فلو رَكَعَ مرتين عمدًا في غير صلاةِ الكسوف بَطَلَتْ صلاتُه، ولو سَجَدَ ثلاثَ مرَّاتٍ بَطَلَتْ صلاتُه، ولو قَعَدَ في محلِّ القيام عمدًا بَطَلَتْ صلاتُه، ولو قام في محلِّ قعوده عمدًا بَطَلَتْ صلاتُه.
قال في الشرح: (إجماعًا)؛ يعني أن العلماء رحمهم الله أجمعوا على ذلك، ودليل هذا قولُ النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (2).
ودليلٌ آخر: أن الصحابة نبَّهوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صلَّى خمسًا إلى هذه الزيادة وأخبر بأنَّه فَعَلها ناسيًا، فقالوا: صلَّيتَ خمسًا؟ قال: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» (3).
***
(وسَهْوًا يسْجدُ له).
قوله: (وسَهْوًا) هذه معطوفة على قوله: (عَمْدًا)؛ يعني: ومتى زاد قيامًا أو قعودًا أو ركوعًا أو سجودًا سهوًا يسجد له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَر بذلك؛ أَمَر مَنْ زاد في صلاته أن يسجد سجدتينِ (4)؛ هذا دليلٌ من القول.
دليلٌ من الفعل: لَمَّا صلَّى خمسًا -كما في حديث عبد الله بن مسعود- وقيل له: أَصَلَّيْتَ خمسًا؟ ثَنَى رِجْليه فسَجَدَ سجدتينِ (5).
دليلٌ ثالث: لَمَّا قام عن التشهُّد الأول سَجَدَ سجدتينِ.
انتبهوا يا جماعة، أنا أخطأتُ فرُدُّوا عَلَيَّ.
طلبة: صحيح.
الشيخ: خطأ؛ لأن كلامنا الآن في الزيادة، والتشهُّد الأول نقصٌ. إذَنْ خطأ، صحيح؟ لا تقولوا: إن هذا مدرِّسٌ ما يخطئ. كلٌّ يخطئ، وربما يتعمَّد الخطأ ليختبر، إذَن الكلامُ الآن في الزيادة.
***
(وإنْ زاد ركعةً فلم يعلمْ حتى فَرَغَ منها سَجَدَ، وإنْ عَلِمَ فيها جَلَسَ في الحال فتشهَّدَ إنْ لم يكنْ تشهَّد وسَجَدَ وسَلَّم).
انتبه، (إنْ زاد ركعةً فلم يعلمْ حتى فرغَ منها سَجَدَ) مثالُ هذا رَجُلٌ صلَّى الظُّهر خمسًا ولم يعلمْ إلا في التشهُّد، فهُنا زاد ركعةً ولم يعلمْ حتى فَرَغَ مِن الركعة.
ويحتمل في قول المؤلف: (حتى فَرَغَ منها) أي: فَرَغَ من الصلاة، فيكون المثالُ المطابقُ لهذا الاحتمال: رَجُلٌ لَمَّا سَلَّمَ من الصلاة ذَكَر أنه صلَّى خمسًا، وعلى هذا فيكون قولُه:(سَجَدَ وسَلَّمَ) بعد السلام ولَّا قبْل؟
طلبة: بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام. على كلِّ حالٍ إذا زاد ركعةً ولم يعلمْ حتى فَرَغَ من الركعة فإنه يسجد للسهو وجوبًا.
فإنْ عَلِم قبل أن يُسلِّم فهلْ يسجد قبْل السلام أو يسجد بعده؟ وإنْ عَلِم بعد السلام فهلْ يسجد قبْل السلام أو بعده؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: ما يُمْكن هذا؟
الطلبة: ما يُمْكن.
الشيخ: ليش؟
الطلبة: لأنه سلَّمَ.
الشيخ: إذا عَلِم بعد السلام ما يُمْكن يسجد قبل السلام.
إذَن السؤال الآن: إذا عَلِم بعد انتهاء الركعة وقبل السلام وهو في التشهُّد فهلْ يسجد قبل السلام أو بعده؟
نقول: إنه يسجد بعد السلام، يُكمل التشهُّد ويُسَلِّم ويسجد سجدتينِ ويُسلِّم، ودليل ذلك أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لَمَّا صلَّى خمسًا وأخبروه بعد السلام ثَنَى رِجْليه وسَجَدَ وسَلَّم وقال:«إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَيْهِ» (6)، ولم يقلْ: ومتى عَلِم قبل السلام فلْيسجُدْ قبل السلام، فلمَّا سَجَدَ بعد السلام ولم ينبِّه أنَّ محلَّ السجود لهذه الزيادة قبل السلام عُلِمَ أن السجود للزيادة يكون بعد السلام.
ويشهد لذلك حديث ذي اليدين؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَلَّمَ من ركعتينِ ثم ذكَّروه، وأتمَّ الصلاةَ وسَلَّمَ، ثم سَجَدَ سجدتينِ وسلَّمَ (7)، وهذا زيادة.
ويؤيِّده أيضًا المعنى؛ وهو أن الزيادةَ زيادةٌ في الصلاة، وسجود السهو زيادةٌ أيضًا، فكان من الحكمة أن يؤخَّر سجودُ السهو إلى ما بعد السلام مخافةَ أن يجتمع في الصلاة زيادتانِ، إذَن دلَّ على أنَّ السجودَ للزيادة بعد السلام دلَّ على ذلك النصُّ مِن السُّنَّة، والمعنى من الحكمة.
***
يقول: (وَإِنْ عَلِمَ فِيهَا جَلَسَ في الحالِ فتشهَّدَ).
(إنْ عَلِم فيها) الضمير يعود على الركعة التي زاد.
(جَلَسَ في الحال) أي: في حال ذِكْره أو في حال عِلْمه، ولا يتأخَّر، يجلس في الحال، حتى لو ذَكَر في أثناء الركوع أنَّ هذه الركعةَ خامسةٌ يرجع يجلس.
وقد يتوهَّمُ كثيرٌ من طَلَبة العلم في هذه المسألة حُكْمَ مَن قام عن التشهُّد الأول فيظنُّ أنه إذا قام إلى الزائدة وشَرَعَ في القراءة حَرُمَ عليه الرجوع، وهذا وهمٌ وخطأٌ؛ الزائد لا يُمْكن الاستمرار فيه أبدًا، متى ذكرْتَ وَجَبَ عليك أن ترجع لتمنع هذه الزيادة؛ لأنك لو استمرَرْتَ في الزيادة مع عِلْمِك بها لزِدْتَ في الصلاة شيئًا عمدًا، وهذا لا يجوز.
إذَن نقول: (إنْ عَلِم فيها) يقول المؤلف: (جَلَسَ في الحال فتشهَّدَ إنْ لم يكُنْ تشهَّدَ).
كيف (إنْ لم يكُنْ تشهَّدَ)؟ هل يُمْكن أن يزيد بعد أن يتشهَّد؟
يُمْكن، يُمْكن يتشهَّد في الرابعة ثمَّ ينسى ويظنُّ هذه هي الثانية، يُمْكن، ثمَّ يقوم، ثم يذكر بعد القيام بأن هذه هي الخامسة وأنَّ التشهُّد الذي قرأه هو التشهُّد الأخير، يُمْكن، المهم أن قول المؤلف:(يتشَهَّد إنْ لم يكنْ تَشَهَّدَ) واضحٌ، يعني له معنى صحيح.
(إنْ لم يكُنْ تشهَّد وسَجَدَ وسَلَّمَ) وظاهر كلامه رحمه الله أنه يسجد قبل السلام، فإنْ كان هذا مرادَه فهو قولٌ ضعيفٌ، وإنْ لم يكُنْ مرادَه فإنه يحتمل أن معنى قوله:(جَلَسَ في الحال فتشهَّد إنْ لم يكُنْ تشهَّد) يعني: وسَلَّمَ (وسَجَدَ وسَلَّمَ)، وإنْ كان هذا الاحتمالُ بعيدًا، لكنْ على كلِّ حالٍ إذا كان المؤلف يريد أنه يسجد قبل السلام في هذه الحال فإنَّ قولَه ضعيفٌ، وهذا الذي هو ظاهرُ كلامِ المؤلف هو المذهبُ؛ لأنهم لا يَرَوْن السجود بعد السلام إلا فيما إذا سلَّمَ قبل إتمامها فقط، وأمَّا ما عدا ذلك فهو قبل السلام، لكن ما ذَكَرْناه هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
يقول: (وسَجَدَ وسَلَّمَ).
إذا قام إلى ثالثةٍ في الفجر ماذا يصنع؟
الطلبة: يرجع.
الشيخ: يرجع، ولو بعد القراءة؟
الطلبة: ولو بعد القراءة.
الشيخ: ولو بعد القراءة، ولو بعد الرُّكوع، يرجع ويتشهَّد ويُسلِّم، ثم يسجد للسهو ويُسَلِّم، أو يسجد للسهو قبل السلام على ما يفيده كلام المؤلف.
إذا قام إلى ثالثةٍ في صلاةٍ مقصورةٍ؛ يعني: رَجُلٌ مسافرٌ قام إلى ثالثةٍ، الثالثةُ هذه في حَقِّ المسافر زيادةٌ، فهلْ يلزمه الرُّجوع في الحال أو له أن يُكَمِّل؟
طلبة: يلزمه.
طالب: له أن يُكَمِّل.
الشيخ: طيب، هذا ينبني على القول بالقَصْر؛ إنْ قلنا بأنَّ القصْرَ واجبٌ لزِمَه الرجوع، وهذا مذهبُ أبي حنيفة وأهلِ الظاهر؛ يَرَوْن أن قَصْر المسافرِ الصلاةَ واجبٌ، وأنَّ مَن أتَمَّ في موضع القَصْر فهو كَمَنْ صلَّى ثمانيًا صلاةَ الظُّهر لأنه زاد نصفَ الصلاة.
وعلى القول بأنَّ القَصْر ليس بواجبٍ نقول: أنت الآن مخيَّر بين الإتمام وبين الرجوع؛ لأنك إنْ أتممتَ لم تبطل صلاتُك، وإنْ رَجَعْتَ لم تبطلْ؛ لأنك رَجَعْتَ خوفًا من الزيادة.
ولكن الصحيح أنه يرجع؛ لأن هذا الرَّجُل دَخَلَ على أنه يريد أن يُصلِّي كَمْ؟ رَكعتينِ، فلْيُصَلِّ ركعتينِ ولا يزد.
طيب، رَجُلٌ يُصلِّي في الليل، وصلاةُ الليل مَثْنَى مَثْنَى، فقام إلى الثالثة ناسيًا، ماذا نقول؟
الطلبة: يرجع.
الشيخ: نعمْ، يرجع، فإن لم يرجعْ بطلتْ صلاتُه لأنه تعمَّد الزيادة، ولهذا نصَّ الإمام أحمد رحمه الله على أنه إذا قام في صلاة الليل إلى ثالثةٍ فكرجُلٍ قام إلى ثالثةٍ في صلاة الفجر؛ يعني: إن لم يرجعْ بطلتْ صلاتُه.
لكن يُستثنى مِن هذا الوِتْر، فإن الوِتْر يجوز أن يزيد الإنسان فيه على ركعتينِ، فلو أوتَرَ بثلاثٍ جاز، وعلى هذا فإذا دَخَلَ الإنسان في الوتْر بنيَّةِ أنه سيصلِّي ركعتينِ ثم يُسَلِّم ثم يأتي بالثالثة، ولكنه نَسِي فقام إلى الثالثة بدون سلامٍ، ماذا نقول له؟
طالب: يصلِّي.
الشيخ: نقول: أَتِمَّ الثالثة؛ لأن الوتر يجوز فيه الزيادة على ركعتين.
***
يقول: (وَإِنْ سَبَّحَ بِهِ ثِقَتَانِ فأَصَرَّ، ولَمْ يَجزِمْ بصوابِ نفْسِهِ بطلَتْ صلاتُه).
(إنْ سَبَّحَ به ثقتانِ)(سَبَّحَ به) أي: قال: (سبحان الله)؛ تنبيهًا له؛ لأن المشروع في تنبيه الإمام إذا زاد أن يُسبِّحَ مَنْ وراءه؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْتُصَفِّقِ النِّسَاءُ» (8).
فإذا قام الإمام إلى الخامسة -مثلًا- فسبَّح به ثقتانِ وَجَبَ عليه الرجوع إلا أن يَجزِم بصوابِ نفْسه، فإنْ لم يرجعْ وهو لم يَجزِم بصوابِ نفْسه بطلَتْ صلاتُه؛ لأنه تَرَكَ الواجبَ عمْدًا، انتبه.
طيب، إنْ نبَّهَهُ ثقتانِ بدون تسبيحٍ فهلْ يُعطَى ذلك حكْمَ التسبيح؟ يعني لو تَنَحْنَحُوا له؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: نقول: نعم، إذا نبَّهَاه بغير التسبيح فكما لو نبَّهَاه بالتسبيح.
وعلى هذا فيكون تقييدُ المؤلفِ ذلك بالتسبيح من باب ضَرْبِ الْمَثَل، وقد عبَّر بعضُ الفقهاء بقولهم:(وإنْ نَبَّهَهُ ثِقَتانِ)، (إِنْ نَبَّهَهُ)، وهذه العبارة أَشْملُ من عبارة المؤلف.
على كلِّ حال إن نبَّهَهُ ثِقَتانِ فإنه يَلْزمه الرجوع إلى قولهما إلَّا أن يجزم بصواب نفْسِه، فإنْ لم يرجع وهو لم يجزمْ بصواب نفْسِه أيش؟
الطلبة: بطَلَتْ صلاتُه.
الشيخ: بطَلَتْ صلاتُه، لماذا؟
لأنه تَرَك الواجبَ عمْدًا؛ حيث إنه يَلْزمه إذا سبَّح به ثِقَتانِ يَلْزمه أن يُتِمَّ؟
طالب: لا، إذا سبَّح به ثِقَتانِ فإنْ لم يجزمْ بصوابِ نفْسِه رَجَعَ.
الشيخ: يَلْزمه الرجوعُ.
الطالب: نعم.
الشيخ: دليلُ ذلك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا ذكَّره ذو اليدينِ أنه صلَّى ركعتينِ لم يَرجِعْ إلى قوله حتى سأل الصحابةَ فقال: «أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ » . قالوا: نعم (7).
إذَن لو سبَّح به رجلٌ واحدٌ فقطْ هلْ يَلْزمه الرجوعُ؟
الطلبة: لا يلزمه.
الشيخ: لا يلزمه الرجوعُ، ودليلُ ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَرجِعْ إلى قول ذي اليدينِ.
طيب، لو سبَّح رجلٌ بما يدلُّ على أن الإمامَ زاد وسبَّح رجلٌ آخرُ بما يدلُّ على أنه لم يَزِدْ؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: يتساقطانِ؛ قال له أحدهما لَمَّا قام: سبحان الله، فلما تهيَّأ للجلوس قال الثاني: سبحان الله، إذَن تَعارَضَ عنده قولانِ فيتساقطُ القولانِ، كلُّ قولٍ يُسقِط الآخرَ، ويَرجِع إلى ما عنده ويبني عليه، وسيأتي إن شاء الله، على كلِّ حالٍ لا بدَّ من تسبيح ثقتينِ.
إذا سبَّح به ثلاثةُ ثقاتٍ؟
الطلبة: من باب أَوْلى.
الشيخ: من باب أَوْلى، إي نعم، ولهذا لَمَّا صلَّى خمسًا قال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: صلَّيْتَ خمسًا (9) كلُّهم قالوا أو أكثرُهم.
اشتَرَطَ المؤلفُ لوجوبِ الرجوعِ إلى قول الثقتينِ ألَّا يَجزِمَ بصوابِ نفْسِه، فإنْ جَزَم بصوابِ نفْسِه حَرُمَ الرجوعُ إلى قولهما؛ يعني قالا له: سبحان الله، سبَّحَا به، ولكنَّه يَجزِم أنه على صوابٍ وأنهما مخطئانِ، فهلْ يرجع إلى قولهما؟ لا، لا يرجع إلى قولهما؛ لأنه لو رَجَع إلى قولهما لَرَجَعَ وهو يعلم أن صلاته ناقصةٌ، فتبطل صلاتُه، فإذا كان جازِمًا بصوابِ نفْسِه حَرُمَ عليه أن يَرجِع.
طيب، لو سبَّح به عشرة وهو يجزم بصواب نفْسِه؟
الطلبة: لا يرجع.
الشيخ: لا يرجع؛ لأنه يُشكِلٌ، بماذا يخاطِبُ اللهَ إذا رَجَعَ إلى قول غيره وهو يَجزِم أن الصوابَ معه،
لكن هذه مسألةٌ في الغالب تكون نادرةً، إنما لو وقعتْ وجازمٌ بأنه على صوابٍ ومن نبَّهَهُ على خطأٍ وَجَبَ عليه أن يبقى على ما هو عليه، على ما عنده من الصواب.
إذا سبَّح به مجهولانِ؟
الطلبة: لا يلزمه.
الشيخ: لا يرجع إلى قولهما؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: ليش؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: ليسا ثقتينِ، والمؤلفُ يقول:(وإنْ سبَّحَ به ثقتانِ)، ولكن الحقيقة أن الإمام يقعُ في حَرَجٍ؛ لأنه يسمع التسبيح من ورائه ولا يدري مَن المسبِّح، قد يكون ثقةً وقد لا يكون ثقةً، إنما الغالب أن الإمامَ في هذه الحال يكون عنده شكٌّ، ويترجَّح عنده أن اللذينِ سبَّحَا به على صواب.
طيب، لو سبَّح به امرأتانِ؟
الطلبة: (
…
) ما يُسَبِّحْنَ (
…
).
الشيخ: صَفَّقَتَا، نبَّهَتَاهُ بتصفيقٍ.
طالب: امرأتانِ ثقتانِ؟
الشيخ: إي، يعرفهما.
طلبة: يرجع.
الشيخ: يعني نفرض أنَّ رجلًا صلَّى بأُمِّه وأُخته وأخطأَ فنبَّهَتَاهُ بالتصفيقِ، يرجع ولَّا لا؟
الطلبة: يرجع.
الشيخ: نعم، يرجع؛ لأن هذا خبرٌ دينِيٌّ فاستوى فيه الذكورُ والإناثُ، الخبرُ الدينِيُّ يستوي فيه الذكورُ والإناثُ، ولأنه خَبَرٌ عن عَمَلٍ تُشارِكانِ فيه العاملَ فلا يُمْكن أن تكذبا عليه، لماذا؟ لأنهما مشاركتانِ له في العَمَل، لو أخطأَ أخطأَتَا معه، فلهذا نقول: إن المرأتينِ كالرَّجُلينِ.
(فأَصَرَّ ولم يَجْزِمْ بصوابِ نَفْسِهِ بَطَلَتْ صلاتُه) قال: (وصلاةُ مَنْ تَبِعَهُ عالِمًا، لا جاهلًا أو ناسيًا، ولا مَنْ فارقَه).
هذا الإمام فهِمْنا أن صلاتَه تبطل إذا سبَّح به ثقتانِ ولم يجزمْ بصوابِ نفْسِه ولم يَرجِعْ إلى قولهما، لكنِ المأمومونَ الآخرونَ هل يتبعون الإمامَ أو يتبعون المنبِّهَينِ؟
نقول: إذا كان عندهم عِلْمٌ كما عند المنبِّهَينِ وَجَبَ عليهم أن يُفارِقُوا الإمامَ، فإنْ لم يُفارِقوه وتابَعوا الإمامَ نَظَرْنا؛ إنْ كان ذلك نسيانًا فلا شيءَ عليهم، وعليهم سجودُ السَّهْو إذا كان فاتَهُمْ شيءٌ من الصلاة، وإنْ كان جهلًا فلا شيءَ عليهم أيضًا، ولكن الجهل بأيِّ شيءٍ؟ الجهل بأنها زائدةٌ أو الجهل بالحكْمِ؟
طالب: بالحكْمِ.
الشيخ: الظاهر أنه يعُمُّ الجهلَ بأنها زائدةٌ والجهلَ بالحكْم، فإذا تَبِعه المأمومُ جاهلًا فإنَّ صلاتَه صحيحةٌ من أجْلِ العُذْر.
إذَنْ ما الواجبُ على مَنْ عَلِم أن الإمامَ زائدٌ؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: المفارقة، ولهذا قال المؤلف:(ولا مَنْ فَارَقَهُ)، وفَهِمْنا من قوله:(ولا مَنْ فَارَقَهُ) أنه لا يجلس فينتظر الإمامَ؛ لأنه يعتقد الآنَ أنَّ صلاةَ الإمام باطلةٌ، ولا يُمْكن متابعتُهُ في صلاةٍ باطلةٍ.
نقفُ الآن لنَنْظر الأقسام: الذين يُتابِعون الإمامَ الزائدَ
إمَّا أن يكون رَأْيُهم رَأْيَه؛ يعني: يَرَوْن أن الصوابَ معه، هذه حال.
وإمَّا أن يَرَوْا أنه مخطئٌ فيُتابِعوه مع العلم بالخطأ.
الثالثة: أن يُتابِعوهُ جهلًا بالخطأ أو بالحكْم الشرعي.
الرابعة: أن يُتابِعوهُ نسيانًا.
الخامسة: أن يُفارِقُوهُ.
كم حالة هذه؟ خمس.
إذا تابَعوهُ وهُمْ يَرَوْن أن الصوابَ معه فالصلاة؟
الطلبة: صحيحة.
الشيخ: صحيحة، واضحٌ، يعني نبَّهَهُ ثقتانِ ولكنه أَصَرَّ لأنه يجزم بصوابِ نفْسِه وتابَعَهُ الباقون لأنهم يعلمون أن الصوابَ معه.
إذا وافَقُوا الإمامَ الزائدَ جهلًا منهم فصلاتهم صحيحةٌ للعُذْر؛ لأنهم فَعَلُوا محظورًا على وجْهِ الجهلِ، ودليل ذلك قوله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286].
إذا تابَعُوهُ نسيانًا فصلاتهم صحيحةٌ أيضًا للعُذْر، والدليلُ الآيةُ التي ذَكَرتُ.
كم حالة؟
الطلبة: ثلاثة.
الحالة الرابعة: إذا تابَعُوه وهم يعلمون أنه زائدٌ فصلاتهم باطلةٌ؛ لأنهم تعمَّدوا الزيادةَ.
الخامسة: إذا فَارَقُوهُ فصلاتهم صحيحةٌ. وفي هذه الحال تجبُ المفارقةُ، يجب على المأمومِ أن يُفارِقَ الإمامَ.
الشيخ: طيب، بقينا، هل يجب على المأموم أن ينبِّه إمامَه إذا قام إلى زائدةٍ أو لا يجب؟
الطلبة: يجب.
الشيخ: نعم، يجب أن ينبِّه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» (10)، والأمر للوجوب، ولأنَّ صلاةَ المأموم مرتبطةٌ بصلاة الإمام، والإمام إذا زادَ ركعةً بطَلَتْ صلاتُه، وهذا يؤدِّي إلى بُطْلانِ صلاتك.
إذا عَلِم غيرُ المأمومِ أن المصلِّي زائدٌ، كرَجُلٍ يصلِّي إلى جنبك فقامَ إلى خامسةٍ وليس إمامًا لك، فهلْ يلزمكَ تنبيهُهُ؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: يجب أن ينبِّه، هذا أحدُ القولينِ في هذا المجلس.
القول الثاني؟
الطلبة: لا يجب.
الشيخ: لا يجب.
ما فيه قولٌ بالتفصيل؟
طالب: إن كان فيه فرق (
…
).
طلبة: (
…
).
الشيخ: طيب، ظاهرُ كلامِ الفقهاء أنه لا يَلْزمه إذا لم يكنْ إمامًا؛ لأنه لا ارتباطَ بينه وبين صلاته، لكن إذا رجَعْنا إلى عموم قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] فنسأل: هلْ من البرِّ أن يَرجِع الإمام عن الزائدة ولَّا لا؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: طيب، هل تذكيره من باب التعاون؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: من باب التعاون، ولهذا: الصحيحُ عندي أنه يجب أن ينبِّهه، كما لو رأيتَ شخصًا يريد أن يتوضأ بماءٍ نَجِسٍ وَجَبَ عليك أن تنبِّهه، وإن كان لا ارتباطَ بينك وبينه.
إذا قال قائلٌ: ما تقولون في صائمٍ أرادَ أن يأكلَ أو يشربَ ناسيًا، هل يَلْزم غيرَه أن ينبِّهه؟
الطلبة: نعم يلزم.
الشيخ: يلزم، لقوله؟
الطلبة: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} .
الشيخ: نعم، {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} .
قال قائلٌ من الناس: لا تقطعْ رِزْقَه؛ أَليسَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قد قال: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» (11)، خَلُّوه يأكل ويشرب ولا قضاءَ، قال: هنيئًا لك، أيش تقولون؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: نعم، ربما يقولُ قائلٌ هذا، كثيرًا ما يقولون، أنا أسمع العوامَّ يقولون هكذا؛ يقولون: ما لك حقٌّ، لا تقطعْ رِزقه.
نقول: طيب، إذا كان نائمًا وجاء وقتُ الصلاة وضاقَ الوقتُ، هل تنبِّهه ولَّا لا؟
الطلبة: نعم (
…
).
الشيخ: نقول للعامِّيِّ نسأله: هل تنبِّهه ولَّا لا؟ يقول: واللهِ ما أدري، قد يقول: نبِّهه للصلاة خلُّوه يصلِّي، وقد يقول: لا.
إن قال: نبِّهه، نقول: تناقضتَ؛ لأنه لا فرْقَ بين هذا وهذا؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ» (12)، هذا ما فَرَّط، معفُوٌّ عنه، فهلْ توقظه أو لا؟
العامَّة الآن عندهم يقولون: أيقِظه، لا تخلِّيه يقطع الوقتَ وهو نائمٌ.
نقول: هذا أيضًا مثلُه، لا فرْقَ؛ لأن النائمَ معفُوٌّ عنه.
لو رأيتَ هِرًّا أَخَذَ حمامةً تقول: واللهِ هذا رِزْقُه، خلِّيه يأكله، حمامة لجارِك ولَّا لأخيك، ولَّا تستنقِذها منه؟
الطلبة: تستنقِذها منه.
الشيخ: الهرُّ غير مُكلَّف، نقول: معفُوٌّ عنه، ولَّا ما عنده التكليف إطلاقًا؟
الطلبة: ما عنده ..
الشيخ: ما عنده التكليف، ومع ذلك يجب عليك أن تُنْقِذ مالَ أخيك منه، ما تقول: هذا رِزْقه، إي نعم.
إذَن على كلِّ حالٍ فرْقٌ بين الإنسانِ العالِم والإنسان الذي ما هو بعالِمٍ؛ الذي ليس بعالِمٍ معذورٌ، وأمَّا العالِم فليس بمعذورٍ.
طالب: إذا صلَّى الإمامُ يا شيخ وليس معه إلَّا مأمومٌ واحدٌ وسَهَا ونبَّهَهُ، هل يرجع؟
الشيخ: ويش تقولون يا جماعة، يقول: رجلٌ ليس معه إلا مأمومٌ واحدٌ فسبَّح به، فهلْ يرجع إلى قوله أو يأخذ بقول نفسِه؟
الطلبة: (
…
) لا يرجع.
الشيخ: نقول: لا يرجع إلى قوله، هذا اللي احنا تكلَّمنا عليه، لا يرجع إلى قوله، لكن أحيانًا إذا نبَّهَه صار عنده غلبةُ ظَنٍّ بصوابِهِ، صوابِ مَن؟
الطلبة: المنبِّه.
الشيخ: صوابِ الذي نبَّهَهُ، وإذا كان عنده غَلَبةُ ظنٍّ فإنَّ الواجبَ على الإنسان أن يعمل بغَلَبةِ الظنِّ في الزيادةِ والنقصِ، وعلى هذا فيلزمه الرجوع من أجْلِ ذلك، وهذه تقعُ كثيرًا في رجُلينِ جاءَا مسبوقَيْنِ ودَخَلَا في الصلاة، أحيانًا أحدُهما ينسى ويعتمد على مَن؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: على صاحبه اللي جاء ويَّاه، تجده يقول: أبغي أطوِّل السجود أبغي أشوف هذا يقعد ولَّا يقوم، نعم، إذا شافه قاعدًا جَلَس، إن شافه قائمًا قامَ.
طالب: الخشوع في الصلاة لازِم يكون حضور القلْب ولَّا ..
الشيخ: يعني هو عَدَم النسيان.
الطالب: لا، يعني الخشوع في الصلاة؟
الشيخ: الخشوع لا شكَّ أنه حضور القلْب.
الطالب: يعني مثلًا إنسان وجاي إلى الصلاة (
…
) لكنْ حصل منه سَهْو.
الشيخ: هو لا يَلْزم من النسيانِ عَدَمُ الخشوع، قد ينسى الإنسانُ وهو خاشعٌ، يعني ماشٍ مع الصلاة، مستحضرٌ للقراءةِ والركوعِ والسجودِ والأذكارِ كلها، وينسى.
الطالب: هذا يُشكِل يا شيخ، لو قلنا الخشوع ..
الشيخ: لا، ما يُشكِل، لا يلزمُ من النسيان عَدَمُ الخشوع.
طالب: إذا صلَّى الإمامُ خامسةً في رباعيةٍ، فنبَّهه من خَلْفه وهم متأكِّدون من خطأ الإمام، فهَلْ يُتِمُّون التشهدَ الأخيرَ أو يقومون من الصلاة؟
الشيخ: ما فهمتُ.
الطالب: في صلاةٍ رباعيةٍ صلَّى الإمامُ خامسةً.
الشيخ: يعني قام.
الطالب: نعم، فنبَّهوه وهُمْ متأكِّدونَ أنه على خطأٍ، فهَلْ يقومون من الصلاةِ يتركون الصلاةَ، أو يُتِمُّون التشهُّد لوحدهم ويسلِّمون؟
الشيخ: ويش تكون (يقومون من الصلاة)؟
الطالب: نعم، نحن قلنا: الآن إذا تأكدوا ..
الشيخ: يفارِقون إذا تأكَّدوا من زائدٍ.
الطالب: يعني يفارِقونه؟
الشيخ: إي.
الطالب: ولا يُتِمُّون صلاتهم؟
الشيخ: ينبِّهونه أوَّلًا، فإنْ رَجَع فالأمر واضحٌ، إنْ لَمْ يرجع فارَقوه.
الطالب: بدون أن يُتِمُّوا صلاتَهم، يعني (
…
) يُتِمُّونَ التشهُّد.
الشيخ: لا، معنى المفارَقة أنك ما تثبت، ما تقوم معه، ليس معنى المفارقة أنك تنصرف من صلاتك، لا، معنى المفارَقة ألَّا تقوم معه، بل تتشهَّد وتُسَلِّم.
طالب: يا شيخ، أحسن الله إليكم يا شيخ، الآن في الوِتْر يا شيخ إذا نَوَى المصلِّي أن يصلِّي ركعةً واحدةً للوِتْر، فلمَّا دخل في الصلاة استحسن أن يصلِّي ثلاثًا، فتغييرُ النيَّة هل .. ؟
الشيخ: ما يضرُّ هذا.
الطالب: انتقل يعني ..
الشيخ: ما انتقلَ، هو يقول: في وِتْرٍ، ما هو إلا الكيفية فقط.
طالب: حين ذكَرْتَ في صلاة المسافر إذا صلى ثالثةً وبعدين قرر أنه ما يكمِّل يسجد للسهو؟
الشيخ: إذا قام ناسيًا؟
الطالب: إذا قام ناسيًا.
الشيخ: نعم، ما يَلْزمه السجودُ؛ لأنه رَجَع إلى الأصلِ على المشهورِ من المذهب، لكن فيه قولٌ ثانٍ أنه يسجدُ للسَّهْو.
طالب: شيخ، (
…
) النيَّة؟
الشيخ: لا، النيَّة هذه ما تضرُّ، اختلاف نيَّةِ الإتمام والقَصْر كاختلاف نيَّةِ الثلاثةِ أو الركعة في الوِتْر، ما تضرُّ.
طالب: أحسن الله إليكم، قوله:(فَمَنْ زَادَ فِعْلًا من جِنْسِ الصلاةِ قيامًا أو قُعودًا) إلى قوله: (عَمْدًا بطَلَتْ) صلاتُه (وسَهْوًا يَسجُدُ لَه) يعني: ولَوْ قَلَّ؟
الشيخ: ولو قَلَّ، ولو قَلَّت الزيادةُ.
