المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

[مدخل]

(كتاب الشهادات)

أولًا: تعريف الشهادة، الشهادة تكون من المشاهدة، وهي الرؤية بالعين، ومن الشهود يكون الحضور، وعلى هذا فهي في اللغة تعود إلى هذين المعنيين؛ شهود بمعنى الحضور كما قال الله تعالى:{إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] شهودًا يعني يشاهدكم وهو سبحانه وتعالى مع الخلق، وإن كان على عرشه، وكذلك أيضًا من الشهادة كقوله تعالى:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} [الزخرف: 86].

إذا تعدت بنفسها فهي تصلح بمعنى الحضور، وبمعنى المشاهدة بالعين؛ تقول: شهدت كذا، أما إذا تعدت بالباء فهي بمعنى الشهادة في الشيء، وهي الإخبار عما علمه، وهل يشترط أن تكون بلفظ: أشهد أو لا؟

فالمشهور من المذهب أنها لا بد أن تكون بلفظ أشهد فقال: (إخباره بما علمه بلفظ أشهد ونحوها).

وقيل: إنه لا يشترط هذه الزيادة وأنه متى أخبر بالشيء فقد شهد به؛ ولهذا مما قيل للإمام أحمد: إن فلانًا يقول أقول: إن العشرة في الجنة ولا أشهد، قال: إنه إذا قال فقد شهد.

إذن فهي إخبار عما يعلمه سواء بلفظ: أشهد، أو بلفظ: أقول، أو ما أدى معناها، وحكمها تحمُّل وأداء، حكمها أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي لم تجب على الآخرين؛ لأن المقصود بها حفظ الحقوق المشهود بها، والتحمل لفظ الشهادة، والأداء إبراز الشهادة؛ فالتحمل يكون المشهود له محتاجًا إليها عند وقوع الشيء المشهود به والأداء يكون محتاجًا إليها عند الحكم له به، وكلاهما فرض كفاية.

ص: 3906

وقيل: إن التحمل فرض كفاية، والأداء فرض عين، وأنه لو تحمل هذه الشهادة عشرة فإنه يجب على كل واحد منهم أن يشهد؛ أي أن يؤدي شهادته؛ لأننا لو قلنا: إن الشهادة أداؤها فرض كفاية، فطلبنا من الشاهد الأول أن يشهد، قال: فيه من يكفي، ذهبنا إلى الثاني، فقال: فيه من يكفي، ثم ربما يضيع الحق من هذه المماطلة؛ ولهذا التفصيل؛ يعني التفريق بين التحمل والأداء له وجه؛ فالتحمل فرْض كفاية إذا علمنا أن في المقام أو في المكان من يكفي في الشهادة، فلا يجب عليه، وأما الأداء فإنه فرض عين.

ولكن لا بد فيها من شروط كغيرها من الواجبات؛ وهي أن يكون الإنسان قادرًا على أدائها بلا ضرر، فإن كان لا يمكنه إلا بضرر فإنه لا يجب عليه أن يؤدي، مثل: لو فرضنا أنه لو شهد بهذا الأمر لأدى ذلك إلى قتله أو حبسه أو ما أشبه ذلك فإنه يقول أهل العلم: إنه لا يجب عليه مُستدلين على ذلك بقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. والدليل على وجوبها قوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282]، وهذا نهي، والأصل في النهي التحريم.

وقوله: {إِذَا مَا دُعُوا} يشمل الدعاء إلى تحملها والدعاء إلى أدائها، ثم إنه قد لا تقتضي الحال؛ يعني قد لا تقتضي الحال أن يدعوك باللفظ، قد يدعوك بالحال، فإذا كانت القرينة تقتضي أن تتحمل هذا الأمر الواقع، وإن لم يقل لي: اشهد على كذا فإنه يجب عليك أن تشهد.

وبعض العوام يظنون أنهم إذا لم يقل: اشهد على فلان فإنه لا يجب عليه الأداء، وهذا خطأ، بل المقصود تحمل الدعوى إليها:{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] سواء دعاه بلسان الحال أو بلسان المقال.

طالب: (

الشيخ: لا، باعتبار ما يكون؛ لأني إذا دعوتك وقلت: تعالَ اشهد فأنت الآن المطلوب منك أن تكون شهيدًا فهو شاهد، لكن لا شك أن أداءها أوْفَى من وجوه؛ لأن أداءها فرض عين.

