الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طالب آخر: لأن المعاملات خلاف ذلك (
…
) البيع، خلاف غيرها.
الشيخ: إي، معناه إذا كان خلاف غيرها يجوز الربا معه.
الطالب: الحربي أو غير الحربي لا تعامل إلا بوفق الشرع.
الشيخ: يعني: المعاملات يجب أن تكون على وفق الشريعة ولو كان مع الحربيين؛ لأنه لما جرى البيع بينك وبين هذا الحربي فقد أعطيته أمانًا، لاحظوا هذه المسألة، ما دمت عقدت عقدًا بينك وبين الحربي فقد أعطيته أمانًا، وإذا أعطيته أمانًا صار ماله معصومًا.
***
[باب بيع الأصول والثمار]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب بيع الأصول والثمار).
أفرد المؤلف رحمه الله بيع الأصول والثمار ببابٍ مستقل لكثرة فروعه، وإلا فهو داخل في ضمن باب البيوع.
فالأصول جمع أصل، والثمار جمع ثمرة. فما هي الأصول؟
الأصول هي الأشياء الثابتة من العقار والأشجار والدور والأرض، وهذا هو مرادنا بقولنا: العقار، هذه هي الأصول: الشيء الثابت من أرضٍ أو دارٍ أو أشجار، والثمار ما ينتج من الأشجار، فالنخلة تعتبر أصلًا، وثمرها ثمر؛ لأنه نامٍ منها.
والمقصود بهذا الباب، ليس المقصود الكلام على شروط البيع؛ لأن شروط البيع قد سبقت، ولا على موانع البيع؛ لأن موانع البيع أيضًا سبقت، ولكن المقصود بيان ما يدخل في البيع وما لا يدخل.
فيقول المؤلف رحمه الله: (إذا باع دارًا شمل أرضها، وبناءها، وسقفها، والباب المنصوب، والسلم والرف المسمرين، والخابية المدفونة) إلى آخره.
(إذا باع دارًا) فقال: بعت عليك هذه الدار بكذا، فلا بد أن يكون الثمن معلومًا كما هو ظاهر، ولا بد أن تكون الدار ملكًا للبائع أو له ولاية عليها أو وكالة، لكن المهم إذا باع دارًا فما الذي يدخل في الدار؟
يقول: (يشمل الأرض)، إلى أين؟ إلى الأرض السابعة، ويشمل أيضًا الهواء؛ هواءها إلى أين؟ إلى السماء الدنيا، أما ما وراء السماء الدنيا فلا يملك ذلك؛ لأن السماء الدنيا سقف فليست ملكًا.
كذلك أيضًا يشمل (بناءها)، (بناءها) أي: ما بُني فيها من الحُجَر والسور وما أشبه ذلك، ويشمل (سقفها)؛ لأنه تابِع لما بُني فيها، ويشمل أيضًا (الباب المنصوب)، الباب المنصوب يعني المركب، فإذا باع عليَّ دارًا ثم أراد أن يأخذ أبوابها، قلنا: لا؛ لأن الباب داخل في الدار، هذا إذا كان منصوبًا، إما مسمَّرًا إن كان مما يُنصب بالتسمير أو مبنيًّا عليه، المهم إذا كان منصوبًا، فإن لم يكن منصوبًا؛ بأن كان هذا الباب على فوهة الحجرة، يأخذه بيديه إذا أراد يدخل، وإذا دخل الحجرة وأراد يغلقه رده إلى مكانه، فالباب هنا منصوب أو غير منصوب؟ غير منصوب، هل يدخل في البيع؟ يقول المؤلف: إنه لا يدخل، فللبائع أن يأخذه؛ لأنه ليس منصوبًا؛ إذ لو أراد البائع أن يكون هذا تابعًا للدار لنَصَبَه، فهو كالخِرقة مثلًا إذا كانت الخرقة أيضًا غير مسمرة يأخذها البائع.
(والباب المنصوب والسلم والرف المسمرين) السُّلَّم الذي يُصعد به إلى السَّقف إذا كان مسمَّرًا يدخل، فإن لم يكن مسمَّرًا فإنه لا يدخل، وكذلك الرف إن كان مسمَّرًا دخل وإلا فلا.
إذا كانت أيدي الرف مُسمَّرة والخشبة التي هي الرف موضوعة على هذه العضائد، فهل يدخل في البيع؟
نقول: أما العضائد فتدخل؛ لأنها مسمرة، وأما الخشب الموضوع فإنه لا يدخل؛ لأنه غير مُسمَّر.
ومثل ذلك الرَّحَى، البيت فيه رحى أسفلها يدخل في البيع؛ لأنه مبنيٌّ ثابِت، والرحى الفوقاني لا يدخل في البيع؛ لأنه يُنزع.
(والخابية المدفونة) الخابية مجمع الماء وشبهها، إذا كانت مدفونة دخلت، وإن كانت موضوعة على سطح الأرض فإنها لا تدخل كسائر الأواني.
وما ذكره المؤلف رحمه الله ليس له دلالة شرعية، وإنما له دلالة عُرفية، فهذه الأمور في أعرافهم لا تدخل، فلا يكون البيع شاملًا لها، لكن لو اختلف العُرف وصار الباب داخلًا في المبيع سواءٌ كان منصوبًا أو غير منصوب، فهل يدخل؟
نعم، كذلك أيضًا مسألة الرف الذي مثَّلنا به، عضائد الرف مسمَّرة وثابتة، ولكن الخشب الذي يوضع على هذه العضائد غير مسمَّر، جرت العادة أنه تَبَع، العرف أنه تبع فيدخل.
أيضًا الرَّحى الطبقة السفلى منها مسمرة بالأرض أو مبنية، والعليا غير مسمَّرة.
يقول المؤلف: إن العليا لا تدخل، ولكن لا شك أن الطبقة العليا تدخل؛ لأنه هل يمكن أن تكون رحى بدون طبقٍ أعلى؟ لا يمكن، ثم هو إذا أخذ هذه العليا لن ينتفع بها إلا بسفلى.
فالصواب أيضًا في مسألة الرَّحى أنها داخلة إذا كانت منصوبة بالأرض؛ يعني: مثبتة يدخل الأعلى كما يدخل الأسفل.
قال: (دون ما هو مودع فيها من كنز وحجر) الكَنْز مُودَع في الأرض، فلا يدخل في البيع؛ لأنه منفصل، فإذا وَجد المشتري في هذه الأرض كَنْزًا فإنه لا يدخل في البيع، بل يكون لصاحبه، إذا كان مكتوبًا عليه أو ما أشبه ذلك يُردُّ إلى صاحبه، وإن لم يكن مكتوبًا عليه فإنه لمن وجده؛ لأنه ليس داخلًا في البيع؛ وعلى هذا فلو وجد المشتري كنزًا مدفونًا، فليس للبائع أن يطالبه وأن يقول: إن الكنز لي، حتى يثبت ببينة أنه له؛ لأن الكنز لا يتبع الأرض، سواء جاءت من البائع أو وجدها المشتري أو باع الدار بعد ذلك، المهم أن الكنز لا يدخل.
وقوله: (وحجر)، كيف (حَجر)؟ ربما بعض الأحجار يكون لها قيمة، فتدفن في الأرض، فيجدها هذا الرجل، فنقول: إن هذا الحَجر لا يدخل في الدار، لماذا؟ لأنه مودَع فيها، فإذا كان مودعًا فيها فإنه لا يدخل.
أما الحَجر الذي من طبيعة الأرض، فهل يدخل أو لا؟ نعم يدخل؛ لأنه من طبيعة الأرض.
كذلك لا يدخل فيها ما هو منفصل، المنفصل عن البيت لا يدخل؛ مثاله:(كحبل ودَلْوٍ وبَكْرة وقُفل وفُرش ومفتاح) لا يدخل في البيع، لماذا؟ لأنه منفصل.
الأمثلة؛ يقول رحمه الله: الحبل والدلو والبَكْرة، كل هذا تتعلق بالبئر، فإذا باع دارًا فيها بئر وهذا البئر فيه بَكْرة، وفيه حبل؛ الرِّشا، وفيه دلو؛ فإن البكرة لا تدخل، أتدرون ما هي البكرة؟ المَحَّالة، أتدرون ما المَحَّالة؟ التي يدور عليها الرِّشا -بالكسر-. الرِّشا أيضًا لا يدخل، الدلو لا يدخل.
وظاهر كلام المؤلف أن البكرة لا تدخل ولو كانت مسمَّرة، وفي هذا نظر؛ لأنها إذا كانت مسمرة فقد أُعدِّت أيش؟ للبقاء فهي كالرفِّ المسمَّر ولا فرق، أمَّا الرِّشا والدَّلو فنعم منفصل لا يدخل البيع.
كذلك القفل ليس داخلًا في بيع الدار، لماذا؟ لأنه منفصل، وأما الكالون الذي في نفس الأبواب فهو تبعٌ للأبواب، إن دخلت دخل وإن لم تدخل لم يدخل.
الفُرُش أيضًا لا تدخل؛ لأنها منفصلة، وظاهر كلام المؤلف: حتى وإن كانت ملصقة كما يوجد في الفرش الآن، فيه فرش ملصقات بالأرض، وفرش تُحمَل، منفصلة. لكن قد يقال: إن الفرش الملصقة كالرَّف المسمَّر، تدخل في البيع ولا تُنزع.
المفتاح لا يدخل في البيع، وعلى هذا فإذا بعت عليك دارًا أخذت المفاتيح، وهذا يقولون: لأنه منفصل، ولكن هذا خلاف العادة والعرف، ولا شك أن المفاتيح داخلة، وأن الفرش فيها تفصيل؛ ما كان ملصقًا ثابتًا فهو داخل وما كان منفصلًا ينقل فهو غير داخل. (
…
)
***
طالب: اشترى رجل من صائغ مجوهرات، ثم بدا له أن يرجعها ويأخذ ثمنها، فأرجعها ويريد أن يأخذ بثمنها غيرها، فهل يأخذ النقود من البائع أو يشتري (
…
).
الشيخ: قال الإمام أحمد رحمه الله: يبيعها على هذا الصائغ ثم يأخذ الثمن ثم يبحث في السوق فإن وجد شيئًا وإلا رجع واشترى منه.
الطالب: وإذا اشترى منه مباشرة؟
الشيخ: فلا بأس، لكن الأحسن ألا يكون.
الطالب: وإذا اشترى منه مباشرة؟
الشيخ: هذا إذا باعها عليه بيعًا، أما إذا فُسخ البيع الأول وهو ما اتفقا عليه ولا قُصد به الحيلة، فليشترِ فورًا منه ولا بأس.
الطالب: ولكن المشتري يقول: لا أفسخ العقد حتى تشتري؟
الشيخ: إي، إذن معناه أنه لا بد من هذا، يقال: والله أنا ما يصلح؛ لأنه إذا اشترط أن يشتري منه لزم أن يأخذ عوضًا عن هذه الدراهم ذهبًا يحرُم فيه التفاضل بينه وبين الذهب الأول.
الطالب: ولكن يا شيخ (
…
) ويأخذ ذهبًا جديدًا يرجع الأفضل.
الشيخ: لكن مشروط عليه، حيلة.
الطالب: وإذا لم يشترط؟
الشيخ: كما قلت لك: إذا لم يشترط وأعطاه الدراهم ثم يذهب ويبحث في السوق إن وجد وإلا رجع إليه.
الطالب: ولكن الآن (
…
)؟
الشيخ: هو على كُلِّ حال الأحوط ما قاله الإمام أحمد، لكن إذا لم يكن مواطأة ولا اتفاق ولا شرط، فلا بأس، إلا أنه لا بد من إحضار الدراهم.
الطالب: ويقبضها يا شيخ؟
الشيخ: إذا أحضرها فهذا قبض، ما يحتاج.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: يعني: يقرضه علشان يكمل؟
الطالب: إي نعم، ولكن مثلًا يعيدها بضاعة؟
الشيخ: ما يصلح هذا، لكن يعطيه الدراهم اللي هي ورق، ويأخذ الموزون ويقول الباقي ما عليه عقد، الباقي يبقى عندك أمانة.
الطالب: يأخذ يا شيخ الخمسين ورقة يا شيخ ثم يبيعها مثلًا؟
الشيخ: الآن هو أعطانا خمسين يريد أن يأخذ عشرة، يعني: عشرة معناه خمس أفراد من العشرات ولّا لا؟ ما وجد إلا ثلاثًا، نقول: خذ ثلاثة الآن وما زاد يبقى أمانة عند البائع.
طالب: (
…
) من الذهب ونحوه وليس عنده مال، فيذهب إلى الصائغ ويأخذ منه كقرض أو ذهب ثم يقول له بعد أن تأتي القوائد بعد الزواج.
الشيخ: بعد أيش؟
الطالب: بعد الزواج تأتي القوائد.
الشيخ: تأتي أيش؟
الطالب: القوائد؛ التي تسمى بالقوائد.
الشيخ: ويش القوائد؟
الطالب: ظروف تأتي فيها أموال كهدايا أو مساعدات لهذا المتزوج من قِبل الناس، فيأخذ هذا المال
…
الشيخ: لا، الأحسن يأخذ ذهبًا بسيارة.
الطالب: كيف ذهبًا بسيارة؟
الشيخ: إي نعم، يشتري ذهبًا بسيارة، يعني: يأخذ ذهبًا عوضه خمسون ألفًا، بسيارة تساوي ستين ألفًا.
