الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هناك فرق بين أمرك بيدك واختاري نفسك، إذا قال: اختاري نفسك فإنه لا بد أن ترد في نفس المجلس ولا تملك أكثر من واحدة، إلا إذا قال: اختاري نفسك اليوم أو غدًا، فيمتد الاختيار، أو قال: اختاري نفسك ولو بثلاث، فلها أن تختار بثلاث.
وحينئذٍ يُفَرَّق بين قوله: اختاري نفسك وبين قوله: أمرك بيدك، أمرك بيدك أوسع، لا تقتصر على واحدة ولا على المجلس، بل متى شاءت فعلت، وأما اختاري نفسك فإنه يختص بواحدة وبالمجلس المتصل.
وقوله: (ما لم يَزِدْها) أي: يزد امرأته، (فيهما) الضمير في قوله:(فيهما) يعود على قوله: (واحدة) وعلى قوله: (في المجلس المتصل)، فإن زادها على واحدة فعلى ما زاد، وإن زادها في المجلس بأن قال: اختاري نفسك اليوم أو غدًا أو متى شئت فعلى ما قال.
(فإن رَدَّتْ أو وَطِئَ أو طَلَّقَ أو فسخَ بَطَلَ خيارُها) عندي أنا: (بطل خيارها).
طالب: إي نعم.
الشيخ: هذه النسخة الصحيحة.
(إن ردت) يعني: لما قال لها: اختاري نفسك، قالت: لا أختار، فحينئذٍ يبطل اختيارها، لماذا؟ لأنها ردت، كالوكيل إذا وُكِّل ثم لم يقبل الوكالة.
(أو وَطِئَ أو طَلَّقَ أو فسخَ)، نقول في (وَطِئَ وطَلَّقَ وفسخَ) ما قلنا في المسألة التي قبلها؛ لأن وطأه وتطليقه وفسخه يدل على أنه عدل عن توكيلها.
***
[باب ما يختلف به عدد الطلاق]
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب ما يَختلفُ به عددُ الطَّلاق).
كان الناس في الجاهلية يطلق الإنسان ما شاء، وكان في ذلك ضرر كبير على النساء؛ لأن الواحد منهم يطلق المرأة، فإذا شارفت على انقضاء العدة راجعها، إذا راجعها صارت زوجة، فإذا صارت زوجة طلقها ثانية، إذا طلقها استأنفت العدة، فإذا شارفت العدة الثانية راجعها، ثم طلقها فاستأنفت العدة، فإذا شارفت العدة الثالثة راجعها ثم طلقها فاستأنفت العدة. كم من عدة الآن؟ أربعة وخمس وست، تبقى المسكينة لا مزوجة ولا مطلقة، فجعل الله سبحانه وتعالى الأمر راجعًا إلى ثلاثة.
وما أكثر ما يرجع إلى الثلاث في الشريعة الإسلامية، الاستئذان كم؟ ثلاث، والكلام إعادته ثلاث، وكذلك العادات تثبت بالثلاث، فالرجوع إلى الثلاث في مواطن كثيرة في الشريعة الإسلامية.
جعل الله سبحانه وتعالى للزوج الخيار في ثلاث تطليقات فقط.
يقول المؤلف: (يَملكُ مَنْ كلُّه حرٌّ ثلاثًا)، عندكم هكذا؟
طلبة: (أو بعضه).
الشيخ: أنا ما هي عندي، (يَملكُ مَنْ كلُّه أو بعضُه حرٌّ ثلاثًا).
طالب: لا يا شيخ، أنا (من كله حر أو بعضه).
الشيخ: نعم، (من كله حر)؟
الطالب: (أو بعضه).
طالب آخر: نسختي -يا شيخ- (
…
).
الشيخ: ما يخالف.
(يَملكُ مَنْ كلُّه أو بعضُه حرٌّ ثلاثًا) يعني: ثلاث تطليقات، فيطلق ثم يراجع، ويطلق ثم يراجع، ويطلق ثم لا يراجع. هذا إذا كان حرًّا أو بعضه حرًّا.
أما إذا كان حرًّا فالأمر واضح؛ لقول الله تبارك وتعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] إلى قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني أيش؟ الثالثة {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]. هذا إذا كان كله حرًّا.
إذا كان بعضه حرًّا وبعضه رقيقًا؛ يعني: نصفه حر ونصفه رقيق، هل نقول: إننا نعطيه بقدره أو نكمل له العدد؟
يقول المؤلف: إنه يكمل له العدد؛ لأن الطلاق لا يتبعض، فإما ثنتان وإما ثلاثة.
قال: (والعبدُ اثنتينِ) يعني: ويملك العبد تطليقتين؛ وذلك لأن الرقيق على النصف من الحر؛ عدة المرأة الأمة نصف عدة الحرة، جلد الزاني في الإماء والعبيد نصف جلد الأحرار، وهلم جرًّا.
وقوله: (العبد اثنتين) قياسًا على بقية الأحكام التي تتنصف.
لكن لو قال قائل: لماذا لم يُجعل العبد واحدة ونصفًا، إذا كان الحر ثلاثًا فالعبد واحدة ونصف؟ لا يمكن يتبعض.
طيب، لماذا لم يُجعل واحدة احتياطًا؟
نقول: في هذا هضم لحق العبد؛ ولهذا كان القول الآخر في هذه المسألة أن العبد له ثلاثة؛ لعموم الأدلة، فيملك الحر ثلاثًا ويملك العبد ثلاثًا.
قال: (حُرَّةً كانتْ زوجتاهُما أو أَمَةً)(حُرَّةً كانتْ زوجتاهُما)، زوجتا من؟ الحر والعبد، (أو أمة).
لننظر؛ أولًا كون زوجة الحر حرة واضحة، هل يمكن أن تكون زوجة الحر أمة؟ يمكن، لكن بشروط، قال الله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]، فيجوز للحر أن يتزوج أمة إذا خاف المشقة بترك النكاح ولم يجد مهرًا للحرة يتزوج أمة.
هل يمكن للعبد أن يتزوج حرة؟ نعم، يمكن، يجوز أن يتزوج حرة بدون شروط، كالحر تمامًا.
إذن يمكن أن يكون الزوج حرًّا والزوجة أمة، أو الزوج رقيقًا والزوجة حرة؛ ولهذا قال:(حرةً كانت زوجتاهما أو أمة)، إذن فاعتبار العدد بحسب الأزواج ولَّا بحسب الزوجات؟ بحسب الأزواج.