ص: 3907

(ويشترط فيها ذكر الشروط والأوصاف المعتبرة في المشهود به) يعني ما يكفي الشهادة المجملة حتى يُبَيِّن الشروط والأوصاف المعتبرة.

الشروط مثلًا: إذا أشهدني على بيع فإنه يجب أن أسأل ما هذا البيع حتى لا يكون التباس في هذا المشهود به، وأعرف أن هذا البيع قد تم بشروطه كذلك لا بد أيضًا من الأوصاف المعتَبرة، إذا كان مثلًا هذا الشيء المشهود به أحمر أبيض أخضر من النوع الفلاني، لا بد أن تُدركه، فلا يكفي أن أشهد بشيء مجمل في يد المشهود عليه؛ ولهذا لو رأيت لصًّا دخل بيتًا وخرج بكيس معه، ثم ادعى صاحب البيت أنه سرق دراهم في كيس، فهل يجوز لي أن أشهد بأنه سرق هذه الدراهم؟

طلبة: لا.

الشيخ: لا، ولكني أشهد بما رأيت؛ بأني رأيت رجلًا خرج من هذا البيت يحمل كيسًا، أما أن فيه دراهم أو غير دراهم فهذا لا أشهد به، فلا بد من الأوصاف المعتبرة.

كذلك أيضًا لو شهدت على شخص بأنه جنا على آخر، فلا بد من أن أشهد بأنه جنا عليه في حال يؤاخذ بالجناية؛ بألا يكون مدافعًا، وأن يكون بالغًا عاقلًا إلى آخر ما يقتضى في المشهود به، والمهم أن هذه الشهادة لا بد أن تكون مُحرَّرة أشد من الدعوى التي سبق أن ذكرنا فيها الخلاف؛ لقول الله تعالى:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86].

ويُروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «تَرَى الشَّمْسَ؟ » . قال: نعم. قال: «عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» (5). ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الكبائر: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ » . فقالوا: بلى. فذكر منها شهادة الزور. (6) وكان متكئًا فجلس.

ص: 3908

والزور معناه الميل والانحراف؛ وكل شهادة لا تكون بها الحق فإنها جرم، ولهذا يجب علينا أن نتحرز غاية التحرز في الشهادة، وألا نبالي أو نحابي أحدًا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135].

أما شروط الشاهد فهي أولًا: البلوغ، يشترط في الشهادة أن يكون بالغًا، والبلوغ معروف لديكم؛ فالصغير لا تُقبل شهادته؛ لأنه غير مؤتَمن لا من ناحية الحفظ ولا من ناحية التأثير؛ إذ إن الصبي قد يُؤثَّر عليه إما بالوعد وإما بالوعيد؛ فلهذا لا تُقبل شهادته.

وكلام الفقهاء رحمهم الله يقولون: لا تُقبل حتى فيما لا يطلع عليه إلا الصبيان؛ يعني ما يجري بين الصبيان فيما بينهم لا تُقبل شهادتهم فيه؛ لأن المحظور الذي (

) به رد الشهادة موجود، قد يكون هذا الصبي الذي شُهد عليه يكون منازعة مثلًا منازعة مهاجرة يهجره حتى إنه ما يذكر ولا اسمه، فيشهد عليه ولَّا لا؟ وقد يكون صديقًا له جدًّا، فيشهد له؛ فهو غير مؤتَمن في الواقع.

وقال بعض العلماء: إن شهادة الصبيان مقبولة بعضهم ببعض أو على بعض فيما لا يطلع عليه إلا الصبيان؛ كالذي يكون بينهم في أسواقهم.

وقيل: إنه مقبول في الجراحات دون الأموال؛ لأن الجرح للصبي يؤثِّر عليه تأثيرًا بالغًا، ويهتم به اهتمامًا بالغًا بخلاف الأموال؛ يعني بمعنى أن الصبي يندهش إذا رأى الجرح، ولا يمكن أن يُخلف أو أن يقول ما لم يقع بخلاف المال، وهذا واضح في أن الصبيان يندهشون إذا رأوا الجراحات.