الطالب: ما فهمت؟
الشيخ: ما تفهم هذا؟
الطالب: لا.
الشيخ: أفهمتم يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: أنا جئت للصائغ وقلت: أريد ذهبًا قيمته خمسون ألفًا، لكن ما معي فلوس إلا أني أبغي أشتريه منك بسيارة، أحضرها لك بعد ستة أشهر أو بعد سنة، صفتها كذا وكذا، واضح؟ ليش؟ لأن السيارة مع الذهب ليس بينهما ربا.
طالب: إذا باع سيارة ما الذي يدخل في البيع وما الذي لا يدخل؟
الشيخ: إذا باع السيارة؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: كل السيارة تدخل.
الطالب: يكون فيها أشياء منفصلة.
الشيخ: مثل؟
الطالب: الكَفَر (
…
) السبير.
الشيخ: السبير، على كلام الفقهاء ما يدخل؛ لأنه منفصل.
***
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصاحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ما هي الأشياء التي إذا تلفت فهي من ضمان البائع؟
طالب: سبعة يا شيخ، المكيل، والموزون، والمذروع، والمعدود، وما بيع برؤية سابقة، والثمر على رؤوس النخل، وما منع المشتري البائع من (
…
).
الشيخ: إذا تلف المبيع بكيل أو نحوه بآفة سماوية، الحكم؟
طالب: هنا (
…
).
الشيخ: ماذا يكون؟
الطالب: إن كان قبل القبض فيكون بضمان الـ ..
الشيخ: إي ما قبضه، معلوم، بعد القبض دخل في ضمانه.
الطالب: يرجع المشتري على البائع.
الشيخ: يعني: انفسخ البيع ولّا إيه؟
الطالب: ينفسخ البيع.
الشيخ: ينفسخ البيع؛ لأنه على ضمان البائع فتلِف فينفسخ البيع.
إذا أتلفه آدمي؟
طالب: هذا من باب الربا (
…
).
الشيخ: عجيب!
طالب: (
…
).
الشيخ: يعني: قل لي كلامًا من عندك.
الطالب: (
…
).
الشيخ: إذا فسخ العقد يرجع على البائع بالثمن.
الطالب: (
…
).
الشيخ: يُمضي العقد ويطالب ببدله.
المؤلف قال: (ببدله)، ولم يقل: بقيمته؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لأنه.
الطالب: (
…
).
الشيخ: ضمنه بمثله.
الطالب: إذا كان مقومًا فبقيمته.
الشيخ: فبقيمته. إذن تكون كلمة بدل أعم من كلمة قيمة مثلًا.
ضمان البائع لِما منع قبضه، ما نوعه؟ من أي أنواع الضمانات؟
طالب: ضمان غصب.
الشيخ: ضمان غصب، صح؛ لأنه غاصب حيث منع صاحبه من قبضه.
ما حكم الإقالة بالنسبة لطالبها، وبالنسبة لمجيزها؟
طالب: بالنسبة لطالبها مباحة، وبالنسبة لمجيزها سُنَّة.
الشيخ: بالنسبة لطالبها مباحة، يعني: يجوز للإنسان أن يقول للبائع: أقلني البيعة، أو البائع يقول للمشتري: أقلني البيعة، وبالنسبة لمجيزها سُنَّة.
ما هو الدليل على سُنِّيَتها؟
طالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا بَيْعَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ» (14).
الشيخ: طيب هذا الدليل، التعليل؟
طالب: لأن المشتري الذي اشترى سلعةً لم يتغير رأيه ..
الشيخ: ما يحتاج، تعليل؟
الطالب: (
…
).
طالب: لأنها إحسان.
الشيخ: أحسنت؛ لأنها من الإحسان، والإحسان أمرٌ مطلوب، أما ما أردت أن تتحدث عنه يا فؤاد، فأنت الآن تتحدث عن سبب الإقالة أو سبب طلبها، نحن لا نسأل عن ذلك، نسأل أنها من الإحسان.
يقول المؤلف: (إنه لا خيار فيها ولا شفعة)، فما معنى هذا الكلام؟
طالب: لأنها ليست من البيع وكذا.
الشيخ: لكن ما معناه؟ أنا ما أريد تعليله. ما معناه؟ (لا خيار فيها ولا شفعة).
الطالب: أي ليس فيها خيار؛ لا خيار شرط.
الشيخ: وخيار مجلس؟
الطالب: وخيار مجلس.
الشيخ: ولا شفعة؟
الطالب: ولا شفعة.
الشيخ: طيب. هات مثلًا لهذا؟
الطالب: لو أقال البائع المشتري أو العكس.
الشيخ: ما يحتاج (أو العكس).
الطالب: لو أقال أحدهما الآخر قبل أن ينفصل ..
الشيخ: هما في مكان واحد الآن.
الطالب: قبل أن ينفسخ المجلس، فيرجع عليه بالثمن.
الشيخ: فهل له الخيار بعد أن أقاله؟
الطالب: ليس له الخيار.
الشيخ: ليش؟ لأنها ليست بيعًا بل هي فسخ.
الطالب: فسخ، وليست بيعًا.
الشيخ: ولا شفعة؟ صورة المسألة؟
طالب: مثل: زيد وعمرو شريكان في أرض، فجاء بكر واشترى من زيد هذه القطعة.
الشيخ: نصيبه من الأرض.
الطالب: نصيبه من الأرض، ثم قال بكر لزيد: أقلني الأرض، ما أريد أن أشتريها، فأقاله، فلا يجوز لعمرو أن يُشَفِّع نصيبه من عمرٍو بعد أن أقال البائع المشتري.
الشيخ: إي، فهمتم الصورة؟
وإن باعَ أَرْضًا - ولو لم يَقُلْ بحقوقِها - شَمِلَ غَرْسَها وبِناءَها، وإن كان فيها زَرْعٌ كَبُرٍّ وشَعِيرٍ فلبائعٍ مُبْقًى، وإن كان يُجَزُّ أو يُلْقَطُ مِرارًا فأُصولُه للمُشْتَرِي ، والْجِزَّةُ واللُّقَطَةُ الظاهرتان عندَ البيعِ للبائعِ، وإن اشْتَرَطَ المشتَرِي ذلك صَحَّ.
(فصلٌ)
ومَن باعَ نَخْلًا تَشَقَّقَ طَلْعُه فلبائعٍ مُبْقًى إلى الجِذاذِ إلا أن يَشترِطَه مُشْتَرٍ، وكذلك شجرُ العِنَبِ والتوتِ والرُّمَّانِ وغيرِه، وما ظَهَرَ من نَوْرِه كالْمِشْمِشِ والتُّفَّاحِ وما خَرَجَ من أَكمامِه كالْوَرْدِ والْقُطْنِ وما قَبلَ ذلك والوَرَقُ فلِمُشْتَرٍ، ولا يُباعُ ثَمَرٌ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه ولا زَرْعٌ قبلَ اشتدادِ حَبِّه ولا رَطْبَةٌ وبَقْلٌ ولا قِثَّاءٌ ونحوُه كباذنجانٍ دونَ الأصْلِ إلا بشَرْطِ القَطْعِ في الحالِ أو جزَّةً جزَّةً، أو لُقْطَةً لُقْطَةً، والحصادُ والجِذاذُ واللُّقاطُ على الْمُشْتَرِي، وإن باعَه مُطْلَقًا أو بشَرْطِ البقاءِ
الشيخ: خيار مجلس.
الطالب: خيار مجلس؛ لأنها فسخ.
الشيخ: ولا شفعة.
الطالب: ولا شفعة.
الشيخ: هات مثلًا لهذا؟
الطالب: لو أقال البائع المشتري أو العكس.
الشيخ: ما يحتاج (أو العكس).
الطالب: يعني لو أقال أحدهما الآخر قبل أن ينفصل ..
الشيخ: هما في مكان واحد الآن.
الطالب: قبل أن ينفسخ المجلس، فيرجع عليه بالثمن.
الشيخ: فهل له الخيار بعد أن أقاله؟
الطالب: ليس له الخيار.
الشيخ: ليش؟
الطالب: لأنه فسخ.
الشيخ: لأنها ليست بيعًا، بل هي فسخ.
الطالب: فسخ، وليست بيعًا.
الشيخ: طيب، ولا شفعة؟ صورة المسألة؟
طالب: مثل: زيد وعمرو شريكان في أرض، فجاء بكر واشترى من زيد هذه القطعة.
الشيخ: نصيبه من الأرض.
الطالب: نصيبه من الأرض، ثم قال بكر لزيد: أقلني الأرض، ما أريد أن أشتريها. فأقاله، فلا يجوز لعمرو أن يُشَفِّع نصيبه من عمرٍو بعد أن أقال البائع المشتري.
الشيخ: إي، فهمتم الصورة؟ الصورة ثلاثية: باع زيدٌ على عمرٍو نصيبًا من أرض يشاركه فيها بكر، فالأصل أن زيدًا وبكرًا شريكان، فباع زيدٌ على عمرو نصيبه، ولم يُشَفِّع بكرٌ، أجاز البيع وملكها المشتري، ثم بعد ذلك رغب أن يقيله، فأقاله، فهل لشريكه الأول أن يُشَفِّع أو لا؟
لا؛ لأن هذا ليس ببيع، لكن لو باعها المشتري على الذي باعها عليه أولًا، فهل لشريكه أن يُشَفِّع؟ نعم؛ لأنه انتقل في بيع.
***
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى في باب بيع الأصول والثمار: وَإِنْ بَاعَ أرْضًا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا شَمِلَ غَرْسَهَا وَبِنَاءَها، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ كَبُرٍّ وشَعِيرٍ فَلِبَائِعٍ مُبَقًّى، وإن كان يُجَزُّ أو يُلْقَطُ مِرارًا فأصولُه للمشتري، والجَزَّةُ واللَّقْطَةُ الظاهرتان عند البيع للبائع، وإن اشترطَ المُشتري ذلك صحَّ.
الشيخ: بسم الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله:(باب بيع الأصول والثمار).
ما الفرق بين الأصول والثمار؟
طالب: الأصول جمع أصل، والمقصود بها الأراضي والأشجار والدور.
الشيخ: والدور، وسميت أصلًا؛ لأنها تبقى.
الثمار؟
الطالب: ما ينتجه الشجر.
الشيخ: نعم، نتاج الشجر والزرع، إذن الفرق أن الأصول هي الشيء الثابت كالأراضي والدور والعقارات وما أشبهها، وأما الثمار فهو نتائج الأشجار والزروع.
إذا باع دارًا وأراد البائعُ أن يأخذ الباب؛ أحد أبواب الحُجَر، هل يملك ذلك أو يشمل البيع؟
طالب: إن كان الباب منصوبا فلا يملك.
الشيخ: معنى منصوب؟
الطالب: يعني مُركَّب.
الشيخ: إن كان الباب مركَّبًا فإنه يدخل في البيع فلا يأخذه البائع، وإن كان ..
الطالب: غير مركب فللبائع.
الشيخ: لو قدرنا أن الباب مسنَّد الآن، سيُركب غدًا وباعها في الليل.
الطالب: يأخذه البائع.
الشيخ: يأخذه البائع، ما لم يشترط؟
الطالب: المشتري.
الشيخ: المشتري، تمام.
هل الكنز يدخل في بيع الدار؟
طالب: لا يدخل في بيع الدار.
الشيخ: لا يدخل في البيع.
الطالب: فإن كان عليه اسم فأعطي لمن عليه ..
الشيخ: لا، بس، السؤال محدد، إذن الكنز في الأرض لا يدخل، لماذا؟
الطالب: لأنه غير مقصود بيعه (
…
).
الشيخ: لا.
الطالب: غير متصل.
الشيخ: إي نعم؛ لأنه منفصل، بائن عن الأرض وليس عن الدار، وليس جزءًا من أجزاء الأرض.
إذا باع دارًا وفيها رحًى فأراد البائع أن يأخذ الحَجر الفوقاني.
طالب: على المذهب أنه له ذلك؛ لأنه منفصل، وعلى الراجح والصحيح -إن شاء الله- أنه ما يأخذه؛ لأنه لا يمكن أن يستفيد بهذه الرحى إلا بالذي فوقها.
الشيخ: إلا بالحجر الفوقاني، صحيح، المذهب يقول: الحجر الفوقاني من الرحى لا يدخل في البيع؛ لأنه منفصل، والصحيح أنه يدخل في البيع؛ لأنه تابع لأصله، وهو الحجر المثبَّت، أما إذا كانت رحى موضوعة على الأرض ولم تُبْنَ فإنها لا تدخل في البيع؛ لأنها منفصلة.
***
قال المؤلف: (وإن باع أرضًا ولو لم يقل بحقوقها شمل غرسها وبناءها).
إذا باع الأرض وفيها غرس فإن الغرس يتبع الأرض؛ لأن الغرس بالنسبة للأرض يعتبر فرعًا تابعًا لأصله، وكذلك البناء، إذا باع أرضًا وفيها بناء فإنه يدخل في بيع الأرض؛ لأن البناء بالنسبة للأرض فرع، فيتبع الأصل.
وقوله: (ولو لم يقل بحقوقها) إشارة إلى خلاف في هذه المسألة، وأنه إذا لم يقل بحقوقها فإن البناء والغِراس لا يدخل في الأرض، وعلى هذا فيُقدَّر له قيمة من جديد، وإلا فللبائع أخذُه، والصواب: أنه داخل في الأرض تبعًا لها.