(فإذا قال: أنتِ الطَّلاقُ، أو طلاق، أو عليَّ الطلاق، أو يَلزمُني الطلاق، وقع ثلاثٌ بنيِّتِها وإلا فواحدةٌ).
شوف قال لزوجته: (أنت الطلاق)، ويش معنى (أنت الطلاق)؟ معنى (أنت الطلاق) أنت الطالق، لكنه عبر بالمصدر عن اسم الفاعل مبالغة، والتعبير بالمصدر عن اسم الفاعل أو اسم المفعول موجود في اللغة العربية؛ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (10) بمعنى مردود.
إذن إذا قال لزوجته: أنت الطلاق، معناه أيش؟ أنت الطالق؛ لأن هذا مصدر أريد به اسم الفاعل.
(أنت طلاق) بمعنى: أنت طالق.
(عليَّ الطلاق) يعني بمعنى: يلزمني؛ لأن (على) تفيد الوجوب.
(يلزمني الطلاق) أيضًا تفيد الوجوب.
لكن هذا إذا أراد الإنشاء في قوله: (عليَّ الطلاق، يلزمني الطلاق) إذا أراد الإنشاء، أما إذا أراد الخبر؛ بمعنى أن عليه أن يطلق يلزمه أن يطلق، فهذا لا يقع به الطلاق.
يقول: (وقع ثلاث بنيتها وإلا فواحدة) شوف (أنت الطلاق) كم يقع؟
طالب: ثلاثًا.
الشيخ: لا، يقع واحدة ما لم ينو الثلاث؛ ولهذا قال:(وقع ثلاث بنيتها وإلا فواحدة).
وحينئذٍ نقول: ماذا أردت بقولك: أنت الطلاق؟ إذا قال: أردت الثلاث وقع ثلاثًا، وإذا قال: أردت واحدة وقع واحدة، إذا قال: لم أرد شيئًا إلا الطلاق يقع واحدة، فيقع واحدة في مسألتين: المسألة الأولى إذا نوى الواحدة، والمسألة الثانية إذا أطلق.
إذا قال قائل: الثلاث والواحدة متباينات، فكيف يقع في كلمة واحدة إما ثلاث وإما واحدة؟
نقول: لأن (أل) هنا صالحة للجنس وصالحة للاستغراق، إذا جعلناها للاستغراق يقع ثلاثًا، وإذا جعلناها للجنس فأقل ما يقع عليه الجنس واحدة.
أما كلمة (طلاق)، إذا قال:(أنت طلاق) فكم يقع؟ المؤلف يقول: يقع واحدة ما لم ينوِ أكثر، فإن نوى أكثر وقع؛ وذلك لأن كلمة (طلاق) مصدر بمعنى طالق، وهو إذا نوى بـ (طالق) ثلاثًا وقع الثلاث.
والقول الراجح في هذه المسائل الأربع، ويش يقع؟
طالب: واحدة فقط.
الشيخ: ولو نوى ثلاثًا؟
طلبة: ولو نوى ثلاثًا.
الشيخ: ولو نوى ثلاثًا.
طالب: إن طلق الرجل المرأة طلقة واحدة، ثم تزوجت بعده بزوج آخر، ثم طلقها، فتزوجت بالأول مرة ثانية، هل يملك الزوج الأول الثنتين الباقية أو (
…
)؟
الشيخ: يعني تزوُّج هذا الرجل الآخر هل يهدم الطلاق السابق أو لا، هذا معناه؟
الطالب: إي.
الشيخ: طيب، لا يهدم الطلاق السابق إلا إذا كان نكاح الثاني شرطًا لحلها للأول فيهدمه، فهمتم السؤال والجواب يا جماعة.
طلبة: لا.
الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله!
ويَقَعُ بلَفْظِ كلِّ الطلاقِ أو أَكثرِه أو عددِ الْحَصَى أو الريحِ أو نحوِ ذلك ثلاثا ولو نَوَى واحدةً، وإن طَلَّقَ عُضوًا أو جُزْءًا مَشاعًا أو مُعَيَّنًا أو مُبْهَمًا أو قالَ: نصْفَ طَلْقَةٍ أو جُزءًا من طَلْقَةٍ طَلُقَتْ، وعكْسُه الروحُ والسنُّ والشَّعَرُ والظُّفْرُ ونحوُه، وإذا قالَ لِمَدخولٍ بها: أنتِ طالقٌ وكَرَّرَه وَقَعَ العددُ إلا أن يَنْوِيَ تأكيدًا يَصِحُّ أو إفهامًا، وإن كَرَّرَه ببل أو بثم أو بالفاءِ، أو قال بعدها، أو قبلها أو معها طلقة وقع اثنتان. وإن لم يَدخلْ بها بانَتْ بالأُولَى، ولم يلزمه ما بعدها. والْمُعَلَّقُ كالْمُنْجَزِ في هذا.
(فصلٌ)
ويَصِحُّ منه استثناءُ النصفِ فأَقَلَّ من عددِ الطلاقِ والْمُطَلَّقَاتِ، فإذا قال: أنت طالق طلقتين إلا واحدة وقعت واحدة، وإن قال: ثلاثا إلا واحدة فطلقتان. وإن اسْتَثْنَى بقَلْبِه من عَددِ الْمُطَلَّقَاتِ صَحَّ دونَ عَددِ الطَّلَقاتِ، وإن قالَ: أَرْبَعُكنَّ إلا فُلانةَ طَوالِقُ صَحَّ الاستثناءُ ولا يَصِحُّ استثناءٌ لم يَتَّصِلْ عادةً، فلو انْفَصَلَ وأَمْكَنَ الكلامُ دونَه بَطَلَ، وشَرْطُه النيَّةُ قبلَ تمام ما اسْتَثْنَى منه.