وقال بعض العلماء: إنه يُقبل ما لم يتفرقوا، إذا كان في وقت الحال قبلوا، وأما إذا تفرقوا فلا يقبلوا، لماذا؟ لأنه بعد التفرق يمكن أن يُلقَّن ويُؤثَّر عليه، لكن قبل التفرق هذا شيء بعيد.

إذن كل هذه الأقوال أو هذه الاختلافات كلها ترجع إلى أننا هل نثق بشهادتهم أو لا نثق؟

ص: 3909

وإذا كانت كذلك فإن القاضي من حيث القضاء يستطيع أن يحكم بالقبول أو بالرفض بناءً على القرائن الخارجية أو القرائن الداخلية بالنسبة للأطفال؛ لأن الأطفال أيضًا يختلفون؛ فمثلًا بالنسبة للطفل الذي نعرف أنه طفل متزن، وأن من شهد له ليس بينه وبينه صداقة، وأن من شهد عليه ليس بينه وبينه عداوة ظاهرة؛ فإن هذا ربما نقبله، وإذا كان الأمر يختلف فقد نرده؛ لأن إهدار شهادته مطلقًا، ولو دلت القرائن فيه أيضًا ضرر، من الذي يعرف أن هذا الصبي مثلًا رمى بالحجر حتى أصاب الصبي الثاني في مكان مجلس الصبيان؟ من الذي يدري؟

طالب: الصبيان.

الشيخ: ما يدري إلا الصبيان، لو أننا أهدرنا مثل هذه الأمور لكان في ذلك إهدار لأشياء كثيرة تفوت؛ ولهذا الذي نرى أن القول الراجح في هذه المسألة أن للقاضي أن يحكم بشهادتهم إذا دلت القرائن على صدقهم.

البلوغ هل هو شرط للتحمُّل والأداء، أو للأداء فقط؟ للأداء فقط؛ ولهذا لو تحمل وهو صغير وأدى وهو بالغ فإنه يُقبل؛ لأن العلة التي مُنع منها قبول الشهادة بعد البلوغ تزول، وأظن الرواية قد مر عليكم هذا في الرواة أنه إذا تحمَّل صغيرًا وأدَّى كبيرًا فإنها تُقبل، هكذا أيضًا الشهادة إذا تحمل وهو صغير وأداها وهو بالغ؛ فإنها تقبل لزوال المحظور.

(أقسام العقل) وما هو العقل؟ العقل هو صفة ذاتية يستطيع بها الإنسان أن يعرف ما يضره وما ينفعه. وهل نزيد بذلك وأن يتصرف في ما ينفعه وفيما يضره حسب المنفعة أو المضرة، ولَّا ما هو بشرط؟

طلبة: ليس بشرط.

ص: 3910

الشيخ: ليس بشرط إلا أن الأخير شرط للعقل النافع؛ ولهذا نفى الله العقل عن الكفار مع أنهم أذكياء وعندهم عقول يدركون بها، العقول اللي هي مناط التكليف موجودة في الكفار، لكن العقول اللي هي حُسن التصرف ليس موجودًا فيهم؛ فالعقل إذن إدراك الأمور بحيث يدرك الشيء الذي ينفعه والذي يضره، أما إذا كان فاقد العقل فإنها لا تُقبل شهادته؛ لأن ما يمكن أن يعرف، ولا أن يتصور، ولا أن يؤدي.

إذا كان يعقل أحيانًا، ويُجن أحيانًا فإنها تُقبل شهادته في حال فقط؛ إذا تحملها وهو مفيق، وأداها وهو مفيق فإنها تُقبل.

طيب السكران، تُقبل شهادته؟

طلبة: لا تقبل.

الشيخ: في حال السكر لا تُقبل، إذا تحملها أو أداها في حال السكر ما تُقبل، وفي حال الصحو تُقبل.

طيب المخرِّف؟

طالب: (

).

الشيخ: ما تُقبل إلا إذا كان يعقل؛ لأن فيه بعض المخرفين في بعض الأحيان يصحون صحوًا تامًّا، وفي بعض الأحيان ينسون، فالحكم يدور مع علته، متى وُجِد التعقل صحت الشهادة، ومتى فُقِد ردت الشهادة. فما أدري منكم أحد علَّق على مسألة السكران؟

طالب: (

).