وإن باع غرسًا فهل تدخل الأرض؟ إذا باع نخلًا –مثلًا- قال: بِعتُ عليك هذا النخل، فهل تدخل الأرض؟
لا، لماذا؟ لأن النخل فرع فلا يتبعه الأصل، الأرض أصل والنخل فرع، ولا يمكن أن يتبع الأصلُ الفرعَ، ولكن في عرفنا نحن وإلى عهد قريب، إذا قال: باع عليه نخله، أو باع عليه أثله، أو ما أشبه ذلك، فإنه يشمل الأرض، ولا يعرف الناس إلا هذا، وعليه فيجب أن تنزل الألفاظ على الحقائق العرفية، ما لم يُنص على أن المراد بها الحقائق اللغوية، فيتبع ما نصَّ عليه، وأما عند الإطلاق فالواجب حمل الألفاظ على لسان أهل العرف.
وهذه قاعدة مطردة: أن الواجب حمل الألفاظ على لسان أهل العرف، فما اقتضاه لسان أهل العرف وجب حمل اللفظ عليه، وما لا فلا.
(وإن كان فيها زرع كَبُرٍّ وشعير فلبائع مبقًّى، وَإِنْ كَانَ يُجَزُّ أَوْ يُلْقَطُ مِرَارًا فَأَصُولُهُ لِلْمُشْتَري، وَالجَزَّةُ وَاللَّقْطَةُ الظَّاهِرتَانِ عِنْدَ البيعِ للبائِعِ).
إذا كان في الأرض زرع فهو على نوعين:
إما أن يؤخذ مرةً واحدة كالبرِّ والشعير، فهذا يبقى للبائع؛ أي: لا يشمله البيع، كلامنا الآن فيما إذا باع أرضًا، فإن الزرع الذي لا يؤخذ إلا مرة واحدة؛ هذا يكون للبائع ما لم يشترطه المشتري، ويبقى –أيضًا- للبائع إلى الحصاد، فلو طلب المشتري أن يُخْلِيَ الأرض منه فليس له الحق في هذا، بل يقال: أنت اشتريتها وفيها الزرع، ومعلومٌ أن الزرع يبقى إلى الحصاد والجذاذ.
فإذا قال المشتري للبائع: احصده علفًا؛ لأن الزرع يصلح أن يكون علفًا للبهائم، وقال البائع: لا، أنا أريد أن أبقيه حتى يكون سنبلًا وحبًّا، فمَنْ نتبع؟ نتبع قول البائع؛ لأن البائع يملك إبقاء هذا الزرع إلى الحصاد.
القسم الثاني من الزرع: (إِذا كَانَ يُجَزُّ أَوْ يُلْقَطُ مِرَارًا فَالأصُولُ لِلْمُشْتَري، وَالجَزَّةُ وَاللَّقْطَةُ الظَّاهِرتَانِ عِنْدَ البيعِ للبائِعِ).
إذا كان هذا الزرع الذي في الأرض يُجز مرارًا، مثل البرسيم -القت- هذا يُجز مرارًا، يحصد اليوم ثم ينمو فيما بعد، ويحصد مرة ثانية وثالثة، ويبقى سنة أو سنتين على هذه الحال، وربما يبقى أكثر من ذلك حسب طيب الأرض ورداءتها، فهذا يقال: الأصول للمشتري، الأصول -يعني: العروق والجذوع- للمشتري، والجَزَّة الظاهرة تكون للبائع مبقَّاةً إلى أوانِ جزِّها عادة.
اللقطة كذلك: إذا كان هذا الزرع مما يلقط مرارًا مثل الباذنجان، واللوبيا، والملوخية والطماطم، وما أشبهها، فهذا الأصول للمشتري تبعًا للأرض، واللقطة الموجودة تكون للبائع مبقَّاةً إلى أوان أخذها.
فتبين بهذا أن الأرض إذا بيعت وفيها غراس؛ أي: غراس شجر، فهو تابع للأرض، تابعٌ لأصله، وإذا بيعت وفيها زرع لا يُحصد إلا مرة فإنه لا يتبع الأرض، بل يكون لِمَنْ؟ للبائع، وإذا كان فيها زرعٌ أو شجر صغير يُلقط مرارًا أو يُجز مرارًا، فالأصول للمشتري، والجَزة الظاهرة واللقطة الظاهرة تكون للبائع، هذا هو التفصيل.
كُلُّ هذا ما لم يشترط أحدهما على الآخر شرطًا يخالف ذلك، فعلى ما شُرط، ولهذا قال المؤلف:(وإن اشترط المشتري ذلك صح)، (إن اشترط ذلك) المشار إليه اللقطة الظاهرة والجزة الحاضرة، إذا قال المشتري: أنا لا أريد أن تدخل عليَّ كل يوم تلقط الثمرة الظاهرة أو تجز الحَصْدة الظاهرة، أنا أشترط عليك أن يكون لي، فقَبِل البائع فلا بأس، ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» (1) أي: المشتري، وكذلك قوله:«مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» (2).
كذلك نقول: من باع أرضًا وفيها زرعٌ يُجز مرارًا، واشترط المشتري أن تكون الجزة الظاهرة له فله ذلك؛ لأن المسألة حق لآدميِّ، وحق الآدميِّ له إسقاطه إذا لم يتضمن شيئًا محرمًا.
اتضح المقام الآن؟
فصارت الأشجار والزروع التي على الأرض المبيعة تنقسم إلى؟
طالب: إلى قسمين.
الشيخ: خطأ.
طالب: إلى ثلاثة.
الشيخ: إلى ثلاثة أقسام، الأول؟
الطالب: الأشجار (
…
).
الشيخ: الأول الأشجار، فما حكمها إذا بيعت الأرض وفيها أشجار؟
الطالب: حكمها: للبائع.
الشيخ: الأشجار للبائع؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: أشجار، نخيل، عنب.
الطالب: تبعًا للأرض.
الشيخ: تبعًا للأرض؟ لِمَنْ تكون؟
الطالب: للمشتري.
الشيخ: للمشتري.
إذا كان فيها زرعٌ يُجز مرارًا؟
طالب: هناك فرق، الجزة الأولى للبائع.
الشيخ: الجزة الموجودة تكون للبائع.
الطالب: وما بقي للمشتري.
الشيخ: والأصول للمشتري.
لو أن المشتري اشترط الجزة الظاهرة أن تكون له؟
الطالب: يصح.
الشيخ: يصح.
إذا باع أرضًا وفيها زرعٌ لا يحصد إلا مرة، كالبُرِّ والشعير.
طالب: فهو للبائع.
الشيخ: للبائع، إلى متى؟
الطالب: إلى حصاده.
الشيخ: نعم، إلى حين حصاده، بارك الله فيك.
وهل يلزم البائع في هذه الحال أجرةٌ للمشتري أو لا؟
طالب: لا يلزم.
الشيخ: لا يلزم، صحيح، لا يلزم؛ لأن له حقًّا ثابتًا.
الطالب: لأنه ظاهر.
الشيخ: نعم، ظاهر يعني: موجود.
الطالب: الناضجة.
الشيخ: لا، ليس الناضجة.
***
يقول: (فصلٌ: وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا تَشَقَّقَ طَلْعُهُ فَلِبَائِعٍ مُبَقًّى إِلَى الْجذَاذِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ مَشْتَرٍ).
هذا بيعُ النخل وليس بيعَ الأرض، إذا (باع نخلًا) النخلة نفسها باعها، (تشقق طلعه) يعني: انفرج؛ وذلك لأن النخلة أول ما تظهر ثمرتها تكون مغطاة بماذا؟
طالب: بالكافور.
الشيخ: نعم، بالكُفُرَّى، اسمها الكُفُرَّى، وعندنا نسميه باللغة العامية: الكافور.
مغطى، ثم إذا نما هذا العذق داخله انشق وانفرج، فإذا باع نخلًا تشقق طلعه فالطلع هنا يكون للبائع، إلا إذا اشترطه المبتاع، وإن لم يَتشقق فهو لِمَنْ؟ للمشتري؛ لأنه تبعٌ للشجرة.
الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» (1)، هذا هو الدليل، ولننظر هل الدليل مطابق للمدلول أو لا؟
الجواب: لا؛ لأن المؤلف رحمه الله علَّق الحكم بالتشقق سواء أبَّره البائع أو لا، والتَّأبير التلقيح، وما هو التلقيح؟ أن يؤخذ من طلع الفحل شيء يوضَع في طلع النخلة، فإذا وُضع صلحت الثمرة وإن لم يُوضع فسدت.
ولهذا لما قدم النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم المدينة وجدهم يؤبِّرون، فيرقى الفلاح إلى الفحل ويأخذ العِذْقَ ويجعل منه على ثمرة النخلة، فيصعد مرة وينزل ويصعد مرة وينزل مع التعب، فقال عليه الصلاة والسلام كلمةً معناها: لا أرى ذلك يغني شيئًا، فلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الكلام تركوه، لم يؤبروا النخل، فصارت النتيجة أن النخل فسد، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام بعد ذلك:«أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ» (3)، وتركهم يؤبِّرون، ومراده «أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ» ليس بالأحكام الشرعية فيها، ولكن بتصريفها والتصرف فيها، فنحن أعلم بالدنيا من حيث الصناعة، أما من جهة الأحكام فهي إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا أخطأ من قال: إن الدين الإسلامي لا ينظِّم المعاملات، واستدل بهذا الحديث، فنقول: هذا غلطٌ عظيم، الحديث ينظِّم حتى الثمر، أليس الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن تُباع الثمار قبل بدوِّ صلاحها؟ ! (4) أليس قال:«مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا» ؟ ! (1) هذا حكم، أحكام شرعية، لكن مسألة التأبير وعدم التأبير داخل في الصناعة، وهذا يرجع إلى التجارب، والناس يعرفون إذا كانوا مجربين أكثر ممن لم يكن مجربًا.
إذن ننظر، كلام المؤلف علق الحكم بماذا؟
طالب: بالتشقق.
الشيخ: بالتشقق، فمتى باع البائع نخلًا متشققًا طَلْعُه، فالطلع له، سواءٌ أبَّره أم لم يُؤبّره، لكن الحديث قال فيه الرسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:«مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ» (1)، ولا يصح الاستدلال بهذا الحديث على ما حكم به المؤلف رحمه الله، والصواب أن الحكم معلق بماذا؟ بالتأبير، هذا هو الصواب.
أولًا: لأن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم علقه به، وليس لنا أن نتجاوز ما حده الرسول عليه الصلاة والسلام.
ثانيًا: أن البائع إذا أبَّره فقد عمِل فيه عملًا يُصلحه وتعلقت نفسه به، بخلاف ما إذا لم يؤبره، لم يصنع شيئًا فيه، وعلى هذا فالصواب: أنه إذا باع نخلًا تشقق طلعه قبل أن يؤبره فالثمر للمشتري، وإن أبَّره فهو للبائع.
إذا أبر نخلة ولم يؤبر الأخرى فلكُلٍّ حكمه، تكون ثمرة النخلة المؤبَّرة للبائع، وثمرة النخلة غير المؤبرة للمشتري.
إن أبر بعض النخل؛ لأن الطلع قد لا يكون متساويًا كما هو الواقع، إن أبَّر البعض دون البعض فلِمَنْ؟ فللبائع، تغليبًا للتأبير؛ ولأنه من المعلوم أنه لا يمكن أن يؤبَّر النخلُ جميعًا إلا في هذه السنوات الأخيرة بالنسبة لبلادنا، فإنهم كانوا يؤبرونها جميعًا، ينتظرون قليلًا بعد أن تتشقق الأولى، ويشقون الصغار قبل أن تتشقق؛ ليوفر عليهم الطلوع والنزول للنخلة، كانوا في الزمن السابق -لما كان الناس نشطاء ومتفرغين- كان يمكن يصعد للثمرة -ثمرة النخلة- عدة مرات، يلقح أول الثمر ووسطه وآخره، أما الآن يقول: خلي، فاصبر شوي، الطلع المبكر، والطلع المتأخر يشقونه، ويلقحونها مرة واحدة.
على كُلِّ حال إذا كانت نخلة قد أُبِّر بعضها ولم يُؤبَّر الآخر فإنها تتبع المؤبَّر، وتكون لِمَنْ؟ وتكون للبائع.
إذا قال قائل: لماذا عدل الفقهاء رحمهم الله أو من عدل من الفقهاء عن التأبير إلى التشقق؟
قالوا: لأن التشقق هو سبب التأبير، فعلق النبي صلى الله عليه وسلم الحكم بالتأبير والمراد سببه.
فيقال: من أين الدليل على أن هذا هو مراد الرسول عليه الصلاة والسلام؟ وكلامه صريح واضح، فكيف يجوز لنا أن نحرِّفه إلى معنى آخر خلاف ظاهر اللفظ؟ ثم إن العلة في كون الثمر للبائع بعد التأبير واضحة، ولا تنطبق على ما إذا تشقق بدون تأبير، وحينئذ لا يصح القياس، ولا تحريف الحديث إلى معنى آخر.
قال: (إلا أن يشترطه مشترٍ)، فإن اشترطه المشتري؟
طالب: يكون له.
