المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتابُ الوَقْفِ) ‌ ‌[مدخل] وهو تَحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ الْمَنفعةِ، ويَصِحُّ بالقولِ وبالفعلِ الدالِّ - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: ‌ ‌(كتابُ الوَقْفِ) ‌ ‌[مدخل] وهو تَحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ الْمَنفعةِ، ويَصِحُّ بالقولِ وبالفعلِ الدالِّ

(كتابُ الوَقْفِ)

[مدخل]

وهو تَحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ الْمَنفعةِ، ويَصِحُّ بالقولِ وبالفعلِ الدالِّ عليه كمَن جَعَلَ أَرْضَه مَسْجِدًا وأَذِنَ للناسِ في الصلاةِ فيه، أو مَقبرةً وأَذِنَ في الدفْنِ فيها، وصَرِيحُه: وَقَفْتُ، وحَبَسْتُ، وسَبَلْتُ. وكِنايتُه: تَصَدَّقْتُ وحَرَّمْتُ وأَبَّدْتُ. فتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ معَ الكِنايةِ أو اقترانِ أحَدِ الألفاظِ الْخَمسةِ أو حُكْمِ الوَقْفِ، ويُشْتَرَطُ فيه الْمَنفعةُ دائمًا من عينٍ يُنتفَعُ به معَ بَقاءِ عَينِه كعَقارٍ وحيوانٍ ونحوِهما، وأن يكونَ على بَرٍّ كالمساجِدِ والقناطرِ والمساكينِ والأقاربِ من مسلمٍ وذِمِّيٍّ، غيرَ حَرْبِيٍّ وكَنيسةٍ ونُسَخِ التوارةِ والإنجيلِ ، وكُتُبِ زَنْدَقَةٍ، وكذا الوصِيَّةُ والوَقْفُ على نفسِه، ويُشترَطُ في غيرِ المسجدِ ونحوِه أن يكونَ على مُعَيَّنٍ يُمْلَكُ لا ملكٌ وحيوانٌ وقبرٌ وحَمْلٌ

وحَمْلٌ، لا قَبولُه ولا إخراجُه عن يدِه

(1)

(2)

(3)

(3)

طالب: شيخ، هناك مسألة مهمة وهي أن بعض الحكومات في البلاد العربية في زمن الاشتراكية (

)، بعد عشرين سنة وكذا صارت تبيع هذه على أنها أملاك للحكومة، السؤال من شقين؛ هل يجوز شراء هذه الأملاك؟ وإذا شراها الإنسان من دون علم ثم عرف أنها كانت وقفًا فكيف يتصرف فيها؟

الشيخ: هذا شراؤه على أقسام:

الأول: أن يشتريها استنقاذًا فهذا واجب؛ بمعنى أنه يشتريها من الحكومة ليردها إلى صاحبها، كأن يكون رجلًا قد أغناه الله، ويعرف أن هذه الأرض أو هذا البيت لفقراء، فيشتريه ليرده عليهم، هذا نقول: واجب؛ لأن الواجب إنقاذ مال أخيك.

ص: 2343

الثاني: أن يشتريه من أجل ألَّا يبقى عند الحكومة تلعب به فهذا جائز؛ لأن رده إلى صاحبه الآن متعذرٌ، فيجوز. لكن في نفسي شيء إذا كان يعلم صاحب العقار، يعلم أن هذا بيت فلان بن فلان، فهذا نتردد فيه؛ لأنه الآن لا يمكن أن يقول القائل: إنه ينتفع بمال أخيه المعين وهو يعلم أنه مغصوب.

الثالث: إذا علمنا أننا إذا أضربنا عن الشراء فإن الحكومة ترتدع وترد الأملاك إلى أهلها، فهنا يجب أيش؟ يجب الامتناع؛ ألَّا نشتري، بخلاف ما أخذ على أنه عقوبة معلومة عند الناس فإنه يجوز شراؤها ولو كان الإنسان يعرف صاحبها؛ كالذي يُؤخذ غرامات، مثل بعض السيارات التي تصادر، أو بعض الأموال تكون في الموانئ وتطول المدة ويعلن عنها مرات وكرات ولا يأتي أهلها، وقد تقرر أنه إذا بقيت المدة المحددة في الميناء فإنها تصادر؛ فهذا لا بأس به؛ لأن رجوعه إلى صاحبه محال، ولأن خروجه عن ملكه يعتبر تفريطًا من المالك.

طالب: شيخ -أحسن الله إليك- الوقف إذا كان محرمًا (

)، فهل يصح؟

الشيخ: لا يصح، كل مباحٍ أريد به المحرم فهو حرام، هذه خلها عندك، ولهذا مر علينا -أدركت أو لم تدركه- أن الإنسان إذا باع العنب لمن يتخذه خمرًا ..

طالب: لا يصح.

الشيخ: صار حرامًا.

طالب: (

) قوله: (وأن يكون على بِرٍّ)، تعريف البر؟

الشيخ: البِرُّ ما كان في ثواب وأجر، ضده المعصية، وضده ما لا ثواب فيه ولا أجر.

طالب: بارك الله فيك، رجلًا بنى دارًا، وساعدته زوجته على بناء هذا الدار بمالها الخاص (

)، ولكن قبل وفاة الرجل أوقف هذا البيت، فعلمت المرأة بعد وفاة الرجل، لما علمت أن زوجها أوقفه رفضت الوقف وقالت: إن لي فيه رصيد كبير، فليس له أن يوقفه، فهل يعني (

الشيخ: معلوم أن نصيبها لا يصح وقفه.

الطالب: لكن -يا شيخ- معروف (

) تبرع منها وليس .. ؟

الشيخ: إذا ثبت عندنا أنها قد تبرعت بما أنفقت على هذا البيت لزوجها ووقَّفه نَفَذَ الوقف، لكن إذا لم نعلم فالأصل بقاء ملكها.

ص: 2344

طالب: شيخ، أحسن الله إليك (

) مدة معينة عشر سنين (

الشيخ: مؤقت يعني؟

الطالب: نعم.

الشيخ: ما يصح.

طالب: (

) ما يجوز وقفه

الشيخ: ما يجوز وقفه للمستأجر، أما لمالكه لا بأس.

الطالب: (

).

الشيخ: صحيح، هو المسألة فيها خلاف، لكن المذهب ما يصح، لكن عمل الناس الآن عندنا أنه يصح، كثير من بيوت الوقف كلها متسأجرة.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- بالنسبة لوقف نصراني على الكنائس، لو قال قائل: لو أجزنا لهم أن يوقفوا على كنائسهم، (

) كثيرة في بلاد إسلامية وغيرها يشجعون النصارى على أن يشتروا المحلات (

) عقارات ويقفونها على كنائسهم، فإذا فتحنا هذا الباب تسلطوا على أملاك المسلمين وصار لهم قوة في البلد؟

الشيخ: هو إحنا ذكرنا أنهم إذا تحاكموا إلينا حكمنا عليهم بمقتضى الشريعة الإسلامية.

الطالب: (

).

الشيخ: يبقى، يعني هذا دينهم وهم يقرون على دينهم.

الطالب: لو علمنا بهذا المقصد يا شيخ؟

الشيخ: ما ندري (

) لو علمنا أن هؤلاء يشترون البيوت ليوقفوها على الكنائس ربما نمنعهم من شرائها، أو نقول للمسلمين: لا تبيعوها، المسلم إذا علم أنه اشتراها النصراني ليضيفها إلى الكنيسة أو ليؤجر منفعتها إلى الكنيسة ما يجوز له أن يبيع.

طالب: هل يصح الوقف المتنقل يا شيخ؟

الشيخ: ما هو الوقف المتنقل؟

الطالب: أن يقف على طلبة العلم وهي معه يتنقل بها.

الشيخ: هذه سهلة، يجعل له النظر عليها، يقول: هذه المكتبة -مثلًا- وقف على طلاب العلم، ولي النظر، فإذا قال: لي النظر ورأى أن من المصلحة أن ينقلها إلى مكان آخر لا بأس.

طالب: (

الشيخ: المذهب ما يصح فيما يشترط فيه القبض، أما ما لا يشترط فيه القبض؛ لأن الفقهاء يفرقون، فيصح.

الطالب: والراجح؟

الشيخ: الراجح أنه لا بأس؛ لأن الشرع إنما جاء بالنهي عن البيع «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» (4).

***

ص: 2345

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: وأن يكون على بِرٍّ؛ كالمساجد والقناطر والمساكين، والأقارب من مسلم وذميٍّ غيرِ حربي، وكنيسةٍ، ونسخ التوراة والإنجيل وكتب زندقة، وكذا الوصية والوقف على نفسه.

ويُشترط في غير المسجد ونحوه أن يكون على معين يملك لا مَلَكٍ وحيوان وقبر وحمل، لا قبوله ولا إخراجه عن يده.

الشيخ: متى يشترط أن يكون الوقف على بِرٍّ؟

طالب: إذا كان على جهة عامة.

الشيخ: إذا كان على جهة عامة. مثل؟

الطالب: الوقف في المساجد ونحوها.

الشيخ: المساجد، الفقراء.

الطالب: والقناطر.

الشيخ: المجاهدين، طلاب العلم.

الطالب: المساكين.

الشيخ: الفقراء والمساكين واحد، طلاب العلم. طيب إذا كان على جهة.

إذا كان على معين؟

طالب: إذا كان على معين يشترط ألَّا يكون على إثم، ولا يشترط أن يكون على ..

الشيخ: يعني لا يشترط أن يكون على بِرٍّ. مثاله؟

الطالب: مثاله الوقف على ذمي ..

الشيخ: معين.

طالب: معين.

الشيخ: طيب. لو وقَّف على أهل الذمة عمومًا؟

الطالب: يشترط أن يكون على ..

الشيخ: السؤال أجبْ يصح أو لا يصح؟

الطالب: يصح.

الشيخ: إذا وقف على أهل الذمة عمومًا؟

الطالب: يصح على بِرٍّ.

الشيخ: سبحان الله! وقف على أهل الذمة؛ على اليهود والنصارى والمجوس.

الطالب: لا يصح

الشيخ: ليش؟

الطالب: لأنه على ..

الشيخ: إذن الحكم غير صحيح؛ لأنك ما عرفت العلة.

طالب: لأنه على جهة عامة.

الشيخ: يعني لو وقف على الذميين؟

الطالب: فلا يصح.

الشيخ: لا يصح. ليش؟

الطالب: لأنه على جهة عامة.

الشيخ: والجهة العامة يشترط أن تكون على بِرٍّ.

طيب على ذمي معين؟

الطالب: يصح.

الشيخ: يصح؛ لأن الذي على المعين لا يشترط أن يكون على بِرٍّ؛ لأنه قد يقصد منفعة ها الشخص بعينه لا التقرب إلى الله عز وجل.

إذا كان على شيءٍ محرم؛ جهة أو معين، الحكم؟

ص: 2346

طالب: لا يصح.

الشيخ: لا يجوز. لماذا؟

الطالب: لأنه محرم.

الشيخ: لأنه محرم، والوقف عليه إعانة على أيش؟

الطالب: على محرم.

الشيخ: على محرم. تمام.

لو وقف على المغنِّين؟

طالب: لا يصح.

الشيخ: المغنِّين؟

الطالب: فيه تفصيل.

الشيخ: مطربون يدخلون السرور والنشوة! أيش تقول؟

الطالب: إذا كان بهذا الوصف لا يصح.

الشيخ: إذا كان بهذا الوصف لا يصح، وإن كان على وصف آخر؟ يعني فيه التفصيل.

الطالب: فيه التفصيل إذا كان وقف على النساء ..

الشيخ: لا، على المغنين مذكر.

الطالب: لا يصح مطلقًا.

الشيخ: مطلقًا؟

الطالب: لأنه إعانة على الفسق والعدوان.

الشيخ: طيب وقف على زيد وهو مغنٍ؟

الطالب: هذا فيه تفصيل.

الشيخ: ما هو؟

الطالب: إذا كان يستعمل هذا الوقف فيما يقوم به من الغناء ..

الشيخ: لا أبدًا، الوقف بيت، وقَّف عليه بيتًا ولَّا سيارة.

الطالب: إذا كان يستعمل هذا البيت في الغناء ..

الشيخ: يسكن.

الطالب: يصح.

الشيخ: يصح؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: طيب، أحسنت.

وإن كان هذا البيت قد حُصِّل على أنه دار أغانٍ ووقفه على معين؟

طالب: السؤال يا شيخ.

الشيخ: بيت مبني على وجه يكون للأغاني، وقَّفه عليه؛ على شخص معين، على مغنٍ معين.

الطالب: إذا كان معينًا يجوز.

الشيخ: لكن تعرف البيت هذا مصنوع على أنه يصلح للأغاني؟

الطالب: هو نفسه (

).

الشيخ: في الصدى، وفيه أشياء تخلي الأغنية بهيجة، فوقفه على هذا المغني؟

الطالب: إي، على واحد معين ..

الشيخ: على واحد معين؟

الطالب: (

) لا يجوز.

الشيخ: هل يجوز أو لا يجوز؟

الطالب: لا يجوز.

الشيخ: لماذا؟

الطالب: (

) إذا كان معينًا يشترط ألا يكون (

).

الشيخ: طيب ويش تقولون في الجواب؟

طلبة: نعم.

الشيخ: صحيح؟

طلبة: صحيح.

الشيخ: صحيح. إذن لو وقف عليه بيتًا ليسكنه فلا بأس، لو وقف عليه بيتًا أنشئ للأغاني فلا يجوز؛ لأنه إعانة على الإثم، بارك الله فيك.

ص: 2347

إذن الحمد لله هذه القاعدة مفيدة لكم: ما كان على شيء عام فلا بد أن يكون على بِرّ، ٍ وما كان على معين فلا بد ألَّا يكون على إثم.

قال: (وكذا الوصية والوقف على نفسه) يعني: لا تصح الوصية لنفسه .. (وكذا الوصية)؛ يعني الوصية لا تصح على جهة عامة إلا أن تكون على بِرٍّ، أما إذا كانت على معينة؛ على شخص معين فلا بأس ألَّا تكون على بِرٍّ لكن لا يجوز أن تكون على إثم.

الفرق بين الوصية والوقف الوقف عقد ناجز، فيقول الرجل: وقَّفت بيتي، وقَّفت سيارتي، وقفت كتبي؛ يكون وقفًا في الحال. الوصية بعد الموت يقول: أوصيت بداري للفقراء، هذه الوصية.

والفرق أيضًا الثاني أن الوقف يقع منجزًا في الحال ولو كان وقَّف جميع ماله، إلا أن يكون في مرض الموت المخوف.

والوصية لا تكون إلا من الثلث فأقل، ولغير وارث، وما زاد على ذلك أو كان لوارث فلا بد من موافقة الورثة على هذه الوصية.

فلو قال: أوصيت ببيتي لفلان ثم توفي، حصرنا تركته بعد موته وجدنا أن هذا البيت أكثر من الثلث، فما الذي ينفذ من البيت؟ ما يقابل الثلث فقط، فإذا كان النصف فإنه ينفذ من البيت كم؟ إذا كان هذا البيت النصف وأيش ينفذ من البيت؟

طالب: ثلثاه.

الشيخ: ثلثاه؛ لأن الثلثين بالنسبة للكل ثلث، لكن لو أجاز الورثة وقالوا: ليس عندنا مانع فإن ذلك لا بأس به، هذا هي قاعدة المذهب، وسيأتي -إن شاء الله- الكلام عليها وبيان تحليلها.

قال: (والوقف على نفسه) يعني: لا يصح، الوقف على نفسه لا يصح؛ بأن يقول: وقَّفت على نفسي بيتي الفلاني، يقول المؤلف: إن هذا لا يصح. قال الإمام أحمد: لا أعرف الوقف إلا ما أخرجه لله، والموقِف على نفسه لم يصنع شيئًا؛ لأنه أخرج ملكه إلى ملكه، فما الفائدة؟ !

فإن قالوا: الفائدة ألَّا يبيعه؛ لأن الوقف لا يجوز بيعه، قلنا: ومن الذي يجبره على بيعه؟ يبقيه حرًّا غير وقف ولا يبيعه.

ص: 2348

فإن قال: أخشى أن تغلبني نفسي على بيعه، فأوقفه على نفسي، فهنا تكون الفائدة؛ إذا كان الإنسان يخشى على نفسه أن يبيع بيته الذي أوقفه على نفسه وقال: إنما أوقفته على نفسي خوفًا من ذلك، نقول: نعم، هذه فائدة، لا شك أن لها وزنًا وقيمة.

ولذلك اختلف العلماء رحمهم الله هل يصح أن يقف الإنسان على نفسه أو لا؟ فالمذهب أنه لا يصح، والقول الثاني أنه يصح.

ولكن إذا وقفه على نفسه -على المذهب- فإن ذكر أحدًا بعد نفسه انتقل إلى هؤلاء في الحال؛ مثل أن يقول: هذا وقف على نفسي، ومن بعدي على أولاد فلان مثلًا، نقول: ينتقل في الحال إلى من؟ إلى أولاد فلان، ولا يصح أن يقف على نفسه.

أما إذا لم يذكر أحدًا بعده؛ بأن قال: وقفت هذا على نفسي، وسكت، فالوقف لا يصح، ويبقى ملكًا حرًّا غير وقف؛ لأن هذا الوقف لم يصح، ولم يُذْكَر له مآل يُصْرَف إليه، فيرجع إلى الواقف.

