المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الشيخ: بطل النكاح، مثال ذلك: زيد وزينب مسلمان عقد عليها، - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: الشيخ: بطل النكاح، مثال ذلك: زيد وزينب مسلمان عقد عليها،

الشيخ: بطل النكاح، مثال ذلك: زيد وزينب مسلمان عقد عليها، ثم بعد ذلك كفرا -والعياذ بالله- بالله، كفرا قبل الدخول، الحكم يبطل النكاح، طيب ولو كانا كافرين من الأصل ثم تزوج أحدهما الآخر، يبطل النكاح؟ لا يبطل، والفرق ظاهر؛ لأن هذين الزوجين ارتدا بعد العقد، وأما إذا كانا كافرين من الأصل فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الذين أسلموا على نكاحهم، ولا إشكال في ذلك إذا كفرا قبل الدخول، ماذا يكون النكاح؟ يبطل، سواء كفرا جميعًا في آن واحد، أو تأخر أحدهما، فإذا تزوج امرأة وهما مسلمان، ثم ترك الصلاة، ترك الصلاة مرة كلاهما، ماذا يكون النكاح؟ يكون باطلًا؛ لأنهما كفرا بعد العقد، وإن كفر الزوج، ترك الصلاة الزوج، ما الحكم؟

طالب: يبطل العقد.

الشيخ: طيب، وإن كفرت الزوجة؟

طالب: بطل العقد.

الشيخ: كذلك بطل العقد.

فإذا كان قبل الدخول وكفرا جميعًا، أو كفر أحدهما، فالعقد باطل بعد الدخول، يوقف الأمر على انقضاء العدة، إن عادا إلى الإسلام فهما على نكاحهما؛ لأنهما عقدا مسلمَيْنِ ورجعا إلى الإسلام، وإن انتهت العدة وهما كافران تبين أنه بطل من حين كفرهما والعياذ بالله، هذا حكم الكفر، وعلى هذا فإذا قدر أن امرأة مع زوجها لها عشرات السنين وعندها الأولاد والبنون، ثم ترك الزوج الصلاة، فالواجب أن يفرق بينهما وينتظر إلى متى؟ إلى انقضاء العدة، إن هداه الله وعاد إلى الصلاة فهي زوجته، وإن انقضت العدة ولم يصلِّ فُرق بينهما، يعني تبين أن النكاح قد بطل من حين ترك الصلاة، وكذلك هي لو تركت الصلاة؛ لأنه أحيانًا يكون الزوج يترك وأحيانًا تكون هي تترك، فالحكم كذلك ينتظر حتى تنتهي العدة، إن هداها الله ورجعت إلى الإسلام وصلت فهي زوجته، وإلا تبين انفساخه منذ كفرت.

[باب الصداق]

ثم قال المؤلف: (باب الصداق).

ص: 2808

الصداق هو العوض المبذول بعقد نكاح وما ألحق به، من الباذل؟ الزوج، والمبذول له الزوجة. وقولنا:(وما ألحق به) إشارة إلى الوطء بشبهة، فإن الرجل إذا وطئ امرأة بشبهة وجب عليه مهرها، مثال ذلك: رجل دخل بيته ووجد امرأة على فراشه، فظنها امرأته، فجامعها، هذا وطء بشبهة، رجل وجد امرأة على فراشه ولم يكن يعلم أحدًا ينام على الفراش إلا امرأته، فجامعها، نقول: هذا وطء بشبهة، يجب عليه المهر؛ لأنه استحل فرجها معتقدًا حله، ولو حملت من هذا الوطء فالولد لها. لها واضح وله أيضًا؛ لأنه جامعها على أنها من حلائله، طيب الخلاصة الصداق هو العوض المبذول بعقد نكاح وما ألحق به.

حكمه: واجب؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] بشرط أيش {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] فلا بد في كل نكاح من مهر إلا نكاحًا واحدًا، وهو امرأة وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يحتاج إلى مهر؛ لأنها وهبت نفسها، والهبة تبرع بلا عوض، لكن هذا خاص برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هو واجب، هل الأولى أن يضخم ويكبر أو بالعكس، قال المؤلف:(يسن تخفيفه) يعني يسن أن يكون خفيفًا، فكم تبذل الصداق لو أردت أن تتزوج؟ قل (

) يسن تخفيفه، السنة كم تبذل؟

طالب: (

) على حسب الاتفاق.

الشيخ: ما اتفقنا، إنسان بيبذل على طول، ما راح يقول: كم تبغون أعطيكم؟

طالب: على حسب العرف.

ص: 2809

الشيخ: حسب العرف، كم العرف؟ أنت تتهرب من التخفيف، قل: المهر إن شاء الله سيكون عشرة ريالات، الله على كل شيء قدير، يعني فيما سبق تتزوج المرأة بدرهم، وقبل عصرنا بيمكن عشر سنوات تزوجت امرأة رجلًا فأصدقها ريالًا، فبينما هو قائل عندها -يعني نائمًا في القائلة- إذا رجل يدق الباب ويبالغ في الدق، وأرقهم في ضربه الباب، هذا لو للشغل ما عاد يطق الباب هذا، فنزل إلى الباب، ولما نزل علا صوته مع الرجل، صوت الزوج علا مع الرجل، نزلت تسأل وإذا الرجل يطلبه ريالًا، الرجل اللي يطق الباب يطلب من الزوج ريالًا، انحلت المشكلة بأن تعطيه الريال اللي دفع لها، أعطته الريال الذي دفع لها وانحلت المشكلة، فانظر إلى حال الناس بالأول كيف طابت نفسها أن تتزوج بريال، وأن توفي عن هذا الرجل الريال اللي أعطاها.

فأقول للأخ: أعطني الصداق اللي تخففه، وحاول يتخلص، وأخيرًا أرجعنا إلى العرف، أقول: على كل حال يسن التخفيف، يخففه ما أمكن، ولو بدرهم، بل قال النبي عليه الصلاة والسلام:«الْتَمِسْ وَلَو خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» (3)، وفي الحديث:«أَعْظَمُ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً» (4)، ولا شك أن تخفيف الصداق فيه مصالح كثيرة؛ منها موافقة السنة، ومنها التيسير، تيسير هذا الطريق التي هي طريق الأنبياء والمرسلين كما قال تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38]، ومنها أنه لو حصلت مشاكل بين الزوج والزوجة لسهل عليه أن يفارقها؛ لأنه لم يخسر عليها كثيرًا، لكن إذا كان قد خسر عليها كل ما في جعبته من الدراهم واستدان من غيره أيضًا يصعب عليه أن يفكها، أليس كذلك؟ ومنها أنه لو أراد المخالعة بما أعطاها لكان بذل ذلك عليها يسيرًا؛ لأنه لم يعطها إلا القليل، لكن لو طلب عوضًا أعطاه إياها، وهو كثير، لشق عليها ذلك وعلى أهلها كما هو الواقع.

ص: 2810

ومنها -أي من فوائد تخفيف الصداق- أنه أعظم بركة؛ لحديث: «أَعْظَمُ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً» (4).

ويُسن أيضًا (تسميته في العقد) تسميته أي في العقد يعني أن يسمى المهر في العقد فيقول: زوجتك بنتي على مهر قدره كذا وكذا، لماذا؟ من أجل ألا يحصل النزاع فيما لو حصل الفراق، لو حصل الفراق قبل الدخول أو بعد الدخول، وادعت الزوجة أن المهر عشرة آلاف، وقال الزوج: بل هو خمسة، حصل بذلك نزاع، فإذا سمي زال هذا النزاع. طيب فإن أبهم وقال: زوجتك بنتي على ما دفعت إلي من المهر، هل يحصل المقصود ولَّا ما يحصل؟

طالب: لا يحصل.

الشيخ: لا، ما يحصل، يعني ما يحصل على وجه التمام، لكنه أخف مما لو سكت عنه، لكن ما يحصل به المقصود على التمام؛ لأنه إذا قال: على ما دفعت إلي، ما الذي دفع؟ قد يختلفان فيما بعد في جنسه أو قدره أو صفته.

طيب يسن تسميته بالعقد، قال:(مِنْ أَرْبَعِ مِئَةِ دِرْهَمٍ إِلَى خَمْسِ مِئَة) درهم، المؤلف قيدها رحمه الله أربع مئة درهم إلى خمس مئة درهم، أربع مئة درهم كم تكون من الريالات الموجودة؟ تكون من الريالات الموجودة مئة واثني عشر ريالًا؛ لأن كل مئتي درهم ستة وخمسون ريالًا بالريال العربي الفضي، ولهذا كان نصاب الفضة ستة وخمسين ريالًا بالريال الفضي، فالصداق الذي أراد المؤلف أن يكون قدره من مئة واثني عشر من الريال الفضة إلى خمس مئة زدها ثمانيًا وعشرين نصف الست والخمسين كم تكون؟ مئة وأربعين، يعني أعلى المخفف مئة وأربعون ريالًا، وأدناه مئة واثنا عشر، نعم، على كل حال عرفت الآن التخفيف نعم.

يقول رحمه الله: (وَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً صَحَّ مَهْرًا، وَإِنْ قَلَّ) هذا ضابط، إذا قيل: ما هو المهر الذي يجزئ؟ نقول: كل ما صح ثمنًا أو أجرة صح مهرًا، طيب الأجرة في المنافع، والأثمان في الأعيان، فمثلًا إذا قال: الصداق أن أشتغل في مزرعتها يومًا كاملًا يقوله من؟

طالب: الزوج.

ص: 2811

الشيخ: الزوج هذا ثمن ولَّا أجرة؟ أجرة، طيب الثمن قال: الصداق أن أعطيها خاتمًا من ذهب هذا ثمنًا، يعني كل ما وقع عليه عقد البيع أو عقد الإجارة صح أن يكون مهرًا، يقول رحمه الله -وإن قل-:(وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ لَمْ يَصِحَّ) إن أصدقها يعني قال: المهر أن أعلمها سورة البقرة، فإنه لا يصح، لماذا؟ لأن القرآن لا يصح ثمنًا ولا أجرة، لا يصح تعليم القرآن بالأجرة، فإذا كان لا يصح تعليمه بالأجرة لم يصح أن يكون عوضًا؛ لقول الله تبارك وتعالى:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24]، وتعليم القرآن لا يصح أن يكون أجرة فلا يصح، هذا ما قاله المؤلف، ولكن ما قاله محمد بن عبد الله يدل على الجواز؛ فإن الرجل الذي قال: ما أجد ولا خاتمًا من حديد، قال:«هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟ » . قال: نعم، سورة كذا وكذا، قال:«زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» (5)، فعلمها، فهنا جعل النبي صلى الله عليه وسلم تعليم القرآن صداقًا، وهل لأحد قول بعد قول الرسول؟ لا، إذن فالصحيح أنه يصح أن يتزوجها بتعليم شيء من القرآن، فإن أطلق قال: صداقي أن أعلمها القرآن فما الواجب؟ جميع القرآن، وإن أراد البعض فليحدده.

ما جواب المؤلف ومن تابعه، أو من تبعه المؤلف عن هذا الحديث الذي أشرت إليه؟ يقولون: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ مَهْرًا» (6)، وهذا نص صريح بأن هذا الحكم خاص بهذا الرجل. فما جواب القائلين بالجواز؟ يقولون: إن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يصح رجعنا إلى الأصل، هذه واحدة.

ص: 2812

ثانيًا: لدينا قاعدة مهمة، وهو أنه لا يمكن أن يخص أحد بحكم من أحكام الشريعة أبدًا لعينه، بل لوصفه، انتبهوا: لا يمكن أن يخصص أحد بشيء من أحكام الشريعة بعينه، بل بوصفه، واضح؟ طيب الأعرج لا يجب عليه الجهاد في سبيل الله؛ لأنه أعرج، وعلى هذا فكل من عنده عرج يمنعه من الجهاد لا يجب عليه، الفقير لا زكاة عليه لأنه فقير وهلم جرًّا، لكن بعينه أقول: هذا جائز لهذا الرجل بعينه لا يمكن أبدًا، حتى النبي عليه الصلاة والسلام لم يخص بشيء لعينه أبدًا صح؟

طالب: نعم.

الشيخ: نعم لا يخص بعينه، لكن لوصفه؛ لأنه نبي ورسول؛ لأن الله عز وجل ليس بينه وبين البشر نسب أو محاباة أو مصاهرة، سبحان الله! فلا يمكن أن يخص أحد من البشر بحكم لعينه، ولكن لوصفه.

طيب، يرد على هذا حديث في الصحيحين، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم في عيد الأضحى قال:«مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَشَاتُهُ شَاةُ لَحْمٍ، وَلْيَذْبَحْ بَدَلَهَا» . فقام أبو بُرْدَةَ بنُ نِيَارٍ قال: يا رسول الله، أنا عندي أضحية ذبحتها قبل أن أصلي، أحببت أن يأكل أهلي اللحم مبكرين، ولا أجد غيرها إلا عَنَاقًا -العناق من الماعز: ما له نحو أربعة أشهر- إلا عناقًا، فقال:«اذْبَحْ وَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» (7). هذا تخصيص، قال: اذبح ها العناق، والعناق لا تجزئ في الأضحية؛ لأنها ما تمت السن، ولن تجزئ عن أحد بعدك، فكيف تقولون: إنه لا يمكن أن يخصص أحد في حكم من أحكام الله بعينه والرسول صلى الله عليه وسلم خصص.

ص: 2813

قلنا: أجاب عن ذلك البحر والحبر شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: البعدية قد تكون بالزمن، وقد تكون بالحال، والبعدية هنا حالية، مثلما تقول: ما بعد هذا قعود، ما بعد هذا الحال شيء، وما أشبه ذلك، فالبعدية هنا بعدية الحال، يعني أنه لو وجد إنسان مثل هذا الرجل جاهل وذبح قبل الصلاة، وليس عنده إلا عناق، قلنا له أيش؟ اذبح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن نيار. وما قاله الشيخ رحمه الله هو الحق؛ لأنه لا يمكن أن الرب عز وجل مع غناه عن كل أحد أن يخص واحدا من الخلق بعينه بحكم من الأحكام أبدًا، على هذا نرجع إلى أصل المسألة، وإن كان هذه الحقيقة مهمة جدا، هذه أحب إلي من كل الصداق؛ أن تعلموا أنه ليس في الشريعة حكم يخصص به أحد بعينه لعينه، بل لا بد من وصف. وهذه القاعدة مهمة جدا، يعلم بها حكمة الله عز وجل، وأن أحكام الله تعالى وشرائعه معلقة بالأوصاف، لا بالأشخاص.

بعد هذا نرجع إلى كلام المؤلف، يقول:(بل فقه وأدب وشعر مباح معلوم) يعني يجوز أن يصدقها تعليم فقه، وألصق شيء يعلمها إياه ما هو من الفقه؟ فقه النكاح والحيض والغسل، نعم، الأشياء التي تتعلق بهما، طيب هذا فقه، (وأدب) الأدب أيش الأدب هذا؟ هل هو الأدب الشرعي أو الأدب الاصطلاحي؟ يحتمل أنه الشرعي أو الاصطلاحي. والأدب الاصطلاحي هو هذا الفن المعروف الذي يدرس الآن في المعاهد والجامعات؛ معرفة أحوال العرب وأشعارهم وما يتعلق بهذا، (وشعر مباح معلوم) اشترط المؤلف أن يكون مباحًا، وأن يكون معلومًا، يعني عشرة أبيات من البحر الفلاني نعم؛ الطويل، أو الرجز، أو غيره، فلو قال: أنا أصدقها نظم ابن عبد القوي في الفقه، أعلمها إياه، كم من بيت؟ أربعة عشر ألف بيت، هذا كثير ولَّا قليل؟

طلبة: كثير.

ص: 2814

الشيخ: كثير، طيب. يعلمها ألفية ابن مالك، كثير أيضًا، وأيضًا هو علم صعب، يعلمها قصيدة بانت سعاد، يجوز؟ إي نعم يجوز، شعر مباح معلوم، فإن كان شعرا محرمًا كشعر الغزل الماجن، وما أشبه ذلك، فإنه لا يجوز؛ لأنه محرم.

طالب: الوزجة تريد مهر أقل، والأب يريد مهر أكثر (

).

الشيخ: لا، القول قول الزوجة، لا، ما له دخل في الموضوع؛ لأن الله قال في القرآن الكريم:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: 4] فأضافه إلى النساء.

طالب: (

).

الشيخ: أبدًا ما هو (

) لأنه ربما لو أن الأب فرض شيئًا كثيرًا على الزوج ما تمكن.

طالب: السلام عليكم، إذا قلنا: إن البعدية هنا بمعنى الحالية، فهل يكون هذا الرجل يعني بالوصف ..

الشيخ: إي بالوصف، يعني لو وُجد إنسان ذبح الأضحية قبل الصلاة جاهلًا، وليس عنده إلا عناق، فلا بأس.

طالب: في بعض الأماكن يجعلون المهر مصحفًا، هل يجوز أو لا؟

الشيخ: سؤاله سمعتموه يقول: في بعض البلاد يجعلون المهر مصحفًا، هل يجوز أو لا، إن قلنا بجواز بيع المصحف جاز، وهو الصحيح، وإذا قلنا بتحريمه فإنه لا يجوز، لكن الصحيح الجواز.

***

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ما هو الضابط فيما يصح أن يكون مهرًا؟

طالب: كل ما صح أن يكون ثمنًا أو أجرة صح أن يكون صداقًا.

الشيخ: كل ما صح أن يكون ثمنًا أو أجرة صح أن يكون صداقًا، بارك الله فيك.

هل الأفضل تقليل المهر أو لا؟ هل الأفضل تقليل المهر أو تكثيره؟

طالب: تقليله.

الشيخ: تقليله أفضل، الدليل.

الطالب: لقول النبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ: اذكره ولو بالمعنى إذا كان عندك حديث.

الطالب: البركة في تقليل المهر.

الشيخ: أحسنت هذا جزء منه «أَعْظَمُ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً» (4).

ما هو القدر الذي عينه المؤلف للصداق القليل؟

طالب: أربع مئة درهم.

ص: 2815

الشيخ: طيب، أربعة مئة درهم، كم مقداره في عهدنا؟

طالب: مئة واثنا عشر ريالًا.

الشيخ: مئة واثنا عشر ريالًا، هذه أربع مئة، الأكثر مئة وأربعون، طيب.