(بابُ الطلاقِ في الماضي والمستقبَلِ)
إذا قالَ: أنت طالقٌ أَمْسِ أو قبلَ أن أَنْكِحَكِ ولم يَنْوِ وُقوعَه في الحالِ لم يَقَعْ، وإن أرادَ بطَلاقٍ سَبَقَ منه أو من زَيدٍ وأَمْكَنَ قبلُ، فإنْ ماتَ أو جُنَّ أو خَرِسَ قبلَ بيانِ مُرادِه لم تَطْلُقْ، وإن قال: أنت طالقٌ ثلاثًا قبلَ قُدومِ زيدٍ بشهرٍ فقَدِمَ قبلَ مُضِيِّه لم تَطْلُقْ، وبعدَ شَهْرٍ وجزءٍ تَطْلُقُ فيه يَقَعُ، فإن خالَعَها بعدَ اليمينِ بيومٍ وقَدِمَ بعدَ شهرٍ ويومينِ صَحَّ الْخُلْعُ وبَطَلَ الطلاقُ، وعكسُهما بعدَ شهرٍ وساعةٍ، وإن قالَ: طالقٌ قبلَ مَوْتي طَلُقَتْ في الحالِ، وعكسُه معَه أو بعدَه.
(فصلٌ)
وإن قالَ أنتِ طالقٌ إن طِرْتِ أو صَعِدْتِ السماءَ أو قَلَبْتِ الْحَجَرَ ذَهَبًا. ونحوَه من المستحيلِ لم تَطْلُقْ، وتَطْلُقُ في عكسِه فورًا وهو النَّفْيُ في المستحيلِ مثل لأقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ أو لأَصْعَدَنَّ السماءَ ونحوَهما، وأنتِ طالقٌ اليومَ إذا جاءَ غدٌ لَغْوٌ، وإذا قال: أنتِ طالقٌ في هذا الشهرِ أو اليومَ. طَلُقَتْ في الحالِ، وإن قال: في غدٍ أو السبتِ أو رمضانَ. طَلُقَتْ في أَوَّلِه، وإن قالَ: أَرَدْتُ آخِرَ الكلِّ. دُيِّن وقُبِلَ، وأن قال أنتِ طالقٌ إلى شهرٍ. طَلُقَتْ عندَ انقضائِه إلا أن يَنْوِيَ في الحالِ فيَقَعَ، وطالقٌ إلى سنةٍ. تَطْلُقُ باثْنَيْ عشرَ شَهْرًا، وإن عَرَّفَها باللامِ. طَلُقَتْ بانسلاخِ ذي الْحِجَّةِ.
(بابُ تعليقِ الطلاقِ بالشروطِ)
لا يَصِحُّ إلا من زوجٍ
طالب: إن طلَّق الرجل المرأة طلقة واحدة، ثم تزوجت بعده برجل آخر ثم طلقها فتزوجت بالأول الذي فارقها، هل يملك الزوج الأول الثنتين الباقية أو يملك من جديد؟
الشيخ: يعني: تزوُّجها برجل آخر، هل يهدم الطلاق السابق أو لا، هذا معناه؟
الطالب: إي.
الشيخ: لا يهدم الطلاق السابق إلا إذا كان نكاح الثاني شرطًا لحِلِّها للأول فيهدمه، فهمتم السؤال والجواب يا جماعة؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا؟ لا حول ولا قوة إلا بالله؛ رجل طلق زوجته مرة، ثم تزوجت برجل آخر، ثم طلقها أو مات عنها وعادت للأول، فهل تعود على طلاق ثلاث أو على ما بقي من طلاقها اثنتين؟ على ما بقي من طلاقها؛ لأن الزوج الثاني لا يهدم طلاق الأول إلا إذا كان شرطًا لحلها للأول، ولا يكون شرطًا لحلها للأول إلا إذا كان الأول طلقها ثلاثًا.
وعلى هذا فإذا طلق الرجل زوجته مرتين ثم تزوجت بآخر ثم طلقها وعادت للأول، كم بقي عليه؟ واحدة.
وإذا طلقها ثلاثًا ثم تزوجت آخر ثم طلقها وعادت للأول، كم يملك؟ ثلاثًا.
فإذا قال قائل: إذا كان الزوج الثاني يهدم الثلاث، فليهدم الثنتين والواحدة؟ قلنا: لا، هذا قياس مع الفارق؛ لأنه بالثلاث نكاحها الزوج الثاني شرط لحلها الأول، فإذا طلقها عادت إلى الأول كأنه الآن تزوجها؛ لأنها بالأول كانت حرامًا عليه حتى تزوجت الثاني، فلما كان زواج الثاني شرطًا لحلها بالأول وأن هذه المرأة انقلبت حلالًا للأول بعد أن كانت حرامًا عليه، صار الثاني يهدم الطلقات الأولى.
أما إذا كان الطلقة مرة أو مرتين، فهل نكاحها الثاني شرط لحلها للأول؟ لا، ولذلك لم يؤثِّر شيئًا، انتبهوا لهذا.
على أن المرأة إذا تزوجت بعد طلاقها، فإن كان هذا النكاح شرطًا لإحلالها للأول فإنها ترجع للأول بأيش؟ بثلاث، وإن لم يكن شرطًا فإنها ترجع إلى الأول بما بقي من طلاقها، هذه هي القاعدة.
طالب: إن كان طلق الرجل صغيرة؟
الشيخ: طلق صغيرة؟
الطالب: نعم.
الشيخ: نعم، كم عمرها؟
الطالب: صغيرة لم تحض.
الشيخ: كم عمرها؟
الطالب: عشر سنوات، ثم بعد شهر حاضت، فكيف تكون عدتها بالحيض أو بأربعة أشهر وعشر؟
الشيخ: إذا لم تتم العدة بالأشهر ترجع إلى الحيض.
الطالب: من جديد؟
الشيخ: إي، من جديد.
طالب: اشتراط هذا الشرط أنها ترجع للزوج الأول ألا يعتبر محللًا.
الشيخ: لا، كيف محلل؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: أبدًا، تزوجها الزوج الثاني على أنها راغبة، لكنها ما (
…
) له، ألقى الله في قلوبهما الكراهية للآخر، هذا محلل؟ أجب.
الطالب: لا.
الشيخ: أو مات عنها، المحلل الذي ينوي أو يشترط على أنه متى أحلها للأول طلقها.
طالب: الصغيرة إذا طلقت وحاضت في حال العدة، هل لها .. ؟
الشيخ: تستأنف العدة بارك الله فيك.
الطالب: هل لها ترجع له (
…
)؟
الشيخ: كيف ترجع؟
الطالب: هل مثلًا أن يراجعها (
…
)؟
الشيخ: له أن يراجعها ما دامت في العدة سواء بالأشهر أو بالحيض، أفهمت.