القول الثاني أنه يصح الوقف على النفس، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء المحققين وقالوا: إن الوقف على النفس فيه فائدة، وهي أيش؟ الامتناع من بيعه، ولكن لو فعل هذا تحيلًا لإسقاط حق الغرماء؛ مثل أن يكون رجلًا مدينًا، فأوقف بيته على نفسه لئلا يباع في دينه، فالوقف هنا غير صحيح، حتى لو فُرِض أنه وقفه على غير نفسه حيلةً ألا يباع في الدين فإنه لا يصح الوقف.

وهذا هو القول الراجح؛ أن الإنسان الذي عليه دين يستغرق ماله فإنه إذا أوقف شيئًا من ماله لا يصح؛ لأن ماله الآن تعلق به حق الغرماء، ولأن وفاء الدين واجب والوقف سنة، ولا يمكن أن تقوى سُنة على إسقاط واجب.

المهم الآن نرجع إلى المسألة، الوقف على نفسه فيه قولان؛ القول الأول: لا يصح، وإذا قلنا: لا يصح ماذا نصنع بهذا الموقوف؟ نقول: إن ذكر بعده أحدًا صُرِف إلى من بعده، وإن لم يذكر أحدًا رجع إليه ملكًا؛ لأن الوقف لا يصح.

ص: 2349

والحقيقة أن قولهم: إنه يصرف إلى من بعده وقفًا يؤيد القول بأن الوقف على النفس صحيح؛ لأننا إذا قلنا: إنه لا يصح وجب ألَّا يصح ولا يصرف إلى من بعده؛ إذ كيف يُصْرَف إلى من بعده وهو لم يكن وقفًا صحيحًا؟ !

القول الثاني في المسألة أن الوقف على النفس صحيح ما لم يجعل ذلك حيلة أيش؟ لإسقاط دينٍ عليه فإنه لا يصح.

قال: (ويشترط في غير المسجد ونحوه أن يكون على معين) يشترط، هذا الشرط الرابع، هو الرابع ولَّا؟

طالب: الثالث.

الشيخ: الثالث، يشترط أن يكون على معين يملك، وقوله:(في غير المسجد) يعني غير المسجد؛ مثل المكتبة، الكتب، وما أشبه ذلك.

وقوله: (ونحوه) يريد به الجهات العامة؛ كالفقراء وطلبة العلم والمساكين والمجاهدين، وما أشبه ذلك. يُشترط في غير هؤلاء أن يكون على معين.

طيب المسجد إذا أوقف هذا البيت على مسجد، يُصْرَف ريعه في مصارف المسجد، هذا معين ولَّا غير معين؟

طلبة: معين.

الشيخ: معين لكنه لا يملك. إذا أوقف على الفقراء؟

طلبة: غير معين.

الشيخ: هو غير معين ولكنه يملك، ونحن نشترط أن يكون على معين ويملك.

فصار الآن الوقف على جهة لا تملك لا بأس به، الوقف على جهة عامة ولو كانت تملك لا بأس به.

أما إذا وقف على معين فيقول: (يشترط أن يكون على معين) وضده المبهم، ضد المعين المبهم. فإذا قال: هذه وقف على زيد أو عمرو، أو على أحد هذين الرجلين، فالوقف غير صحيح. ليش؟ لأنه غير معين، من هو الذي عليه الوقف من هذين؟ لا ندري، فلا يصح الوقف؛ لأنه لا بد أن يكون على معين، فالمبهم لا يصح الوقف عليه.

وقال بعض العلماء: يصح ويُخْرَج أحدهما بقرعة؛ لأن هذا أقرب إلى مقصود الواقف؛ إذ إن الواقف يريد أن يبرَّ أحد هذين ولكن لا يدري أيهما أصلح.

ص: 2350

وهذا القول أقرب للصواب، اتباعًا لأيش؟ لمقصود الواقف؛ الواقف أخرج هذا عن ملكه لا يريده، انتهى منه، لكن أشكل عليه هذا أو هذا، فقال: هو وقف على أحد هذين الرجلين؛ إما فلان وإما فلان، فهنا يُخْرَج بقرعة.

لكن لو قال: إما فلان وإما فلان، والنظر لفلان ثالثٍ، فهنا نقول لفلان الناظر: أعطه من ترى أنه أصلح، فإذا كان أحدهما أشد حاجة أو أشد طلبًا في العلم أو ما أشبه ذلك فلا حرج أن يُعْطَى إياه؛ لأننا نعلم أن مقصود الواقف هو البر والإحسان.

الثاني شرط أنه يملك؛ لا بد أن يكون يملك، فإن كان على معين لا يملك لم يصح، ويش تقول؟

طالب: إذا كان على معين لا يملك لا يصح.

الشيخ: لا يصح، طيب.

مثاله قال: (لا مَلَك) لو وقف على مَلَك معين؛ كجبريل مثلًا، قال: هذا وقف على جبريل عليه السلام؛ لأنه أمين الله على وحيه، يصح ولَّا ما يصح؟

طلبة: لا يصح.

الشيخ: ليش؟

طلبة: لا يملك.

الشيخ: لأنه لا يملك، وإذا كان لا يملك لا يصح.

(حيوان) قال: هذا وقف على فرسِ فلانٍ، يجوز أو لا يجوز؟

طلبة: لا يجوز.

الشيخ: لا يجوز؛ لأن الفَرَس لا تملك.

أما لو قال: هذا وقف على خيول الجهاد فهذه جهة، ما هي معين، جهة، يصح؛ لأن هذه عامة، وكلامه على المعين لا بد أن يكون ممن يملك.

لكن لو تأملت مقصود الواقف بأن يقول: هذا وقف على فرس فلان، أو على الفرس الفلاني، وهو أنه يريد أن ينفع هذا الفرس؛ لأنه يقاتل عليه في سيبل الله، فهنا يصح على ما نراه؛ أنه إذا كان لهذا الحيوان عمل بِرٍّ فإنه يصح، ولكن ماذا نفعل؟ يعني نجيب المغل الدراهم نحطه عند رأسه ويأكله أيش نعمل؟

طالب: (

).

الشيخ: نعم، يصرف في مصالحه؛ في رعيه، في بناء حجرة له في الشتاء أو في الصيف، أو ما أشبه ذلك.

فالقول الثاني في الحيوان أنه إذا كان هذا الحيوان مما يُنْتَفع به في الدين فلا بأس أن يُوقَف عليه ويُصْرَف في مصالحه، فإن استغنى عنها صُرِف فيما يشابهه.

يقول: (وقبر) عندكم (قبر)؟

ص: 2351

طالب: نعم.

الشيخ: نعم.

طالب: (

).

الشيخ: لا، بعد (

) ما عندكم (قبر) قبل؟

طلبة: (

).

الشيخ: طيب على كل حال مهمة، لو قف على القبر فالوقف غير صحيح؛ أولًا: لأن القبر لا يملك، ثانيًا: لأنه إذا وقف على القبر فهو وسيلة إلى المحرم، ماذا ينتفع القبر بهذا؟

فإذا قال: أنا لا أريد أن أزوق القبر أو أعلق عليه السرج أو ما أشبه ذلك، لكن أريد إذا انخسف أن يجدد؛ لأنه في بعض الأحيان تكثر الأمطار وتنزل إلى اللبن الموضوع على اللحد، ثم ينخسف القبر، يحتاج إلى ترميم، فنقول: لا يجوز حتى في هذه الحالة؛ لأن هذه حالة نادرة فلا تصح.

فإذا قال قائل: إذا كان القبر قبر ولي، له سدنة، وله خدم، وله زوار، فهل يصح؟

طلبة: لا يصح.

الشيخ: نقول: هذا لا يصح من باب أولى؛ لأنه وسيلة إلى الشرك، وقد يكون شركًا أكبر لمن يزورونه.

وكذلك لا يصح الوقف على (الحمل) الحمل في البطن لا يصح الوقف عليه؛ مثل أن يقول: هذا وقف على ما في بطن هذه المرأة، لا يصح. لماذا؟

طلبة: لا يملك.

الشيخ: نعم؛ لأن الحمل لا يملك، وإذا كان لا يملك فإنه لا يصح الوقف عليه، لكن يصح عليه تبعًا، لو قال: على فلان ومن يولد له فلا بأس، وأما استقلالا فلا؛ وذلك لأن الحمل لا يملك.

(لا قبوله) يعني: لا يشترط في الوقف على معين أن يقبله ذلك المعين، ولا في الوقف على جهة أن يقبله الولي على تلك الجهة.

طالب: (

).

الشيخ: لا، ليس بشرط.

فإذا قال: هذا البيت وقف على فلان، وقال فلان: أنا لا أريده، نقول: الوقف الآن نفد، ويُصْرَف إلى من بعده إن ذكر له مآلًا، وإلا صُرِف مصرف المنقطع، وسيأتي -إن شاء الله- بيان لمن يكون الوقف إذا انقطع من يستحقه.

(ولا إخراجه عن يده) يعني: ولا يشترط إخراج الوقف عن يد الواقف، فلو وقف البيت وبقيت يده عليه فالوقف صحيح؛ يعني: الصدقة لا تخرج عن ملكه إلا إذا خرجت عن يده، والوقف يخرج عن ملكه وإن لم يخرج عن يده.

ص: 2352

ولهذا لو أن إنسانًا وضع دراهم في جيبه على أنها صدقة، ثم بدا له ألا يتصدق، فيجوز هذا أو لا؟ هذا يجوز، لا بأس، هي ما دامت في يدك؛ إن شئت أمضيتها، وإن شئت رددتها، لكن الوقف إذا وقف نفد ولو كان تحت سيطرته وتحت يده.

وقوله: (لا قبوله) نصَّ على نفي كون القبول شرطًا؛ لأن من العلماء من قال: إن الوقف على معين يشترط قبول المعين له.

وهذا القول جيد؛ لأننا كيف نلزم الشخص أن يدخل ملكه هذا الشيء بدون رضاه؟ ! إذا قال: أنا لا أقبل، كما لا أقبل أن تهدي عليَّ هدية أو تهب لي هبةً لا أقبل أن توقف عليَّ شيئًا، فالقول بأنه لا بد من قبول المعين إذا وُقِّف عليه الوقف قول قوي أقوى من القول بعدم اشتراطه.

نرجع إلى الشروط، الشروط يقول رحمه الله:(المنفعة دائمًا) فلا يصح توقيف العين التي تتلف بالانتفاع بها، ويشترط أن يكون الموقوف معينًا، فلا يصح: وقفت أحد هذين البيتين.

الثاني: أن يكون على بِرٍّ، متى؟

طلبة: إذا كان على جهة عامة.

الشيخ: إذا كان على جهة عامة.

الثالث: أن يكون على معين يملك.

الرابع: قبوله، على قول من يرى أنه يشترط قبوله، أما على القول الثاني فليس بشرط.

طالب: (

الشيخ: الزندقة هي النفاق، الزنديق عند الفقهاء هو المنافق؛ يعني من يظهر الإسلام ويبطن الكفر، إي نعم.

طالب: (

) كتب أهل البدع مثل الزندقة؟

الشيخ: إي نعم، كتب أهل البدع مثل الزندقة، الكتب اللي فيها الأغاني الماجنة مثل الزندقة.

طالب: الوقف على مسجد لأهل البدع؟

الشيخ: يعني المسجد بني لأهل البدع؟

الطالب: (

) النشاط الذي فيه والصلاة كلها لأهل البدع.

الشيخ: لا يصح، الظاهر أنه لا يصح، أو نقول بالصحة ويصرف إلى مسجد سني؛ لأنه قد يكون الواقف أراد الخير ما أراد البدع.

طالب: أحسن الله إليك، قلنا بالقول أنه يجوز الوقف إلى الحيوان وينتفع به في البر.

الشيخ: الوقف على الحيوان.

ص: 2353

الطالب: الوقف على حيوان، إذا كان يعمل هذا الحيوان في البر، هكذا فهمت.

الشيخ: يعني: وقف على بقرته.

الطالب: (

) ينتفع بها -مثلًا- في الجهاد (

) قلنا: يجوز يا شيخ (

) وقفت بيتي يا شيخ؟

الشيخ: وقفت بيتي.

الطالب: نعم.

الشيخ: على هذا الحيوان، هذا الذي قلناه.

الطالب: لكن يا شيخ ..

الشيخ: المذهب لا يصح، اللي مشى عليه المؤلف لا يصح.

الطالب: (

) لا يجوز بيعه، فكيف ينتفع به هذا الحيوان (

الشيخ: لا يا أخي، يؤجر، أيمكن يؤجر؟ يمكن ولَّا ما يمكن؟

الطالب: يمكن.

الشيخ: طيب.

طالب: شيخ، لو وقفه على نفسه وأراد بذلك إسقاط حق الورثة؟

الشيخ: حق الورثة، الورثة سوف يرثونه من بعده؛ لأننا قلنا: إذا وقفه على نفسه ثم مات ولم يذكر مآلًا رجع إلى الورثة.

الطالب: ألا يذهب -يا شيخ- إلى بيت المال؟

الشيخ: أما إذا جعل له مآلًا من بعده فالوقف صحيح؛ يعني حتى لو وقف على زيد، هذا البيت وقفه على زيد وليس له غيره، والواقف كان صحيحًا ليس في مرض موته؛ فهذا صحيح، كما لو وهبه له هبة.

طالب: شيخ -بارك الله فيكم- نحن نعلم أن من مقاصد الشرع (

)، لو قلنا بجواز الوقف المبهم الذي يكون بين اثنين، يقول: هو وقف؛ إما على زيد وإما على عمرو، لا شك حتى وإن أقرعنا بينهما فسيحصل (

) سيحصل له من الآخر ..

الشيخ: عداوة.

الطالب: سيحصل عداوة وبغضاء، فما رأيكم لو نقول بعدم جواز هذا سدًّا لذريعة التنازع؟

الشيخ: هل الذريعة الظاهر أنها نادرة، لكن لو قال قائل: نصحح على أحد هذين ونجعله بينهما نصفين؟

الطالب: أو هكذا ..

الشيخ: لو قال قائل بهذا لكان له وجه؛ لأن الحق الآن ثبت لأحدهما قطعًا، فإذا تنازل وجعله بينه وبين صاحبه فلا بأس.

الطالب: يقسم بينهما؟

الشيخ: أقول: لا بأس إذا اختارا هذا.

طالب: شيخ -بارك الله فيكم- قولهم: وليس على حمل، ما المانع أن يصح الحمل، فإن ولد (

)، وإن لم يولد يأخذه الورثة؟

ص: 2354

الشيخ: لا، إن لم يولد صار منقطع الانتهاء.

الطالب: لماذا لا نقول: يأخذه الورثة؟

الشيخ: ورثة من؟ ما يملك؛ لأن الحمل لا يملك حتى يستهل صارخًا؛ ولهذا لو مات أبوه ثم خرج ميتًا هذا الحمل لم يرث.

الطالب: (

) ما الذي يمنع أن نقول به؟

الشيخ: لا نرى شيئًا بينًا في المنع، لكن هذا الذي وقفنا عليه الآن، ويمكن أن يكون فيها قول آخر.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، بالنسبة لمن اشترط قبول الموقوف عليه (

) أراد البر والإحسان، فلماذا -يا شيخ- (

الشيخ: إي نعم؛ لأنه وقف على معين، أما لو علمنا أنه وقفه على هذا المعين لأنه طالب علم مثلًا فهنا نقول: إذا لم يقبل يُعْطَى طالب علم آخر مثله أو أحسن منه، لكن إذا عملنا إنما يريد نفعه فقط شخصيًّا فلا بد من القبول.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- قلنا: لا يشترط (

) حتى لو لم يكن فيه تسبيل للمنفعة؟

الشيخ: هو أصله لا بد من تسبيل المنفعة، الوقف لا بد فيه من تسبيل المنفعة.

الطالب: قد يكون الموقف هذا (

) لا يقصد به المنفعة؟

الشيخ: كيف؟

الطالب: ألَّا يقصد به المنفعة أحيانًا.

الشيخ: لا، هو إذا وقفه وصح؛ يعني (

)، هذه النفعة التي تحصل منه تعطى الموقف عليه سواء كان معينًا أن كانت جهة.

طالب: من وقف (

الشيخ: مشاع يعني؟

الطالب: نعم.

الشيخ: يصح إذا وقف مشاعًا لمعين يصح، ويبقى نصفه طلقًا ونصفه وقفًا.

(فصلٌ)

ص: 2355

ويَجِبُ العملُ بشرْطِ الواقفِ في جَمْعٍ وتقديمٍ ، وضِدِّ ذلك واعتبارِ وَصْفٍ وعَدَمِه وترتيبٍ ونَظَرٍ وغيرِ ذلك، فإنْ أَطْلَقَ ولم يَشْتَرِطْ اسْتَوَى الغنيُّ والذَّكَرُ وضِدُّهما، والنظَرُ للموقوفِ عليه وإن وَقَفَ على وَلَدِه أو وَلَدِ غيرِه ثم على المساكينِ فهو لوَلَدِه الذكورِ والإناثِ بالسوِيَّةِ ، ثم وَلَدَ بُنَيَّةٍ دونَ بناتِه كما لو قالَ على وَلَدِ وَلَدِه وذُرِّيَّتِه لصُلْبِه، ولو قالَ على بَنِيهِ أو بَنِي فُلانٍ اخْتُصَّ بذُكورِهم إلا أن يكونوا قَبيلةً فيَدخلُ فيه النساءُ دونَ أولادِهنَّ من غيرِهم

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

طالب: حتى لو كان فيه عدم تسبيل للمنفعة.

الشيخ: حتى أيش؟

طالب: حتى لو لم يكن فيه تسبيل للمنفعة.

الشيخ: هو أصله لا بد من تسبيل المنفعة، الوقف لا بد فيه من تسبيل المنفعة.