الشيخ: ما يتحمل إذا استطاع، وقد تتصور الشهادة بخلاف ما هو عليه، إنما نشوف العدالة؛ لأنه ظننتم تقولون: إنه يشترط العدالة، والسكران ليس بعدل، هذه (

).

الثالث: الحكم.

طالب: (

).

الشيخ: إي، يجيبون أخبارهم.

الطالب: (

).

الشيخ: إي، لكن يجيبون أخبارهم يعني أخبار عن غيرهم؟

الطالب: (

).

الشيخ: كيف؟ ! يعني ما قلنا بحكمة المجنون أبدًا، الحكمة للعاقل.

الطالب: (

).

الشيخ: كيف؟

الطالب: (

).

الشيخ: نعم، إن هذه الحكمة إذا صح أنه قد يعبر بشيء معقولًا فإنه لا يتصور الشيء المعقول، قد يجيبه من ذات نفسه، لكن ما يعرف أنه شهادة، أو أنه شاهد، أو أنه يثق.

ص: 3911

ثم لو فُرِض أنه أصاب فيما رأى ما نثق به في جميع المرات، ليس محل ثقة، هذا شيء معروف، كيف الإنسان المجنون الذي نقبل منه ما شهد به مرئيًّا كان أو مسموعًا؟ هذا لا يضمن.

كذلك أيضًا في المعتوه اللي بين العاقل والمجنون أيضًا لا تُقبل؛ لأن المعتوه أشد من الصبي، فإذا كان الصبي لا يُقبل، فكيف يقبل المعتوه؟ !

طالب: (

الشيخ: لا، هو إذا كان ممكن إذا كان يصعب فإنه ما ينظر، ما تُقبل شهادته، لكن إذا كان يمكن؛ لأن بعض المعاتيه في بعض الأحيان يعرف تمامًا اللي حصل ويحدِّثك بما حصل تمامًا؛ فالحكم يدور مع عِلته؛ فمتى اشتبهنا في الشهادة؛ لأن الشهادة -كما أشرنا إليها قبل {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} [الزخرف: 86]- ومعلوم لا بد أن نعلم بأن هذا الشيء أمر واقع، وإلا فلا يُقبل.

طالب: (

).

الشيخ: إي، بس الشهادة اللي تُوجب الحكم من إنسان (

) ما يمكن أن تُقبل، أما كونه هو يتحدث عما فعل فيما مضى، فهذا معناه أن الذاكرة حفظت هذا الشيء، وهؤلاء المجانين أحيانًا يتحدثون بما جرى في أزمان ماضية، وتكون موافقة للواقع، لكن هل نحن نثق حتى نحكم بشهادتهم؟

طالب: (

).

الشيخ: إذا جاء قد شهد وهو عاقل نأخذ بشهادة الشاهد.

الثالث: الحفظ؛ والحفظ له معنيان: أحدهما: إدراك الشيء؛ بمعنى أنه بيحفظه ويخزنه عنده، والثاني: أداء الشيء؛ لأن الإنسان أحيانًا بيخطئ في الحِفظ عند تصوُّر الشيء، يسمع الكلمة على غير ما قيلت، ثم يحفظها كذلك، وأحيانًا يحفظ الشيء ويتلقَّاه تلقيًا كاملًا، لكنه كثير النسيان؛ فالأول عنده حساب التصور، والثاني عنده ضعْف الحافظة، فلا بد من الأمرين أن يكون حافظًا عند التلقي، وعند الأداء، فإذا كان كثير النسيان فإنها لا تُقبل شهادته، وإذا كان ينسى ما تُقبل شهادته؟ إذا كان ينسى ما هو كثير النسيان.

طالب: تُقبل.

ص: 3912

الشيخ: تقبل؛ لأنه ما من أحد إلا وينسى، لكن بعض الناس يكون معروف بالنسيان تُحدِّثه في الصباح وتبحث معه في المساء عما قد حدثته في الصباح فلا يذكره، هذا ما يمكن أن يكون شاهدًا، لكن يمكن التخلص من هذا بكتابته كتابة الشهادة ولَّا لا؟

طالب: نعم.