الطالب: (
…
).
الشيخ: أفهمت؛ قل: لا ولَّا نعم؟
الطالب: نعم.
الشيخ: الحمد لله (
…
).
***
طالب: قال المصنف رحمه الله: ويقع بلفظِ: كلَّ الطلاق أو أكثرَه أو عددَ الحصى، والريح، ونحو ذلك ثلاثٌ ولو نوَى واحدةً، وإن طلَّق عُضْوًا أو جُزْءًا مُشاعًا أو مُعيَّنًا أو مُبهَمًا أو قال: نصف طلقةٍ، أو جُزءًا من طلقةٍ طلقت، وعكسُه الرُّوحُ والسنُّ والشَّعرُ والظِّفرُ ونحوُه، وإذا قال لمدخول بها: أنت طالقٌ وكَرَّره وقع العددُ، إلا أن ينويَ تأكيدًا يصحُّ أو إفهامًا، وإن كرَّره بِبَلْ أو بثُمَّ أو بالفاءِ أو قال: بعدَها أو قَبلَها أو معها طلقةٌ وقع اثنْتانِ، وإن لم يَدخلْ بها بانتْ بالأُولَى ولم يلزَمْه ما بعدَها، والمعلَّق كالمُنَجَّزِ في هذا.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، سبق أن الطلاق الذي يملكه الإنسان فيه الرجعة هو اثنتان، وبعد الثالثة لا رجوع؛ ودليل ذلك قوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] إلى قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} أي: الثالثة {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
وسبق لنا أن القول الراجح أن طلاق الثلاث واحدة، سواء وقع بكلمة واحدة أو بكلمات، أو في مجلس أو مجالس، ما لم يراجع أو يعقد عقدًا جديدًا، بأن تكون انتهت العدة ثم عقد عليها.
ويقول المؤلف رحمه الله بناء على أن الطلاق الثلاث يقع بلفظه، يقول:(ويقع بلفظِ: كلَّ الطلاق)، أنت طالق كلَّ الطلاق يقع ثلاثًا، أنت طالق أكثرَ الطلاق، كم أكثر الطلاق؟ ثلاث (أو أكثره)، أنت طالق (عددَ الحصى) كم يقع؟
طلبة: ثلاثة.
الشيخ: لأن الحصى، ثلاث ولَّا أكثر؟ أكثر.
(عدد الريح)؛ كم عدد الريح؟
طالب: أربعة.
الشيخ: إن أراد أنواعه فأربعة، وإن أراد أفراده فلا تفصيل.
(أو نحو ذلك) كعدد النجوم، كعدد الخبز، كعدد شعر رأسك، وما أشبه ذلك، يقع (ثلاثٌ) فاعل (يقع).
(ولو نوى واحدة)، كيف (ولو نوى واحدة)؟ أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (1)؟ فالجواب نعم ولَّا بلى؟
طلبة: بلى.
الشيخ: بلى، لكن النية إذا كانت تخالف صريح اللفظ فلا عِبْرَة بها؛ ولهذا لو قال: والله لا آكل الخبز ثم أَكَلَه، وقال: نويت والله لا آكل الخبز والله لا ألبس الثوب، ينفع ولَّا ما ينفع؟ ما ينفع.
هذا صرَّح، قال: عدد الحصى، عدد الريح، كل الطلاق؛ فالنية إذا خالفت صريح اللفظ لا عبرة بها، ولهذا قال:(ولو نوى واحدة).
ونحن نقول والحمد لله: يقع واحدةً ولو نوى ثلاثًا، عكس كلام المؤلف تمامًا، القول الراجح أنه لا يقع بهذه الألفاظ إلا واحدة ولو نوى ثلاثًا؛ لأنه لو صرَّح بالثلاث صارت واحدة.
(فإن طلَّق عُضْوًا أو جُزْءًا مُشاعًا أو مُعيَّنًا أو مُبهَمًا أو قال: نصفَ طلقة، أو جزءًا من طلقة طلقت).
هذا هنا هل يتبعض الطلاق أو محل الطلاق أو لا يتبعض؟ أفادنا المؤلف بهذه الصور أنه لا يتبعض الطلاق، لا في ذاته ولا في محله.
إذا طلَّق عضوًا من أعضائها بأن قال: أصبعك طالق، تطلق هي أو أصبعها فقط؟ هي، لو قال: أريد أن أُبِين الأصبع وتبقى هي، يجوز أو لا؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: يعني: لو كان أحمق، قال: أريد أن أسوي عملية وأفصل هذا الأصبع الذي أوقعت عليه الطلاق علشان تبقى المرأة، يجوز أو لا يجوز؟ لا يجوز، ولا تستغربوا هذا، يقع من الحمقى مثل هذا أو أشد، هذا عضو من أعضائها.
(أو جزءًا مشاعًا أو معينًا أو مبهمًا).
الجزء المُشاع بأن قال: نصفك طالق، كم تطلق؟ تكون كالمبعض بعضها يومًا طالق ويومًا غير طالق، ولَّا كلها تطلق؟ كلها تطلق.
إذا قال: جزء من ألف جزء منك طالق، تطلق كلها؟
طلبة: نعم.
الشيخ: بارك الله فيكم.
(أو جُزْءًا مُشاعًا)، هذا المشاع.
(أو مُعَيَّنًا) بأن قال: نصفك طالق؟
طالب: تطلق.
الشيخ: تطلق أو لا؟ لا؛ قلنا: نصف طالق هذا المشاع.
(معينًا) بأن قال: يدك هذا الجزء منك طالق، ما قال: نصفك أو ربعك؛ هذا الجزء طالق، أيش نقول؟ تطلق كلها.
يقول: (أو مبهمًا بأن قال: بعضُك طالق) تطلق كلها.
إذن لا يتبعض الطلاق في أيش؟ في محله، ما يتبعض، متى وقع الطلاق على جزء من بدن المرأة مشاع أو معين أو مبهم وقع الطلاق.
ولا يتبعض أيضًا في ذاته، إذا قال: أنت طالق (نصف طلقة)، كم تطلق؟ واحدة فقط.
إذا قال: أنت طالق نصف طلقة ونصف طلقة ونصف طلقة، تقعُ ثلاثًا؟
طالب: واحدة.
الشيخ: ثلاثة يا أخي.