الطالب: يعني ما يُعفَى عن شيءٍ يسيرٍ؟
الشيخ: أبدًا ما يُعفَى، ما دام زيادةً ما ..
طالب: يا شيخ بالنسبة إذا سَجَدَ بعد السلامِ وهناك من يُتِمُّ، ماذا يفعلون؟
الشيخ: ستأتي إن شاء الله.
***
طالب: قال رحمه الله تعالى: (وعَمَلٌ مُسْتَكْثَرٌ عادةً مِن غير جِنْس الصلاةِ يُبْطِلُها عَمْدُهُ وسَهْوُهُ، ولا يُشْرَعُ ليسيرِهِ سجودٌ.
ولا تَبْطُلُ بيسيرِ أكْلٍ أو شُرْبٍ سهْوًا، ولا نَفْلٌ بيسيرِ شُرْبٍ عَمْدًا.
وإنْ أتى بقولٍ مشروعٍ في غيرِ موضعِهِ كقراءةٍ في سجودٍ وقُعودٍ، وتَشَهُّدٍ في قيامٍ، وقراءةِ سورةٍ في الأخيرتينِ لم تَبْطُلْ ولم يَجِبْ له سجودٌ، بل يُشْرَعُ).
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
***
(
…
) وإنْ عَلِم بعد الزيادة يقول: إنه يُسلِّم، ويسجدُ بعدَ السلامِ ويُسلِّم، فماذا تقول أنت؟
طالب: صحيح الكلام يا شيخ.
الشيخ: صحيح.
طالب: يقول: إذا زادَ متعمِّدًا بطَلَتْ، وذَكَر في أثناء (
…
).
الشيخ: إنْ زادَ عمْدًا بطَلَتْ، وإنْ كان سهوًا؟
الطالب: رَجَعَ إنْ ذَكَر فيها، وإنْ ذَكَرَ بعدها سَجَدَ بعد السَّلام.
الشيخ: طيب، ما أحد عنده غير هذا؟
طالب: المؤلِّف يرى أن السجودَ قبلَ السلام، ولكن الصحيح أنه يُسَلِّم ثم يسجدُ للسهو ثم يُسَلِّم.
الشيخ: صح، المؤلف يرى أنه يسجدُ قبلَ أنْ يُسَلِّم ثم يُسَلِّم، والصحيح أنه يسجدُ بعد السلام، وقد ذكرنا دليلَه فيما سبق.
طيب، لماذا نقول بوجوبِ الرجوعِ إذا ذَكَر في أثنائها؛ في أثناء الركعة الزائدة يجبُ أن يرجع؟
طالب: لأنه يا شيخ إن استمرَّ عليها فيُعتبر استمرَّ في الزيادةِ عامِدًا فتبطُلُ صلاتُه.
الشيخ: استمرَّ في زيادةٍ عامِدًا فتبطُلُ صلاتُه.
ما رأيكَ فيمَنْ يتوهَّم أنه إذا قامَ وشَرَعَ في القراءةِ فلا يرجع؟
الطالب: هذا غيرُ صحيحٍ.
الشيخ: هذا غير صحيح؟
الطالب: وتبطُلُ الصلاةُ، يجبُ عليه الرجوعُ.
الشيخ: طيب، هذا غيرُ صحيحٍ، ما سَبَبُ وهْمِهِ هذا؟
الطالب: أنه يقول مِثْل لو تَرَكَ التشهُّد وقامَ ..
الشيخ: الأوَّل.
الطالب: مِثْل لو تَرَكَ التشهُّد الأوَّلَ وقامَ فإِنَّه لا يَرْجِعُ له.
الشيخ: فإنَّه إذا استَتَمَّ قائمًا لا يرجع، تمام.
طيب، ذَكَرْنا أن القولَ الراجحَ أنه يسجدُ بعد السلام، ما هو الدليل؟
طالب: حديثُ ذِي اليدينِ أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أخبره أنه سلم في الركعتينِ، فسألَ الصحابةَ رضي الله عنهم بعدما كلَّمهُ ذو اليدينِ رضي الله عنه، (
…
) الرسول صلى الله عليه وسلم فسَجَدَ بعد الـ .. (13).
الشيخ: يعني قصة ذِي اليدينِ.
وغيرها؟
الطالب: حديثُ أبي هريرة.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: ما أحفظُه.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: معنى الحديث يعني.
الشيخ: أيش معنى الحديث؟
الطالب: أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلَّى خمسًا (9).
الشيخ: ليس لأبي هريرة.
طالب: حديثُ ابن مسعودٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الظُّهرَ فقامَ إلى الخامسةِ، فبعد انتهائه من الصلاة ذكَّروه.
الشيخ: صلَّى الظُّهْرَ خمسًا، ما أحدٌ يقول: صلى الظُّهْرَ فقام إلى الخامسة، الحديث: صلَّى الظُّهْرَ خمسًا.
الطالب: فذكَّره الصحابةُ أنه صلَّى الخامسةَ، ثم بعد ..
الشيخ: قالوا: أَزِيدَ في الصلاةِ؟ قال: «وَمَا ذَاكَ؟ » ، قالوا: صَلَّيْتَ خمسًا.
الطالب: صلَّيْتَ خمسًا، فبعد ذلك؛ فبعد أنْ سلَّم من التشهُّد استقبل ..
الشيخ: ويش الكلام هذا: (سلَّم من التشهد)؟ !
الطالب: فبعدما انتهى السلام ..
الشيخ: فلَمَّا صلَّى خمسًا وسلَّمَ سألوه: هل زِيدَ في الصلاة؟ قال: «لَا» ، قال:«وَمَا ذَاكَ؟ » . قالوا: صَلَّيْتَ خمسًا، قال ..
الطالب: فسَجَدَ سجدتينِ للسَّهْوِ وسلَّمَ بعد السلام الأول (9).
الشيخ: طيب، إذا قال لك قائلٌ: استدلالك بهذا الحديث ليس بصحيحٍ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلمْ بالزيادةِ إلا بعدَ السلامِ، فكان من الضروريِّ أنْ يكون السجودُ بعد السلام.
أجِبْ وإلَّا لا تُرَجِّحْ أنَّ السجودَ في هذا بعدَ السلامِ.
طالب: أقول: إنَّ هذا المعترضَ كلامُه غيرُ صحيحٍ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سَنَّ السجودَ زيادة، لو لَمْ يكنْ بعدَ السلامِ لأشارَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ موضعَه ليس بعدَ السلام، فلمَّا سَكَتَ بيَّنَ أنَّ موضعَهُ هو الذي بعدَ السلامِ.
الشيخ: نعم، نقول: الجواب على اعتراضه أنَّه لو كان السجودُ في هذا الحالِ قبلَ السلامِ لَبَيَّنَهُ الرسولُ عليه الصلاة والسلام لأنه سيعلم أنَّ الناس سيفعلون مثلَ فِعْله.
طالب: (
…
) استدلَّ بحديث ذِي اليدينِ.
الشيخ: اصبرْ، نريد المناقشةَ في حديثِ ابنِ مسعودٍ.
استدللْنا أيضًا بالنَّظَر، استدللْنا بأنه يسجدُ إذا زادَ بعد السلامِ بالنَّظَر مع الأَثَر، ما هو النَّظَر؟
طالب: بأنه حينما زادَ الفعلَ مِن جنْسِ الصلاةِ زيادةً عَلِمْنا أنه لا يُزاد قبلَ السلامِ فيصبح فيه زيادتانِ؛ زادَ الفعلَ وزادَ السجودَ، فإذا كانت زيادةُ الفعل قبلَ السلامِ فيكونُ السجودُ بعدَ السلامِ.
الشيخ: يعني معناه أنَّه لَمَّا كانت الزيادةُ زيادةً وكان سجودُ السهوِ أيضًا زيادةً، كان من الأَنْسبِ نَظَرًا أنْ يكونَ سجودُ السَّهْوِ بعدَ السلامِ لئلَّا يجتمع زيادتانِ.
يقول المؤلف: إن سبَّحَ به ثِقَتانِ لَزِمَ الرجوعُ إلى قولهما، لكن اشترطَ المؤلف شروطًا؟
طالب: الشروط هي أولًا: إذا كان ظنُّه غالبًا على .. يعني: ما رَجَحَ الظنُّ، يعقِد قوله إذا ما رَجَحَ الظنُّ.
الشيخ: إذا ما رَجَحَ الظنُّ؟
الطالب: إي.
الشيخ: لا.
الطالب: يعني إذا كان ظنُّه على الخطأ وظنُّه أن الصواب هذا حتى يقوم، والثقتانِ: سبحانَ اللهِ؛ يعني اجلِسْ، والظنُّ الغالب القيامٌ، يعني وتَرَكَ ..
الشيخ: ما أدركْتَ تمامًا.
الطالب: يعني ما حَضَرْتُ في الدرس (
…
).
الشيخ: طيب، معذورٌ إذَنْ.
طالب: إذا لَمْ يَجزِم الإمام.
الشيخ: اشترطَ أنْ يكونا اثنينِ.
الطالب: أنْ يكونا ثِقَتينِ، الثاني ..
الشيخ: الثالث.
الطالب: ألَّا يَجزِم ..
الشيخ: ألَّا يَجزِم.
الطالب: على .. ألَّا يَجزِم على ..
الشيخ: اصبروا يا جماعة، بَس هو الآن عَرَفَها بقلْبه، لكنْ ما عبَّرَ بها لسانُه.
الطالب: لا يَجزِم على السهْو.
طالب آخر: يُمْكن يكون اختار في نفْسِه أنه هو الصواب.
الشيخ: يعني ألَّا يَجزِم بصوابِ ..
الطالب: نفْسِه.
الشيخ: فإنْ جَزَمَ بصوابِ نفْسِه لم يلتفتْ إليهما. طيب، ثلاثة شروط.
لو سبَّحتْ به امرأةٌ؟
طالب: امرأةٌ واحدةٌ لا تكفي، حتى ولوْ كان رجُلًا واحدًا لا يكفي أيضًا أنه يرجع إليه.
الشيخ: يعني الواحد لا يكفي.
الطالب: نعم، واحد أو واحدة.
الشيخ: إذا سبَّح به مَن لا يعرفُ حالَه أثِقَةٌ هو أمْ لا؟
طالب: إنْ لَمْ يَجزِم بصوابِ نفْسِه يا شيخ.
الشيخ: لا، سبَّح به مَنْ لا يعلم أثِقَةٌ هو أمْ لا؟
الطالب: على فهْمِ المؤلِّف: لا يَلْزم.
الشيخ: لا يَلْزم.
الطالب: نعم.
الشيخ: منين تأخذه من كلام المؤلف؟
الطالب: (وإنْ سَبَّحَ به ثِقَتانِ).
الشيخ: (ثِقَتانِ)، طيب.
إذا جَزَمَ بصوابِ نفْسِه؟
طالب: لا يجوز له الرجوعُ إلى قولهما.
الشيخ: لا يجوز الرجوعُ إلى قولهما، كذا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب، إذا غَلَبَ على ظنِّه صوابُ نفْسِه؟
طالب: لا يلتفتُ إليهما.
الشيخ: توافقونه؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: خطأ، إذا غَلَب على ظنِّه صوابُ نفْسِه وخطؤهما.
طالب: إذا غَلَبَ على نفْسِه.
الشيخ: على ظنِّه.
الطالب: نعم، أنه هو المصيبُ يعني.
الشيخ: أنه هو المصيبُ وأنهما مخطئانِ؟
الطالب: نعم، لا يلتفتُ إليهما.
طالب آخر: يرجعُ إلى ثقتهم؛ لأن هذا ظنٌّ وليس متيقِّنًا.
الشيخ: المؤلف يقول: (ولَمْ يَجزِمْ بصوابِ نفْسِه)، فعلى هذا يجب الرجوعُ إلى قولهما.
طيب، إذا تساوَى عنده الأمرانِ؛ ظنُّه وقولُهما، هلْ يرجعُ إلى قولهما؟
طالب: نعم، يجب عليه الرجوعُ.
الشيخ: يجب عليه الرجوعُ.
الطالب: لأنه إذا تساوَى فليسَ به ظنٌّ راجحٌ، بلْ هو شكٌّ، ومع تسبيحهما ..
الشيخ: يعني يجب الرجوعُ.
الطالب: نعم، يجب.
الشيخ: مِن أين تأخذُهُ مِن كلامِ المؤلف؟
الطالب: (سَبَّحَ بِهِ ثِقَتانِ).
الشيخ: لا.
الطالب: (ولَمْ يَجزِمْ بصوابِ نفْسِه)، وهذا ..
الشيخ: من قوله: (ولَمْ يَجزِمْ بصوابِ نفْسِه).
إذا غَلَبَ على ظنِّه صِدْقُهما؟
طالب: هذا بلا شكٍّ يرجع إليهما؛ لأنه لَمْ يَجزِمْ بصوابِ نفْسِه.
الشيخ: لَمْ يَجزِمْ بصوابِ نفْسِه، صح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذا تيقَّنَ صِحَّةَ قولِهما؟
طالب: يجب عليه الرجوعُ.
الشيخ: يجب الرجوعُ.
إذَن صار خمس حالاتٍ الآن، كذا؟
إنْ جَزَمَ بخطئهما؟
الطلبة: لم يرجعْ.
الشيخ: لم يرجعْ.
إذا غَلَبَ على ظنِّه صوابُ نفْسِه؟
الطلبة: رَجَعَ إليهما.
الشيخ: رَجَعَ إليهما.
إذا غَلَبَ على ظنِّه صوابُ قولهما؟
طالب: رَجَعَ إليهما.
الشيخ: رَجَعَ إليهما.
إذا تساوَى عنده الأمْرانِ؟
الطلبة: رَجَعَ إليهما.
الشيخ: رَجَعَ إليهما.
إذا تيقَّنَ صوابَهما؟
طلبة: رَجَعَ إليهما.
طالب آخر: لا يرجع.
الشيخ: رَجَعَ إليهما.
إذَنْ هذه خمسُ حالاتٍ.
قال المؤلف: (إذا سَبَّحَ به)، هل المراد التسبيحُ، أو التنبيهُ بأيِّ وسيلةٍ؟
طالب: التنبيه.
الشيخ: التنبيه، يعني لو نبَّهاه؟
الطالب: فإذا نبَّهوه إذا كانتْ بزيادة ..
الشيخ: بزيادةٍ أو نقْصٍ، أقول: لو نبَّهاه بدون تسبيحٍ؛ بالإشارةِ مثلًا؛ افرِضْ واحد يصلِّي جانبه؛ يعني يأتون يصلون جماعةً؛ واحد على اليمين وواحد على اليسار، فجَلَس كل واحدٍ مَسَك يدَه وقال: قُم، لكنْ ما قال: سُبحان الله؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: يعني هلْ نقول هذا التنبيه يُغني عن التسبيح؟
الطالب: يغني.
الشيخ: يغني. طيب، لماذا اختار المؤلف التعبير بالتسبيح؟
الطالب: لأنه أَنْسَب إذا كانوا مأمومينَ.
الشيخ: لا.
طالب: للحديث: «إِذَا نَابَ أَحَدَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ» (8).
الشيخ: صحيح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذَنْ عبَّرَ بالتسبيح لأنه جاء به الحديثُ، وإلَّا المراد ..
وصلاةُ مَن تَبِعَه عالِمًا، لا جاهِلًا أو نَاسِيًا ولا مَن فارَقَه، وعَمَلٌ مُسْتَكْثَرٌ عادةً من غيرِ جِنْسِ الصلاةِ يُبْطِلُها عَمْدُه وسَهْوُه، ولا يُشْرَعُ ليَسيرِه سُجودٌ، ولا تَبْطُلُ بيسيرِ أَكْلٍ أو شُرْبٍ سَهْوًا، ولا نَفْلٌ بيسيرِ شُرْبٍ عَمْدًا، وإن أتى بقَولٍ مَشروعٍ في غيرِ مُوْضِعِه كقراءةٍ في سجودٍ وقُعودٍ وتَشَهُّدٍ في قِيامٍ وقراءةِ سورةٍ في الأَخيرتَيْنِ لم تَبْطُلْ ولم يَجِبْ له سُجودٌ، بل يُشْرَعُ، وإن سَلَّمَ قَبلَ إتمامِها عَمْدًا بَطَلَتْ، وإن كان سهوًا ثم ذَكَرَ قريبًا أَتَمَّها وسجَدَ، فإن طالَ الفصلُ أو تَكَلَّمَ لغيرِ مَصْلَحَتِها بَطَلَتْ ككلامِه في صُلْبِها، ولِمَصلحتِها إن كان يسيرًا لم تَبْطُلْ، وقَهْقَهَةٌ ككلامٍ، وإن نَفَخَ أو انْتَحَبَ من غيرِ خشيةِ اللهِ تعالى أو تَنَحْنَحَ من غيرِ حاجةٍ فَبَانَ حَرفانِ بَطَلَتْ.
طلبة: لم يرجع.
الشيخ: لم يرجع. إذا غلب على ظنه صواب نفسه؟
طلبة: رجع إليها.
الشيخ: رجع إليها. إذا غلب على ظنه صواب قولهما؟
طلبة: رجع إليهما.
الشيخ: رجع إليهما. إذا تساوى عنده الأمران؟
طلبة: رجع إليهما.
الشيخ: رجع إليهما. إذا تيقن صوابهما؟
طلبة: رجع إليهما.
الشيخ: رجع إليهما. إذن هذه خمس حالات.
قال المؤلف: (إذا سبَّح به) هل المراد التسبيح أو التنبيه بأي وسيلة؟ التنبيه؛ يعني: لو نبَّهاه.
طالب: فإذا نبَّهاه إذا كانت بزيادة ..
الشيخ: بزيادة أو نقص، أقول: لو نبَّهاه بدون تسبيح.
طالب: (
…
) تسبيح.
الشيخ: بالإشارة مثلًا، افرض واحد يصلي جنبه؛ يعني: اثنين يصلون جماعة، أو واحد عن يمينه وواحد عن يساره، فجلس كل واحد من (
…
) قال له: قم، لكن ما قال: سبحان الله.
طالب: يعني: كل واحد يقومه لحاله؟
الشيخ: يعني: هل نقول: هذا التنبيه يغني عن التسبيح؟
الطالب: يغني.
الشيخ: يغني، طيب لماذا اختار المؤلف التعبير بالتسبيح؟
طالب: (
…
) إذا كانوا مأمومين.
الشيخ: لا.
طالب: للحديث: «إِذَا نَابَ أَحَدَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاةٍ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ» (1).
الشيخ: صحيح؟
الطلبة: صحيح.
الشيخ: إذن عبَّر بالتسبيح؛ لأنه جاء به الحديث، والمراد: التنبيه، ما تقولون فيمن تابع الإمام وترك تسبيح الثقتين؟
طالب: يجوز له ألَّا يتابع الإمام.
الشيخ: يعني: تابع الإمام، المهم أنه تابع الإمام؟
الطالب: لا يتابع الإمام.
الشيخ: لا يتابعه، كذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لو تابعه هل تبطل صلاته؟
طالب: لا، ما تبطل.
الشيخ: ما تبطل، سواء كان عالمًا أو جاهلًا؟
الطالب: لا، إذا كان عالمًا تبطل صلاته.
الشيخ: إذا كان جاهلًا؟
طالب: إذا كان جاهلًا ما تبطل.
الشيخ: ما تبطل، صحيح يا جماعة؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: إي نعم، إن كان جاهلًا فإنها لا تبطل، وإن كان عالمًا بطلت.
قول المؤلف: (ولا من فارقه) يعني: لا تبطل صلاة من فارق الإمام الذي قام إلى زائدة، هل يؤخذ من هذا الكلام أنه تجب مفارقته في هذا الحال؟
طالب: تجب.
الشيخ: تجب، إذن لا يجوز متابعة الإمام في الزيادة، صح؟
طلبة: صح.
الشيخ: صحيح، وهذا الذي مشى عليه المؤلف.
لكن لو قال قائل: لماذا لا نتابعه فلعل الإمام نسي الفاتحة مثلًا في إحدى الركعات، فقام؟
طالب: نقول: لأن المأموم نسي الفاتحة.
الشيخ: ما نسي الفاتحة، المأموم ماشي.
الطالب: المأموم ما نسي؛ لأنها تعتبر زيادة بالنسبة للمأموم، وليست زيادة بالنسبة للإمام، المأموم يجلس ..
الشيخ: نقول: المأموم في هذه الحال لا يفارق ولا يتابع، ويش يعمل؟ يجلس وينتظر حتى يسلم مع الإمام؛ لأنه الآن لم يتيقن أن الإمام أخطأ في الزيادة، ولكنه قد تيقن الزيادة، بس لا يدري هل الإمام مخطئ فيها أو لا؟ فلذلك نجعل الحكم بين الحكمين نقول: لا تفارق، ولا تتابع.
قال المؤلف رحمه الله: (وعمل مستكثر عادةً من غير جنس الصلاة يبطلها عمده وسهوه، ولا يشرع ليسيره سجود).
(عمل) مبتدأ، وحينئذٍ يأتينا النحاة فيقولون: لماذا تبتدئون بالنكرة؟ فنقول لهم: لأنكم سامحتمونا إذا كانت النكرة موصوفة، وهذه النكرة موصوفة بماذا؟ (مستكثر)، (عمل مستكثر)، إذن (عمل) مبتدأ، (ومستكثر) صفة له، وقوله:(يبطلها) الجملة خبر المبتدأ.
(عمل مستكثر) مستكثر أي: محكوم بكثرته، ولو عبَّر المؤلف بقوله:(كثير) لأغنى عن قوله: (مستكثر)؛ لأن المعنى واحد.
وقوله: (عادة) أي: في العادة؛ في عادة الناس، إذا قال الناس: هذا العمل كثير في الصلاة فهذا مستكثر عادةً، وإن قالوا: هذا عمل يسير فهو يسير. إذن ليس لهذا ضابط شرعي، بل هو راجع إلى العادة.
فإذا قال قائل: كيف نرجع إلى العادة في أمر تعبدي؟ صحيح أن الإنفاق على الزوجة والإنفاق على الأقارب هذا راجع للعادة {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، لكن عبادة يرجع فيها للعادة؟
نقول: نعم، نرجع فيها للعادة؛ لأن الشرع لم يحدد ذلك، لم يقل مثلًا: من تحرك في صلاته ثلاث مرات فصلاته باطلة، ولم يقل: من تحرك أربعًا فصلاته باطلة، ولم يقل: من تحرك اثنتين فصلاته باطلة، إذن يرجع إلى العرف.
فإذا قال الناس: واللهِ هذا عمل ينافي الصلاة، الذي يشاهد هذا الرجل وحركاته يقول: إنه لا يصلي، فحينئذٍ يكون مستكثرًا، أما إذا قالوا: إن هذا يسير فإنه لا يضر.
ولنضرب لذلك أمثلة بفعل سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام: لو كان مع الإنسان وهو يصلي صبي يحمله لأنه يصيح، فحمله من أجل أن يمسك عن الصياح فيسلم الصبي من الأذى، ويُقبِل هذا الرجل على صلاته؛ لأن بكاء الصبي سوف يشغله، فإذا حمله وسكت الصبي أقبل على صلاته، فحمل الصبي في صلاته، وجعل إذا ركع وضعه، وإذا سجد وضعه، وإذا قام حمله، فعندنا عدة حركات، ولَّا لا؟ حركة الحمل، وحركة الرفع، وحركة الوضع، وربما نقول: وتَحَمُّل الحمل؛ لأن الصبي إذا كان كبيرًا فسيثقل على المصلي، كل هذا نعتبره يسيرًا لا يبطل الصلاة.
قرع عليه الباب رجل والباب قريب، فتقدم ولكنه مستقبل القبلة، أو تأخر إلى الوراء وهو مستقبل القبلة، أو ذهب على اليمين وهو مستقبل القبلة، أو على اليسار وهو مستقبل القبلة ففتح الباب، فهذا يسير، إذا كان الباب قريبًا فهو يسير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فتح الباب لعائشة (2).
رجل معه دابة وهو يصلي وقد أمسك زمامها بيده، وجعلت الدابة تنازعه، وإذا نازعته فلا بد أن يكون منه حركة؛ إما تحمل للجذب، وإما انقياد معها يسيرًا، نقول: هذا أيضا يسير؛ لفعل الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك، فهذا كله يسير.
رجل أصابته حكة أشغلته؛ إن سكت سكت وقلبه منشغل، وإن تحرك وحكها بردت عليه وأقبل على صلاته، فأيهما أولى؟
طلبة: أولى أن يحكها.
الشيخ: أولى أن يحكها ويُقبِل على صلاته؛ لأن هذا عمل يسير، وفيه مصلحة للصلاة.
رجل معه قلم وكان ناسيًا محفوظاته، فلما دخل في الصلاة حفظها، والاختبار قريب، ولنقل: إنه يصلي في مسجد الكلية ما عنده مراجع، فذكر القطعة خمسة أسطر، فأخرج الورقة وجعل يكتبها وهو يصلي؛ لأنه خاف إن انفتل من صلاته أن ينسى، ما تقولون في هذا، كثير ذا؟
طلبة: كثير.
الشيخ: هذا كثير، لكن لو كانت كلمة أو كلمتين فهو يسير، فإذا احتاج إلى ذلك فلا بأس في الصلاة؛ لأنه أحيانًا يكون للإنسان أمر ضروري لا بد أن يذكره، والشيطان إذا دخل للإنسان في الصلاة أقبل إليه وجعل يقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكره حتى يذكره، رأفة به؟ أبدًا، لكن إفسادًا لعبادته، هو يحب أن يشغله عن العبادة حتى تبقى الصلاة جسدًا بلا روح، الكلام على أنه إذا كان العمل كثيرًا.
يقول: (وعمل مستكثر عادةً من غير جنس الصلاة)(من غير جنس الصلاة) احترازًا مما لو كان كثيرًا من جنس الصلاة، فإن الكثير من جنس الصلاة سبق الكلام عليه؛ إن تعمده بطلت، وإن لم يتعمده سجد لسهوه.
وقول المؤلف: (من غير جنس الصلاة) يحتاج إلى زيادة قيد رابع: لغير ضرورة؛ لأنه إذا كان لضرورة فإنه لا يبطل الصلاة ولو كثر؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]، ومعلوم أن الرجال سيكون منهم عمل كثير، الرجال الذين يمشون على أرجلهم.
إذن (عمل مستكثر عادة من غير جنس الصلاة) ومن غير أيش؟
طلبة: ضرورة.
الشيخ: ضرورة، يقول:(يبطلها عمده وسهوه) أما عمده فواضح أنه يبطل الصلاة، وأما سهوه فقال المؤلف: إنه يبطل الصلاة؛ يعني: لو سرح الإنسان سرحًا كاملًا في الصلاة، وتحرك حركات كثيرةً فيقول المؤلف: إنه يبطل الصلاة؛ وذلك لأنه منافٍ للصلاة مغير لهيئتها، فاستوى فيه العمد والسهو.
ولكن القول الثاني: أنه إذا كان سهوًا فإنه لا يبطل الصلاة ما لم يغير الصلاة عن هيئتها، مثل: واحد سها وكان جائعًا، فتقدم إلى التمر وقام يأكل ويشرب ناسيًا أنه في صلاة، لما شبع ذكر أنه يصلي، ويش هذا؟
طلبة: منافٍ.
الشيخ: هذا منافٍ غاية المنافاة للصلاة، هذا ما يصح، لكن لو كان عملًا كثيرًا لكنه لا ينافي الصلاة منافاة بينة؛ بمعنى أنه يمكن أن يقع السهو فيه، فالصحيح أنه لا يبطل الصلاة؛ لأن القاعدة الشرعية عندنا أن فعل المحظور يعذر فيه بالجهل والنسيان، هذه القاعدة العامة.
يقول المؤلف: (يبطلها عمده وسهوه) كم الشروط؟ أنه كثير، من غير جنس الصلاة، لغير ضرورة، باقٍ رابع نسيناه، متوالٍ؛ يعني: غير متفرق، فلو فرضنا أنه في الركعة الأولى تحرك حركة لكن ليست كثيرة، وفي الركعة الثانية كذلك، والثالثة والرابعة، ولو جمعنا الحركات لكانت كثيرة فإن الصلاة لا تبطل؛ لأن الفعل غير متوالٍ؛ متفرق.
قال: (ولا يشرع ليسيره سجود) لا يشرع؛ أي: لا يجب ولا يستحب؛ لأن المشروع يشمل الواجب والمستحب؛ أي: لا يجب ولا يُسَن سجودٌ لهذا العمل؛ لأن هذا العمل نسأل: هل يبطل الصلاة أو لا يبطلها؟ ولا نسأل: هل يوجب السهو أو لا يوجب؟ لأن هذا الفعل من غير جنس الصلاة، وإنما نص المؤلف على أنه لا يشرع ليسيره سجود؛ لأن في ذلك خلافًا.
وأنا أظن أني ذكرت لكم سابقًا أن المؤلف إذا نفى شيئًا لا داعي لذكره فهو إشارة إلى وجود خلاف، ولَّا ما حاجة يقول: لا يشرع لسجوده؛ لأن عدم ذكر مشروعية السجود يغني عن نفي مشروعية السجود.
على كل حال، بعض العلماء يقول: يشرع ليسيره سجود، وحجته أن كثيره يبطل الصلاة، فكان يسيره يشرع له السجود، لكن هذا قياس غير صحيح، نعم لو قال: يشرع لسهوه سجود إذا كان كثيرًا لكان القياس قد يُقبَل، أما أن يكون هناك فرق بين اليسير والكثير، ثم يريد أن يقيس هذا على ما إذا فعل فعلًا يبطل الصلاة عمده فإنه يشرع للسجود أو يجب، فالقياس ليس بمحله.
ثم قال المؤلف: (ولا تبطل بيسير أكل وشرب سهوًا، ولا نفل بيسير شرب عمدًا) قوله: (لا تبطل) الضمير يعود على الصلاة؛ فرضها ونفلها.
(بيسير أكل وشرب سهوًا) يعني: إنسان ساهٍ، وكان في مخبأته فصفص، فأخذ من هذا المخبأة وبدأ يفصفص، لكنه ساهٍ، فهل تبطل الصلاة؟ لا، ليش؟ لأنه يسير، لكن لو كان كثيرًا؛ بأن يكون قد اشترى كيلو من العنب وحمله على رأسه ونسي، وبدأ يأكل هذا العنب حتى فرغ الكيلو كله، فهذا أيش؟
طلبة: كثير.
الشيخ: كثير ولَّا لا؟ كثير، إذن تبطل الصلاة ولو كان ساهيًا.
ما ظنكم لو كان صائمًا، فأكل الكيلو من العنب وهو ساهٍ؟
طلبة: صومه صحيح.
الشيخ: صومه صحيح، نعم، تمام.
يقول: وكذلك لا تبطل بيسير شرب سهوًا، لا الفرض ولا النفل، فإن كان عمدًا بطلت، لكن استثنى المؤلف قال:(ولا نفل بيسير شرب عمدًا) يعني: ولا يبطل النفل؛ كالراتبة والوتر وصلاة الليل وصلاة الضحى وتحية المسجد لا تبطل بيسير شرب عمدًا.
هل يبطل النفل بيسير الأكل عمدًا؟
طلبة: نعم، يبطل.
الشيخ: نعم؛ لأن كلام المؤلف الأول: (ولا تبطل بيسير أكل وشرب سهوًا، ولا نفل بيسير شرب عمدًا) فبهذا عرفنا تبطل الصلاة فرضها ونفلها بالأكل الكثير سهوًا أو عمدًا، لا تبطل بالأكل اليسير سهوًا، وتبطل عمدًا، الشرب تبطل بالشرب الكثير عمدًا، تبطل بالشرب الكثير سهوًا أو لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، تبطل بالشرب اليسير عمدًا؟
طلبة: لا، إذا كانت فرضًا.
الشيخ: إذا كانت فرضًا لا إذا كانت نفلًا، لماذا؟ عللوا ذلك بأثر ونظر:
أما الأثر فقالوا: إن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وعن أبيه كان يطيل النفل وربما عطش فشرب يسيرًا (3)، قالوا: وهذا فعل صحابي، وفعل الصحابي إذا لم يعارضه نص أو صحابي آخر فهو حجة.
واستدلوا أيضا بنظر؛ بأن النفل أخف من الفرض، بدليل أن هناك واجبات تسقط في النفل، ولا تسقط في الفرض، كاستقبال القبلة في السفر، تسقط في النافلة ولا تسقط في الفريضة، بشروطها المعروفة، قالوا: فإذا كانت النفل أخف وكان الإنسان ربما يطيلها كثيرًا سومح في الشرب اليسير.