رجل أصدق امرأته أن يعلمها كتاب النكاح من زاد المستقنع؟

طالب: جائز.

الشيخ: إي جائز، ماذا تقولون؟

طلبة: صحيح.

الشيخ: صحيح، طيب؛ لأنه يصح أخذ الأجرة عليه، يعني يصح أن تستأجر إنسانًا يعلمك أي باب من أبواب الفقه.

طيب رجل أصدق امرأته أن يعلمها سورة النبأ؟

طالب: جائز.

الشيخ: جائز.

طالب: على قول المؤلف لا.

الشيخ: على قول المؤلف لا، والصحيح أنه جائز. أحسنت. على قول المؤلف لماذا منع أن يكون تعليم القرآن مهرًا؟

طالب: لأن عندهم لا يصح أخذ الأجرة على تعليم القرآن.

الشيخ: لأنه يقول: إن تعليم القرآن لا يصح أخذ الأجرة عليه، نعم. إذا قال قائل: هذا الدليل هل له معارض؟ وهل هو صحيح؟ إي نعم.

طالب: له معارض.

الشيخ: له معارض، ما هو؟

الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أراد أن يتزوج: «زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» (5).

الشيخ: نعم له معارض، وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زوج رجلًا امرأة بما معه من القرآن، تمام. ما جوابهم عن هذا المعارض؟ نعم.

طالب: في رواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للرجل: «وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ مَهْرًا» (6).

الشيخ: أحسنت، جوابهم عن هذا المعارض أن الرسول قال للرجل:«لَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ مَهْرًا» . طيب، فما ردنا على هذا المعارض؟

طالب: أن الحديث ضعيف.

الشيخ: أن الحديث ضعيف. طيب نحن لدينا قلنا: إنه ضعيف سندًا لا شك، لكن هناك أيضًا ما يمنع من ذلك من حيث التشريع.

طالب: أنه لا يمكن تخصيص حكم من أحكام الشريعة بعينه، بل بوصفه.

ص: 2816

الشيخ: أن الأحكام الشرعية لا يختص أحد من الناس بها بعينه، يعني لكونه فلانًا ما يمكن يخص. فإن اعترض معترض على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن نيار حين أذن له أن يذبح عناقًا وقال «لَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» (8).

طالب: نقول: إذا أتى شخص بحال أبي بردة نقول: اذبحه، ونقول له: ولن تجزئ عن أحد بعدك.

الشيخ: إي نعم، نقول: أجاب عن هذا شيخ الإسلام بأن المراد بالبعدية هنا.

طالب: بعدية الحال.

الشيخ: بعدية الحال، يعني ما تجزئ عن أحد سوى هذه الحال. وقوله رحمه الله صحيح؛ لأننا نعلم أن الرب عز وجل ما له صلة بشخص دون آخر أبدًا، حتى خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم هل ثبتت لأنه محمد بن عبد الله، أو لأنه رسول الله؟

طالب: رسول الله.

الشيخ: الثاني؛ لأنه رسول الله، وإلا لكان رجلًا من قريش، لكن لكونه رسول الله خصه الله تعالى بما شاء من الأحكام.

طيب ذكرنا أن القول الراجح أنه يصح أن يصدقها تعليم القرآن، لكن هنا مشكلة يا إخوان، إذا علمها وعجز عن ذلك، وهذا قد يقع، أليس كذلك؟

طالب: بلى.

الشيخ: أحيانًا تعلم الإنسان، تعلمه وتعلمه عشرين مرة ما يفهم، بينما المتوسط أنه إذا علمته كم المتوسط ما هو الماهر؟

طلبة: عشر مرات.

الشيخ: عشر مرات يفهم ولا أكثر من عشر مرات. ثلاث مرات تستوجب أو تبيح للإنسان إذا استأذن على أخيه ثلاث مرات تبيح له أن يرجع. هذا الرجل علم امرأته مئة مرة السورة التي اتفقا عليها، ولكن ما فهمت، عجزت، فما الجواب؟

طالب: يسقط.

الشيخ: لا، ما يمكن يسقط.

لكن يقال: يقدر لها أجرة المثل، يقدر لها صداقًا أجرة المثل، ولا نقول: يبطل المسمى، ويجب مهر المثل، لا، ما نقول هكذا؛ لأن المسمى ما بطل، لكن عجز عن إيفائه، فيفرض لها أجرة تعليمها هذه السورة مثلًا، فإذا قيل: هذه السورة يعلمها المعلم معلم الصبيان يعلمها في العادة بعشرة ريالات، كم يكون مهرها؟

طالب: عشرة ريالات.

ص: 2817

الشيخ: عشرة ريالات إي نعم.

هل يجوز أن يصدقها تعليم شعر؟

طالب: إي نعم (

).

الشيخ: مطلقاً، عجيب.

طالب: (

).

الشيخ: أيش؟

طالب: إذا قرأت القصائد الأدبية وغيرها، أما إذا كان من الشعر محرم فهذا لا يجوز.

الشيخ: بقي عليك قيد آخر.

طالب: (

).

الشيخ: نعم، يشترط أن يكون الشعر مباحًا، ويش بعد؟ وأن يكون معلومًا، يعني يقال: مباح معلوم.

***

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وإن أصدقها طلاق ضرتها لم يصح) يعني إذا قال لها: مهرك أن أطلق زوجتي، قالت: طيب موافقة، فهل يصح هذا؟ لا يصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«لَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا» (9). فنهى الرسول عليه الصلاة والسلام أن تسأل المرأة طلاق أختها، فكيف إذا اشترطته لحل العقد؟

طالب: لا يصح.

الشيخ: فإنه لا يصح.

طيب إذا لم يصح ماذا نصنع؟ هل نقول: إن لها مهرًا مثل الزوجة التي اشترطت طلاقها، أو لها مهر مثلها هي، أي المتزوجة؟ -انتبهوا يا جماعة- قلنا: إنها إذا اشترطت أن يكون صداقها طلاق ضرتها فالشرط غير صحيح، ولا يصح أن يكون صداقًا، لكن ماذا نعطيها؟ هل نعطيها مثل صداق الضرة أو مثل صداقها هي؟ يقول المؤلف رحمه الله:(ومتى بطل المسمى وجب مهر المثل)، هذه قاعدة أو ضابط، نقول: لما بطل المسمى الذي هو طلاق الضرة وجب لها مهر المثل مثلها ولَّا مثل الزوجة التي تشترط طلاقها؟ مثلها هي، يجب لها مهر المثل، طيب، مثاله هذا الرجل تزوج امرأة أو خطب امرأة، قالت له: لا بأس، لكن أريد صداقًا، قال: والله أنا ما عندي صداق الآن، قالت: صداقي أن تريحني من الضرة، تطلقها، قال: لا بأس، فتم العقد، وقال الولي: زوجتكها بطلاق ضرتها، قال: قبلت، هل يصح هذا المهر؟ ماذا يجب؟ نقول: العقد صحيح الآن، ويجب لها مهر المثل، فيقال: هذه المرأة لو تزوجت كم يكون مهر مثلها؟ قال: مهر مثلها يكون عشرة آلاف، يجب عليه عشرة آلاف.

ص: 2818

مثال آخر لتطبيق القاعدة هذه: تزوج امرأة على عشرين كرتون عصير عنب، فتبين أن العنب قد تخمر، صار خمرًا، فهل المهر صحيح؟ نعم غير صحيح، ليش؟ لأنه محرم، والمسلم لا يمكن أن يستحل الخمر، فماذا يجب لها؟ يجب لها مهر المثل.

تزوجها وقال: مهرك هذه السيارة، والسيارة ليست له، السيارة لفلان، هل يصح أن تكون مهرًا؟

طلبة: لا يصح.

الشيخ: ليش؟

طلبة: ليست ملكًا له.

الشيخ: ليست ملكًا له، ولكن هل يجب في هذه الحال مهر المثل، أو يجب لها قيمة السيارة؟ على كلام المؤلف: مهر المثل، لكن في هذا نظرًا؛ وذلك لأن البطلان هنا ليس لفساد المهر، لكن لكونه غير مملوك له، وعلى هذا فلا يلزم الزوج إلا مثل هذه السيارة، ولا يجب لها إلا مثل هذه السيارة، لو قدر هذه السيارة تساوي أربعين ألفًا ومهر مثلها مئة ألف ماذا يجب على الزوج؟ السيارة تساوي أربعين ألفًا، ولو كانت السيارة تساوي أربعين ألفًا، ومهر مثلها عشرون ألفًا أيش يلزم؟ السيارة يعني مثل السيارة التي تساوي أربعين ألفًا، وعلى هذا فقس.

ثم قال رحمه الله تعالى: (فصل).

طالب: التعليل.

الشيخ: التعليل لأن الفساد هنا ليس لإفساد المهر بعينه، ولكن لأنه ملك الغير، فهو يصح عقد الملك عليه، بخلاف الخمر.

ص: 2819

قال: (فصل: وإن أصدقها ألفًا إن كان أبوها حيًّا، وألفين إن كان ميتًا، وجب مهر المثل) إن أصدقها، أي الزوج ألفًا إن كان أبوها حيًّا، وألفين إن كان ميتًا، وجب لها مهر المثل، لماذا؟ قالوا: لأنه لم يعينه، بل جعله معلقًا بشرط؛ إن كان أبوها حيًّا فألف، وإن كان ميتًا فألفان، والصحيح أنه يصح، وينظر إن كان الأب حيًّا فمهرها أيش؟ ألف، وإن كان ميتًا فمهرها ألفان، وهذا التفاوت بين حياة أبيها وموته تفاوت فيه غرض مقصود؛ لأنه إذا كان أبوها حيًّا فإنه يكفيها الألف؛ إذ إنه لو ضاقت عليها الدنيا لرجعت إلى أبيها، لكن إذا كان أبوها ميتًا فهي تريد أن يكون المهر كثيرًا لتشتري به عقارًا تستفيد منه، أو ما أشبه ذلك.

فالصواب أن هذا جائز، ويقال: ينظر إلى الأب؛ إن كان موجودًا حين العقد فالمهر كم؟ ألف، وإن كان غير موجود فالمهر ألفان، وإن كان معدومًا حين العقد ثم وجد، انتبه السؤال: إن كان معدومًا حين العقد ثم وجد، لكن هذا يكون يوم القيامة؛ لأن الميت لا يبعث إلا يوم القيامة، ما بالكم على هذا الجواب، سبحان الله! هذا غير معقول، أنا ما أقول: مفقود، أنا أقول: معدوم، وفرق بين المفقود وبين المعدوم، أليس كذلك؟ طيب، إذن إذا كان معدومًا ثم وجد، نقول: لا يمكن، هذا غير ممكن، كذا؟

طيب انتبه الآن، المذهب أنه إذا أصدقها ألفًا إن كان أبوها حيًّا، وألفين إن كان ميتًا، لا يصح هذه التسمية، ونرجع إلى مهر المثل.

طيب (وَعَلَى إِنْ كَانَتْ لِي زَوْجَةٌ بِأَلْفَيْنِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ بِأَلْفٍ يَصِحُّ بِالمُسَمَّى) أصدقها مهرًا، قال: إن كان لي زوجة فالمهر ألفان، وإن لم يكن لي زوجة فالمهر ألف، يصح أو لا؟ هذا يصح حتى على كلام المؤلف. والفرق بينهما على كلام المؤلف أن لها غرضًا في الثانية؛ لأنه إذا خلا لها الجو فهو أحب إليها ويكفيها ألف، لكن إذا كان عنده زوجة ما يكفيها الألف، أفهمتم يا جماعة؟

ص: 2820

فالفرق بينهما على كلام المؤلف أنه في المسألة الثانية لها غرض صحيح؛ إذ كون المرأة موجودة ضرة هذا لا يريحها، يقلقها، ويأخذ عنها نصف وقت زوجها، وإذا لم يكن له زوجة فيكفي الألف، والصحيح كما قال المؤلف في مسألة الزوجة؛ لأن لها غرضًا صحيحًا في ذلك.

وعلى هذا فالقول الراجح تساوي المسألتين، وأنه إذا أصدقها ألفًا إن كان أبوها حيًّا، وألفين إن كان ميتًا، فالتسمية صحيحة، وكذلك إذا أصدقها ألفًا إن لم يكن له زوجة وألفين إن كان له زوجة، فالتسمية صحيحة.

***

ثم قال: (وَإِذَا أُجِّلَ الصَّدَاقُ أَوْ بَعْضُهُ صَحَّ، فَإِنْ عَيَّنَا أَجَلًا، وَإِلَّا فَمَحلُّهُ الْفُرْقَةُ) طيب إذا أجل الصداق أو بعضه، يعني بأن تزوجها على عشرة آلاف، خمسة نقدًا، وخمسة مؤخرة إلى سنة، يجوز أو لا؟

طلبة: يجوز.

الشيخ: يجوز؛ لأن الحق لها، فإذا رضيت بتأجيل بعضه فلا بأس. طيب وإذا تزوجها على عشرة آلاف مؤجلة إلى سنة بعد سنة يسلم لها عشرة آلاف يصح، لماذا؟ لأن الحق لها، والأصل في المعاملات ..

وإذا أُجِّلَ الصداقُ أو بعضُه صَحَّ، فإن عَيَّن أَجَلًا وإلا فَمَحَلُّه الْفُرْقَةُ، وإن أَصْدَقَها مالاً مَغصوبًا أو خِنزيرًا ونحوَه وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وإن وَجَدَت الْمُباحَ مَعِيبًا خُيِّرَتْ بينَ أَرْشِه وقِيمتِه، وإن تَزَوَّجَها على أَلْفٍ لها وأَلْفٍ لأبيها صَحَّت التسميةُ، فلو طَلَّقَ قبلَ الدخولِ وبعدَ القَبْضِ رَجَعَ بالأَلْفِ ولا شيءَ على الأبِ لهما، ولو شَرَطَ ذلك لغيرِ الأبِ فكلُّ الْمُسَمَّى لها، ومَن زَوَّجَ بِنْتَه ولو ثَيِّبًا بدونِ مَهْرِ مثلِها صَحَّ، وإن زَوَّجَها به وَلِيٌّ غيرُه بإذنِها صَحَّ، وإن لم تَأْذَنْ فمَهْرُ الْمِثلِ،

*14*وإن زَوَّجَ ابنَه الصغيرَ بِمَهْرِ الْمِثلِ أو أكثرَ صَحَّ في ذِمَّةِ الزوجِ، وإن كان مُعْسِرًا لم يَضْمَنْه الأبُ.

(فصلٌ)

ص: 2821

وَتَمْلِكُ المرأةُ صَدَاقَها بالْعَقْدِ، ولها نَماءُ الْمُعَيَّنِ قبلَ القَبْضِ وضِدُّه بضِدِّه،

(فصلٌ)

وَتَمْلِكُ المرأةُ صَدَاقَها بالْعَقْدِ، ولها نَماءُ الْمُعَيَّنِ قبلَ القَبْضِ وضِدُّه بضِدِّه، وإن تلف فمِن ضَمَانِها إلا أن يَمْنَعَها زوجُها قَبْضَه فيَضْمَنَه، ولها التصَرُّفُ فيه وعليها زَكاتُه، وإن طَلَّقَ قبلَ الدخولِ أو الْخَلوةِ فله نصفُه حُكْمًا دونَ نَمائِه الْمُنْفَصِلِ، وفي الْمُتَّصِلِ له نصفُ قِيمتِه بدونِ نَمَائِه، وإن اخْتَلِفَ الزوجانِ أو وَرَثَتُهما في قَدْرِ الصداقِ أو عينِه أو فيما يَسْتَقِرُّ به فقولُه، وفي قَبْضِه فقولُها.

هذا يقلقها، ويأخذ عنها نصف وقت زوجها، وإذا لم يكن له زوجة فيكفي الألف. والصحيح كما قال المؤلف في مسألة الزوجة؛ لأن لها غرضًا صحيحًا في ذلك، وعلى هذا فالقول الراجح تساوي المسألتين، وأنه إذا أصدقها ألفًا إن كان أبوها حيًّا، وألفين إن كان ميتًا فالتسمية صحيحة، وكذلك إذا أصدقها ألفًا إن لم يكن له زوجة وألفين إن كان له زوجة فالتسمية صحيحة.

ثم قال: (وإذا أُجِّل الصداق أو بعضه صحَّ، فإن عين أجلًا وإلا فمحله الفرقة).

(إذا أُجِّل الصداق أو بعضه) يعني بأن تزوجها على عشرة آلاف؛ خمسة نقدًا وخمسة مؤخرة إلى سنة، يجوز أو لا؟

الطلبة: يجوز.

الشيخ: يجوز؛ لأن الحق لها، فإذا رضيت بتأجيل بعضه فلا بأس. وإذا تزوجها على عشرة آلاف مؤجَّلة إلى سنة، بعد سنة يُسلِّم لها عشرة آلاف؟ يصح، لماذا؟ لأن الحق لها، والأصل في المعاملات الحِل إلا ما قام الدليل على منعه، فإذا اشترط تأجيل الصداق أو تأجيل بعضه فلا بأس.

ص: 2822

هل يُشترط أن يُعيِّن المدة؟ يقول المؤلف: لا، لا يشترط، إن عيَّن أجلًا فواضح، وإن لم يعين أجلًا فمحِلُّه الفرقة؛ الفرقة بموت أو طلاق أو فسْخ، مثال ذلك: تزوج رجل امرأة على عشرة آلاف خمسة نقدًا وخمسة مؤجلة، وكُتب الكتاب وتفرقوا، بعد مضي عشرة أشهر مثلًا جاءت الزوجة: قالت: أعطني المؤجل، يعني هو أعطاها المقدم، وانتهى منه، وبعد عشرة أشهر قالت: أعطني المؤجل، قال: ما بيننا أجل محدد، فقالت: إذا كان ليس بيننا أجل محدد فالتأجيل فاسد؛ لأنه مجهول وغرر، عرفتم؟ قولها قوي الآن.

فنقول: إن الجهالة في باب الصداق ليست كالجهالة في باب البيع. البيع لو قال: بعتك هذه السلعة بمئة ريال؛ خمسين نقدًا وخمسين مؤجلة، ولم يذكر الأجل ما صحَّ الأجل، لكن في باب الصداق أوسع؛ لأن الصداق ليس معاوضة محضة، ما هو معاوضة محضة، المقصود به الوصول إلى استحلال المرأة فقط على وجه شرعي.