طالب: واحدة.
الشيخ: أنا أقولها حقيقة، ما هو امتحانًا، تطلق ثلاثًا، إذا قال: أنت طالق نصف طلقة، وكمَّل قال: ونصف طلقة طلقة ثانية، ونصف طلقة طلقة ثالثة، ما نقول: طلقت طلقة ونصف.
كذلك أيضًا إذا قال: أنت طالق جزءًا من طلقة، كم تطلق؟ واحدة، بعضًا من طلقة؟ واحدة.
(وعكسُه) يعني: لا تطلق (الروح والسن والظفر ونحوه).
عكسه الروح؛ إذا قال: روحك طالق، ما تطلُق، تطلق الروح ولا يطلق البدن، هكذا، لكن هذا غريب يعني؛ الجسم بلا روح ما الفائدة منه؟ لا شيء؛ ولهذا إذا كنا نقول: إذا قال: نصفك طالق تطلق كلها، فإذا قال: روحك طالق طلقت كلها بلا شك، من يريد امرأة جيفة ما فيها روح؟ أحد يريدها؟ لا أحد؛ ولذلك هذا لا شك أنه قول ضعيف؛ والصواب أنه إذا قال: روحك طالق فإنها تطلق؛ لأنه لا أحد يختار جسمًا بلا روح.
كذلك إذا قال: سِنُّكِ طالق؛ يقول: (وعكسه السن)؛ إذا قال: سِنُّكِ طالق، لا تطلق، وهل تخلع السن لأن السن طلق أو لا؟ لا تخلعه؛ لماذا لا تطلق إذا قال: سنك طالق؟ قالوا: لأن السن في حكم المنفصل.
إذا قال: شعرُكِ طالق. لا تطلق؛ لأن الشعر في حكم المنفصل.
إذا قال: ظفرك طالق. لا تطلق؛ لأنه في حكم المنفصل.
إذا قال: لسانك طالق. تطلق؟
طالب: تطلق.
الشيخ: ليش؟ لأنه جزء متصل.
إذا قال: خاتَمُك طالق؟ لا تطلق، نعم.
قال: (وعكسه السِّنُّ والشعر والظفر ونحوه، وإذا قال لمدخول بها: أنت طالقٌ وكَرَّره وقع العددُ).
(لمدخول بها) أي: موطوءة، ومثلُها مَنْ خلا بها، إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، يقول المؤلف:(وقع العدد)، كم العدد؟
طلبة: أربعة.
الشيخ: لكن الذي يقع ثلاثة؛ إذن قوله: (وكرره) أي: ثلاثًا؛ لأن ما زاد عن الثلاث لا فائدة منه.
إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، يقول المؤلف:(وقع العدد)؛ لأن المرأة المطلقة إذا كان مدخولًا بها لزمتها أيش؟ العدة، والعدة هنا عدة رجعية، والرجعية يلحقها طلاقها.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: لا يلحقه إلا الطلقة الأولى فقط، والثانية والثالثة لا تلحقه؛ لأن الطلقة الثانية والثالثة ليست للعدة، وقد قال الله تعالى:{طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، العدة متى ابتدأت؟ من الطلقة الأولى، الثانية ليس لها عدة، الثالثة ليس لها عدة.
لو قال: أنت طالق اليوم، وغدًا أنت طالق، وبعد غد أنت طالق، فالطلقتان الأُخْريان ليستا للعدة، ومعنى قولنا: ليستا للعدة، أنها لا تستأنف العدة بهما، فإذا قُدِّر أنه قال: أنت طالق اليوم، واليوم الثامن عشر، وقال: أنت طالق يوم ثمانية وعشرين، وقال: أنت طالق يوم ثمانية من الشهر الثاني، هل تبتدئ العدة من جديد من الشهر الثاني؟ لا، إذا كانت لا تبتدئ العدة من جديد فإن هذا الطلاق يكون طلاقًا لغير العدة، وقد قال الله تعالى:{طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} .
شيخ الإسلام رحمه الله يقول: لا يَتَكَرَّر الطلاق بتكرر لفظه أبدًا، لو تكرر ألف مرة، إلا إذا أيش؟ إذا راجعها؛ لأنه إذا راجعها ثم طلقها ابتدأت العدة من جديد، أو تزوجها بأن انقضت العدة ثم تزوجها ثانية وطلقها فتقع.
المهم أن قول المؤلف: (وَقَعَ العددُ) نقول: هذا المذهب، وهو الذي عليه جمهور العلماء، والقول الثاني هو الراجح أنه لا يلحقُهُ إلا الطلاق الأول فقط.
يقول: (إلا أن ينويَ توكيدًا يصحُّ أو إفهامًا)(إلا إذا نوى توكيدًا يصح) والتوكيد الذي يصح هو الذي يكون بلفظ الأول وبدون فصل وبدون عطف، وإن شئت أَدْخِل العاطف مع الفصل، هذا الذي يكون توكيدًا يصح؛ مثلُ أن يقول: أنت طالق، أنت طالق، هكذا اللفظ، قلنا: عليك طلقتان، قال: أردت بالثانية توكيدَ الأولى، ماذا تقولون؟ يصح؛ لأن هذا توكيد مُتَّصِل غير معطوف وبلفظ الأول، فإذا قال: أردت التوكيد، قلنا: ليس عليك إلا واحدة.
قال: أنت طالق، ثم أنت طالق؟ يصح التوكيد ولّا ما يصح؟
طلبة: ما يصح.
الشيخ: لماذا؟ لأن العطف يقتضي المغايرة، فكيف يقول: إنه يريد التوكيد وهو بالعطف.
قال: أنت طالق، ثم أنت طالق، ثم أنت طالق، وقال: أردت بالثالثة توكيد الثانية، كم يقع؟
طالب: ثلاثة.
طالب آخر: اثنين.
الشيخ: يا إخواني.
طالب: واحدة.
الشيخ: واحدة، بقي لا يقع شيء؛ لأنه واحد قال: يقع واحدة، وواحد قال: يقع ثلاث، مجدي قال: يقع ثنتين، وبقي من يقول: لا يقع شيئًا.
اسمع، أنت طالق، ثم أنت طالق، ثم أنت طالق، وقال: أردت بالثالثة توكيد الثانية؟ يَصِحُّ، وتطلق مرتين؛ لأن الثالثة بلفظ الثانية، ثم أنت طالق، ثم أنت طالق، التوكيد يصح، أليس كذلك؟ اللفظ واحد، والكلام متصل.