فإذا قال قائل: إذن فسامحوا في الأكل اليسير؟
قلنا: لا، هناك فرق بين الشرب والأكل؛ الأكل يحتاج إلى مضغ وحركات أكثر، وأما الماء فإنه لا يحتاج.
وظاهر كلام المؤلف: (يسير شرب) أنه لا فرق بين أن يكون الشرب ماءً أو لبنًا أو عصيرًا، أو نحو ذلك، إلا أنهم قالوا: إن بلع الذوب -ذوب السكر- في الفم كالأكل. وبعضهم قال: كالشرب.
فعلى قول من يقول: إن بلع الذوب؛ ذوب السكر إذا كان في الفم كالأكل، نقول: لا يعفى عنه؛ عن العصير وأشباهه؛ لأنه يشبه ذوب السكر، وعلى القول الثاني يعفى عنه في النفل.
القول الثاني في أصل المسألة: أنه لا يعفى عن يسير الشرب في النفل كما لا يعفى عنه في الفرض، وعللوا ذلك بأن الأصل تساوي الفرض والنفل، وهذا قول أكثر أهل العلم على أنه لا يعفى عن يسير الشرب والأكل عمدًا، لا في الفرض ولا في النفل، لا الأكل ولا الشرب، هذا الأقرب؛ الأقرب أنه لا يعفى على القول بأنه يعفى عن اليسير، المرجع في اليسير والكثير إلى العرف.
يقول: (وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة في سجود وقعود وتشهد في قيام وقراءة سورة في الأخيرتين لم تبطل، ولم يجب له سجود، بل يشرع).
قوله: (إن أتى) أي: المصلي، (بقول مشروع) أي: قد شرعه الشارع، سواء كان مشروعًا على سبيل الوجوب كالتسبيح وقراءة الفاتحة، أو على سبيل الاستحباب كقراءة السورة.
وقوله: (في غير موضعه) متعلق بأيش؟
طلبة: بـ (أتى).
الشيخ: بـ (أتى)؛ يعني: إن أتى في غير موضع القول المشروع بالقول المشروع وليست متعلقة بمشروع؛ لأنه ليس هناك قول مشروع في غير موضعه.
مثاله: (كقراءة في سجود) القراءة في السجود غير مشروعة، بل منهي عنها، وكذلك القراءة في الركوع غير مشروعة، بل منهي عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» (4).
يقول وكذلك: (تشهد في قيام) التشهد أين يشرع؟
طلبة: في الجلوس.
الشيخ: في الجلوس، لكن هذا رجل نسي فتشهد وهو قائم، فأتى بقول مشروع في غير موضعه.
(وقراءة سورة في الأخيرتين) هذا أيضًا أتى بقول مشروع في غير موضعه؛ لأن الركعتين الأخيرتين لا تشرع فيهما القراءة بغير الفاتحة على المشهور من المذهب، وقد مر علينا هذا في باب صفة الصلاة، وأنه ينبغي أحيانًا أن يقرأ بزائد على السورتين، لكن أحيانًا، إنما على المذهب إذا أتى بقراءة سورة في الأخيرتين فهذا غير مشروع.
يقول المؤلف: (كقراءة في ركوع) يعني: مع الإتيان بـ (سبحان ربي العظيم)؛ لأنه إن قرأ في الركوع ولم يقل: سبحان ربي العظيم صار نقص واجبًا، فيلزمه سجود السهو، لكن إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه مع الإتيان بالقول المشروع في ذلك الموضع، انتبهوا لهذه المسألة: إن أتى بقول مشروع في غير موضعه مع الإتيان بالقول المشروع في موضعه؛ فقرأ في الركوع مع قول: (سبحان ربي العظيم)، قرأ في السجود مع قول:(سبحان ربي الأعلى)، قرأ في القعود مع قول:(رب اغفر لي)، قرأ في التشهد مع إتيانه بالتشهد، يقول المؤلف:(لم تبطل) بتعمده، حتى وإن قرأ في الركوع، وإن قرأ في السجود، لماذا لا تبطل؟ لأنه قول مشروع في الجملة في الصلاة، لكنه في غير هذا الموضع.
وقال بعض العلماء: بل إذا قرأ في الركوع أو في السجود بطلت، انتبه؛ يعني: لو قرأ الإنسان في ركوعه قرآنًا أو في سجوده قرآنًا بطلت، واستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ القرآن وهو راكع أو ساجد (5)، والأصل في النهي التحريم، وعلى هذا فتكون قراءة القرآن في الركوع حرامًا، ومعلوم أن الإنسان إذا فعل ما يحرم في العبادة فسدت العبادة.
وإلى هذا ذهب بعض أهل الظاهر، بعض الظاهرية ذهبوا إلى هذا القول وقالوا: إن الإنسان إذا قرأ في الركوع أو في السجود بطلت صلاته؛ لأنه فعل محرمًا، والقاعدة الشرعية أن من فعل محرمًا في العبادة فسدت العبادة، وهذا محرم.
لكن الجمهور قالوا: هذا ليس محرمًا لعينه، لكنه محرم باعتبار موضعه، بخلاف الكلام؛ فالكلام في الصلاة لا شك أنه يبطل الصلاة؛ لأنه محرم بعينه، أما هذا فالأصل أن القراءة غير محرمة في الصلاة، لكن التحريم أو النهي عن كونها في هذا الموضع فقط، فلم يكن ذلك مبطلًا للصلاة.
طالب: لو كان قريب من التليفون وهو يصلي فهل يجيب (
…
) صوت القرآن؟
الشيخ: لا بأس أن يحمله ثم يسبح، لكن لو قال: إني أصلي تبطل؛ لأن هذا كلام.
طالب: قلنا بالنسبة لاستقبال القبلة في النوافل في السفر، كيف الاستقبال بالنسبة .. ؟
الشيخ: إذا كان سائرًا، كان يمشي عاد بالسيارة ما يشترط استقبال القبلة يصلي إلى جهة سيره.
الطالب: إذا ممكن يوجه السيارة إلى جهة القبلة ويكبر وبعدين يسير .. ؟
الشيخ: ما هو لازم.
طالب: هذا يشمل المأموم والمنفرد، كل هذه؟
الشيخ: كل مصل.
طالب: أي أكل يا شيخ يبطل الصلاة، فلو كان لحم جزور مثلًا بين أسنانه فما يبطل الصلاة؟
الشيخ: يبطل الصلاة.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: كيف ما يبطل الصلاة؟
الطالب: قول المؤلف: (ولا تبطل بيسير أكل وشرب سهوًا) دخلت بين أسنانه لحم جزور؟
الشيخ: لا، هذا لأنه ينقض الوضوء، فمعناه بطل وضوؤه ما هو من أجل أنه أكل، من أجل أنه أبطل الوضوء.
طالب: قولنا: لا تبطل بيسير أكل وشرب سهوًا وجهلًا، والقاعدة الشرعية: العفو عن الكثير واليسير بالسهو والجهل والإكراه، كيف؟
الشيخ: نحن نقول: مهما كان لكن إذا كان كثيرًا فهو يخرج الصلاة عن موضوعها.
الطالب: سهوًا؟
الشيخ: ولو كان سهوًا؛ لأنه أفسد الصلاة، واحد راح مثلًا كما قلنا: راح إلى طبق التمر وأكله ويقول: هذا يسير، ما هو بصحيح إذا كان كثيرًا.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، رجل كان يصلي وفي الركوع مرَّ به ابنه فقبَّل ابنه في خده؟
الشيخ: (
…
) حتى وهو جاي من السفر.
الطالب: أقول: عنده بس هو جالس.
الشيخ: واللهِ أنا أرى أن مثل هذا ما ينبغي، إلا إذا كان الصبي يصيح مثلًا وجرت العادة بأنه إذا قبَّله سكت فلا بأس.
الطالب: كان يلعب بس.
الشيخ: لا، ما أرى أنه يقبله، لكنها ما تبطل الصلاة؛ لأن هذا الفعل ليس بكثير.
طالب: بالنسبة لقول المؤلف: (نفل وفرض) هذا بالنسبة للصلاة المقطوع بنفلها وفرضها؟
الشيخ: المقطوع بهما؟
الطالب: مثلًا: مثل الصلوات الخمس والرواتب، ما فيه خلاف أن هذه نفل وهذه فرض، لكن هناك صلاة مختلف في وجوبها ونفلها ففعل الأكل ..
الشيخ: من يرى أنها واجبة فلها حكم الفريضة، ومن يرى أنها نافلة فلها حكم النافلة.
طالب: إذا اجتمع زيادة ونقص متى يسجد يا شيخ؟
الشيخ: يكون السجود قبل السلام.
الطالب: قبل السلام؟
الشيخ: يغلَّب ما قبل الصلاة، نعم.
طالب: (
…
) كثرة الحركة أن الإنسان يعرف بالعرف (
…
) كأنه ما يصلي، فنحكم عليه بأن صلاته باطلة، فهذا الرجل الذي يكتب إذا رأيناه ما نحكم أنه يصلي (
…
)؛ لذلك تبطل الصلاة؟
الشيخ: فرق بين الكتابة اليسيرة والقليلة.
الطالب: الإنسان الذي كان يكتب يا شيخ؛ يعني: يرى الرائي أن هذا الرجل ما يصلي؟
الشيخ: لا، ما يرى، إذا صار يسيرًا؛ يعني: كتب يسيرًا ونزل القلم ما يرى.
الطالب: شيخ، إذا أحرم الرجل بالنافلة بعد تكبيرة الإحرام توجب عليه؟
الشيخ: يعني: إذا دخل في النافلة صارت واجبة؟
الطالب: إي.
الشيخ: لا، ما هو واجب، له أن يقطعها.
الطالب: كالنذر عليه؟
الشيخ: لا، ما نذر، هو دخل في نفل يرى أنه نفل.
طالب: شيخ (
…
).
الشيخ: يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (باب سجود السهو) الإضافة هنا من باب؟
طالب: من إضافة الشيء إلى سببه.
الشيخ: من باب إضافة الشيء إلى سببه.
طالب: (
…
) يصير أن سببه السهو.
الشيخ: لأن سببه السهو، إي، والإضافة على تقدير (من)؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: هنا سجود السهو.
الطالب: على تقدير اللام.
الشيخ: على تقدير اللام، إي.
الطالب: سجود للسهو.
الشيخ: تمام، يقال: سها في صلاته وسها عن صلاته، ما الفرق بينهما؟
طالب: عن الصلاة لا يكون فيها.
الشيخ: السهو عن الصلاة لا يكون فيها، وفي الصلاة؟
الطالب: يعد فيها.
الشيخ: يكون فيها.
كم وقع السهو من الرسول صلى الله عليه وسلم؟
طالب: مرتين.
الشيخ: مرتين؟
طالب: ثلاث مرات.
الشيخ: ما هي؟
الطالب: في حديث ذي اليدين (6).
الشيخ: سلَّم من ركعتين.
الطالب: وصلى الرباعية خمسًا (7).
الشيخ: نعم.
الطالب: وفي حديث أبي هريرة.
الشيخ: ما عليك من عزو الحديث، بين الواقع (
…
).
الطالب: أنه بعدما فرغ، لا، ما أدري.
الشيخ: سلَّم بعد ركعتين، وصلى الظهر خمسًا.
طالب: وقام عن التشهد الأول.
الشيخ: وقام عن التشهد الأول، صح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: وفي حديث عمران بن الحصين أنه صلى الرباعية ثلاثًا (8)، لكن أكثر العلماء يقولون: إن هذا فيه شيء من الوهم وأنه إنما صلى الرباعية ركعتين.
وكم قولًا ورد عنه في السهو؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لا، كم قولًا؟
طالب: واحد، وهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» (9).
الشيخ: «فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» ، هذا واحد.
طالب: الثاني: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، ثُمَّ يَبْنِ عَلَيْهِ» (10).
الشيخ: اثنين.
طالب: وأيضًا ثالث أن الرسول يقول: «مَنْ شَكَّ» ..
ما تقول في رجل صلى الظهر خمسًا، (
…
) بالتشهد، ماذا يصنع؟
طالب: يسلِّم إن كان تشهد قبل الركعة الخامسة ..
الشيخ: هو الآن في التشهد، فذكر أنه صلى خمسًا، ماذا يصنع؟
الطالب: يكمل التشهد، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو، ثم يسلم.
الشيخ: هذا على القول الراجح، وعلى رأي المؤلف؟
الطالب: أنه يسجد قبل السلام.
الشيخ: يكمل التشهد، ثم يسجد، ثم يسلم. القول الراجح؟
طالب: أنه يسجد بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام، ما دليله؟
الطالب: النبي عليه الصلاة والسلام لما قام للتشهد الثاني ..
الشيخ: لا.
طالب: لما صلى خمسًا، فسلم ثم سجد ..
الشيخ: فذكَّروه فسجد وسلَّم.
فإذا قال لك قائل: لا دليل لك في هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بالزيادة إلا بعد السلام، فكان من الضروري أن يسجد بعد؟
طالب: لو كان فعل هذا خلافًا للصحيح لبينه.
الشيخ: خلاف المشروع، ما هو في الصحيح؛ لأن الرسول ما هو بيصحح ويبطل، خلاف المشروع لكان؟
طلبة: لبينه.
الشيخ: لبينه.
المؤلف يقول: (متى زاد فعلًا من جنس الصلاة) لماذا قال: من جنس الصلاة احترازًا من أيش؟
طالب: الأفعال التي ليست من جنس الصلاة.
الشيخ: مثل؟
الطالب: الأكل والشرب.
الشيخ: فهذه لها أحكام خاصة، كذا؟
طالب: نعم.
الشيخ: قوله: (من جنس الصلاة)، ثم قام ركوعًا وسجودًا أو قيامًا أو قعودًا، هل هذا البيان مخصص لعموم قوله:(فعل من جنس الصلاة)؟
طلبة: لا، هذا على سبيل (
…
).
الشيخ: على سبيل (
…
)؛ يعني: لو زاد في غير هذا؟
طالب: انطبق عليه الحكم.
الشيخ: انطبق عليه الحكم، إي نعم، توافقونه؟
طلبة: نعم.
طالب: نحن قلنا: إن مراد المؤلف يقتصر على هذه؛ يعني: هذه الأربع هي التي تغير ماهية الصلاة، أما ما عداها فلا؟
الشيخ: يعني: لو رفع يديه في غير محل الرفع لم يجب السجود، فهل يكون هذا البيان مخصصًا لعموم قوله:(فعلًا من جنس الصلاة)؟ إذن (قيامًا أو قعودًا) أو (ركوعًا أو سجودًا) هذا مبين لعموم قوله: (فعلًا من جنس الصلاة).
إذا علم بالزيادة بعد أن قرأ الفاتحة، ماذا يصنع؟
طالب: يعني: علم بالزيادة؟
الشيخ: نعم، قام للخامسة، لما شرع في قراءة الفاتحة وأتمها ذكر أن هذه الخامسة.
الطالب: يجب عليه أن يجلس، ويقرأ التشهد ثم يسلم ..
الشيخ: لكنه شرع في القراءة؟
الطالب: نعم، لكن شرع في القراءة في غير موضعها، فعمله هذا رد، فيجب عليه أن يجلس ويتشهد، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو.
الشيخ: تمام، هل دلَّ كلام المؤلف على ما قلت؟
الطالب: نعم، قال:(فإن زاد ركعة).
طالب آخر: (فإن علم فيها جلس في الحال، وتشهد إن لم يكن تشهد وسجد وسلم).
الشيخ: أحسنت، إن علم فيها جلس في الحال، حتى لو شرع في القراءة، حتى لو كان في الركوع، ووجه ذلك أنه إذا زاد فقد عمل عملًا ليس عليه أمر الله ورسوله.
إمام أخطأ فسبَّح به ثلاثة، هل يرجع إلى قولهم أو لا؟
طالب: نعم، يرجع إن كانا ثقتين، إن كان الثلاثة ثقات ..
الشيخ: هم ثلاثة ما هم باثنين؟
الطالب: يرجع لقولهم.
الشيخ: بس المؤلف يقول: (سبح به ثقتان)؟
الطالب: من باب أولى ثلاثة.
الشيخ: الثلاثة من باب أولى، يرجع إلى قولهما مطلقًا أو لا؟
طالب: إذا جزم بصواب نفسه لا يرجع إلى قولهما.
الشيخ: أحسنت، إن جزم بصواب نفسه لم يرجع إلى قولهما، وإلا؟
الطالب: يرجع إلى قولهما.
الشيخ: رجع إلى قولهما، هل لديك دليل؟
الطالب: قول النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» .
الشيخ: ولكن ما فيه بعد دليل أوضح من هذا؟
طالب: فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدين لما صلى ركعتين وسلم، فأخبره ذو اليدين أنه صلى ركعتين فسأل الصحابة، فأخبروه فقام وأتم الصلاة (5).
الشيخ: إذن قصة ذي اليدين، لما أخبره ذو اليدين لم يرجع إلى قوله، بل سأل الصحابة، فلما أخبروه رجع وأتم.
إذا غلب على ظنه خطؤهما لكن لم يجزم بصواب نفسه؟
طالب: يجب عليه الرجوع.
الشيخ: يجب الرجوع، وهو يظن أنهما خطأ؟
الطالب: نعم؛ لأنه لم يجزم بصواب نفسه.
الشيخ: لأنه لم يجزم بصواب نفسه، هذا على ظاهر كلام المؤلف؛ إذا لم يجزم بصواب نفسه يجب الرجوع، لكن ذكرنا أنه إذا ظن خطأهما فالصحيح أنه لا يرجع، كيف يرجع إلى شيء يظنه خطأ؟ ! لا يمكن، لكن ظاهر كلام المؤلف يقول: لما كان المسبحان اثنين وجب عليه أن يرجع إلى قولهما؛ لأن قولهما أرجح مما ظن.
لو سبح به ثقة واحد؟
طالب: على قول المؤلف أنه ما يرجع.
الشيخ: لا يرجع، ولو غلب على ظنه صدقه؟
طالب: ولو غلب على ظنه صِدْقُ هذا المسبح يرجع إلى قوله إن لم يجزم بصواب نفسه.
الشيخ: إي، هو غلب على ظنه صدقه معناه أنه ما عنده ما يخالف، هل يرجع أو لا؟
طالب: إي نعم، يرجع.
طالب آخر: ما يرجع.
الشيخ: لا يرجع، إذا كان واحدًا؟
طالب: لا يرجع.
الشيخ: ولو غلب على ظنه صدقه؟
الطالب: ولو غلب.
الشيخ: إي.
الطالب: يقول المؤلف: إنه إذا سبَّح به واحد فإنه لا يرجع.
الشيخ: لا يرجع، ولو غلب على ظنه صدقه؟
الطالب: على القول الراجح أنه ..
الشيخ: لا، دعنا من الراجح، نحن نتكلم عن ..
الطالب: لا يرجع.
الشيخ: لا يرجع ولو غلب على ظنه صدقه، هذا كلام المؤلف؛ لأن المؤلف رحمه الله يرى أنه لا عمل بغلبة الظن، لكننا ذكرنا .. ، من يعرف اللي ذكرنا في المسألة؟
طالب: ذكرنا أنه في الغالب أن هذا الإنسان يحصل له شك، فإذا شك فيرجع إلى قول هذا ..
الشيخ: هذا إذا غلب على ظنه أنه صادق وأنه مصيب، ذكرنا أن الراجح الرجوع إلى قوله، ورجحنا ذلك من وجهين؛ الأول: أن القول الراجح العمل بغلبة الظن في الزيادة والنقص في عدد الركعات، هذا القول الراجح، والثاني: أن هذا خبر ديني، فاكتفي فيه بخبر الواحد، كما نحكم بدخول الوقت بمجرد سماع مؤذن واحد، وكما نحكم بدخول رمضان برؤية رجل واحد، وكما نفطر بأذان رجل واحد، كذا ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذن إذا نبهه واحد على القول الراجح فإنه يرجع إلى قوله، بناء على أصلين من أصول الشريعة؛ وهما: الاكتفاء بغلبة الظن في العبادات، والثاني: أن هذا خبر ديني فيرجع فيه إلى قول الواحد.
ما تقول في رجلين دخلا مع الإمام وقد فاتهما بعض الصلاة، فاشتبه على أحدهما ما الذي فاتهما، هل يقتدي بصاحبه أو لا يقتدي؟ هذه تقع كثيرًا.
طالب: إن غلب على ظنه أن صاحبه على الصواب وهو كان شاكًّا، فعندما رأى زميله أتم الركعة ..
الشيخ: يعني: يعمل بما يفعله زميله إن غلب على ظنه أنه؟
الطالب: أنه مصيب.
الشيخ: أنه مصيب، تمام، صح، أما على المذهب؟
الطالب: لا.
الشيخ: فلا؛ لأنه واحد، المؤلف رحمه الله عبَّر فقال:(سبَّح به ثقتان)، هل هناك عبارة أعم من هذا؟
طالب: أعم من (
…
).
الشيخ: لا، أعم من (سبَّح).
الطالب: (نَبَّهَ).
الشيخ: نعم، أعم منها (نَبَّهَ)، لأيش؟
الطالب: لأنه يشمل ..
الشيخ: لأنه يشمل التنبيه بالتسبيح وبغيره، صحيح؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ولهذا عبَّر بذلك بعض العلماء، بعض الفقهاء قالوا: نبهه اثنان، لماذا اختار المؤلف (سبَّح)؟
طالب: لأنها وردت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ..
الشيخ: «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلَاتِكُمْ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ» (5)، كذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ما تقول في رجل كتب رسالة وهو يصلي، تذكر أنه بيكتب إلى زميله رسالة والبريد بيقفل من يوم يسلم (
…
) البريد، فخاف أن يفوته البريد، فجعل يكتب الرسالة وهو يصلى؟
طالب: هذه الصلاة بتبطل؛ لأنه أتى بعمل ينافي الصلاة.
الشيخ: إي نعم، (
…
) تبطل؟
طالب: (
…
) إن كان الكلام كلامًا يسيرًا ..
الشيخ: لا يا أخي، ما هو بكلام، ما تكلم مع أحد، طلع (
…
) والقلم وكتب.
طالب: إن كتب شيئًا يسيرًا ككلمة كلمتين فإنها لا تبطل، أما إذا كانت كتابة طويلة فإنها تبطل.
الشيخ: ما دليلك على أن اليسير لا يبطل؟
الطالب: حديث الزبير ..
الشيخ: لا، أنا أعهد أنك حافظ ذكي.
طالب: أن الرسول عليه الصلاة والسلام حمل بنت ابنته (12)، وأيضًا فتح الباب لعائشة (5) رضي الله عنها، فبالقياس على هذا لو شيئًا يسيرًا لا تبطل به الصلاة.
الشيخ: لا تبطل به الصلاة، صحيح يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، ما هو العلة في أن الكثير يبطل الصلاة؟
طالب: العلة لأن هذا الشيء الكثير ينافي الصلاة.
الشيخ: ينافي الصلاة، ويخرجها عن موضوعها.
ما تقول في رجل قال في الركوع: سبحان ربي الأعلى، هل يجب عليه السجود أو يُسَن ولا يجب؟
طالب: تذكَّر وقال: سبحان ربي العظيم هو .. ؟
الشيخ: فصِّل إذا كان يحتاج إلى تفصيل.
الطالب: هو ما يجب عليه الركوع، لكن يسن.
الشيخ: لا (
…
).
الطالب: ما يجب عليه سجود السهو.
الشيخ: لا يجب عليه سجود السهو.
الطالب: لكن يشرع له.
الشيخ: لكن يشرع، بدون تفصيل؟
الطالب: بعدما قال: سبحان ربي الأعلى تذكَّر أنه في الركوع فقال: سبحان ربي العظيم.
الشيخ: يعني: قصدك سبحان ربي العظيم، وبعدين؟
الطالب: هذا ما يجب له سجود السهو، ولكن يُشرع له السجود مطلقًا بدون تفصيل.
طالب آخر: إذا تركه متعمدًا تبطل صلاته.
الشيخ: ما ترك يا أخي، قال: سبحان ربي الأعلى وهو راكع؟
الطالب: بس، ما قال: سبحان ربي العظيم؟
الشيخ: ما أدري.
الطالب: نقول: إذا لم يقل: سبحان ربي العظيم، وقال: سبحان ربي الأعلى متعمدًا تبطل صلاته، وإن كان غير متعمد يسجد للسهو.
الشيخ: وجوبًا ولَّا استحبابًا؟
الطالب: لا، وجوبًا؛ لأنه ترك واجبًا.
الشيخ: وإن أتى بهما جميعًا؛ سبحان ربي الأعلى وسبحان ربي العظيم؟
الطالب: يشرع له السجود.
الشيخ: ويجب؟
الطالب: لا، ما يجب.
الشيخ: توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: صحيح، إذن لا بد من تفصيل، لكن إذا أردت أن تعرف أن الطالب يتكلم عن علم؛ يعني: لبِّس عليه كأن المسألة خطأ ولا شيء؛ إن كان عن علم جزم عليه، وإن كان على غير أساس رجع، وقام يقول: مطلقًا ولَّا مفصلًا.
ما تقول في رجل قرأ وهو ساجد؟
طالب: قرأ متعمدًا؟
الشيخ: متعمدًا.
الطالب: لو متعمدًا فإنه على قول من (
…
) تبطل صلاته؛ لأن القراءة محرَّمة في السجود.
الشيخ: القراءة تصير محرمة؟
طالب: في السجود والركوع، (
…
).
الشيخ: يعني: على قول من يرى أن الصلاة تبطل لو قرأ في السجود والركوع وقرأ عمدًا، لو سهوًا؟
الطالب: لا تبطل، ويسجد للسهو (
…
).
الشيخ: لكن بشرط أن يأتي بالذكر الواجب؛ سبحان ربي العظيم أو سبحان ربي الأعلى.
على قول من يقول: إنها لا تبطل الصلاة إذا قرأ في الركوع أو السجود، كيف يجيبون عن القاعدة المعروفة عند أهل العلم أن من أتى بمحرَّم في العبادة بطلت صلاته؟
طالب: نقول: إن هذا الفعل مشروع، ولكنه في غير موضعه.
الشيخ: في الأصل أنه مشروع، والتحريم في الموضع ما هو لأجل القراءة ذاتها، لكن لأجل أنها في غير موضعها، وهذا رأي الجمهور؛ أن الصلاة لا تبطل ولو قرأ في الركوع والسجود، وعللوا ذلك بأن هذا التحريم ليس لذات القراءة، بخلاف لو تكلم الإنسان في الصلاة بطلت صلاته؛ لأن الكلام ذاته محرم في الصلاة.
المؤلف رحمه الله يقول: (ولم يجب له سجود بل يشرع) العبارة ما فيها تناقض؟
طالب: ما فيها تناقض؛ لأنه ..
الشيخ: لم يجب، بل يشرع.
طالب: إي نعم، يعني يريد أنه يستحب السجود.
الشيخ: ما هم قالوا: إنَّ (شَرَعَ) و (يُشْرَعُ) و (مَشْرُوعٌ) يطلق على الواجب والمستحب.
طالب: بلى، لكن لما قال: ولا يجب دل هذا على أنه يستحب.
الشيخ: دل على أن المشروع في كلامهم يعني المستحب، صح ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذن نأخذ من هذا قاعدة: أن اللفظ إذا دل على معنيين فنفي أحدهما تعين الآخر، واضح؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ما تقول في شخص تابع إمامه في الركعة الزائدة وهو يعلم أنها زائدة؟
طالب: إذا كان يعلم أن المتابعة هنا تبطل الصلاة فإنها تبطل صلاته؛ لأنه فعل ما يبطل الصلاة عالمًا عامدًا.
الشيخ: وإن كان لا يدري؟
الطالب: وإن كان لا يدري بالحكم؛ لأنه الآن استثنى أنه عالم بزيادة الركعة، لكن إذا كان لا يدري بالحكم؛ لا يعلم أن المتابعة هنا محرمة فإنها لا تبطل الصلاة.
الشيخ: هل هذا الحكم الذي قلت مبني على قاعدة عند أهل العلم؟
الطالب: مبني على عدم المؤاخذة بالجهل في فعل المحظور.
الشيخ: عدم المؤاخذة بالجهل في فعل المحظور، والزيادة في الصلاة محظورة، فإذا فعلها الإنسان جاهلًا فلا؟
طالب: فلا إثم عليه.
الشيخ: فلا إثم عليه، ولا أثر للفعل، كذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: بناء على هذه القاعدة، ما تقول في رجل دخل عليه صديق له فسلَّم، فقال الذي يصلي: عليكم السلام ناسيًا، ويش تقول؟
طالب: نقول: صلاته باطلة.
الشيخ: ناسيًا؟
الطالب: وإن كان ناسيًا.
الشيخ: ما هو قلنا قبل قليل: إن المحظورات إذا فعلت والإنسان جاهل أو ناسٍ فإنه لا إثم فيها ولا أثر لها؟
طالب: لعله استثنى الكلام.
الشيخ: لعله، من أين جاءنا؟
الطالب: يعني -والله أعلم- استثنى الكلام في الصلاة.
الشيخ: ما يخالف، جيب لنا دليلًا.
طالب: والله أعلم أنه منهي الكلام في الصلاة.
الشيخ: صحيح، معلوم أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين، لكن إذن محظور الكلام، ممنوع، والقاعدة عندنا أن فعل الممنوع إذا كان الإنسان معذورًا بالجهل أو النسيان فلا أثر له، الإنسان لا يأثم، ولا يترتب عليه أي شيء، هذه القاعدة، افهموها يا جماعة.
إذن طبق القاعدة على هذه المسألة الذي سألتك عنها؛ سلَّم عليه صديقه فقال: السلام عليكم، قال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ناسيًا؟
طالب: لكن يا شيخ استثنى الكلام.
الشيخ: يا أخي من استثناه؟
الطالب: الحديث ..
الشيخ: هو «لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (13)، لولا هذا الحديث صار الكلام حلالًا؛ لأن الصحابة كان بالأول الواحد منهم يكلم صاحبه إلى جنبه وهو في الصلاة، أنا بأعطيك القاعدة جزاك الله خيرًا، القاعدة: كل شيء محظور في العبادة إذا فعله الإنسان ناسيًا أو جاهلًا أو مكرهًا فلا شيء عليه، خذها قاعدة، كلكم خذوها، فإذا كان كذلك فتكلم الإنسان في الصلاة وهو ناسٍ فصلاته يا جماعة؟
طلبة: صحيحة.
الشيخ: صحيحة، والدليل على ذلك أن معاوية بن الحكم لما دخل في الصلاة عطس رجل من الجماعة قال: الحمد لله، فقال له معاوية: يرحمك الله، فرماه الناس بأبصارهم، يعني: أنكروا عليه، فقال: واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ ! واثكل أمياه هذا كلام، فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت، فلما سلم دعاه النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له:«إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هِيَ التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» (5) أو كما قال، ولم يأمره بالإعادة؛ لأنه جاهل، والناسي كالجاهل.
خلينا نعطيك مثالًا على هذا علشان تبني على القاعدة: رجل محرم للعمرة فرأى صيدًا، وكان هو يحب الصيد، فرماه ناسيًا أنه في إحرام، ما تقول؟ هل عليه فدية؛ يعني: هل عليه جزاء ولَّا ما عليه؟
طالب: إن كان جاهلًا بالحكم ..
الشيخ: لا يدري أنه حرام، لكن نسي، إنسان يحب الطير، وتعرفون اللي يحب الصيد (
…
)؛ ولهذا أحيانًا تحوم (
…
) وتحوم بالحصى (
…
) كل شيء، وهم ما يشفوه.
طالب: الساهي غير الجاهل.
الشيخ: إذن ما عليه جزاء، ويش تقولون يا جماعة؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، ما عليه جزاء، طبقوا القاعدة.
رجل جامع زوجته في نهار رمضان ولم ينزل، فظن أن الجماع بدون إنزال لا بأس به، ولم يغتسل صلى بدون اغتسال، وجامع وهو صائم، فجاءنا يسأل قال: أنا بأسألكم الآن عن شيئين؛ أولًا: هل صلاتي صحيحة أو غير صحيحة؟ وثانيًا: هل صومي صحيح أو غير صحيح؟ يا جماعة طبقوا عليه القاعدة.
طالب: صلاته غير صحيحة؛ لأن هذا ترك مأمور، صومه صحيح؛ لأنه من باب فعل المحظور يعفى عنه.
الشيخ: صحيح يا جماعة؟
طلبة: نعم، صحيح.
الشيخ: صحيح، تمام، نقول: أما صومه فصحيح، لماذا؟ لأنه فعل محظورًا، وأما صلاته فغير صحيحة؛ لأنه ترك مأمورًا وهو الاغتسال، فيغتسل ويعيد الصلاة، وصومه صحيح (
…
).