الشيخ: إذا كتبها فإنه يذكر، ولكن إذا كتبها، ثم أدَّاها وهو يعلم أن هذا هو خطه، لكنه نسي الواقعة، نسيها نهائيًّا، لكن يعلم أن هذا خطه، فهل يجوز أن يشهد وتُقبل شهادته ولَّا لا؟

المشهور من المذهب أنه لا يجوز حتى يتذكر الواقعة، ولكن الصحيح -بلا ريب- أنه يجوز أن يشهد؛ لأنه ما دام أنه يعرف أن هذا خطه وتيقنه مثل الشمس فليس بشرط أن يتصور، أو أن يتذكر الواقعة، وما فائدة التعليم بالقلم؟ الله تعالى امتنّ على العباد قال:{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [العلق: 4]، والقلم فيه فصل الأشياء الخطيرة، لولا القلم لضاع الناس في دينهم ودنياهم، ولكن الله تبارك وتعالى جعل هذا القلم حافظًا لأمور لا تحفظها الذاكرة.

فالصواب -بلا ريب- أنه إذا كان يعرف أن هذا خطه فله أن يشهد به ولو كان قد نسي، ولو أننا أخذنا بما قاله الفقهاء في المذهب، لو أخذنا به لكان كثير من الشهادات اليوم تُلغى، لو أتيت بواحد قد كتب شهادته منذ خمسين سنة، قلت: تأكدت من هذه القضية؟ قال: ما أذكر، لكن أشهد أن هذا خطي. على المذهب تبطل هذه الشهادة حتى يتذكر هو بنفسه أنه وقع هذا الشيء، ولكن الصحيح -بلا ريب- أنها لا تبطل هذه الشهادة، وله أن يشهد بها.

ما حجة المذهب؟ يقولون: لأن الخط قد يُقلَّد، وهذا صحيح أن الخط قد يُقلَّد، لكنه مهما قُلِّد فإن الإنسان يعرف خطه؛ لأن هناك ميزات مثل ما تعرف الخط بوجه ولو كان به شبيه بوجه تعرف الخط.

ص: 3913

فالصواب أنه وإن قُلِّد، لكن لا يمكن أن يكون مثل خط الإنسان مئة بالمئة أبدًا، ولا بد أن يعرفه، ثم هذا الاحتمال يرد علينا في أشياء كثيرة أيضًا، كل شيء يمكن أن يُقلَّد حتى صوت الإنسان إذا بغى يشهد على (

) فقد يُقلَّد، افرض أن الشاهد أعمى، الآن الطريقة التي يدلي بها الشهادة أو تحمله السماع؛ لأنه لو شهد بشيء مقروء على فِعله نقبله ولَّا لا؟

ما نقبله، ما يمكن يكون شاهد، لكن لو شهِد على شيء مسموع تُقبل شهادته؟

طالب: تُقبل.

الشيخ: أليس يمكن أن يأتي واحد عفريت يقلد الشخص بنفسه؟

هنا توقف الشيخ رحمه الله عن شرح متن الزاد إلى الشرح من مذكرة أخرى.

لو أن الاحتمالات العقلية أُلْحِقَت بالأمور الخبرية لكان كل خبر يمكن أن يدخله الاحتمال ونُبْطِلَه بهذا الاحتمال.

طالب: (

).

الشيخ: الوصايا أيضًا قد يوصي الإنسان بوصية قديمة مكتوبة، ويرجع الكاتب ويشهد أن هذا خطه فيشهد بها، ويكون عند الموصي وصية أخرى ناسخة للوصية الأولى، وتعرفون أن الوصية يجوز الرجوع فيها، ويكون الشاهد الأول لم يعلم برجوعه، ومع ذلك نحكم بها حتى يثبت الرجوع.

ص: 3914

يشترط أيضًا الإسلام إلا ما استثني (

) الرابع الإسلام، وخرج بقيد الإسلام ما عداه من الأديان من اليهودية والنصرانية والوثنية وغيرها، فلا بد أن يكون الشاهد مسلمًا؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول:{أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وقال:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282]، والخطاب هنا لمن؟ للمؤمنين فيشترط الإسلام، ولأن الكافر غير مأمون؛ لأنه يقول على الله ما هو باطل، والقائل على الله ما هو باطل يمكن أن يقول على عباد الله ما هو باطل، ولأن الله تعالى أمرنا بأن نتوقف في خبر الفاسق؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: 6]، وإذا كان يجب علينا أن نتوقف في خبر الفاسق فخبر الكافر من باب أولى، إلا ما استثني، والذي استثني من ذلك ما ذكره الله تعالى في سورة المائدة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] هذا الخطاب للمسلمين {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} لكن بشروط {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} أي: في السفر، يعني السفر {أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} ما تستطيعون أن تؤجِّلوا الوصية؛ لأن الموت حضركم، والكلام أيضًا في الوصية {حِينَ الْوَصِيَّةِ} ، فهذه الشروط كم؟ ثلاثة، الوصية في السفر، قلنا: الثالث؟

طلبة: (

).