طالب: لكن العطف؟
الشيخ: العطف، جاءتا بحرف العطف بالثانية والثالثة؛ ولهذا لو قال: أردت بالثالثة توكيد الأولى، قلنا: لا يصح؛ لأنه أتى بحرف العطف؛ ولأنه فُصِلَ بينهما، لكن إذا قال: أردت بالثالثة توكيد الثانية قُبل.
أو قال: أنا أردت إفهام المرأة، بأن قال: أنت طالق، قالت: وأيش تقول؟ قال: أنت طالق، قالت: وأيش تقول؟ قال: أنت طالق، كَرَّرَها كم؟
طلبة: ثلاثًا.
الشيخ: لكن يريد أيش؟ يريد إفهامَهَا، ليس عليه شيء إلا واحدة فقط؛ فلو قالت: إنه كررها ثلاثة مرات فقد بَانَت منه، وقال: إنما أردت الإفهام؛ لأنك أنت تستفهمين؛ تقولين: ما تقول؟ فقلت: أنت طالق؛ فإذا أراد بالتكرار التوكيد الذي يصح، والثاني الإفهام.
إذا قال: أنت طالق، ثم قال: ائت بالغداء، جاءت بالغداء وتغدى، ثم قال: أنت طالق، وقال: أردت بالثانية توكيد الأولى؟
الطلبة: ما يصح.
الشيخ: لماذا؟ لوجود الفصل بينهما فلا يقع إلا واحدة.
قال: أنت طالق ثم أخذته سَعْلة، يعني كحة، وجعل يكح، استمر إلى نصف ساعة، ثم قال: أنت طالق، وقال: أردت التوكيد؟
الطلبة: يصح.
الشيخ: لماذا؟ لأن الفصل هنا لعذر، ما يستطيع يتكلم.
المهم أنه إذا كَرَّرَ الطلاق وقع العدد، وهذا إذا كَرَّر الجملة – انتبه لها – أما إذا كَرَّر جزء الجملة بأن قال: أنت طالق، طالق، طالق، فيقعُ واحدةً إلا أن ينويَ أكثر، هذا المذهب، وهذه يغلط فيها حتى بعض طلبة العلم؛ يظنون أن قوله: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وقوله: أنت طالق طالق طالق سواء، وليس كذلك، إذا كرر الجملة برمتها وقع العدد، إذا كرر الخبرَ وحده فكم؟ واحدة ما لم ينوِ أكثر؛ لأنه إذا نوى أكثر صار المعنى: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، لكن إذا قال: ما نَوَيْتُ لا واحدة ولا أكثر؟ قلنا: هي واحدة، انتبه لهذا.
وإذا قال: أنت طالق أنت أنت؟ كم يقع؟ واحدة.
إذا كرَّر الخبر فهي واحدة ما لم ينوِ أكثر، وإن كرر المبتدأ فليس بشيء.
وإن كَرَّرَ الجملة كلها؟
طالب: ثلاث.
الشيخ: لا، ما هي ثلاث.
طالب: واحدة.
طالب آخر: توكيد.
طالب آخر: يقع العدد.
الشيخ: يقع العدد، يا إخوان، قد يكون مرتين، يقع العدد (إِلَّا أن ينويَ توكيدًا يصحُّ أو إفهامًا).
(وإن كرَّره بِبَلْ أو ثُمَّ أو بالفاءِ وقع اثنْتانِ).
إذا كرره ببل وقع اثنتان، ولو قال: نويت التوكيد، فإذا قال: أنت طالق، بل أنت طالق، كم يقع؟ اثنتان، فإذا قال: أردت التوكيد، قلنا: لا يصح لوجود العطف، والعطف يقتضي المغايرة.
(أو بِثُمَّ)، قال: أنت طالق، ثم أنت طالق، (يقع اثنتان) كما قال المؤلف، وعلى القول الراجح سمعتم أنه لو كرره ألف مرة بأي صيغة فهو واحدة.
(أو بثم أو بالفاء) بأن قال: أنت طالق فأنت طالق، وقع اثنتان.
(أو قال: أنت طالق بعدها طلقة، أو أنت طالق قبلها طلقة، أو أنت طالق معها طلقة) يقعُ اثنتان.
الفقهاء رحمهم الله يَذْكُرون هذه الأمثلة، وإن كانت بعضها قليل الوقوع أو معدوم الوقوع، تمرينًا للطالب من وجه، وترسيخًا للقواعد من وجه آخر.
(وإن لم يَدخلْ بها) المؤلف يقول بالأول: (وإذا قال لمدخول بها)، (إن لم يَدخلْ بها) يعني: ولم يخل بها، يجب أن يضاف: ولم يخل بها (بانت بالأولى ولم يلزمه ما بعدها).
(بانت بالأولى) وأيش معنى (بانت)؟ يعني: طلقت طلاقًا بائنًا؛ مثال ذلك: رجل تزوج امرأة وعقد عليها، وكلمها في التليفون، وقامت تتحدث معه وأغضبته، فقال لها في التلفون: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق بغضب يدرك ما يقول، كم تطلق؟
طلبة: واحدة.
الشيخ: واحدة؟ !
طالب: تبين منه.
الشيخ: يا إخواني، أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق عدد الحصى والنجوم والشمس والقمر والبهائم والأنعام؟ كم؟
طلبة: واحدة.
الشيخ: ليش؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لأنه لما قال: أنت طالق خلاص، انتهت منه، بانت، عليها عِدَّة ولّا ما عليها؟ ما عليها عدة، وهذا هو السبب أنها تَبِين بالأولى ولا يلزمه ما بعدها، هذا هو السبب؛ لأنها تبين بالأولى بلا عدة، ولا يمكن أن يلحقها الطلاق إلا إذا كانت في عدة.
ولهذا قال: (وإن لم يدخل بها بانت بالأولى ولم يلزمه ما بعدها)، عندي أنا:(ولم يلزمه وما بعدها) نسخكم كذا؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: (ولم يلزمه ما بعدها).
طالب: (
…
).
الشيخ: لا، غلط (ولم يلزمه ما بعدها).
الطالب: (
…
).
الشيخ: امسحها.
(ولم يلزمه ما بعدها، والمُعلَّق كالمُنجَّز في هذا).