طالب: قد يكون الموقوفة له يلزم أنه لا يخرج من عند الواقف إلا أن تسبل المنفعة.

الشيخ: كيف؟

طالب: ألا تسبل المنفعة أحيانًا.

الشيخ: إذا وقفه وصح (

) إخراجه هذه المنفعة التي تحصل منه تعطى الموقوف عليه، سواء كان معينًا أو كانت جهة، نعم.

طالب: إذا وقف (

).

الشيخ: مشاع يعني.

طالب: نعم.

الشيخ: يصح إذا وقف مشاعًا لمعين يصح، ويبقى نصفه طلقًا ونصفه وقفًا، نعم.

طالب: شيخ، أحسن الله إليك، إذا وقف ماله على بر، ولكن قصده من هذا الإضرار بالورثة أو إبطال الشفعة.

الشيخ: هو الرجل إذا قصد إبطال الشفعة، سبق أنه ما يجوز ولا يصح، لكن إذا قصد.

طالب: حرمان الورثة.

الشيخ: حرمان الورثة، هل هو صحيح ولَّا مريض؟

طالب: صحيح.

الشيخ: صحيح، هل نتيقن أن هؤلاء الورثة سيرثونه، أو هو يرثهم؟

طالب: الله أعلم.

الشيخ: ما ندري، وليس هناك سبب، لو كان مريضًا مرض الموت المخوف، نعم، أما إذا كان غير مريض ما يدرى فقد يكون هم الورثة، أو هو الوارث.

طالب: (

).

الشيخ: نعم، أرأيت لو وهبه تامًّا، لو وهبه تامًّا يجوز.

طالب: نعم.

ص: 2356

طالب آخر: كبار السن.

الشيخ: كم من إنسان له تسعون سنة وعمره الله إلى مئة وعشرين، ومات بثلاثين السنة هذه كل الورثة اللي عنده.

طالب: أحسن الله إليك، أوقف مطلقًا ثم احتاج أن ينتفع.

الشيخ: أوقف مطلقًا.

طالب: نعم.

الشيخ: ثم.

طالب: احتاج أن ينتفع بالموقوف.

الشيخ: نعم.

طالب: ما حكمه؟

الشيخ: لا يصح، إلا إذا كان اشترط الغلة لنفسه.

طالب: ما اشترط.

الشيخ: لا.

طالب: (

).

الشيخ: إذا أوقف شجرة تنفذ على حسب ما أوقف، حتى لو احتاج فإنه لا، إلا إذا قال: وقف على الفقراء وافتقر فإنه يأكل نعم.

طالب: هل يجوز للواقف أن يغير جهة الوقف، بمعنى أنه وقف هذا الشيء على جهة عامة ثم بدا له أن يغيره إلى معين.

الشيخ: إي نعم، لا يصح، يعني لا يصح أن يغير الوقف، ولا تغير شروطه، إلا إذا رأى أن ينقله إلى ما هو أحسن ويبقى على الشروط التي فيه، فالصحيح أنه جائز إبداله بأحسن منه. وسيأتينا إن شاء الله أن المذهب لا يجوز إلا إذا تعطلت منافعه بالكلية.

طالب: بارك الله فيكم، في المسائل التي قلنا فيها: لا يصح الوقف وغيرها من كل المسائل التي لا يصح فيها الوقف، هل يسوغ للمفتي فيها ألا يبطل الوقف، وإنما ينقله إلى ما هو مثله أو أفضل منه؟

الشيخ: لا يسوغ، إذا قلنا: لا يصح معناه أنه باطل.

طالب: وحتى لو علمنا مقصود الواقف من أنه أراد الخير.

الشيخ: طيب نعم.

طالب: وحتى لو علمنا مقصود الواقف من أنه أراد الخير.

الشيخ: إي نعم، حتى لو علمنا نقول: ما دام (

) الآن باطل، والواقف موجود يغير، فإن عدم فهو للورثة إن كان قد مات.

طالب: قلنا: إن من عليه دين فإنه لا يصح وقفه، هل هذا ..

الشيخ: هذا على القول الراجح، المذهب يصح بشرط ألا يحجر عليه.

طالب: حتى لو لم ينو التهرب منه.

ص: 2357

الشيخ: إي نعم، حتى ولو لم ينو إبطال حق الغرماء، هذا هو القول الراجح، شيخ الإسلام رحمه الله يرى رأيًا جيدًا، وهو الصواب إن شاء الله؛ أن من استغرقت ديونه ماله لا يمكن أن يتصرف بتبرع أبدًا.

طالب: وإن كان الدين فيما بعد الوقف؟

الشيخ: كيف فيما بعد، بعد الوقف يعني بعد أن وقف.

طالب: نعم.

الشيخ: لا، ما يمكن يباع الوقف، الوقف يبقى على حاله.

***

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد، فقال المؤلف رحمه الله:

فصل

ويجب العمل بشرط الواقف في جمع وتقديم، وضد ذلك، واعتبار وصف وعدمه، وترتيب ونظر، وغير ذلك، فإن أطلق ولم يشترط استوى الغني والذكر وضدهما، والنظر للموقوف عليه، وإن وقف على ولده أو ولد غيره ثم على المساكين فهو لولده الذكور والإناث بالسوية، ثم ولد بنيه، دون بناته، كما لو قال: على ولد ولده وذريته لصلبه، ولو قال: على بنيه، أو بني فلان، اختص بذكورهم، إلا أن يكونوا قبيلة، فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهن.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ما تقول في رجل يهوى المعازف، فوقف نخلًا على أهل العزف؟

طالب: على أهل؟

الشيخ: العزف، ماذا تقول في هذا الوقف؟

طالب: (

).

الشيخ: إي نعم على أهل العزف، يأكلون ثمره أو يبيعونه، المهم أنه وقفه عليهم.

طالب: (

).

الشيخ: يجوز؛ لأنه جهة، والعزف حلال، نعم.

طالب: (

).

الشيخ: ما تعرف العزف.

طالب: (

).

الشيخ: آلات اللهو كالموسيقا والرباب وما أشبه ذلك.

طالب: ما يجوز.

الشيخ: يجوز.

طالب: لا يجوز.

الشيخ: على جهة.

طالب: إي نعم لكن يشترط أن يكون برًّا.

الشيخ: لا يجوز، نعم.

طالب: إذا كانوا يستعينون بهذا النخل على شرهم فإنه لا يجوز أيضًا.

الشيخ: إي على أهل العزف.

ص: 2358

طالب: أهل العزف قد ينتفعون به انتفاعًا ..

الشيخ: لا، للعزف.

طالب: لا يجوز.

الشيخ: طيب لا يجوز؛ لأنه يشترط فيما يكون على جهة أن يكون على بر، وهذا ليس من البر، طيب وقف على ذمي.

طالب: صحيح.

الشيخ: صحيح.

طالب: لأنه يشترط في المعين ألا يكون على (

).

الشيخ: طيب إذا وقف على ذمي بشرط أن يبقى على دينه.

طالب: يصح.

الشيخ: يصح الوقف ولا يصح؟

طالب: الشرط.

الشيخ: الشرط، طيب رجل وقف على فرس.

طالب: فيه التفصيل.

الشيخ: فيه تفصيل.

طالب: على المذهب لا يصح.

الشيخ: نعم طيب.

طالب: أما إذا كان الفرس هذا (

) فإنه يصح.

الشيخ: يصح حتى على المذهب.

طالب: حتى على المذهب.

الشيخ: إذن لا يصح أن تقول: فيه التفصيل، قل: فيه خلاف، طيب المذهب لا يصح؛ لأنه لا يملك، والقول الثاني.

طالب: يصح.

الشيخ: يصح ويصرف في.

طالب: في مصارف الفرس.

الشيخ: في مصالح الفرس، طيب هل يصح الوقف على جني؟

طالب: لا يصح.

الشيخ: جني صالح.

طالب: لا يصح.

الشيخ: نعم.

طالب: لا يملك.

الشيخ: لا يملك، إذن لا يصح الوقف عليه، ويش تقولون؟

طلبة: نعم.

الشيخ: نعم؛ لأنه لا يملك عن طريق بني آدم، والظاهر أنه عن غير طريق بني آدم أنه يملك، بمعنى أنه فيما بينهم لهم أملاك يملكونها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ تَجِدُونَهُ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا» (1).

وقف على زيد، هل يشترط أن يقبله زيد؟

طالب: إي نعم.

الشيخ: يشترط.

طالب: إي نعم.

الشيخ: وإن لم يقبل.

طالب: لا يجبر عليه.

الشيخ: لا يجبر عليه، حتى على ما مشى عليه المؤلف.

طالب: إي نعم.

الشيخ: نعم، إذن لم تحفظ المتن، نعم.

طالب: المذهب لا يشترط قبوله.

الشيخ: طيب وإذا لم يقبل؟

طالب: وإذا لم يقبل يرجع إلى صاحب ال ..

الشيخ: يرجع إلى الواقف، إلا إذا كان قد ذكر له.

طالب: مصرفًا آخر.

الشيخ: مصرفًا آخر، تمام، هذا هو الصواب.

ص: 2359

ثم انتقل المؤلف إلى مسائل مهمة في باب الوقف، فقال:(فصل: ويجب العمل بشرط الواقف) على من كان ناظرًا على الوقف، وسيأتي بيان من هو الناظر.

وقوله: (يجب) الوجوب هو اللزوم، والواجب هو الذي يثاب فاعله، ويستحق العقاب تاركه، وقوله:(بشرط الواقف) أي بما شرط من وصف أو قيد أو إطلاق أو غير ذلك، أو جهة، فلا يرجع في ذلك إلى رأي الناظر، بل إلى ما شرط الواقف، فيعمل به،

وليس هناك دليل لكن فيه تعليل؛ لأن الواقف أخرج ملكه عن هذا الموقوف على وصف معين، فلا يجوز أن يتجاوز به إلى غيره.

وظاهر كلام المؤلف أنه لا يجوز، ولو كان ذلك فيما هو أفضل، وهذه مسألة اختلف فيها العلماء؛ فمنهم من يقول: إن الواقف إذا شرط شروطًا في الوقف، ورأى الناظر أن غير هذه الشروط أنفع للعباد وأكثر أجرًا للموقف، فإنه لا بأس أن يصرفه إلى غيره.

أما الأولون فقالوا: إن هذا الرجل أخرج ملكه عن هذا الوقف على وجه معين، فلا يجوز أن نتصرف في ملكه إلا حسب ما أيش؟ إلا حسب ما أخرجه، ليس له الحق.

وأما الآخرون الذين قالوا بالجواز فيقولون: إن أصل الوقف للبر والإحسان، فما كان أبر وأحسن فهو أنفع للواقف وللناس.

واستدل هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل عام الفتح وقال: يا رسولَ اللهِ، إني نذرتُ إنْ فتح الله عليك مكةَ أن أُصليَ في بيت المَقْدِس، فقال:«صَلِّ هَاهُنَا» فأعاد عليه، فقال:«صَلِّ هَاهُنَا» فأعاد عليه، فقال:«صَلِّ هَاهُنَا» ، فأعاد عليه، فقال:«شَأْنَكَ إِذَنْ» (2).

والوقف شبيه بالنذر، فإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجاز للناذر أن ينتقل إلى الأفضل، فالواقف كذلك، وهذا القول هو الصحيح، أنه يجوز أن يغير شرط الواقف إلى ما هو أفضل ما لم يكن الوقف على معين، فإن كان الوقف على معين فليس لنا أن نتعدى، يعني لو قال: وقف على فلان لا يمكن أن نصرفه إلى جهة أفضل؛ لأنه عين، فتعلق حق الخاص به، فلا يمكن أن يغير أو يحول.

ص: 2360

(يجب العمل بشرط الواقف في جمع وتقديم، وضد ذلك، واعتبار وصف وعدمه وترتيب ونظر) كم هذه؟ ثمانية، جمع وتقديم، وضد ذلك اثنان، واعتبار وصف وعدمه وترتيب ونظر ثمانية. قال:(وغير ذلك) يعني ليس هذا حصرًا، بل كل شرط شرطه يجب العمل به، على ما سمعتم من الخلاف.

أولًا: في جمع بأن يقول: هذا وقف على أولادي وأولادهم، يكون الوقف الآن على الأولاد وأولادهم جمعًا مجموعين، فإذا كان له ثلاثة أولاد وثلاثة أولادِ ابنٍ، كم يقسم الوقف؟

طلبة: ستة.

الشيخ: على ستة؛ لأنه جمعهم، والواو للجمع، لمقتضى الجمع، فيجمعون.

الثاني قال: (وتقديم) يعني إذا شرط تقديم من يتصف بوصف معين، مثل أن يقول: هذا وقف على أولادي، ويقدم طالب العلم الآن الوقف على من؟

طلبة: الجميع.

الشيخ: على الجميع، لكن يقدم طالب العلم.

ومعنى كونه يقدم أنه يعطى كفايته من الوقف، والباقي للآخرين، ففي التقديم لا يحرم المؤخر، المؤخر لا يحرم؛ لأن هذا ليس ترتيبًا، بل هو تقديم وتأخير، فيستحق الجميع، لكن يقدم من قدمه الواقف.

إذا قال: هذا وقف على أولادي يقدم الأعزب منهم، فهل نفي بالشرط أو لا؟

ينظر، قد نقول: لا يوفى بالشرط؛ لأن العزوبة ليست أمرًا مرغوبًا فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ» (3).

لكن لو لاحظ أمرًا آخر بأن قال: يقدم من ماتت زوجته، فهذا أيش؟ لا بأس به؛ لأنه أراد بذلك جبر هذا الأعزب الذي ماتت زوجته، ولعله أن يتزوج.

فإذا كان يريد هذا الواقف يريد أن يجعل العزوبة وصفًا للاستحقاق بدون سبب شرعي، فإن هذا الشرط لاغٍ؛ لأنه خلاف ما يومئ إليه الشرع، وخلاف ما يريده الشرع، وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل.

طيب (وضد ذلك) ضد الجمع: التفريق، وضد التقديم: التأخير.

ص: 2361

التفريق أن يقول: هذا وقف على أولادي فلان وفلان وفلان، ويترك الآخرين، هذا تفريق، يعني مثلًا له ستة أولاد، قال: هذا وقف على أولادي فلان وفلان وفلان، كم هم؟

طلبة: ثلاثة.

الشيخ: والآخرون ليس لهم حق، لا يستحقون شيئًا؛ لأنه فرق بينهم، ولكن هل يجوز أو لا يجوز هذا شيء آخر، لكن الصورة هي هذه، أما هل يجوز أن يفرق فيعطي أحدًا ويحرم أحدًا، فهذا لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» (4).

التقديم التأخير فيقول: هذا وقف على أولادي، يؤخر من يتكاسل عن الصلاة، فهنا نعطي من لا يتكاسل، ونؤخر من يتكاسل، حتى لو فرض أن من يتكاسل أحق بالمال من الآخرين فإننا لا نعطيه؛ لأن الواقف شرط أن يؤخر من اتصف بهذه الصفة.

(واعتبار وصف) يعني: ويجب العمل بشرط الواقف في اعتبار وصف، مثل أن يقول: وقفت على أولادي طلبة العلم منهم، هذا اعتبار وصف، ما هو الوصف؟

طلبة: طلب العلم.

الشيخ: طلب العلم، فيعطى طلبة العلم ويحرم الآخرون.

أو الفقر، فيقول: وقفت على أولادي الفقراء منهم، فهنا يستحق الفقراء ولا يستحق الأغنياء؛ لأنه قيد بوصف.

طيب وقف على أولادي المتزوجين منهم يصح أو لا يصح؟ يصح؛ لأن التزوج صفة مقصودة للشرع، ولأن المتزوجين في الغالب أحوج من غير المتزوجين.

(واعتبار وصف وعدمه) بأن يقول: هذا وقف على أولادي، لا يعطى الأحمق منهم، أو دون الأحمق منهم، هذا اعتبر أيش؟ اعتبر الوصف ولَّا عدم وصف؟

طلبة: عدم وصف.

الشيخ: عدم وصف، فاعتبار الوصف إيجابي وعدمه سلبي.

والترتيب أن يأتي بما يدل على الترتيب، مثل أن يقول: وقف على أولادي، ثم أولادهم، أو وقف على أولادي بطن بعد بطن، أو وقف على أولادي، فإذا مات البطن الأول، أو فإذا عدم البطن الأول فللثاني، هذا نسميه أيش؟

طلبة: ترتيبًا.

الشيخ: ترتيبًا، ولا يختص بـ (ثم)، كل ما دل على الترتيب نعمل به، أفهمتم؟

ص: 2362

طيب لكن إذا قال قائل: ما الفرق بين الترتيب والتقديم؟

الفرق بين التقديم والترتيب أنه في الترتيب لا يتسحق البطن الثاني شيئًا مع البطن الأول، هذا في الترتيب، وفي التقديم يتستحق البطن الثاني مع الأول ما فضل عن الأول، فالبطن الأول والثاني كلاهما مستحق، لكن يقدم البطن الأول، فيمكن أن يشترك البطن الأول والثاني في مسألة التقديم، مثل أن يقول: هذا وقف على أولادي، يقدم الأحوج، فأعطينا الأحوج ما يكفيه؛ لأن الريع كثير، أعطينا الأحوج ما يكفيه، وبقي بقية، هل نعطي الآخر؟ نعم نعطيه، لكن لو قال: وقف على أولادي، ثم أولادهم، وكان الريع كثيرًا، وأعطينا الأولاد حاجتهم وزاد أضعاف أضعاف، هل نعطي البطن الثاني شيئًا؟ لا. قال:(ثم)، وما بعد (ثم) لا يشارك ما قبلها لوجود أيش؟ الترتيب، طيب لو قال: بطن بعد بطن.