فنقول هنا: إذا طالبت بعد مضي عشرة أشهر بالمؤجل، فليس لها حق المطالبة؛ لأنه إذا لم يذكر الأجل، متى يكون حلوله؟ الفرقة، يعني لو طلقها حلَّ المؤجل، ولو بعد شهر، لو فسخها حلَّ ولو بعد شهر، لو ماتت حلَّ ولو بعد شهر، لو مات حلَّ ولو بعد شهر، متى حصلت الفرقة حلَّ المؤجل، والله أعلم.

طالب: أحسن الله إليك، إذا أصدق أبو المرأة للزوج، كان أعطى أبو المرأة الصداق؟

الشيخ: يعني شرط أبو المرأة الصداق لنفسه، كذا؟

الطالب: أصدق أبو المرأة (

)، هو يدفع لبنته الصداق نيابة عنه ..

ص: 2823

الشيخ: يعني تحمل أبو الزوجة صداق الرجل، هذا جزاه الله خيرًا، يجوز، ما فيه شيء. ولقد عقدتُ مرة عقدًا، فلما جئت قلت: زوِّج يا رجل. قال: زوَّجتك بنتي على صداق ريال، فأخرج الرجل الزوج من جيبه ريالًا وأعطاه إياه فضة، ما هو بورِق، أعطاه إياه، قلت: ما يصلح هذا؟ لأن الأول كانوا يقولون: زوجتك بنتي على صداق ريال، والصداق كثير ما هو ريالًا لكن يقولون: ما دام يسن تسميته في العقد نبغي نسميه ولو ريالًا. لكن قال شيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله: هذا بدعة ما له أصل، سمي الصداق كله.

فلما قال هذا الرجل: زوجتك بنتي على صداق ريال، أنا ظننت أنه على العادة القديمة، وأنه مصدقها أشياء كثيرة من الأمور العينية ولكن قال: هذا على العادة القديمة، قلت: ما يصلح، هذا بدعة، قال: ليش؟ ما هو بالمهر يصح بالقليل والكثير؟ قلت له: بلى، لكن هذا مهرها؟ قال: والله هذا مهرها، كل التجهيز عليَّ، ولا أريد منه إلا ريالًا واحدًا للتحليل، وهذا طيب. فإذا قال: أنا أتحمل جميع الصداق، فلا بأس.

طالب: بارك الله فيكم، إذا أصدق رجل امرأة على صداق بعضه مؤجل وبعضه ..

الشيخ: حال.

الطالب: حال، ثم بعد الزواج بعد مدة معينة يعني سمحت الزوجة زوجها في هذا المهر فقالت: أنا مسامحة، هل يجوز لها؟

الشيخ: يعني معناها أن تسقط الزوجة ما بقي من مهرها، لا بأس ما دامت مكلفة بالغة عاقلة رشيدة. وأسقطته فلا بأس؛ لأن الحق لها.

الطالب: وإن كان عن يأس.

الشيخ: أبدًا وإن كان عن يأس، أولًا: هو ما دام مؤجلًا غير محدد فهو إلى الموت.

طالب: بارك الله فيكم، كلام الشيخ عبد الرحمن رحمه الله هل يشمل يعني ما لو يسمى كثيرًا، يعني بعضهم يدفع مئة ألف وذهب وأشياء كثيرة، يقول مثلًا: على خمسين ألفًا وعشر .. بينما تركوا كثيرًا.

الشيخ: لا، ما هو بتسمية.

الطالب: لا بد من تسمية كل شيء.

ص: 2824

الشيخ: لا بد من تسمية الكل إذا أردنا أن نطبق مقال الفقهاء تسميته في العقد؛ لأنه ربما يموت أو يطلق، أو تفسخ هي، ونرجع إلى المهر فيكون فيه اختلاف.

الطالب: شيخ، وجوبًا هذا يعني ..

الشيخ: لا، ما هو مرَّ علينا أمس.

الطالب: يسن تسميته.

الشيخ: تسمية سنة، لكن كونه على صداق ريال والصداق كثير، غلط هذا، افرض مثلًا أنه طلقها قبل الدخول، وقال: أعطني كل اللي دفعت (

) نصف ريال ما هو هكذا؟ أسألك؟

طالب: ما فهمت.

الشيخ: إذا قال: زوجتك بنتي على صداق ريال، وقد دفع له غرفة نوم وأشياء كثيرة تساوي خمسين ألفًا مثلًا وهو قال: زوجتك على صداق ريال، ثم طلقها قبل الدخول، إذا طلق قبل الدخول كم تستحق المرأة؟

الطالب: نصف.

الشيخ: نصف، كم يعطيها على هذا؟

الطالب: نصف ريال.

الشيخ: والباقي؟

الطالب: يأخذه.

الشيخ: يأخذه، رد عليها، مشكلة.

الطالب: طيب شيخ، إذن نقول: إما تسمي الكل أو تترك كله.

الشيخ: إي نعم.

طالب: طيب يا شيخ، إن أصدقها وكان الصداق مؤجلًا، ثم حدثت الفرقة قبل حلول الأجل، هل تطالبه؟

الشيخ: لا، يبقى على أجله.

الشيخ: نعم، أي هذا صداق، ويمكن بعض الناس بيتزوج ها اليومين ولا شيء.

الطالب: ظاهر المتن له نقود معددة ولا .. ؟

الشيخ: لا، يقال مثلًا: لو أن امرأة تزوجت وهي مثل هذه المرأة، في سنها، وجمالها، وحسبها، ومالها، كم يكون مهرها؟ قال: مهر مثل هذه عشرة آلاف، امرأة أخرى كبيرة السن، ثيب، مُشوَّهة، ما لها حسب، ولا لها مال، كم مهرها؟ بالنسبة لها كم يصير؟

كم قلنا: هي الأولى، عشرة، هذه ألف، فمهر المثل معناه مهر امرأة تساويها في الجمال والشباب والعلم والمال والحسب، هذا معناه.

طالب: إذا اشترط عدم الطلاق؟

الشيخ: يعني ما يطلقها أبدًا، ما هو بصحيح ها الشرط هذا، هذا الشرط فاسد.

طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: «لَنْ تُجْزِئَ بَعْدَكَ» (1). كيف يستخرج معنى الحالية؟ كيف يعني يستخرج من اللفظ؟

ص: 2825

الشيخ: استُخدم اللفظ؛ لأن كثيرًا ما تقول: فلان فقير ما بعده فقر، فقرًا ما بعده فقر، يعني معناه أقصى ما يكون من الفقر، ما هو معناه أنه ما يأتي بعده فقر.

طالب: بارك الله فيك يا شيخ، في بعض البلاد يُكتب المسمى من الصداق أقل شيء مثلًا خمسة وعشرون قرشًا مثلًا، يعني ربع ريال، المأذون يأخذ نسبة على هذا الصداق، ثم يُكتب المؤخر، مؤخر المهر مثلًا.

الشيخ: في ورقة خارجية.

الطالب: في ورقة خارجية، عشرة آلاف مثلًا، أو ما يشبه ذلك تفاديًا للنسبة اللي يأخذها المأذون، فما رأيك؟

الشيخ: لكن عجيب عندكم هذا، المأذون يأخذ نسبة من المهر؟ !

طالب: ليس من المهر يا شيخ.

الشيخ: ولا مكافأة على حسب حال؟ !

الطالب: نسبة على مؤخر الصداق، نسبة من المؤخر، هو العقد يكتب بمئة جنيه مثلًا، هذا للعامة، ثم يزيد للمأذون بقدر المؤخر.

الشيخ: المؤخر؟

الطالب: ممكن عشرة في المئة من المؤخر.

الشيخ: طيب على أساس أنه هو اللي يقبض المؤخر، المأذون يُلزم بإحضاره؟

الطالب: هذا يكتب للزوجة فيما بعد المؤخر إلى أجل غير مسمى، إما الموت أو الفرقة ..

الشيخ: إي، لكن معناه أن المأذون هو الذي يستخرج هذا المؤجَّل من الزوج؟

الطالب: لا، هو يتفق الزوج، وأبو الزوج على هذا المؤخَّر.

الشيخ: لا، دعنا من السؤال اللي سألت عنه، أنا أريد الواقع عندكم، أنه إذا أصدقها مهرًا عجَّل بعضه وأجَّل باقيه، فللمأذون من المؤجَّل نسبة عشرة في المئة؛ يعني إذا كان المؤجل عشرة آلاف له ألف، هل يعني ذلك أن المأذون هو الذي يطالب الزوج بإحضار المؤجل إذا حلَّ أجله؟

الطالب: لا، ما يطالب.

الشيخ: ما له دخل بالموضوع.

الشيخ: هذا ليس عشرة آلاف.

الطالب: تعارفنا على هذا.

طالب آخر: هذا يقولون: رسومات يا شيخ، هذا الذي يأخذه المأذون يقول: رسومات للمحكمة والأوراق.

ص: 2826

الشيخ: ما يخالف، المحكمة والأوراق، لو كان كذلك لم يختلف، بينما إذا كان واحد مؤجل عشرة آلاف، وواحد مؤجل عشرة ريالات، اللي مؤجل عشرة ريالات كم يأخذ؟

الطالب: يأخذ ..

الشيخ: ريالًا واحدًا.

الطالب: ريالًا نعم.

الشيخ: ريالًا واحدًا، واللي عشرة آلاف بيأخذ ألفًا، إذن ما صحَّ أن هذا مقابل الرسوم.

الطالب: يا شيخ، الرسوم نسبة محددة معلومة.

الشيخ: على كل حال إذا كان -بارك الله فيك- لا يجوز أن يكتموا للمأذون شيئًا، يعني ما يجوز أن يغالطوه لا بد يذكرون.

الطالب: هذا (

) يدفع شاب مثلًا ألفي ريال، ألفي جنيه، وما يستطيع يعني.

الشيخ: ما فيه بيدفع عشرين جنيهًا، ألفي جنيه، كم عليه من عشرة؟ مئتان.

الطالب: لا، يكتب مثلًا عشرة آلاف مؤخرًا، وعشرة آلاف الصداق المسمى، الحق اللي دفعه مثلًا، أحضر لها هدية بخمس مئة جنيه مثلًا، وكُتِب مؤخرًا عشرة آلاف، هذه إلى أجل غير مسمى، المأذون يأخذ ألفي جنيه.

الشيخ: يأخذ ألف جنيه.

الطالب: لا، على عشرة آلاف.

الشيخ: ألف؟

الطالب: يأخذ ألف، منين يأخذ الألف يا شيخ، ما يستطيع بحال من الأحوال يعطيه الألف؟

الشيخ: يقول: أعطيك الألف إذا أوفيت الزوجة.

الطالب: هذا يستلمها قبل ما يكتب، قبل ما يخرج من البيت يستلم الألف.

الشيخ: اللهم اهدِه.

الطالب: وبعدين يا شيخ الألف التي يأخذها دي ليست من المهر المؤخر، يأخذها من الزوج، يعني هذا المهر ..

الشيخ: يعني معناها العشرة ذهبت إلى المرأة.

الطالب: وهو يأخذ منه الألف من الزوج.

الشيخ: يأخذه من الزوج فيكون أحد عشر ألفًا.

الطالب: أتعاب كتابة العقد.

الشيخ: شوف نقول له: يا مأذون، نحن نجيب الحبر والقلم والأوراق.

الطالب: ونكتب.

الشيخ: فأنت بس وقع وإحنا نكتب بعد، ما يحصل؟ !

الطالب: الأوراق الرسمية (

).

الشيخ: الأوراق الرسمية نشتريها، أنا سمعت أن بعض البلاد كل شيء يجيبه لو تهت عليّ (

).

ص: 2827

الطالب: بس هذا الورق خاص بالمأذون أنه هو يأتي به من المحكمة.

الشيخ: ما يخالف، المحكمة بسيطة يقول: أعطوه قلمًا ناشفًا، يعطيك اللي تبغي، سمعنا هكذا، الرشوة ماشيه.

الطالب: لكن فيه يا شيخ، فيه أيضًا كتابة في المحكمة خاصةً يعني تقريبًا، خمس وعشرون قرشًا لا تدفع للمأذون أكثر منها حتى لو كان المهر مئة ألف لكن المأذون -في نواحي الناحية دي- خاص بها المأذون، فهذه الأشياء يأخذها المأذون.

الشيخ: والله على كل حال تحتاج إلى تأمل، ما دام أن الظلم هذا، والمأذون ما له بالتعب في الواقع.

الطالب: (

).

الشيخ: نشوف نتأملها.

***

الطالب: وإن تزوجها على ألف لها وألف لأبيها صحَّت التسمية، ولو طلق قبل الدخول وبعد القبض رجع بالألف، ولا شيء على الأب لهما ولو شرط ذلك لغير الأب فكل المسمى لها.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

رجل أصدق امرأته ألفًا إن كان أبوها حيًّا وألفين إن كان ميتًا، فما الحكم؟

طالب: على القول الصحيح (

).

الشيخ: التسمية الصحيحة على القول الراجح، طيب والقول الثاني؟

الطالب: على قول المؤلف: لا يصح.

الشيخ: لا تصح التسمية، وماذا يجب على قول المؤلف؟

الطالب: على قول المؤلف مهر المثل.

الشيخ: يجب مهر المثل صح.

طيب تزوجها على ألف إن كان لا زوجة له وألفين إن كانت له زوجة.

طالب: يصح.

الشيخ: يصح، ما الفرق بين المسألتين؟

الطالب: أي مسألتين؟

الشيخ: مسألة إذا كان أب أو زوجة، هو تزوجها على ألف إن كان أبوها حيًّا وألفين إن كان ميتًا، قلنا: التسمية غير صحيحة، ويجب مهر المثل، تزوجها على ألف إن لم يكن له زوجة، وعلى ألفين إن كان له زوجة، قلنا: التسمية صحيحة.

الطالب: لا فرق على الراجح.

الشيخ: لا، على كلام المؤلف.

الطالب: على كلام المؤلف؟

الشيخ: نعم، ما الفرق؟

الطالب: إنها في الثانية الحق، الثانية ..

الشيخ: ويش الثانية؟

ص: 2828

الطالب: إذا كان له زوجة، أو ليس له زوجة أنه في هذه الحالة ينقصها شيء.

الشيخ: يعني لها غرض صحيح.

الطالب: لها غرض صحيح.

الشيخ: بانفرادها به دون ضرة.

الطالب: نعم.

الشيخ: بخلاف الأب؟

الطالب: بخلاف الأب نعم.

الشيخ: طيب، واضح الفرْق على كلام المؤلف؟ طيب على القول الثاني؟ أنت صحَّحت أن الراجح أنه لا فرق؛ يعني أنه على كلامك إذا قال: ألفان إن كان أبوها ميتًا، وألف إن كان أبوها حيًّا فالتسمية صحيحة على القول الراجح.

الطالب: التسمية صحيحة على القول الراجح؛ لأن أباها إذا كان حيًّا فربما يُعوِّضها عن الألف الآخر بوجوده.

الشيخ: نعم، بخلاف ما إذا كان.

الطالب: ما إذا كان ميتًا، فربما يعني تأخذ عِوضًا عن وجود أبيها.

الشيخ: أحسنت، يعني كما أن لها غرضًا صحيحًا في عدم الزوجة لها أيضًا غرض صحيح في وجود الأب.

الطالب: واضح (

).

الشيخ: المهم عرفت الآن؟

الطالب: نعم.

الشيخ: طيب.

طالب: غرضها يعني في ..

الشيخ: في أيش؟

الطالب: في وجود أبيها.

الشيخ: قال: إذا كان أبوها موجودًا فألف، إذا كان معدومًا فألفان، لها غرض، ليش؟ الغرض هو أنه إذا كان أبوها موجودًا فوجود أبيها يجبرها، لو نقص الصداق يمكن إذا احتاجت تقول لأبيها: أعطني إذا كان معدومًا ما عندها أب.

طيب، هل يجوز أن يؤجل الصداق؟

طالب: نعم، يجوز.

الشيخ: الدليل؟

الطالب: حديث شيخ.

الشيخ: أي حديث؟

الطالب: والله ما أدري يصح ولَّا لا، قول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل:«الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» (2) (

) قال: «فَالْتَمِسْ» ..

الشيخ: لا، الدليل على جواز تأجيل الصداق أو بعضه.

طالب: قوله تعالى: {إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]

الشيخ: لا، هذا إذا لم يُسمِّ.

الطالب: لم يسم.

الشيخ: لا، التأجيل على ألف نصفه حالٌّ، ونصفه مؤجل.

ص: 2829

طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أصدق زوجته تعليمها القرآن (2). وهو لا يتأتى إلا بعد ..

الشيخ: لا، ما هو على كل حال، يمكن يبدأ من يوم عقد يبدأ.

طالب: لأن الحق لها، فإذا ..

الشيخ: هذا تعليل، وأنا أريد دليلًا والتعليل هذا صحيح لا شك، لكن أنا أريد الدليل.

طالب: قول الله تعالى لموسى، موسى لما قال: إني أنكحك.

الشيخ: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} [القصص: 27].

الطالب: إني أنكحك.

الشيخ: {إِنِّي أُرِيدُ} .

الطالب: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27]

الشيخ: طيب ودا مؤجل؟

الطالب: مؤجل نعم.

الشيخ: أبدًا، من اليوم، نبدأ من اليوم، ما هو ينتهي بعد ثماني سنين لكن من اليوم.

الطالب: (

).

الشيخ: إي، من العقد، تبدأ من العقد، لكن كونه تأجل لثماني سنين هذا لأنه يمتد كما لو قلت: ألف ريال أنا بأعدّه، أنا ما بعطيه على طول هل نقول: عدد الدراهم التأجيل ما دام ابتدأ الوفاء من حين العقد ما صار مؤجلًا.

يا إخواني، عندنا آية يجب أن تعرفوها دائمًا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] كل عقد بشروطه وصفاته، كله يجب الوفاء به إلا ما دلَّ دليل على تحريمه، شوف الأمر بوفاء العقود أمر بوفاء بأصل العقد، وبما شُرِط فيه؛ لأن الشروط في العقد وصف في العقد، فإذا لزم الوفاء بالعقد كان لازمًا أن أُوفي بالعقد، وما تضمنه من أوصاف وهي الشروط، والأصل في الشروط الحِل أو التحريم؟

الحِلّ؛ لقوله في الحديث: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (3). وهذا وإن كان ضعيف السند لكنه صحيح المعنى، ويشهد له قول الرسول:«كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» (4). فإنه يدل على أن الشرط الذي في كتاب الله صحيح، انتبهوا يا إخوان.