(المعلَّق)؟ ! هل الطلاق جسم يعلق؟ أجيبوا.
طلبة: لا.
الشيخ: لكنه يُعَلَّق بأدوات الشرط، مثل يقول: إذا طلعت الشمس فأنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، كم يقع في المدخول بها؟
طالب: واحدة.
الشيخ: كم يقع في المدخول بها؟ ثلاث.
طالب: العدد.
الشيخ: العدد، وإذا قال لغير المدخول بها؟ واحدة.
فالمنجَّز أن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق الآن، أو يقول: إذا طلعت الشمس فأنت طالق، على حد سواء.
طالب: إذا راجعها ليلقي عليها طلاقًا آخر، فهل يقع؟
الشيخ: أيش اللي يقع؟ الطلاق؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: إي نعم، يقع.
الطالب: (
…
) يا شيخ.
الشيخ: لكن (
…
) ينبني على مسألة إذا راجع للإضرار، فإذا راجع للإضرار فبعض العلماء يقول: ما تصح الرجعة، وهو ظاهر القرآن؛ بناء على هذا نقول: الرجعة هذه غير صحيحة.
***
طالب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله ..
الشيخ: هذه الصيغة يا أخي هل سمعت أحدًا من الصحابة أو التابعين يقول: والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؟
الطالب: (
…
) شيخ الإسلام أنه يبدأ بها.
الشيخ: يبدأ بهذه؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: بس، هل الصحابة يفعلون هذا؟ هل أحد قال: إنه فيه نبي بعده من المسلمين؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لا، ندري، ما أحد قال: إنه فيه نبي بعده من المسلمين، من قال: فيه نبي بعده ما صار مسلمًا، أعد الصلاة على الرسول.
طالب: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد.
الشيخ: (ثم أما بعد) هل وجدت أحدًا قال: ثم أما بعد؟ ! أو قال: أما بعد؟ أعد.
الطالب: باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، أما بعد:
فصل في الاستثناء في الطلاق
ويصحُّ منه استثناءُ النِّصفِ فأقلَّ من عددِ الطَّلاقِ والمُطلَّقاتِ، فإذا قال: أنتِ طالقٌ طَلقتينِ إلا واحدةً، وقعت واحدةٌ، وإن قال: ثلاثًا إلا واحدةً فطلقتانِ، وإن استثنى بقلبِه من عدد المُطلَّقاتِ صحَّ الاستثناء دون عدد الطَّلقاتِ، وإن قال: أربعكُنَّ إلا فلانةً طوالقٌ صحَّ الاستثناءُ، ولا يصحُّ استثناءٌ لم يَتصلْ عادةً، فلو انفصلَ و (
…
)، وشرطُه النيَّةُ قبلَ كمالِ ما استثنى منه.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا الفصل مهم جدًّا، وهو الاستثناء في الطلاق أو المطلقات.
يقول المؤلف رحمه الله: (ويصحُّ استثناءُ النِّصفِ فأقلَّ من عددِ الطلقات والمُطلَّقاتِ).
يعني: إذا ذكر عددًا في الطلاق أو المطلقات واستثنى فلا بأس، لكن بشرط أن يكون أقل من النصف، فإذا قال: أنت طالق ثلاثًا إلى واحدة، صح الاستثناء؟
طالب: (
…
).
الشيخ: كم تطلق؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أنت طالق ثلاثًا إلَّا واحدة، كم؟
طالب: طلقتان.
الشيخ: طلقتين، إذا قال: طلقتين إلا واحدة؟
طالب: طلقة واحدة.
الشيخ: واحدة.
إذا قال: ثلاثًا إلا اثنتين؟
طالب: ما يصح.
الشيخ: لا يصح، تطلق كم؟ تطلق ثلاثًا، إذا قال: أنت طالق ثلاثًا إلا اثنتين تطلق ثلاثًا؛ لأن الاستثناء هنا غير صحيح، شرط الاستثناء أن يكون من النصف فأقل.
عندي له عشرة دراهم إلا ستة، كم يلزمه؟
طالب: (
…
).
الشيخ: توافقونه؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم؛ لأنه استثنى أكثر من النصف. عشرة إلا خمسة؟ خمسة؛ لأنه استثنى النصف. عشرة إلا أربعة؟ ستة.
(المطلقات): إذا قال لزوجاته: أنتن الأربع طوالق إلا فلانة، يصح ولّا ما يصح؟ يصح؛ لأنه استثنى واحدة من أربع.
أنتن الأربع طوالق إلا فلانة وفلانة؟ يصح؛ لأنه استثنى النصف.
أنتن الأربع طوالق إلا فلانة وفلانة وفلانة؟ لا يصح، يطلق الأربعة.
ولهذا قال -انتبه لكلام المؤلف-: (يصحُّ استثناءُ النِّصفِ فأقلَّ)، (النصف) ثلاثة من ستة، (أقل) اثنان من ستة.
(من عدد الطلقات والمطلقات).
(فإذا قال: أنتِ طالقٌ طَلقتينِ إلا واحدةً، وقعت واحدةٌ، وإن قال: ثلاثًا إلا واحدةً فطلقتانِ).
أظن واضحًا الآن كلامنا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: (وإن استثنى بقلبِه من عدد المُطلَّقاتِ صَحَّ دُون عدد الطَّلقاتِ).
(إذا استثنى بقلبه) دون نطقه (من عدد المطلقات صح)، (دون عدد الطلقات).
فإذا قال: نسائي طوالق، ونوى بقلبه: إلا فلانة؛ يصح أو لا يصح؟ يصح؛ لأن النية تخصص العام.
(دون عدد الطلقات)، لو قال: أنت طالق ثلاثًا ونوى بقلبه: إلا واحدة، لم ينفعه ذلك، تطلق ثلاثًا.
على القول الراجح، إذا قال: أنت طالق ثلاثًا؟ واحدة. لو قال: إلا واحدة، لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة؟ واحدة؛ لأن الراجح أن الطلاق الثلاث واحدة سواء استثنى أم لم يستثن.
(وإن قال أربعكن إلا فلانةً طوالق، صح الاستثناء).
(أربعكن)، أربعتكن ما تصح؛ لأن العدد يؤنث مع المذكر ويذكر مع المؤنث.