ص: 3915

الشيخ: لا، ما هو شرط، الوصية في السفر، وأن لا يوجد غيره؛ لقوله:{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} فـ (أو) هنا ليست للتخيير، ولكنها للترتيب والتنويع؛ يعني: هذا أو هذا، ثم قال الله تعالى:{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ} [المائدة: 106] إلى آخره، فالفقهاء رحمهم الله قالوا: هذه المسألة تُستَثْنى من اشتراط الإسلام، وهي الوصية في السفر لمن حضره الموت، وليس عنده مسلم لماذا؟ قالوا: لأجل الضرورة؛ لأن الآن نحن في ضرورة إلى قبول شهادة هذا الكافر فنقبله، فهل يلحق به جميع الضرورات؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يُلحَق به جميع الضرورات، وقال الفقهاء: لا، نقتصر على الوارد؛ لأن الأصل اشتراط الإسلام فلا نخصص هذا الأصل إلا بما ورد به النص.

هل يُخَصُّ بالوصية ولَّا لا؟ يعني: هل يكون هذا في الوصية أو في كل معاملة إذا كان ذلك في السفر، ولم يوجد غير هؤلاء الكافرين؟

الصحيح أنه ليس خاصًّا بالوصية؛ لأن الآية نزلت في قضية معينة كما عُرِفَ في أسباب النزول وفي قوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] ما يشمل اليهود والنصارى وغيرهم، وتخصيص هذا باليهود والنصارى ليس بصحيح، وإن كان المذهب يُخَصِّصُونه بأهل الكتاب، ولكن الصواب العموم.

إذن الذي استُثْنِي هو شهادة الكافر في حال الضرورة في السفر، ولكنه خاصٌّ بالوصية ولَّا في غير الوصية؟

فيه خلاف، والصحيح

العموم،

لو كان الإنسان في ضرورة إلى شهادة الكافر في الحضر؛ على رأي شيخ الإسلام يجوز، وعلى الرأي الثاني لا يجوز.

طالب: تصوير المسألة في الوقت الحاضر.

ص: 3916

الشيخ: تصوير المسألة في الحاضر؛ لنفرض إنسانًا حصل عليه حادث، وليس حوله إلا أناس كفار، يشتغل مثلًا مع أناس كافرين في نفس البلد، وحصل عليه حادث، وأراد أن يوصي بوصية وليس عنده إلا هؤلاء الكفار، فهذا الآن في ضرورة، لكنه ليس في السفر، فعند شيخ الإسلام يقول: يصح؛ لأن العبرة بالضرورة، والمذهب يخصون ذلك بالسفر؛ لأنهم يقولون: إن الأصل اشتراط الإسلام، فلا نخصصه إلا بما جاء به النص فقط.

طالب: (

) الآية (

).

الشيخ: يعني: (

) القسم بالله.

الطالب: إي نعم.

الشيخ: هو على كل حال إذا كان يعظم الله قد يكون مفسدًا ولكن يعظم الله، بناء على تعظيم المسلمين الذين يستحلفونه، فإذا قَدَّرْنا أن القسم بالله ما يفيد؛ لأنه لا يهمه أن يعظم الله أو لا يعظم الله، حينئذ لا يمكن الحكم بشهادته، ثم إن قوله:{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106] مشروط بقوله: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} ، ومفهوم الآية إذا لم نرتب فإننا لا نحلفه.

الخامس العدالة، والعدالة في اللغة الاستقامة، وفي الاصطلاح استقامة الدين والمروءة؛ فاستقامة الدين ألَّا يفعل كبيرة ولا يُصِرُّ على صغيرة، واستقامة المروءة ألَّا يفعل ما يُذَمُّ عليه عُرْفًا هذه هي العدالة، والدليل على اشتراطها قوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] في عدة آيات، ولأن غير العدل لا يُؤْمَن، بل هو لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] والشهادة إتيان بنبأ؛ فلا بد أن نتبين خوفًا من أن نصيب قومًا بجهالة، وإذا فسَّرنا العدالة بهذا التفسير؛ بأنها استقامة الدين والمروءة، فهل يمكن أن نجد من تنطبق عليه؟ هذه العدالة في وقتنا الحاضر ..