***
الطالب: قال المؤلف رحمه الله تعالى: وإن سلَّم قبل إتمامها عمداً بطلت، وإن كان سهواً ثم ذكر قريباً أتمها وسجد، فإن طال الفصل أو تكلم لغير مصلحتها بطلت، ككلامه في صلبها ولمصلحتها إن كان يسيراً لم تبطل.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى في أحكام سجود السهو: (وإن سلَّم قبل إتمامها عمدًا بطلت) إذا سلم قبل إتمامها بقصد الخروج من الصلاة عمدًا بطلت؛ لأنه على غير ما أمر الله به ورسوله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (14)، فالله تعالى قد فرض صلاة الظهر مثلًا أربعًا، فإذا سلم من ثلاث أو من ركعتين فقد أتى بما ليس عليه أمر الله ورسوله، فتبطل.
(وإن كان سهوًا ثم ذكر قريبا أتمها) إذا كان سهوًا؛ أي: أنه ظن أن الصلاة قد تمت، (ثم ذكر قريبًا) أي: في زمن قريب، (أتمها وسجد) وسيأتي -إن شاء الله- أين يكون موضع السجود.
وقول المؤلف: (وإن كان سهوًا ثم ذكر قريبًا) ظاهر كلامه العموم، وأنه لا فرق بين أن يسلم ظانًّا أنها تمت وبين أن يسلم جازمًا أنها تمت لكنه يظن أنه في صلاة أخرى، وبين المسألتين فرق، فإذا سلم ظانًّا أنها تمت فهذا هو الذي أراد المؤلف، هو الذي ذكره؛ لأنه سلَّم مثلًا من ركعتين وهو يريد الأربع، فيتم ويسجد للسهو.
وأما إذا سلم على أنها تمت الصلاة لكنه ناسٍ أنها أكثر من هذا العدد، مثل أن سلَّم من ركعتين في صلاة الظهر، بناءً على أنها صلاة فجر، فهنا لا يبني على ما سبق؛ لأنه سلم يعتقد أن الصلاة تامة بعددها، وأنه ليس فيها نقص، فيكون قد سلَّم من صلاة غير الصلاة التي هو فيها؛ ولهذا لا يبني بعضها على بعض.
فصار الْمُسلِّم قبل تمام الصلاة؛ إن سلَّم من صلاة على أنها تامة بهذا العدد فصلاته لا ينبني بعضها على بعض، وإن سلَّم من صلاة يظن أنها تامة على أن العدد أكثر مما سلَّم عليه على أن العدد ثلاث إن كان في المغرب، أو أربع إن كان في رباعية، فإنه -كما قال المؤلف- إذا ذكر قريبًا فإنه يبني على ما سبق.
ودليل هذا؛ أي: دليل هذه المسألة حديث أبي هريرة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم صلاة الظهر أو العصر، فسلم من ركعتين، ثم قام فتقدم إلى خشبة في مقدم المسجد، واتكأ عليها كأنه غضبان، وكان الناس فيهم خيار الصحابة كأبي بكر وعمر، لكن لهيبة الرسول صلى الله عليه وسلم هابا أن يكلماه مع أنهما أخص الناس به، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطاه الله مَهَابة، وكان في القوم رجل يداعبه النبي صلى الله عليه وسلم يسميه ذا اليدين لطول يديه، فقال: أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: «لَمْ أَنْسَ، وَلَمْ تُقْصَرْ» (15) فقوله: «لَمْ أَنْسَ» بناءً على اعتقاده، «وَلَمْ تُقْصَرْ» بناءً على الحكم الشرعي؛ لأن الحكم الشرعي باقٍ على أنها أربع، وفيه احتمال ثالث لم يذكره ذو اليدين وهو؟ ما هما الاحتمالان اللذان ذكرا؟
طالب: أن تكون الصلاة قد قصرت.
الشيخ: هذا احتمال، والاحتمال الثاني؟
الطالب: أن يكون نسي.
الشيخ: فيه احتمال ثالث أن يكون قد سلَّم عمدًا قبل إتمامها، وهذا لا يرد بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم التفت إلى الناس وقال:«أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ » قالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم (15)، هذا هو دليل هذه المسألة، وهو قوله:(ثم ذكر قريبًا أتمها وسجد).
ولكن لو ذكر وهو قائم، فهل يبني على قيامه ويستمر، أو لا بد أن يقعد ثم يقوم؟
قال الفقهاء رحمهم الله: لا بد أن يقعد، ثم يقوم؛ لقول ذي اليدين: فصلى ما ترك، وهو قد ترك القيام من القعود، فلا بد أن يأتي بالقيام من القعود، وهذا مبني على أن نفس النهوض ركن مقصود.
فإن قيل: إن النهوض ليس ركنًا مقصودًا، ولكنه من أجل أن يكون قائمًا، فإنه بناءً على ذلك لا يلزمه أن يجلس ثم يقوم.
لكن لا شك أن ما ذكره الفقهاء رحمهم الله أحوط، فنقول: إذا كان الإنسان قد نهض ثم ذكر، أو ذكر، نقول: اجلس، ثم قم، وأتم الصلاة.
وقول المؤلف: (ثم ذكر قريبًا) اشترطوا أيضًا شرطًا آخر وهو: ألَّا يفعل ما ينافي الصلاة، فإن فعل ما ينافي الصلاة، مثل: أن يحدث أو يأكل، وما أشبه ذلك، فإنه لا يبني على صلاته لفوات الشرط، وهذا ظاهر في الحدث؛ لأنه إذا أحدث تعذر بناء بعض الصلاة على بعض؛ لانقطاعها بالحدث.
أما إذا فعل ما ينافي الصلاة فإن الصحيح أنه لا بأس أن يبني على ما سبق؛ لأن فعله ما ينافي الصلاة، بناء على أنه أتم صلاته، فيكون صادرًا عن نسيان أو عن جهل بحقيقة الحال، والنسيان والجهل عذر يسقط بهما حكم فعل المنهي عنه، وهو الأكل مثلًا أو الشرب، أو ما أشبه ذلك.
يقول المؤلف: (فإن طال الفصل عرفًا أو تكلم لغير مصلحتها بطلت) إن طال الفصل عرفًا، ولم يبين المؤلف مقداره، فيرجع في ذلك إلى العرف.
ومثاله: أن يكون طول الفصل كطول الفصل في صلاة الرسول صلى الله عليه، فإنه قام واتكأ، وتراجع مع الناس، وخرج سرعان الناس من المسجد يقولون: قصرت الصلاة، فما كان مثل هذا، كثلاث دقائق وأربع دقائق وخمس دقائق وما أشبهها، فهذا لا يمنع من بناء بعضها على بعض، وأما إن لم يذكر إلا بعد ساعة أو ساعتين فإنه لا بد من استئناف الصلاة؛ ولهذا قال:(فإن طال الفصل عرفًا بطلت).
قال المؤلف: (أو تكلم لغير مصلحتها) تكلم يعني: بعد أن سلَّم تكلم بكلام لغير مصلحة الصلاة فإنها تبطل، مثل أن قال بعد أن سلَّم ناسيًا: يا فلان، أين وضعت الكتاب؟ يا فلان، أغلق المكيف، يا فلان، اذهب إلى كذا، فإن الصلاة تبطل ولو كان الكلام يسيرًا، ولو كان الزمن قصيرًا؛ لأنه فعل ما ينافي الصلاة، فهو كما لو أحدث.
(ككلامه في صلبها) يعني: كما أنها تبطل الصلاة إذا تكلم في صلب الصلاة، وقاس المؤلف رحمه الله ما كان خارج الصلاة بحسب اعتقاد المصلي على ما كان في صلب الصلاة؛ لأن الكلام في صلب الصلاة قد ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:«إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (5)، فإذا تكلم بعد السلام عن نقص نسيانًا بطلت، كما لو تكلم وهو يصلي.
قال: (ولمصلحتها إن كان يسيرًا لم تبطل وإن كان كثيرًا بطلت) ففصَّل المؤلف رحمه الله في الكلام وجعله على أقسام:
القسم الأول: أن يتكلم لغير مصلحة الصلاة، فهنا تبطل بكل حال.
القسم الثاني: أن يتكلم لمصلحة الصلاة بكلام يسير، كفعل الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:«أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ » قالوا: نعم (5)، ومراجعة ذي اليدين له، فهنا تبطل أو لا؟ لا تبطل؛ لأنه يسير لمصلحة الصلاة.
القسم الثالث: أن يكون كثيرًا لمصلحة الصلاة، فتبطل.
فصار أقسام الكلام على ما مشى عليه المؤلف ثلاثة فيما إذا سلَّم ناسيًا؛ أن يكون لغير مصلحة الصلاة فتبطل به مطلقا، ومعنى الإطلاق يسيرًا كان أو كثيرًا، الثاني: أن يكون لمصلحتها وهو يسير فلا تبطل الصلاة به، الثالث: أن يكون لمصلحتها وهو كثير فتبطل الصلاة به.
والصحيح في هذه المسائل الثلاثة كلها أن الصلاة لا تبطل؛ لأن هذا المتكلم لا يعتقد أنه في صلاة، فهو لم يتعمد الخطأ، وقد قال الله تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5]، وكذلك على القول الصحيح لا تبطل بالأكل والشرب ونحوهما؛ لأنه لم يتعمد فعل المبطل، فهو جاهل بحقيقة الحال، فالصحيح أنها لا تبطل لا في الكلام، ولا في الأكل، ولا في الشرب، ولا في غيرها مما ينافي الصلاة ويبطلها، إلا في الحدث؛ وذلك لأن الحدث لا يمكن معه بناء بعض الصلاة على بعض؛ لأن الحدث يقطعها نهائيًّا.
وكذلك لو تكلم في صلب الصلاة ناسيًا أو جاهلًا فإنها لا تبطل على القول الراجح، ودليله ما ذكرنا من الآية الكريمة:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].
وحديث معاوية بن الحكم الذي تكلم في الصلاة فقال: يرحمك الله، وقال: واثكل أمياه، وقال: حينما رماه الناس بأبصارهم ما شأنكم تنظرون إلي؟ ! فإنه رضي الله عنه لما دخل في الصلاة عطس رجل من الجماعة فقال: الحمد لله، فقال له معاوية: يرحمك الله، فرماه الناس بأبصارهم، فقال لهم: ما شأنكم تنظرون إلي؟ ! يعني: كأنهم يقولوا: ويش مسوي؟ فجعلوا يضربون أفخاذهم ليسكتوه فسكت، فلما سلم النبي عليه الصلاة والسلام أخبره بأن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس (13)، ولم يأمره بالإعادة؛ لأنه كان جاهلًا مع أن الكلام متعدد.
يقول المؤلف: (ولمصلحتها إن كان يسيرًا لم تبطل) المذهب في هذه المسألة أن الصلاة تبطل بالكلام ولو يسيرًا لمصلحتها؛ لأنه فعل شيئًا ينافي الصلاة فلا تصح معه.
فصار القول الراجح عكس المذهب؛ المذهب أنه إذا سلَّم ناسيًا ثم تكلم بطلت صلاته ووجب عليه إعادتها من جديد.
والقول الثاني: أنها لا تبطل مطلقًا.
والقول الثالث: التفصيل الذي مشى عليه المؤلف؛ إن كان يسيرًا لمصلحتها لم تبطل، وإن كان لغير مصلحتها أو كثيرًا لمصلحتها بطلت.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وقهقهة ككلام)(وقهقهة) القهقهة: الضحك المصحوب بالصوت، ويسمى عند الناس أيش؟ كهكهة، الكهكهة قريبة من القهقهة؛ لأن القاف والكاف متقاربتان، فالقهقهة يعني: إذا ضحك بصوت فإنها كالكلام، بل أشد منه؛ لمنافاتها للصلاة تمامًا؛ لأنها أقرب للهزل من الكلام، فإذا قهقه الإنسان وهو يصلي بطلت صلاته؛ لأن ذلك يشبه اللعب، فإن تبسم بدون قهقهة فإنها لا تبطل الصلاة؛ لأنه لم يظهر له صوت.
وإن قهقه مغلوبًا على أمره؛ لأن بعض الناس إذا سمع ما يعجبه لم يملك نفسه من القهقهة، فقهقه غصبًا عنه فإن صلاته -على القول الراجح- لا تبطل، كما لو سقط عليه شيء فقال بغير إرادة منه: أح، فإن صلاته لا تبطل أيضًا؛ لأنه لم يتعمد المفسد.
(وإن نفخ أو انتحب من غير خشية الله تعالى أو تنحنح من غير حاجة فبان حرفان بطلت) هذه ثلاث مسائل:
الأولى: إذا نفخ فبان حرفان بطلت صلاته؛ لأنه تكلم، مثل أن يقول: أف يرفع صوته بها، فهذا تبطل صلاته؛ لأنه بان منه حرفان، وفي الحقيقة أن هذا التعليل فيه شيء؛ لأنه قد يكون الكلام كلامًا تامًّا مع حرف واحد؛ كأفعال الأمر من الثلاثي إذا كان مثالًا ناقصًا.
المثال هو: معتل الأول، والناقص هو: معتل الأخير، فالأمر من هذا الفعل يكون على حرف واحد، وهو كلام تام، مثل أن تقول لصاحبك:(عِ)، من (وعى)، فـ (عِ) هنا كلام تام، أو تقول:(فِ) من (وفى)، هذا أيضًا كلام تام، وهي مكونة من حرف واحد، كما أنه قد يكون هناك ثلاثة حروف ولا يكون كلامًا، فكون المسألة تعلل بأن ما كان حرفين فهو كلام وما دون ذلك فليس بكلام فيه نظر.
ولهذا نقول في النفخ: إنه إن كان عبثًا أبطل الصلاة؛ لأنه عبث، وإن كان لحاجة فإنه لا يبطل الصلاة ولو بان منه حرفان؛ لأنه ليس بكلام، مثل أن ينفخ الإنسان حشرة دبت على يده فأراد أن ينفخها؛ لأنه أهون لها من أن يمسحها بيده؛ لأنه ربما لو مسحها بيده لتأثرت، ماتت ولا تحطمت رجلاها، أو ما أشبه ذلك، فينفخها لأنه أسهل لها، فالمدار في هذا على العبث؛ إن فعله عبثًا فإن الصلاة تبطل؛ لمنافاة العبث لها، وإن كان لحاجة لم تبطل.
كذلك أيضا: (انتحب) النحيب: ارتفاع الصوت بالبكاء، فهذا رجل انتحب؛ يعني: ارتفع صوته بالبكاء من غير خشية الله، مثل أن يأتيه الخبر وهو يصلي بأن فلانًا مات فينتحب، انتحابه هنا ليس من خشية الله، ولكن من حزنه على فراق هذا الميت، فنقول: إذا بان حرفان من انتحابه بطلت صلاته، على كلام المؤلف.
والصحيح أنه إذا كان من غلبة؛ يعني: غلبه البكاء حتى انتحب أن صلاته لا تبطل؛ لأن هذا بغير اختياره، فإن كان من خشية الله؛ أي: شدة خوفه من الله عز وجل، أو أحيانًا يكون من محبة الله وشدة شوقه إلى الله؛ لأن البكاء قد يكون خشية لله، وقد يكون شوقًا إلى الله عز وجل، كما يكون للقلب عند ذكر الثواب -ثواب المتقين- يبكي شوقًا إلى هذا النعيم، وعند ذكر الكافرين وعقابهم يبكي خوفًا من هذا العذاب.
(أو تنحنح من غير حاجة فبان حرفان بطلت) قوله: إذا تنحنح من غير حاجة فإن صلاته تبطل إذا بان حرفان، والحاجة إلى التنحنح؛ إما أن تكون قاصرة، أو متعدية، قد تكون قاصرة يتنحنح إذا أحس الإنسان في حلقه انسدادًا، فإنه يتنحنح من أجل إزالة هذا الانسداد، أو كما يقولون بعبارة الميكانيكين: تسييخ للحلق، فهذا لا بأس به.
التنحنح المتعدي؛ إذا تنحنح لشخص استأذن عليه، أو خاف أن يسقط في شيء أو ما أشبه ذلك أو أراد أن ينبهه على أن يصلي، فهذا تنحنح لحاجة متعدية، فلا تبطل الصلاة بذلك؛ لأنها لحاجة، فإن كان لغير حاجة فإنها تبطل الصلاة بشرط أن يبين حرفان؛ وذلك لأن التنحنح من غير حاجة أشبه بالهزل من الجد.
هل من الحاجة أن يتنحنح إذا أطال الإمام الركوع أو السجود من أجل أن ينبهه وبعدين يقول: يلا مشي أو ليس من الحاجة؟ هذا ليس من الحاجة، إلا إذا أطال الإمام إطالة خرجت عن حد المشروع، فقد يكون هذا من الحاجة.
إذا قال قائل: ما هو الدليل على جواز التنحنح للحاجة ولو بان حرفان؟
الدليل حديث علي رضي الله عنه أنه كان له مدخلان يدخل فيهما على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإذا دَخَلَ عليه وهو يُصلِّي تنحنح له إشارة إلى أنه مشغول بصلاته (16).
إذا عطس فبان حرفان تبطل صلاته؟
طلبة: لا.
الشيخ: لماذا؟ لأنه مغلوب عليه، ليس باختياره، وكذلك لو تثاءب فبان حرفان فإنه مغلوب عليه فلا يضره.
(فصلٌ)
ومَن تَرَكَ رُكْنًا فذَكَرَه بعدَ شُروعِه في قِراءةِ رَكعةٍ أُخرى بَطَلَت التي تَرَكَه منها، وقَبْلَه يَعودُ وُجوبًا فيَأْتِي به وبما بَعْدَه، وإن عَلِمَ بعدَ السلامِ فكَتَرْكِ رَكعةٍ كاملةٍ، وإن نَسِيَ التشَهُّدَ الأَوَّلَ ونَهَضَ لَزِمَه الرجوعُ ما لم يَنْتَصِبْ قائمًا، فإن اسْتَتَمَّ قائمًا كَرِهَ رُجوعُه، وإن لم يَنْتَصِبْ لَزِمَه الرجوعُ، وإن شَرَعَ في القراءةِ حَرُمَ الرجوعُ وعليه السجودُ للكلِّ، ومَن شَكَّ في عَددِ الركعاتِ أَخَذَ بالأقلِّ، وإن شَكَّ في تَرْكِ رُكنٍ فكَتَرْكِه،
إذا قال قائلٌ: ما هو الدليل على جواز التَّنحْنُحِ للحاجة ولو بان حرفان؟
الدليل حديثُ عليٍّ رضي الله عنه أنه كان له مَدْخلانِ يدخلُ بهما على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإذا دَخَلَ عليه وهو يُصَلِّي تَنَحْنَحَ له (1)، إشارة إلى أنه مشغولٌ بصَلاتِه.
إذا عَطَسَ فبانَ حرفانِ تَبْطُلُ صلاتُه؟
طالب: لا تَبْطُل.
الشيخ: لماذا؟
طلبة: ليسَ اختياره.
الشيخ: لأنه مغلوبٌ عليه، ليس باختياره، وكذلك لو تَثاءبَ فبانَ حرفانِ فإنه مغلوبٌ عليه فلا يضرُّه.
لكنْ في التثاؤبِ بعضُ الناسِ تجده ينسابُ وراء التثاؤبِ حتى تسمع له صوتًا: ها، ها. فهذا الظاهرُ أنه غيرُ مغلوبٍ على أمْرِهِ، بلْ إنَّ هذا مَنْهِيٌّ عنه؛ لأنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ تثاءبَ أنْ يكْظِمَ ما استطاعَ (2)، (يَكْظِم) يعني: يمنع ما استطاعَ. فإنْ لم يستطِعْ وَضَعَ يدَهُ على فمه؛ لأن وَضْع اليدِ على الفَمِ يَكْبِتُ الصوتَ ويخفضه، ويمنع مِن ضَحِكِ الشيطانِ على المتثائبِ أو دخولِه في جوفه.
العُطاس، بعضُ الناسِ يتقصَّد أنْ يكون عُطاسُهُ شديدًا.
فلو تقصَّد هذا وبانَ حرفانِ بَطَلَتْ صلاتُه على قاعدة المذهب؛ لأن هذا ليس مغلوبًا على أمْرِه.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: تشهد عليهم.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: هو يقول: ما شأنُ السَّرَعانِ الذين خرجوا وقالوا: قصرت الصلاة. هل رجعوا فصلَّوا أمْ لم يرجعوا ولم يصلُّوا، أو نُبِّهوا بعد ذلك وصلَّوا صلاةً جديدةً؟
هذه الاحتمالاتُ كلُّها واردةٌ؛ يحتمل أنهم رجعوا فأتَمُّوا الصلاة، ويحتمل أنهم لم يرجعوا ولم يُتِمُّوا الصلاة، ويحتمل أنهم لم يرجعوا ولكنْ بَلَغهم الخبرُ فاستأنفوا الصلاةَ أو بَنَوْا على ما سبق، وإذا كان كلُّ احتمالٍ واردًا لم يُمْكنك أن تستدلَّ بالحديث على أحد الاحتمالاتِ، ولا يُمْكن أيضًا أن تحمله على كلِّ الاحتمالاتِ إذا كانت لا يُمْكن الوفاقُ بينها.
انتبهوا للقاعدة هذه: متى وَرَدَ النصُّ متردِّدًا بين أشياء بدون ترجيحٍ فإنه لا يُمْكنك أن تستدلَّ به على أحدِها؛ لأنه لا يتعيَّن في واحدٍ منها.
وهلْ يمكن أن تجمع؟
ربما يمكن أن تجمع إذا كانت لا تتعارضُ، لكنْ إذا كانت تتعارضُ فإنه لا يمكن الجمعُ كمَسْألتِنا هذه؛ مسألة أنه ما يمكن أن نقول: رَجَعوا ولم يرجعوا. لا بدَّ إمَّا رَجَعوا وإمَّا لم يرجعوا، فيبقى الحديثُ مُشْكِلًا؛ لكنْ عندنا نصوصٌ محكمةٌ تدلُّ على أنه لا بدَّ من إتمام الصلاة.
فنقول: هؤلاء إنْ كانوا رجعوا فقد أتَمُّوا صلاتَهم، وإنْ لم يكونوا رجعوا فلا بدَّ أن يُصَلُّوا الصلاةَ تامَّةً.
***
طالب: (
…
) تعالى: فصلٌ: ومَنْ تَرَكَ رُكْنًا فذَكَرهُ بعدَ شُروعِهِ في قراءةِ ركعةٍ أُخرى بَطَلَت التي تَرَكَهُ منها، وقَبْله يعودُ وجوبًا فيأتي به وبِمَا بعدَهُ، وإنْ عَلِم بعدَ السلامِ فكَتَرْكِ ركعةٍ كاملةٍ.
وإنْ نَسِيَ التشهُّدَ الأوَّلَ ونَهَضَ لَزِمَه الرجوعُ ما لم ينتصبْ قائمًا، فإن استَتَمَّ قائمًا كُرِه رجوعُه، وإنْ لم ينتصبْ لَزِمَه الرجوعُ، وإنْ شَرَعَ في القراءةِ حَرُمَ الرجوعُ، وعليه السجودُ للكُلِّ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: أما الدرس اليوم فنتكلم عما سبق في المناقشة.
ما تقول في رجُلٍ سلَّمَ مِن ركعتينِ في صلاةِ الظُّهر يعتقد أنه في جُمعة؟
طالب: بَطَلَتْ صلاتُه.
الشيخ: وهل يكمل؟
الطالب: لا.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأنه ناسٍ؛ يظن أنها ظُهْرٌ فصلاها جمعة.
الشيخ: يريد ظُهْرًا فنَسِيَ ونوى الجمعة.
الطالب: فلا يبني بعضَها على بعضٍ.
الشيخ: وما تقول في رجُلٍ أراد أن يصلِّي العِشاءَ فصلَّى ثلاثًا ثم سلَّمَ على أنها المغربُ، لا على أنها العِشاءُ وأنه صلَّى أربعًا؟
الطالب: يبني على صَلاتِهِ ويسجدُ سجودَ سهْوٍ.
الشيخ: يعني يأتي بركعة؟ !
الطالب: يأتي بركعة.
الشيخ: ويسجد سجود السهو؟ !
طالب: لا يبني على الصلاة.
الشيخ: لا يُكمِّل.
الطالب: لا يُكمِّل.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأنه اعتقد صلاها على أنها عِشاء، على أنها مغرب.
الشيخ: على أنها ثلاثية؛ فسلَّمَ مِن ثلاثٍ على أنها ثلاثيَّةٌ لا على أنها رُباعيَّةٌ، إذَنْ فلا يُكمِّل.
الطالب: هو ما قد صلَّى العِشاء؟
الشيخ: قلتُ لك: إنه صلَّى العِشاء ولكنْ سلَّمَ مِن ثلاثٍ على أنها المغربُ.
إذا سلَّمَ مِن ثلاثٍ على أنها العِشاءُ ثم ذَكَر؟
طالب: لا يبنيها، يعني لا يأتي بالنقص.
الشيخ: لا يأتي بالباقي؟ !
الطالب: نعم.
الشيخ: يعني لا يبني؟ !
الطالب: نعم.
طالب: يأتي بالركعة الأُخرى ثم يسجدُ سجودَ سهْوٍ.
الشيخ: بالركعة الباقية ويسجد، المهم يبني على ما سَبَق.
هذان قولانِ، أيهما أصحُّ؟
طالب: الأصحُّ قول الأخ أنه يبني ويأتي بركعةٍ ويسجدُ سجودَ سَهْوٍ.
الشيخ: عندك دليلٌ على أن هذا أصحُّ؟
الطالب: نعم، أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلَّى الظُّهْرَ والعَصْرَ من ركعتينِ ..
الشيخ: فسلَّمَ مِن ركعتينِ، ثم ذكَّروه فأتَمَّ (3).
رجلٌ ضَحِكَ في صَلاتِه، هل تَبْطُل صلاتُه ولَّا لا؟
طالب: إنْ كان عمدًا تَبْطُل صلاتُه، وإنْ كان مغلوبًا لا تَبْطُل صلاتُه.
الشيخ: إذا كان عمدًا تَبْطُل سواء بَانَ حرفانِ أو لم يَبِنْ؟
طالب: إي نعم؛ لأن العلة أنه من باب الاستهزاء.
الشيخ: نعم.
ما تقول؟ كلام صحيح؟
طالب: على المذهب نَعَمْ صحيحٌ.
الشيخ: على المذهب صحيح؟
الطالب: تبطل أيضًا بالضحك، بالقهقهة.
الشيخ: وإنْ لم يَبِنْ حرفانِ؟
الطالب: إذا بَانَ منها حرفانِ بَطَلَتْ صلاتُه.
الشيخ: يعني إنْ بَانَ حرفانِ بَطَلَتْ، وإنْ لم يَبِنْ لم تَبْطُل.
فيه قول ثانٍ؟
الطالب: إي نعم، تفصيل.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: أولًا: إنْ كان هذا ضَحِكَ وقَهْقَهَ بغيرِ اختياره.
الشيخ: لا، انتهينا منها، المغلوبُ ما عليه شيء.
الطالب: أنه لا عِبرةَ بالحرفينِ.
الشيخ: يعني تَبْطُل وإنْ لم يَبِنْ حرفانِ؟
الطالب: وإنْ لم يَبِنْ حرفانِ.
الشيخ: لأن هذا ليس كالنحْنحةِ، هذا يُشْبه اللاعبَ في صلاتِه، هذا هو الصحيح؛ صحيحٌ أن القهقهةَ إذا كانتْ عن غيرِ غَلَبةٍ فإنها تُبْطِل الصلاةَ مطْلقًا سواء بَانَ حرفانِ أو لم يَبِنْ.
إذا انتحب -الانتحابُ يعني البكاءَ بالصَّوت- تَبْطُل صلاتُه أم لا تَبْطُل؟
الطالب: لا تَبْطُل.
الشيخ: مطْلقًا على كلِّ حالٍ ما تَبْطُل؟
طالب: فيه تفصيلٌ؛ إذا غَلَبَهُ البكاءُ من شِدَّةِ خوفِهِ مِن الله سبحانه وتعالى أو شِدَّةِ الشوقِ إليه فَبَكَى فلا تَبْطُل، وأمَّا إذا كان لغير ذلك ..
الشيخ: وإنْ كان السببُ غيرَ خشيةِ الله؟
الطالب: نعم.
الشيخ: فإنها تبطل؟
طالب: لا تبطل يا شيخ.
الشيخ: لا تبطل، مطلقًا؟
الطالب: لا، يعني إن غلبه (
…
)؟
الشيخ: إنْ غَلَبه لم تَبْطل.
الطالب: نعم.
الشيخ: وإن لم يغلبه؟
الطالب: بطلت.
الشيخ: مطلقًا؟
الطالب: إذا بان منه حرف.
الشيخ: بان حرفان، هذان قولان.
طالب: على قول المؤلف أنه إذا بَانَ حرفانِ لا تَبْطُل.
الشيخ: مطلقًا؟
الطالب: نعم، على قول المؤلف.
الشيخ: إي، هو على قول المؤلف.
طالب: إذا بَانَ حرفانِ تَبْطُل على قول المؤلف، ولكنْ ..
الشيخ: مطلقًا تَبْطُل؟
الطالب: لا، غير مُطْلَقة.
الشيخ: أيش التفصيل؟
الطالب: إذا غُلِبَ على أَمْرِهِ.
الشيخ: انتهينا من الغَلَبةِ؛ كلُّ أمْرٍ يُغْلَبُ عليه الإنسانُ فهو غيرُ مؤاخَذٍ به.
طالب: مطْلقًا يا شيخ؟
الشيخ: نعم.
طالب: الانتحاب من غير الحاجة.
الشيخ: الانتحاب فيه حاجة؟
الطالب: إذا قُلنا: إنه يُجاهِد نفْسه.
طالب: إنْ كان مِن غير خَشْيةِ اللهِ فهي تَبْطُل.
الشيخ: نعم.
الطالب: إنْ كان مِن خَشْيةِ اللهِ فلا تَبْطُل.
الشيخ: فإنها لا تَبْطُل، صحيح.
إذَن الانتحابُ إنْ كان مغلوبًا عليه -وكذا كلُّ ما ذَكَر المؤلفُ؛ النحْنحةُ، مِثْل لو جاءه سُعال غصْب عليه، غَلَبَهُ السُّعال وتبيَّنَ له أصواتٌ- ما يضُرُّ.
الانتحابُ إذا كان مغلوبًا عليه لم تَبْطُل، وإذا كان غيرَ مغلوبٍ عليه -يعني بحيث يُمْكن أن يمنعه- فإنْ كان من خَشْيةِ اللهِ لم تَبْطُل، وإنْ كان لغيرِ ذلك؛ مِثْل أنْ أُخْبِرَ بموتِ ابنٍ له أو ما أَشْبَهَ ذلك وبكى، فإنها تَبْطُل؛ لأن هذا أمرٌ لا يتعلَّق بالصلاة.
وإذا كان هو الذي يجلبه يَتَباكَى في صَلاتِه فقد اختلف العلماء فيها؛ فمنهم مَن قال: إن الصلاةَ تَبْطُل،
وعلى هذا فالذين يَتَباكَوْنَ في قيامِ رمضانَ على هذا القول صلاتُهم باطلةٌ؛ لأنهم هم الذين يستدعون البكاءَ.
والقول الثاني: أنه مكروهٌ ولا تَبْطُل به الصلاةُ.
رجلٌ تَنَحْنَحَ؟
طالب: الرَّجُل إذا تَنَحْنَحَ وبانَ الحرفانِ -على المذهبِ- بَطَلَتْ صلاتُه، مِن غير حاجةٍ.
الشيخ: من غيرِ حاجةٍ.
وإذا كان من حاجة؟
الطالب: وإذا كان مِن حاجةٍ ولو بانَ الحرفانِ لا تَبْطُل.
الشيخ: أحسنت، تمام.
***
ثم قال المؤلف: (فصلٌ: ومَنْ تَرَكَ رُكْنًا).
الكلامُ الآنَ في هذا الفصْلِ على النقصِ، والكلامُ السابقُ في الباب على الزيادة، وقد سبق أن الزيادة زيادةُ قولٍ وزيادةُ فِعْلٍ.
وزيادةُ القولِ إمَّا أن يكون من جنسِ الصلاةِ أو مِن غيرِ جِنْسها، وكذلك الفعلُ.
إذا كانت زيادةُ القولِ من غير جنسِ الصلاةِ فهي تُبْطِل الصلاةَ إنْ كانت عمدًا، وكذلك إنْ كانت سَهْوًا على المذهب أو جهلًا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (4)، والصحيحُ أنها لا تَبْطُل الصلاةُ إذا كانت سهوًا أو جهلًا.