ص: 2830

إذن إذا أُجِّل الصداق أو بعضه فالتأجيل صحيح. الدليل: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34]، وقول الرسول:«كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» . وقوله: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» .

أما التعليل، وهو الدليل النظري، اسمعوا: التعليل دليل نظري؛ فالدليل النظري هو أيش؟

طالب: أن الحق لها.

الشيخ: أن الحق لها، فإذا رضيت بتأجيله فالحق لها، لها أن تُسقط التعجيل.

(إن أصدقها مالًا مغصوبًا أو خنزيرًا ونحوه وجب مهر المثل) طيب إذا أصدقها شيئًا مغصوبًا بأن كان عنده سيارة قد سرقها أو غصبها من صاحبها، والفرق بين السرقة والغصب؛ الغصب يأخذه قهرًا كما يقول العوام: عينك عينك، والسرقة خُفْية.

المهم هذه السيارة سرقها أو غصبها، أراد أن يتزوج بها فقال للمرأة: مهرُكِ هذه السيارة، قالت: قبِلتُ. ثم جاء صاحب السيارة، وأقام بينة أنها له وأخذها، فماذا يجب للمرأة؟

يقول المؤلف: إنه يجب مهر المثل، نلغي الأول إلغاء تامًّا، ويجب مهْر المثل، السيارة التي أصدقها إياها تساوي خمسة آلاف، ومهْر مثل هذه المرأة خمسون ألفًا، فبطلت تسمية السيارة، ماذا يجب لها؟ خمسون ألفًا؛ يعني بزيادة خمس وأربعين ألفًا؛ لأن التسمية الأولى غير صحيحة فتُلغى، هذا ما ذهب إليه المؤلف.

والصحيح أنها ليس لها إلا قيمة السيارة أو مثلها إن أمكن؛ لأن هذه السيارة الأصل فيها أنها مال محترم لكن لتعلق حق الغير فيها، أو لتعلق حق الغير بها أبطلنا التسمية فنقول: إن المرأة رضيت بأن تكون هذه السيارة هي مهرها فلا نلزمه إلا بسيارة مثلها إن أمكن أو قيمتها، القيمة كم؟

طالب: خمسة آلاف.

ص: 2831

الشيخ: خمسة آلاف، واضح؟ هذا القول هو الراجح. التعليل: لأن المغصوب مال محترم حلال لولا تعلق الحق المالك به فنلغيه لحق المالك.

إذا أصدقها خنزيرًا فإنه لا يصح؛ لأن الخنزير مُحرَّم لعينه، أصدقها خمرًا؟ لا يصح؛ لأن الخمر محرم لعينه، فماذا يجب؟ هنا يجب مهر المثل؛ لأن المسمى لا يحل بأي حال من الأحوال بخلاف السيارة، السيارة، لاحظوا يا جماعة، لو أن الرجل الذي أصدق السيارة المغصوبة اشتراها من المالك صحَّ أن يجعلها مهرًا؟ صحَّ لكن هذا الخنزير والخمر ما يصح، فعلى هذا إذا أصدقها خمرًا أو أصدقها خنزيرًا فإنه لا يصح التسمية، ويجب لها مهر المثل.

طيب الخنزير يساوي مئة ألف، ومهر مثلها عشرون ألفًا، كم لها؟

طلبة: عشرون.

الشيخ: إذا قالت: يا جماعة، هذا خنزير يساوي مئة ألف. نقول: الخنزير ليس له قيمة شرعًا إطلاقًا، ما يسوى ولا فلس، ولا قيمة له؛ ولهذا لو أتلفه متلف، لو جاء إنسان على خنزير واحد وأتلفه فليس عليه ضمان، ليس مالًا شرعيًّا.

الخمر، أصدقها كرتونًا من الخمر، فيه اثنتا عشرة حبة، كل حبة تساوي خمسة أو أكثر، خمسة ريالات، ما يخالف، الخمر رخيص، في بلاد كافرة تصنع الخمر كما تصنع الزبيب أو الأشياء الثانية. طيب أصدقها كم؟ كرتونًا فيه اثنتا عشرة حبة، كل حبة بخمسة ريالات ستين ريالًا، ماذا نقول؟

نقول: هذا المهر باطل؛ لأنه لا قيمة له شرعًا، فماذا يجب لها؟ مهر الْمِثل، مهر مِثلها أربعون ألفًا، كان بالأول راضية بكم؟ بما يساوي ستين ريالًا، نقول: لغى ذاك، ويجب عليك أربعون ألف ريال؛ لأن هذا مهر مثلها، وهذا واضح.

ص: 2832

قال رحمه الله: (وإن أصدقها مالًا مغصوبًا أو خنزيرًا ونحوه) ما الذي نحوه؟ الخمر. (وجب مهر الْمِثل وإن وجدت المباح معيبًا خُيِّرت بين أرشه وقيمته) المباح: يعني أصدقها شيئًا مباحًا، فوجدته معيبًا فلها الخيار، إن شاءت أخذت الأرش، وإن شاءت أخذت القيمة، مثال ذلك: أصدقها سيارته على أنها ليس فيها شيء، ليس فيها عيب، ولما أخذتها وجدت أنها معيبة، فماذا تصنع؟

نقول: الآن لكِ الخيار إن شئتِ خذي الأرش، وإن شئتِ رُدِّيها وخذي القيمة. ما هو الأرش؟ الأرش هو الفرْق بين قيمتها سليمة وقيمتها معيبة، فإذا قالوا: هذه السيارة تساوي إذا كانت معيبة ثمانية آلاف، وإن كانت سليمة تساوي عشرة، كم الأرش؟ الأرش ألفان.

فإن شاءت أخذت ألفين، وأبقت السيارة، وإن شاءت ردَّت السيارة، وأخذت القيمة، كم القيمة؟ عشرة. هذا معنى كلام المؤلف.

(وإن تزوجها على ألفٍ لها وألفٍ لأبيها صحت التسمية، فلو طلَّق قبل الدخول وبعد القبض رجع بالألف، ولا شيءَ على الأب لهما)

انتبه لهذه الصورة؛ يعني لو أن الأب قال: أزوجكَ بنتي بألفين مثلًا، ألف لها، وألف لأبيها فالتسمية صحيحة، ويكون للبنت ألف وللأب ألف.

كيف يصح هذا الشرط وقد قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]؟ وفي حديث: (وهبت نفسها)، قال الرجل: أعطيها إزاري؟

فإذا كان الصداق للمرأة فكيف يصح للأب أن يشترط منه شيئًا لنفسه؟ أجابوا عن ذلك بقولهم: لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» (5). فيجوز للأب أن يشترط شيئًا من مهر ابنته لنفسه.

ص: 2833

ولكن القول الصحيح أنه لا يصح أن يشترط الأب شيئًا من مهر ابنته لنفسه، وأن ذلك حرام عليه؛ لأنه قد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أن كل ما اتُّفق عليه من شرط أو عدة قبل العقد فهو للزوجة، ثم هو ظاهر القرآن:{آتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] فجعل التصرف لمن؟ للزوجة.

ولأننا لو أجزنا هذا لحصل التلاعب العظيم والخيانة الكبرى، وصار الرجل لا يُزوِّج ابنته إلا من يشترط له أكثر، خطب منه رجل كفء، رجل صالح طيب، قال: أُزوجك بنتي، كم تعطيني من مهر؟ قال: أعطيك عشرة آلاف، قال: خمسة لي وخمسة لها. قال: لا، ألف لك، والباقي لها، قال: ما أزوجك.

جاء إنسان خاطب آخر وقال له: زوِّجني قال: ما فيه مانع، المهر عشرة آلاف، بشرط تعطيني خمسة ولها خمسة، قال: لا، بعطيك ألفين، قال: لا. كم راح من الخطاب؟ اثنان. جاء ثالث وخطب، قال: ما فيه مانع، المهر كم؟ عشرة. كم تعطيني؟ قال: ثلاثة، قال: لا، أعطني خمسة، قال: لا، ما أعطيك إلا ثلاثة، وساب أهل البنت، كم راح؟ ثلاثة. وجاء الرابع، وجاء الخامس، الخامس يمكن تواضع قال: أعطيك خمسة، الخامس زوجه، وربما أنه أسوأ خلقًا من الأولين أو أقل دينًا، فلو أنه فُتح هذا الباب لتلاعب الآباء بالبنات. فالصواب أنه لا يصح الشرط، وأنه لو فُرض أن الزوج وافق على ألف لها وألف لأبيها فكلا الألفين لها، والأب لا نعطيه شيئًا.

فإن قال قائل: بماذا تجيبون عن استدلالهم بقولهم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» (5)؟

نجيب بأن الرسول قال: «أَنْتَ وَمَالُكَ» . والمهر إلى الآن لم يكن مالًا للبنت، حتى الآن إذا ملكته البنت وأُعطي إياها فله أن يأخذ منها شيئًا، أما وهو عند الزوج ما بعد صار ملكًا لها فبطل استدلالهم بالحديث، وَصَفَى الاستدلال بالآيات:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4].

ص: 2834

لكن اسمع ما يترتب على هذا على كلام المؤلف شيء عجيب: (فلو طلق قبل الدخول وبعد القبض رجع بالألف، ولا شيء على الأب لهما) هذا غريب، الرجل تزوج المرأة على ألف لها وألف لأبيها، قال الأب: سلِّم، ما تدخل عليها إلا بتسليم، قال: تفضَّل، هذه ألف لك، وهذه ألف للبنت، فطلَّقها قبل الدخول، وإذا طلق قبل الدخول يتنصف المهر؛ نصف له ونصف لها، قلنا: عاد الآن يجب للزوج النصف، يسترد النصف، من أين يسترد؟ يأخذ الألف من البنت، ولا يأخذ من الأب شيئًا، هل البنت الآن حصل لها نصف الصداق؟ لا، ما حصل لها شيء المسكينة، والأب حصل له ألف بدون أن يتم الزواج.

والصواب أننا لو قلنا بصحة ما قال المؤلف فإنه إذا طلق قبل الدخول يأخذ نصف الألف من البنت ونصف الألف من الأب، هذا إذا قلنا بالصحة، مع أننا لا نقول بالصحة، ونقول: إن الأب إذا اشترط لنفسه شيئًا من المهر فليس له شيء، هذا هو القول الراجح (

).

طالب: (

).

الشيخ: إي؛ لأن الرسول قال: «فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» (6). وهذا ليس من هؤلاء.

من يقرأ الفقه؟

***

الطالب: باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.

قال: ولو شرط ذلك لغير الأب فكل المسمى لها، ومن زوَّج بنته -ولو ثيبًا- بدون مهر مثلها صح، وإن زوجها به ولي غيره بإذنها صح، وإن لم تأذن فمهر المثل، وإن زوج ابنه الصغير بمهر المثل أو أكثر صح في ذمة الزوج، وإن كان معسرًا لم يضمنه الأب.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ص: 2835

رجل زوج أخته بألفين واشترط له ألفًا، فما الحكم؟ أجب؟ ما عندك علم؟ العلم يحتاج إلى جهد كبير، وعند الصباح يحمد القوم السرى، انتبهوا يا جماعة الكلام للجميع؛ العلم يحتاج إلى جهد كبير وعناء ليس المراد بطلب العلم إن الإنسان بس يمضي الوقت، أو يحصل على الأجر ببركة الحضور؛ العلم لا بد أن تعتني به تراجع تشوف ويش حصلت ويش باقي عليك؟

طالب: على المذهب أنه (

)

الشيخ: كيف؟

الطالب: لأنه شرط غير صحيح.

الشيخ: رجل زوج أخته الشقيقة من أمه وأبيه على ألفين واشترط لنفسه ألفًا، فما الحكم؟

الطالب: الحكم لا يصح على المذهب.

الشيخ: على المذهب لا يصح؟

الطالب: على المذهب صحيح.

الشيخ: وعلى غير المذهب؟

الطالب: أنه يصح.

الشيخ: أنه يصح، كيف؟ !

الطالب: على ما ذهب إليه المؤلف أن هذا صحيح.

الشيخ: صحيح؟

الطالب: نعم.

الشيخ: وعلى ما لم يذهب إليه؟

الطالب: غير صحيح.

الشيخ: غير صحيح، طيب.

طالب: هذا غير صحيح على المذهب وعلى (

).

الشيخ: ويش معنى غير صحيح؟

الطالب: هذا غير صحيح.

الشيخ: ويش معنى غير صحيح؟ يعني يبطل النكاح؟ تبطل التسمية؟

الطالب: لا، يبطل اشتراط الألف لأخيها.

الشيخ: يعني كل المسمى لها، يكون كل المسمى للزوجة فلا يصح الشرط. رجل زوج أخته الشقيقة قال: بألفين؛ ألف لي وألف لها. نقول: العقد يصح، والمهر ألفان لكن كلا الألفين للزوجة، ولا شيء للأخ.

رجل آخر زوج ابنته بألفين واشترط لنفسه ألفًا؟

الطالب: على المذهب يصح، أما الصحيح فلا يصح.

الشيخ: ما الفرق بين الأخ والأب؟

الطالب: الأب للحديث: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» (5)، المذهب ذهب بهذا القول، لكن الصحيح أنه لا يشترط.

الشيخ: اصبر إلى الآن ما وصلنا إلى درجة الاجتهاد حتى نصحح ولَّا نضعف.

الطالب: قلنا: إنه على المذهب أنه يصح التسمية.

الشيخ: يكون ألف لها.

الطالب: ألف لها وألف لأبيها.

الشيخ: طيب وما الفرق بينه وبين الأخ؟

الطالب: هذا الأب.

ص: 2836

الشيخ: إي، ويش الفرق بين الأخ قبل قليل، قلنا: يصح جميع المهر للزوجة، هنا قلنا: يصح وللأب نصف المهر وللزوجة نصف المهر، ما الفرق؟

الطالب: لأن هذا أبوها أقرب من أخيها لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» .

الشيخ: صحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» . طيب أحسنت، هل هناك قول آخر خلاف ذلك؟

الطالب: نعم، أن المال كله لها.

الشيخ: كله لها حتى في الأب. طيب ماذا نرد على قولهم؟ على استدلالهم بالحديث: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» (5)؟

الطالب: نرد عليهم أن الله تعالى جعل المهر لها فقال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4].

الشيخ: طيب، يقول: هذا دليل لنا وليس علينا، {صَدُقَاتِهِنَّ} ما دام ملكته فهي ومالها لي؛ آخر واحد؟

طالب: إلى الآن ما صار في ملكها.

الشيخ: صح؛ لأنها لم تملكه بعد، هي إذا ملكته وأخذته خذه أنت يا أبوها، أما أن تشترط هذا لا يصح. قلنا: بصحة الشرط أنه إذا تزوجها على ألف لها وألف لأبيها فالتسمية صحيحة، ويكون لها ألف، ولأبيها ألف، لكن لو طلق قبل الدخول؟

طالب: على قول المؤلف.

الشيخ: إي نعم.

الطالب: (

).

الشيخ: يؤخذ الألف منها هي فقط والأب لا.

الطالب: على قول المؤلف لو سلمنا لقوله يؤخذ نصف من الألف للمرأة.

الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك. وقولك: لو سلمنا بقوله يعني لو قلنا بأن هذا الشرط صحيح؛ لأن فيه قولًا ثانيًا يقول: حتى الأب لا يصح أن يشترط لنفسه شيئًا.

ثم قال المؤلف: (ومن زوج ابنته -ولو ثيبًا- بدون مهر مثلها صح، وإن زوجها به ولي غيره بإذنها صح، وإن لم تأذن فمهر المثل) إذا زوج الإنسان ابنته بدون مهر المثل، يعني كان مهر مثلها عشرة آلاف وزوجها بخمسة آلاف، فهل هذا صحيح؟

ص: 2837

الجواب: نعم، هو صحيح؛ لأن الزوج يجوز أن يتملك من مال ابنته ما شاء، وقد زوجها الآن بدون مهر المثل، فكما أنها لو قبضت المهر أخذ نصفه ولا يبالي، فكذلك إذا زوجها بدون مهر المثل صحَّ؛ ولأن الأب أدرى بمصالح الزوجة التي هي ابنته؛ لأنه ربما يرضى من فلان بأقل من مهر المثل لكونه ذا خلق ودين ومروءة وقرابة وما أشبه ذلك، فمن أجل مصلحتها زوَّجها بأقل من مهر مثلها؛ لأنه يعتقد أن هذا من مصلحتها، أنه بيزوجها لإنسان كفء في دينه وخلقه بخلاف غيره من الأولياء فإنه قد لا يحتاط لها كما يحتاط لها الأب، طيب انتهينا من هذا الآن.

قول المؤلف: (ولو ثَيِّبًا) إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء يقول: إذا زوج ابنته الثيب بأقل من مهر المثل فهو كما لو زوجها أجنبيًّا، ولكن الصحيح أنه لا فرق، وأنه إذا زوج ابنته بأقل من مهر المثل فلا بأس، والتسمية صحيحة لما ذكرنا من مراعاة مصلحة البنت.

(وإن زوجها به ولي غيره بإذنها صح) من الولي غيره؟ أخ شقيق مثلًا، أو عم، ابن أخ شقيق، ابن عم، وما أشبه.

هذه امرأة خطبها من أخيها شخص ذو دين وخلق، ولكن قال هذا الخاطب: أنا والله ليس عندي إلا عشرة آلاف، ومهر مثلها عشرون ألفًا، فقال أخوها: نعم، نحن راضون بهذا، فإن كان قد استشار الزوجة وأذنت فلا بأس؛ لأن الحق لمن؟ للمرأة، فإذا رضيت بأقل من مهر المثل فهي حرة، وإن لم يستأذنها أو كانت لا إذن لها لكونها صغيرة أو غير رشيدة فإن لها مهر المثل، والتسمية باطلة.

ما الفرق بين هذا الأخ وهذا الأب؟ الفرق أن الأب لا شك أنه أشد احتياطًا منين؟ من الأخ، وأما الأخ فقد يكون في تصرفه شيء من التقصير أو من القصور.

وخلاصة القول: يتبين بالإجابة على الأسئلة التالية: رجل زوَّج ابنته برضاها بأقل من مهر المثل ولكنها رضيت بالزواج، ولكن لم يتعرض للمهر، فزوَّجها بدون مهر المثل، النكاح؟

طلبة: صحيح.