إذن (أربعكن) بدون تاء (إلا فلانة طوالق) يصح؛ لأنه استثنى أقل من النصف.
الخلاصة الآن: أن الاستثناء من عدد الطلقات أو المطلقات صحيح بشرط أن يكون من النصف فأقل، له شروط أخرى أيضًا.
الشرط الثاني للاستثناء: أن يتصل عادة؛ يكون المستثنى متصلًا بالمستثنى منه، فلو انفصل بحيث يمكن الكلام فإنه لا يصح.
مثال ذلك قال: نسائي الأربع طوالق، ثم التفت إلى صاحبه وقال: ويش الأخبار اليوم؟ ثم قال: إلا فلانة، يصح؟
طالب: لا يصح.
الشيخ: لماذا؟ لأنه لم يتصل.
أو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم سكت سكوتًا يمكنه أن يتكلم فيه، ثم قال: إلا فلانة، لا يصح؛ لأنه فصله بفاصل يمكنه أن يتكلم فيه.
ولو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم أخذه عطاس وجعل يعاطس، بقي في العطاس خمس دقائق، ثم قال: إلا فلانة.
طلبة: يصح.
الشيخ: يا إخواني، خمس دقائق؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: لأنه ما يمكن أن يتكلم، ولهذا قال المؤلف:(وأمكن الكلام دونه)، هذا لا يمكن يتكلم.
ولو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم جاءه ما يفزعه وهرب على وجهه، ولما ذهب عنه الفزع قال: إلا فلانة؟
طالب: يصح.
الشيخ: فالظاهر أنه يصح؛ لأن هذا جاءه ما يشغل قلبه، وربما لا يمكن أن يتكلم؛ ولهذا قال الله عز وجل:{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 74].
إذن الانفصال حَدُّه أن يمكن الكلام بين المستثنى والمستثنى منه، فإن لم يمكن لم يصح.
لو قال: نسائي الأربع اللاتي أتعبنني وأحزنني وجعلن حياتي جحيمًا وألبسنني ثوب الذل والعار وأرقتني فلم أنم ليلًا أو نهارًا، إلا فلانة، ما تقولون؟
طالب: يصح.
الشيخ: يصح، ليش؟ لأن الكلام متصل، وهذه أوصاف يُبَيِّن السبب في أنه طلَّق الأربعة طلقة واحدة؛ لأن كل الناس يعتبون عليه؛ ليش طلقت أربع نساء؟ لكن إذا جاء بهذه الأوصاف ربما يُعْذَر.
الشرط الثالث: (النيَّةُ قبلَ كمالِ ما استثنى منه).
يعني أن ينوي المستثني الاستثناء قبل أن يُكمِّل المستثنى منه؛ فلو قال: نسائي الأربع طوالق، وقبل أن يكمل طوالق نوى أن يستثنى إلا فلانة، صحَّ أو لا؟ صح، ولو أنه أتمها ثم ندم، وفي الحال قال: إلا فلانة، لا يصح.
هذه شروط الاستثناء:
أولًا: أن ينويه قبل تمام المستثنى منه.
الثاني: أن يصل المستثنى بالمستثنى منه.
الثالث: أن يكون المستثنى النصف فأقل، وإن شئت فقل: ألا يزيد على النصف، أخصر: ألا يزيد على النصف.
هذه ثلاثة شروط، وكلُّها محل خلاف، فمن العلماء من قال: يجوز استثناء أكثر من النصف، يجوز، صحيح أنه خلاف الفصاحة لكنه جائز، فإذا قال: نسائي الأربع طوالق إلا فلانة وفلانة وفلانة، فهذا كقوله: امرأتي فلانة طالق، هذا معناه، لكن الكلام غير فصيح؛ لأنه لا يحتاج أن يقول: نسائي الأربع طوالق وهو لا يريد إلا واحدة، إذا شاء يقول: أيش؟ فلانة طالق.
عنده أربع نساء، يسمون فاطمة، عائشة، خديجة، زينب.
قال: نسائي الأربع طوالق إلا فاطمة، أجيبوا.
طلبة: صح.
الشيخ: صح، إلا فاطمة وعائشة؟
طالب: صح.
الشيخ: إلا فاطمة وخديجة؟
طالب: صح.
طلبة: (
…
).
الشيخ: حسبتها الأول وأنا ما ذكرتها. إلا فاطمة وعائشة وخديجة؟
الطلبة: (
…
).
الشيخ: على القول الراجح يصح، لكنه خلاف الأولى.
نقول: من باق الآن؟ باق زينب، بدل ما تقول: إلا فاطمة وعائشة وخديجة، قل: زينب طالقة، وانتهينا، لكن نقول: ما دام استثنى فإنه يصح.
ثانيًا: يقول: يُشترط أن يكون متصلًا، والصحيح أنه لا يشترط أن يكون متصلًا، الدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطب الناس يوم فتح مكة، وذكر أشياء كثيرة مما حرمها الله عز وجل، وقال:«لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ» ، وذكر أشياء، ثم قال العباس: يا رسول الله: إلا الإذخر، فقال:«إِلَّا الْإِذْخِرَ» (2)، وهذا الاستثناء صحيح ولَّا غير صحيح؟ صحيح، مع أنه فُصِل بكلام طويل، والرسول صلى الله عليه وسلم لم ينوه، وإنما نواه بعد أن ذكَّره العباس.
أتعلمون ماذا أجاب به القائلون بأنه لا بد من الاتصال والنية؟ قالوا: إن هذا نَسْخٌ. شوف كيف الإنسان إذا كان له رَأْيٌ كيف يحاول أن يلوي أعناق النصوص إلى رأيه؟ الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إِلَّا الْإِذْخِرَ» ، و (إِلَّا) مستثنى، ولا يمكن أن يكون جملة واحدة برأسه، لا بد أن يكون مبنيًّا على أيش؟ على كلام سبق، والكلام السابق:«لَا يُعْضَدُ شَوْكُها، وَلَا يُحَشُّ حَشِيشُهَا» (2)، لكن نقول: إنه يصح الاستثناء ما دام الإنسان في كلامه المتصل، سواء كان متصلًا بالاستثناء أو لا.
النية؟ الصحيح أنه لا يُشتَرط النية، وأن الإنسان لو نوى بعد أن أتم المستثنى منه ثم نوى واستثنى فلا بأس، الدليل؟ حديث العباس اللي معنا.