وإن كان مِن جِنْسِ الصلاةِ القولُ؛ فإنْ كان مما يخرج به من الصلاةِ وهو السلامُ فإنْ كان عمدًا بَطَلَتْ، وإن كان سهوًا؟
طلبة: لم تَبْطُل.
الشيخ: أتَمَّها وسَجَدَ للسهْوِ بعد السلام. وإنْ كانَ مما لا يخرج به من الصلاةِ كما لو زادَ تسبيحًا في غيرِ محلِّه أو ما أَشْبَهَ ذلك؛ فهذا حُكْمه أنه يُشرَعُ له السجودُ ولا يجب.
أمَّا زيادةُ الأفعال فإنْ كانتْ من غيرِ جنْسِ الصلاةِ فقد ذَكَرْنا أنَّ أقسامَها خمسةٌ، وهي الحركةُ في الصلاة، فإن كانتْ من جنس الصلاةِ فإنْ كانت تُغيِّر هيئةَ الصلاةِ -وهي الركوعُ، والسجودُ، والقيامُ، والقعودُ- فإنْ كان متعمِّدًا بَطَلَتْ، وإلَّا لم تَبْطُل وسَجَدَ للسهْو، وإنْ كانت لا تُغيِّر هيئةَ الصلاةِ؛ كما لو رَفَعَ يديه إلى حَذْوِ مَنْكِبَيهِ في غيرِ موضع الرَّفْع، فإنَّ الصلاةَ لا تَبْطُل به؛ لأن ذلك لا يُغيِّر هيئةَ الصلاة.
أمَّا النقصُ فقال المؤلف: (وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا فذَكَرَهُ بعدَ شُروعِهِ في قراءة ركعةٍ أُخرى بَطَلَت التي تُرِكَ منها)، أو (تَرَكَهُ) عندكم؟
طلبة: (تَرَكَهُ).
الشيخ: (تَرَكَهُ منها)، أنا عندي:(تُرِك).
(تَرَكَهُ منها، وقَبْله يعودُ وُجُوبًا فيأتي به وبما بَعْده).
إذا تَرَكَ رُكْنًا -والأركانُ سَبَقَ بيانُها- فإنْ كان تكبيرةَ الإحرامِ لم تنعقِدْ صلاتُه سواءٌ تَرَكَها عمدًا أم سهْوًا؛ لأن الصلاةَ لا تنعقِدُ إلا بتكبيرة الإحرام.
فلو فرض أنَّ شخصًا وَقَفَ في الصفِّ، ثم شَرَعَ في الاستفتاح وقرأ الفاتحة واستمرَّ، فإننا نقول: إن صلاتَه أيش؟
طلبة: لم تنعقِدْ.
الشيخ: لم تنعقِدْ أصلًا، فلا تصِحُّ ولوْ سَلَّمَ منها، لوْ صلَّى كلَّ الركعاتِ فإنَّ صلاتَهُ لا تصِحُّ؛ لأنها لم تنعقِدْ.
وإنْ كان غيرَ التحريمة فهو الذي ذَكَرَ المؤلفُ.
قال: (فذَكَرهُ بعدَ شُروعِهِ في قراءةِ ركعةٍ أُخرى بَطَلَت التي تَرَكَهُ منها).
(بَطَلَت) يعني لغت، وليس البطلان الذي هو ضدُّ الصحَّةِ؛ لأنه لو كان البطلان الذي هو ضدُّ الصحَّةِ لَوَجَبَ أن يَخْرجَ من الصلاةِ؛ إذا بَطَلَتْ ركعةٌ بَطَلَتِ الركعاتُ كلُّها، ولكنَّ المراد بالبطلان هنا أيش؟
طالب: (
…
).
الشيخ: اللغو، فمعنى (بَطَلَت) يعني لغت، وتقومُ التي بعدَها مقامَها، هذا إذا ذَكَره بعد شُروعِهِ في قراءةِ ركعةٍ أُخرى.
مثالُ ذلك: رجُلٌ يصلِّي فقامَ في الركعةِ الأُولى بعد أن سَجَدَ السجودَ الأوَّلَ قامَ إلى الركعةِ الثانيةِ، ولَمَّا شَرَعَ في قراءة الفاتحةِ ذَكَرَ أنه لم يسجُدْ إلا سجدةً واحدةً، كم تَرَكَ؟
طالب: سَجْدةً.
الشيخ: لا.
طالب: جُلُوسًا وسَجْدَةً.
الشيخ: جلوسًا وسَجْدَةً؛ يعني تَرَكَ رُكْنَينِ، فنقول له: لا ترجع الآن، يَحرُمُ عليك أن ترجِعَ لأنَّك شَرَعْتَ في رُكْنٍ مقصودٍ من الركعةِ التي تليها، فلا يُمْكن أن تتراجعَ عنها، استمِرّ، وتلغو الركعة السابقة، وتكون الركعة اللِّي بعدَها بدلًا عنها.
قامَ إلى الرابعة في الظُّهر، ثم ذَكَر أنه نَسِيَ السجدةَ الثانيةَ من الركعةِ الثالثةِ بعدَ أنْ شَرَعَ في القراءة، ماذا نقول؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: نقول: لغت الثالثة، وتكون هذه هي الثالثة؛ لأنك شَرَعْتَ في قراءتها.
ولهذا يقول: (فذَكَرَه بعدَ شُروعِهِ في قراءةِ ركعةٍ أُخرى بَطَلَت التي تَرَكَهُ منها) هذا ما ذهبَ إليه المؤلفُ.
والقولُ الثاني في المسألةِ أنها لا تلغو الركعة التي تَرَكَهُ منها إلَّا إذا وَصَلَ إلى محلِّه في الركعة الثانية، وبناءً على ذلك يجبُ عليه الرجوعُ ما لم يَصِلْ إلى موضعه من الركعة الثانية.
ففي المثال الذي ذَكَرْنا لَمَّا قامَ إلى الثانيةِ وشَرَعَ في قراءةِ الفاتحةِ ذَكَرَ أنه لم يسجد في الركعة الأُولى، فماذا نقول له على القول هذا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: نقول: ارجِعْ، واجلسْ بين السجدتينِ، واسجدْ، ثم كَمِّلْ، وهذا القول هو الصحيح؛ وذلك لأن ما بعد الركنِ المتروكِ يقع في غير محلِّه، لماذا يقع في غير محلِّه؟ لاشتراط الترتيب، فكلُّ ركنٍ وقع بعد الركن المتروك فإنه في غير محلِّه لِفَوَاتِ الترتيب بين الأركان، وإذا كان في غير محلِّه فإنه لا يجوز الاستمرار فيه، فلْيرجِعْ إلى الركن الذي تَرَكَ، كما لو نَسِي أن يغسل وجهه في الوضوء، ثم لما شَرَعَ في مسْح رأسِه ذكر أنه لم يغسل الوجهَ، فيجب عليه أن يرجع ويغسل الوجهَ ويغسل اليدينِ كذلك، فإنْ وصل إلى محلِّه من الركعة الثانية فإنه لا يرجع، لماذا؟ لأن رجوعه ليس له فائدة، إذا رجع فإلى أين يرجع؟
طلبة: لنفْس المحلِّ.
الشيخ: إلى نفْس المحلِّ، فتكون الثانيةُ هي الأُولى، ويصحُّ له ركعةٌ ملفَّقةٌ من الأُولى ومن الثانية؛ مثاله: لما قام من السجدةِ الأُولى في الركعة الثانية ذَكَر أنه لم يسجد في الركعة الأولى إلا سجدةً واحدةً، أيش نقول له؟ نقول: ارجعْ إلى الركعة الأولى؟ ! لو قُلنا له: ارجعْ، وين بيروح؟ مكانَه، لو قُلنا: ارجعْ إلى الموضع الذي تركتَه في الركعة الأولى. قال: أنا الآن راجع، هذا محلُّ الجلوس، فأنا الآن جالسٌ.
وهذا القول هو القول الراجح: أنه يجب الرجوعُ إلى الركنِ المتروكِ ما لم يَصِلْ إلى موضعه من الركعة الثانية، فإنْ وَصَلَ إلى موضعه من الركعة الثانية صارت الثانية هي الأُولى.
هل عرفتم الفرقَ بين القولينِ الآن؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعيد المثالَ مرةً أُخرى.
قام مصلٍّ من السجود الأول من الركعة الأولى، قام إلى الثانية، ولما شَرَعَ في القراءة ذَكَر أنه لم يسجد في الأولى إلا مرَّةً واحدةً، فماذا يصنع على قول المؤلف؟
نقول: يستمر ولا يرجع، وتكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى.
القول الثاني: يرجع ويجلس، ثم يسجد، ثم يقوم للثانية؛ لأن القول الثاني يقولون: إنه يجب عليه الرجوعُ ما لم يَصِل إلى محلِّ المتروك، فإذا وصل إلى محلِّ المتروك صارت الثانية هي الأولى.
قال المؤلف: (وقَبْله) يعني: إنْ ذَكَر الركنَ المتروكَ من الركعة قبله؛ أي: قبل الشروع في قراءةِ الأخرى (يعودُ وجوبًا فيأتي به وبما بعدَه).
مثالُ ذلك: رجلٌ يصلي فقام إلى الركعة الثانية، وحين قيامه ذَكَر أنه لم يركعْ في الركعة الأولى، إذَن ترك من الركعة الأولى.
طلبة: ركنًا.
الشيخ: وهو الركوع. ماذا يَلْزمه على كلام المؤلف؟ يَلْزمه الرجوع.
رَجَعَ، يريد أن يركع الآن فرَكَعَ، هلْ يَلْزمه أن يسجد؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لماذا؟
طلبة: الترتيب.
الشيخ: يَلْزمه أن يسجد من أجْل الترتيب؛ لأنه لو ركع ثم قام للثانية بدون السجود صار قيامُه للثانية عن ركوعٍ لا عن سجود، وصار السجود في الركعة الأولى في غير محلِّه لأنه صار قبل الركوع.
إذَن فيقول المؤلف: (يأتي به) لأنه تركه (وبما بعده) لئلَّا يفوت أيش؟
طلبة: الترتيب.
الشيخ: الترتيب، قال:(يأتي به وبما بعدَه).
قال: (وإنْ عَلِم بعد السلام فكَتَرْكِ ركعةٍ كاملةٍ).
إن عَلِم بالركن المتروك بعد أن سلَّم فكَتَرْكِ ركعةٍ كاملة، يعني فكأنه سلَّم عن نقْصِ ركعةٍ، فماذا يصنع؟
يأتي بركعةٍ كاملةٍ، ثم يتشهَّد، ويسجد للسهْو، ويسلِّم، قال: إمَّا قَبْل أو بَعْد على حسب ما سنذكر إن شاء الله.
مثال ذلك: رجلٌ صلَّى، ولما فَرَغَ من الصلاة ذَكَر أنه لم يسجد في الركعة الأخيرة إلا سجدةً واحدةً، إذَن ما الذي فاته؟
طالب: سجودٌ وجلوسٌ.
الشيخ: سجودٌ وجلوسٌ، نقول: يجب عليه أن يأتي بركعةٍ كاملةٍ.
ووجهُ ذلك أنه لما سلَّم امتنع بناءُ الصلاة بعضها على بعض، فتُلْغى الركعةُ كلُّها ويأتي بركعةٍ كاملةٍ، ولأن تسليمه بعد التشهد يُشْبه ما إذا شرع في قراءةِ الركعة التي تليها، وهو إذا شرع في قراءة الركعة التي تليها وجب عليه إلغاءُ الركعةِ الأولى وإتيانٌ بركعةٍ كاملة.
القول الثاني في هذه المسألة أنه لا يَلْزمه أن يأتي بركعةٍ كاملة، وإنما يأتي بما تَرَكَ وبما بعده؛ السببُ لأنَّ ما قبل المتروك وَقَعَ في محلِّه صحيحًا فلا يُلزم الإنسان به مرةً أخرى، أمَّا ما بعد المتروك فإنما قُلنا بوجوب الإتيان به من أجْل الترتيب، وعلى هذا ففي المثال الذي ذكرْنا نقول لهذا الرجل: ارجعْ، واجلس بين السجدتينِ، واسجد الثانية، ثم اقرأ التشهد، ثم سلِّمْ، ثم اسجدْ للسهْو.
واضح الفرق بين القولين الآن؟
الطلبة: واضح.
الشيخ: إذا عَلِم بالركن المتروك بعد أن سلَّمَ، فما الحكم على ما مشى عليه المؤلف؟
طالب: عليه أن يرجع إلى ركعةٍ كاملة.
الشيخ: أن يأتي بركعةٍ كاملةٍ، ويسلِّم، ويسجد للسهو بعد السلام.
الطالب: على القول الآخر يكفيه أن يجلس و ..
الشيخ: أن يأتي بالمتروك.
الطالب: أن يأتي بالمتروك.
الشيخ: وبما؟
الطالب: وبسجدتي السهو.
الشيخ: وبما؟ بالمتروك وبما بعده.
الطالب: ويسجد، ويتشهَّد بعد السجود، ثم يسلِّم، ثم يسجد للسهو.
الشيخ: تمام، المثال؟
طالب: (
…
) سلَّمَ، ثم ذَكَر أنه تَرَك السجدة الثانية من الركعة الأخيرة، فعلى قول المؤلف يأتي بركعةٍ كاملة، وعلى القول الآخر أنه يعود ويجلس، ثم يسجد، ثم يجلس للتشهد الأخير، ويسلِّم، ويأتي بسجود السهو بعد الصلاة.
الشيخ: تمام، وهذا القول هو الصحيح، وجهُ صحَّته: أن ما قبل المتروك وقع؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: مُجْزِئًا في محلِّه، فلا وجْهَ لبُطلانه، وأمَّا ما بعد المتروك فإنما قُلنا بوجوب إعادته من أجل مراعاة الترتيب.
فهِمْنا الآن ترْكَ الركن؛ أنَّ تَرْكَ الركنِ لا يمكن أن يُغتَفَر فيسقط الركن، لكنْ -على كلام المؤلف- إنْ شَرَع في قراءة الركعة التي بعدها قامت مقامها وأُلغِيت الركعة التي تَرَك منها الركن، وإذا علم قبل أن يشرع في قراءةِ الركعة الأخرى وجب عليه الرجوعُ فيأتي به وبما بعده، وإنْ علم بعد السلام فكَتَرْكِ ركعةٍ كاملةٍ، فصار تَرْكُ الركن له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يذكره قبل الشروع في قراءة الركعة التي تليها، ففي هذه الحال يجب عليه الرجوعُ فيأتي به وبما بعده ويستمرُّ في صلاته.
الحالة الثانية: أن لا يعلم به إلا بعد السلام، فيكون كتَرْكِ ركعةٍ كاملة.
الحالة الثالثة: أن يعلم به بعد الشروع في قراءةِ الركعة التي تليها، فتُلغى الركعةُ التي تَرَك منها وتقوم الثانية مقامها.
هذا كلام المؤلف.
أمَّا القول الراجح فإنه إذا تَرَك رُكنًا فلا يخلو إمَّا أن يذكره قبل أن يَصِل إلى محلِّه، أو بعد أن وَصَلَ إلى محلِّه، أو بعد السلام.
إنْ ذَكَره قبل أن يَصِل إلى محلِّه؟
طلبة: يرجع.
الشيخ: وجب عليه الرجوع.
وإنْ ذَكَره بعد أن وَصَل إلى محلِّه؟
طلبة: لا يرجع.
الشيخ: فإنه لا يرجع؛ لأنه لو رجع لم يستفِدْ شيئًا.
وإنْ ذَكَره بعد السلام أتى به وبما بعده فقط، ولا يَلْزمه أن يأتي بركعةٍ كاملة، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.
قال المؤلف رحمه الله: (وإنْ عَلِم بعد السلام فكَتَرْكِ ركعةٍ كاملة) هذا نسيان الركن.
***
ثم قال: (وإنْ نَسِيَ التشهُّدَ الأوَّلَ)، وهذا نسيانُ الواجب.
(إنْ نَسِي التشهدَ الأوَّلَ) خصَّ المؤلف التشهد الأول على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر، بل نقول: إذا نقص واجبًا، فما الحكم؟
هذا التشهد الأول من الواجبات وليس من الأركان، والدليل على أنه ليس من الأركان أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما تَرَكَه سهوًا لم يَعُدْ إليه (5).
التشهد الأول من الواجبات وليس من الأركان، إذا نَسِيه ونهض فلا يخلو من ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: أن يَذكُر قبل أن يَنْهض؛ يعني قبل أن يُنْهِض فخذيه عن ساقيه؛ يعني لما تهيَّأ ليقوم ذَكَر أن هذا محلُّ تشهُّدٍ أول، ففي هذه الحال يَلْزمه الاستقرارُ؛ الجلوسُ والتشهُّد، وليس عليه شيء؛ لأنه لم يزد شيئًا في صلاته، غاية ما هنالك أنه نوى أن يقوم ثم ذكر فجلس، فالصلاة لم يؤثِّر فيها شيء.
الحال الثانية: أن يذكر بعد الوصول إلى الركن الذي يليه؛ مثل أن يذكر بعد أن يستَتِمَّ قائمًا لكنْ قبل أن يشرع في القراءة، فهُنا لا يرجع؛ لأنه انفصل عن التشهُّد تمامًا حيث وصل إلى الركن الذي يليه.
الحال الثالثة: أن يذكر أنه نسي التشهُّدَ الأول بعد الشروع في قراءة الركعة الأخرى فيَحْرُم الرجوع.
وقد بيَّن المؤلف هذا التفصيل في قوله: (وإنْ نَسِي التشهُّدَ الأولَ ونَهَضَ لَزِمَه الرجوعُ ما لم ينتصبْ قائمًا، فإن استتمَّ قائمًا كُرِه رُجُوعه، وإنْ لم ينتصبْ قائمًا لَزِمه الرجوعُ، وإنْ شرع في القراءة حَرُم الرجوع) ثلاث حالات.
قال: إذا نهض ولكنه لم يستتِمَّ قائمًا فإنه يَلْزمه؟
الطلبة: الرجوع.
الشيخ: الرجوع، هذه حال.
إذا استتمَّ قائمًا ولم يشرع في القراءة؟
الطلبة: كُرِه الرجوع.
الشيخ: كُرِه الرجوع، ولو رجع لم تبطل صلاتُه؛ لأنه لم يفعل حرامًا، ولو شرع في القراءة حرُمَ الرجوعُ، فلو رجع عالمًا بطلت صلاته؛ لأنه تعمد المفسِدَ للصلاة فتفسد، فهذه ثلاثة أقسام.
قال المؤلف: (وعليه السجودُ للكُلِّ).
(عليه السجودُ للكُلِّ) يعني كلَّ الأحوال الثلاثة: إذا نهض ولم يستتمَّ قائمًا، إذا استتمَّ قائمًا ولم يقرأ، إذا شرع في القراءة؛ عليه السجود.
كم حالة هذه؟
الطلبة: ثلاث.
الشيخ: ثلاث حالات.
فيه حالة رابعة ما ذكرها المؤلف لأنها لا توجِب السجودَ للسهو: إذا ذَكَر قبل أن ينهض؛ يعني تأهَّبَ للقيام، ولكن قبل أن ينهض وتُفارق فخذاه ساقيه فإنه يستقرُّ، ولا يجب عليه السجود في هذه الحال، لماذا؟ لعدم الزيادة وعدم النقص؛
أمَّا عَدَم النقصِ فلأن الرجل تشهَّد، وأمَّا عدم الزيادة فلأنه لم يأتِ بفعلٍ زائدٍ؛ ما نَهَضَ، وعلى هذا فتكون الأحوال أربعة:
الحالة الأولى؟
طالب: أن (
…
) قبل أن ينتصب قائمًا.
الشيخ: أن يذكرها قبل أن ينتصب قائمًا وبعد أن ينهض، نعم، فما الواجب؟
طالب: الواجب أن يرجع.
الشيخ: أن يرجع، ويسجد للسهو.
الطالب: وأن يسجد.
الشيخ: على كلام المؤلف يسجد للسهو؛ لأنه نهض ولم يستَتِمَّ.
الحالة الثانية؟
طالب: أن يذكرها بعد الشروع في القراءةِ؛ قراءةِ الفاتحة، (
…
).
الشيخ: وعليه سجود السهو.
طالب: أن يذكر قبل أن ينهض؟
الشيخ: أن يذكر قبل أن ينهض، يعني بعد أن تأهَّب للقيام ذكر.
الطالب: فعليه السجود.
الشيخ: عليه السجود؟ !
الطالب: على قول المؤلف.
الشيخ: لا، هذه ما على قول المؤلف؛ المؤلف يقول:(ونَهَضَ).
الطالب: (
…
) يا شيخ.
الشيخ: المؤلف سكت عن هذا، لكن ليس عليه سجود؛ لأنه ما زاد شيئًا ولا نقص، تبقى الحالة الرابعة:
طالب: الحالة الرابعة أن يذكر وقد استتمَّ قائمًا وقبل أنْ يقرأ الفاتحة.
الشيخ: ما ذكرناها هذه؟
طلبة: لغيناها.
الشيخ: أن يذكر بعد أن يستتمَّ قائمًا قبل أن يشرع في القراءة.
طالب: يُكرَه الرجوع.
الشيخ: فعلى كلام المؤلف يُكْره الرجوع، وعليه السجود. فصار الرجوع محرمًا ومكروهًا وواجبًا. كذا؟
طالب: ومسكوتٌ عنه.
الشيخ: ومسكوتٌ عنه على كلام المؤلف.
المحرَّم: إذا شرع في القراءة.
المكروه: إذا استتمَّ قائمًا ولم يشرع.
الواجب: إذا لم يستتمَّ قائمًا ونهض، لكن في أثناء النهوض ذكر ثم رجع.
في هذه الأحوال الثلاث يجب عليه سجود السهو.
الحالة الرابعة: أن يذكر قبل أن ينهض؛ قال العلماء: أي قبل أن تفارق فخذاه ساقيه، وبعضهم قال: قبل أن تفارق ركبتاه الأرض، والمعنى متقارب؛ لأنه إذا فارقتْ ركبتاه الأرض فقد نهض، وإذا فارقتْ أَلْيتاه ساقيه فقد نهض أيضًا، المسألة متقاربة، لكن إذا ذَكَر قبل أن ينهض فإنه يستقرُّ وليس عليه سجود سهْو، هذا حكم المسألة على كلام المؤلف.
الواجبُ غير التشهُّد حُكْمه حُكْم التشهد؛ فلو نَسِي أن يقول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، ولما أراد أن يتحرك ذكر، ماذا نقول؟
طالب: لا شيء.
الشيخ: لا شيء عليه؛ لأنه لم يَزِدْ ولم ينقص.
نهض لكنْ لم يستتمَّ قائمًا؟
طالب: يجب.
الشيخ: يجب الرجوع، وعليه سجود السهو.
نهض ولم يشرع في القراءة؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: يُكْره الرجوع، وعليه السجود.
نهض وشرع في القراءة؟
طلبة: يَحرُم.
الشيخ: يَحرُم الرجوع، وعليه السجود.
طالب: الإمام إذا نسي وقامَ واستتمَّ قائمًا عن التشهد الأول، فلما استتمَّ سبَّح له بعضُ المأمومين ثم رجع، هلْ يلزم المأمومَ الرجوعُ معه بعدما استتمَّ أم يفارقه؟
الشيخ: لا، في هذه الحال إذا رجع سبَّحوا به ليقوم، فإن أصرَّ فارقوه.
طالب: هل مَنْ تَرَكَ رُكنًا فذكره بعد (
…
) بقراءة ركعة (
…
)؟
الشيخ: اللي بعدها.
طالب: يعني لو كان هذه الأولى، و (
…
).
الشيخ: إي، هذه المسألة ما ذكرها المؤلف.
يعني لو ذَكَر وهو في الركعة الثالثة أنه ترك سجودًا في الركعة الأولى، فما الحكم؟
نقول: في هذه الحال صارت الركعةُ الثانيةُ الأولى، وصارت الثالثةُ الثانيةَ.
طالب: على القول الثاني.
الشيخ: إي نعم، هو ما يرجع؛ لأنه وصل إلى محلِّه في الركعة الثانية.
طالب: ما فيه قول ثانٍ بأن يرجع إلى .. ؟
الشيخ: إي نعم، لكن إذا سها في الركعة الأولى والآن هو في الثالثة فقد وَصَل إلى محلِّه.
الطالب: يعني الثانية تصير الأولى.
الشيخ: إي نعم، صارت الثانيةُ أولى، والثالثةُ الثانيةَ.
طالب: شيخ، الحالات الثلاث اللي ذكرناها سابقًا، السجودُ قبل التسليم ولَّا بعده؟
الشيخ: السجود قبل التسليم، سيأتينا -إن شاء الله- هذا.
طالب: أحيانًا يا شيخ يقوم الإنسان من التشهد الأول، فيذكر قبل أن يبدأ بالقراءة، الناس يأكلونه: سبحان الله، سبحان الله. ولا يرجع؟
الشيخ: إذا أكلوه فلْيأكُلهم ولا يرجع.
الطالب: (
…
).
الشيخ: (
…
).
الطالب: لا يرجع.
الشيخ: إنما هو لا يرجع.
الطالب: لو (
…
).
الشيخ: أقول: غلط هذا، لا يرجع، إذا استتمَّ قائمًا لا يرجع.
طالب: يا شيخ، (
…
) لو رجع؟
الشيخ: لو رجع متعمدًا بطلت صلاتُه إلا أن يكون جاهلًا.
الطالب: (
…
) هنا الكراهة، ولأنه (
…
) حكم الكراهة.
طالب: لو (
…
) عاد متعمدا يعني قبل ..
الشيخ: لا، هو إذا رجع في حالٍ لا يَلْزمه البقاء، فالصلاة ما تبطل، لكن إذا كان يَلْزمه مثل لو شرع في القراءة.
الطالب: هو لم يَشرع، فقام .. ؟
الشيخ: لا، إذا لم يَشرع فهو مكروه فقط، لو رجع ما بطلت الصلاة.
الطالب: المؤلف قال: لو ذَكَر أنه نَسِي ركنًا بعد السلام فكتَرْكِ ركعةٍ، والمثال اللِّي ذكرْنا أنَّ الركن في الركعة الأخيرة فيأتي به وبما بعده فقط؟
الشيخ: لا، على كلام المؤلف ولو كان في الركعة الأخيرة.
الطالب: لا، اللي ذكرْنا نحن على الصحيح أنه يأتي بالمنسي فقط وما بعده.
الشيخ: نعم صحيح.
الطالب: هذ المثال اللِّي ذكرْنا في الركعة الأخيرة، وما في ركعة متقدمة.
الشيخ: هذا الذي (
…
)، إذا كان في الركعة الأولى مثلًا صارت الثانية بَدَلَها.
الطالب: يعني يأتي بركعة.
الشيخ: يأتي بركعة.
الطالب: كما قال المؤلف.
الشيخ: إي نعم، يأتي بركعة، والسبب أنه لما أن وصل إلى محلِّه من الركعة الثانية صارت الثانية هي الأولى.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، أقول: دليل التقسيم هذا: الكراهة والتحريم والوجوب، أقول: دليله يعني؟
الشيخ: فيه دليل، نعم؛ في حديث المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَإِنِ اسْتَتَمَّ قَائِمًا فَلَا يَرْجِعْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَلْيَرْجِعْ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» (6).
طالب: (
…
) تنحنح يا شيخ من غير حاجة (
…
) تبطل على الصحيح صلاتُه؟
الشيخ: واللهِ في النفْس منها شيء؛ لأن الواقع أن النحنحة لا تُسمَّى كلامًا، والدليل على هذا أنها لو كانت كلامًا وتنحنح الإنسانُ ولو لِحاجةٍ لَوَجَبَ أن تبطل؛ لأن الكلام وإن كان لِحاجةٍ إذا تعمَّده الإنسانُ بطلت صلاته.
النحنحة اللِّي يظهر لي أنها لا تبطل مطلقًا لحاجةٍ ولغير حاجةٍ.
طالب: مثلًا امرأة إذا يكون عندها وَلَد، وبكى ولدُها، هل تُرضِع ولدَها وهي في صلاة إذا بكى؟
***
طالب: (
…
)، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: ومَنْ شَكَّ في عددِ الرَّكَعاتِ أَخَذَ بالأقلِّ، وإنْ شَكَّ في تَرْكِ رُكنٍ فكتَرْكِهِ، ولا يسجد لشَكِّه في تَرْكِ واجبٍ أو زيادةٍ، ولا سجودَ على مأمومٍ إلا تَبَعًا لإمامه، وسجود السهْوِ لِما ..
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
تكلَّمنا فيما سبق على الكلام على النقص، فإذا نَقَص رُكنًا فماذا يصنع؟
طالب: بطلت صلاتُه.
الشيخ: كيف؟
الطالب: إنْ كان عمدًا بطلت صلاته.
الشيخ: إنْ تَرَكَ ركنًا عمدًا.
الطالب: بطلت صلاته، وإنْ كان سهوًا وذَكَرَه ..
الشيخ: لا، فيه تفصيل قبل (وذَكَرَه).
طالب: إنْ كان تكبيرة الإحرام فإن الصلاة لا تنعقِد.
الشيخ: تمام.
الطالب: سواء كان عمدًا أو سهوًا.
الشيخ: وإنْ كان غيرها؟
طالب: نقول: فيه تفصيل؛ إن ذَكَره بعد قيامه وقبل الشروع في القراءة فإنه على المذهب لا يرجع.
الشيخ: إن ذَكَره.
الطالب: إي نعم، بعد أن استَتَمَّ قائمًا وقبل الشروع في القراءة فلا يرجع، وعلى القول الثاني ..
الشيخ: أعطني المذهب.
الطالب: أنه لا يرجع.
الشيخ: إذا كان بعد الشروع في القراءة فلا يرجع.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: يستمر؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: وماذا يصنع؟ يعتدُّ بالركعة التي ترك منها الركن أو لا يعتد بها؟
الطالب: يعتبر أن الركعة الأولى التي نقص منها الركن لاغية، وتقوم الثانية مقامها.
الشيخ: تمام.
وإذا ذكر بعد السلام؟
طالب: وإذا ذكر بعد السلام على كلام المؤلف فإنه كتَرْكِ ركعةٍ كاملة.
الشيخ: كتَرْكِ ركعةٍ كاملة، إلَّا؟ استثنِ من هذا.
الطالب: إلا تكبيرة الإحرام.
الشيخ: لا، انتهينا من تكبيرة الإحرام.
الطالب: القول الراجح في هذا؟
الشيخ: لا، القول اللي غير راجح، مَن يعرف؟
طالب: (
…
) الفصل.
الشيخ: لا.
طالب: إذا فَعَل ما ينافي الصلاة.
الشيخ: لا.
طالب: شيخ، إلَّا إذا تَرَك السلام أو التشهد الأخير، فإنه يأتي به ولا يأتي بركعةٍ كاملةٍ.
الشيخ: تمام، ما لم يكن المتروك تشهُّدًا أخيرًا أو سلامًا، فيأتي به ولا يأتي بركعةٍ كاملةٍ، هذا المذهب.
القول الثاني فيمَنْ تَرَك ركنًا من ركعة ساهيًا؟
طالب: قالوا: إن سلَّم قبل يعني ..
الشيخ: لا، ما فيه: إن سلم.
الطالب: إن ذكره يعني.
طالب: فيه تفصيل كذلك؛ فإن تَرَكه وذَكَره قبل أن يَصِل إليه إلى مكانه من الركعة الثانية عاد إليه وجوبًا، وإنْ ذَكَره بعد وصوله إلى مكانه من الركعة الثانية كانت هذه هي الأولى ولغت ..
الشيخ: قامت الركعة الثانية مقام التي قبلها، سواء الأولى ولَّا الثانية ولَّا الثالثة.
القول الثاني: أنه إنْ ذَكَره قبل أن يَصِل إلى موضعه من الركعة الثانية وَجَبَ عليه الرجوعُ، وإنْ ذَكَره بعد وصوله إلى موضعه قامت الثانية مقام الأولى.
إذا تَرَكه من آخرِ ركعةٍ، ذَكَره من آخرِ ركعةٍ وسلَّم، ثم ذَكَر أنه لم يسجد السجدة الثانية؟
طالب: إذا ذكر في آخر ركعة.
الشيخ: في آخر ركعة.
الطالب: بعد التسليم ذَكَر أنه لم يسجد السجدة الثانية.