الشيخ: يكون له، الدليل عموم قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، والأمر بالوفاء بالعقد أمرٌ به وبأوصافه وشروطه التي تُشترط فيه؛ هذا دليل.
دليل آخر: قول الله تبارك وتعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34]، والشرط الذي التزمه الإنسان هو عهدٌ على نفسه.
الدليل الثالث: ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (5)، وهذا لا يُحرِّم حلالًا، ولا يُحلِّلُ حرامًا.
فإذا قال قائل: أيُّها أوْلى للمشتري؛ أن يشترط أن تكون الثمرة المؤبرة أو التي تشقق طلعها -على الخلاف- له أو أن يبقيها للبائع؟ أيُّها أحسن؟
طالب: أن يشترط المؤبرة.
الشيخ: إي، أن يشترط أنها له؛ لأنه يسلَم من تردد هذا البائع على الثمرة، نلاحظ أن البائع إذا باع النخلة صارت ملكًا للمشتري ما له عليها سبيل إطلاقًا، فإذا كان فيها ثمرة مؤبرة، ولم يشترطها المشتري، صار البائع يتكرر على هذه الثمرة.
ويقال: إن جحا -ما أدري أسطورة أو حقيقة- إنه باع بيتًا على شخص، واشترط منفعة الوتد، تعرفون الوتد؟ الوتد عود يُضرَب بالجدار تعلَّق به الأشياء، اشترط على المشتري -مشتري الدار- الوتد، قال: بشرط، هذا الوتد لي، أنا أنتفع به. المشتري قال: ويش يضرني إذا صار الوتد له؟ ! فوافق على الشرط، فبدأ هذا الرجل كُلَّ يوم يجيب أشياء معلقات يعلقها على هذا الوتد، يجيب اللحم، يجيب الثياب؛ يعني يُكثِر، فسأم المشتري، وقال: أنا لا أوافق على هذا، حتى فسخ.
فهذا الذي اشترط، الذي كانت الثمرة له -أعني البائع بعد التأبير- ربما يتضرر المشتري -أو على الأقل يتأذى- بتردده، فنَرى أن الأوْلى في هذه الحال أن يشترط الثمرة أن تكون له؛ إبعادًا عن النزاع وعن العداوات والمشاكل.
وهذه مسألة ينبغي لطالب العلم –أيضًا- أن يفهمها؛ الحقوق التي يذكرها الفقهاء رحمهم الله أنها حقٌّ للإنسان أو ليست حقًّا؟ هم يذكرونها على أنها حق أو غير حق على سبيل البيان، لكن ينبغي للإنسان تربيةً للعالَم أن يقول: الأفضل كذا، إذا رأى أن هذا الشرط يُبعدهم عن الخصومة وعن النزاع، فلا تكن فقيهًا كالقاضي، بل كن فقيهًا مُربيًا، فإذا جاء إنسان يستشيرك، يقول: هل ترى أن الأفضل أن أشترط أن تكون الثمرة لي وقد أبرها البائع أو أن أدعها له؟
نقول: الأفضل أن تكون لك، تسلم من التردد والتأذي، وربما تكون النخلة هذه في بيت، إنسان يتردد على البيت؛ مشكلة.
***
ثم قال رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى: (وكذلك شجر العنبِ والتوت والرمان وغيرِه) يعني: وشجر غيره (وَمَا ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ كَالمِشْمِشِ وَالتُّفَّاحِ، وَمَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ كَالْوَرْدِ وَالقُطْنِ).
كل هذا يكون لِمَنْ؟ للبائع إذا كان قد ظهر، إذا كان قد ظهر فهو للبائع؛ لأنه يشبه النخل المؤبَّر على القول الراجح، أو النخل الذي تشقق طلعه.
يقول: (وما قبل ذلك والورق فلمشتر).
قوله: (وما قبل ذلك)، (ما): اسم موصول مبتدأ، وقوله:(فلمشتر) خبر المبتدأ، وقوله:(والورق) معطوف على (ما)؛ يعني: والذي قبل ذلك والورق للمشتري، ولكن حَسُنَ أن يقرن الخبر بالفاء لفائدتين:
الفائدة الأولى: أن (ما) الموصولة تفيد العموم فهي كالشرط، ومن المعلوم أن الشرط إذا كان جوابه جملة اسمية فإنه تُقرَن بالفاء، واسم الموصول يشبه الشرط في العموم، فلذلك تقترن الفاء في خبره دائمًا.
الفائدة الثانية: أنه أوضح في المعنى؛ لأنه لو قال: وما قبل ذلك، والورق لمشترٍ، لربما يتطلع الإنسان، فيظن أن قوله:(لمشترٍ) متعلق بمحذوف حالًا من الورق؛ يعني: والورق حال كونه لمشترٍ، فإذا جاءت الفاء قطعت هذا الاحتمال.
على كل حال ما كان قبل التشقق -على ما مشى عليه المؤلف- أو قبل أيش؟
طالب: قبل ظهوره في (
…
).
الشيخ: لا، نحن الآن في ثمر النخل، أو قبل التأبير -على القول الراجح- ولو تشقق، وكذلك ما ظهر من العنب، وما ظهر من نَوره، وما أشبه ذلك، نَوره؛ يعني: الزهر، فإنه للمشتري.
***
ثم قال المؤلف: (ولا يُباع ثمر قبل بدو صلاحه، وَلَا زَرْعٌ قَبْلَ اشْتدَادِ حَبِّه) إلى آخره.
لا يباع الثمر قبل بدو صلاحه، أيُّ ثمرٍ لا يباع حتى يصلح، فلنمثِّل بالنخل: لا يجوز أن تبيع ثمرة النخلة حتى يبدو صلاحها، ويجوز أن تبيع النخلة قبل بدو صلاحها، صح؟
طالب: صح.
طالب آخر: كلام صحيح.
الشيخ: كلكم على هذا؟
طالب: صحيح.
الشيخ: لا يجوز بيع ثمرة النخلة قبل بدو صلاحها، ويجوز بيع النخلة قبل بدو صلاح ثمرها.
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح؟ نعم، إذن كلامه الأخير في الثمر لا يجوز أن يُباع قبل بدو صلاحه، فما هو صلاحه؟
صلاحه أن يَحمرَّ أو يصفرَّ، الدليل؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُباع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري (6)، وسئل أنس رضي الله عنه: ما بُدُوّ الصلاح؟ قال: أن تحمارَّ أو تصفارَّ (7).
فلو أن إنسانًا باع ثمرة نخلة خضراء، ثمرة خضراء حتى الآن ما فيها تلوين، فالبيع فاسد؛ لأن النهي وقع على عقد البيع، وكل نهي وقع على عمل -سواء عبادة أو معاملة- فإنه يقتضي الفساد، إذن نقول في هذه الحال: البيع فاسد، والثمر للبائع، والثمن لِمَنْ؟ للمشتري.
فإن بدا فيها حبة واحدة بدا صلاحها، فهل يجوز بيعها؟
طالب: نعم.
الشيخ: واحدة.
طلبة: نعم.
الشيخ: يجوز؛ لأنه بدا الصلاح.
فإن أخذها، أخذ الحبة التي بدا صلاحُها فهل يجوز بيعها بعد أخذها؟
طالب: يجوز.
طالب آخر: ما يجوز.
طالب آخر: لا رؤية.
الشيخ: في ظني أنكم ستختلفون، هذا رجل عنده نخلة فيها لونة واحدة فقط، فصعد ثم أخذها، فهل يجوز بيعها بعد أخذها؟
طالب: نعم يجوز.
طالب آخر: لا يجوز.
طالب آخر: فيها تفصيل.
طلبة: (
…
).
الشيخ: نسألكم هل بدا صلاحها أو لا؟
طلبة: بدا.
الشيخ: نعم، إذا بدا صلاحها يجوز، أما لو أخذ اللونة بعد البيع، فهل يجوز أو لا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: سبحان الله! أيش التوقف هذا؟ اشتراها وفيها لونة واحدة ثم أخذ اللونة المشتري؟
طالب: جائز.
الشيخ: يجوز؟ ما فيه إشكال؟ الظاهر أن عنده فيه إشكال.
طالب: ما فيه إشكال.
الشيخ: ما فيه إشكال، بالجواز أو عدمه؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: نعم، الصورة الأولى الظاهر أنها تجوز أيضًا؛ يعني لو أنه كان فيها حبة واحدة بدا صلاحها، ثم إنها أُخذت وبيعت بعد ذلك فالظاهر الجواز، الظاهر أنه جائز؛ لأنه بدا صلاحها.
طالب: إن كان لا يعلم أنها قد بدا صلاحها؟
الشيخ: لا، متيقنون، أما مسألة أنها الآن خضراء ونقول: لعل فيها حبة بدا صلاحها ثم سقطت أو أخذت. هذا لا يجوز، الكلام أننا تيقنَّا أن هذه الحبة التي بدا صلاحها أُخذت، فنقول: هذه بدا صلاحها، فتدخل في الحديث.
إذا بدا صلاح النخلة فبيعت، فهل تباع جارتُها التي لم يبدُ صلاحها؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: نخلة بدا صلاحها فبيعت، وجارتها لم يبدُ صلاحها، هل تباع الجارة؟
طالب: من نوعها نعم.
الشيخ: هي من نوعها.
الطالب: نعم يباح.
الشيخ: كم عقدًا الآن صار في هذه الصفقة؟ عقد واحد أو اثنان؟
طالب: واحد.
الشيخ: باع نخلة بدا صلاحها على فلان، ثم باع جارتها عليه أو على غيره بعقدٍ آخر جديد، أيجوز أو لا؟ هذا لا يجوز، معلوم؛ لأن العقد عقدان في هذه الصورة، أما لو باعهما جميعًا وهما من نوع واحد فالبيع صحيح.
وإذا كان من نوع آخر فالبيع غير صحيح، فمثلًا عندنا نخل يسمى السكري، وأظنه معروفا لكم، وإلى جانبه بَرْحِيَّة، فباع سكرية بدا صلاحها وبرحية لم يبدُ صلاحها أيجوز أم لا؟ لا يجوز؛ لأنهما من نوعين مختلفين.
باع سكرية بدا صلاحها وسكرية أخرى لم يبدُ صلاحها صفقة واحدة، جاز؟
طلبة: جاز.
الشيخ: الآن تعدد المبيع، فيقال: هو من جنسٍ واحد، فكأنهما نخلة واحدة، فلهذا يجوز، هذا هو تحرير المسألة فيه.
وقال بعض أهل العلم: إذا بدا الصلاح في البستان في نخلةٍ واحدة منه جاز بيع جميعه، سواءٌ كان جملة أم تفريدًا؛ لأن هذا النخل الآن بدا صلاحه. وتوسَّع آخرون فقالوا: إذا بدا صلاح ثمرة القرية جاز بيع جميع النخل فيها.
لكن القول الأول أصحُّ: أننا نعتبر كل واحدة بنفسها، فإن بِيع جميعًا فإننا نرجع إلى الجنس، ما كان من نوعٍ واحد فصلاح الواحدة منه صلاح للجميع، وإذا اختلفت الأنواع فلكل نوع حكمه.
طالب: شيخ، لو باع نخلة، لو سقط طلع ثم أبَّره، ثم انتقل التأبير من نخلة إلى النخلة الأخرى (
…
)؟
الشيخ: هذا لا يمكن أن نعرفه إلا بعد أن تنتهي الثمرة، لا يمكن أن نعرف ذلك إلا بعد أن تنتهي، فإذا انتهت وصلحت عرفنا أنه انتقل التأبير إليها. طالب: (
…
)؟
الشيخ: الظاهر أن هذا يكون للمشتري؛ لأنه لم يحصل من البائع فعلٌ يؤثر عليه، وإنما كان تأبيره للنخلة المجاورة.
طالب: ألم يكن للبائع يا شيخ أن يأخذه؟
الشيخ: إذا أبَّر فللبائع، لكن هل البائع حينما أبَّر هذه النخلة أراد تأبيرها وما حولها؟ ما أرادها.
طالب: من القواعد ما ترتب على المأذون فليس بمضمون، إذا صعد البائع بعد البيع بالثمر وانكسرت النخلة، هل يضمن؟
الشيخ: ويش لون انكسرت؟ ! يعني جاءت الريح وكسرتها؟
الطالب: بسبب.
الشيخ: ما أظن، ما تنكسر.
الطالب: إذا كان يعني ساقطة ..
الشيخ: لا، الفرض المحال ما له من جواب أبدًا.
الطالب: أو أفسد منها شيئًا بسبب الصعود.
الشيخ: إذا كان بتعدٍّ منه أو تفريط فهو ضامن، وإلا فلا؛ لأن الصعود الذي ليس فيه تعدٍّ ولا تفريط مأذونٌ فيه.
طالب: رجل اشترى نخلة حتى بدأ باللون، في العام القادم للسنة الماضية قال: أريد نفس النخلة، (
…
)؟
الشيخ: الثمرة الجديدة ما تلحق بالقديمة.
طالب: إي، بس هو يقول: العقد صحيح، وكل سنة أشتري هذه النخلة.
الشيخ: ما يخالف، العقد الذي كان بعد أن ظهر بها الصلاح صحيح، والعقد الذي قبل أن يظهر بها الصلاح ليس بصحيح.