طلبة: ترتيب.

الشيخ: فكذلك لو قال: بطن بعد بطن فهو ترتيب

وقوله: (ونظر) النظر يعني الولاية، والأولياء أربعة أقسام، يعني الذين يتصرفون لغيرهم أربعة أقسام: الوكيل، والوصي، والناظر، والولي، كل هؤلاء يتصرفون لغيرهم.

الوكيل: هو في حال الحياة وكَّل فلانًا أن يشتري له شيئًا معينًا، فاشتراه، هذا نسميه وكيلًا.

الوصي: من أذن له في التصرف بعد الموت، مثل أن يقول: أوصيت لفلان بألف درهم، والوصي فلان يعني الذي يأخذ الألف ويعطيه الموصى له هو فلان، نسمي هذا أيش؟ وصيًّا، أو يقول: أوصيت إلى فلان بالنظر على أولادي الصغار، هذا يكون بعد الموت، ويسمى وصيًّا.

ص: 2363

الوكيل على الوقف يسمى ناظرًا. ولهذا يغلط كثير من الذين يكتبون الأوقاف يقول: وقفت مثلًا بيتي أو نخلي على ذريتي والوكيل فلان، هذا غلط، والصواب أن يقال: والناظر فلان، لكن لما كان الذين يكتبون للناس غالبهم لم يتعمقوا في الفقه، صاروا لا يفرقون بين الوكيل والوصي والناظر؛ كله وكيل، حتى الوصي الذي بعد الموت يسميه وكيلًا، ولو جاءت لقاضٍ لا يعرف العرف لقال: إن هذا بطلت وكالته، يعني مثلًا لو قال: وصيي على ملكي، أو على أولادي الصغار، وما أشبه ذلك، فلان، لو قال: وكيلي فلان ثم مات.

طلبة: (

).

الشيخ: انفسخت الوكالة، فلو قدمت هذه الوثيقة لقاضٍ لا يعرف عادة الناس وعرفهم لقال: الوكالة تنفسخ بموت الموكل، ولا وكالة له.

ولهذا ينبغي للذين يكتبون الوثائق للناس أن يكون لديهم دراية وعلم في الألفاظ ودلالتها الشرعية

الولي من كان يتصرف بإذن من الشارع؛ لأن كل من قلنا من وكيل ووصي وناظر يتصرفون بإذن من؟ بإذن المالك، لكن إذا كان التصرف بإذن من الشارع سمي ذلك ولاية؛ كولي اليتيم مثلًا، ولي اليتيم لا أحد من الناس ولاه، بل ولاه الله عز وجل، فيسمى هذا وليًّا، وكولاية الأب على مال ولده، فهذه ولاية لم تكن بإذن من العبد.

إذن الناظر يرجع في تعيينه إلى من؟

طلبة: الواقف.

الشيخ: إلى الواقف، فإذا قال: هذا وقف على الفقراء، والناظر فلان، تعين أن يكون الناظر فلانًا، فلو أرادت وزارة الأوقاف أن تأخذ هذا الوقف لأنه عام فليس لها الحق مع وجود ناظر خاص، والموقف أخرج الوقف عن ملكه مقيدًا بناظر معين، فلا اعتراض لأحد عليه، لكن إن خيف منه ألا يقوم بالأمانة على وجهها فللوزارة أن تعين ناظرًا معه؛ لأن هذا على جهة عامة.

طيب، وهل يصح أن يخصص الواقف بعض الموقوف عليهم بالنظر؟ نعم يصح، فإذا قال: وقف على أولادي، والناظر فلان من الأولاد، صح ذلك، ولا أحد يعترض عليه، اللهم إلا إن خرج عن مقتضى الأمانة، فهذا شيء آخر.

ص: 2364

يقول: (وغير ذلك) يعني من جميع ما يشترطه الواقف. والعلة لوجوب الرجوع إلى شرط الواقف ما هي؟

طلبة: لأنه خرج (

).

الشيخ: أنه أخرج هذا عن ملكه على وصف معين وشرط معين، فلا يجوز لنا أن نتصرف فيه إلا حسب ما أخرجه به عن ملكه

(فإن أطلق) الفاعل الواقف، إن أطلق (ولم يشترط) شيئًا معينًا (استوى الغني والذكر وضدهما، والنظر للموقوف عليه) إن أطلق ولم يشترط شيئًا لا ناظرًا، ولا وصفًا، ولا تقديمًا، ولا تأخيرًا، فإنه يستوي الغني والذكر وضدهما، من ضد الغني؟

طلبة: الفقير.

الشيخ: والذكر؟

طلبة: الأنثى.

الشيخ: الأنثى، فإذا قال: وقف على أولادي، وسكت، فهو لأولاده؛ الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والغني والفقير، على السواء، أو لا يقول استوى، يعني على السواء.

ليس للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأن هذا ليس تمليكًا تامًّا، وإنما هو تمليك استحقاق، ولذلك لا يملك هؤلاء الذين وقف عليهم لا يملكون أن يبيعوه، أو يرهنوه، أو يوقفوه، فليس كالهبة، الهبة يجب أن يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، لكن الوقف لا؛ لأنه ليس ملكًا تامًّا، فإذا قال: وقف على أولادي وله أربعة أبناء، وأربع بنات، قسم على كم سهم؟

طلبة: ثمانية.

الشيخ: كم؟

طلبة: ثمانية.

الشيخ: على ثمانية أسهم، للذكر كالأنثى، ووجه ذلك؟

طالب: ليس ملكًا تامًّا.

الشيخ: أنه أخرجه عن ملكه لهم على وجه الاستحقاق، لا التملك، ولذلك لا يملكون بيعه، ولا رهنه، ولا هبته.

وقوله: (النظر للموقف عليه) النظر يعني إذا أطلق ولم يشترط يكون للموقوف عليه، هذا إذا وقف على معين، فإن وقف على جهة أو على ما لا يملك فالنظر للحاكم، للقاضي، انتبهوا، فالآن إذا وقف على معين ولم يشترط ناظرًا فالنظر للموقوف عليه؛ لأن هو المستحق، وإذا كان الموقوف عليهم عددًا صار لكل نظر بقدر نصيبه، كلهم ينظرون؛ لأن كلهم مستحق فينظرون.

ص: 2365

ومعنى (بقدر نصيبه) أنه لو أمكن أن يُجزَّأ الوقف، وهم ستة إلى ستة أجزاء، وكل واحد ينظر على سدس، فلا بأس.

طيب النظر للموقوف عليه، وهل يصح أن يوقف على معين، ويشترط الناظر من هذا المعين؟ أجيبوا.

طلبة: نعم.

الشيخ: نعم؛ لأنه إذا عين الواقف ناظرًا فلا إشكال؛ إذا وقف على معين بالوصف، مثل أن يقول: هذا وقف على إمام المسجد، أو على مؤذن المسجد، أو على المدرس في هذه المكتبة، فهل النظر له أو للقاضي؟

الواقع أن هذا فيه جهتان: جهة خاصة وجهة عامة، فبالنظر إلى أن إمام المسجد لا يعني فلان بن فلان بل يعني أجيبوا.

طلبة: كل إمام.

الشيخ: كل من تأمم، كل من كان إمامًا في هذا المسجد، من هذه الناحية يكون عامًّا، والنظر فيه للحاكم،

ومن ناحية أن الإمام واحد يكون هذا من باب الوقف على معين، فيكون النظر للإمام وحده.

فعندنا الآن يا إخوانا، عندنا جهة عامة، مثل المساكين والأئمة والمؤذنين وطلاب العلم، هؤلاء إذا لم يشترط الواقف ناظرًا فالنظر للحاكم؛ لأنه لا يمكن أن نأتي بكل من كان فقيرًا أو طالب علم، نقول: يلا، انظر في هذا الوقف، هذا متعذر.

وكذلك لو كان الوقف على ما لا يملك؛ كالوقف على المساجد، نعم على المساجد، هذا أيضًا النظر فيه لمن؟ للحاكم، ما لم يعين الواقف ناظرًا خاصًّا.

الوقف على معينين بالشخص، مثل الأولاد، أو زيد، أو عمرو، أو ما أشبه ذلك، النظر هنا لمن للموقوف عليهم، ولا أحد يعارضهم، إلا إذا خرجوا عن مقتضى الأمانة، فللحاكم النظر العام.

الثالث: أن يوقف على معين بالوصف، يعني ليس محصورًا، الأولاد محصورون، لكن مثل الإمام والمؤذن والمدرس وما أشبه ذلك فهذا يتجاذبه شيئان: الخصوص والعموم.

ص: 2366

فبالنظر إلى أن الإمام واحد يكون النظر له، وبالنظر إلى أنه يشبه أن يكون جهة، وأن هذا الإمام قد يتصرف بما فيه حظ نفسه، بقطع النظر عن إمام يأتي بعده، فهنا يغلب عليه جانب أيش؟ جانب العموم، ويكون النظر للحاكم أو من يأتي من قبل الدولة؛ كوزارة الأوقاف.

ولهذا نقول: لو تعارض رأي الإمام ورأي المسؤولين عن الأوقاف، هل نأخذ برأي الإمام أو نأخذ برأي المسؤولين؟ نعم يجب ألا ينفرد أحدهما بالرأي، بل لا بد ينظر للمصلحة، لكن ليس للجهة المسؤولة الاعتراض على هذا الإمام، إلا إذا خرج عن مقتضى الأمانة.

طالب: شيخ، بارك الله فيكم، إذا وقف على أولاده وجعل الناظر منهم، فهل يشرع للناظر منهم لأحدهم، يعني إذا كان ناظرًا أن يأخذ لقاء نظره في الوقف.

الشيخ: إي هل للناظر أجرة؟

طالب: نعم.

الشيخ: إن شرطها الواقف فنعم.

طالب: وإذا لم يشرطها.

الشيخ: وإذا لم يشرطها فله أجرة المثل، ويقدرها الحاكم، وإن تبرع فجزاه الله خيرًا، أعان على خير.

طالب: أحسن الله إليك، إذا ما وقف الواقف بالترتيب، بطن بعد بطن، متى يأخذ البطن الثاني؟

الشيخ: بالترتيب.

طالب: نعم.

الشيخ: إذا فني البطن الأول كله.

طالب: إذا بقي واحد يستحق ما يستحقون؟

الشيخ: إي يستحقه، يعني لو وقف على أولاده ثم أولاده، وكان عنده من الأولاد عشرة، ومات واحد، فهم مع وجودهم يستحقونه؟ أجب.

طالب: يستحقونه لوحدهم.

الشيخ: كيف؟

طالب: يستحقون فقط هم دون أولادهم.

الشيخ: إي ما يخالف كم يأتي بكل واحد؟

طالب: عشرة أسهم.

الشيخ: يعطي كل واحد عشرة أسهم، ما يصير هذا، هم عشرة.

طالب: لكل واحد منهم سهم.

الشيخ: سهم من أيش؟

طالب: من الوقف.

الشيخ: من كم بالنسبة؟

طالب: يعني: واحد من عشرة.

الشيخ: واحد من عشرة، طيب إذا مات واحد صار لكل واحد؟

طالب: واحد من تسعة.

ص: 2367

الشيخ: واحد من تسعة، وهكذا إلى أن يكون عند آخر واحد جميع الوقف لهذا الباقي، فهمت؟ إذا ماتوا انتقل إلى أولادهم، ولكن هل ينتقل إلى أولادهم على حسب آبائهم، أو على عدد رؤوسهم، يعني مثلًا هؤلاء العشرة واحد منهم خلف عشرة أولاد، وواحد خلف ولدًا واحدًا، هل نعطي الولد الواحد هذا نعطيه نصيب أبيه اللي هو العشر.

طلبة: لا.

الشيخ: أو نوزعه بين الجميع بالسوية.

طلبة: الثاني.

الشيخ: الثاني؛ لأن البطن الثاني يتلقى الوقف عن الواقف، وليس عن البطون.

طالب: يا شيخ، بارك الله فيكم، لو وقف على معين بالوصف.

الشيخ: نعم.

طالب: مثل الإمام، البيت للإمام، هل له أن يتصرف فيه بما جرى به العرف، حتى لو خرج عن مقتضى (

) يصلح به إصلاحات مثلًا البيت؟

الشيخ: لكن هل قال الواقف: ولا أسمح له أن يتصرف في البيت؟

طالب: لا، ما قال.

الشيخ: الحمد لله، إذن يتصرف فيه.

طالب: اذهب إلى الإمام مثلًا.

الشيخ: قال هذا وقف على الإمام.

طالب: يفتح باب (

).

الشيخ: ما فيه بأس، إذا كان لا يضر البيت حتى في المستقبل، لاحظ أن رغبات الناس تختلف، قد يرغب إنسان أن يفتح مثلًا بابًا على الحجرة الأخرى، نعم؛ لأنه من مصلحته يأتي اللي بعده ما يرى هذا، فإذا كان فيه احتمال ألا يكون من مصلحة البيت في المستقبل فيمنع، أما إذا كان مصلحة مِئة بالمئة فلا بأس أن يتصرف.

طالب: بارك الله فيك، لو امتنع الواقف من تغيير شيء من الوقف؟

الشيخ: امتنع.

طالب: الواقف.

الشيخ: إي نعم.

طالب: منع أن يغير شيئًا من الوقف.

الشيخ: امتنع ولا منع.

طالب: منع الناظر مثلًا أن يغير شيئًا من الوقف، مثل فرش المسجد مثلًا، لكنه تلف، وما زال الواقف يمنع من تغييره ولا يصير.

الشيخ: أصله بارك الله فيك الوقف على المسجد يخرج عن ملكه، ما له فيه دخل ولا تصرف.

طالب: اشترط الواقف.

ص: 2368

الشيخ: ولو اشترط يعني مثلًا يقول: بشرط أنه ما يبيع شيئًا من الفرش، ثم تبلى الفرش وتخلق، ما يمكن، أو وقف مسجد وقال: بشرط أن يكون فراشه حصباء يطاع ولَّا ما يطاع.

طلبة: ما يطاع.

الشيخ: نعم، ما يطاع، تغيرت الأحوال.

طالب: مثل لو قال: هذا وقف لأولادي، ثم أولادهم، هل يجب في الأولاد البنات؟

الشيخ: يجينا.

طالب: (

).

الشيخ: إذا.

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

طالب: (

).

الشيخ: عنده عمارة لها خمسة طوابق.

طالب: عشرة.

الشيخ: عشرة طوابق.

طالب: أوقف الخمس.

الشيخ: أوقف الخمس يصح.

طالب: (

).

الشيخ: ما يكون وقفًا.

طالب: (

).

الشيخ: إذا باع الدور الخامس اللي فوقه ما يصير تبع البيت.

طالب: القاعدة (

).

الشيخ: القاعدة هو تابع للإقرار إذا نص عليه، يعني متى أطلق: بعت عليك مثلًا هذه الشقة (

) ناس الآن يختص البيع وغير البيع بالشقة فقط.

طالب: (

).

الشيخ: لا، ما يدخل.

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

طالب: (

).

الشيخ: لا، أصله ما هو مقدم إلا لسبب، هو بيقدم الأفقه، يقدم الأفقر، يقدم من أصيب بجائحة.

طالب: (

).

الشيخ: إي.

طالب: (

).

الشيخ: ولا يمكن التقديم إلا لسبب، لو قال: أقدم فلانًا فقط ما يجوز.

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

طالب: (

).

الشيخ: يعني مثلًا كفايته عشرة آلاف ريال في السنة، وصار الريع أحد عشر ألفًا يبقى ألف يشترك فيه البقية.

طالب: إذا صار عشرة (

).

الشيخ: بقي ألف ريال.

طالب: (

).

الشيخ: ألف ريال، وهم عشرة، بيجي كل واحد مئة ريال.

طالب: (

).

الشيخ: لهؤلاء بالسوية.

طالب: غلة البيت عشرة آلاف.

الشيخ: آه طيب.

طالب: وخصص المقدم (

).

الشيخ: طيب.

طالب: في هذه الحالة تسقطون البقية.

الشيخ: ما يعطون، لم يبق شيء.

طالب: إذا ما بقي شيء ..

الشيخ: المؤخر يكون كالعاصب تمامًا، يعطى ما أبقت الفروض.

طالب: القول الثاني يا شيخ في تغيير شرط الواقف سواء في الجهة أو في ذات.

ص: 2369

الشيخ: لا اللي على (

) شخص ما يغيره.

طالب: لو قال (

).

الشيخ: نعم.

طالب: لو مثلًا أوقف على جهة، ويعني شرط أن يقدم أحد الأفقر، فرأى الناظر أن يغير الشرط.

الشيخ: ما يمكن يغير الشرط (

).

طالب: الأفقر.

الشيخ: يقول: ما أعطيه.

طالب: لا يعطون بالسوية.

الشيخ: لا، ما يجوز.

طالب: إذن الضابط.

الشيخ: لأن الأفقر كونه يعطى جهة شرعية، يعني حتى لو فرضنا أنه ما قال: يعطى الأفقر، يجب أن يقدم الأفقر حتى في الجمع.

طالب: جزاك الله خيرًا، إذا قدم أحد أبنائه بدون سبب يستحق بهذا قلنا: إنه لا يجوز.

الشيخ: نعم.

طالب: لكن ألا يقال: إن هذا معين، ويجوز الوقف على المعين، بشرط ألَّا يوجد إثم.

الشيخ: صحيح، صدقت، ولكن هذا وُجد إثم.