الشيخ: الثانية من آخر ركعة، ماذا يصنع؟
الطالب: على القول الراجح أنه يجلس، ويسجد، ويتشهد، ويسلِّم.
الشيخ: يجلس الجلوس بين السجدتينِ، ثم يسجد الثانية، ثم يتشهد، ثم يسلِّم.
الطالب: يسجد سجود السهو.
الشيخ: قبل السلام ولَّا بعد؟
الطالب: قبل.
الشيخ: قبل؟ !
الطالب: نعم.
الشيخ: هو زاد في الصلاة.
الطالب: لا، هذا السهو.
الشيخ: إي، لكن هو زاد في الصلاة؛ سلَّمَ قبل أن يُتِمَّها، يسجد بعد السلام؛ يُسَلِّم ثم يسجد بعد السلام، هذا القول هو الراجح.
ما وجه رُجحانِ هذا القول: أنه يجب عليه الرجوع ما لم يَصِل إلى موضعه من الركعة الثانية؟
الطالب: نعم، لأن ما وقع بعد المتروك وقع في غير محلِّه، فوجبَ عليه ..
الشيخ: ما وقع بعد المتروك فهو في غير محلِّه، فيكون لاغيًا، وحينئذٍ يجب أن يرجع إلى الركن الذي تَرَك.
ما تقول في رجُلٍ قام إلى الركعة الثانية، فلمَّا قام ذَكَر أنه لم يسجد إلا السجدة الأولى؟
طالب: على المذهب؛ قول المؤلف.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: بطلت الصلاة.
الشيخ: بطلت!
طالب: (
…
).
الشيخ: بطلت الصلاة!
الطالب: (
…
)، أعِد الـ ..
الشيخ: السؤال؟
الطالب: نعم.
الشيخ: رجُلٌ لما قام إلى الركعة الثانية ذَكَر أنه لم يسجد إلا مرةً واحدةً؟
الطالب: لَزِمه الرجوع، ويسجد سجود السهو.
الشيخ: كيف يعني؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: أنت قلت: على المذهب، ثم ..
الطالب: لا (
…
).
الشيخ: أيش؟
الطالب: إذَنْ لِيرجِعْ، يَلْزمه الرجوع.
الشيخ: يَلْزمه الرجوع.
الطالب: ويسجد سجود السهو.
الشيخ: نعم، لكن كيف يرجع؟ يرجع يعني بمعني يسجد ولَّا ويش يصنع؟
الطالب: (
…
) السجدة التي نقصت، والجلوس بين السجدتين (
…
).
الشيخ: يسجد الثانية، يعني: ينزل من القيام إلى السجود.
الطالب: لا، يرجع للركعة (
…
).
الشيخ: هنا الآن، شُف المثال: قام إلى الركعة الثانية، وذَكَر أنه لم يسجد إلا سجدةً واحدةً.
الطالب: إذا قام قبل ما يشرع في القراءة يرجع.
الشيخ: هنرجع للمذهب، قبل أن يشرع في القراءة رجع، ماذا يصنع؟ يرجع للسجود يعني يسجد؟
الطالب: لا، يأتي بالسجدة ثم يأتي بـ (
…
) ..
الشيخ: إي، يأتي بالسجدة ثم يقوم، كذا؟
الطالب: لا، يُكمِّل على الترتيب.
الشيخ: أيش يُكمِّل؟
الطالب: يأتي بالسجدة التي (
…
) في الركعة الثانية.
الشيخ: يعني يسجد أولًا، ثم يجلس، ثم يسجد ثانيًا؟
أو ما فهمت السؤال؟
قام من السجود إلى الركعة الثانية، فلما قام ذَكَر أنه ما سجد إلا مرةً واحدةً، فماذا يصنع؟
الطالب: قلنا: يَلْزمه الرجوع الآن.
الشيخ: إلى؟
الطالب: إلى محلِّ النقص.
الشيخ: ويش يعني؟ يسجد؟
الطالب: يسجد السجدة التي نَسِيها ثم يأتي بالركعة الثانية.
الشيخ: إي، يعني معناه أنه ينحطُّ من القيام إلى السجود؟
طالب: لا هو ما ينحطُّ.
الشيخ: ويش؟ ! يسجد؛ يعني يسجد السجدة الثانية لأنه ترك، ما تصوَّرْتَها؟ لا تهولنَّكَ أيديهم التي كالسهام.
الطالب: يلزم الرجوع للسجدة الثانية.
الشيخ: طيب، الآن رجع، ويش يسوي؟ يسجد؟
الطالب: يسجد؛ يأتي بالسجدة التي نقصت، وما يأتي بعد على الترتيب.
الشيخ: ويش؟
الطالب: (
…
) السجدة الثانية، ثم يجلس بين السجدتين، ثم يرفع منها.
الشيخ: سجد ثلاث مرات الآن.
الطالب: أولًا يأتي بالسجدة؛ يسجد السجدة التي وقعت عليه؛ السجدة الواحدة، ثم يسجد، ثم يجلس بين السجدتين، ويسجد السجدة الأخيرة، ثم يأتي بالركعة الثانية.
الشيخ: كم سجدة الآن؟
الطالب: سجدتان؛ لأن السجدة الأولى.
الشيخ: سجدتان؟ والأولى؟
الطالب: سقطت؛ لأنه على الترتيب.
الشيخ: أيش تقول أنت؟
طالب: أنا أقول: أن يعود للجلوس في حالة (
…
) الجلوس الذي بين السجدتين ركنًا، ثم يسجد السجدة الثانية، ثم يقوم.
الشيخ: إي، ما تقولون في هذا الجواب؟
الطلبة: صحيح.
الشيخ: يقول: يجلس الجلوسَ بين السجدتينِ لأنه ركنٌ، ثم يسجد الثانية، ثم يقوم. صحيح هذا؟
الطلبة: صحيح.
الشيخ: هذا هو الصحيح، ما فيه إشكال.
ما تقول في رجلٍ قام إلى الركعة الثانية وقرأ الفاتحة والسورة التي بعدها، لما أراد أن يركع ذكر أنه لم يسجد في الركعة الأولى إلا مرةً واحدةً، فماذا يصنع؟
طالب: على كلام المؤلف لا يرجع، وتبطُل الأولى، وتحل ..
الشيخ: على كلام المؤلف تكون الثانية هي الأولى؟
الطالب: نعم.
الشيخ: والقول الثاني؟
الطالب: والقول الثاني أنه يرجع.
الشيخ: يرجع.
الطالب: ويجلس.
الشيخ: يجلس.
الطالب: ثم يسجد ثم يقوم.
الشيخ: يجلس الآن الجلسة بين السجدتين، ثم يسجد، ثم يقوم. صح الجواب؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: صحيح.
انتهى الكلام على الأركان.
النقص في الواجبات، قال المؤلف:(وإنْ نَسِي التشهدَ الأولَ ونَهَضَ لَزِمه الرجوعُ ما لم ينتصبْ قائمًا، فإن استتمَّ قائمًا كُرِه رجوعُه، وإنْ لم ينتصبْ قائمًا لَزِمه الرجوعُ، وإنْ شَرَعَ في القراءة حَرُم الرجوعُ).
ذكرْنا أن القائم عن التشهد الأول له أربع حالات؟
طالب: إذا نهض وجب عليه الرجوع، يعني ما ..
الشيخ: أن يذكر قَبْل؟
الطالب: قبل .. يعني ما ينهض بين الفخذين.
الشيخ: يعني تأهَّب ولم ينهض.
الطالب: إي، وجب الرجوع.
الشيخ: يرجع. وعليه سجود سهو ولَّا لا؟
الطالب: لا عليه.
الشيخ: ليس عليه سجود السهو. لماذا؟
الطالب: لأنه ما تَرَك شيئًا.
الشيخ: ولا زاد شيئًا؛ ما تَرَك شيئًا ولا زاد شيئًا.
إذا تذكَّر بعد أن نهض ولم يستَتِمَّ؟
طالب: إذَنْ عليه السجود؛ يرجع وعليه السجود.
الشيخ: يرجع وعليه السجود. ليش عليه السجود؟
الطالب: لأنه زاد.
الشيخ: لأنه زاد هذا النهوض.
إذا استتمَّ قائمًا ولم يشرع في القراءة؟
طالب: فإنه يُكْره الرجوع.
الشيخ: يُكْره الرجوع، وإنْ رجع لم تبطل صلاته، لكنْ يقال: إنه فَعَل مكروهًا.
إذا شَرَع في القراءة؟
طالب: (
…
) ما تم.
طالب آخر: يَحرُم عليه الرجوع.
الشيخ: حَرُم عليه الرجوع.
هذه أربع حالات لمن تَرَك التشهد الأول.
رجُلٌ قام إلى خامسةٍ، وذَكَر قبل أن يَشرع في القراءة، ما تقول؟
طالب: يجب عليه الرجوع إلى التشهد الأخير.
الشيخ: شرع في القراءة؟
الطالب: وإنْ شرع؛ لأنها ركعة زائدة.
الشيخ: ما نقول: هي كالتشهد الأول؟
الطالب: التشهد الأول واجبٌ، أما الركعة ركنٌ.
الشيخ: وأيضًا التشهد نقصٌ، أمَّا هذا فهو زيادةٌ.
وقد جَهِل بعض الأئمة فظنوا أن الإنسان إذا قام إلى زائدةٍ وشرع في القراءة فإنه يَحرُم عليه الرجوع، وهذا خطأ، إنما هذا فيمَنْ قام عن التشهد الأول.
الدليل على هذا في التشهد الأول حديثُ المغيرة بن شعبة، وهو في السُّنن، لكنه قد ضعَّفه بعضُ العلماء، وعلى تقدير ضَعْفه لا يكون فيه حُجَّة، لكن الحجَّة في القاعدة الشرعية.
نقول: إذا لم يستَتِمَّ قائمًا لَزِمه الرجوع؛ لأنه لم يَصِل إلى الركن المقصود وهو القيام.
ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة أنه إذا استتمَّ قائمًا حَرُم عليه الرجوع، وهو أيضًا ما يدلُّ عليه حديث المغيرة؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام:«فَإِنِ اسْتَتَمَّ قَائِمًا فَلَا يَرْجِعْ» (6).
فالصحيح فيمَن قام عن التشهد الأول أنه إمَّا أن يَصِل إلى القيام ويستَتِمَّ فلا يرجع ويجب عليه السجود، وإمَّا أن لا يستتمَّ فيرجع وعليه السجود للزيادة إنْ كان قد نَهَضَ، فإنْ لم ينهض ولكن تأهَّب للقيام فليس عليه سجود.
ويش بقي علينا من أسباب سجود السهو؟ الشك.
يجب أن نعلم أن ما ذكرْناه في التشهد الأول يجري على من تَرَك واجبًا آخر مثل التسبيح في الركوع؛ لو نَسِي أن يقول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع حتى قام ونهض من الركوع فإنه لا يرجع، يَحرُم عليه الرجوع، وعليه السجود؛ عليه أن يسجد للسهو لأنه تَرَك واجبًا، قبل السلام أو بعده؟
الطلبة: قبل السلام.
الشيخ: قبل السلام؛ لأن هذا نقصٌ.
ولو تَرَك قول: (سبحان ربي الأعلى) حتى جَلَس أو حتى قامَ فإنه؟
الطلبة: لا يرجع.
الشيخ: لا يرجع. وعليه؟
الطلبة: السجود.
الشيخ: أن يسجد.
ولو تَرَك (ربِّ اغفرْ لي) حتى سجد فإنه لا يرجع وعليه السجود، وعلى هذا فقِس؛ كلُّ مَن تَرَك واجبًا حتى فارق محلَّه إلى الركن الذي يليه فإنه لا يرجع، ولكنْ عليه السجود لهذا النقص، ويكون السجود قبل السلام.
فإنْ نَسِي (سبحان ربي الأعلى)، لكنْ لما نَهَض قبل أن يجلس ذَكَر، ماذا يعمل؟
طالب: يرجع.
الشيخ: يرجع؛ لأنه لم يَصِلْ إلى الركن الذي يليه، وعليه أن يسجد لأجْل زيادة النهوض.
***
بقينا بالشك، وما أدراك ما الشك!
الشكُّ لا بدَّ من معرفة ثلاث قواعد فيه:
القاعدة الأولى: إذا كان الشك بعد انتهاء الصلاة فلا عِبرة به، إلا أن يتيقَّن النقص أو الزيادة.
مثال ذلك: بعد أن سلَّم شكَّ هل صلى ثلاثًا أم أربعًا؟
نقول: لا تلتفت لهذا الشك؛ لا تسجد للسهو، ولا ترجع لصلاتك ولا شيء أبدًا؛ لأن الصلاة تمت على وجهٍ شرعيٍّ ولم يوجد ما ينقض هذا الوجه الشرعي؛ الرجل لما سلَّم ما عنده إشكال أن الصلاة تامة، تمت الصلاة الآن وبرئتْ بها الذمة وانتهت، فوقع الشك، أو فوَرَدَ الشك بعد أن برئت الذمة، ولهذا لم يكن فيه عِبرة، ما نعتبره إطلاقًا.
ومثل ذلك: لو شكَّ في عدد أشواط الطواف بعد أن فرغ من الطواف؛ شكَّ هل طاف سبعًا أم ستًّا، ماذا يصنع؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: لا عِبرة به، لا يُلتفت إليه؛ لأنه فرغ من الطواف على وجهٍ شرعيٍّ، فبرئت به الذمة، فورد الشك أيش؟ بعد؟
طلبة: البراءة.
الشيخ: بعد براءة الذمة، فلم يُلتفت إليه.
ومثله لو شكَّ في حصى الجِمار بعد أن فرغ وانصرف، ماذا نقول له؟
طلبة: لا تلتفتْ له.
الشيخ: لا تلتفتْ له؛ لأنك بفراغك من العبادة برئتْ ذمتك، فوَرَدَ الشكُّ وذمتك قد برئت. هذه القاعدة.
القاعدة الثانية: إذا كان الشك وهمًا -يعني طَرَأَ على ذهنه طُروًّا لكنه ما استقرَّ، مجرد وهْم، كما يوجد هذا في الموسوسين- فلا عِبرة به أيضًا؛ لأنه وهْم، فلا يُلتفت إليه، والإنسانُ لو طاوع التوهم لَتَعِبَ تعبًا عظيمًا فلا يُلتفت لهذا.
الثالث: إذا كثُرت الشكوك مع الإنسان حتى صار لا يفعل فعلًا إلا شكَّ فيه؛ إن توضأ شكَّ، وإن صلى شكَّ، وإن صام شكَّ، كل شيء يشك فيه، فهذا أيضًا لا عِبرة به؛ لأن هذا مَرَضٌ وعِلة، والكلام مع الإنسان الصحيح السليم من المرض، والإنسان الشكاك هذا يعتبر ذهنه غير مستقرٍّ، فلا عِبرة به.
فهذه ثلاث قواعد اعرفها في باب الشك:
الأولى؟
طالب: لو شك في الطهارة.
الشيخ: ما هو الطهارة، هات لنا القاعدة الأولى.
طالب: إذا كان الشك بعد انتهاء الصلاة فلا عِبرة به.
الشيخ: تمام.
إذا كان الشك بعد انتهاء الصلاة فلا عِبرة به، علِّل.
طالب: إذا كان الإنسان صلى.
الشيخ: علِّل، ما هو مَثِّل، علِّل؛ ليش ما فيه عِبرة؟
طالب: لأنه انتهى من العبادة، برئت ..
الشيخ: انتهى من العبادة، فلما انتهى منها برئت ذِمَّته، فوَرَدَ الشك بعد أن برئت ذمَّته من العبادة، انتهت، رُفِعت.
طالب: إذا كان الشك وهمًا.
الشيخ: إذا كان الشك وهمًا.
الطالب: طرأ عليه ولم يستقرَّ، فلا عِبرة.
الشيخ: ولم يستقرَّ، فهذا؟
الطالب: لا عِبرة به.
الشيخ: لا عِبرة به.
الثالث؟
طالب: إذا كثرت الشكوك فلا عِبرة فيه.
الشيخ: نعم، فلا عبرة به؛ لأن هذا يُعتبر مَرَضًا طارئًا على فِكْر الإنسانِ، فلا يُعتبر، الإنسان هذا غير سليمٍ إذا كان كثير الشكوك.
بقينا (
…
) الآن الشك إذا كان شكًّا خاليًا من هذه الأمور الثلاثة فما الحكم؟
بيَّن المؤلف فيه؛ قال المؤلف رحمه الله: (ومَنْ شكَّ في عدد الركعاتِ أخذ بالأقلِّ).
هذه قاعدة: مَن شكَّ في عدد الركعات أخذ بالأقل.
شكَّ هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، يجعلها؟
الطلبة: ثلاثًا.
الشيخ: هل صلى ثلاثًا أم اثنتين؟
الطلبة: اثنتين.
الشيخ: اثنتين.
اثنتين أو واحدة؟
الطلبة: واحدة.
الشيخ: واحدة. إذا شكَّ في عدد الركعات أخذ بالأقل.
الدليل والتعليل:
الدليل: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ» (7).
فمثلًا: إذا شككْتَ هل ثلاث أو أربع، فعندي شيءٌ متيقَّنٌ وشيءٌ مشكوكٌ فيه.
ما هو المشكوك فيه؟
الطلبة: أربع.
الشيخ: الرابعة، اطرحها.
والمتيقن؟
الطلبة: ثلاث.
الشيخ: الثلاث، إذَن اجعلْها ثلاثًا. هذا دليلٌ.
التعليل: لأن الناقص هو المتيقَّن، والزائد مشكوكٌ فيه، والأصل عَدَمُه، لأن القاعدة: أنَّ ما شُكَّ في وجوده أو عَدَمِه فالأصل؟
الطلبة: عَدَمُه.
الشيخ: عَدَمُه.
فنقول الآن: عندنا ثلاثٌ أو أربعٌ، الثلاثُ متيقَّنة، والرابعةُ مشكوكٌ فيها هلْ هي وُجِدت أو ما وُجدت، والأصل؟
الطلبة: عدم الوجود.
الشيخ: الأصل عدم الوجود، احذف الرابعة، اجعلها ثلاثًا.
ثلاثٌ وثنتانِ؟
الطلبة: ثنتانِ.
الشيخ: نقول: الثنتانِ متيقَّنتانِ، والثالثة؟
الطلبة: مشكوكٌ فيها.
الشيخ: مشكوكٌ فيها، والأصل؟
طلبة: العدم.
الشيخ: العدم، فتُلْغى.
إذَن القاعدة: إذا شكَّ في عدد الركعاتِ أخذ بالأقلِّ. هذا كلامُ المؤلف.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرْقَ بين أن يكون لديه ترجيحٌ أو لا، فإذا شكَّ هل هي ثلاثٌ أو أربعٌ ورجَّح الأربعَ، يأخذ أيش على كلام المؤلف؟
الطلبة: بالثلاث.
الشيخ: بالثلاث.
ثلاثٌ أو أربعٌ ورجَّح الثلاث؟ يأخذ بالثلاث، واضح.
ثلاثٌ وأربعٌ ولم يترجَّح عنده شيء؟
طلبة: ثلاث.
الشيخ: يأخذ بالثلاث.
يعني في الصور الثلاث سواء ترجَّح الناقص أو الزائد أو تساوى الأمرانِ على كلام المؤلف يأخذ؟
طالب: بالأقلِّ.
الشيخ: بالأقلِّ، هذا كلام المؤلف.
القول الثاني في المسألة:
أنه إذا شكَّ وترجَّح عنده أحدُ الأمرينِ أخذ بالمترجِّح سواء كان هو الزائد أم الناقص، يأخذ بالمترجِّح.
ودليلُ هذا القول حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمَنْ شكَّ فتردَّدَ هل صلَّى ثلاثًا أم أربعًا؛ قال: «فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَيْهِ -يبني عليه: على التحري- ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ» (8)، فقال:«فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ» ، وهذا يدلُّ مع الحديث الأول على أن الشاكَّ له حالانِ:
حالٌ يمكن فيها التحرِّي؛ وهي التي يغلب فيها الظن بأحد الأمرينِ.
وحالٌ أخرى لا يمكن فيها التحري؛ وهي التي يكون الشكُّ بدون ترجيح.
وبناءً على ذلك نقول:
إذا شكَّ في عدد الركعات، فإنْ غَلَبَ على ظنِّه أحد الاحتمالينِ أيش؟
طلبة: عَمِلَ به.
الشيخ: عَمِلَ به، وبَنَى عليه، وسَجَدَ سجدتينِ بعد السلام.
وإن لم يترجَّح عنده أحد الاحتمالينِ أخذ بأيش؟
الطلبة: بالأقل.
الشيخ: بالأقل، وبَنَى عليه، وسجد قبل السلام.
مثال ذلك: رجل صلَّى وشكَّ هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، ولكنْ ترجَّح عنده أنها أربعٌ، نقول: اجعلْها أيش؟
الطلبة: أربعًا.
الشيخ: أربعًا؛ لأنه ترجَّح عندك، ثم سلِّمْ، ثم اسجدْ سجدتينِ بعد السلام.
ترجَّح عنده أنها ثلاثٌ؟
الطلبة: يجعلها ثلاثًا.
الشيخ: يجعلها ثلاثًا، ويأتي بالباقي، ويسجد سجدتينِ بعد السلام.
طالب: (
…
).
الشيخ: بعد السلام.
شكَّ ولم يترجَّح عنده شيء؟
الطلبة: بالأقل.
الشيخ: يأخذ بالأقل، ويسجد سجدتينِ قبل السلام، هذا القول الراجح الذي تجتمع فيه الأدلة.
فعلى هذا القول نقول: إذا شكَّ في العدد وترجَّح عنده أحد الأمرينِ أَخَذَ بالراجحِ سواءٌ كان الأقلَّ أم الأكثرَ وسَجَدَ بعد السلام، وإنْ لم يترجَّح أَخَذَ بالأقلِّ وسَجَدَ قبل السلام؛ إذا لم يترجَّح عنده شيءٌ فالسجود قبل السلام.
أمَّا على رأي المؤلف فيأخذ بالأقلِّ بكلِّ حالٍ ويسجد قبل السلام، على رأي المؤلف ما يحتاج إلى تفصيل؛ خذ بالأقلِّ بكلِّ حالٍِ واسجدْ قبل السلام.
بقي عندنا مسألة: هل يُفرَّق بين الإمامِ والمنفردِ والمأمومِ، أو هُم على حدٍّ سواء؟
فرَّق بعضُ العلماء بين الإمام وغيره وقال: الإمام يأخذ بغالب ظنِّه؛ لأنه لو أخطأ لكان عنده من يُنبِّهه، بخلاف المأموم والمنفرد، وأمَّا المأمومُ والمنفردُ فيبني على اليقينِ وهو الأقلُّ.
هذا قولٌ يفرِّق بين الإمام وغيره؛ يقول: الإمام يبني على غالب ظنِّه، وغير الإمام يبني على الأقل لأنه اليقين.
وجْه الفرق على رأي هؤلاء العلماء، ما وجْه الفرق؟
أنَّ الإمام عنده من ينبِّهه لو أخطأ، بخلاف غيره.
ولكنَّ حديث ابن مسعودٍ (9) الذي أشرتُ إليه يدلُّ على أنه يبني على غالِب ظنِّه سواء كان إمامًا أم مأمومًا أم منفردًا.
ما تقولون في رجُلٍ جاء والإمام راكعٌ، فكبَّر للإحرام ثم ركَعَ، ثم أشْكَلَ عليه هل أدركَ الإمامَ في الركوع أو رَفَعَ الإمام قبل أن يدركه، ماذا يصنع؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: يُبنى على القاعدة؛ على رأي المؤلف لا يَعْتَدُّ بها، يُلْغيها؛ لأنه شكَّ هل أدرَكَها أم لا، فيَبني على اليقين أنَّه لم يُدرِكْها، فيُلْغي هذه الركعة.
وعلى القول الثاني نقول: هل يغلب على ظنِّك أنك أدركْتَ الإمامَ في الركوع، أم لا؟ إنْ قال: نَعَم، يغلب على ظنِّي أني أدركتُه في الركوع، نقول: الركعة محسوبةٌ لك.
وهلْ يسجد أو لا يسجد؟
سيأتينا -إن شاء الله- أن المأموم لا يجب عليه السجود إذا كان لم يفُتْه شيءٌ من الصلاة، وإنْ فاتَه شيءٌ من الصلاة وَجَبَ عليه أن يسجد.
المسألة الثانية: لو بنى على اليقين أو على غالب ظنِّه، ثم تبيَّن أنه مصيبٌ فيما فَعَل، فهل يَلْزمه السجود أو لا يَلْزمه؟
رجُلٌ شكَّ هل صلَّى ثلاثًا أم أربعًا بدون ترجيح، ويش يجعلها؟
الطلبة: ثلاثًا.
الشيخ: ثلاثًا، جعلها ثلاثًا وأتى بركعةٍ رابعةٍ، لكنَّه في أثناء هذه الركعة تيقَّن أنها الرابعة وأنه ليس فيها زيادةٌ، فهلْ يَلْزمه أن يسجد أو لا يَلْزمه؟
للعلماء في هذا قولان:
القول الأول: أنه لا يَلْزمه أن يسجد؛ لأنه تبيَّن أنه ليس عنده زيادة ولا نقص، والسجود إنما يجب جبرًا لما نقص، وهنا لم ينقص شيءٌ، ولم يزِد شيءٌ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال:«فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا» (7)، وهذا الرجل يدري الآن كمْ صلَّى.
كمْ صلَّى؟
الطلبة: أربعًا.
الشيخ: صلَّى أربعًا، الآن في الركعة الرابعة هو دَرَى الآن أنَّ هذه هي الرابعة، فلا سجود عليه.
وقال بعض أهل العلم: بلْ عليه السجود؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صلَّى» ، هذا لأجْل أن يبني على ما عنده، وظاهره أنه لو دَرَى فيما بعدُ فإنه يسجد؛ لقوله:«فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا كَانَتَا تَرْغِيمًا للشَّيْطَانِ» (7)، ولأنه أدَّى هذه الركعة وهو شاكٌّ هلْ هي زائدةٌ أو غير زائدةٍ، فيكون أدَّى جزءًا من صلاته متردِّدًا في كونه منها، فيلزمه السجود. وهذا القول دليلُه وتعليلُه قويٌّ، وفيه أيضًا ترجيحٌ من وجْهٍ ثالثٍ وهو الاحتياط؛ أنَّ فيه احتياطًا.
طالب: قبل السلام ولَّا بعد السلام؟
الشيخ: نعم، حسب الحال؛ أمَّا على المذهب -على كلام المؤلف- هو قبل السلام؛ لأنه ما فيه سجود بعد السلام على كلام المؤلف إلا فيما إذا سلَّم عن نقصٍ بَس، وأمَّا الزيادة والشكُّ والنقصُ فكلها عنده قبل السلام.
قال: (وإنْ شكَّ في تَرْكِ رُكْنٍ فكتَرْكِهِ).
(شَكَّ في تَرْكِ رُكْنٍ)، كيف شكَّ في تَرْكه؟ لما قام إلى الركعة الثانية شكَّ هل سجد مرَّتينِ أو مرةً واحدةً.
ماذا يقول المؤلف؟
إنَّ الشكَّ في تَرْك الركنِ، كتَرْكِ الركنِ.
وإذا كان الشك في تَرْكِه كتَرْكِه ماذا يصنع هذا الرجل الذي قام إلى الركعة الثانية وشكَّ هل سجد سجدتينِ في الركعة الأولى أو سجدةً واحدةً؟
طالب: إذا شَرَع في القراءة فيحْرُم الرجوعُ، وإنْ لم يشرع فيرجع.
الشيخ: على كلام المؤلف.
الطالب: على كلام المؤلف كترك الركن.
الشيخ: إي نعم، على كلام المؤلف نقول: إن شرعتَ في القراءة فلا ترجعْ، وقبل الشروع ارجعْ.
وعلى القول الراجح يرجع مطْلقًا؛ يرجع، ويجلس، ثم يسجد، ثم يقوم؛ لأن الشكَّ في ترْكِ الركن كالترْكِ.
لماذا كان الشكُّ في تَرْك الركن كالتَّرْك؟
لأن الأصل عَدَم فِعْله، فإذا شكَّ هل فَعَل أم لا فالأصلُ عَدَم الفعل.
وهذه المسألة فرعٌ عمَّا سبق؛ فإذا غَلَب على ظنِّه أنه فاعله على القول الراجح فإنه يكون فاعلًا له ولا يرجع؛ لأننا ذكَرْنا أنه إذا شكَّ في عدد الركعات يبني على غالب ظنِّه، إذا شكَّ في الركن هل تَرَك أم لا لكن يغلب على ظنِّه أنه فَعَله فإنه لا يرجع، ولكنْ عليه سجودُ السهو بعد السلام.
المؤلف يقول: (إنْ شكَّ في تَرْكِ الركنِ فكتَرْكِهِ) لأنه رحمه الله يرى أنه في باب الشكِّ يُبنى على اليقين؛ وهو الأقلُّ إن شكَّ في العدد، والعَدَمُ إن شكَّ في الفِعْل.
لو شكَّ في تَرْكِ واجبٍ -ما هو تَرْك ركْنٍ- مثل: قام إلى الثالثة، وشكَّ هل جَلَس للتشهد الأول وتشهَّد أم لا، فماذا يصنع؟
طالب: عليه السجود.
طالب آخر: عليه سجود السهو.
الشيخ: لا، يعني سواء، شكَّ شكًّا ما فيه ترجيح، على صورةٍ يتفق فيها القولانِ؛ شكَّ شكًّا لم يترجَّح فيه شيء.
طلبة: (
…
).
الشيخ: قال بعض العلماء: عليه سجود السهو؛ لأن الأصل عَدَم فِعْله، فهذا الرجل لما قام إلى الثالثة قال: واللهِ ظنِّي ما جَلَستُ للتشهد الأول. نقول: عليك أن تسجد، لماذا؟ لأن الأصل أنك لم تجلسْ ولا عندك يقين.
وقال بعض العلماء: لا سجود عليه، ليش لا سجود عليه؟ قال: نعم؛ لأنه شكَّ في سبب وجوب سجود السهو. ما سببُ وجوب سجود السهو؟ سببُ وجوبِ سجود السهو هو تَرْك التشهد هذا، والآن شكَّ هل تَرَك التشهدَ أم لا، إذَن فهو شاكٌّ في السبب، والأصل عَدَم وجود السبب المقتضي للسجود، وعلى هذا فلا سجود عليه. شُفْ كيف مآخذ العلماء رحمهم الله.
عندنا إذَن قولانِ: لو شكَّ في تَرْكِ الواجب فهل هو كالركن؟
نقول: هو كتَرْكِه، فعليك سجود السهو.
أو نقول: هو كفِعْله فلا سجود عليك.
نقول في المسألة قولان:
القول الأول: إذا شكَّ في تَرْك الواجب فكتَرْكِه، فعليه سجود السهو. التعليل؟
طلبة: الأصل عدم (
…
).
الشيخ: لأنه شكَّ في فِعْله وعدمه، والأصل عدم الفعل، وإذا كان الأصل عدم الفعل فنقول: إن هذا الرجل لم يتشهَّد التشهُّدَ الأولَ، فيجب عليه سجود السهو.
والقول الثاني: لا سجود عليه، ولا يجب. لماذا؟
قالوا: لأنه شكَّ في سببِ وجوبِ السجودِ وهو تَرْك التشهُّد. هو الآن شاكٌّ هل تَرَك فيجب السجود، أو لم يترك فلا سجود عليه، إذَنْ هو شاكٌّ في سبب وجوبِ السجود، والأصل عَدَم وجودِ السبب، فينتفي عنه وجوب السجود.
ولكن التعليل الأول أصح؛ وهو أن الأصل عدم أيش؟
الطلبة: الفعل.
الشيخ: عَدَم الفعل، وهذا الأصل سابقٌ على وجوب سجود السهو، فأُخِذَ به.
فإذا شكَّ هل تشهَّد التشهدَ الأولَ أم لا، فالصحيح أنه يجب عليه سجود السهو؛ لأن الأصل عدم الفعل.
إذَنْ عرفْنا الشكَّ في تَرْك الركن، ما حُكْمه؟
طالب: كتَرْكِه.
الشيخ: كتَرْكِه.
والشك في تَرْك الواجب فيه قولان، والصحيح أنه كتَرْكِه، والقول الثاني أنه كفِعْله؛ يعني أنه يُعتبر فاعلًا له.
ولاحظوا أيضًا أننا في هذا المقام إذا أخذْنا بالقول الراجح وهو غَلَبةُ الظنِّ نقول: إذا غَلَبَ على ظنِّك أنك تشهَّدتَ أيش؟
الطلبة: فلا سجود عليك.