طالب: مسألة اشتراط المشتري الثمر للبائع، لو قال مثلًا للبائع: أنا لا أعطيك إياها إلا أن تدفع لي مقابلًا، هل يجوز أن يبيع بهذه الحالة؟
الشيخ: هذا سؤال جيد، يقول: إذا قلنا بجواز اشتراط المشتري الثمر الذي ثبت للبائع، فهل يجوز أن يأخذ عنه عوضًا أو لا؟ يعني: باع هذا النخل بعشرة آلاف، وظهر أن نصفه قد أُبِّر، فقال للبائع: هو لي، قال المشتري: أنا أعطيك عوضًا عنه، فهل يصح هذا أو لا؟
طالب: إذا وافق يصح.
الشيخ: هو وافق لا شك، يرى بعض العلماء أن هذا لا يصح؛ لأنه داخل في بيع الثمرة قبل بدوِّ صلاحها، ويرى آخرون -وهو المذهب- أنه صحيح؛ لأنهم يقولون: بيع الثمرة قبل بدو صلاحها على صاحب الأصل لا بأس به.
(
…
)
***
طالب: الشجرة فرع تابع للأصل؟
الشيخ: بلى.
الطالب: وإذا حضرت الشجرة في أرضه (
…
).
الشيخ: أغصانها -يعني- على أرضه.
الطالب: لا، أصلها في (
…
).
الشيخ: أصلها في أرضك، وأغصانها على أرض الآخر.
الطالب: إي، الثمرة لمن؟
الشيخ: الثمرة تبع الأصل لصاحبها، لكن السؤال الذي يمكن أن يَرِد: لو تصالح الجار مع جاره، وقال: إن الأغصان المتدلية على أرضي إما أن تقطعها؛ لأن الإنسان يملك إلى الثُّريا، يملك الهواء إلى السماء، إما أن تقطعها وإلا فاجعل لي نصف ثمرتها المتدلية على أرضي، هل يجوز ولّا لا يجوز؟
طلبة: يجوز.
الشيخ: أنتم فاهمين يا جماعة؟ هذا إنسان عنده شجرة برتقال، في حافة أرضه أغصانها تمددت وتدلت على أرض جاره، الجار قال لصاحب الشجرة: اقطع أغصانها، الهواء لي، هل يملك هذا أو لا؟
طلبة: يملك.
الشيخ: يملك أن تُقطع الأغصان ولَّا تُلوى حتى تكون في أرض صاحب الشجرة، لكن صاحب الأرض قال لصحاب الشجرة: لا بأس أن تبقى الأغصان، ولكن لي نصف الثمرة التي في الأغصان المتدلية عليَّ ولك نصفها، واتفقا على ذلك، أيجوز هذا أو لا؟ يجوز، كما نص على هذا أهل العلم.
طالب: (
…
).
الشيخ: (
…
) يحتاج إلى التأبير، هذا الفرق، فعلق الحكم بظهوره، ومعلومٌ أنه إذا ظهر سوف تتعلق نفس البائع بذلك.
الطالب: الدليل يا شيخ، من أي وجه يشمله؟
الشيخ: نعم؟
الطالب: الدليل، كيف يشمل ..
الشيخ: الدليل أن الثمرة الآن ظهرت على ملك مَنْ؟
الطالب: ملك البائع.
الشيخ: البائع، إذن هي له، كالزرع؛ إذا باع الأرض وفيها زرع ما هو يبقى للبائع مبقًّى إلى الحصاد؟
الطالب: نعم.
الشيخ: إي نعم.
طالب: قول المؤلف: (من باع نخلًا قبل أن يتشقق طلعه)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ» (8)، هل يمكن أن تؤبر ثمر النخل قبل أن تشقق؟
الشيخ: يقولون: إن فيه شيخًا جاهلًا، لكنه شيخ مظهرًا، وكان عند أبي حنيفة وهو يقرر وقت النهي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فقال له الرجل هذا: يا أبا النعمان أرأيت إن طلعت الشمس قبل طلوع الفجر، يقال: إنه كان بالأول مادًّا رجله، فكفَّ رجله لما جاء هذا الشيخ الصوري، ثم مدَّ رجله وقال: إذن أبو حنيفة يمدُّ رجله ولا يبالي. كيف يا أخي؟ ! ويش ها السؤال هذا؟
الطالب: الآن نحن قلنا: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم أن فيه خلافًا بين قول المؤلف وقول النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤلف اشترط التشقق.
الشيخ: تشققت النخلة، الثمرة، وبقي الرجل لم يؤبرها يومين أو ثلاثة، فلِمَنْ تكون هذه الثمرة؟
الطالب: بقيت كم؟
الشيخ: يومين.
الطالب: وبعدها تشققت؟
الشيخ: إي نعم.
الطالب: للبائع.
الشيخ: تكون للبائع؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: على كلام المؤلف.
الطالب: على كلام المؤلف.
الشيخ: لكن على ما دلَّ عليه الحديث أنها للمشتري، إي نعم، هذا الفرق.
الطالب: إي، لكن نحن قلنا الآن: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ» (8).
الشيخ: إي نعم، معروف أنها ما هي مؤبَّرة إلا بعد التشقق، حتى لو فُرض أن الإنسان شققها قبل أوان تشققها، فإنه لن يؤبِّرها حتى يشققها.
(
…
)
***
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
قال رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:
فَصْلٌ
ولا يُباع ثمرٌ قبل بُدُوِّ صلاحِه، ولا زرعٌ قبل اشتدادِ حَبِّه، ولا رَطْبةٌ وبَقْلٌ ولا قِثَّاءٌ ونحوه كباذنجان دون الأصل إلا بشرط القَطْعِ في الحال، أو جَزَّةً جَزَّةً، أو لَقْطةً لقطةً، والحصادُ والجذاذ واللِّقاطُ على المشتري.
وإن باعه مطلقًا أو بشرط البقاء، أو اشترى ثمرًا لم يَبْدُ صلاحُه بشرط القَطْعِ وتَركَهُ حتى بدا، أو جَزَّةً أو لقطةً فَنَمَتا، أو اشترى ما بدا صلاحُه وحصل آخَر واشتبها، أو عريَّة فأثمرتْ بَطَلَ، والكلُّ للبائع.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصاحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إذا باع الإنسانُ أرضًا وفيها نخل؟
طالب: النخل على ثلاثة أحوال.
الشيخ: نخل، باع أرضًا وفيها نخل.
طالب: يصح البيع.
الشيخ: والنخل؟
طالب: كذلك النخل؛ لأنها فرعٌ تابعٌ للأصل.
الشيخ: النخل لِمَنْ يكون، للبائع ولّا المشتري؟
الطالب: للمشتري.
الشيخ: يكون للمشتري، توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: وإذا باع أرضًا وفيها زرع؟
طالب: الزرع للبائع إلى حصاده، إلى وقت الحصاد.
الشيخ: مطلقًا؟
الطالب: كيف يا شيخ؟
الشيخ: مطلقًا؛ يعني فيها زرع ونحوه؛ يعني ليس بشجر، فيها ما ليس بشجر؟
الطالب: إذا لم يشترطه المشتري.
الشيخ: فهو لِمَنْ؟
الطالب: فهو للبائع إلى حين حصاده.
الشيخ: نعم.
طالب: نقول الزرع قسمان: قسم لا يُحصد إلا مرة أو لا يُلقط إلا مرة، وقسم يُلقط أو يُحصد مرارًا، الأول للبائع مبقًّى إلى الحصاد، والثاني اللقطة والجزة الظاهرة للبائع والأصول للمشتري إلا أن يشترط.
الشيخ: تمام، أسمعتم؟ إذن إذا باع أرضًا فيها نخل فالنخل تابع، فيها نباتٌ غير النخل؛ فعلى قسمين:
الأول: أن يكون هذا النبات لا يؤخذ إلا مرة، فيكون للبائع إلى حصاده.
والثاني: ما يؤخذ مراتٍ متعددة، فالأصول للمشتري والشيء الحاضر يكون للبائع.
وإذا باع نخلًا فهل تتبعها الأرض؟
طالب: لا تتبعها؛ لأن النخل فرعٌ والأرض أصل، والأصل لا يتبع الفرع.
الشيخ: توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يقول: إذا باع نخلًا فإن أرضه لا تتبعه، يكون للمشتري حتى يفنى، ثم تعود الأرض إلى البائع.
ذكرنا على هذا ملاحظة، ما هي؟
طالب: هذا يبيَّن بالعرف، (
…
) فمراده ..
الشيخ: باع نخله، أو وقَّف نخله، أو ما أشبه ذلك.
الطالب: نعم، هذا يشمله.
الشيخ: مرادهم البستان كله.
وإذا باع نخلًا وعليها ثمر، فلِمَنْ يكون الثمر؟
طالب: للبائع.
الشيخ: للبائع؟ خطأ.
طالب: على المذهب إن كان الثمر ..
الشيخ: يعني فيه تفصيل؟
الطالب: فيه تفصيل، نعم.
الشيخ: ما هو التفصيل؟
الطالب: على المذهب؛ إن كان النخل قد تشقق طلعه فيكون للبائع.
الشيخ: وإن لم يتشقق؟
الطالب: يكون للمشتري.
الشيخ: إن كان قد تشقق طلعه فهو للمشتري.
الطالب: لا، إذا تشقق طلعه فيكون للبائع، وإذا لم يتشقق فهو للمشتري.
الشيخ: فهو للمشتري.
كأنك قلت: المذهب، فهل هناك قول آخر؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: القول الآخر أن الحكم منوطٌ بالتأبير.
الشيخ: أن الحكم منوطٌ بالتأبير، فإذا باعها قبل أن تؤبَّر؟
الطالب: فهي للمشتري.
الشيخ: وبعده؟
الطالب: وبعده للبائع.
الشيخ: للبائع.
إذا كان قبل أن تؤبَّر ولو تشققت؟
الطالب: ولو تشققت.
الشيخ: أيُّهما أرجح؟
طالب: الراجح هو القول الثاني؛ لأنه هو الموافق للحديث؛ لأن الحديث علق على ..
الشيخ: يعني فيه دليل أثري ونظري.
الطالب: نعم.
الشيخ: ما هو الأثري؟
الطالب: الأثري هو صريح الحديث، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«مَنْ بَاعَ نَخْلَهُ قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» .
الشيخ: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤبَّرَ» .
الطالب: «بَعْدَ أَنْ تُؤبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» (8)، هذا الأثر، والنظر؛ لأن نفس البائع قد تشوفت لهذا الثمر حيث قد عَمِلَ فيه، فيكون له إلا إذا اشترط.
الشيخ: أحسنت، قد عمل فيه ما فيه إصلاحه فتعلقت نفسه به.
هذا القول هو الراجح، وهو المعتمد.
إذا كان بعض الشجرة مؤبَّرًا وبعضها لم يؤبَّر؟
طالب: (
…
) يأخذ المؤبر.
الشيخ: والباقي، يعني يكون الثمر بعضه للبائع وبعضه للمشتري؟
الطالب: (
…
) نخلة؟
الشيخ: إي، نخلة واحدة.
الطالب: يكون للبائع.
الشيخ: المؤبَّر والذي لم يؤبَّر.
وإذا كان التأبير في واحدة وعدمه في أخرى؟
الطالب: إذا كان من جنسه فتكون للبائع.
الشيخ: ما هو صحيح.
طالب: للبائع المؤبَّرة، المؤبرة للبائع وغير المؤبَّرة للمشتري.
الشيخ: كذا؟ توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إذن إذا كان التأبير في نخلة بعضها مؤبَّر وبعضها غير مؤبَّر حُكِم بها للبائع، وإذا كان في نخلتين؛ فما أُبِّرَ فللبائع، وما لم يُؤبَّر فللمشتري.
إذا بيعت الثمرة دون النخلة، فهل تكون النخلة تبعًا للثمرة؟
طالب: لا تكون.
الشيخ: لا تكون، لماذا؟
الطالب: لأنها منفصلة.
الشيخ: لا، ما انفصلت، الآن الثمرة في النخلة، فباع إنسان عليك ثمرة النخلة، هل تتبعها النخلة؟ تتبع الثمرة أو لا؟
الطالب: لا.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأن الأصل لا يتبع الفرع.
الشيخ: أحسنت؛ لأن الأصل لا يتبع الفرع، ولو باع النخلة تبعتها الثمرة.
بارك الله فيك، ما الذي يُشترط في بيع الثمرة؟
طالب: يشترط بدو صلاحها.
الشيخ: بدو الصلاح، الدليل؟
الطالب: الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها (9).
الشيخ: نعم، وهذا دليل أثري، هناك دليل نظري: وهو أنها إذا بيعت قبل بدو صلاحها فإنها لا تصلح للأكل، وتكون عُرضة للآفات والفساد، وإذا حصل هذا صار نزاعٌ بين البائع والمشتري، والشريعة تقطع كُلَّ شيء يكون سببًا للنزاع والبغضاء والفرقة.
***
قبل أن نبدأ الدرس الجديد، (وما قبل ذلك والورق فلمشترٍ) الإعراب، أعرب الجملة؟
طالب: (ما) اسم موصول.
الشيخ: (ما) اسم موصول، محله؟
الطالب: في محل الابتداء.
الشيخ: مبنية على السكون في محل رفع على الابتداء، كمِّل.
الطالب: و (الورق) معطوفة على (ما) الموصولة، و (فلمشتر) هو الخبر.
الشيخ: (فلمشتر) هو الخبر، توافقون على هذا الإعراب؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، لماذا اقترن الخبر بالفاء؟
طالب: لأن الاسم الموصول صار في عمومه.