الشيخ: صحيح؛ رجل زوَّج أخته بدون مهر الْمِثل بعد أن رضيت بذلك؟

طلبة: صحيح.

ص: 2838

الشيخ: صحيح؛ رجل زوَّج أخته بدون مهر المثل دون أن تأذن؟ فهذا لا يصح، أي يصح النكاح، ولا تصح التسمية، وحينئذٍ إلى أي شيء نرجع؟ نرجع إلى مهر المثل.

ونقول: هذه المرأة لو تزوجت كم مهرها؟ قالوا: مهر مثلها خمسة عشر ألفًا، وأخوها قد زوجها بكم؟ بأقل، إحنا قلنا: بأقل من عشرة، خلوها بعشرة، زوَّجها بعشرة، نقول: النكاح صحيح، وعلى الزوج أيش؟ مهر الْمِثل خمسة عشر ألفًا.

فإن قال الزوج: ما ذنبي؟ أنا تزوجت من أخيها الشقيق بعشرة آلاف، فما ذنبي حين تضيفوا إليَّ خمسة؟ أخوها زوجني، ما ذنبي أنا؟ نقول: ذنبك أنك فرطت ولم تستفهم؛ لأن هذا أخوها وليس أباها، لماذا لم تستفهم لما عرفت أنه زوَّج بأقل من مهر المثل؟ فيكون التفريط مِنْ مَن؟

طلبة: من الزوج.

الشيخ: من الزوج ونقول: الآن دفعت عشرة، هات خمسة فقط، ما نبغي منك أكثر، ونلزمه بخمسة عشر؛ لأن هذا مهر مثلها؛ ولأنه هو الذي فرط ولم يقل ائتوا بها حتى تقر عندي أنه كافيها.

يقول رحمه الله: (وإن لم تأذن فمهر المثل، وإن زوَّج ابنه الصغير بمهر المثل أو أكثر صح في ذمة الزوج وإن كان معسرًا لم يضمنه الأب) هذا خَطَبَ لابنه الصغير الذي لم يبلغ خمس عشرة سنة، يعني لم يبلغ، له ثلاث عشرة سنة، لكنه لو تزوج لمشت حاله، فخطب له امرأة فقال أبو الزوجة: ابنك صغير، نحن نريد أن نُربِّي ابنتنا على يده، والآن أنت تريد أن يتربى على يد ابنتي؛ لأنه صغير، لكن ما دام أنك ملزم، فمهر المثل عشرة آلاف، وأنا أريد منك خمسة عشر ألفًا؛ يعني مهر بنتي المخطوبة عشرة آلاف، أريد منك خمسة عشر ألفًا جبرًا لنقص الزوج، قال الأب: ما فيه مانع، المهر خمسة عشر ألفًا، يصح ولَّا ما يصح؟ يصح، ومن يلزم هل يلزم الأب أو يلزم الزوج؟

ص: 2839

يقول المؤلف: (صحَّ في ذمة الزوج) الزوج مسكين طالب، ما وصل الأموال، فنقول: ما عليك؛ لأن الذي عليه المهر هو الذي يستمتع بالزوجة، والأب ما له دخل فيها، المهر مقابل الاستمتاع {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24].

طيب أبو الزوجة قال: الولد الآن فقير، نقول: نعم، أنت اللي أخطأت، لماذا لم تقل للأب: وعليك ضمانه؟ لو قال عند العقد: عليك ضمانه؛ لزم الأب ضمانه، لكن ما دام ما قال وهو يعرف أن الابن توًّا صغير، ما يملك شيئًا، نقول: أنت اللي فعلت بنفسك. تبين أن الابن مُعسِر والرجل الذي زوجه ظانًّا أنه موسر فتبين أنه معسر، هل يضمنه الأب؟ لا يضمنه الأب.

ولهذا قال: (وإن كان معسرًا لم يضمنه الأب).

والصحيح أن الأب يضمنه إلا إذا تبرأ من ضمانه، وإلا فهو يضمنه؛ لأنه هو الذي خطب لابنه، والعادة أن الأب يدفع المهر عن ابنه، هذا العادة، فيقال: إن كان الأب قد ضمنه وقال: زوِّجه بخمسة عشر ألفًا وعليَّ الضمان؛ لزمه الضمان، وإلا فلا، هذا المذهب.

والصحيح أنه يضمنه الأب مطلقًا إلا إذا اشترط البراءة، مثل أن يقول الأب: أنا ما عندي شيء، ومهر بنتك على زوجها ما عليَّ. فهذا لا شك أنه يبرأ وإلا فإنه ضامن.

الطالب: (

) الجد للأب في كونه يستأذن؟

الشيخ: لا، ما فيه إلا الأب فقط، الأب للصلب، أما الجد فهو من جنس بقية الأولياء، يستأذنها في النكاح؛ لأن الجد ما يجبرها والأب على القول الصحيح أيضًا ما يجبرها لكن على المذهب يجبرها أيضًا إذا كانت بكرًا.

الطالب: قال بعض العلماء: لو زوجها بألفين، لو زوجها أخوها بألفين ألف لها وألف له، فرضيت بذلك؛ صح.

الشيخ: أبوها.

الطالب: أخوها.

الشيخ: لا، أخوها، المؤلف يقول: كل المسمى لها.

الطالب: قالوا: الحق لها ورضيت بذلك.

الشيخ: لا، الحق، كل المسمى لها، الأب هو الذي يُجوِّزون المذهب ذلك، وكما عرفتم بالدرس الماضي أن الصحيح أنه لا يجوز.

ص: 2840

الطالب: ولا يصح حتى لو رضيت؟

الشيخ: ويش لون؟ لا، ولا يصح لو رضيت، لكن إذا انتهى العقد وسُلِّم لها المهر تُعطيه ما شاءت.

أيش تقول بس السؤال لك خاصة.

الطالب: أحسن الله إليك، فيه بعضهم أن العرف عندهم أن وليَّ المخطوبة يجهزها بجهاز يعني مثلًا ..

الشيخ: من عنده.

الطالب: مثلًا أثاث بيت وكذا، ومثلًا قد يكون فقيرًا وجرى العرف عندهم يدفع يعني لها، ما يكون حكم هذا؟

الشيخ: لا بأس، ما دام جرت العادة بذلك ما فيه مانع، أنا سمعت بعض البلاد هم أهل الزوجة، هم اللي يجهزون لكن يأخذون من مهر الزوجة ما هو ببلاش (

).

***

الطالب: وإن تلف فمن ضمانها إلا أن يمنعها زوجها قبضه فيضمنه، ولها التصرف فيه، وعليها زكاته. وإن طلق قبل الدخول أو الخلوة فله نصفه حكمًا دون نمائه المنفصل، وفي المتصل له نصف قيمته بدون نمائه، وإن اختلف الزوجان أو ورثتهما في قدْر الصداق أو عينه أو فيما يستقر به فقوله وفي قبضه فقولها.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

قال المؤلف رحمه الله: (فصل فيما تملك المرأة به صداقها) يعني ما الذي يجب من الصداق؟ ومتى تملك الصداق؟ قال: (تملك المرأة صداقها بالعقد) ولكن هذا إذا كان معينًا، مثال ذلك: أصدقها بيتًا، قال: هذا البيت هو صداقك، تملكه بالعقد أو بالخطبة؟

طلبة: بالعقد.

الشيخ: بالعقد إذا تمَّ العقد عليها تم ملكها الصداق، ولمن يكون النماء؟ النماء إن كان معينًا فنماؤه لها، وإن كان في ذمة الزوج فنماؤه له.

مثال المعين أن يقول: أصدقتكِ هذا البيت؛ هذا معين، أجَّرنا هذا البيت قبل الدخول فلمَن تكون الأجرة؟ للمرأة؛ لأن المهر معين.

مثال غير المعين، قال: أصدقتكِ عشرة آلاف فقط؛ يعني في ذمته، وصار الرجل يكتسب بالعشرة الآلاف وكسبت، فلمن نماؤها؟ للزوج، لا لها؛ لأن الصداق لم يكن معينًا وإنما وجب في الذمة.

ص: 2841

والخلاصة أن المرأة تملك صداقها بماذا؟ بمجرد العقد، ثم إن كان معينًا فلها نماؤه، وإن كان غير معين فنماؤه للزوج؛ ولهذا قال:(ولها نماء المعين قبل القبض وضده بضده، وإن تلف فمن ضمانها)

(إن تلف) الفاعل يعود إلى الصداق المعين، إن تلف الصداق المعين فمن ضمانها.

(إلا أن يمنعها زوجها قبضه فيضمنه) مثاله: أصدق هذه المرأة سيارة، وتلفت السيارة احترقت فعلى مَن يكون الضمان؟ يكون الضمان عليها على المرأة؛ لأنه ملكها، ملكته بالعقد فغنمه لها وغرمه عليها، إلا إذا منع الزوج من قبضه، قالت: أعطني السيارة، حقي الآن تم العقد عليَّ وقال: لا، فيكون الضمان عليه، ضمان غصب؛ لأنه بمنزلة الغاصب، ولهذا قال:(إلا أن يمنعها زوجها قبضه فيضمنه).

(ولها التصرف فيه) أي: في المعين، (وعليها زكاته) لها التصرف فيه، بماذا؟

بالتأجير والانتفاع، والبيع، وكل شيء، تتصرف فيه تصرفًا كاملًا؛ لأنها ملكته بماذا؟ بالعقد.

(وعليها زكاته) إذا كان مما يزكى فعليها زكاته مثل الحلي، أصدقها مئة مثقال من الحلي، قال: هذا صداقكِ، وقبضته، ولم يتم الدخول بعد، وبقي عندها سنة وهو لم يدخل عليها الزوج، فعلى من تكون الزكاة؟ على الزوجة أو على الزوج؟

طلبة: على الزوجة.

الشيخ: على الزوجة؛ لأن المهر معين، أما لو قال: أصدقتكِ مئة مثقال من الذهب فالأحكام تنعكس، يكون النماء للزوج إن كان مما ينمي، ولا زكاة على المرأة فيه إلا إذا قبضته، وقلنا بوجوب الزكاة في الدين فهذا شيء آخر.

المهم كلام المؤلف الآن على المعين ولَّا على الذي في الذمة؟ كلامه على المعين، لها التصرف فيه، وعليها زكاته.

(وإن طلق قبل الدخول أو الخلوة فله نصفه حكمًا دون نمائه المنفصل) إذا طلق قبل الدخول والمهر معين فيقول المؤلف: إن له نصفه حكمًا.

ص: 2842

ومعنى (حكمًا) أنه يدخل في ملكه اضطرارًا وإكراهًا، وإن لم يرد دخول ملكه، مثال ذلك: أصدقها سيارة، ثم بدا له أن يطلقها قبل أن يدخل عليها، وقبل أن يخلو بها، فطلقها، فيكون نصف السيارة لمن؟ للزوج حُكمًا، يعني حتى لو بقي مع الزوجة أو قال: أنا لا أريده فإنه يدخل في ملكه قهرًا.

فإن قال: قد وهبته لها، صار ابتداء عطية ولا بأس، لكن كونه يقول: أنا ما أبغيه، يعني لا أريد أن يدخل ملكي، نقول: لا، هو داخل في ملكك.

ودليل ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237]، يعني: نصف ما فرضتم لكم والباقي لهن.

يقول رحمه الله: (فله نصفه حكمًا دون نمائه المنفصل وفي المتصل .. ) إلى آخره.

(دون نمائه المنفصل) يعني لو فرضنا أن الزوج أصدق هذه المرأة شاة، وبعد مضي سنة طلقها قبل الدخول، وقبل الخلوة، ماذا يكون له من هذه الشاة؟ نصف الشاة. الشاة في هذه المدة ولدت توأمًا، يعني صار لها ولدين وهي الثالثة، هل له من أولادها شيء؟

طلبة: لا.

الشيخ: لا؛ لأن الأولاد نماءٌ منفصل، هل له من قيمة اللبن الذي كانت تبيعه في هذه المدة؟ لا؛ لأن اللبن نماء منفصل.

طيب، هذه الشاة سمنت، السِّمَن نماءٌ؟

طلبة: متصل.

الشيخ: ولا منفصل؟

طلبة: متصل.

الشيخ: متصل.

يقول المؤلف: (وفي المتصل له نصف قيمته بدون نمائه) النماء المتصل نقول: الآن لا يمكن أن نعطيك نصف الشاة، ليش؟ لأنه نما على ملك من؟ على ملك الزوجة، فالنماء لها، لكن المشكلة أن النماء متصل، فكيف يتنصف؟ نقول: تُقدَّر القيمة دون نمائه، فيقال: هذه الشاة كم قيمتها دون نمائها الذي حصل على ملك الزوجة؟ قالوا: قيمتها مئتان.

وفي نمائها قالوا: قيمتها ثلاثة، فكم نعطي الزوج؟ مئة وخمسين، ولا مئة؟ مئة.

ص: 2843

لأن النماء المتصل لا حق له فيه، لكن نظرًا إلى أنه لا يمكن فصله نقول: نُقدِّر المهر بدون هذه الزيادة، ونقول: لك نصفُه. فإذا قال: لماذا لا تردون عليَّ نصف مهري؟

قلنا: لتعذُّر رده مع الزيادة.

إذا قال: لماذا لا تجعلوني شريكًا مشاعًا لي نصف هذه الشاة؟

قلنا أيضًا: لا يمكن؛ لأنها قد نمت وزادت، والزيادة ليس لك منها شيء، فما بقي إلا أن نُقدِّرها بالقيمة، خالية من الزيادة.

إذا تزوج رجل امرأة، وقال: الصداق هو هذه الشاة، وبقي سنة كاملة لم يدخل على المرأة، ثم طلقها بعد سنة، والشاة حملت وولدت، فلمن يكون الولد؟

الطالب: الولد يكون للزوجة.

الشيخ: طيب، هل للزوج منه شيء؟

الطالب: لا.

الشيخ: لا، ليس له منه شيء؛ لأن هذا نماءٌ منفصل، حدث في ملك الزوجة فيكون لها.

هذه الشاة سمنت، كانت عند عقد النكاح هزيلة، لا تساوي إلا مئة ريال، ثم عند الطلاق صارت سمينة تساوي مئتي ريال، فماذا يجب للزوج؟ هل نقول: لك نصف الشاة بزيادتها؟ إن قلنا كذلك ظلمنا المرأة؛ لأن الزيادة للمرأة، وإن قلنا: ليس كذلك، فماذا نعمل؟ نقول: نُقدِّر قيمة الشاة على أنها هزيلة، ونعطيه نصف القيمة، عرفت الآن، هذه هي.

طالب: (

).

الشيخ: سيأتينا إن شاء الله أن المهر يستقر، يكون للزوجة، ليس للورثة فيه شيء.

الطالب: معين أو في الذمة؟

الشيخ: معين أو في الذمة.

طالب: إذا أصدقها بسيارة وعينها، ثم استخدمت السيارة (

) هذه الأجرة الزائدة المنفصلة لمن تكون؟

الشيخ: للزوجة.

الطالب: مع أن السيارة استعمالها تأخذ من قيمتها؟

الشيخ: نعم، ما فيه مانع؛ لأنه ملكها.

طالب: أيش معنى الخلوة يا شيخ؟

الشيخ: أيش؟

الطالب: الخلوة هي الجماع؟

الشيخ: الخلوة ما هي الجماع، الدخول هو الجماع، والخلوة أن يخلو بها في مكان ليس معهما أحد. قبل الدخول يعني قبل الجماع. والخلوة يعني الاختلاء في مكان ليس فيه أحد.

طالب: شيخ، قلنا: الصداق في الذمة (

).

ص: 2844

الشيخ: لا، إذا كان الصداق في الذمة فهو على الزوج. إذا دخل بها، فإن كان قد عُيِّن فالزكاة عليها، وإن لم يُعَيِّن فالزكاة عليه هو.

طالب: قلنا: قال المؤلف: ولها النماء المعين ..

الشيخ: (ولها نماءٌ معين) ما هي بالنماء.

الطالب: (قبل قبضه وضده بضده).

الشيخ: ضده يعني ضد المعين.

الطالب: مثال؟

الشيخ: ضد المعين مثل قال: الصداق، مئة صاع بر مثلًا، مئة ريال، الصداق مئة ريال، علشان ما تعرفون البر، هذه المئة ريال صار الزوج يتكسب بها ويبيع ويشتري، صارت مئتين، لمن الربح؟

الطالب: للزوجة.

الشيخ: لا، ما هو معين، قال: مئة ريال، ولا قال: هذه المئة، ما عينها، مئة ريال فقط، الرجل هذا صار يتكسب بالمئة ريال، وكسب، لمن الكسب؟ للرجل؛ لأنه غير معين.

طالب: شيخ، إذا أصدق سيارة جديدة وصارت مستعملة في السعر، في أول الأمر سعرها مئة ألف، صارت خمسين، ثم طلقها قبل الدخول؟

الشيخ: فله نصفها.

الطالب: نصف الخمسين؟

الشيخ: نصف السيارة.

الطالب: نصف السيارة الآن صار خمسين ألفًا.

الشيخ: إذا شاء الزوج والزوجة تُباع بما تباع به وله نصفها، ولو نقص بالاستعمال؛ لأن المرأة لها الحق في ذلك، ملكها.

طالب: شيخ، بارك الله فيك، لو أصدقها شاة، ثم ماتت الشاة وبعد فترة طلقها قبل أن يخلو بها وقبل أن يدخل عليها.

الشيخ: إذا ماتت بغير تفريطٍ من المرأة، فليس له شيء، وإن ماتت بفعلها، بأن ذبحتها مثلًا، فعليها ضمان النصف.

طالب: شيخ، بارك الله فيك، هل يستقر المهر بالخلوة فقط؟

الشيخ: إي نعم.

الطالب: طيب والآية قول الله سبحانه وتعالى: {طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]؟

الشيخ: قال الخلفاء الراشدون: إن الرجل إذا خلا بالزوجة، وأرخى الستر بينهما، فإنه يثبت بذلك أحكام الجماع. لأنه استحل منها ما لا يباح إلا للزوج.

ص: 2845

وفيه قول -كما قلت أنت- أنه لا يكون إلا بالجماع، كما هو ظاهر الآية، لكن ما دام الخلفاء الراشدون يرون هذا الرأي فرأيهم أسد.