الشيخ: فلا سجود عليك. وإن غلب أنك لم تتشهَّد فعليك السجود.
السجود هنا يكون قبل السلامِ أو بعده؟
يكون قبل السلام؛ لأنه عن؟
طلبة: نَقْص.
الشيخ: عن نَقْص، وكلُّ سجودٍ عن نقْصٍ فإنه يكون قبل السلام.
***
طالب: (
…
) محمَّد وعلى آله وصحبِه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: ولا يسجد لشَكِّهِ في تَرْكِ واجبٍ أو زيادةٍ، ولا سجودَ على مأمومٍ إلا تَبَعًا لإمامِهِ، وسجودُ السهْوِ لما يُبْطل عَمْدُه واجبٌ، وتَبْطُل بتَرْك سجودٍ أفضليته قبلَ السلام فقطْ، وإن نَسِيه وسلَّمَ سجد إن قرُبَ زمنُه، ومَنْ سَهَا مِرَارًا كفاه سجدتانِ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سَبَق لنا ونحن نتكلَّم عن الكلام في الشكِّ.
الشكُّ في عدد الركعات ذكرْنا أن المشهور من المذهب هو البناء؟
الطلبة: على الأقلِّ.
الشيخ: على الأقلِّ، سواء كان عنده ترجيحٌ أمْ لم يكنْ، وأنه يسجد قبل السلام.
وذكرْنا أن الصحيح في هذه المسألة الذي دلَّتْ عليه السُّنة أنه إذا لم يكنْ عنده ترجيحٌ فإنه يبني؟
الطلبة: على الأقل.
الشيخ: على الأقل؛ لأنه اليقين، ويسجد قبل السلام.
وإذا كان عنده ترجيح فإنه يبني على ما ترجَّح عنده من زيادةٍ أو نقْصٍ، ويسجد بعد السلام، هذا هو الذي دلَّت عليه السُّنة.
إذا شكَّ في تَرْك الركنِ فالأصلُ عَدَمُ فِعْله، ولهذا نقول: إذا شكَّ في تَرْكِ ركنٍ فهو كتَرْكِه؛ فإذا شكَّ هل سجد سجدتينِ أو سجدةً واحدةً فهي سجدةٌ واحدةٌ، لكن هذا أيضًا ينبني على ما سبق.
ولا يَسْجُدُ لشكِّه في تَرْكِ واجبٍ أو زيادةٍ، ولا سُجودَ على مأمومٍ إلا تَبَعًا لإمامِه، وسجودُ السهوِ لِمَا يَبْطُلُ عَمْدُه واجبٌ. وتَبْطُلُ بتَرْكِ سجودٍ أفْضَلِيَّتُهِ قبلَ السلامِ فقطْ، وإن نَسِيَه وسَلَّمَ سَجَدَ إن قَرُبَ زَمَنُه، ومَن سَهَا مِرارًا كَفَاهُ سَجدتانِ.
طالب: (
…
) آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: (ولا يسجد لشكه في ترك واجب أو زيادة ولا سجود على مأموم إلا تبعًا لإمامه، وسجود السهو لما يبطل عمده واجب، وتبطل بترك سجود أفضليته قبل السلام فقط، وإن نسيه وسلم سجد إن قرب زمنه، ومن سها مرارًا كفاه سجدتان).
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا ونحن نتكلم عن الكلام في الشك -الشك في عدد الركعات- ذكرنا أن المشهور من المذهب هو البناء على الأقل، سواء كان عنده ترجيح أم لم يكن، وأنه يسجد قبل السلام. وذكرنا أن الصحيح في هذه المسألة التي دلت عليه السنة أنه إذا لم يكن عنده ترجيح فإنه يبني.
طلبة: على الأقل.
الشيخ: على الأقل؛ لأنه اليقين، ويسجد قبل السلام، وإذا كان عنده ترجيح فإنه يبني على ما ترجح عنده من زيادة أو نقص ويسجد.
طلبة: بعد السلام
الشيخ: بعد السلام، هذا هو الذي دلت عليه السنة. طيب إذا شك في ترك الركن فالأصل عدم فعله، ولهذا نقول: إذا شك في ترك ركن فهو كتركه، فإذا شك هل سجد سجدتين أو سجد واحدة فهي سجدة واحدة.
لكن هذا أيضًا ينبني على ما سبق من أنه إذا كان لديه غلبة ظن عمل بغالب ظنه، ثم إن غلب على ظنه أنه أتى به فقد أتى به، وإن غلب على ظنه أنه لم يأت به فإنه لم يأت به، ويسجد بعد السلام.
وإن تردد شك شكًّا متساوي الطرفين فإنه:
طالب: يبني على الأقل.
طالب آخر: يبني على عدمه.
الشيخ: يبني على عدمه، يكون كتركه، وأظن مضبوطًا هذا. يعني إن شاء الله أي مسألة ترد علينا سوف نعرف حلها. فإذا شك هل سجد السجدة الثانية أو لم يسجد وليس عنده ترجيح ماذا نقول؟ نقول: أنت الآن لم تسجد حكمًا، فكأنك تركت السجدة الثانية.
وإن كان عنده ترجيح فإن ترجح أنه لم يسجد فكترك السجود فكأنه تركه، يعني معناه يرجع إليه، وإن ترجح أنه سجد فإنه يكون قد سجد حكمًا ويسجد للسهو بعد السلام، فقد شك في ترك الواجب.
قال المؤلف: (ولا يسجد لشكه في ترك واجب أو زيادة).
(لا يسجد لشكه في ترك واجب) يعني شك بعد أن رفع من السجود، هل قال:(سبحان ربي الأعلى) أم لم يقل، فليس عليه سجود. شك حين رفع من الركوع هل قال:(سبحان ربي العظيم) أم لم يقل؛ ليس عليه سجود. شك هل جلس للتشهد الأول أم لم يجلس، فليس عليه سجود. شك هل قرأ التشهد الأول وهو جالس، أو نسي أن يقرأه فليس عليه سجود.
المهم أنه إذا شك في ترك واجب -والواجبات سبق لنا بيانها- فإنه لا سجود عليه، لماذا؟ قالوا: لأن ترك الواجب يوجب سجود السهو، فإذا شك هل ترك الواجب أم لم يتركه فقد شك في سبب وجوب السجود، والأصل عدم وجوب السجود، وحينئذ لا سجود عليه، بخلاف الركن؛ لأن الركن لا بد من فعله، لا يجبره سجود السهو، فإذا شك في تركه فهو كتركه.
والقول الثاني في هذه المسألة: إذا شك في ترك الواجب أنه يكون كتركه، وعليه فيجب عليه سجود السهو؛ وذلك لأنه إذا شك في الوجود أو العدم فالأصل العدم، فهذا شك هل أتى بالذكر الواجب أم لم يأت، فالأصل عدمه، أي أنه لم يأت، وإذا لم يأت بالواجب وجب عليه سجود السهو.
وعلى هذا فيكون القول الراجح في هذه المسألة أنه إذا شك في ترك الواجب وجب عليه سجود السهو؛ لأنه شك في وجود شيء وعدمه، والأصل العدم.
قال المؤلف: (أو زيادة) يعني لا يسجد لشكه في زيادة؛ لأنه شك في سبب وجوب السجود، والأصل عدمه. يعني شك وهو يتشهد التشهد الأخير في الظهر، شك هل صلى خمسًا أم أربعًا، فالشك الآن في زيادة أو في نقص؟
طلبة: في زيادة.
الشيخ: شك الآن وهو في التشهد الأخير هل صلى الظهر أربعًا أم خمسة؟ الشك؟
الطلبة: زيادة.
الشيخ: زيادة، متأكدين؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: نقول: لا سجود عليه. ليش؟ لأي شيء؟ لأن الأصل عدم الزيادة، فهذا شك في سبب وجوب السجود وهو الزيادة والأصل؟
طالب: عدمها.
الشيخ: عدمها، وعلى هذا فلا سجود عليه.
لكن لاحظوا أن المقام مقام شك، فإن تيقن وهو في التشهد الأخير أنه صلى خمسًا، فهنا يجب عليه أن يسجد للسهو؛ لأن الآن ما فيه شك، الآن تيقن أنه زاد، فيجب عليه سجود السهو.
كذلك إذا شك في الزيادة حين فعلها، يعني شك وهو في الرابعة، هل هذه خامسة أو رابعة، فيجب عليه أن يسجد للسهو إذا شك في الزيادة حين الفعل، لماذا؟
لأنه أدى جزءًا من صلاته مترددًا في كونه منها، فوجب عليه سجود السهو؛ لأنه الآن في الرابعة، الآن في آخر ركعة، ما نقول: في الرابعة في آخر ركعة فشك هل هي رابعة أو خامسة، فنقول: يجب عليك سجود السهو في هذه الحال، لماذا؟ لأنك الآن أديت هذه الركعة وأنت شاك هل هي من الصلاة أو زائدة عن الصلاة، فهذا الجزء اللي مثل الركوع، والرفع منه، والسجود، والجلوس، كل هذا الآن أصبح عندك أيش؟ محل شك، ما تدري هو الرابعة ولّا الخامسة، فعليك سجود السهو.
بخلاف ما إذا كان شكك بالخامسة، وأنت تتشهد التشهد الأخير، فإن الركعة انتهت على أنها أيش؟ على أنها أربع، ما فيه التردد، ما عندك تردد في أن آخر ركعة هي الرابعة، طرأ عليك الشك بعد مفارقة محلها، فليس عليك سجود. فصار الآن الشك في الزيادة، إن تحول إلى يقين وتيقن الزيادة وجب عليه السجود من أجل الزيادة. إن شك في الزيادة حال فعل الزيادة وجب عليه السجود؛ لأنه أدى هذه الركعة مترددًا في كونها زائدة أو غير زائدة، فوجب عليه السجود.
شك في الزيادة بعد انتهائها؛ لا سجود عليه؛ لأنه شك في سبب وجوب السجود، والأصل عدمه. وهذه الصورة هي أن يشك وهو في التشهد الأخير هل صلى خمسًا أو صلى أربعًا، فنقول: لا سجود عليك الآن؛ لأن جميع الركعات السابقة الأربعة أديتها وأنت ليس عندك شك، فطرأ عليك الشك بعد مفارقة محله، والأصل عدم الزيادة، فلا سجود عليك.
إذن قول المؤلف: (أو في زيادة) يدخله استثناءان في الواقع، يدخله استثناءان: الاستثناء الأول: ما لم أيش؟ يتيقن الزيادة، وهذا ربما نقول: إنه لا يحتاج إلى استثناء، لماذا؟ لأنه ليس بشك، والمؤلف يقول: لشكه في الزيادة.
الاستثناء الثاني: إذا شك في الزيادة حين فعلها، فإنه يجب عليه السجود؛ لأنه أدى جزءًا من صلاته مترددًا في كونه منها، فوجب عليه السجود لهذا الشك.
قال المؤلف: (ولا سجود على مأموم إلا تبعًا لإمامه).
(ولا سجود) عام يشمل السجود للشك، أو السجود للزيادة، أو السجود للنقص. لا سجود على مأموم إلا تبعًا لإمامه؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» (1)، ولأن سجود السهو واجب، ليس بركن، والواجب يسقط عن المأموم من أجل متابعة الإمام، موافقون؟
طلبة: نعم.
الشيخ: الواجب يسقط عن المأموم من أجل متابعة الإمام، وذلك في عدة صور:
منها: لو قام الإمام عن التشهد الأول ناسيًا، سقط عن المأموم، كذا؟
ومنها: لو دخل المأموم مع الإمام في ثاني ركعة، سقط عن المأموم التشهد الأول. لو دخل مع الإمام في ثاني ركعة في رباعية، سقط عن المأموم، أيش؟ التشهد الأول؛ لأن التشهد الأول يقع لهذا المأموم في الركعة الثالثة للإمام ولّا لا؟ ومعلوم أن الإمام لا يجلس في الركعة الثالثة، فيلزم المأموم أن يقوم معه، فيسقط عنه هنا واجب من واجبات الصلاة وهو التشهد الأول.
فإذا كان الواجب يسقط عن المأموم من أجل المتابعة فسجود السهو واجب، فيسقط عن المأموم من أجل المتابعة، أعرفتم يا جماعة؟
وبناءً على هذا التعليل نقول: إنه لا سجود على المأموم إذا لم يفته شيء من الصلاة، فإن فاته شيء من الصلاة ولزمه الإتمام بعد سلام إمامه لزمه سجود السهو، إن سها سهوًا يوجب السجود لماذا؟ لأنه الآن إذا سجد لا يحصل منه مخالفة للإمام. الكلام معقول ولّا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: مثال ذلك: رجل نسي أن يقول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، وقد أدرك الإمام في الركعة الثانية، هذا النسيان يوجب له؟
طلبة: سجود السهو.
الشيخ: أو يوجب عليه سجود السهو؛ لأنه ترك واجبًا. هذا المأموم فاته شيء من الصلاة، إذا قام وأتى بالركعة التي فاتته نقول: يجب عليك أن تسجد سجود السهو عن ترك الواجب، لماذا؟ لأنك الآن إذا سجدت لا يحصل منك مخالفة للإمام؛ لأنك انفردت في قضاء ما فاتك من الصلاة، واضح؟
مثال ما يريده المؤلف رحمه الله: لو أن المأموم دخل من أول الصلاة مع الإمام، ونسي أن يقول:(سبحان ربي العظيم) في الركوع فهنا لا يلزمه السجود؛ لأنه سوف يسلم مع من؟ مع الإمام، ولو سجد لخالف الإمام، فلا يجب عليه السجود حينئذ. واضح إن شاء الله؟
قال المؤلف: (إلا تبعًا لإمامه).
يعني إلا إذا كان سجوده تبعًا لإمامه، فيجب عليه سواء سها أم لم يسهُ، فإذا سجد الإمام وجب عليك أن تتابعه، سهوت أم لم تسهُ؛ لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» (1)، فيجب عليك أن تسجد مع إمامك وإن لم تسه.
مثال هذا: ترك الإمام قول: (سبحان ربي الأعلى) في السجود، وأنت أيها المأموم لا تعلم؛ لأن الإمام لا يسبح جهرًا، فلما أراد أن يسلم سجد سجدتين، لأي شيء؟ لما ترك من الواجب، من واجب التسبيح. أنت أيها المأموم ما تركت شيئًا في صلاتك، كل الواجبات والأركان قد أتيت بها، ما عليك سجود، لكن الآن يجب عليك أن تسجد تبعًا للإمام، كما يجب عليك أن تجلس في الركعة الأولى وهو ليس محل جلوس تبعًا للإمام فيما إذا دخلت مع الإمام في الركعة الثانية. المأموم إذا دخل مع الإمام في الركعة الثانية يجب عليه أن يجلس متى؟
طالب: في نفس الركعة.
الشيخ: المأموم إذا دخل مع الإمام في الركعة الثانية يجب عليه أن يجلس في الركعة.
الطلبة: الأولى.
الشيخ: الأولى، فهي له أولى، مع أن هذا ليس محل جلوس، لكن تبعًا للإمام.
إذن إذا سجد الإمام للسهو، وإن لم تكن سهوت أنت أيها المأموم وجب عليك أن تسجد مع الإمام، واضح يا جماعة هذا؟
طلبة: إي نعم.
الشيخ: وهذا كما فهمتم الآن، فيما إذا كان سجود الإمام قبل السلام؛ لأن الإمام لم تنقطع صلاته بعد، فإن كان بعد السلام فهل يجب عليك متابعته أو لا يجب؟
نقول: ظاهر كلام المؤلف أنها تجب عليك متابعته ولو بعد السلام؛ لعموم قوله: (إلا تبعًا لإمامه) فلا فرق بين أن يسجد الإمام قبل السلام أو بعده.
يجب عليك أن تسجد معه، فإذا سجد بعد السلام فسلم أنت بعد سلام الإمام، ثم اسجد معه، وهذا ظاهر فيما إذا كان سهو الإمام قد أدركه المأموم، يعني معناه أن المأموم لم يفته شيء من الصلاة، يعني بمعنى أنه داخل من أول الصلاة، وتتم صلاته مع تمام صلاة إمامه، فهنا يجب عليه أن يسجد مع الإمام ولو بعد السلام، واضح؟ فإن كان المأموم مسبوقًا، وسجد الإمام بعد السلام فهل يلزم المأموم متابعته في هذا السجود؟
ظاهر كلام المؤلف أنه يلزمه؛ لقوله: (إلا تبعًا لإمامه). وهذا هو المعروف عند الفقهاء أنه يلزم المأموم أن يسجد مع الإمام ولو كان مسبوقًا، وسجد إمامه بعد السلام، حتى قالوا: إذا قام ولم يستتم قائمًا لزمه الرجوع، كما لو قام عند التشهد الأول، ولكن القول الصحيح في هذه المسألة أن الإمام إذا سجد بعد السلام لا يلزمك متابعته؛ لأن المتابعة حينئذ متعذرة، فإن الإمام سيسلم، وأنت لو تابعته في السلام لبطلت صلاتك، ما تمت صلاتك، وهو سجد بعد أن سلم، فالمتابعة حينئذ متعذرة؛ لوجود الحائل بينها، وهو؟
طلبة: السلام.
الشيخ: نعم، لوجود الحائل دونها وهو السلام، وحينئذ لا تتابعه إذا سجد بعد السلام وأنت مسبوق، أنت بتقوم تصلي ما بقي عليك.
ولكن هل يلزمك إذا أتممت صلاتك أن تسجد بعد السلام كما سجد الإمام؟
نقول: فيه تفصيل، على القول الراجح، نحن الآن نتكلم على القول الراجح، فإن كان سهو الإمام فيما أدركت من الصلاة وجب عليك أن تسجد بعد السلام، وإن كان سهو الإمام فيما مضى من صلاته قبل أن تدخل معه لم يجب عليك أن تسجد، الحكم مفهوم الآن؟
طلبة: نعم.
الشيخ: مثال الأول: أن يكون سهو الإمام زيادة، بأن ركع مرتين في الركعة الثانية وأنت أدركته في ذلك، أدركته في الركعة الثانية، ركع ركوعين في الركعة الثانية فهنا يلزمك أن تسجد إذا أتممت صلاتك. علل.
طالب: أدركت ..
الشيخ: لأنك أدركت الإمام في سهوه، فارتبطت صلاتك بصلاته، وصار ما حصل من نقص في صلاته حاصلًا لك.
أما لو كانت زيادة الركوع في الركعة الأولى، وأنت لم تدخل معه إلا في الركعة الثانية، فإنه أيش؟ لا يلزمك السجود؛ لأن أصل وجوب السجود هنا تبع للإمام، والمتابعة هنا متعذرة؛ لأنه بعد السلام، وأنت لم تدرك الإمام في الركعة التي سها فيها، فارتبطت به في صلاة ليس فيها سهو، فلم يلزمك أن تسجد، هذا هو الصحيح في هذه المسألة. لكن كلام المؤلف يدل على أنك تتابعه في السجود، سواء أدركت معه السهو أم لم تدركه.
قال: (ولا سجود على مأموم إلا تبعًا لإمامه)، إذا كان المأموم مسبوقًا وسها في صلاته، والإمام لم يسه، فهل عليه السجود؟
طالب: مسبوقًا عليه السجود.
الشيخ: إذا كان مسبوقًا؟ يعني مأموم دخل مع الإمام في الركعة الثانية، ونسي أن يقول:(سبحان ربي العظيم) في الركوع، وسلم الإمام، وقام المأموم يقضي، فهل عليه سجود السهو؟
طلبة: نعم.
طلبة آخرون: لا.
الشيخ: ما عليه.
طالب: إذا كان مع الإمام لا.
الشيخ: لا، هو ..
الطالب: لا سجود عليه.
الشيخ: اصبر، بارك الله فيك.
هو دخل في الركعة الثانية، ونسي أن يقول:(سبحان ربي العظيم) في الركوع، ولما سلم الإمام قام يقضي، فهل يسجد إذا قضى أو لا؟
طلبة: لا يسجد.
الشيخ: يسجد.
طالب: تبع الإمام.
الشيخ: يسجد؛ لأنه انفصل عن الإمام، انفصل، واضح؟ إذن يسجد لأنه انفصل عن الإمام، ولا تتحقق المخالفة بسجوده حينئذ؛ لأنه انفصل عن الإمام، وفارق الإمام.
وعليه فنقول: المأموم إذا سها في صلاته وكان مسبوقًا وجب عليه أن يسجد للسهو إذا كان سهوه مما يوجب السجود، تمام؟ هذا هو القول في سهو المأموم.
لو فُرض أن الإمام لا يرى وجوب سجود السهو، والمأموم يرى وجوب سجود السهو، مثل التشهد الأول، يرى بعض العلماء أنه سنة -كما هو مذهب الشافعي- وليست بواجب، فإذا تركه الإمام ولكن لم يسجد للسهو بناءً على أنه سنة وأن السنة لا يجب لها سجود السهو، فهل على المأموم الذي يرى أن سجود السهو واجب، هل عليه سجود؟ لا؛ لأن إمامه يرى أنه لا سجود عليه، وصلاته مرتبطة بصلاة الإمام، وهو لم يحصل منه خلل -المأموم- لأنه يجب عليه أن يتابع الإمام، فقد قام بما يجب عليه.
أما لو كان الإمام يرى وجوب سجود السهو ولكن لم يسجد، فسبحنا به في السجود، ولكنه إمام عنيد، لو لم نسبح به لسجد، لكن لما سبحنا به عاند ولم يسجد، ونحن نعرف أنه يرى وجوب السجود.
قال الفقهاء رحمهم الله: حينئذ يسجد المأموم إذا أيس من سجود إمامه؛ لأن صلاته مرتبطة بصلاة الإمام، والإمام فعل ما يوجب السجود، وترك السجود من غير تأويل، فوجب على المأموم أن يجبر هذا النقص ويسجد.
قال المؤلف: (وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب).
هذا الضابط فيما يجب سجود السهو له. سجود السهو واجب لكل شيء يبطل الصلاة عمده، كل شيء إذا تعمدته بطلت الصلاة فسجود السهو له واجب، هذا الضابط.
لو تركت قول: (رب اغفر لي) بين السجدتين، وجب عليك سجود السهو؛ لأنك لو تعمدت الترك بطلت صلاتك، فسجود السهو واجب في كل ما لو تعمدته لبطلت الصلاة. لو أن الإنسان ترك الفاتحة، هل يجب عليه سجود السهو؟
طالب: (
…
).
الشيخ: ركن إي.
طالب: ما تنفعه.
الشيخ: نقول: نعم يجب عليه سجود السهو، ولكن يجب شيء آخر غير سجود السهو.
طلبة: الإتيان ركعة.
الشيخ: وهو الإتيان بالركن، الإتيان بالركن على التفصيل السابق. طيب، لو ترك التشهد الأول نسيانًا؟
طالب: كذا.
الشيخ: ما هو كذلك، اترك الكذلكة، ترى الكذلكة (
…
) هلكة، أيش؟
طالب: يجب عليه السجود.
طالب آخر: السجود فقط.
الشيخ: يجب عليه السجود فقط، ولا يجب عليه الإتيان به؛ لأنه واجب يسقط بالسهو، واضح؟ لو ترك الاستفتاح هل يجب عليه سجود السهو؟
طلبة: لا يجب.
الشيخ: لا يجب عليه سجود السهو، لماذا؟
طلبة: لأنه سنة.
الشيخ: لأنه لو تعمد تركه لم تبطل صلاته، فلا يجب عليه سجود السهو، ولكن هل يسن أو لا؟
الصحيح أنه يسن أن يسجد له إذا تركه نسيانًا؛ لأنه قول مشروع، فيجبره بسجود السهو، ولا يكون سجود السهو واجبًا؛ لأن الأصل الذي وجب له السجود ليس بواجب، فلا يكون الفرع واجبًا.
فإذا ترك الإنسان سنة من عادته أن يأتي بها ولكن نسي، فسجود السهو لها سنة، أما لو ترك السنة عمدًا فهنا لا يشرع له السجود؛ لعدم وجود السبب، وهو السهو.
وقول المؤلف: (لما يبطل عمده الصلاة)، (لما):(ما) هنا اسم موصول، أي: الذي، يشمل الفعل والترك صح؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أو الترك فقط.
طلبة: والفعل.
الشيخ: الفعل والترك.
فلو زاد ركوعًا سهوًا، أجب.
طلبة: وجب.
الشيخ: وجب عليه السجود، لماذا؟ لأنه لو تعمد زيادة الركوع بطلت صلاته. ولو أتى بقول مشروع في غير موضعه، مثل أن يقرأ في الجلوس وهو جالس، قرأ وهو جالس، نسي، قرأ وهو جالس، هل يجب عليه السجود؟ لا يجب، لماذا؟ لأنه لو تعمد أن يقرأ وهو جالس لم تبطل صلاته.
فإذن القاعدة الآن منضبطة طردًا وعكسًا، فنقول: سجود السهو واجب لكل فعل أو ترك إذا تعمده الإنسان بطلت صلاته. غير واجب لكل قول أو فعل إذا تعمده لم تبطل الصلاة. لو قرأ وهو راكع أو ساجد نسيانًا، هل يجب أن يسجد للسهو؟
طالب: إي نعم.
طالب آخر: لا.
طالب آخر: يجب.
طلبة: لا يجب
الشيخ: يجب، لا يجب، هل يسن أو لا يسن؟
طلبة: يسن.
الشيخ: يسن ما بعدها يسن، ما فيها لا يسن؟ إذن الخلاف في الوجوب، وأما الاستحباب فهو متفق عليه. صحيح الاستحباب متفق عليه، أما الوجوب فجمهور أهل العلم لا يرون الوجوب؛ لأنهم لا يرون بطلان الصلاة في تعمد القراءة في الركوع والسجود.
أقول: جمهور العلماء على أنه إذا تعمد القراءة في الركوع أو السجود لا تبطل الصلاة به. وعلى هذا فإذا نسي وقرأ في الركوع أو السجود، فإنه لا يجب عليه سجود السهو، لكن بعض العلماء وبعض الظاهرية قال: إذا تعمد القراءة في الركوع والسجود بطلت صلاته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» (2).
فإذا قرأ القرآن وهو راكع أو ساجد فقد أتى بما نهى الشارع عنه، فيبطل الصلاة، كما لو تكلم، قال زيد بن أرقم: أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام (3).
فإذا كان الرجل إذا تكلم في صلاته بطلت صلاته، فإذا قرأ وهو راكع أو ساجد بطلت صلاته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى قال:«أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ» ، نهاه الله عز وجل «أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» ما تقولون في هذا التعليل؟ قوي لكنه عند التأمل يتمزق؛ لأن الفرق بين نهينا عن الكلام وبين «نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ» أن النهي عن قراءة القرآن نهي عن قراءته في هذا المحل، لا عن قراءته مطلقًا، فإن القرآن قول مشروع في الصلاة، بل ركن فيها، الفاتحة قراءتها ركن، بخلاف كلام الآدميين فإنه منهي عنه لذاته نهيًا مطلقًا. فصار القياس غير صحيح، واضح يا جماعة؟
فيقال: الفرق أن قراءة القرآن ليست لذاتها ولكن لمحلها، لا يقرأ في الركوع والسجود؛ لأن القرآن أشرف الكلام، فلا يناسب أن يقال في هيئة فيها الذل والخضوع، خدتوا بالكم؟ وإن كان الذل لله رفعة وعزة، لكن الهيئة لا تتناسب مع القرآن، ولهذا تجد أن المناسب في الركوع والسجود ما هو؟ التسبيح، تنزيه الله عن النقص والذل سبحانه وتعالى؛ فلذلك لا يناسب أن يقرأ القرآن الإنسان وهو راكع أو ساجد.
فالنهي عنه نهي لا لذاته ولكن لمحله، فافترق الكلام الذي نهينا عنه في الصلاة وهو كلام الآدميين، وكلام رب العالمين الذي نهينا أن نقرأه في هذا المحل المعين من الصلاة.
وعلى هذا فلو قرأ الفاتحة نسيانًا وهو راكع، فالسجود سنة، لكن لو جمع بين قراءة الفاتحة ونسيان التسبيح صار القرآن واجب لأيش؟
طالب: لترك السنة.
الشيخ: لترك التسبيح، وهو واجب. القاعدة إذن صحيحة، ولكن ينبغي أن تقيد، فيقال لما يبطل الصلاة عمده مما كان من جنس الصلاة -انتبهوا- ليخرج بذلك كلام الآدميين عمده أيش؟ يبطل الصلاة، لا شك، لكن سهوه لا يبطل الصلاة على القول الصحيح، ولا يوجب السهو، لا على القول الصحيح، ولا على القول الضعيف، مع أن عمده يبطل الصلاة؛ وذلك لأن عمد كلام الآدميين -على المشهور من المذهب- يبطل الصلاة، سواء وقع عمدًا أو سهوًا، وعلى القول الراجح أنه إذا وقع سهوًا أيش؟ لا يبطل الصلاة.
ولكن في هذه الحال إذا قلنا: لا يبطل، هل يوجب السجود؟ لا، فعليه يجب أن تقيد هذه القاعدة، وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة بماذا؟ بما إذا كان من جنس الصلاة، الركوع والسجود والقيام والقعود.
(وسجود السهو لما يبطل الصلاة عمده).
طالب: إذا فعل المصلي المأموم ما يوجب سجود السهو بعد السلام ولم (
…
) نسي ..
الشيخ: إي نعم.
طالب: هل يسجد ولّا ما يسجد؟
الشيخ: لا، ما يسجد.
طالب: ما سمعنا السؤال.
الشيخ: ما يسجد.
يقول: إذا سها المأموم سهوًا يوجب السجود بعد السلام، وهو لم يفته شيء مع الإمام، فهل يسجد؟
إذا سلم الإمام سلم هو ثم سجد أو لا؟
نقول: لا؛ لأن هذا السجود لا يأتي بعد ركعة مستقلة، فهو تابع للركعة الأولى التي مع الإمام وهو لم يفته شيء.
طالب: شيخ أحيانًا لما يكون السجود بعد السلام، بعض المأمومين يقوم يكمل، أما إذا سجد الإمام رجع وسجد معه.
الشيخ: يرجع (
…
) قام.
الطالب: بعدما يقوم.
الشيخ: يرجع.
الطالب: يسجد معه للسهو، (
…
)، يقوم تاني يكمل صلاته.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: ما حكم الصلاة هذه؟
الشيخ: حكم صلاته أنه جاهل ما عليه شيء، لكن ينبه.
طالب: شيخ، لماذا ألزمنا المأموم إذا كان مسبوقًا بسجود السهو، وهو ما يتحمل عنه الإمام يا شيخ السهو؟
الشيخ: كيف؟
الطالب: المسبوق ..
الشيخ: هذا المسبوق يجب عليه سجود السهو، إذا سجد الإمام قبل السلام.
الطالب: نعم.
الشيخ: إي، معلوم؛ لأنه الآن لا يجوز أن يفارق إمامه إلا بعد سلامه.
الطالب: ما يتحمل إمامه السهو لجهل المأموم؟
الشيخ: سهو المأموم متى؟
الطالب: إذا سها.
الشيخ: يعني سها المأموم في صلاته، وسجد مع الإمام، كذا؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: تقول: يتحمل عنه الإمام هذا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: لا، ما يتحمله؛ لأن سجود السهو مقيد قبل السلام أو بعده، وهذا في أثناء الصلاة.
طالب: لا، أنا ما أقصد هذا. إذا كان الإمام ..
الشيخ: المهم، هذه فائدة إن شاء الله، قصدتها ولّا ما قصدتها، يقول: إذا سها المأموم مع إمامه، وقد فاته شيء، وسجد هو مع الإمام سجود السهو، فهل يجب عليه أن يسجد إذا فرغ من إتمام صلاته لسهوه أو لا يجب؟
نقول: يجب؛ لأن سجوده مع الإمام إنما كان متابعة للإمام، وهو في أثناء الصلاة، وسجود السهو الذي تجبر به الصلاة لا يكون إلا.
طالب: بعد السلام.
الشيخ: إلا، إما بعد السلام، وإلا بعد التشهد عند السلام، إي نعم.
طالب: إذا سها المأموم يا شيخ مع الإمام، يعني المأموم سها والإمام سلم ونلزم إحنا المأموم أن يأتي بسجود السهو.
الشيخ: لا، إذا كان ما فاته شيء ما نلزمه.
الطالب: إذا فاته ونسي مع الإمام نسي ..
الشيخ: نسي قبل أن يسلم الإمام؟
الطالب: سها وهو مع الإمام.
الشيخ: إي نعم، سها وهو ..