طالب: ما يوجد إثم.

الشيخ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» (4)، هذا إثم، ما هو إثم هذا؟

***

طالب: والنظر للموقوف عليه، وإن وقف على ولده أو ولد غيره، ثم على المساكين، فهو لولده، الذكور والإناث بالسوية، ثم ولد بنيه دون بناته، كما لو قال: على ولد ولده وذريته لصلبه، ولو قال: على بنيه أو بني فلان اختص بذكورهم، إلا أن يكونوا قبيلة، فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم، والقرابة وأهل بيته وقومه يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه، وإن وجدت قرينة تقتضي إرادة الإناث أو حرمانهن عمل بها، وإذا وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم والتساوي، وإلا جاز التفضيل والاقتصار على أحدهم.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

يقول المؤلف: إن العمل بشرط الواقف واجب، علل لذلك؟

طالب: لأنه لما أخرج شيئًا من ماله على وصف معلوم، فوجب التوقف عند شرطه.

الشيخ: لأنه أخرج ماله على هذا الوجه المعين، أو هذا الوصف المعين، فيجب.

طالب: العمل به.

ص: 2370

الشيخ: العمل به، طيب إذا كان شرطًا محرَّمًا.

طالب: لا يجوز.

الشيخ: لا يجوز، لماذا؟

طالب: لأن الوقف للإحسان وللبر، فلا يجوز لغيره.

الشيخ: هل عندك دليل؟

طالب: ما فيه.

الشيخ: ما فيه دليل؟

طالب: كما أوقف عمر في أرض خيبر.

الشيخ: لا، هل عندك دليل أنه لو شرط شرطًا فاسدًا محرمًا.

طالب: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» .

الشيخ: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ» (5)، وفي القرآن العزيز:{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 182].

قوله: في جمع وضده، ويش معنى جمع وضده؟

طالب: (

).

الشيخ: ويش معنى جمع وضده قبل المثال.

طالب: الجمع جماعة.

الشيخ: الجمع جماعة.

طالب: ضده الإفراد.

الشيخ: ضده الإفراد، يعني الجمع جماعة.

طالب: تفريقًا للجمع (

) الجمع تفريق.

الشيخ: إي، لكن ويش معنى الجمع يعني الجماعة، ويش معنى الجماعة؟

طالب: الجمع.

الشيخ: هات المثال.

طالب: أن يقول: هذا البيت وقف على أولادي.

الشيخ: على أولادي، هذا جمع لأنه.

طالب: لأنه جمعه.

الشيخ: طيب لو قال: هذا وقف على أولادي وأولاد فلان، والمساجد وما أشبه ذلك، هذا جمع؟

طالب: جمع.

الشيخ: هذا جمع طيب، ضد الجمع.

طالب: التفريق، بأن يقول: هذا وقف على ولدي فلان وفلان فقط. بأن يقول: هذا الوقف على فلان وفلان من أبنائي دون بقيتهم، فهنا فرق.

الشيخ: نعم فهنا فرق. طيب قوله: التقديم وضده.

طالب: التقديم أن يقدم من اتصف بوصف.

الشيخ: أن يقول: يقدم من اتصف بكذا.

طالب: بطلب العلم.

الشيخ: ضده.

طالب: يؤخر.

الشيخ: يؤخر بدل ما يقول: يقدم يقول: يؤخر، تمام، هات المثال.

طالب: مثل أن يقول: هذا وقف على أولادي، يقدم طالب العلم منهم.

الشيخ: نعم، هذا وقف على أولادي ويقدم طالب العلم والتأخير.

ص: 2371

طالب: يقول: هذا وقف على أولادي، يؤخر من يتكاسل عن الصلاة.

الشيخ: هذا وقف على أولادي، يؤخر من يتكاسل عن الصلاة طيب جيد، الترتيب.

طالب: الترتيب يا شيخ مثل أن يقول: وقف على بطن الأول، ثم على بطن (

).

الشيخ: كم له من بطن.

طالب: معنى يقدم الأولين.

الشيخ: عندك حروف العطف بطن وظهر ما علينا منه.

طالب: بطن بطنه.

الشيخ: على أولادي، ثم أولادهم، تمام، هذا ترتيب، ما الفرق بينه وبين التقديم.

طالب: الترتيب لا يستحق أولادهم إلا بعدما توفى كل الأولين.

الشيخ: يعني لا يستحق المؤخر مع المقدم شيئًا مطلقًا.

طالب: بخلاف التقديم.

الشيخ: بخلاف التقديم، فيقدم الأول، وما زاد عن حاجته يكون للمؤخر، طيب إذا قال: هذا وقف على أولادي، يقدم طالب العلم، فهمت؟ طالب العلم يكفيه عشرة آلاف ريال في السنة، والريع خمسة عشر ألفًا.

طالب: يعطى مقدار ما يكفيه العشرة آلاف والباقي يصرف ..

الشيخ: يعطى المقدم عشرة آلاف والباقي.

طالب: يعطى لمن يليه خمسة في التقديم.

الشيخ: يعني يكون للأولاد.

طالب: إي نعم.

الشيخ: طيب، وإذا قال: هذا وقف على أولادي، ثم أولادهم، وكان الريع مِئة ألف، ويكفي الأولاد عشرة آلاف، فماذا نصنع بالتسعين ألفًا.

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

طالب: (

) الترتيب.

الشيخ: يستحقونه كله حتى مئة ألف.

طالب: إي نعم؛ لأنه ترتيب.

الشيخ: نعم لأنه ترتيب توافقون على هذا.

طلبة: نعم.

الشيخ: طيب إذا قال: وقف على أولادي وفيهم ذكور وإناث؟

طالب: يتساوى.

الشيخ: الذكر والأنثى.

طالب: نعم؛ لأنه ملك استحقاق.

الشيخ: إلى الآن ما بعد سامع التعليل، يستوي الذكر والأنثى طيب لأنه وقفه عليهم بدون تفضيل، فيكون على ما شرط.

إذا قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» (4)؟

طالب: بلى قالها.

الشيخ: بلى قالها، أحسنت، إذن كيف نقول: للذكر مثل الأنثى.

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

طالب: (

).

ص: 2372

الشيخ: وليس تمليكًا، أحسنت، أما التمليك فيجب أن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين. النظر لمن يكون؟

طالب: النظر يكون لمن عينه الواقف.

الشيخ: أحسنت، النظر لمن عينه الواقف، سواء كان الوقف على عموم أو على خصوص، فإن لم يعين؟

طالب: إن لم يعين فالنظر يكون فيه للحاكم.

الشيخ: فإن كان وقفًا عامًّا، أو على من لا يملك كالمساجد، فالنظر للحاكم، وإن كان على من يملك وهو محصور.

طالب: (

).

الشيخ: للموقوف عليهم، ولو تعددوا.

طالب: ولو تعددوا.

الشيخ: هل ما قاله صحيح؟

طلبة: نعم.

الشيخ: يقول: إذا كان الوقف على من لا يملك؛ كالمساجد، أو على جهة عامة؛ كالفقراء والمساكين فالنظر لمن؟

طلبة: للحاكم.

الشيخ: للحاكم، أما الأول فلأن الذي لا يملك كيف يكون له نظر، وأما الثاني فلأنه لا يمكن حصره، فيكون للحاكم، وإن كان على قوم معينين يملكون، فالنظر لهم جميعًا، لا ينفرد أحدهم بالنظر؛ لأنهم شركاء في الوقف.

أما إذا عين الواقف ناظرًا فهو من عينه، سواء كان الوقف عامًّا أو على من لا يملك.

***

ثم قال المؤلف: (وإن وقف على ولده، أو ولد غيره، ثم على المساكين، فهو لولده) إلى آخره، إن وقف على ولده ثم على المساكين فهو لولده الذكور والإناث، أما الذكور فواضح أن اسم الولد يطلق عليهم، وأما الإناث فيطلق عليهم أيضًا اسم الولد، ودليل ذلك قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] فجعل الأنثى من الأولاد.

فإذا قال: هذا وقف على ولدي، وله ذكور وإناث، صار الوقف بين الذكور والإناث بالسوية، فإذا قال الولد للأنثى: أنت ما أنت ولد، أنت بنت، الولد أنا، ماذا نقول له؟

طالب: مدلول ولد.

الشيخ: نقول: مدلول ولد في اللغة العربية يشمل الذكر والأنثى، فيكون الذكور والإناث على حد سواء،

ص: 2373

فإن انقرض أولاده ماتوا ولم يخلفوا أحدًا فلمن يكون؟ يقول: ثم المساكين، انتبه، ثم المساكين، من يكون له إذن؟ أجيبوا يا جماعة.

طلبة: المساكين.

الشيخ: يكون للمساكين، ما فيه إشكال، قال: على ولده، ثم على المساكين. الولد انقرض، لم يبق له نسل، يكون للمساكين، والنظر لمن إذا انتقل للمساكين؟

طلبة: للحاكم.

الشيخ: النظر للحاكم إذا لم يعين الواقف ناظرًا.

(أو ولد غيره) أيضًا إذا وقف على ولد فلان فهو لأولاده البنين والبنات بالسوية، فإن انقرضوا أيش؟ فعلى المساكين، طيب لو قال: على ولدي ثم المساجد، فلمن يكون؟

طلبة: لولده.

الشيخ: لولده، فإن انقرضوا؟

طلبة: للمساجد.

الشيخ: فللمساجد تمام.

يقول: (فهو لولده الذكور والإناث بالسوية، ثم ولد بنيه) شوف المؤلف قال: (ثم)، إذن إذا قال: على ولدي يستحقه الأولاد بطنًا بعد بطن، انتبه، يستحقه الأولاد بطنًا بعد بطن لأنه قال:(ثم ولد بنيه)، فهو ترتيب مع أن اللفظ مجمل، ما فيه ترتيب ولا جمع، فنقول: الأصل الترتيب.

والقاعدة المعروفة: أن من استحق بوصف فإنه يقدم من كان أقوى في هذا الوصف، ومعلوم أن الولادة بالنسبة للأولاد أقوى وصفًا في الأولاد من أولاد البنين، وعليه فنقول: إذا قال: وقف على أولادي فهو لأولاده، ثم إذا انقرض الأولاد كلهم يكون لأولاد بنيه.

طيب إذا وقف على أولاده، وهم ثلاثة، ثم مات أحدهم عن بنين، أيستحق أبناؤه أو لا؟

طلبة: لا يستحقون.

الشيخ: لا يستحقون مع أعمامهم؛ لأن هذا ترتيب بطن على بطن.

لكن لو قال: من مات عن ولد فنصيبه لولده.

طالب: يستحق.

الشيخ: يستحق أولاد الولد الذي مات، ويكونون محل أبيهم، ويعمل في أولاد أيش؟ أولاد الذي مات كما يعمل في أولاد الصلب، فيقال: هو لأولاد الابن الذي مات الذكور والإناث بأيش؟ بالسوية.

ص: 2374

طيب قال: ثم ولد بنيه دون بناته، أي دون ولد بناته، فإن أولاد البنات لا يدخلون في الولد، فإذا قال: هذا وقف على أولادي وله ثلاثة ذكور وبنت، ومات هؤلاء الأربعة الذكور والبنت، وخلفوا أبناء، فهل لمن خلفوا حق من هذا الوقف؟

طلبة: نعم.

طلبة آخرون: تفصيل.

الشيخ: خطأ، أولاد البنين لهم حق، وأولاد البنت ليس لهم حق، ودليل ذلك في القرآن الكريم قال الله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].

وأجمع العلماء على أن أولاد البنات لا يدخلون في الأولاد؛ لأن أولاد البنات من ذوي الأرحام ليسوا من أولاده، فكذلك الواقف إذا قال: وقف على أولادي، وكان له أولاد أبناء وأولاد بنات، فأولاد البنات لا يستحقون شيئًا؛ لأنهم لا يدخلون في اسم الأولاد، وهو في القرآن ظاهر، وكذلك هو مقتضى العرف واللغة، يقول الشاعر:

بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا

بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ

فمن يعرب الشطر الأول؟ من أعرب الشطر الأول فهو شاطر.

طالب: بنونا مبتدأ.

الشيخ: خطأ.

طالب: خبر.

الشيخ: خبر إيه؟

طالب: خبر (

).

الشيخ: طيب هي القسمة، بس إما هذا وإما هذا، كمل.

طالب: (

).

الشيخ: بنونا أعرب.

طالب: بنونا ملحق بجمع المذكر السالم.

الشيخ: بس أعربه، محله من الإعراب.

طالب: خبر مقدم.

الشيخ: خبر مقدم، كلها بنونا.

طالب: فيه تفصيل.

الشيخ: ويش التفصيل؟

طالب: مضاف ومضاف إليه.

الشيخ: أعرب المضاف لحاله، والمضاف إليه لحاله.

طالب: (بنو) خبر مقدم مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

الشيخ: الواو نيابة عن إيه؟

طالب: عن الضمة.

الشيخ: نعم.

طالب: (بنو) مضاف.

الشيخ: لأنه.

طالب: لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

الشيخ: نعم.

طالب: (نا) ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

الشيخ: وين النون؟ البنون.

طالب: ذهبت للإضافة.

ص: 2375

الشيخ: ذهبت للإضافة، حذفت للإضافة، نعم.

طالب: (بنو أبنائنا) مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

الشيخ: زين، بنو مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو نيابة عن الضمة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

طالب: (بنو) مضاف و (أبنائنا).

الشيخ: وأبناء.

طالب: بنو أبنائنا.

الشيخ: بنو مضاف وأبناء.

طالب: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة، و (نا) ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

الشيخ: نعم أحسنت.

البيت هذا واضح حتى في العاقلة مثلًا إذ عند تحمل دية أولاد البنات لا يتحملون، حتى في ولاية النكاح أولاد البنات ليس لهم ولاية.

وعلى هذا فنقول: أولاد البنات لا يدخلون في الوقف على الأولاد، والدليل من القرآن ومن اللغة.

فإن قال قائل: ألم يقل الله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: 84] وذكر عيسى، وعيسى ولد بنت؟

فالجواب سهل جدًّا، ما هو أن عيسى أمه أبوه، ليس له أب حتى ينسب إليه، فأمه هي أبوه، ولا دليل فيه على أن أولاد البنات يدخلون في مطلق الأولاد أو مطلق الذرية، والأمر واضح؛ لأن عيسى ليس له أب حتى ينسب إليه.

لكن هذا عند مطلق الوقف، أما إذا دلت القرينة على أن أولاد البنات أرادهم الواقف، أو صرح بذلك عمل به فإنه يعمل به تبعًا لشرط؟

طلبة: الواقف.

الشيخ: طيب لو قال: هذا وقف على أولادي وأولادهم وليس له إلا بنات، يدخل أولاد البنات.

طلبة: لا يدخلون.

الشيخ: لماذا؟

طلبة: قرينة.

الشيخ: قرينة، ما عنده بنون، فإذا قال: هذا وقف على أولادي، ثم أولادهم، وليس له إلا بنات، فهنا يتعين دخول أولاد البنات؛ لأنه ليس عنده إلا بنات.

ولو قال: هذا وقف على أولادي، ويفضل أولاد الأبناء، يدخلون أو لا؟ قولوا يا جماعة.

طلبة: يدخلون.

الشيخ: يدخلون، لماذا؟

طلبة: للقرينة.

الشيخ: للقرينة؛ لأن قوله: يفضل أولاد الأبناء يدل على أنه أراد أولاد الأبناء والبنات.

ص: 2376

ولو قال: وقف على أولادي ومن مات عن ولد فنصيبه لولده يدخلون؟

طلبة: نعم.

الشيخ: هذا وقف على أولادي، ومن مات عن ولد فنصيبه لولده؟

طلبة: نعم يدخلون.

الشيخ: يدخلون؛ لأنه صرح من مات عن ولد البنت تموت عن أولادها يدخلون، ويكون نصيبها لهم، ولو قال: هذا وقف على أولادي، أولادي البنين وأولادي البنات.

طالب: نص.

الشيخ: نص تصريح.

إذن أولاد البنات لا يدخلون في الأولاد إلا بنص أو قرينة، هذه القاعدة، كما لو قال الواقف على ولد ولده وذريته لصلبه إذا نص على التقييد بالصلب، فإن أولاد البنات لا يدخلون بلا إشكال.

لو قال: هذا وقف على ولد ولده لصلبه، هل يدخل أولاد البنات؟ أجيبوا يا جماعة.

طلبة: لا يدخلون.

الشيخ: لماذا؟ لأن أولاد البنات ليسوا من صلبه، وقيده بصلبه أو ذريته.

إذن الواقف بالنسبة لأولاد بناته لا يخلو من ثلاث حالات؛ إما أن ينص على عدم الدخول بأن يقول: أولادي وأولادهم من صلبي، فهنا لا يدخلون بلا إشكال، وإما أن ينص على الدخول أو توجد القرينة، فهنا يدخلون،

وإما أن يطلق فلا يدخلون، فصار أولاد البنات لا يدخلون في حالين؛ الحال الأولى أيش؟ أن ينص على عدم دخولهم، والحال الثانية أن أيش؟

طلبة: يطلق.

الشيخ: أن يطلق. ويدخلون إذا نص على دخولهم أو وجدت قرينة.

ثم إن هذه المسألة هل يدخل أولاد البنات أو لا يدخلون فيها خلاف؛ من العلماء من قال: يدخلون، وإنه لا يجوز إخراجهم ولو نص على إخراجهم، وأبطلوا هذا الشرط. وعندي أنه لا وجه لإبطاله، ولا وجه لتضعيف ما مشى عليه المؤلف رحمه الله؛ لأن هذا مقتضى القرآن الكريم. ثم إن الحاجة داعية إلى هذا، إذا كان الرجل عنده عشر بنات، تزوجت كل واحدة وأتت بعشرة أبناء، كم يكون أولاد البنات؟

طلبة: مئة.