الشيخ: يشبه اسم الشرط في العموم، فأعطي حكمه، هذه واحدة، وأيضًا في هذه العبارة بالذات.
الطالب: إي نعم؛ لأنه إذا قُرن بالفاء يدل على ..
الشيخ: تعيَّن أن يكون خبرًا، ولو حُذفت؟
الطالب: لم يتعيَّن.
الشيخ: لم يتعين لاحتمال أن يكون حالًا من الورق.
بقي علينا (لمشترٍ) في الإعراب، لا بأس نمدد شوية، أعرب (فلمشترٍ)؟
طالب: (الفاء) رابطة، (اللام) حرف جر، (مشتر) اسم مجرور، (
…
).
الشيخ: وعلامة جَرِّه كسرة ظاهرة في آخره.
الطالب: (
…
).
الشيخ: ما ندري، أو شك ولّا تنويع ولّا أيش؟
الطالب: شك.
الشيخ: شك؛ إذن لم تُجب.
طالب: لمشترٍ (
…
).
الشيخ: مجرور باللام.
الطالب: وعلامة جره الكسرة المحذوفة على الياء المقدرة.
الشيخ: الكسرة المحذوفة على الياء! هي الكسرة تحذف؟ !
الطالب: وعلامة جره الكسرة.
الشيخ: أين هي، الكسرة اللي في الراء؟
الطالب: لا، المقدرة على الياء المحذوفة.
الشيخ: إي.
الطالب: وحذفت وعوض عنها بالتنوين.
الشيخ: إي، الياء المحذوفة، والتنوين الموجود هذا؟
الطالب: تنوين عوض.
الشيخ: يسمى تنوين العوض.
***
بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله:(ولا يُباع ثمر قبل بدُوِّ صلاحه).
(لا) نافية، والنفي هنا للتحريم، وإن كان يحتمل الكراهة، لكن الاستدلال بالحديث يدل على أن الفقهاء رحمهم الله أرادوا التحريم، لا يُبَاع ثمر قبل بدوِّ صلاحه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري (10).
وكذلك (لا يباع) زرعٌ (قبل اشتدادِ حَبِّه)، الزرع يُشترى لأجل الحبّ الذي في السنبل، والحبّ الذي في السنبل يكون لينًا -ماءً- حتى يتم نموه، وحينئذٍ يشتد ويقوى، ويكون جوف الحبة أبيض، جوف الحبة من السنبلة يكون أبيض، فلا يُباع الزرع قبل أن يشتد حبُّه؛ لماذا؟
لما ذكرنا سابقًا، أنه ربما يحصل فيه الفساد؛ لأن المشتري سوف يبقيه حتى ينضَج ويصلح للأكل، فربما يعتريه الفساد في أوان نموه هذا، وحينئذ يقع النزاع والخصومة، وربما أيضًا يُقَصِّر البائع في سَقْيه، فيحصل نزاع بينه وبين المشتري، فقطعًا لهذا النزاع نهى النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه (9)، وعن بيع الحب حتى يشتد (11).
ثم قال: (ولا رَطْبَةٌ وبقلٌ ولا قثاءٌ ونحوُه كباذنجان دون الأصل إلا بشرط).
كذلك أيضًا لا تباع الرطبة، الرطبة هي المعروفة عندنا بالبرسيم أو القَتِّ، لا يباع دون أصله إلا بشرط القطع في الحال، لماذ؟
لأنه لو بيع دون أصله بدون شرط القطع في الحال، فإنه إذا تأخر ولو يومًا واحدًا سوف ينمو، هذا النماء الذي حصل بعد بيعه يكون لِمَنْ؟ يكون للبائع، وهو مجهول، فيؤدي إلى أن تكون الصفقة مجهولة؛ لأننا لا ندري مقدار نموه فيما بين البيع وجذه؛ ولهذا نقول: لا تبع هذا القت إلا بشرط أن تشترط على المشتري أن يقطعه في الحال، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.
ولكن الصحيح أنه لا يشترط ذلك، إذا كان قطَعَه في وقت يُقطع مثلُه؛ لأن تأخير الحصاد لمدة يوم أو يومين أو أسبوع عند الناس لا يعتبر جهالة ولا يوجِب نزاعًا، والأصل في البيع الحل والصحة حتى يقوم دليل على المنع، وهذا هو الذي عليه العمل.
وكان الناس فيما سبق -ولعلهم إلى الآن- إذا تم تنامي الرطبة -يعني: القت- إذا تم تناميها باعوها، مع أنه ربما يتأخر الحصاد إلى عشرة أيام، إذ إن هذه الأرض الواسعة التي كلها مملوءة قتًّا لا يمكن أن يحصدها في يوم أو يومين.
فالصواب: أنه إذا كان ذلك بعد تناهي نمائها، فإنها إذا بِيعَت لا يُشْترط القطع في الحال، بل يجزُّها المشتري حسب ما تجري به العادة.
وقوله: (ونحوه كباذنجان)، ما هو الباذنجان؟
طالب: هو الباذنجان.
الشيخ: هو الباذنجان! عندنا باللغة العامية يسمونه: بَيْدَجان، وهذا تحريف لا بأس به؛ لأنه عرف، ويذكر أن بائع باذنجان عرضه للبيع في السوق، ولكن الناس لم يشتروا منه، فقال: حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن فلان إلى أن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الباذنجان لما أكل له. قصده بذلك ترغيب الناس فيه، فتساقط الناس يشترون منه، وهذا مما مثل به العلماء في المصطلح للموضوع لغرض الدنيا؛ لأن أغراض الوَضَّاعين كثيرة، منها إفساد الدين، ومنها الدنيا، وغير ذلك، أشياء كثيرة.
فهذا لا شك أنه لا يجوز للإنسان أن يرويه للناس إلا مقرونًا ببيان وضعه.
وقوله: (دون الأصل)، خرج به ما لو باعه مع أصله فإن البيع صحيح، ولهذا لو باع ثمرة النخلة قبل بدو الصلاح لم يجز، ولو باع النخلة وعليها ثمرة جاز، فإذا باع هذه الأشياء البقول والقثاء وما أشبه ذلك مع الأصل فهو جائز، فلو أن إنسانًا عنده مَبْطخة –يعني أرضًا كلها بطيخ- فجاء إنسان يريد أن يشتري هذا البطيخ، واشتراه بأصله كان ذلك جائزًا، وما حدث بعد البيع فهو للمشتري، وما نما بعد البيع فهو أيضًا للمشتري؛ لأن الفرع يتبع الأصل، ولا عكس.
(إلا بشرط القطع في الحال)، فإذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها واشترط المشتري أن يجزها في الحال، كان ذلك جائزًا؛ لأن المشتري لا يريد أن يبقيها حتى يبدو صلاحها، ولكن يُشترط في هذه الحال أن تكون الثمرة مما يُنتفع به إذا قُطعت في الحال، فإن لم تكن مما يُنتفع به فإن البيع باطل؛ لأنه سبق لنا من شروط البيع أن يقع على عين مباحة النفع، فيها نفع مباح، أن يقع على عين فيها نفع مباح.
فإذا قال: أنا أريد أن أشتري هذا الثمر الأخضر في النخلة وأقطعه الآن. قلنا: البيع صحيح بشرط أن يكون ينتفع بهذا البلح، كيف ينتفع به؟ للبهائم مثلًا، ينتفع به للدواب، ينتفع به لأشياء أخرى ربما يجري عليه تجارب أو ما أشبه ذلك.
المهم أنه إذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع، فالبيع جائز بشرط أن يكون فيه نفع، وإلا فلا يجوز.
طيب، الزرع؛ باع زرعًا فيه سنبل، ولكنه لم يشتد، واشترط البائع على المشتري حصاده في الحال، فالبيع جائز بشرط أن يكون منتفعًا به، ما الذي ينتفع به من الزرع إذا جُذَّ قبل أن يشتد؟ أن يكون علفًا، وهذا أمر قد يكون مصلحة للبائع ومصلحة للمشتري؛ أما مصلحة المشتري فهو يحتاجه إلى العلف؛ علف الدواب، وأما البائع فربما يكون محتاجًا إلى الأرض ليبني عليها أو يزرعها زرعًا آخر، فيكون في هذا مصلحة للمشتري ومصلحة للبائع.
استثنى العلماء رحمهم الله –الفقهاء- ما إذا باع الثمرة أو الزرع لمالك الأصل، فإنهم يقولون: لا بأس بذلك. مثل: لو أن الثمرة كانت للبائع؛ يعني: باع نخلةً قد أُبِّرت، فالثمر لِمَنْ؟ للبائع، بعد مدة جاء البائع إلى المشتري الذي اشترى النخل، وقال له: أنا لا أريدها، أريد أن أبيعها عليك، فهنا باع ثمرًا قبل بدو صلاحه، لكنه باعه على مالك الأصل، فالفقهاء رحمهم الله قالوا: يجوز أن يبيع الثمرة قبل بدو صلاحها على مالك الأصل، وكذلك يجوز أن يبيع الزرع قبل اشتداد حبِّه على مالك الأرض. أصل الزرع هو الأرض، ولكن عموم الحديث يردُّ هذا القول، فإن قال قائل: أليس لو باع النخلة وعليها ثمرة مؤبرة واشترط المشتري أن تكون له، أليس هذا جائزًا؟
بلى، بنص الحديث (8)، لكن البيع الآن صفقة واحدة، فجاز اشتراط الثمرة تبعًا للأصل؛ لأن الصفقة واحدة، أما بعد أن تتم الصفقة الأولى ثم يأتي البائع الذي كانت الثمرة له فيبيع الثمرة على المشتري فهذا لا يجوز، في ظاهر الحديث، أما الفقهاء فقالوا: إنه يجوز كما لو اشترط الثمرة عند البيع، فإن ذلك صحيح.
الآن فهمنا أنه لا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، ولا الزرع قبل اشتداد حبها إلا بشرط القطع في الحال، ما معنى شرط القطع في الحال؟ يعني: باع صاحب النخلة ثمرتها قبل أن يبدو صلاحها، لكن قال للمشتري لا تقطعها في الحال، باع صاحب الزرع قبل اشتداد حبه، وقال للمشتري: بشرط أن تحصده الآن، البيع صحيح ولّا غير صحيح؟ هذا صحيح، لكن زدنا نحن شرطًا آخر وهو أن يُنتفع به.
لو أن إنسانًا باع الزرع قبل اشتداد حَبِّه أو الثمرة قبل بدو صلاحها بدون شرط القطع؛ فالبيع غير صحيح، قال الفقهاء: إلا إذا باع ذلك على مالك الأصل فلا بأس، كيف يبيع على مالك الأصل؟
يعني صورة القضية أن الفلاح زرع هذه الأرض، زرعها لمالكها، الأرض للمالك والزارع زرع الزرع، فأراد الزارع أن يبيع على صاحب الأرض الزرع قبل اشتداد حبِّهِ، أيجوز هذا أو لا؟ على كلام الفقهاء يجوز؛ لأنه باع الفرع لمالك الأصل.
كذلك في الثمرة، الثمرة للبائع؛ لأنه باع النخلة بعد أن أبَّرها، فالثمرة له، لكن بعد أن تمت الصفقة طلب المشتري من البائع الذي كانت الثمرة له أن يبيع عليه الثمرة، فرغِب أن يبيعها عليه، هل يصحّ أو لا يصحّ؟ على كلام الفقهاء يصح؛ لأنه باع الفرع على مالك الأصل فجاز.
ولهم استدلال في الحديث، قالوا: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أجاز أن يَشترط المشتري الثمرة التي يستحقها البائع؛ لأنه ملك الأصل، فكذلك أيضًا إذا باعها البائع عليه بعد تمام الصفقة فقد باعها على مالك الأصل.
أليس لو أن البائع باع النخلة وفيها ثمر مؤبَّر، واشترط المشتري أن يكون الثمر له، أليس هذا جائزًا؟ بلى بنص الحديث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» (12).
هم يقولون: إذا كان يجوز اشتراط الثمرة التي للبائع لتكون للمشتري، فكذلك إذا باع البائع الثمرة على مشتري الشجرة لتكون الثمرة له. فنقول: لا، هذا ليس بصحيح، ولا يصح القياس؛ لأن اشتراط الثمرة التي للبائع إنما كان في صفقة واحدة، فكانت الثمرة تبعًا، وأما إذا انتهت الصفقة الأولى ثم أراد المتبايعان أن يعقدا صفقة جديدة على الثمرة وهي لم يبدُ صلاحها، فإن ذلك لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُباع الثمار حتى يبدو صلاحها (9).
إذن القول الراجح في هذه المسألة: أن الثمرة لا تُباع قبل بدوِّ صلاحها ولا على مالك الأصل، وأن الزرع لا يُباع قبل اشتداد حبِّه ولا على مالك الأصل.
***
يقول: (وإلا إذا باع الرطبة والبقول جَزَّة جَزَّة، فيصح).
(الرطبة) ذكرنا أنها برسيم أو القَتّ؛ لغتان معروفتان.