الطالب: الإمام ما سها، لكن سها المأموم فقط، نحن قلنا: إذا كان مسبوقًا فيأتي بسجود السهو، ما يتحمل عنه الإمام السهو ..
الشيخ: لا، ما يتحمل عنه، ما يتحمل.
الطالب: ليش يا شيخ؟
الشيخ: لأنه الآن انفرد بآخر صلاته، ومحل سجود السهو في آخر الصلاة، والمأموم الآن صار في آخر صلاته منفردًا.
الطالب: لكن السهو حصل مع الإمام.
الشيخ: لكن متى يجب سجود السهو؟
الطالب: بعد السلام ..
الشيخ: عند السلام، هذا الآن المأموم عند السلام منفرد، ما هو مع الإمام حتى يتحمل عنه، ولهذا لو لم يفته شيء تحمل عنه الإمام.
طالب: شيخ، إذا جه الإمام سجد بعد السلام، والمأموم كان مسبوقًا، هل يسجد بعد السلام هو؟ سها الإمام ..
الشيخ: أنا فاهم، لكن أنت الظاهر أنك غائب أو نائم؟
الطالب: لا يا شيخ.
الشيخ: بلى، إحنا ما ذكرنا هذه؟
طلبة: ذكرناها.
الشيخ: ذكرنا هذه، ارجع للشريط.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، كيف (
…
) صلاة الرجل الذي تعمد قراءة القرآن في السجود أو الركوع، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه أنه فعل ذلك في الصلاة؟ والصلاة أمر تعبدي.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: باعتبار (
…
) لازم نرد عليه.
الشيخ: لا، الرسول عليه الصلاة والسلام ما نهى عن هذا، ما نهى عنها، وقراءة القرآن في الصلاة تعبدية، لكنه بدل مكانها.
الطالب: إذن أتى بفعل لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: إي، بس هو قول لا يؤثر، الصلاة هيئتها ما تغيرت، لو زاد ركوعًا أو سجودًا قلنا: صحيح تبطل صلاتك بالتعمد.
الطالب: ويش الدليل على هذا يا شيخ بالنسبة .. ؟
الشيخ: الدليل على هذا أنه ما تتغير الهيئة، ما تتغير.
طالب: شيخ، الشارح يقول:(ولا يعتد مسبوقًا بالركعة الزائدة إذا تابعه فيها جهلًا) صحيح هذا الكلام؟
الشيخ: هذه مسألة مهمة.
يقول: إن المسبوق لا يعتد بالركعة الزائدة إذا تابعه فيها جاهلًا، يعني مسبوق دخل مع الإمام في الركعة الثانية من صلاة الظهر، والإمام سها فصلى خمسًا، والناس كلهم تبعوه نسوا كما نسي الإمام، المسبوق الذي فاتته ركعة بالأول تابع الإمام، وسلم الإمام، كم صارت الذي دخل في الثانية.
الطلبة: أربعًا.
الشيخ: صارت أربعًا. فهل يعتد بهذه الزائدة أو لا؟
المؤلف كما سمعتم يقول: إنه لا يعتد بها. ويستدل أصحاب هذا القول بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» (4) قال: هذا فاته ركعة يجب يأتي بركعة، وإذا أتى بركعة صارت الزائدة غير معتد بها؛ لأنه لو اعتد بها وقلنا: يأتي بركعة، ألزمناه أن يصلي خمسًا، لكن نلزمه أن يأتي بركعة لأن الزائدة أيش؟ لم يعتد بها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال:«مَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .
ولكن القول الصحيح أنه يعتد بها، وأنه لو أتى بزائدة بطلت صلاته؛ وذلك لأن صلاة الإمام خمسًا معذور فيها لأنه ناسٍ، أما أنت لو قمت وأتيت بالخامسة؟
طلبة: متعمد.
الشيخ: فأنت غير معذور، متعمد، وفرق بين الناسي والمتعمد.
بقي علينا الجواب عن الحديث؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وهذا الرجل صلاته الآن تامة، ويش يتم؟ تمت، صلى أربعة. فقال:«مَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» ، معناه أن الإمام لم يزد على الواجب، فإذا لم يزد الإمام على الواجب وقد فاتني شيء، وجب علي أن آتي بما فاتني. أما وقد زاد الإمام بقدر ما فاتني فأي شيء أتمه الآن وقد صليت أربعًا؟
ولهذا فالقول الصحيح في هذه المسألة القول الثاني: أنه يعتد بها، ولكن قولوا لي: لو أنه سبح بالإمام ولم يرجع، ماذا فهمنا مما سبق؟ أن من اتبعه في هذه الزيادة بطلت صلاته، إذن فالمأمومون سيجلسون، الذين دخلوا من أول الصلاة سيجلسون؛ لأنهم أتموا.
طالب: الصلاة.
طلبة: أربعًا.
الشيخ: أربعًا. والإمام ماش، لكن هذا المسبوق الآن هل يتابع الإمام في الزائدة أو لا؟
لا، لا يتابعه فيها؛ لأن الفرض أن الإمام صلاته الآن.
طلبة: تامة.
طالب: باطلة.
الشيخ: باطلة؛ لأنه نبه عن الزيادة وهو أصر.
لكننا نقول: لو تابعه فلا بأس؛ إذ إن الإمام قد يصر جازمًا بصواب نفسه فتكون صلاته صحيحة، وقد يصر لأنه ترك الفاتحة في إحدى الركعات مثلًا، فأتى بهذه لإتمام صلاته، فحينئذ لو تابعه المسبوق بهذه لم تبطل صلاته، وسلم معه.
(
…
)
***
طالب: (
…
) وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: (وتبطل بترك سجود أفضليته قبل السلام فقط، وإن نسيه وسلم سجد إن قرب زمنه، ومن سها مرارًا كفاه سجدتان).
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
إذا سها المأموم في صلاته، فهل يجب عليه سجود السهو؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: يجب.
الطالب: إذا كان متعمدًا، إذا كان متعمد بطلت الصلاة.
الشيخ: سها.
الطالب: سها؟
الشيخ: سها المأموم في صلاته فهل عليه سجود السهو أو لا؟
الطالب: نعم، عليه سجود السهو.
الشيخ: عليه سجود السهو؟ ما حفظت المتن الظاهر، ما حفظت الكتاب، نعم.
طالب: فيه تفصيل.
الشيخ: فيه تفصيل، ما هو؟
الطالب: إن شك في عدد الركعات.
الشيخ: لا.
الطالب: إذا سها في صلاته.
الشيخ: إذا سها المأموم في صلاته.
الطالب: إذا كان تبعًا لإمامه، إذا كان يعني مسبوقًا أو غير مسبوق.
الشيخ: نعم.
الطالب: فإذا كان مسبوقًا يسجد سجود السهو.
الشيخ: نعم.
الطالب: وإذا كان مع إمامه لا يسجد سجود السهو.
الشيخ: إن كان غير مسبوق فلا سجود عليه.
الطالب: نعم.
الشيخ: وإن كان مسبوقًا، فعليه.
الطالب: فعليه السجود.
الشيخ: فعليه السجود.
ما تقولون؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: طيب. لماذا لا يسجد إذا كان غير مسبوق؟
طالب: لأنه تبعًا لإمامه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» (1)، وهذا تبع للإمام فلا سجدة عليه.
الشيخ: نعم. نقول: لا يسجد إذا كان غير مسبوق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» .
هل هناك نظير في أن المأموم يترك الواجب من أجل متابعة الإمام؟ نعم.
طالب: (
…
) التشهد الأول، إذا كان المأموم مسبوقًا بركعة (
…
) الإمام إذا قام الإمام من بعد لأجل أن يأتي بالركعة، فالمأموم ..
الشيخ: إذا قام الإمام للرابعة.
الطالب: للثالثة.
الشيخ: للثالثة! بيجلس الإمام!
الطالب: إي نعم، إذا قام الإمام للرابعة، إذا كان المأموم مسبوقًا بركعة فقام الإمام.
الشيخ: لأيش؟
الطالب: ليأتي بالركعة الرابعة.
الشيخ: إذن، إذا قام للرابعة.
الطالب: إي نعم. فكان المأموم للتشهد الأول قام عن الموضع الذي ينبغي أن يجلس فيه، وهو في الركعة الثانية، اللي هو الجلوس للتشهد الأول في الركعة الثانية، قام عنه المأموم لمتابعة الإمام.
الشيخ: صحيح؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: طيب. فهنا سقط عنه التشهد الأول مع وجوبه من أجل متابعة الإمام. ما هو الدليل على أنه إذا سجد الإمام سجد المأموم وإن لم يسه؟ إذا سجد الإمام وجب على المأموم أن يسجد معه وإن لم يسه؟
طالب: (
…
) السؤال.
الشيخ: ما هو الدليل على أن الإمام إذا سجد وجب على المأموم أن يسجد وإن لم يسه المأموم؟
لأن المؤلف يقول: لا سجود عليه إلا تبعًا لإمامه، فما هو الدليل؟
طالب: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» (1).
الشيخ: الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» . وهل لهذا نظير أن المأموم يلزمه متابعة الإمام في أمر زائد على صلاة المأموم؟
طالب: (
…
).
الشيخ: هل له نظير؟ لأجل (
…
) دل عليه الأثر والنظر أو القياس؟ نعم.
طالب: نعم له نظير؛ حيث إن سجود السهو واجب وليس بركن، والمأموم يترك الواجب لأجل متابعة الإمام.
الشيخ: لا، هذا نظير لكونه لا يسجد إذا وجب عليه سجود السهو، هذا الذي تقول، لكن نظير لكونه يزيد في صلاته، نعم؟
طالب: أن المأموم إذا دخل في الركعة الثانية فتكون هي الأولى له، فيجلس مع الإمام في التشهد ..
الشيخ: في غير محل الجلوس، فهنا وجب عليه أن يجلس مع أن هذا ليس محل جلوس له، من أجل متابعة الإمام.
إذن عندنا الآن دليل على كونه يسجد إذا سجد الإمام، ودليل على أنه لا يسجد إذا لم يفته شيء. الدليل هو قوله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» (1)، أما القياس فيختلف.
قوله: (إلا تبعًا لإمامه) هل يلزم أن يتابع الإمام ولو كان السجود بعد السلام؟
طالب: نعم.
الشيخ: نعم، ولو بعد السلام.
الطالب: (
…
).
الشيخ: نعم.
الطالب: (
…
).
الشيخ: على كلام المؤلف لا تخوف، بل هو بعمومهم من ظاهر.
طالب: من ظاهر الكلام.
الشيخ: نعم.
الطالب: إنه يسجد.
الشيخ: نقول: يسجد ولو بعد السلام، ولو بعد السلام.
وهذا هو المذهب أنه يسجد تبعًا لإمامه ولو سجد الإمام بعد السلام، فلا يقوم يقضي حتى يسجد مع إمامه، أما السلام فلا يسلم معه إذا كان قد فاته شيء، إذا كان السجود بعد السلام، والمأموم لم يفته شيء، فمتابعة الإمام ظاهرة ولّا لا؟ أنتم فاهمون يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذا كان السجود بعد السلام والمأموم لم يفته شيء، فالمتابعة ظاهرة؛ لأنه سوف يسلم مع الإمام ثم يسجد مع الإمام، لكن إذا كان قد فاته شيء.
طالب: إذا كان قد فاته شيء.
الشيخ: فكيف يتابع الإمام؟ هل يسلم معه؟
الطالب: إذا كان قد فاته شيء، فهنا نقول: لا يسلم مع الإمام؛ لأنه إن سلم بطلت صلاته؛ لأن صلاته والحالة هذه لم تتم، لكن ننظر هل يلزمه السجود أو لا يلزمه؟ نقول: إن أدرك ما سها فيه الإمام.
الشيخ: (
…
) على كلام المؤلف.
الطالب: نعم؟
الشيخ: على كلام المؤلف.
الطالب: المؤلف يجعل تبعًا للإمام، يعني حتى وإن كان سجود الإمام بعد السلام، فإنه يسجد مع الإمام، يعني يسلم وإن كانت صلاته ناقصة ويسجد بعد السلام، هذا كلام المؤلف.
الشيخ: يعني معناه أن المأموم الذي قد فاته شيء يسلم مع الإمام.
الطالب: يسلم.
الشيخ: ويسجد مع الإمام ثم يقوم فيقضي ما فاته.
الطالب: نعم.
الشيخ: ما أدري هذا، نعم؟
طالب: لأن المأموم عليه أن يسجد على كلام المؤلف، يسجد ليسلم مع الإمام، ويسجد سجود السهو اللي بعد التسليمتين، ويسجد السجود الثاني، ويقوم يلحق ما بقي منها.
الشيخ: لكن هل يسلم مع الإمام أو لا؟
الطالب: لا، ما يسلم.
الشيخ: ما يسلم.
الطالب: نعم، لا، ما يسلم.
الشيخ: يعني يسجد مع الإمام ولكن لا يسلم معه.
الطالب: يكمل السجود، ويقوم (
…
).
الشيخ: إي، ويش تقولون؟
طالب: إي نعم.
طالب آخر: أيوه صح.
الشيخ: الصحيح الأخير؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: أنه لا يسلم مع الإمام، كيف يسلم مع الإمام؟
طالب: لكن كيف يسجد؟
الشيخ: يسجد تبعًا للإمام.
الطالب: نقول: الإمام سيسجد بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام، نعم.
الطالب: وهذا كيف يسجد؟
الشيخ: يقول: يسجد ولكن لا يسلم.
الطالب: يعني بدون سلام.
الشيخ: بدون سلام.
فيه قول ثانٍ خلاف كلام المؤلف، فيما إذا كان المأموم قد فاته شيء، فهل يتابع الإمام؟
طالب: نعم، السؤال يا شيخ.
الشيخ: السؤال: إذا كان المأموم قد فاته شيء، وسجد الإمام بعد السلام، فهل المأموم على القول الثاني، هل يتابع الإمام أو لا؟
الطالب: لا.
الشيخ: لا يتابعه.
الطالب: لا.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأن صلاته لم تتم، يتعذر إن هو يسلم.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: وهو مسبوق.
الشيخ: إذن تتعذر المتابعة، المتابعة متعذرة؛ لأن الإمام سلم وانتهت صلاته ثم سجد سجدتين، ولهذا لو أحدث بعد السلام وقبل السجدتين لم تبطل صلاته.
إذن القول الثاني أنه إذا كان السجود بعد السلام، فإن المأموم المسبوق لا يتابعه.
هل يسجد عند السلام ها المأموم هذا المسبوق؟
طالب: ننظر إذا كان السهو تعذر فيه الإمام فيسجد.
الشيخ: نعم.
الطالب: وإلا فلا.
الشيخ: إن أدرك السهو الذي حصل من الإمام.
الطالب: فهو يسجد.
الشيخ: سجد، وإلا فلا، مثّل للأول.
طالب: (
…
).
الشيخ: إذا أدرك الإمام في سهوه.
الطالب: مثلًا دخل مع الإمام في الركعة الثانية، والإمام سها في الركعة الثانية.
الشيخ: في أيش؟
الطالب: إذا دخل مع الإمام في الركعة الثانية.
الشيخ: في الركعة الثانية.
الطالب: نعم.
الشيخ: وسلم الإمام من ركعتين.
الطالب: وسلم الإمام من ركعتين.
الشيخ: طيب.
الطالب: إذا أدرك معه هذا السهو.
الشيخ: هذا أدرك معه السهو، تمام.
الطالب: فيتم الباقي، ثم يسجد.
الشيخ: ومثال الذي لم يدركه.
الطالب: لم يدركه فرضًا أن الإمام سها في الثانية، وهو أدركه في الثالثة.
الشيخ: نعم.
الطالب: فإن (
…
) ..
الشيخ: مثل أن يكون سهو الإمام في الثانية، وهو دخل معه.
طالب: في الثالثة.
الشيخ: في الثالثة.
فإنه لا يسجد، تمام.
ذكر المؤلف قاعدة فيما يجب به سجود السهو، فما هذه القاعدة؟
طالب: إذا كان يبطل ..
الشيخ: كل شيء.
الطالب: كل شيء ..
الشيخ: يُبطل.
الطالب: تعمده، كل شيء إذا تعمد تركه وجب السجود له.
الشيخ: تركه ولّا فعله؟
طالب: تركه.
الشيخ: لا، ترك غير.
طالب: إذا فعل تركه.
الشيخ: كل شيء.
الطالب: إذا تركه.
الشيخ: إذا تركه.
طالب: بطلت الصلاة.
الشيخ: عمدًا.
طالب: عمدًا، بطلت الصلاة به، فوجب السجود له.
الشيخ: وإذا فعله؟
طالب: مثال تركه؟
الشيخ: لا، في الفعل غير الترك.
طالب: كل شيء يبطل الصلاة تعمده سواء ترك أو فعل.
الشيخ: كل شيء يبطل الصلاة تعمده فعلًا كان أو تركًا فإنه.
الطالب: يجب له سجود السهو.
الشيخ: يجب له سجود السهو إذا سها فيه.
هذه العبارة هل هي مقيدة ولّا على إطلاقها؟
طالب: إن كل شيء، لا مقيدة.
الشيخ: بأيش؟
الطالب: بأن يكون الفعل من جنس الصلاة.
الشيخ: نعم، بأن يكون الفعل من جنس الصلاة، أي شيء يفعله على أنه صلاة، أو يتركه على أن الصلاة مقتضاها تركه، واضح؟ احترازًا من أيش؟
الطالب: من مثل كلام الآدميين.
الشيخ: احترازًا مما يبطل الصلاة تعمده وليس من الصلاة، مثل الكلام والأكل والشرب، وما أشبه ذلك.
إذا كان الشيء لا يبطل الصلاة عمده، فنسي وفعله، وهو لا يبطل الصلاة عمده؟
طالب: لا يجب عليه سجود السهو.
الشيخ: لا يجب سجود السهو، وهل يسن؟
الطالب: نعم، يسن، وعلى كلام المؤلف لا يسجد ولا يسن.
الشيخ: يعني لا يسن؟
طالب: لا، لا يجب ولكن يسن.
الشيخ: هو ما مر علينا في باب الأركان والواجبات؟
طالب: بلى.
طالب آخر: يسن.
الشيخ: هو قال المؤلف: يسن؟
طالب: إن ترك سهوًا يسن.
الشيخ: نعم.
الطالب: مثل دعاء الاستفتاح.
الشيخ: وإن تركه عمدًا؟
الطالب: ما يسن.
الشيخ: يعني كما قال بندر.
طالب: لا بأس.
الشيخ: يعني؟
الطالب: يسن.
الشيخ: يسن، إذن ما أتينا بفائدة، نعم.
طالب: مباح، ليس بسنة ولا واجب.
الشيخ: ليس بسنة ولا واجب، إلا إذا أتى بقول مشروع.
طالب: في غير موضعه.
الشيخ: في غير موضعه، فإنه يسن. إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه فإنه يسن.
مثال ذلك: لو نسي فرفع يديه عند السجود، لما أراد أن يسجد نسي ورفع يديه، فهنا نقول: لا يجب السجود، وكلام المؤلف يدل على أنه لا يشرع أيضًا، لا يشرع له السجود؛ لأن تعمد هذا لا يبطل الصلاة، وليس من القول المشروع في غير موضعه، ولكنه من الفعل المشروع في غير موضعه؛ لأن السجود لا يشرع فيه رفع اليدين، كما قال ابن عمر رضي الله عنهما: وكان لا يفعل -يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وكان لا يفعل ذلك في السجود (5).
إذن السنن لا يجب السجود لها، لا لفعلها ولا لتركها، لكن هل يسن السجود؟
كلام الفقهاء رحمهم الله يقولون: لا يسن، إلا فيما إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه، وما عدا ذلك لا يسن.
ولكن ينبغي أن يقال بالسنية، أنه يسن لفعله أو تركه، إذا أتى بفعل مشروع في غير موضعه، أو بقول مشروع في غير موضعه، أو ترك قولًا مشروعًا، أو ترك فعلًا مشروعًا، فينبغي أن يسجد، لكن لا يجب. وإنما قلنا: ينبغي لأن الأصل الذي شرع من أجله السجود غير واجب، فما تفرع عنه فليس.
طلبة: بواجب.
الشيخ: بواجب.
مثال ذلك: رجل من عادته أن يستفتح الصلاة فنسي، نسي أن يستفتح نقول.
طلبة: يسن.
الشيخ: يسن له أن.
طلبة: يسجد.
الشيخ: يسجد.
رجل من عادته أن يرفع يديه عند الركوع، فنسي ولم يرفع، نقول: يسن له أن يسجد.
طالب: العلة يا شيخ.
الشيخ: نعم.
الطالب: العلة.
الشيخ: العلة لأنه ترك شيئًا مشروعًا، فشرع له جبره.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وتبطل بترك سجود أفضليته قبل السلام فقط): (تبطل) يعني الصلاة (بترك سجود أفضليته قبل السلام فقط): يعني دون الذي أفضليته بعد السلام.
أفادنا المؤلف رحمه الله هنا: أن كون السجود قبل السلام أو بعده على سبيل الأفضلية، وليس على سبيل الوجوب، وأن الرجل لو سجد قبل السلام فيما موضعه بعد السلام فلا إثم عليه، ولو سجد بعد السلام فيما أفضليته قبل السلام فلا إثم عليه؛ لأن كون السجود قبل السلام أو بعده على سبيل أيش؟
طلبة: الأفضلية.
الشيخ: الأفضلية.
ولكن شيخ الإسلام رحمه الله يرى أن كون السجود قبل السلام أو بعده على سبيل الوجوب، وأن ما جاءت السنة بكونه قبل السلام يجب أن يكون قبل السلام، وما جاءت السنة بكونه بعد السلام يجب أن يكون بعد السلام. واستدل لذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله:
أما قوله فإنه يقول: «ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» (6) فيما قبل السلام، ويقول:«ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ» (7) فيما بعد السلام. والأصل في الأمر الوجوب.
وأما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: هذا فعله، سجد للزيادة بعد السلام، وسجد للنقص قبل السلام وقال:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (8)، وهذا يشمل صلب الصلاة وجبر الصلاة، وسجود السهو جبر للصلاة.
وعلى هذا فما كان قبل السلام فهو قبل السلام وجوبًا، وما كان بعده فهو بعد السلام وجوبًا. وعلى هذا فيجب على كل أحد أن يعرف السجود الذي قبل السلام، والسجود الذي بعد السلام؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ثانيًا: ما هو الذي أفضليته قبل السلام أو بعده؟ الفقهاء رحمهم الله يرون أن الذي أفضليته بعد السلام هو ما إذا سلم عن نقص، إذا سلم قبل إتمام صلاته فأفضليته بعد السلام، وما سوى ذلك فأفضليته قبل السلام.
هذه القاعدة عند الفقهاء: أنه إذا سلم قبل تمام صلاته فأفضليته.
طلبة: بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام. وما عدا ذلك فأفضليته.
طالب: قبل السلام.
الشيخ: قبل السلام. هذا كلامهم. أما كونه إذا سلم قبل إتمامها فالسجود بعد السلام فدليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه، حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي؛ إما الظهر وإما العصر، فسلم من ركعتين ثم ذكّروه فأتم صلاته، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم (9)، هذا دليل واضح، وأما ما عدا ذلك فقالوا: إنه قبل السلام، ولكن هذا القول ضعيف.
والصحيح أن ما كان لزيادة فهو بعد السلام، وما كان عن نقص فهو قبل السلام. هذا في الزيادة والنقص. وأما في الشك فما بنى فيه الإنسان على غالب ظنه، فهو بعد السلام، وما بنى فيه على اليقين فهو قبل السلام. هكذا جاءت السنة، وهذا القول هو الراجح؛ لأن هذا مقتضى السنة، فإذا صلى خمسًا وذكر في التشهد الأخير أنه صلى خمسًا فمتى يسجد على كلام المؤلف؟
طلبة: قبل السلام.
الشيخ: على كلام المؤلف قبل السلام، والصحيح أنه يسجد بعده؛ بعد السلام
وإذا شك في عدد الركعات، وغلب على ظنه أحد العددين الناقص أو الزائد، أخذ بما غلب على ظنه، وسجد؟
طلبة: بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام على القول الراجح.، أما على كلام الفقهاء رحمهم الله فيقولون: إنه ليس هناك شيء يُبنى فيه على غلبة الظن، حتى لو ترجح عندك فابنِ على اليقين. والبناء على اليقين محل السجود فيه قبل السلام، ولهذا يجعلون الشك قسمًا واحدًا يبني فيه الإنسان على أيش؟ على اليقين، وهو الأقل. ولكن الصحيح الذي دلت عليه السنة أن الشك نوعان، أو أن الشك قسمان: شك يترجح فيه أحد الطرفين فتعمل بالراجح، وتبني عليه وتسجد بعد السلام، وشك لا يترجح فيه أحد الطرفين فتبني فيه على اليقين وتسجد قبل السلام.
المسألة الثانية مما أفادنا المؤلف: أن الصلاة تبطل إذا ترك السجود الذي محله قبل السلام، ولا تبطل إذا ترك السجود الذي محله بعد السلام.
وفرقوا بينهما بأن السجود الذي محله قبل السلام واجب في الصلاة؛ لأنه قبل الخروج منها، والسجود الذي بعد السلام واجب لها؛ لأنه بعد الخروج منها، والذي تبطل به الصلاة -أي تبطل بتركه إذا تعمده- هو ما كان واجبًا في الصلاة، لا ما كان واجبًا للصلاة.
ولهذا لو ترك التشهد الأول عمدًا بطلت صلاته؛ لأنه واجب في الصلاة. ولو ترك الإقامة -إقامة الصلاة- عمدًالم تبطل صلاته؛ لأن الإقامة؟
طالب: للصلاة.
الشيخ: واجب للصلاة، وكذلك على القول الراجح: لو ترك صلاة الجماعة عمدًا، فإن صلاته لا تبطل؛ لأن الجماعة واجبة للصلاة، ليست فيها.
إذن يقولون: إنها تبطل بترك السجود الذي محله قبل السلام، لماذا؟
طلبة: لأنه واجب في الصلاة.
الشيخ: لأنه واجب فيها، فهو كما لو ترك التشهد الأول، ولا تبطل بترك السجود الذي بعد السلام؛ لأنه واجب لها، فهو كإقامة الصلاة، لا تبطل الصلاة بتركها.
وقول المؤلف: (وتبطل بترك سجود أفضليته قبل السلام فقط) الفاء هذه مرت علينا إعرابها تذكرونه؟ (فقط) ويش إعرابها؟
طالب: (قط) اسم فعل بمعنى جر.
الشيخ: جر.
الطالب: لا، اسم فعل معناه: انتهى، نسيتها. اسم فعل بمعنى (
…
).
طالب آخر: الفاء زائدة لتحسين (
…
).
الشيخ: ها؟
الطالب: (قط).
الشيخ: نعم، إي نعم.
الطالب: (قط) مصدر.
الشيخ: كيف (قط) مصدر؟
طالب: مصدر بمعنى: انتهى ..
الشيخ: (قط) بمعنى حسْب، ومنه مما جاء بالحديث:«لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَهِيَ تَقُولُ: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30] حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ -أَوْ عَلَيْهَا رِجْلَهُ- فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ، قَطْ» (10) يعني: حسْبي حسبي. إذن (فقط) يعني: فحسب.
وخرج بقوله: (فقط) ما أفضليته؟
طالب: بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام.
قال المؤلف: (وإن نسيه وسلم سجد إن قرب زمنه).
(إن نسيه) أي السجود الذي قبل السلام (وسلم سجد إن قرب زمنه) فإن بعد سقط، والصلاة صحيحة؛ كرجل نسي التشهد الأول. هذا مثال: رجل نسي التشهد الأول، فيجب عليه سجود السهو، ومحله؟
طلبة: قبل السلام.
الشيخ: قبل ولّا بعد يا جماعة؟
طلبة: قبل السلام.
الشيخ: قبل السلام، لكن نسي وسلم، نقول: إن ذكرت في زمن قريب فاسجد، وإن طال الفصل سقط، نسي، يعني مثلًا لم تذكر إلا بعد مدة طويلة، فإنه يسقط، ولهذا قال:(سجد إن قرب زمنه)، فإن خرج من المسجد سلم وقام مسرعًا، فلما خرج من المسجد ذكر أنه لم يسجد، فإنه لا يرجع إلى المسجد، يسقط عنه، بخلاف ما إذا سلم قبل تمام الصلاة ناسيًا، ثم خرج من المسجد وذكر فإنه يرجع ويكمل؛ وذلك لأن الثانية، المسألة الثانية ترك ركنًا، لا بد أن يأتي به، وهذا ترك واجبًا يسقط بالسهو، فيستمر في سيره ولا يسجد.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: بل يسجد ولو طال الزمن؛ لأن هذا جابر للنقص الذي حصل، فمتى ذكره جبر به، ولكن الأقرب ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله أنه إذا طال الفصل فإنه يسقط؛ وذلك لأن هذا إما واجب للصلاة وإما واجب فيها، فهو ملتصق بها، فإذا طال الفصل سقط، وليس هذا صلاة مستقلة حتى نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» (11)، بل هذا تابع لغيره، فإن ذكر في وقت قريب سجد وإلا سقط.
قال: (من سها مرارًا كفاه سجدتان)؛ لأن السجدتين تجبر كل ما فاته.
مثال السهو مرارًا: ترك قول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، وترك التشهد الأول، وترك قول:(سبحان ربي الأعلى) في السجود، كم هذه؟
طلبة: ثلاثة.
الشيخ: ثلاثة، ثلاثة أسباب توجب سجود السهو، فنقول: يكفيك سجدتان؛ لأن الواجب هنا من جنس واحد، فدخل بعضه في بعض، كما لو أحدث ببول وغائط وريح وأكل لحم إبل فإنه يكفيه.
طلبة: وضوء واحد.
الشيخ: وضوء واحد، ولا يلزمه أن يتوضأ لكل سبب وضوءًا، فهنا الأسباب تعددت، أسباب السجود، لكن الواجب بهذه الأسباب شيء واحد، وهو سجود السهو، فتداخلت.
وعلى هذا فلو سها مرارًا كفاه سجدتان.
ولكن إذا اجتمعا سببان أحدهما يقتضي أن يكون السجود قبل السلام، والثاني يقتضي أن يكون السجود بعد السلام.
فهل نقول: أيهما أكثر فاعتبر به؟ أو نقول: اعتبر بما قبل السلام، أو اعتبر بما بعد السلام؟ فهذه ثلاثة احتمالات اعتبر بأيها أكثر مثلًا: لو سلم قبل تمام صلاته، وركع في إحدى الركعات ركوعين، وترك التشهد الأول فهنا.
طلبة: بعد السلام.
الشيخ: عندنا سببان يقتضيان أن يكون السجود بعد السلام وهما:
طالب: زيادة الركوع.
الشيخ: زيادة الركوع.
طالب: والسلام ..
الشيخ: والسلام قبل التمام.
وعندنا سبب واحد يقتضي السجود قبل السلام، وهو ترك التشهد.
طلبة: الأول.
الشيخ: الأول.
فإن قلنا: إننا نُغلب الأكثر فالسجود متى؟
طلبة: بعد السلام.
الشيخ: بعد السلام، السجود بعد السلام.
مثال آخر:
رجل ركع في ركعة ركوعين، وترك قول:(سبحان ربي العظيم) في الركوع، وقول:(سبحان ربي الأعلى) في السجود، فهنا.
طلبة: قبل السلام.
الشيخ: اجتمع عليه سببان للسجود قبل السلام وهما:
طالب: التسبيح.
الشيخ: ترك التسبيح في الركوع، وترك التسبيح في السجود، وسبب واحد يقتضي أن يكون السجود بعد السلام وهو زيادة.
طالب: الركوع.
الشيخ: الركوع، فأيهما نعتبر؟
طالب: الأكثر.
الشيخ: إذا قلنا باعتبار الأكثر، فالسجود يكون.
الطلبة: قبل السلام.
الشيخ: قبل السلام، ولكن المذهب يقولون: إننا نغلب ما قبل السلام مطلقًا، لماذا؟
قالوا: لأن ما قبل السلام جابر واجب أن يكون قبل أن يسلم، فكان المبادرة بجبر الصلاة قبل إتمامها أولى من تأخير الجابر، ولهذا يقولون: إذا اجتمع سببان للسهو، أو لسجود السهو، أحدهما يقتضي أن يكون قبل السلام والثاني يكون بعده غُلب.
طالب: ما قبل السلام.
الشيخ: ما كان قبل السلام مطلقًا؛ لأنه ألصق بالصلاة، هذا أقرب، أنه يغلب ما كان قبل السلام.