ص: 2377

الشيخ: مئة، وعنده أولاد بنون، في مثل هذه الحال يكثر النزاع؛ لأنه إذا كان النزاع يكثر بين أولاد الصلب فأولاد البطن من باب أولى، فلهذا نرى أنه لا حرج على الإنسان إذا أخرج أولاد البنات، وإذا أطلق فإن هذا هو مقتضى لفظه، أي هو مدلول لفظه كما سمعتم من القرآن الكريم.

طيب لو قال: على ذريته، إذا قال على ذريته، وذرية فعلية بمعنى مفعولة، أي من ذرأهم الله منه، ومن الذين ذرأهم الله منه من؟ أولاد الصلب، فإذا قال: هذا وقف على ذريتي دخل الأولاد من بنين وبنات، ودخل بعد ذلك أولاد البنين دون أولاد البنات؛ لأنهم ليسوا من ذريته.

وهنا يرد علينا الإشكال الذي أجبنا عنه أولًا، وهو أن عيسى من ذرية إبراهيم، فكيف كان ذلك؟ والجواب أن عيسى عليه الصلاة والسلام أبوه أمه؛ لأنه خلق من دون أب.

ولهذا نحن عندنا لو أن شخصًا انتفى من ولده، قال: هذا الولد ليس مني، وقُبل انتفاؤه بالشروط المعروفة، صار هذا الولد أبوه أمه، ولهذا إذا مات عنها ترثه هي ميراث أم وأب، فيقال: إذا لم يكن له أبناء ولا إخوة يقال: هذه لها الثلث بالفرض، والباقي بالتعصيب؛ لأنها هي أبوه وأمه.

نقف على: ولو قال على بنيه.

طالب: كيف نجيب عن قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» (6) على الحسن رضي الله عنه؟

الشيخ: نعم، نجيب عنه بأنك أنت ابن الرسول عليه الصلاة والسلام، متى ما آمنت به فأنت ابنه، لكن ليس ابن النسب، قال الله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وقرأ بعض السلف: {وهو أب لهم} ، وهذا مقتضى القياس؛ إذا كانت زوجاته أمهات فهو أب، لكنه ليس أب النسب، ولذلك يشرف أولاد علي بن أبي طالب يشرفون بنسبتهم للرسول عليه الصلاة والسلام، فهو من خصائصهم.

ص: 2378

طالب: بارك الله فيك، إذا اصطلح الموقف عليهم على تعيين ناظر من غيرهم، فهل يجوز للناظر أن يستخلف بعده، كأن يقول مثلًا: ولدي فلان سيكون عليكم ناظرًا بعدي؟

الشيخ: لا، إذا اتفق أهل الوقف على تعيين ناظر من قبلهم، فهو وكيل لهم، يعني: لهم أن يعزلوه، وليس له أن يوكل غيره، ولا أن يوصي لغيره بالنظر؛ لأنه يتصرف بإذنهم.

طالب: (

) ما هي الفائدة من الوقف على الأولاد؟ يعني يا شيخ هو نوع من الميراث، وكأنه سبحان الله قال: هذا استحقاق وليس ملكًا تامًّا، فكأنه سبحان الله يبغي يلعب مع الشرع، كأنه يقول: لا أبغي منهج (

) سبحان الله يستفيدون من هذا المال؟

الشيخ: هو أولًا بارك الله فيك: هل نتيقن أنهم يرثونه؟ ما نتيقن، ربما يموتون قبله ويرثهم. ثانيًا: إن الإنسان يلجأ إلى هذا أحيانًا لأنه لا يحب أن يباع عقاره مثلًا، يحب أن يبقى العقار عنده، يخشى أن يتصرفون فيه تصرفًا يضرهم ويندمون على هذا، أفهمت؟ إي نعم.

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

طالب: (

) لو نوى (

).

الشيخ: لا، ما يصير ما يقصد هذا أصل الوقف للبر لا، لا بد من هذا، نعم.

طالب: (

).

الشيخ: إي نعم.

طالب: إذا مثلًا أوقف على من لا يملك.

الشيخ: يعني الآن عندنا في حكومتنا النظر في الأوقاف ليس لوزارة العدل، له وزارة خاصة، فيرجع إليها.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، لو أنه وقف على أولاده؛ بنيه فقط، وكان أولاد بناته (

).

الشيخ: إما أن تنطق بالعربية بدون لحن ولا (

).

طالب: (

).

الشيخ: نعم.

طالب: وهم فقراء أو أيتام.

الشيخ: نعم.

طالب: فهل يمكن يا شيخ أن يدخلهم في الوقف؟

الشيخ: لا، ما يمكن، لكن لا ينبغي مثلًا لأخوالهم أن يحرموهم، خصوصًا إذا كان الأخوال أغنياء، وكان الريع كثيرًا، هؤلاء أبناء إخوتهم، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» (7).

طالب: (

).

الشيخ: إذا.

ص: 2379

طالب: (

) وقال يعني: هذا وقف على فلان وفلان، قلنا: إنه.

الشيخ: إي نعم، لا شك أن هذا محل إشكال إذا فرق بين الأولاد، قال: هذا وقف على ولدي فلان وفلان وفلان، لكنهم يجيبون عن هذا بأنه ليس تمليكًا، ولهذا هؤلاء الأولاد الثلاثة الذي وقف عليهم لا يملكون بيعه، ولا يملكون هبته، ولا يورث بعدهم.

طالب: إذا نص على دخول أولاده البنات هل يعني يقتصر (

).

الشيخ: كيف؟

طالب: هل يقتصر على أولاده البنات لصلبه أم يدخل فيه بنات الأولاد؟

الشيخ: العموم يدخل فيه حتى أولاد بنات البنات.

طالب: (

).

الشيخ: تفضيل.

طالب: (

).

الشيخ: هذا يرجع للحاكم، للقاضي، إن رأى أن هذه قرينة فليدخل أولاد البنات، وإن لم يرها قرينة فلا يعتبرها.

طالب: لماذا لا يقال أيضًا: العدل بين الأولاد يكون أيضًا في الاستحقاق.

الشيخ: كيف؟

طالب: لماذا لا يكون أيضًا العدل بين الأولاد يكون في الاستحقاق كما يكون في التملك.

الشيخ: نعم، لعله رأى تفضيلهم لسبب من الأسباب، ما ندري، والكلام الآن هل نبطله أو لا، وليس الكلام هل الأولى أن يعم الجميع أو لا يعم، لا شك أن الأولى أن يعم الجميع حتى في الوقف.

طالب: أحسن الله إليك، إذا أوقف على من تجب عليه نفقته مثل الزوجة ..

الشيخ: نعم طيب، ما فيه مشكلة، ويش المحظور عندك؟ نعم يعطون.

طالب: (

) تجب عليه نفقتهم (

).

الشيخ: نعم، ينفق عليهم، وهم يستغلون الوقف.

طالب: (

).

الشيخ: أيش؟

طالب: الناظر هل يجوز له أن يحدث شروطًا في الوقف؟

الشيخ: لا، الناظر لا يزيد ولا ينقص في الشروط.

طالب: وإن زعم أن هذه الشروط من مصلحة الوقف.

الشيخ: ولو زعم، لكن له أن يتصرف بدون أن يثبتها بالوثيقة، إذا رأى أنه من مصلحة الوقف كذا وكذا، فله أن يتصرف، لكن لا يثبتها في الوثيقة على أنها تغير شروط الواقف الأولى.

طالب: هل يلزم بها المستحقين؟

الشيخ: أيش؟

طالب: وهل يلزم بها المستحقين؟

ص: 2380

الشيخ: لا، إذا كان يدخل ضررًا على المستحقين لا.

طالب: (

).

الشيخ: ويش هي؟

طالب: (

).

الشيخ: لا، هي في الأبناء، يعني أن أبناء البنات لا يدخلون في الأبناء.

طالب: (

).

الشيخ: نعم، لا فرق؛ لأن ولد البنت هل هو كولد الابن أو لا؟ ابن البنت هل هو كابن الابن أو لا؟

***

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب الوقف:

ولو قال: على بنيه أو بني فلان، اختص بذكورهم، إلا أن يكونوا قبيلة، فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم، والقرابة وأهل بيته وقومه يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه، وإن وجدت قرينة تقتضي إرادة الإناث أو حرمانهن عمل بها، وإذا وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم والتساوي، وإلا جاز التفضيل والاقتصار على أحدهم.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما يدخل في ألفاظ الوقف وما لا يدخل: إذا قال: على ولده ثم على المساكين، فكيف يقسم؟

طالب: (

).

الشيخ: فإذا انقرضوا أعطي المساكين، طيب الأولاد من بنين وبنات هل هو على الترتيب أو على الجمع؟

طالب: (

).

الشيخ: على الجمع.

يعني إذا قال: على ولده، ثم مات أحد الأولاد عن ولد، يعطى أو لا، إذن على الترتيب، وهو كذلك، ولهذا قال المؤلف: هو لولده ثم ولد بنيه. هل يدخل أولاد البنات؟

طالب: لا يدخلون، فيه تفصيل، إما أن ينص على عدم دخولهم فلا يدخلون، أو يطلق فلا يدخلون، أو تكون قرينة أو نص على دخولهم فيدخلون.

الشيخ: يعني يدخل ولد البنات إذا نص عليهم أو وجدت قرينة.

طالب: يدخلون في حالين.

الشيخ: نعم.

طالب: إما بالنص أو بقرينة.

الشيخ: أو بقرينة ولا يدخلون.

طالب: (

).

الشيخ: ما هي؟

طالب: إما عند الإطلاق أو بالنص على عدم الدخول (

).

الشيخ: (

).

طالب: (

).

الشيخ: طيب مثال القرينة.

طالب: القرينة أن يقول: هذا وقف على أولادي ثم أولادهم وليس له إلا بنات.

ص: 2381

الشيخ: مثاله أن يقول: هذا وقف على أولادي ثم أولادهم وليس له إلا بنات فهنا.

طالب: القرينة إرادة أولاد البنات.

الشيخ: قرينة تدل على إرادة أولاد البنات، طيب ومن القرينة أيضًا؟

طالب: أن يقول مثلًا: هذا وقف على أولادي، فيفضل أولاد البنين على أولاد البنات.

الشيخ: نعم، أن يقول: وقف على أولادي، يفضل أولاد البنين على البنات، فهنا يدخل أولاد البنين، ما هو الدليل على أن أولاد البنات لا يدخلون في الأولاد من القرآن وقول العرب؟

طالب: قولِه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11].

الشيخ: الدليل قولِه تعالى!

طالب: من القرآن؟

الشيخ: إي نعم.

طالب: قال الله تعالى.

الشيخ: لا، نمشي على الأول، الدليل.

طالب: الدليل قولُه تعالى.

الشيخ: تمام قولُه لازم يكون مرفوعًا لأنه خبر.

طالب: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وهذه الآية بالإجماع أن أولاد البنات.

الشيخ: وأولاد البنات لا يدخلون في الآية بالإجماع.

طالب: بالإجماع لأنهم من ذوي الأرحام، وفي اللغة فإن أولاد البنات لا يدخلون في لفظ الأولاد.

الشيخ: استشهد لنا بأقوال أهل اللغة.

طالب: قول الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا وبناتِنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

الشيخ: أيش؟ الظاهر أنك ما عندك علم سيبويه.

طالب: بنونا بنو أبنائنا وبناتِنا.

الشيخ: خطأ، ويتغير المعنى كثيرًا، هل قرأت في النحو؟

طالب: (

).

الشيخ: كيف؟

طالب: مبتدأ.

الشيخ: مبتدأ طيب.

طالب: قول الشاعر: بنونا بنو أبنائِنا وبناتُنا بنوهن أبناءُ ..

الشيخ: أيش؟

طالب:

بَنُونا بنو أبنائِنا وبناتُنا

بنوهنَّ أبناء الرجالِ الأباعِدِ

الشيخ: طيب شوف: بنونا بنو أبنائنا وبناتُنا لازم تقول: وبناتُنا، لو قلت: وبناتِنا اختل المعنى. طيب.

إذا قال: هذا وقف على ذريتي لصلبي.

ص: 2382

إذا قال: هذا وقف على ذريتي لصلبي، أو قال: أولاد الظهور دون أولاد البطون هل يدخل أولاد البنات؟

طالب: اللفظ الثاني يا شيخ.

الشيخ: أو قال: هذا وقف على ذريتي أولاد الظهور دون أولاد البطون.

طالب: لا يدخل يا شيخ فيها ..

الشيخ: أولاد البنات يدخلون.

طالب: لا.

الشيخ: لا يدخلون؛ لأنه قيده، قال: ذريتي لصلبي هذه واحدة، وقال: أولاد.

طالب: من صلبي.

الشيخ: أولاد الظهور دون أولاد البطون.

طالب: دون أولاد البنت.

الشيخ: لا، البطون طيب.

طالب: إي دون أولاد البطون؛ لأن هي اللي بيخرج أولاد البنات منها.

الشيخ: أحسنت نعم.

قال: والقرابة وأهل بيته وقومه، هذه ثلاثة ألفاظ، القرابة إذا قال: هذا وقف على قرابتي كيف؟

طلبة: ولو قال: على بنيه.

الشيخ: إي طيب، قال: ولو قال: على بنيه أو بني فلان اختص بذكورهم، إذا قال: على بنيه أو بني فلان فإنه للذكور دون الإناث، فهنا نتكلم عن كلمة بنيه من حيث مدلول اللفظ، ومن حيث جواز هذا الوقف. إذا قال: على بنيه فمدلول اللفظ أن البنات لا يدخلن؛ لأن البنت لا تسمى ابنًا، أفهمتم؟

ولكن هل يجوز للإنسان أن يوقف على بنيه دون بناته؟ الجواب: لا، والفقهاء رحمهم الله إنما يتكلمون على مدلول الألفاظ دون حكم الوقف، فهنا إذا قال: هذا وقف على بنيّ نقول: من يدخل؟

طلبة: الذكور.

الشيخ: الذكور فقط، وأما الإناث فلا يدخلن؛ لأنه قال: بنون وبنات، ولكن لا يجوز له أن يخص الوقف ببنيه؛ لأنه إذا فعل ذلك دخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» (8) فيكون بهذا العمل غير متقٍ لله تعالى، وسمى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تخصيص بعض الأبناء سماه جورًا وقال:«لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» (9).

وعلى هذا فلو وجدنا شخصًا وقف هذا على بنيه ومات، فماذا نصنع؟ المذهب نجريه، نجري الوقف على ما كان عليه؛ لأن العطية التي يخص بها بعض الأبناء إذا مات ثبتت لمن هي له.

ص: 2383

والقول الراجح أننا نلغي هذا الوقف ولا نصحه، ويعود هذا الموقوف ملكا للورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (10).

وقد يقال: يبقى وقفًا على البنين والبنات؛ لأن الموقف أخرجه عن ملكه إلى ملك هؤلاء، لكن الاحتمال الأول أقرب، وهو أيش؟

طلبة: (

).

الشيخ: إبطال الوقف، وهو إبطال الوقف؛ لأنه عمل ليس عليه أمر الله ورسوله، بل هو مخالف لأمر الله ورسوله، فيبطل الوقف.

(أو بني فلان) إذا قال: هذا وقف على بني عبد الله، يختص بالذكور؛ لأنه لو قال: عبد الله له بنون وبنات فيفرق الناس بين البنين والبنات، فإذا قال: هذا وقف على بني عبد الله، وهو شخص، فإنه يكون للذكور دون الإناث، هذا مدلول أيش؟ اللفظ.

وهل ينفذ؟ نعم ينفذ؛ لأن العطية الآن ليست لأولاده، بل لأولاد غيره، فينفذ، ويعطى الوقف بنو عبد الله دون بنات عبد الله.

يقول (اختص بذكورهم إلا أن يكونوا قبيلة) فإن كانوا قبيلة فإنه يدخل فيه النساء، مثل بني تميم، قال: هذا وقف على بني تميم، فيدخل فيه الذكور والإناث، دليل ذلك قول الله تعالى:{يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27] فقوله: {يَابَنِي آدَمَ} يخاطب من؟

طلبة: الذكور والإناث.

الشيخ: الذكور والإناث، ليس يخاطب الذكور فقط.

فإذا وقف شخصٌ وقفًا على بني تميم، فهو لذكورهم وإناثهم، ولكن هل يدخل أولاد الإناث؟ ينظر؛ إن كان أولاد الإناث من بني تميم دخلوا أصلًا أو تبعًا لأمهاتهم؟

طلبة: أصلًا.

الشيخ: أصلًا؛ لأنهم من بني تميم، وإن كان أولاد البنات التميميات ليسوا من بني تميم، يعني ليس أبوهم من بني تميم فإنهم لا يدخلون، ولهذا قال: إلا أن يكونوا قبيلة، فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم، من غير من؟

طلبة: من غير القبيلة.

الشيخ: من غير القبيلة، يعني من غير أبناء القبيلة.

والقرابة وأهل بيته وقومه هذه ثلاثة ألفاظ.