قال: أبيع عليك هذا البرسيم جزة جزة؛ يعني تجزه الآن، فقال: نعم، اشتراه جزة جزة، فيجوز؛ لأنه هنا سوف يُجَز قبل أن ينمو ولا جهالة فيه؛ لأنه مشاهَد ومعلوم، ولكن الجزة لا بد أن تكون في الحال كما سبق، والصحيح أنه يُتبع في ذلك العرف، قد يجزها في الحال، وقد يتأخر عشرة أيام؛ لأن المساحة واسعة، وهو يجزها يومًا بعد يوم.
وكذلك (لقطة لقطة)، اللقطة غير الجَزة، ما الذي يُلقط؟ الباذنجان، والقِثاء، والكوسة، والباميا، واللوبا، وهكذا، وعند الفلاحين من العلم في هذا ما ليس عندنا، هذا يباع لقطة لقطة؛ يعني: اللقطة الحاصلة الآن موجودة يبيعها، أما ما لم يوجد فإنه مجهول، وينطبق عليه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر (13).
ثم قال المؤلف: (الحصاد والجذاذ واللِّقاط على المشتري).
(الحصاد) في أيش؟ للزرع، (واللقاط) للقثاء ونحوها، (والجذاذ) للنخل ونحوه، هذا على المشتري؛ لأنه تفريغ ملكه من ملك غيره، فهو المسؤول عنه، لكن لو اشترط المشتري على البائع أن يكون ذلك عليه فصحيح، لو اشترط ذلك فإنه صحيح، لو قال المشتري: أنا اشتريت منك ثمر النخل، ولكني أنا ليس عندي من يجذه، فأنت أيها الفلاح جُذه لي وائتِ به. وقال: لا بأس؛ فيكون الجذاذ عليه بالشرط، وهذا شرط لا يستلزم جهالة ولا غررًا ولا ظلمًا ولا ربًا، والأصل في الشروط الحل والصحة، إلا ما قام الدليل على منعه.
(واللقاط على المشتري، وإن باعه)، الضمير يعود على ما سبق تحريم بيعه، (إن باعه مطلقًا) يعني: من غير شرط القطع؛ يعني باع الثمرة قبل بدو صلاحها ولم يشترط القطع، (مطلقًا) يعني: من غير ذكر للقطع ولا التبقية.
(أو بشرط البقاء)، فإنه لا يصح البيع؛ وذلك لأن الأمر الممكن لا يخلو من أحوال ثلاثة:
إما أن يبيعه بشرط القطع في الحال.
أو بشرط التبقية.
أو يسكت.
ففي الحال الأولى يصح البيع، في الحال الثانية والثالثة لا يصح، مثال ذلك: إنسان أتى إلى فلاح وعنده نخلة فيها ثمر لم يَبْدُ صلاحها، فقال: بعني هذا الثمر، قال: أبيعك إياه، فباعه واشترط المشتري على البائع أن يبقى إلى الصلاح، يصح أو لا؟ لا يصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك (9).
اشترط البائع على المشتري أن يقطعه في الحال، يصح بشرط أن يكون يُنتفع به.
سكت؟ لا يصح؛ لأن هذه الصورة الثالثة أو الحال الثالثة تدخل في عموم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، ولهذا قال:(إن باعه مطلقًا) أي: بدون شرط (أو بشرط التبقية لم يصح).
***
طالب: شيخ، إذا باع سنبلًا واشتد حبه، ثم حصد، فالتبن لِمَنْ للبائع أم لـ .. ؟
الشيخ: ما تقولون في هذا؟ إذا اشترى زرعًا بعد اشتداد حبِّهِ فلِمَنْ يكون التبن؟ التبن للمشتري، إلا إذا جرى العرف بأنه ليس له إلا السنبل فيُتبع، وقال بعض الفقهاء: إن التبن يكون للبائع؛ لأن المشتري إنما اشترى الثمر وهو السنبل، كما أن عِزق النخلة إذا اشترى إنسان ثمرتها يكون لِمَنْ؟ يكون للبائع عندهم، عند هؤلاء، والصحيح أنه يتبع في ذلك العرف وأن العرف يقتضي أن يكون تابعًا للمقصود يعني، يكون للمشتري.
(
…
)
طالب: هل يجوز حجز الثمار؟
الشيخ: كيف حجز؟ ويش ..
الطالب: يعني رجل ذهب إلى ..
الشيخ: فلاح.
الطالب: علم أن البستان يأتي بثمار طيبة، فذهب لصاحبه قال: (
…
)؟
الشيخ: يعني اشتراها قبل أن توجد؟
الطالب: لا ما اشتراها، بس هو ربط كلام زي ما يقولون (
…
).
الشيخ: أليس عقد معه؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: إي، لكن ما تم العقد.
الطالب: ما تم.
الشيخ: وهذا العربون اللي أعطاه إياه ليش؟
الطالب: حتى لا يشك، لا يقول: إنه هو ممكن يحجزني أحد ويشتري من غيري.
الشيخ: الظاهر أنه لا بأس؛ يعني وعد فقط.
الطالب: (
…
).
الشيخ: المهم وعد، ما عقد البيع.
الطالب: نعم.
الشيخ: ما فيها إشكال.
طالب: لكن له أن يأخذ العربون؟
الشيخ: إي، له ذلك.
طالب: قوله: (إلا بشرط القطع في الحال أو جزة جزة)، نفس المعنى؟
الشيخ: لا، هذا كالثمر والزرع، أما الجزة الجزة فهذا للذي يبقى أصله مثل (
…
) وشبهها.
الطالب: والجزتان؟
الشيخ: لا، الجزة اللي لما ظهرت؟
الطالب: إي.
الشيخ: ما تصلح، فقوله:(جزة جزة) يعني معناه: أن كل ما حلَّ جزه أو جاء أوان جزه باعه.
طالب: (
…
).
الشيخ: الآن مثلًا الزت، كلما حصدوه نبت من جديد، نقول: هنا إذا حصلت الجزة وانتهى وصار ما بقي إلا أن يُجَز يجوز بيعه، الجزة الثانية إذا بلغت أن تُجَزَّ كذلك.
طالب: إن باع زرعًا قبل أن يشتد حبه، واشترطنا الجز في الحال، أو على القول الراجح فلا يُشترط ذلك؟
الشيخ: كيف لا يُشترط؟
الطالب: لا نشترط ذلك إذا كان يشترى للبهائم.
الشيخ: يُشترط.
الطالب: يُجَزّ في الحال؟
الشيخ: إي، يُجَزّ في الحال، لكن قلنا: إنه ما هو لازم أنه بشرط أن لا يمضي وقت ينمو فيه.
الطالب: وإذا مضى وقت في العرف حتى بدا أو اشتد الحب، ما حكمه؟
الشيخ: بيجينا إن شاء الله.
طالب: شيخ، غفر الله لكم، إن باع ثمرًا بعد بدو صلاحه، ثم إنه بعدُ بدا لهذا المشتري أن هذا الثمر فيه عيب، هل يثبت له خيار العيب؟
الشيخ: قبل بدوِّ صلاحه؟
الطالب: بعد بدو صلاحه.
الشيخ: سيأتينا إن شاء الله، الذي هو الجوائح.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، إذا باعه مطلقًا ولم يشترط (
…
) أو القطع ولكنه قصد ذلك.
الشيخ: ولكنه؟
الطالب: قصده.
الشيخ: أيش؟
الطالب: قصد القطع في الحال.
الشيخ: إي نعم، لا، ما يصح، الشروط لا بد أن تُذكر لفظًا.
طالب: معروف عند المزارعين أنهم بمجرد أن يُحصد هذا الثمر (
…
) بمجرد أن تُباع الجزة الموجودة بداية النمو يشتريه إنسان آخر، بناء على أن هناك عادات معروفة من الـ ..
الشيخ: إي، هذا لم يقع العقد على نفس الزت، وقع العقد على برسيم قد حُصد.
الطالب: على (
…
).
الشيخ: إي على (
…
)، هذا يكون كبيع الموثوق في الذمة، وكالسَّلَم الذي كان الصحابة يفعلونه (14).
الطالب: يعني ما هو يشتري مثلًا خمسة آلاف (
…
)، لكن بمجرد أن يحصد الحصدة الأولى يقول مثلًا: أنا أشتري منك الحصدة المقبلة بكذا.
الشيخ: على أنها خمسة آلاف؟
الطالب: إي نعم، على أنها خمسة آلاف.
الشيخ: لا، ما يصح هذا.
الطالب: ويعطيه المبلغ.
الشيخ: لا، يبيع عليه خمسة آلاف لبنة، ما يبيع عليه الشيء المعين.
طالب: يكثر بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه في بعض البلاد، ويأخذه المشتري ويعالجه بطريقة معينة فيصبح طيبًا ويكون مقبولًا عند الناس.
الشيخ: لكن يعني يجزه في الحال؟
الطالب: على فترات، يعني يجزه على فترات حسب البيع الذي يبيع به، أو يسويه بطريقة معينة، فيكون مرغوبًا عند الناس، بل ربما يكون ثمنه أعلى بعد ذلك.
الشيخ: لكن ما يعتريه آفات؟
الطالب: لا، ما يعتريه، هو يسويه حسب ما يبيع، سواء استخدمه في موسم معين في وقت ..
الشيخ: الظاهر إذا جرى العرف بهذا بأنه ما فيه ضرر ولا فيه عُرضة لفساد الثمر فلا بأس؛ لأن هذا قد يقال: إن هذا بدو صلاحه، عند بعض الناس.
طالب: (
…
).
الشيخ: إي، قَتّ.
الطالب: لا، جت، البرسيم: الجت.
الشيخ: لا، هذا بلغتنا العامية المحضة: زت، قل بدلها: برسيم، وانتهى الموضوع.
(
…
)
***
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى في بابِ بيع الأصول والثمار:
وإن باعه مطلقًا أو بشرط البقاء، أو اشترى ثمرًا لم يَبْدُ صلاحُه بشرط القَطْعِ وتَركَهُ حتى بدا، أو جَزَّةً أو لقطةً فَنَمَتا، أو اشترى ما بدا صلاحُه وحصل آخر واشتبها، أو عرية فأثمرتْ بَطَلَ، والكلُّ للبائع، وإذا بدا ما له صلاحٌ في الثمرةِ واشتدَّ الحَبُّ جاز بيعه مطلقًا، وبشرط التَّبقيةِ، وللمشتري تَبْقِيةٌ إلى الحصاد والجذاذ، ويلزم البائع سَقْيُه إن احتاج إلى ذلك وإن تضرَّر الأصلُ، وإن تلفتْ بآفةٍ سماويةٍ رجع ..
وإن باعَه مُطْلَقًا أو بشَرْطِ البقاءِ أو اشْتَرَى ثَمَرًا لم يَبْدُ صَلاحُه ، بشَرْطِ الْقَطْعِ وتَرَكَه حتى بَدَا أو جَزَّةً أو لُقَطَةً فنَمَتَا أو اشْتَرَى ما بدا صَلاحُه وحَصَلَ آخَرُ واشْتَبَها أو عَرِيَّةٌ فأَثْمَرَتْ بَطَلَ والكلُّ للبائعِ، وإذا بدا ما لَه صلاحٌ في الثمرةِ واشْتَدَّ الحبُّ جازَ بيعُه مُطْلَقًا ، وبِشَرْطِ التبقِيَةِ ، ولِلْمُشْتَرِي تَبقيةٌ إلى الْحَصادِ والجِذاذِ، ويَلْزَمُ البائعَ سَقْيُه، إن احتاجَ إلى ذلك وإن تَضَرَّرَ الأصلُ، وإن تَلِفَتْ بآفةٍ سَماوِيَّةٍ رَجَعَ على البائعِ، وإن أَتْلَفَه آدَمِيٌّ خُيِّرَ مُشْتَرٍ بينَ الفَسْخِ والإمضاءِ ومطالَبَةِ الْمُتْلِفِ، وصلاحُ بعضِ الشجرةِ صلاحٌ لها ، ولسائرِ النوعِ الذي في الْبُستانِ، وبُدُوُّ الصلاحِ في ثَمَرِ النخْلِ أن تَحْمَرَّ أو تَصْفَرَّ، وفي الْعِنَبِ أن يَتَمَوَّهَ حُلْوًا، وفي بَقِيَّةِ الثمراتِ أن يَبْدُوَ فيه النضْجُ ويَطيبَ أَكْلُه، ومَن باعَ عبدًا له مالٌ فمالُه لبائعِه إلا أن يَشترِطَه المشتَرِي، فإن كان قَصْدُه المالَ اشْتَرَط عِلْمَه وسائرَ شروطِ البيعِ وإلا فلا، وثِيابُ الْجَمَّالِ للبائعِ، والعادةُ للمُشْتَرِي.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب بيع الأصول والثمار:
وإن باعه مطلَقًا أو بشرط البقاء، أو اشترى ثمرًا لم يَبْدُ صلاحُه بشرط القَطْعِ وتَركَهُ حتى بَدَا، أو جَزَّةً أو لقطةً فَنَمَتَا، أو اشترى ما بَدَا صلاحُه وحصل آخر واشتَبَهَا، أو عريَّة فأثمرتْ بَطَلَ، والكلُّ للبائع، وإذا بَدَا ما له صلاحٌ في الثمرة واشتدَّ الحَبُّ جاز بيعه مطلقًا، وبشرط التَّبقية، وللمشتري تَبْقِيَةٌ إلى الحصاد والجذاذ، ويلزم البائعَ سَقْيُه إن احتاج إلى ذلك وإن تضرَّر الأصلُ، وإن تلفتْ بآفةٍ سماويةٍ رجع على البائع، وإن أتلفه آدميٌّ خُيِّر مُشترٍ بَيْنَ الفسخ والإمضاء ومطالبةِ المُتْلِفِ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
سبق أنه إذا باع ثمرًا لم يبدُ صلاحه فله حالات، ما هي الحالات؟
طالب: الحال الأول (
…
) مما يُجَذ مرة واحدة أو ..