***

الطالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب الصداق:

وإن اختلف الزوجان أو ورثتهما في قدر الصداق أو عينه، أو فيما يستقر به فقوله، وفي قبضه فقولها.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال المؤلف رحمه الله: (وإن اختلف الزوجان أو ورثتهما في قدر الصداق، أو عينه، أو فيما يستقر به فقوله، وفي قبضه فقولها) هذا الخلاف بين الزوجين في الصداق.

(إذا اختلفا الزوجان) إذا كانا باقيين (أو ورثتهما) إن ماتا (في قدر الصداق) بأن قالت الزوجة أو ورثتها: قدره عشرة آلاف، فقال الزوج أو ورثته: قدره خمسة آلاف. فالقول قول: الزوج. لماذا؟ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (7)، فهنا الخمسة متفقٌ عليها بين الزوج والزوجة، الزائد على الخمسة تدَّعيه الزوجة، والزوج ينكره، فنقول لها:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» . واضح؟

طلبة: واضح.

الشيخ: قالت الزوجة: إن المهر الذي سميته لي عشرة آلاف، فقال: بل خمسة، ولا هناك بينة، من القول قوله؟ قول الزوج. الدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» .

الآن الخمسة متفق عليها ولَّا لا؟ الخمسة الآن متفق عليها؛ لأن الخمسة بعض العشرة، فنقول: المهر خمسة، والخمسة الزائدة التي تتم العشرة، قول من؟ قول الزوجة، فهي مدعية، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» . هذا الدليل من السُّنَّة.

ص: 2846

الدليل من العقل أن الزوج غارم، وكل غارم فالقول قوله في نفي ما يستلزم الغُرم إلا ببينة، هذه أيضًا من قواعد الفقه.

كل غارم فالقول قوله في نفي ما يقتضي الغرم إلا ببينة، معلوم.

هذا كلام المؤلف رحمه الله، وظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يدعي الزوج شيئًا معتادًا أو شيئًا غير معتاد، فلو كانت المهور في غالب الناس عشرة آلاف، وقالت الزوجة: إن مهري الذي سميته لي عشرة آلاف، وقال: بل ألفان، فمن القول قوله على رأي المؤلف؟

طلبة: قول الزوج.

الشيخ: قول الزوج، وليس عليه إلا ألفان، لكن قرينة الحال وعادة الناس، تقتضي أن يكون القول قول الزوجة؛ لأننا في محيط أدنى ما يُبذل في الصداق عشرة آلاف، فليس من المعقول أن ترضى المرأة منك بألفين والناس على عشرة آلاف.

ولهذا ينبغي أن يقال وهو الصحيح: ما لم يدعِ الزوج خلاف العادة، فإن ادعى الزوج خلاف العادة فالقول قول الزوجة لكن مع اليمين. طيب، هل لهذا القول أصل؟ نقول: نعم، له أصل، الأصل أن الناس على حال واحد، العرف.

وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن الرجل لو طلق زوجته، بعد أن دخل بها طلقها، المهر لمن؟

طلبة: للزوجة.

الشيخ: قالت الزوجة: إن الدلال -دلال القهوة- التي في رف المجلس لي، وقال الزوج: بل لي أنا، من القول قوله؟

طلبة: الزوجة.

الشيخ: الزوجة؛ لأن هذا هو العادة، أن مثل هذه يكون للزوجة.

ولو قال الزوج بعد أن طلقها، قال: إن المشط الذي يُمشط به الشعر لي، وقالت المرأة: بل هو لي، والزوج ما عليه شعر، يحلق كل أسبوع، من القول قوله؟

الطلبة: الزوجة.

الشيخ: الزوجة، ليش؟ لأن هذا هو الظاهر.

كذلك مثلًا المهر إذا قالت الزوجة: إنه عشرة آلاف، وهذا يقول ألفان، وعادة الناس أنه لا يقل عن عشرة، هل يمكن أن نقول: القول قول الزوج؟ ما يمكن؛ لأن نقول: كيف المرأة ترضى منك بألفين والناس على عشرة؟

على كل حال، كلام المؤلف يقول: إنهما إذا اختلفا في قدْر الصداق فالقول قول مَنْ؟ قول الزوج.

ص: 2847

واستدللنا لذلك بأثرٍ ونظر.

لكن القول الراجح أن القول قول الزوجة فيما إذا كان قول الزوج يخالف العادة والعرف، هذه واحدة.

الثانية أيضًا: اختلفا في عين الصداق.

المرأة تقول: إن الصداق بيتك الأيمن، أعطيتني بيتك الأيمن، وقال لها: أعطيتكِ بيتي الأيسر، اختلفا الآن في عينه، هي تقول: هذا، وهو يقول: هذا. أو قالت: أنت أعطيتني مهرًا هذه السيارة، وقال: بل هذه السيارة، مَنِ القول قوله؟ قول الزوج؛ لأن الزوج هو الغارم، فهو المدَّعَى عليه، فالقول قول الزوج. ونقول في هذا كما قلنا فيما إذا اختلفا في قدر الصداق، إذا كان قول الزوج يخالف العادة والعرف، فإنه لا يُقبل قوله.

لو فرضنا أن السيارة التي عينتها، تساوي أربعين ألفًا، والسيارة التي عينها تساوي أربعة آلاف، والعادة أن المهر بين الناس بأربعين، فهل نقبل قول الزوج؟ لا نقبل؛ لأنه يخالف العادة، فنقول فيها كما قلنا فيما إذا اختلفا قبل الصداق.

(أو فيما يستقر به فقوله) اختلفا فيما يستقر به المهر، ويستقر المهر كما قلنا بالدخول والخلوة.

طلَّقها الرجل وقالت: الصداق كله ثبت لي؛ لأنك خلوت بي في اليوم الفلاني في البيت الفلاني، والخلوة تُثبت المهر كله، فقال الزوج: أبدًا ما خلوت بكِ، وإنما هو العقد فقط، والآن أنا مُطلِّق، كم يجب على الزوج؟

طلبة: النصف.

الشيخ: النصف: {إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237]. فالزوج الآن يقول: ما لكِ إلا النصف، وهي تقول: لي الكل، من القول قوله؟

الطلبة: الزوج.

الشيخ: قول الزوج؛ لأن الأصل عدم الزواج، الأصل ما دخل بها.

(وفي قبضه فقولها) إذا اختلفا في قبضه فالقول قول الزوجة. مثال ذلك: تزوج إنسان امرأة بعشرة آلاف ريال ودخل عليها، لما دخل صار من الغد، قالت له: يا فلان، أعطني مهري، قال: أعطيتكِ إياه بالأمس، قالت: ما أعطيتني إياه، من القول قوله؟

ص: 2848

الطلبة: الزوجة.

الشيخ: الزوجة؛ لأن الزوج الآن مُدَّعٍ، هو الآن أقر بأن المهر في ذمته، لكن ادعى أنه سلَّمه، نقول: عليك البينة، البينة على المدعي، عرفتم ولَّا لا؟

طالب: (

).

الشيخ: طيب، أحد منكم فاهم؟

طلبة: (

).

الشيخ: أصدقها عشرة آلاف ريال، ثم دخل عليها، وبعد يومين أو ثلاثة قالت: أعطني المهر، قال: المهر أعطيتيكِ إياه قبل الدخول، قالت: أبدًا، ما أعطتيني إياه، من القول قوله؟

طلبة: قول الزوجة.

الشيخ: قول الزوجة؛ لأن الأصل عدم القبض، الأصل إنه ما قبضها، فيكون القول قول الزوجة.

هذا أيضًا ينبغي أن يقال: ما لم يخالف قول الزوجة عرفًا، فإن خالف قولها عرف أخذنا بالعرف، مثلًا عندنا هنا في المملكة: هل المهر يؤخر قبضه ولا يقدم؟

الطلبة: يُقدَّم.

الشيخ: يقدم، فإن ادعت أنها لم تقبضه قلنا: هذا خلاف العادة، العادة أنه يكون مقدمًا، ولا تكاد تجد أحدًا من السعوديين يتزوج امرأةً سعودية بمهرٍ مؤجل، لا كل المهر ولا بعضه، في البلاد الأخرى ويش الأصل؟

الطلبة: التأخير.

الشيخ: كل المهر ولَّا بعضه؟

الطلبة: بعضه.

الشيخ: في البلاد الأخرى إذا قالت: إنك لم تُسلِّم إليَّ إلا نصف المهر، وقال: بل كل المهر، فالقول قولها؛ لأن قولها لا يخالف العرف، واضح يا جماعة؟

طالب: عندنا التأخير بثبت في العقد فقط (

)

الشيخ: ما هو صحيح، يمكن أنت تزوجت بهذه الطريقة، اللي أفهم أنا منهم، أن جميع الأجانب يعني مثلًا: مصر، الشام، العراق، أنه لا بد يؤخر نصف الصداق أو ما يتفقان عليه.

طالب: تختلف المناطق.

الشيخ: يمكن.

الطالب: شيخ، بارك الله فيك، إذا اتفق الزوج مع الزوجة أن يحضر لها أثاثًا معينًا، وقبل أن يحضر الأثاث يكتب على ورقة، يعني بمجرد العقد يُكتب فرش المنزل في ورقة حتى الزوجة تضمن حقها.

الشيخ: في ورقة منفصلة يعني؟

الطالب: نعم، قبل أن يحدث أي شيء بمجرد العقد يسمونها القائمة.

ص: 2849

الشيخ: على كل حال: عندنا القاعدة -بارك الله فيكم- أن كل من ادعى ما يخالف العادة فعليه البينة.

الطالب: عفا الله عنك يا شيخ، إذا خالفت العادة في قبضه المهر، إذا خالف قولها عادة البلد في قبض المهر هل نأخذ بقول الزوج أم نطلب منه البينة؟

الشيخ: بقول من يشهد له العرف والعادة، فالقول قوله، لكن بيمينه.

طالب: بارك الله فيك، هل هذا يعد مهرها (

الشيخ: إي، مهر ما فيه شك.

الطالب: بارك الله فيكم، قول المصنف رحمه الله وقد اختلفا:(في قدر الصداق أو عينه أو فيما يستقر به) قوله: (فيما يستقر به) هل يعني بما استقر به، أم هو العادة استقر به؟

الشيخ: كيف؟ ! هو لا، أصل ما هو يستقر به ما هو محدد شرعًا ما هو بالعادة. ما يستقر به هو محدد شرعًا، مثاله ما قلت لكم: هي ادَّعت أنه خلا بها فاستقر المهر بالخلوة، وهو قال: لم أخلُ بها.

طالب: بارك الله فيك يا شيخ (

) الرجل إذا خلا بامرأته، وحصل النزاع بين الدخول من عدمه، الآن يكشف على الزوجة لما تقدم العلم ويعرف هذا ..

الشيخ: لا تقل: إن المهر لا يثبت إلا بالجماع، لو خلا بها وإن لم يجامعها وإن لم يكلمها ثبت المهر.

الطالب: نصفه يا شيخ؟

الشيخ: لا، كله، نعم.

الطالب: مجرد الخلوة يا شيخ؟

الشيخ: لا بمجرد الخلوة.

***

الطالب: أحدهما أو أجنبي فلها مهر المثل بالعقد ويفرضه الحاكم بقدره.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فصلٌ في التفويض)

ونأخذ مسألة أو مسألتين على ما سبق، ادعت المرأة على زوجها أنه أصدقها هذه السيارة، فقال: بل السيارة الأخرى، من القول قوله؟

طالب: القول قوله إلا إذا كانت ..

الشيخ: السؤال: قالت المرأة: أصدقتني هذه السيارة، وقال: بل هذه السيارة. لسيارة أخرى؟

الطالب: القول قوله.

الشيخ: قول من؟

الطالب: قول الزوج.

الشيخ: قول الزوج، الدليل؟

ص: 2850

الطالب: الدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (7).

الشيخ: وهي تدعي أنه أصدقها هذا وهو يقول: لا.

الطالب: الثاني: الزوج غارم.

الشيخ: والتعليل الثاني تعليل نظري، وهو أن الزوج غارم، وكل غارم فالقول قوله.

بارك الله فيك كأني سمعتك أنك تريد أن تسثتني شيئًا من هذا.

الطالب: إلا إذا كانت السيارة التي تدعيها المرأة توافقها العادة أو العرف، توافق قيمتها، فنقول: القول قولها، إلا إذا (

).

الشيخ: يعني إلا إذا كانت دعوى الزوج تُخالف العادة والعرف، مثل أن يقول: أصدقتكِ هذه السيارة، وهي لا تساوي إلا عُشْر المهر المعتاد، فهنا القول قولها.

إذا قدرنا أن قولها يزيد على العادة بكثير، يعني مهر مثل هذه المرأة عشرين ألفًا، وهذه السياروة تساوي خمسين ألفًا؟ أجيبوا؟

طالب: القول قوله.

الشيخ: قولها.

الطالب: قوله الزوج.

الشيخ: هو يقول: أصدقتك هذه السيارة تساوي خمسة آلاف، السيارة هذه ما تساوي شيئًا أبدًا إلا خمسة آلاف، البطارية فيها بلاء، والرفرف فيه بلاء، وكل شيء فيه بلاء.

الطالب: هي تدعي قيمة أكبر من العادة.

الشيخ: إي نعم، افرض أنك قاضٍ الآن بين زوجين كل واحد يدعي ما يخالف العرف.

الطالب: فإن القول قول الرجل.

الشيخ: الزوج، يُخالف العُرف.

الطالب: لأن الزيادة هذه يكون غارمها.

الشيخ: صحيح، لكن أيضًا هي مظلومة، هل معقول هذه المرأة، لنقدر أنها وسط في النساء، يكون مهرها سيارة ما تسوى إلا خمسة آلاف؟ ومهر مثلها عشرون ألفًا؟ ويش تقولون أيها القضاة؟

طلبة: قول الزوج.

الشيخ: أنا أرى أن يتساقط القولان؛ لأن كل واحدٍ منهما قوله يخالف العرف، ويُرجَع إلى مهر المثل، هذا أقرب شيء للعدل، لا نقبل الزوج عليها ولا الزوجة على الزوج.

ص: 2851

نقول: أقرب شيء أن نقول: يبطل قولهما جميعًا، ويُرجع إلى مهر المثل، والله عز وجل يقول:{إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58].

طيب، المسألة الثانية التي أريد أن أسأل عنها: إذا اختلفا في قبض الصداق؟

طالب: القول قول الزوجة إذا اختلفا في القول.

الشيخ: هو يقول: أقبضتُكِ الصداق، وهي تقول: لم تُقبضني.

الطالب: القول قول الزوجة.

الشيخ: لماذا؟ هات دليلًا.

الطالب: الدليل: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (7)

الشيخ: من المدعي؟

الطالب: المدعي الزوجة.

الشيخ: إذن عليها البينة.

الطالب: المدعي الزوج والمدعى عليه (

)

***

الشيخ: أو التعبير الصحيح وهي تنكر أنه أعطاها؟ أيش تقولون يا جماعة؟

طلبة: تنكر.

الشيخ: الثاني، إذن من المدَّعِي؟ تعين الآن أن المدعي من؟

الطلبة: الزوجة.

الشيخ: الزوجة فيكون هو المدَّعِي، وتكون البينة على ..

(فصلٌ)

ص: 2852

يَصِحُّ تَفويضُ البُضْعِ بأن يُزَوِّجَ الرجلُ ابنتَه الْمُجْبَرَةَ، أو تَأذَنَ امرأةٌ لوَلِيِّها أن يُزَوِّجَها بلا مَهْرٍ، وتفويضُ الْمَهْرِ بأن يُزَوِّجَها على ما يَشاءُ أحدُهما أو أَجْنَبِيٌّ، ولها مَهْرُ الْمِثلِ بالعَقْدِ ويَفْرِضُه الحاكمُ بقَدْرِه، ومَن ماتَ منهما قبلَ الإصابةِ والفرْضِ وَرِثَه الآخَرُ ولها مَهْرُ نِسائِها، وإن طَلَّقَها قَبْلَ الدخولِ فلها المتعةُ بقدْرِ يُسْرِ زَوجِها وَعُسْرِه، وَيَسْتَقِرُّ مَهْرُ المِثْلِ بِالدُّخُولِ، وَإِنْ طَلَّقها بعدَه فلا مُتْعَةَ، وإذا افْتَرَقَا في الفاسدِ قبلَ الدخولِ والْخَلوةِ فلا مَهْرَ، وبعدَ أحدِهما يَجِبُ الْمُسَمَّى، ويَجِبُ مَهرُ الْمِثلِ لِمَن وُطِئَتْ بشُبْهَةٍ أو زِنًا كَرْهًا، ولا يَجِبُ معَه أَرْشُ بَكارةٍ، وللمرأةِ مَنْعُ نفسِها حتى تَقْبِضَ صَدَاقَها الحالَّ، فإن كان مُؤَجَّلًا أو حَلَّ قبلَ التسليمِ أو سَلَّمَتْ نفسَها تبرعا فليس لها مَنْعُها، فإن أُعْسِرَ بالمهْرِ الحالِّ فلها الفَسْخُ ولو بعدَ الدخولِ، ولا يَفسَخُه إلا حاكمٌ.

(بابُ وَليمةِ الْعُرْسِ)

تُسَنُّ بشاةٍ فأَقَلَّ، وتَجِبُ في أَوَّلِ مَرَّةٍ إجابةُ مُسلمٍ يَحْرُمُ هَجْرُه إليها إن عَيَّنَه، ولم يكنْ ثَمَّ مُنْكَرٌ، فإن دَعَا الْجَفَلَى

قولهما جميعًا، ويُرجع إلى مهر الْمِثل، والله عز وجل يقول:{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58].

المسألة الثانية التي أريد أن أسأل عنها: إذا اختلفا في قبض الصداق، يقول؟

طالب: أن القول قول الزوجة إذا اختلفا في القبض.

الشيخ: هو يقول: أقبضتُكِ الصداق، وهي تقول: لم تُقْبِضْني.

الطالب: القول يكون قول الزوجة.

الشيخ: قول الزوجة، لماذا؟ هات دليلًا.

الطالب: الدليل هذا الحديث: «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (1).

الشيخ: من المدعي؟

ص: 2853

الطالب: المدعي امرأة، الزوجة.

الشيخ: إذن عليها البينة.

الطالب: المدعي الزوج والمدَّعَى عليها.

الشيخ: المدَّعي الزوج؟ كيف هذا؟ فكِّر!

الطالب: الزوج يدَّعي بأن المهر أعطاه.