ص: 2384

والقَرابةُ وأَهلُ بيتِه وقَوْمِه يَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنثَى من أولادِه وأولادِ أبيه وجَدِّه وجَدِّ أبيهِ، وإن وُجِدَتْ قَرينةٌ تَقتَضِي إرادةَ الإناثِ أو حِرْمَانَهُنَّ عُمِلَ بها، وإن وَقَفَ على جماعةٍ يُمكِنُ حَصْرُهم وَجَبَ تعميمُهم والتساوي وإلا جازَ التفضيلُ والاقتصارُ على أَحَدِهم.

(فصلٌ)

والوَقْفُ عقدٌ لازِمٌ لا يَجوزُ فَسْخُه ولا يُباعُ، إلا أن تَتَعَطَّلَ منافِعُه ويُصْرَفَ ثَمَنُه في مِثْلِه، ولو أنه مَسْجِدٌ وآلتُه وما فَضَلَ عن حاجتِه جازَ صَرْفُه إلى مَسجدٍ آخَرَ ، والصدَقَةُ به على فُقراءِ المسلمينَ.

(بابُ الْهِبةِ والعَطِيَّةِ)

وهي التَّبَرُّعُ بتَمليكِ مالِه المعلومِ الموجودِ في حياتِه غيرَه فإن شَرَطَ فيها عِوَضًا مَعلومًا فبَيْعٌ، ولا يَصِحُّ مَجهولاً إلا ما تَعَذَّرَ عِلْمُه، فإن شَرَطَ فيها عِوَضًا مَعلومًا فبَيْعٌ، ولا يَصِحُّ مَجهولاً إلا ما تَعَذَّرَ عِلْمُه، وتَنْعَقِدُ بالإيجابِ والقَبولِ والْمُعاطاةِ الدالَّةِ عليهما وتَلْزَمُ بالقَبضِ بإذنِ واهبٍ إلا ما كان في يدِ مُتَّهِبٍ،

من غير القبيلة، يعني من غير أبناء القبيلة، والقرابة، وأهل بيته، وقومه هذه ثلاثة (

)، ما الذي يدخل في مدلولها؟ يقول المؤلف:(يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه).

إذا قال: هذا وقف على قرابتي دخل فيه هؤلاء الخمسة؛ أولاده، أولاد أبيه، أولاد جده، أولاد جد أبيه، قلنا: خمسة ولَّا أربعة؟

أربعة، أولاده، وأولاد أبيه، وأولاد جده، وأولاد جد أبيه، يدخلون في القرابة، لكن هل يستحق الجميع أو لا يستحق؟ نتكلم عليه إن شاء الله.

وعلى هذا فإذا لم يبقَ من هؤلاء الأربعة البطون إلا واحد استحق الوقف كله، الدليل على هذا على أن القرابة تختص بهؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعْطِ من الغنيمة إلا من كان من بني هاشم (1)، وهاشم بالنسبة للرسول هو الأب أيش؟

طلبة: الرابع.

ص: 2385

الشيخ: عبد الله أيش؟

طالب: ابن عبد المطلب.

الشيخ: ابن عبد المطلب بن هاشم أيش هو؟

طالب: الثالث.

الشيخ: الثالث، هو الأب الثالث، لم يُعطِ غيره، والله عز وجل يقول:{وَذِي الْقُرْبَى} [البقرة: 83] فدل ذلك على أن القرابة تختص بهؤلاء.

(وأولاده)؛ لأن أولاده أشد لصوقًا به من آبائه؛ إذ إنهم بضعة منه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في فاطمة: «إِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي» (2). هذا ما ذهب إليه المؤلف، وهذا دليله.

وقال بعض أهل العلم: إن القرابة تشمل كل من اجتمع به في جده الذي ينتمي إليه فهم قرابة، كيف هذا؟ أنتم تعرفون الآن أن القبائل فيها شعوب أليس كذلك؟ فيها شعوب، أول جد ينتمي إليه هذا الشعب من القبيلة ذريته هم القرابة، وعلى هذا فلا يتقيد بالأب الثالث قد يكون في الرابع، في الخامس، فهمتم هذا المعنى؟

وقال بعض أهل العلم: القرابة ليس لها حد محدود، فما تعارَف الناس عليه أنه قريب فهو قريب ولا نُحدِّده بحد، لكن الأول هو أقرب الأقوال أنهم من كانوا من ذرية أبيه الثالث، ويليه مَنْ يجتمعون به في أول جد ينتسبون إليه، أما القول الأخير فهو ضعيف.

وقوله: (أهل بيته) فهمنا من قولنا: إنه يشمل هؤلاء أنه لا يشمل الأقارب من جهة أمه، فلا يدخل في ذلك أبو أمه، ولا أخو أمه، ولا عمها، ولا جدها، ولا أمها، وجه ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُعطِ أخواله من بني زهرة (1). لم يدخلهم في قوله:{وَذِي الْقُرْبَى} [البقرة: 83].

وقال بعض أهل العلم: إذا كان من عادته أنه يصل قرابة أمه دخلوا في لفظ القرابة؛ لأن كونه قد اعتاد أن يصلهم يدل على أنه أراد أن ينتفعوا بهذا الوقف، وهذا قول قوي.

ص: 2386

والعجيب أن بعض العلماء قال بعكسه، قال: إذا كان من عادته أنه يصل أقارب أمه فإنهم لا يدخلون؛ لأن تخصيصهم بصلة خارج الوقف يدل على أنه لا يريد أن ينتفعوا من هذا الوقف بشيء لكن القول الذي قبله أقرب إلى الصواب، أنه إذا كان من عادته أنه يصل أقارب أمه دخلوا في الوقف الذي قال: إنه على أقاربه.

(أهل بيته) تشمل مَنْ؟

طالب: أولاده.

الشيخ: الذكر والأنثى من أولاده، وأولاد أبيه، وأولاد جده، وأولاد جد أبيه، وهل تشمل الزوجات؟ المذهب لا، لا يدخل؛ لأن أهل بيته هم مثل القرابة تمامًا.

والصحيح أن زوجاته إذا لم يُطلِّقهن يدخلن في أهل بيته، لا شك في هذا، بل لو قيل: إن أهل بيته هم زوجاته ومن يعولهم فقط، لو قيل بهذا لكان قويًّا؛ لأن هذا عُرْف الناس، الآن عمك وأخوك إذا انفردا في بيت لا يقول الناس: إنهم أهل بيت، أهل بيته عُرْفًا هم الذين يعولهم من الزوجات والبنين والبنات، لكن مهما كان الأمر فإن الزوجات بلا شك إذا لم يُطلِّقهن يدخلن في أهل البيت، ما هو في القرابة، يدخلن في أهل البيت.

(وأهل بيته وقومه) قومه، جعلها المؤلف كلفظ القرابة، وكلفظ أهل البيت، لكن هذا القول بعيد من الصواب؛ لأن القوم في عُرْف الناس، وفي اللغة أيضًا أوسع من القرابة، اللهم إلا على قول من يقول: إن القرابة تشمل كل من يجتمع معه في الاسم الأول؛ يعني الفخذ من القبيلة، هؤلاء قرابة، فهنا ربما نقول: إن القوم والقرابة بمعنى واحد، أما إذا قلنا: إن القرابة هم أولاده، وأولاد أبيه، وجده، وجد أبيه، فإن القوم -بلا شك- أوسع؛ ولهذا يرسل الله الرسل إلى أقوامهم، وهم ليسوا من قراباتهم.

(وقومه يشمل الذكر والأنثى من أولاده، وأولاد أبيه، وجده، وجد أبيه) ولا جدَّه بالنصب ولا بالجر؟

طلبة: بالجر.

الشيخ: جدَّه ولا جدِّه؟ يتعين الجر؛ يعني من أولادِه وأولاد أبيه الذين هم إخوانه، وأولاد جده الذين هم أعمامه، وأولاد جد أبيه الذين هم أعمام أبيه.

ص: 2387

(وجده وجد أبيه) ولكن بقي البحث الثاني هل هؤلاء كلهم يستحقون؟ الجواب: نعم، يستحقون لكن يُقدَّم بعضهم على بعض، فكل من كان أقرب فهو في الوقف أحق، فإذا قُدِّر أن آل بيته خمس مئة والوقف خمس مئة درهم فهنا لا يمكن أن نقول: نُعطي الجميع؛ لأن إعطاء كل واحد درهمًا لا يفيد شيئًا بل هنا ينبغي أن ننظر إلى الأقرب فالأقرب، أو إلى الأحوج فالأحوج لكن مراد المؤلف رحمه الله أن كل هؤلاء من ذوي الاستحقاق، أما ترتيبهم فهذا يرجع إلى النظر على الوقف.

قال: (وإن وُجِدت قرينة تقتضي إرادة الإناث أو حرمانهم عُمِلَ بها) إن وُجِدَت قرينة تقتضي إرادة الإناث فيما يدل اللفظ على إخراجهن أو حرمانهن فيما يدل اللفظ على دخولهن فإنه يُعمل بها؛ وذلك لأن الألفاظ تتحدد معانيها بحسب السياق والقرائن؛ فلذلك إذا وُجِد قرينة تدل على أن الإناث داخلات في الوقف دخلن، وإن كان اللفظ لا يقتضي دخولهن، وإذا وُجد قرينة تقتضي حرمانهن فإنهن لا يدخلن وإن كان اللفظ يشملهن.

فإذا قال: هذا وقْف على أولادي الذكور والإناث، فهنا وُجِد صريح ليس قرينة بأن الإناث داخلات فيدْخُلن، وإذا قال: هذا وقْف على أولادي مَنْ تزوج منهم، فهنا قرينة تدل على أن المراد الذكور بدليل أن الميم علامة جمع الذكور. فالمهم أننا نعمل بالقرائن في شمول اللفظ للإناث أو على عدمه.

(وإن وقف على جماعة يمكن حصرهم وجب تعميمهم والتساوي) إذا وقَّف على جماعة يمكن حصرها وجب شيئان التعميم والتساوي، مثاله: إذا وقف على أولاد فلان وهم عشرة، يمكن حصرهم ولَّا لا يمكن؟

طلبة: يمكن.

الشيخ: يمكن، عشرة؟

طالب: نعم.

الشيخ: عشرة، يمكن حصرهم، يجب أن يعمموا، يعطى كل واحد، ويجب أن يساووا الذكور والإناث سواء، والغني والفقير سواء، والضعيف والقوي سواء، والشيخ والصغير سواء؛ لأنه يمكن حصرهم فيجب التعميم والتساوي.

ص: 2388

وإن كان لا يمكن كبني تميم مثلًا، يقول المؤلف:(وإلا جاز التفضيل والاقتصار على أحدهم) إذا كان لا يمكن حصرهم فله أن يُفضِّل بعضهم على بعض، وله أن يعطي بعضًا ويحرم بعضًا؛ وذلك لأنه جرت العادة أن من لا يمكن حصره لا يمكن الإحاطة به، وإذا لم تمكن الإحاطة به لم يجب أن نعطيه. إذا وقَّف على ثلاثين؟

طلبة: يمكن حصرهم.

الشيخ: يمكن حصرهم، يجب أن يُعمَّموا. فإن كثر هؤلاء وصاروا قبيلة، يعني كل واحد جاب عشرة أولاد صاروا كم؟

طلبة: ثلاث مئة.

طالب: ثلاث مئة وثلاثين.

الشيخ: كم الأصل؟ الأصل ثلاثون، كل واحد جاب عشرة؟

طلبة: ثلاث مئة وثلاثون.

الشيخ: شو؟ ! عشرة هم.

طالب: ثلاث مئة وعشرة.

الشيخ: ثلاثون نفرًا، كل واحد جاب عشرة.

طلبة: ثلاث مئة وثلاثون.

الشيخ: اضرب ثلاثين في عشرة.

طلبة: ثلاث مئة.

الشيخ: طيب، ليش؟ !

طالب: الأصل (

).

الشيخ: الأب ما له إلا عشرة أولاد، على كل حال دعونا من هذا.

هؤلاء الذين على عشرة، كل واحد جاب عشرة، والثاني كل واحد جاب عشرة، صاروا الآن قبيلة لا يمكن حصرهم، فلا يجب تعميمهم ولا التساوي، بل يجوز الاقتصار على واحد منهم، وأن يُفضَّل بعضهم على بعض، ودليل ذلك مسألة الزكاة:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60]، هل يجب علينا أن نعمم الزكاة على الفقراء جميعًا؟ الجواب: لا. هل يجب أن نسوي بين عشرة فقراء أمامنا الآن؟

طلبة: لا يجب.

الشيخ: في الزكاة، لا يجب، يجوز نعطي واحدًا ونحرم التسعة، أو نعطيهم متفاضلًا؛ لأن الأصل أنه لا يجب التعميم ولا التساوي.

(وإلا جاز التفضيل والاقتصار على أحدهم). ثم قال المؤلف: (فصل: والوقف عقد لازم) يعني ثابت لا يمكن تغييره، واعلم أن العقود ثلاثة أقسام:

عقد لازم من الطرفين، وعقد جائز من الطرفين، وعقد لازم من طرف، جائز من طرف،

فاللازم من الطرفين كل عقد لا يمكن لأحدهما فسْخُه إلا برضا الثاني، هذا لازم من الطرفين. مثل؟

طلبة: البيع.

ص: 2389

الشيخ: البيع وشِبه ذلك، وحينئدٍ نقول: إلا برضا الثاني، أو وجود ما يَملك به الفسخ؛ لأنه إذا وُجِد ما يملك به الفسخ فله الفسخ ولو غضب الآخر. البيع عقد لازم، الإجارة عقد لازم، الوقف عقد لازم.

العقد الجائز: ما يملك كل واحد من المتعاقدين فسخه بلا سبب، مثل الوكالة، الجعالة، هذه عقد جائز.

اللازم من طرف دون آخر: هو الذي يستحق الفسخ فيه أحدهما دون الآخر، كالرهن مثلًا، الرهن: عقد لازم من طرف جائز من طرف. قل يا أخ أنت، جائز من طرف مَن؟

طالب: الرهن؟

الشيخ: الرهن.

الطالب: من طرف الراهن، جائز من طرف الراهن.

الشيخ: من طرف الراهن؟

الطالب: إي، أنه يجوز له أن ..

الشيخ: من طرف الراهن؟

الطالب: يجوز له أن يفسخ.

الشيخ: إي من طرف الراهن طيب.

الطالب: ولازم من طرف المرتهن.

الشيخ: من طرف المرتهن. كان عندك معارضة؟

طالب: هي بالعكس يا شيخ.

الشيخ: بالعكس، كيف؟

طالب: (

).

الشيخ: الآن لدينا قولان، أيهما أصح؟

طلبة: الثاني.

الشيخ: الثاني، الثاني صحيح، المرتهِن يجوز أن يقول للراهن: خُذ رهنك، ما أبغاه، ذمتك تكفيني، لكن الراهن لا يجوز، أجب بنشاط؟

طالب: لا يجوز.

الشيخ: لا يجوز طيب. الوقف عقْد لازم ويلزم من حينه؟ الجواب: نعم، يلزم من حينه، من حين ما يقول الرجل: وقَّفْت بيتي، أو: وقَّفت سيارتي، أو: وقّفْت كتابي؛ يلزم.

هل فيه خيار مجلس؟ لا، ما فيه خيار مجلس، هو عقد لازم في الحال، بخلاف الوصية، الوصية ليست عقدًا لازمًا في الحال، لا تكون إلا بعد الموت، الوَقْف الْمُعلَّق بالموت، إذا قال: هذا وَقْف بعد موتي، هل هو لازم أو غير لازم؟ المذهب أنه لازم من الآن، ولا يمكن فسْخُه، لكن مع ذلك لا يُنفَّذ منه إلا ما كان من ثلث المال فأقل، فيجعلونه وصية من وجه ووَقْفًا من وجه.

ص: 2390

وهذا غير صحيح، لا يمكن أن نعطي عقدًا حُكْمين مختلفين؛ فإما أن نقول: إنه يلزم في الحال ونلغي التعليق، وإذا قلنا بأنه يلزم في الحال لزم سواء كان الثلث أو أكثر أو أقل، وإما أن نقول: لا يلزم إلا بعد الموت، وحينئذٍ يكون من الثلث فأقل.

والصحيح الثاني: أننا نقول: إنه لا يلزم إلا بعد الموت؛ لأن الرجل علَّق الوقف بشرط وهو الموت فلا يمكن أن ينفذ قبل وجود الشرط؛ فالصواب أن الوقف الْمُعلَّق بالموت لا ينفذ إلا بعد الموت، ويكون من الثلث فأقل.

مثاله: قال رجل: إذا مت فبيتي وقْف، إذا مت فمكتبتي وقْف، المذهب ينفذ من الآن، ولا يمكن يبيع شيئًا من هذا، ما يمكن يبيع ولا كتابًا واحدًا؛ لأنه نفذ، لكن إذا مات فإن أجاز الورثة الوقف نفذ، وإن لم يجيزوه لم ينفذ منه إلا مقدار ثلث التركة، هذا المذهب في هذه المسألة.

والصواب أنه لا ينفذ إلا بعد الموت، وأنه ما دام حيًّا فله التغيير والتبديل والإلغاء، فإذا مات فإن أجازه الورثة نفذ، وإن لم يجيزوه نفذ منه قدر ثلث التركة فقط.

طالب: إذا قال: هذا وقْف على بني تميم، اشترطنا أنه الوَقْف العام يكون على بر، ما هو البر الذي فيه؟

الشيخ: بني تميم؟

البر أنه نفعهم، هو ما قيده بالكفر، لو قال: على الكافرين، على الظالمين، ما يجوز، وبنو تميم فيهم العلماء، وفيهم الصحابة، وهم أشد أمة محمد على الدجال.

طالب: ما هو القدر الذي يتسحقه كل فرد من الوقف؟

الشيخ: ما يحتاجه.