طالب: قليل.

ص: 3917

الشيخ: قليل جدًّا؛ مثلًا الغيبة من كبائر الذنوب، إذا اغتاب الإنسان رجلًا واحدًا مرة واحدة صار بذلك فاسقًا ما لم يَتُبْ، فمن الذي يَسْلَمُ من الغِيبة اليوم؟ والغيبة لو تقول: هذا الرجل مثلًا تصفه بصفات عيب في جسمه صار ذلك من الغيبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الْغِيبَةُ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» (1) من عيبٍ خُلُقِيٍّ أو خَلْقِيٍّ أيضًا.

مسألة الإصرار على الصغيرة، الآن الإصرار على الصغيرة بكثرة، ومنها مثلًا الإصرار على حلق اللحية أو على الدخان أو ما أشبه ذلك من الصغائر، فهل نقول: إن هذا الشيء إذا وجد ما نقبل الشهادة؟ فيه صعوبة؛ ولهذا اختار شيخ الإسلام رحمه الله أن العدالة شرطٌ عند الإمكان، وإذا لم يمكن فليست بشرط، ولكن الشرط الذي لا بد منه قوله تعالى:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] المهم يكون هذا مرضيًّا عند الناس، أمَّا مَنْ ليس بمرضيٍّ لكونه معروفًا بعدم المبالاة، وما أشبه ذلك، فهذا لا يُقْبَل، ونحن الآن نعرف أناسًا مُصِرِّينَ على بعض الذنوب يستحقون بها أن يُسْلَبوا العدالة، حسب تطبيق هذا التعريف على العدالة ومع ذلك أخبارهم موثوقة ومرضية عند الناس، وهذا أمر مشاهد، فهل نقول: إن مثل هؤلاء لا يُسْتَشْهَدُون؟ فيه صعوبة.

ص: 3918

فالذي أرى في هذه المسألة ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية؛ أن العدالة هي الاستقامة، وأن المراد بالاستقامة هنا ما كان مستقيمًا عند الناس بحيث يرضونه، وهذا لا ينافي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]، فإن الله لم يأمر بردِّ خبر الفاسق مطلقًا، بل قال:{تَبَيَّنُوا} ؛ يعني: تبينوا الأمر، وانتظروا حتى يحصل البيان، فإذا علمنا بأن هذا الرجل موثوقٌ في قوله، وإنه ما يمكن أن يقول إلا ما هو حق؛ فإنه لا مانع من أن نقبل شهادته، وهذا هو الذي عليه عُرْف الناس اليوم، فتجد في المحكمة مثلًا مَنْ يشهدون وهم حالقو لحاهم، وتجد فيهم في المحكمة مَنْ يشهد وهو معروف بأنه يغتاب الناس، ولكن الناس يثقون بقوله في الشهادة؛ لهذا القولُ بأنه لا بد من استقامة الدين والمروءة مشكل، في المروءة الآن لو خرج الإنسان لابسًا إزارًا ورداء وعمامة ويش رأيكم؟

طلبة: (

).

الشيخ: هذا خلاف المروءة ولّا لا؟

طالب: لا.

الشيخ: إزار ورداء وعمامة، (

) المروءة ونطالبه الآن، يفعل، لكن نريد من أهل نجد، هذا يخالف المروءة؟ كذلك أيضًا لو كان يمشي في السوق ومعه فصفص (

)، ويش رأيكم؟

طالب: (

).

الشيخ: كيف اختلافهم؟

الطالب: (

).

الشيخ: إي نعم، وبم ترتضي؟

طالب: (

).

الشيخ: لا يخالفهم (

) صحيح، هذا هو الواقع، كان الناس في الأول يرون أن الأكل في السوق أو الشرب في السوق يرونه مخالفًا للمروءة، والآن هي مطاعم في السوق والناس على عتبات الدكاكين يشربون الشاي والقهوة (

).

ص: 3919