الشيخ: وهي تدعي بأنه لم يعطها.

الطالب: (

).

الشيخ: (

) أنا أقول: وهي تدعي أنه لم يُعطِها، هل هذا التعبير صحيح أو التعبير الصحيح: وهي تُنكر أنه أعطاها؟

طلبة: تنكر.

الشيخ: ويش تقولون يا جماعة؟

طلبة: تنكر.

الشيخ: الثاني، إذن من المدعي؟ تعين الآن أن المدعي من؟

طلبة: الزوج.

الشيخ: الزوج، فيكون هو المدَّعِي، وتكون البينة على المدعي، هذا من جهة الدليل الأثري، من جهة الدليل النظري أن الأصل عدم القبض، بارك الله فيكم.

نعود الآن إلى درس اليوم في التفويض، التفويض نوعان: تفويض البُضع، وتفويض المهر.

تفويض البُضع فسره بقوله رحمه الله: (بأن يزوج الرجل ابنته المجبرة)، فمن هي المجبرة؟

المجبرة على المذهب: البكر يُزَوِّجها أبوها، كل بِكْر يزوجها أبوها فإنه لا يُشترط رضاها، بل تُزوَّج جبرًا عليها، يا ناس، أنا ما أريد الرجل. قال: لا بد، فتُجبر عليه، وهي تبكي ليلًا ونهارًا تقول: لا أريده. نقول: جبرًا، هذا هو المذهب، وقد سبق لنا أن القول الراجح (

) وأنه لا بد من رضا الزوجة، وأن ذلك نص الحديث وقياس النظر.

أما الحديث فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» (2). وقد رواه مسلم بلفظ: «الْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا» ، أو قال:«يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا» (3). وهذا نص صريح في البكر وفي الأب.

وعلى هذا فقول المؤلف رحمه الله: (أن يُزوِّج الرجل ابنته المجبرة) هذا مبني على أيش؟ على قول ضعيف أو صحيح؟

طلبة: ضعيف.

الشيخ: ضعيف، وعلى هذا (

) إذا أردنا أن نقرر المسألة على المذهب الصحيح.

ص: 2854

(أن يزوج الرجل ابنته المجبرة، أو تأذن امرأة لوليها أن يُزوِّجها بلا مهر) هذا تفويض البُضع، وعلى القول الراجح نفسر فنقول: أن تأذن امرأة لوليها أن يزوجها بلا مهر. هذا تفويض البُضع، ووجه قوله: تفويض البضع، أن المرأة فوَّضت وليها على أن يزوجها بلا مهر فيكون بضعها -وهو فرجها- يكون مفوضًا، فإذا قالت: زوجني فلانًا بلا مهر، ما يهمني، صار هذا تفويض بضع، الرجل زوَّج المرأة بلا مهر فالنكاح صحيح، ولكن هل يسقط المهر؟ لا.

لأننا لو أسقطنا المهر لزم أن يكون النكاح هبة، ولا يصح النكاح هبة إلا لواحد فقط، مَنْ؟

طلبة: النبي.

الشيخ: الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذن فيجب لها مهر الْمِثل، ويكون كأنه -أي المهر- لم يُسمَّ، أفهمنا تفويض البضع ما هو؟ أن تأذن المرأة لوليها أن يزوجها بلا مهر، وإذا فعل وجب لها مهر المثل، زاد المؤلف أن يُزوج الرجل ابنته المجبرة، ونحن حذفنا هذه، ليش حذفناها؟ لأن القول الراجح أنه ما فيه إجبار، حتى الأب لا يمكن أن يُجبر ابنته على أن تتزوج من لا تريده أبدًا.

قال: (وتفويض المهر بأن يُزوجها على ما يشاء أحدهما أو أجنبي)

هذا تفويض المهر، يعني أن الرجل يُزوِّج ابنته، ويُفوض المهر، ما هو البضع على ما يشاء، لما أراد أن يزوجها، قال الزوج: ويش المهر؟ قال: اللي تبغي. هذا اسمه أيش؟ تفويض مهر؛ لأن الزوجة أو وليها قالا للزوج: اللي تبغى أعطناه، هذا يسمى (تفويض مهر)، تزوجها الرجل على هذا الشرط، على أن مهرها ما يريد، فقدم إليهم شاة، قدم الزوج إلى الزوجة شاة، قال: هذا المهر، يصح ولَّا ما يصح؟

طلبة: يصح.

الشيخ: لا يصح، نقول: يجب عليك مهر المثل، وهذه المرأة من النساء من علية القوم، ومهرها في العادة مئتا ألف، نعم، يجب عليك مئتا ألف، قال: يا جماعة، أنتم قائلون: ما شئت فأعطنا، ما شئت فأعطنا، وأنا شئت أن أعطيكم الشاة.

نقول: لا، المسألة ما هي إليك.

ص: 2855

لما قلنا: ما شئت فأعطنا، فهذه تسمية غير صحيحة، يعني هذه مجهولة من أتم الجهالات، فإذا كان مجهولًا إلى هذا الحد، نرجع إلى أيش؟ إلى مهر الْمِثل؛ لأن المهر لم يُسمَّ تسمية صحيحة، واضح؟ أسألك هذا واضح ولَّا ما هو بواضح؟

الطالب: واضح.

الشيخ: وكأن سعدًا يقول: إذا زوجوني بما شئت، وأتيت لهم بشاة ومهر مثلها مئتان، وهم قد فوَّضوا الأمر إليَّ، فهذا ظلم، هكذا تريد؟ أنا فاهم.

نقول: وجه كوننا نرجع إلى مهر المثل؛ لأن هذه التسمية غير صحيحة، لرسوخها في الجهالة؛ لأننا إذا قلنا: ما شئت؛ ما شئت قدْرًا، وما شئت جنسًا، وما شئت نوعًا، مبهم إبهام عظيم، والمبهم إلى هذا الحد، ليس بشيء، فنرجع إلى مهر المثل، كما لو زوجها بلا مهر فنرجع إلى مهْر الْمِثل، أفهمتم ولَّا لا؟

لكن لو قال قائل: إنه إذا قيل: زوَّجناك على ما شئت من مهر، وأتى بمهر معقول لكنه دون ما في نفوس الزوجة وأهلها، ودون مهر المثل، فينبغي أن يُقال: إنه صحيح، وإن لم يقل بهذا فقد غروه، ولكن نقول: يمكنه أن يتخلص من هذا الغرور، بأيش؟

بأن يصر على تسميته، إذا قالوا اللي تبغى، قال: لا ما يصير، هذا مجهول، لازم عينوه الآن، إذا عينوه أيش؟

طلبة: (

).

الشيخ: تعين، ولو كان أقل من مهر الْمِثل بكثير، ولذلك كونوا يقِظين يا من لم تتزوجوا، إذا فُوِّض إليكم المهر فقولوا: عيِّنوا ولا بد. إذا قالوا اللي تبغي ما بيننا وبينك حساب، وأنت ولدنا وأنت كذا، قل: ما يخالف، أنا ولدكم، ولا حساب بيننا لكن في هذا سأحاسبكم. عيِّن، أفهمت؟

إذن تزول الجهالة والغرر بماذا؟ بالتعيين، نقول: عيِّن، وحينئذٍ لا يمكنهم أن يطالبوك بأكثر مما عينت ولو كان أقل من مهر المثل بكثير، ونظيره؟

ص: 2856

نظيره لو أن إنسانًا كرهته زوجته، وطلبوا منه أن يُطلق، وقال: أنا ما أريد الطلاق، وأنا أحب المرأة، وأنا خسرت عليها مهرًا وتوابعه، ولا أستطيع أن أُطلِّق، فلما رآهم مُلحِّين قال: لا بأس، أُطلِّق، هاتوا الكاتب، فلما أراد الكاتب أن يكتب قال له: اصبر يا رجَّال، أنت خسرت خسائر كثيرة، وتعبت، ولا ودنا أنك تروح هكذا، نبغي نجعل لك عوضًا، قال: أبدًا، أنا بخليها لله، ولا أبغي عوضًا ولا شيئًا.

قالوا: لا بد، نجبر خاطرك بعوض، وإذا كان -جزاك الله خيرًا- تريد منفعتنا، خلِّ العوض قليلًا، ويش اللي بتريد؟

قال: إذا كنتم ملزمين، أعطوني عشرة ريالات، فطلقها على عِوض قدره عشرة ريالات، ولما مضى أسبوع، جاء يريد المراجعة، هل يمكن أن يراجع؟

طلبة: البتة.

الشيخ: ما يمكن؛ لأنه بالعوض بانت منه، ما يمكن يراجع، لكن لو أنه أصر على أنه ما يريد شيئًا، ولا أخذ ولا عشرة ريالات، ولا درهمًا واحدًا، ثم جاء بعد أسبوع يريد المراجعة، يُراجع ولَّا لا؟

يراجع؛ ولهذا ينبغي أنه إذا ساءت العِشرة بين الزوجين إساءة بينة، وكانت المرأة لا تريد زوجها، ولا سيما إذا كانت لا تريده لخلل في دينه، ينبغي لمن أراد الكتابة في الطلاق أن يقول: يا جماعة، هذا الرجل تعب، وخسر، وينبغي أن تفرضوا له شيئًا من المال يكون الطلاق عليه.

فقالوا: لا بأس، نقبل مشورتك، ووضعوا عِوضًا، حينئذٍ تملك المرأة نفسها، ولا يستطيع أن يراجعها، فينبغي التنبه لمثل هذه الأمور؛ لأنها قد تضيع حتى على طلبة العلم.

هذا الرجل لو طلق زوجته بلا عِوض، ثم أراد أن يراجعها بعد مدة قبل العدة له ذلك، سواء رضيت أم لم ترضَ.

إذن الفرق بين تفويض البُضع وتفويض المهر؟

طالب: تفويض البُضع يكون لولي الزوجة بلا مهر.

الشيخ: نعم.

الطالب: وتفويض المهر، أن يزوجها بأي مهر شاء.

الشيخ: بأي مهر شاء، يعني بالمهر لكن أي مهر شاء، في الحالين ما الذي يثبت لها؟

ص: 2857

ما الذي يثبت لها إذا زوجوها على ما يشاء من مهر، أو زوجوها بلا مهر؟

طالب: (

).

الشيخ: نعم، يثبت لها مهر المثل، يقال: النكاح ينعقد ولها مهر مثلها، وما معنى مهر المثل، معناه أنه يُنظر إلى امرأة مثلها في الجمال والحسب، والمال، والدين، والعلم، فيقال: مثل هذه المرأة صداقها عشرة آلاف ريال، كم يكون المهر؟

طلبة: عشرة آلاف.

الشيخ: عشرة آلاف، مثل هذه المرأة خمسة آلاف، مثلها خمسون ألفًا، وهكذا.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (ولها مهر المثل، ويفرضه الحاكم بقدره) يعني اللي يقدر، يفرض بمعنى يقدر، و (الحاكم) يعني القاضي، (بقدره)، أي بقدر مهر المثل. (فإن رضيا)، أي الزوج والزوجة، على قدر معين، دون الوصول إلى القاضي، أيجوز؟

نعم، يجوز؛ لأن الحق لهما، لكن لو تعاندا، وقال الزوج: مهر مثلها ثلاثون، وقالت الزوجة: مهر مثلي خمسون، فهنا مشكلة، من يحل المشكلة؟

طلبة: الحاكم.

الشيخ: الحاكم يعني القاضي، فيفرضه الحاكم بقدره، وينظر كم مهر المثل، يقول: الآن يجب عليك أيها الزوج مهر المثل.

(على ما يشاء أحدهما أو أجنبي) لما أراد أن يُقدِّر المهر، قال: نرجع إلى فلان، الأجنبي يعني الذي ليس بزوج، وليس ولي المرأة، ولا المرأة؛ لأن الْمُقدِّر إما الولي أو المرأة أو الزوج، فإذا قال: زوجتك على ما يشاء فلان، وهو ليس زوجًا فهذا أجنبي، نقول: تعالَ، إحنا زوجنا فلانًا كم نعطيه، قال: أعطوه عشرين ألفًا، نعطيه عشرين ألفًا.

طالب: لو (

) وأصدقها؟

الشيخ: لا بأس.

طالب: بارك الله فيك، في بعض البلاد نتيجة كثرة الطلاق بين الرجل وزوجته، يشددون على الزوج في الشروط؛ يعني يكتبون عليه أوراقًا تفوق المهر بكثير، تعتبر ديونًا عليه، فهل الإنسان له أن يقف على مثل هذه (

الشيخ: ويش يسوي؟

الطالب: يعني يكتبون عليه شيك مثلًا بخمسين ألفًا.

الشيخ: ما يخالف، هل يجد أحد بعشرين ألفًا؟

الطالب: ممكن يجد، بس ربما هذه تكون مرغوبة لدينها، أو ..

ص: 2858

الشيخ: إذن هذا قيمتها، هذا مهر المثل في هذا البلد؛ ولهذا ليت الناس أنهم يقتدي بعضهم بعض، يقول: لا، ما يمكن.

طالب: الشيك هذا ربط له لئلا يطلق، يقول: لو طلقت نأخذ هذا الشيك.

الشيخ: إي، صحيح، هم يقولون: ربط، الظاهر -والله أعلم- المؤخر يكثرونه، يزيدون في المؤخر لئلا يُطلِّق، لماذا لا يقول: لا؟

طلبة: (

).

الشيخ: يقول: لا، أنا ما أربط نفسي بديون تبلغ هذا المبلغ، ما يزوج، يدور من غيرهم.

طالب: لو مات عنها أو ماتت عنه هذا الشيك ملغي.

الشيخ: عجيب! !

الطالب: لأن هذا بس ربط له إذا في حال الطلاق.

الشيخ: سبحان الله، هذه بعد مخالفة للشرع من جهة ثانية؛ لأن سبق لنا أنه إذا مات أحدهما تعجل، وهؤلاء يقولون: إذا مات أحدهما سقط؟

الطالب: يعني هم يربطون بهذا الشيك، يقول: إذا طلقتها نأخذ منك هذا الشيك.

الشيخ: إي، فاهم، صار معنى كلامهم، أنهم يُقدِّرون المؤخر بهذا القدر الكبير، حتى لا يطلقها، بدليل أنه لو مات أو ماتت سقط، هذا غلط.

الطالب: هذا بعض الناس.

الشيخ: هذا ما يصح، ولا أظن، كل الزيجات عندكم كذا؟

الطالب: لا، ليس الكل يا شيخ.

الشيخ: إي، الحمد لله، أجل، شوف الجانب الآخر.

طالب: إذا كان (

) فرض عليك امرأة للزواج (

) إذا طلقتها ادفع لنا مبلغ (

الشيخ: ما يصح هذا؛ لأن الأصل النكاح للطلاق ولا للبقاء؟ أسألك.

الطالب: للبقاء.

الشيخ: إي، وهو ما ينبغي أن يرد على لسانك كلمة طلاق عند العقد أبدًا، يعني هذا معناه أنها مؤقتة، فالأحسن أن تبتعد عن لفظة طلاق مطلقًا، ولربما تزين الأمور إن شاء الله، ويكون الأخير.

طالب: (

) الذي ضيق على زوجته ونأخذ منه مقابلًا من ماله (

) حتى لا تعود إليه؟

الشيخ: ثاني عرض الجماعة دول.

الطالب: لا، نريد أن نعرف ذلك الرجل الذي ضيق على زوجته، حتى نعطيه عوضًا عند فسخه أو عند تطليقه إياها فيعد خلعًا، فهل يجوز يعني (

ص: 2859

الشيخ: يعني يجوز أن يخالع الزوج وإن كان، لا أدري أن الخلع يُوجب البينونة؟ ما يهم.

طالب: شيخ، بارك الله فيكم، قلنا: إن المؤخر على الصفة اللي ذكرها الإخوان أنه إذا مات أو ماتت سقط، هذا مخالف للشرع؟ وجه المخالفة؟

الشيخ: إي، وجه المخالفة أن الدَّين لا يصح تعليقه بالموت، وهو إذا مات الإنسان الذي له الدين، ينتقل للورثة، ما له فيه تصرف، وربما يكون هذا الباقي كل مال الإنسان، ولو أوصى بأكثر من الثلث.

الطالب: لو أوصى لا يجوز.

الشيخ: لا يجوز.

طالب: إذا طلبت الزوجة مهرًا دون مهر مثلها، فإن أعطاها الزوج هذا المهر الذي طلبته هل تبرأ ذمته ذمة الزوج بإعطائه هذا المهر؟

الشيخ: إي، ما فيه شك، حديث الرسول زوج الرجل على خاتم من حديد لو جاء به، لما لم يأتِ قال: على ما معك من القرآن (4). (

)

الطالب: {وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .

الشيخ: ولعلهم يتفكرون.

الطالب: لا.

الشيخ: هلا (

).

الطالب: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64].

يقول في {هُدًى} : إنها معطوفة على {لِتُبَيِّنَ} ، وبعدين قال في شرح {لِتُبَيِّنَ}: لبيان وكأن {لِتُبَيِّنَ} ، مصدر مجرور يعني من باب التعريف، يعني إذا كان معطوفًا عليه فكأن الأمر يقتضي أن المعطوف عليه مجرور إذا كان {لِتُبَيِّنَ} في محل جر.

الشيخ: إي نعم، هو صحيح ستقول: لماذا لم يكن مجرورًا؟ بس تأبى الآية ذلك لقوله: {رَحْمَةً} ، هم يقولون: لأن {لِتُبَيِّنَ} هذه ما هي اسمًا صريحًا. مؤول واللام للتعليل.

الطالب: إي نعم

الشيخ: فيكون {هُدًى} مفعول لأجله (

)

***

ص: 2860

الطالب: يقول المؤلف رحمه الله تعالى: ومن مات منهما قبل الإصابة والفرض ورثه الآخر، ولها مثل مهر نسائها، وإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة بقدر يُسر زوجها وعسره، ويستقر مهر المثل بالدخول، وإن طلقها بعده فلا متعة، وإذا افترقا في الفاسد قبل الدخول والخلوة فلا مهر، وبعد أحدهما يجب المسمى، ويجب مهر المثل لمن وُطِئت بشُبهة أو زِنًى كرهًا، ولا يجب معه أرش بكارة، وللمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال، وإن كان مؤجلًا، أو حل قبل التسليم، أو سلَّمت نفسها تبرعًا فليس لها منعها، وإن أعسر بالمهر الحال فلها الفسخ، ولو بعد الدخول، ولا يفسخه إلا حاكم.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

سبق لنا أن هناك تفويضين، أحدهما؟

طالب: (

).