الطالب: فقط يا شيخ؟

الشيخ: إي نعم، ما يحتاجه فقط، هذا إذا كان تقديمًا، أما إذا كان ترتيبًا فيستحق الوقف كله.

طالب: طيب يا شيخ، بالنسبة للناظر، ناظر الوقف؟

الشيخ: الناظر.

الطالب: يعني نسبة معينة بقدر معين؟

الشيخ: هل يُجعل له قدر معين؟

الطالب: هو يعين للمستحقين قدرًا معينًا؟

الشيخ: إي نعم، إذا كان فيه التقديم يُعيِّن، أما إذا كان وقف على فلان فإنه له كله.

طالب: أحسن الله إليك، في أي شيء يكون تحديد القوم (

ص: 2391

الشيخ: إي نعم، القوم ما ينتسب إليه الإنسان عمومًا، هذا القوم يشبه قول من يقول: إن القرابة هم الذين يجمعهم جد واحد اشتهروا به.

طالب: أوْقف أحدهم كتابًا على مكتبة مسجد، ثم جاء آخر فأوقف نفس الكتاب على نفس المكتبة فأخرج هذا الرجل الكتاب الأول، ودفع به إلى أحد طلبة العلم، هل هذا ينافي اللزوم؟

الشيخ: لا يجوز؛ لأن ما وُقِّف على جهة عامة لا يمكن أن يُخصِّص به أحد، لكن إذا استغنى عنه المسجد فإن الثاني هو الذي يُنقل إلى مكان آخر؛ لأن الآن عندنا كتاب واحد وقَّفه اثنان، أحدهما وقَّف في شهر ذي الحجة، والثاني وقَّفَه في محرم، نقول: للثاني المكتبة مستغنية عنه، اصرفه إلى مكتبة أخرى، فإن كانت المكتبة ممن يُعير قَيِّمُها فليأخذ الثاني، ويكون أحدهما للإعارة والثاني للمطالعة.

طالب: فإن نُقل الأول إلى مسجد ثانٍ أو جهة ينتفع بها الناس؟

الشيخ: إذا نُقل وطالب الواقف أن يُردَّ إليه، إلى المكتبة الأولى يُرَد ويُنقل المتأخر (

)

طالب: (

).

الشيخ: ذكرنا الدليل، قال الله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] ذي القربى هم قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو لم يُعطِ إلا من كان من ذرية هاشم، ولم يُعطِ الآخرين اللي من ذرية من فوقه.

طالب: (

).

الشيخ: (

) قل: انسب نبيك.

الطالب: (

).

الشيخ: الثالث ولَّا الرابع؟

الطالب: الثالث.

الشيخ: جده الثالث؟

الطالب: (

).

الشيخ: إي، ويش (

) هاشم؟

الطالب: هاشم.

الشيخ: جده الثالث، غلط.

الطالب: جده الثاني.

الشيخ: جده الثاني، وأبوه الثالث صح.

طالب: (

) الفرق بين قول الواقف: وقَّفت هذا على زيد، وبين قوله: وقَّفت هذا عليك يا طالب العلم (

ص: 2392

الشيخ: هذه عاد يُنظر عليك يا طالب العلم، يحتمل أنه أراد شخصًا، وأنه وقَّفه عليه مكافأة لما حصل منه، ويحتمل أنه أراد الوصف؛ يعني: يا طالب العلم؛ لأنك طالب علم، وعلى هذا لو ترك هذا طلب العلم، لو تركه أعطيناه طالب علم آخر.

الطالب: ما هو التصرف الذي يملكه حينئذٍ؟

الشيخ: مَنْ؟

الطالب: يعني هل له أن يبيعه وأن يهبه؟

الشيخ: مَن اللي بيعه؟

الطالب: الطالب أو زيد.

الشيخ: ما يمكن، الوقف لا يمكن بيعه، وسيأتينا إن شاء الله.

طالب: نقل المصاحف يا شيخ للإعارة لاستعارة مصحف من المسجد هل يجوز؟

الشيخ: لا يجوز؛ لأن أخذ المصحف من المسجد استعارة معناه أنك اختصصت به، لا يجوز.

الطالب: ولا كتب في مكتبة؟

الشيخ: ولا الكتب في مكتبة عامة إلا إذا كان لها قانون، هذا لا بأس.

طالب: أحسن الله إليك، إذا وقَّف إنسان وقته، زمنًا معينًا؟

الشيخ: وقته؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: يعني؟

طالب: يساعد به الضعفاء، وكذا كل من احتاجه يساعده؟

الشيخ: لعله يكون نذر هذا، لعله يريد أن يُلزِم نفسه فيكون نذرًا.

طالب: شيخ، بارك الله فيك (

).

الشيخ: فهو حر.

الطالب: (

).

الشيخ: ما صار وقفًا الآن، إذا قال: إذا مت فهذا وقْف، هو ما دام حيًّا فليس بوقْف.

طالب: (

) يقول: الوقف عقْد لازم، ولا يُباع إلا إذا تعطل منافعه.

***

الشيخ: (

) أجمعين. إذا وقَّف على جماعة هل يجب أن نعمم الجماعة أم لا يجب؟

طالب: (

).

الشيخ: إن كانوا أيش؟

الطالب: معدودين.

الشيخ: معدودين، يعني محصورين، يمكن حصرهم، وجب أيش؟

الطالب: التعميم والتساوي.

الشيخ: التعميم والتساوي، ويش معنى التعميم؟

الطالب: أن يعمم كل الموقوفين.

الشيخ: أن يُعطى كل الموقوف عليهم، والتساوي؟

الطالب: التساوي (

).

الشيخ: نعم، إلا إذا اقتضاه شرط الواقف، فهذا شيء آخر. إذا وقَّف على بني تميم؟

طالب: استحق البنين والبنات.

الشيخ: لا، هل يجب تعميمهم أو لا؟

الطالب: يجب تعميمهم ..

ص: 2393

الشيخ: بنو تميم، ولو كانوا ألف مليون؟

الطالب: لا، لو كانوا ألف مليون لا يمكن حصرهم.

الشيخ: كيف؟

الطالب: قال: يجوز التفضيل والاقتصار على أحدهم.

الشيخ: يجوز الاقتصار على أحدهم؟ حتى على واحد؟

طالب: (

).

الشيخ: هل عندك دليل من القرآن والسنة على هذا؟

الطالب: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60].

الشيخ: إلى آخره، هل يجب على المزكِّي أن يُعطِي جميع الفقراء؟

الطالب: لا يجب.

الشيخ: لا يجب؛ لأنه لا يمكن حصره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لقبيصة:«أَقِمْ عِنْدَنَا حَتَّى تَأْتِيَ الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا» (3). طيب مَثِّل المحصورين؟

الطالب: كأن يقول: هذا وَقْف على أبنائي أو أبناء فلان، فإن كانوا محصورين ..

الشيخ: لو قال: على إخوتي؟

الطالب: على إخوتي محصورون.

الشيخ: يُعطى جميع الإخوة؟

الطالب: نعم.

الشيخ: أحسنت. الوَقْف يقول: إنه عقد لازم، شو معنى عقد لازم؟

طالب: لازم يعني يلزم بمجرد النطق، ولا يحق الوقف (

).

الشيخ: يعني يلزم بمجرد أن ينطق به وليس له فسخه.

كم أقسام العقود؟

طالب: ثلاثة أقسام، عقد لازم من الطرفين.

الشيخ: عقْد لازم من الطرفين.

الطالب: وعقد جائز من الطرفين.

الشيخ: وعقد جائز من الطرفين.

الطالب: وعقد لازم من طرف، وجائز من طرف آخر.

الشيخ: نعم، تمام. اللازم من الطرفين؟

الطالب: كالبيع.

الشيخ: كالبيع.

الطالب: والإجارة.

الشيخ: طيب، أعندك دليل على أنه لازم من الطرفين البيع؟

الطالب: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» .

الشيخ: «وَكَانَا جَمِيعًا» .

الطالب: «وَكَانَ جَمِيعًا، أو خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ؛ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» .

الشيخ: «فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» (4). مثال الجائز من الطرفين؟

ص: 2394

طالب: الجائز من الطرفين كالوكالة.

الشيخ: الوكالة، يجوز للوكيل وللموكل أن يفسخه. طيب اللازم من أحدهم؟

طالب: اللازم من أحدهم كالرهن.

الشيخ: كالرهن لازم في حق؟ لا تُخطئ كالبارحة؟

الطالب: لازم في حق الراهن، وجائز في حق المرتهن.

الشيخ: لازم في حق الراهن، وجائز في حق المرتهن، أحسنت.

يقول المؤلف رحمه الله: (لا يجوز فسخه) أي لا يجوز فسخ الوقف، وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يكون الإنسان مدينًا أو غير مدين، ومن المعلوم أن المدين إذا كان قد حُجِر عليه فإن وقفه لا يصح لكن إذا لم يحجر عليه، وكان عليه دَيْن يستغرق الوقف، فظاهر كلام المؤلف أن الوقف لازم، والقول الثاني، وهو الراجح، أن الوقف ليس بلازم ولا يجوز تنفيذه، لماذا؟ لأن قضاء الدين واجب، والوقف تطوع، ولا يجوز أن نُضيِّق على واجب لتطوع وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

فإن طلع الدين بعد الوقف؛ يعني إنسان وقَّف بيته، ثم افتقر واستدان، فهل ينفسخ الوقف أو نقول: إنه لا ينفسخ؛ لأنه تم بدون وجود المانع فيستمر؟

طالب: يستمر.

الشيخ: هذا هو الأقرب. وقال شيخ الإسلام رحمه الله: له أن يبيعه في دينه؛ لأن هذا ليس أقل أو أشد من المدَبَّر. والمدبَّر باعه النبي صلى الله عليه وسلم في الدين، المدبَّر يعني العبد الذي عُلِّق عتقه بموت سيده، فباعه النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته بالدَّيْن (5). لكن الأرجح الأول؛ يعني أنه إذا حدث الدَّيْن بعد الوقف فإنه يمضي -أي الوقف- والدَّيْن ييسر الله أمره.

وقوله: (ولا يُباع) يعني لا يُباع الوقف؛ لأن بيعه يقتضي إبطال الوقف؛ إذ إنه ينتقل إلى من؟ أجيبوا يا جماعة؟

طلبة: المشتري.

الشيخ: إلى المشتري، لو قلنا بجواز البيع انتقل إلى المشتري وبطل الوقف، والوقف عقد لازم لا يجوز بيعه.

ص: 2395

وهل يجوز تأجيره؟ نعم، يجوز تأجيره؛ لأن أجرته من المنفعة التي سُبِّلَت، فتأجيره جائز. هل يجوز رهنه؟ لا، لا يجوز رهنه؛ لأن الرهن يُراد للبيع؛ لبيع المرهون واستيفاء الدَّيْن منه، وإذا قلنا: لا يباع بقي الرهن عديم الفائدة، فهو إما أن يقال: إن الرهن صحيح، ويُباع في قضاء الدين، وهذا يلزم منه إبطال الوقف، وإما أن نقول: إن الرهن لا يصح؛ لأنه لو صح ما فيه فائدة.

إذن لا يجوز بيعه ولا عقد يراد به بيعه. قال: (إلا أن تتعطل منافعه) في هذه الحال يجوز أن يُباع، إذا تعطلت منافعه كدارٍ انهدمت، يعني أوقف داره على أولاده فانهدمت الدار، يجوز أن تُباع وإذا بِيعَت يُصرف ثمنها في مثله.

وقوله: (لا يُباع إلا أن تتعطل منافعه) ظاهره أنه لا يُباع بأي حال من الأحوال إلا في هذه الصورة؛ لأن من القواعد المقررة أن الاستثناء معيار العموم؛ يعني يدل على العموم فيما عدا الصورة المستثناة، فعلى هذا لا يُباع بأي حال من الأحوال إلا في هذه الحالة إذا تعطلت، فإن نقصت المنافع ولم تتعطل فإنه لا يُباع، يبقى على ما هو عليه حتى يتوقف ولا يكون فيه فائدة.

واختار شيخ الإسلام رحمه الله جواز بيعه للمصلحة بحيث يُنقل إلى ما هو أفضل، واستدل لهذا بقصة الرجل الذي نذر إن فَتَحَ الله على رسوله مكة أن يصلي في بيت المقدس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«صَلِّ هَاهُنَا» ، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا فقال:«شَأْنَكَ» (6). فهنا أباح له النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحول عن النذر، والنذر -كما تعلمون- نذْر الطاعة واجب، النذر يتحول من المفضول إلى الأفضل، قال: فيجوز أن ينقل الوقف أو يباع لينقل إلى ما هو أنفع. وما اختاره شيخ الإسلام هو الصواب.

ص: 2396

لكن في هذه الحال يجب أن يُمنع من بيعه أو إبداله إلا بإذن الحاكم؛ لأنه قد يتعجل الموقوف عليه ويقول: إني أبيعه لأنقله إلى ما هو أفضل، ويكون أمره على خلاف ظنه فلا بد من الرجوع إلى الحاكم؛ يعني القاضي في هذه الحال لئلا يتلاعب الناس بالأوقاف.

مثال ذلك: إنسان أوقف عمارة على طلبة العلم في مكان كان من أحسن الأمكنة حين الإيقاف لكن تغير الوضع، وصار محل الطلب في جهة أخرى، فهل يجوز أن يبيع هذه العمارة ليشترى عمارة أخرى قريبة من مواطن العِلْم؟ أما على المذهب فلا؛ لأن منافعها لم تتعطل، وأما على القول الراجح فنعم، يجوز ولكن كما قلت لكم: لا بد من مراجعة مَنْ؟ الحاكم لئلا يتلاعب الناس بالأوقاف.

وعُلِم من قوله: (إلا أن تتعطل منافعه) أنه لو تعطلت بعض المنافع فإنه لا يجوز بيعه ما دام يوجد فيه منفعة ولو واحد في العشرة فإنه لا يُباع، ولكن على ما أشرنا إليه من القول الآخر أنه إذا كان هناك حاجة أو مصلحة فلا بأس.

إذا بِيع ماذا نعمل بثمنه؟ قال: (ويصرف ثمنه في مثله)، فإذا كان هذا وقفًا على الفقراء وتعطلت المنافع، وبِعناه، ماذا نفعل بالثمن؟ هل نتصدق به على الفقراء أو نشترى به وقفًا يكون للفقراء؟

طالب: الثاني.

الشيخ: الثاني يتعين؛ يعني لا يجوز أن نقول: إن هذا وقْف على الفقراء، والآن بعناه لتعطل منافعه فنصرف دراهمه إلى الفقراء، هذا لا يجوز؛ لأن هذه الدراهم عِوَض عن أصل الوقف، وأصل الوقف لا يُنقَل ملكه لا ببيع ولا غيره.

قال: (ولو أنه مسجد) يعني ولو كان الذي تعطلت منافعه مسجدًا فإنه يُباع ويُصرَف ثمنه في مثله.

إذا بعنا المسجد وصرفنا ثمنه في مسجد آخر فهل يجوز لمشتري المسجد أن يبيعه؟ نعم، يجوز؛ لأنه صار ملكه، ويجوز أن يجعله دكاكين للبيع والشراء، المهم أنه الآن زال عنه وصف المسجد فيجوز بيعه، والصدقة به، وهبته، وغير ذلك، ويُصْرَف ثمنه في مثله.

ص: 2397

(آلته) آلة المسجد إذا تعطلت المنافع، (آلته) يعني بناءَه، أبوابَه، وما أشبه ذلك، وهذا فيما سبق لما كان البناء بلبن الطين صار يمكن أن ينتفع بالآلة، بآلته التي تكوَّن منها وهي لبن الطين، أما الآن فلا أظنه يمكن استرجاع الآلة، اللهم إلا إن كانت أسياخ الحديد فيمكن، أما الأسمنت ما ينفع، ذهب، لكن على كل حال إذا بقي آلة فإنا نعيدها في مكان آخر فيما نريد أن نبنيه.

فإذا قال الذي باع المسجد، قال: آلته الآن لو نقضناها وبنينا بها المسجد الآخر سيخرج غير قوي، فهل لنا أن نبيع الآلة ونشتري آلة جديدة قوية؟

الجواب: نعم، وتكون الآلة الثانية بدلًا عن الأولى، وحينئذٍ لا يضيع حق الواقف.

قال: (وما فضل عن حاجته جاز صرفُه إلى مسجد آخر) ما فضل عن حاجة المسجد فإنه يجوز أن يُصرَف إلى مسجد آخر؛ لأن هذا أقرب إلى مقصود الواقف، وهذا لا إشكال فيه، فإذا قدَّرْنا أن هذا المسجد لما هُدِم حيث تعطَّلت منافعه وأُعِيد بناؤه فَضَل من حاجته أو من آلته شيء فإننا نصرفه إلى مسجد آخر، فإن لم يمكن صُرِف إلى جهة عامة ينتفع فيها المسلمون عمومًا كالسقاية والمدرسة وما أشبه ذلك.

قال المؤلف: (والصدقة به). يعني وجازت الصدقة به (على فقراء المسلمين)؛ لأن المسجد مصلحة عامة، والصدقة على الفقراء أيضًا مصلحة عامة، فنحن لم نخرج عن مقصود الواقف؛ لأنها كلها عامة لانتفاع المسلمين عمومًا، لكن هذا القول ضعيف جدًّا؛ لأن المساجد نفعها مستمر والصدقة نفعها مؤقت؛ لأن النفع مقطوع، ينتفع بها الموجودون الحاضرون، ولا ينتفع بها من بعدهم.

ص: 2398