الشيخ: تفويض أيش؟

الطالب: البضع.

الشيخ: والثاني؟

الطالب: (

).

الشيخ: تفويض أيش؟ الأول: تفويض البضع، والثاني؟

الطالب: (

).

الشيخ: هذا، التفويض نوعان، تفويض البضع، وتفويض؟

الطالب: (

).

الشيخ: ولا راجعت! !

الطالب: تفويض البضع بلا مهر ..

الشيخ: أنا أسأل: ما بعد إلا الآن، ما ناقشتك، أو سألتك عن معناه، أنا أقول: أذكر أقسامه، تقول: قسمان، الأول: تفويض البضع، والثاني؟

الطالب: تفويض المهر.

الشيخ: تفويض المهر، ما هو تفويض البُضع؟

طالب: أن تفوض بُضعها أن يزوجها الولي بدون مهر.

الشيخ: أن يزوجها بلا مهر، أن يقول: زوجتك بنتي أو أختي بلا مهر. طيب تفويض المهر؟

الطالب: تفويض المهر هو أن يزوجها ..

الشيخ: أن يزوجها بمهر على ما يشاء، إذن الفرق أن تفويض البُضع لا يُسمى مهر، والثاني يُسمَّى ولكن لا يُعيَّن، يُجعل إلى رأي الزوج، ما الحكم في هذا؟

طالب: في الحالين يجب مهر المثل.

الشيخ: في الحالين يجب مهر المثل، تمام. من الذي يفرض مهر الْمِثل؟

طالب: الحاكم الشرعي.

الشيخ: الحاكم الشرعي. طيب إذا اتفقا على شيء؟

الطالب: لا بأس.

الشيخ: فلا بأس؛ لأن الحق لهما.

ص: 2861

قال: (ومن مات منهما) أي من الزوجين (قبل الإصابة) أي قبل الجماع (والفرض) أي تقدير المهر (منهما) الضمير يعود على؟

طالب: الزوجين.

الشيخ: (الإصابة) يعني؟

طالب: الجماع.

الشيخ: الجماع، والفرض؟

طالب: تقدير.

الشيخ: يعني تقدير المهر؛ لقوله تعالى: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 237] فسماه الله تعالى فريضة.

(من مات قبل أن يسمى الفرض ورثه الآخر، ولها مهر نسائها)، هذه المسألة، صورتها أن إنسانًا عقد على امرأة، ولم يُسمِّ لها مهرًا، ولم يدخل بها، ولم يخلُ بها، ثم مات عنها، فما الحكم؟

نقول: يتعلق بذلك أربعة أمور:

أولًا: المهر، لها مهر نسائها، مهر المثل؛ لأنه ما فرض، فيجب لها مهر نسائها.

ثانيًا: أنها ترثه.

ثالثًا: أن عليها العدة، أليس كذلك؟

طالب: بلى.

الشيخ: قلنا: لها مهر المثل، والثاني: ترث زوجها، والثالث: عليها، العدة، ثلاثة أحكام، يترتب على ذلك ثلاث أحكام، مع أنه لم يصبها، ولم يخلُ بها، وإنما عقد عليها عقدًا، لكن قدر الله عليه ومات، إما بغتة وإما بحادث أو بغير ذلك، فترثه، كذا ولَّا لا؟ وتأخذ المهر قبل الميراث، قبل أن يرثه أي واحد، تأخذ المهر، من التركة، وعليها، العدة، عدة الوفاة، فما هو الدليل على ذلك؟ نقول: أما الدليل على عدة الوفاة فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]. وهذه المرأة زوجة ولَّا غير زوجة؟ زوجة، إذن عليها أن تعتد. ما هو الدليل على أن لها الميراث؟ الدليل قوله تعالى:{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12]

لهن أي لأزواجكم، وهذه زوجة فيجب لها المهر.

طالب: يجب لها الميراث.

ص: 2862

الشيخ: إي نعم، يجب لها الميراث. الدليل على أن لها المهر، وهو لم يدخل عليها ولم يخلُ بها، الدليل أن هذا قضاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن ابن مسعود رضي الله عنه سُئل عن هذه المسألة فقال: عليها العدة، ولها الميراث، ولها مهر نسائها، فقام رجل فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بمثل ذلك في امرأة منا (5).

فيقال: هذا دليل السنة، قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي السنة.

يقول رحمه الله: (ومن مات منهما قبل الإصابة والفرض ورثه الآخر، ولها مهر نسائها)

ويش باقي من الأحكام الثلاثة اللي ذكرنا؟

طالب: العدة.

الشيخ: العدة، ستأتي -إن شاء الله- في كتاب العِدد.

(وإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة بقدر يسر زوجها وعسره)(إن طلقها) أي الزوجة (قبل الدخول) يعني أو الخلوة، إذا طلقها قبل ذلك فلها المتعة.

(بقدر يسر زوجها وعسره) المتعة: يعني أن يمتعها بشيء تطييبًا لقلبها؛ لأنها الآن ليس لها مهر، حيث إنه لم يُسمَّ لها مهر، فإذا طلقها قبل أن يُسمِّي لها مهرًا، قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها، فلها المتعة، يعني تعطى شيئًا تتمتع به، يطيب خاطرها.

بقدر اليسر والعسر، الموسر يكون عليه أكثر من المعسر، جبرًا لخاطرها، أما إذا كان قد سُمِّي لها المهر، بأن قيل: أمهرتها عشرة آلاف مثلًا، فقد قال الله تعالى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237].

هذه يؤخذ نصف المهر، وخلاصة الأمر الآن أن المرأة إذا طُلِّقت قبل الدخول والخلوة، فإن كانت قد سُمِّي لها صداق، فلها نصف الصداق، وإن لم يُسمَّ لها صداق، فلها المتعة، بقدر يُسْر الزوج وعسره، كما قال الله تعالى:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236].

ص: 2863

(ويستقر مهر المثل بالدخول) يعني إذا دخل على هذه المرأة التي تزوجها، ولم يُسمِّ لها مهرًا، استقر المهر، لكن ماذا تُعطى؟ تُعطى مهر المثل، وقد سبق لنا تفسير معنى مهر المثل. وإن طلقها بعده فلا مُتعة، لماذا؟ استغناءً بالمهر؛ لأنه إذا طلقها بعد الدخول، استقر المهر إن كان مسمى فالمسمى، وإن كان غير مسمى فمهر المثل، وعلى هذا فتكون المتعة واجبة على مَنْ؟ على من طلق قبل الدخول ولم يُسمِّ لها مهرًا، فإن طلق بعد الدخول فلا مهر، وإن طلق قبل الدخول ولم يُسمِّ لها مهرًا فعليها المتعة.

يقول رحمه الله: (وإن طلقها بعده فلا متعة) أيضًا إذا طلقها بعده فلا متعة، لماذا؟

طالب: استغناء بالمهر.

الشيخ: استغناء بالمهر؛ لأن المهر إن كان مسمى فهو المسمى، وإن كان غير مسمى فمهر المثل، ولا يُجمع بين المتعة والمهر.

وقال شيخ الإسلام: بل تجب المتعة؛ لعموم قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241]. وهذا مطلق؛ ولأن هذه المتعة من باب جبْر الخاطر؛ لأن كسرها طلاقها (6) كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فأنت الآن كسرتها، فأمتعها بشيء يطيب خاطرها، لكن مع الأسف أن غالب الطلاقات تكون عن زعل وغضب، فلا تطيب نفس الزوج أن يمتعها، والذي ينبغي للإنسان أن يكون قادرًا على نفسه قويًّا عليها، فيمتعها وإن كان الطلاق عن نزاع وخصومة، المهم أنها إذا طُلِّقت بعد الدخول فالمذهب أن ليس لها متعة اكتفاء بالمهر.

واختار شيخ الإسلام رحمه الله، أنه يجب أن يمتعها؛ لعموم قوله تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241].

قال رحمه الله: (وإذا افترقا في الفاسد قبل الدخول والخلوة فلا مهر، وبعد أحدهما يجب المسمى).

(إذا افترقا) الفاعل الزوجان، (قبل الدخول والخلوة)(في الفاسد) فلا مهر، فما هو الفاسد؟

ص: 2864

الفاسد ما ليس بصحيح، ومنه أن تُزوِّج نفسها؛ لأن النكاح بلا ولي -على القول الراجح- فاسد، لكن لو زوجت نفسها بلا مهر، وطلقها قبل الدخول والخلوة، فليس لها مهر وليس لها متعة؛ لأن النكاح غير صحيح، وإذا كان غير صحيح فإنه لا تترتب عليه أحكام، وإن طلقها بعده وبعد أحدهما، ما هما؟ الدخول والخلوة، يجب المسمى، المعيَّن، قليلًا كان أو كثيرًا.

وخلاصة الكلام الآن أن الزوجين إذا افترقا في النكاح الفاسد، قبل الدخول والخلوة، فلا مهر؛ لأن وجود هذا العقد كعدمه، وإن كان دخل بها وجب مهر المثل إن كان المهر غير مسمى، والمهر كاملًا إن كان مسمى، ونضرب لهذا مثلًا: امرأة تزوجها رجل بلا مهر فالنكاح فاسد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» (7)، لما قيل له: إن النكاح فاسد، قبل أن يدخل عليها، قال: إذن طلقتها، فماذا يجب لها؟

طالب: (

).

الشيخ: لا يجب لها شيء، خلاص، طلقها؛ لأن النكاح غير صحيح، لكنه دخل عليها، وبعد أن دخل عليها قيل له: إن النكاح فاسد، قال: إذن طلقتها، ماذا يجب؟

طالب: مهر المثل.

الشيخ: مهر المثل إن كان غير مسمى، وإن كان مسمى فالمسمى، فإذا كان هذا الرجل قد أصدقها عشرة آلاف ريال، فلها عشرة آلاف ريال، وإن كان قد سكت، ولم يُسمِّ مهرًا وجب لها مهر المثل.

إنسان آخر عقد على امرأة بولي وشهود وكل شيء، لما عقد عليها جاءه امرأة تشهد بأنها أرضعته مع هذه المرأة، أصبحت المرأة أختًا له، فماذا يصنع؟ يجب أن يفرق بينهما، المهر، هو الآن جاءه قبل الدخول والخلوة.

طالب: لا شيء.

الشيخ: لا شيء، المهر لا شيء لها؛ لأنهما افترقا قبل الدخول والخلوة، بعد الدخول والخلوة، أيش؟ نقول: إذا كان قد سمى لها المهر فالْمُسمَّى، وإن لم يُسمَّ فلها مهر المثل، لكن مهر المثل لماذا؟ لأنه استحل فرجها، ولهذا قال المؤلف:(وبعد أحدهما يجب المسمى، ويجب مهر الْمِثل لمن وُطِئت بشُبْهة أو زِنًى كُرْهًا).

ص: 2865

هذا شيء يجب به المهر بدون عقد، امرأة وُطِئت بشبهة؛ شبهة عقد أو شبهة اعتقاد، شبهة العقد أن يعقد عليها عقدًا باطلًا، ولم يعلم إلا بعد العقد، كالمثال الذي ذكرناه، إذا عقد عليها ثم تبين أنها أخته من الرضاع، فالعقد هذا باطل والشبهة فيه عقد ولَّا اعتقاد؟ عقد، شبهة الاعتقاد أن يجامع امرأة يظنها امرأته، يظنها زوجته، مثل أن يكون جاء إلى فراشه ووجد به امرأة نائمة، ولقوة الشهوة لم يفكر، فجامعها، هذه شبهة اعتقاد؛ لأنه اعتقد أنها زوجته، فماذا يجب لهذه المرأة التي وطئت بشبهة عقد أو اعتقاد؟ يقول: يجب لها مهر المثل؛ لأنه استحلها بالجماع، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«لَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا» (8). كذلك إذا وطئها بزنى.

فهو على قسمين: أن يكون باختيارها فلا مهر لها؛ لأنها هي التي ضيَّعت على نفسها هذا الشيء، أن يكون بإكراه فلها مهر المثل، حتى ولو كان صغيرًا، كما يوجد من بعض الصغار عبثًا، في بعض الفتيات الصغار، هل يجب عليه مهر المثل؟ نعم، أيش تقولون؟ يجب وذلك لأن إتلافات حقوق الآدميين، الإتلافات في حقوق الآدميين لا فرق فيها بين الصغير والكبير، والعمد والخطأ، وهذه مسألة خطيرة؛ لأنها قد تقع من بعض الصبيان في حال السفه، فيُلزم بمهر المثل.

طالب: يقع عليه الحد؟

الشيخ: لا، الحد لا يقع؛ لأنه لا بد من أن يكون بالغًا عاقلًا، عالمًا بالتحريم.

قال: (ولا يجب معه) أي مع مهر المثل (أرش بكارة).

لو أنه نسأل الله العافية زنى بامرأة بِكْر، فإنها ستكون بعد البكارة ثيبًا، يجب عليه مهر المثل، هل يجب عليه أرش البكارة؟ لا لأن أرش البكارة دخل في مهر المثل، إذ إننا سنُقدِّر مهر مثلها على أنها بكر ولا على أنها ثيب؟

طلبة: على أنها بكر.

الشيخ: على أنها بكر، فإذا قدرنا مهر مثلها على أنها بكر، فهذا يعني أن أرش البكارة دخل في مهر المثل، فلا حاجة إلى أن يضمن مرتين.

ص: 2866

(وللمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال) امرأة تزوجها رجل على صداق، لكن لم يُرسَل الصداق، فطلب منها الدخول، قالت: لا يمكن، أعطني المهر، قال: المهر يجيبه الله، نعم، فلها أن تمنع نفسها حتى تقبض الصداق الحال؛ لأنه يُخشى أن تُمكِّنه من نفسها، ثم يبقى مماطلًا بهذا المهر، فنقول: الآن الأمر بيدك، لكِ أن تمنعي نفسكِ حتى تقبضي الصداق الحال، فإن كان مؤجلًا، أو حل قبل التسليم، أو سلَّمت نفسها تبرعًا فليس لها منعها، هذه ثلاث مسائل:

إذا كان مؤجلًا فليس لها منع نفسها؛ لأنها هي التي أجَّلت المهر باختيارها، فإذا قدرنا أنه تزوج امرأة على مهر يسلمه بعد سنة، فهل لها أن تمنع نفسها حتى تمضي السنة؟ لا؛ لأن هي اللي أجلت الصداق، فالأمر كان بيدها، نقول: سلمي نفسكِ، أو كان مؤجلًا فحل قبل التسليم، فليس لها منع نفسها، مثاله، أجلت المهر ثلاثة أشهر، الزوج قال: الآن ما معي فلوس لكن بعد شهر يأتيني فلوس، اتفقوا على تأجيل المهر ثلاثة أشهر، حلت الأشهر، نعم قبل أن تحل هل لها منعها؟

طالب: لا.

الشيخ: ليش؟

طلبة: (

).

الشيخ: لأنها رضيت بالتأجيل، حل الأجل، وهو لم يستلمها، وبعد الحلول جاء يطلب أن يستلمها قبل أن يسلم الدراهم، الدراهم الآن حالة، لكن كانت بالأول مؤجلة، فهل لها أن تمنع نفسها بعد حلول المؤجل؟

طالب: نعم.

الشيخ: لا، يقول المؤلف: لا تمنع نفسها، كيف لا تمنع نفسها وهو حال الآن؟ قال: لأنها لما رضيت بالتأجيل أولًا، وكان يلزمها أن تُسلِّم نفسها في المدة الأولى، أليس كذلك؟ يلزمها أن تُسلِّم نفسها، فهذا اللزوم لا يسقط بمجرد حلول الأجل.

إذن يُفرَّق بين الحال الذي لم يُؤجَّل وبين الحال الذي أُجِّل فتم أجله، الأول: لها أن تمنع نفسها، والثاني: ليس لها أن تمنع، فإذا قال قائل: ما الفرق؟ قلنا: الفرق ظاهر؛ لأنها مدة التأجيل لو أرادت أن تمنع نفسها تمنع ولَّا لا؟

طالب: تمنع ..

ص: 2867

الشيخ: مدة التأجيل ما تمنع نفسها، إذا كانت لا تمنع نفسها في خلال ثلاثة أشهر في المثال اللي ذكرنا فكيف يقال: إذا حل منعت نفسها، أعرفتم الآن؟ فالفرق بينهما ظاهر، لكن بعض أهل العلم يقول: إذا حل بعد التأجيل ثم ماطل فلها أن تمنع نفسها؛ لأنه الآن يصدق عليه أنه حال.

كان بالأول لو طلبها قبل أن يحل فليس لها أن تمنع نفسها؛ لأنها رضيت بالتأجيل، أما الآن فقد حل، ولهذا كان القول الثاني في المسألة أن لها أن تمنع نفسها فيما إذا حل بعد التأجيل كما تمنع نفسها في ما لم يُؤجَّل أصلًا.

لو سلمت نفسها تبرعًا؛ يعني هو المهر حال، وطلب منها تسلم نفسها قالت: لا، أعطني مهري وقال: إحنا .. قام يسوي لها كما يقول الناس فِرشة، ويستعطفها وأنا وإياك شيء واحد، واللي عندك عندي واللي عندي عندك، والمسألة إن شاء الله يسهل الله، مسكينة المرأة تعرفون ضعفها، قالت: طيب تجيبه لي بكرة؟ قال: إن شاء الله، بكرة نجيبه، فأخذها وصار مراده ببكرة يوم القيامة! لأن الله يقول:{وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18].

هل لها أن تمنع نفسها الآن؟ يقول المؤلف: لا؛ لأنها سلَّمت نفسها، فليس لها أن تمنع نفسها، مخدوعة المسكينة، قال: ليش ما احتاطت لنفسها، ولكن الصحيح أنه إذا ماطل ولم تمكن مطالبتُه، والغالب أنها لا تمكن مطالبته؛ لأن المشكل لو طالبته ربما يُطلِّقها، فالصحيح أن لها أن تمنع نفسها، ولو سلَّمت نفسها تبرعًا؛ لأنها قد تكون مخدوعة فلها ذلك.

ثم قال المؤلف: (فإن أعسر بالمهر الحال فلها الفسخ ولو بعد الدخول، ولا يفسخه إلا حاكم).

ص: 2868