الشيخ: لا، ثمر ما هو زرع، ثمر نخلة.
الطالب: إن تشقق أو (
…
).
الشيخ: قبل بُدُوّ صلاحه، تشقق وصار أخضر.
الطالب: (
…
).
الشيخ: أقصد هذا، إذا باع الثمر قبل بُدُوّ صلاحه فله ثلاث حالات.
طالب: الحال الأولى بشرط القطع في الحال، فهذا يصح إن كان يُنْتَفَع به.
الشيخ: هذا جائز إن انتُفِع به، الحال الأولى: أن يشترط قطعَه في الحال، فهذا جائز إن انْتُفِع به، الثانية؟
طالب: أن يبيعه (
…
) بالأصل.
الشيخ: لا، ما نريد (
…
).
الطالب: الذي يبيعه مع أصله.
الشيخ: لا، الثمر.
طالب: أن يبيع النخلة وقد تشقق ..
الشيخ: لا، إحنا نقول: يبيع الثمرة من أجل النخلة.
طالب: أن يبيعه بشرط التبقية.
الشيخ: أن يبيعه بشرط البقاء، فما الحكم؟
الطالب: باطل.
الشيخ: هه؟
الطالب: لا يصح.
الشيخ: لا يصح.
طالب: (
…
).
الشيخ: لكن توافق على قوله: إذا باعه بشرط التبقية أنه يبطل؟
الطالب: نعم، يبطل البيع.
الشيخ: يبطل البيع.
الطالب: لنَهْي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار قبل بُدُو صلاحها. (1)
الشيخ: أحسنت، الثالث؟
طالب: أن يكون مُدَّخَرًا ..
الشيخ: يبيعه ولا نشترط البقاء ولا القطع في الحال، فهنا؟
الطالب: باطل أيضًا.
الشيخ: باطل.
الطالب: لأنه في النهي.
الشيخ: فهمنا الآن؟ إذا باع الثمر قبل بدو صلاحه فله ثلاث حالات: أن يبيعه بشرط القطع في الحال فهذا جائز، لكن يُشْتَرَط فيه أن يُنْتَفَع به، فإن لم يُنْتَفَع به صار البيع حرامًا من جهة أنه إضاعةٌ للمال.
الثاني: أن يبيعه بشرط البقاء، فهذا لا يجوز؛ لأنه مصادِمٌ للنص تمامًا.
والثالث: أن يبيعه ويسكت، لا يقول: القطع في الحال ولا البقاء، فهذا أيضًا لا يصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُبَاع الثمار حتى يبدو صلاحها. (1)
***
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وإن باعه مطلقًا) أي: مِن غير ذكر قطعٍ ولا تبقية فهو لا يصح، وكذلك يقال في الزرع قبل اشتداد حبه.
والثالثة قال: (أو بشرط البقاء) فهو أيضًا لا يصح؛ لأنه مخالف لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو لنهيه عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها.
ثم قال: (أو اشترى ثمرًا لم يَبْدُ صلاحُه بشرط القطع وتركه حتى بَدَا) فإنه يبطل البيع.
اشترى ثمرًا قبل أن يبدو صلاحه بشرط القطع، لكنه تهاوَن وتركه حتى بَدَا صلاحه فإن البيع يبطل، لماذا؟ هل هو لأجل ما حصل من النماء الزائد؟ أو لأنه يُتَّخَذ ذريعة إلى بيع الثمر قبل بُدُوّ صلاحه؟
الجواب: الثاني؛ لأننا لو قلنا بصحة البيع في هذه الصورة لزم من هذا أن يتحيَّل الناس، فيبيع الثمر بشرط القطع، ثم يتركه حتى يبدو صلاحه، وحينئذ يقع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيبطل.
إذا بطل البيع فأين يكون الثمن؟ الثمن يرجع به المشتري على مَنْ؟ على البائع إن كان قد أقبضه إياه، ويسقط عنه إن كان لم يُقْبِضه إياه.
يقول رحمه الله: (أو اشترى جَزَّةً أو لَقْطَة فنَمَتَا) يعني: فإنه يبطل البيع.
(اشترى جزَّةً أو لَقْطَة)، الْجَزّة فيما يحصد ويُجَزّ، واللَّقطة فيما يُلْقَط، فالأول كالرَّطْبة، يعني الزَّتّ، أو ما يسمى بالبرسيم، والثاني: اللَّقطة، مثل الباذنجان والقِثَّاء، وما أشبه ذلك.
هذا رجل اشترى جَزَّة أو لَقْطَة بشرط القطع، ولكنه تركها حتى نَمَت، يقول المؤلف: إن البيع يبطل، لماذا يبطل؟ قال: لأن هذا الذي نما لا يمكن تخليصه من الأصل، فيبقى البيع مجهولًا؛ لأن مَن الذي يُحصِي نُمُوّ هذه الباذنجانة، أو نمو هذه الجزة؟ فيبقى حينئذٍ أيش؟ مجهولًا.
ولكن المسألة فيها خلاف، والصواب: أنه إذا نمت الْجَزّة أو اللَّقْطَة برضا البائع فإن البيع لا يبطل، إذا استأذن المشتري البائع وقال: أنا أريد أن تمهلني عشرة أيام، عشرين يومًا، حتى أُصرِّف ما عندي مثلًا، أو حتى يرتفع السعر، قال: لا بأس، فنمت في هذه المدة، فالنماء لِمَن الآن؟
طالب: للمشتري.
الشيخ: لا، الأصل أن النماء للبائع، لكن البائع سمَح وقال: لا بأس، فالبيع حينئذٍ صحيح.
أضرِب مثلًا لذلك بإنسان اشترى لَقْطَة حَبْحَب، أتعرفون الحبحب؟ هو البطيخ الأحمر، وهو معروف بأنه حبحب، على كُلِّ حال اشترى لقطة، ثم قال للبائع: أريد أن تمهلني عشرة أيام حتى يرتفع السعر؛ لأن السعر ناقص. قال: لا بأس. هذه الحبحبة الصغيرة نمت وكانت كبيرة فيما بين العقد عليها ولَقْطِها، لِمَنِ الزيادة في الأصل؟ للبائع، الزيادة في الأصل للبائع؛ لأن المشتري اشتراها على قدرٍ معلوم، فالزيادة للبائع، لكن البائع قد سمح وقال: لا بأس، فما دام البائع سمح وأسقط حقه فإننا نقول له: أنت مشكور على ذلك، وأما إذا كان بغير رضاه فله الخيار؛ إن شاء أمضى البيع، وإن شاء فسخ؛ لأن ملكه الآن اختلط بمُلك غيره على وجهٍ يصعب التمييز بينهما.
وهذا القول هو الراجح؛ لأن هذا ليس كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وتُترك حتى يبدو الصلاح؛ إذ إن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وتُتْرَك حتى يبدو الصلاح مخالفٌ لأيش؟ للنص، أما هذا ما فيه مخالفة للنص.
وعلى هذا فنقول: إن القول الراجح في هذه المسألة إذا اشترى جَزَّة فنمت أو لَقْطَة فنمت، فإن كان برضا البائع فلا خيار له، وإن كان بغير رضاه بأن تهاون المشتري حتى نمت وكبرت فإن له أيش؟ الخيار، إن شاء أمضى البيع؛ لأن الزيادة له، فإذا رضي أن تكون للمشتري فلا حرج عليه، وإن شاء فسخ البيع؛ لأن ملكه اختلط بملك غيره على وجهٍ لا تمييز فيه، والمفرِّط في ذلك مَن؟ المشتري، فيقال: الخيار للبائع، هذا القول هو الراجح.
يقول: (أو اشترى ما بَدَا صلاحه وحصل آخر واشتَبَهَا) فإن البيع يبطل.
كيف هذا؟ نعم يمكن، في الزرع يمكن يتلاحق، يكون أول الزرع قد اشتد، في النخل أيضًا في بعض النخيل تُخرِج بالسنة مرتين، فبِيعَ الطلع الأول لأنه بَدَا صلاحه، ثم نما الثاني واشتبهنا الأول من الثاني، يقول المؤلف: إن البيع يبطل؛ لتعذُّر تمييز ما لكل واحد منهما، هذه هي العلة.
ولكنك إذا تأملت هذه العلة وجدتَ أنها لا تقتضي البطلان؛ وذلك لأن الحق بينهما الآن، فإذا اصطلحَا على شيء، أو قال من كانت له الثمرة الثانية: هي لك، لا أريدها، فما المانع من الصحة؟ !
ربما يقول قائل: المانع من الصحة أن هذه الثمرة الأخيرة وقع عليها العقد قبل أن توجَد، أو وقع العقد عليها إن كانت قد وُجِدت قبل بُدُوّ صلاحها، قد يقول قائل هكذا، يعني: ليست العلة الاختلاط والاشتباه، العلة أن هذه الثمرة الجديدة إما أن تكون مخلوقة عند بيع الأولى فيكون بيعها قبل بُدُوّ الصلاح، وإما أن تكون معدومة فيكون ذلك بيعَ معدوم.
لكن يمكن أن يجاب عن ذلك فيقال: إنَّ هذا ليس ببيع، تَنازُل مَن له الثمرة الثانية ليس بيعًا، ولكنه هبة وتبرُّع، ومعلوم أنه يجوز أن يتبرع الإنسان بثمر النخل قبل بدو صلاحه؛ لأن المنهي عنه إنما هو البيع، وأما الهبة والتبرع فإن الموهوب له والمتبرَّع له إما كاسب وإما سالِم؛ إما غانم إن بقي الثمر وصلح، وإلا سالم، ما فيه غرر ولا جهالة ولا مَيْسِر.
وهذا القول الثاني أصح؛ أنه إذا حصلت ثمرة واشتبهت بالأولى فنقول: اصطَلِحَا، فإن تَنازَل مَن له الثمرة الثانية قال: الكل عندي سواء، والثمرة التي حصلت بعد البيع هي له، فحينئذٍ نقول: البيع يبقى ولا نزاع ولا خصومة.
لكن يبقى المسألة الثالثة: إذا أَبَيَا أن يصطلحَا، وأبى مَن له الثمرة الثانية أن يهبها للأول، فماذا نصنع؟
يقول الفقهاء الذين قالوا بعدم بطلان البيع: يُجبَرون على الصلح، يُجبَر المشتري ومَن له الثمرة الجديدة على الصلح؛ لأنه لا يمكن الانفكاك إلا بهذا، وكوننا نبطل البيع قد يكون فيه ضرر على البائع أو المشتري، إن كانت الأمور قد رَخصت فالضرر على مَنْ؟
طالب: على البائع.
طالب آخر: المشتري.
الشيخ: أصلًا لا بد من الخلاف حتى وإن كان الأمر واضحًا، إذا كان البيع قد نزل؟
طالب: على البائع.
طالب آخر: على المشتري.
الشيخ: على البائع، واضح ما فيه إشكال، وإن كانت الثمرة قد زادت قيمتها فالضرر على المشتري، ولهذا نقول لهم: إذا حكمنا ببطلان البيع صار ضرر، فلا بد أن تصطلحَا، فإن أَبَيَا إلا بثالث يُصلِح بينهما قلنا: لا بأس، نقيم ثالثًا يصلح بينهما وتنتهي المشكلة.
يقول رحمه الله: (وحصل آخر واشتبها، أو عَرِيَّة فأتمرت)، (عرية فأتمرت) ما هي العريَّة؟ العريَّة هي شراء الرُّطب على رؤوس النخل بتمرٍ قديم لمن احتاج إلى الرُّطب وليس عنده ثمن يشتري به، فإنها تُخلَص الرطب حتى تكون مساويةً للتمر القديم في الكيل، ثم يَشتريها صاحب التمر القديم، وبشرط أن تكون خمسة أوسق أو أقل، ومرَّت علينا أظن.
هذا الفقير الذي ليس عنده مال وعنده تمر قديم جاء للفلاح فقال له: أنا محتاج للرطب، بِعني ثمرة هذه النخلة التي تأتي بعد يُبْسها خمسين صاعًا بخمسين صاعًا من التمر اللي عندي، يجوز أو لا؟ يجوز؛ لأن خمسين صاعًا أقل من خمسة أوسق، وهذا محتاج وليس عنده مال، يجوز.
أعطاه التمر، وهاذاك تخلَّى عن النخلة، قبْضُ التمر بماذا؟ بالكيل، وقبض النخلة بالتخلية، صاحب النخلة الفلاح خلَّاها له، وذاك أعطاه التمر بالكيل، ثم إن المشتري تركها حتى أتمرت، يقول المؤلف: إن البيع يبطل؛ لأن الشرع إنما أجاز بيع الرطب بالتمر مع أن الأصل أنه محرَّم من أجل دفع حاجة هذا الفقير الذي هو محتاجٌ لأيش؟ للرطب، والآن لما أهمل وتركها حتى أتمرت زالت العلة التي من أجلها أجاز الشرعُ بيعَ الرطب بالتمر.
إذن ما هي علة بطلان البيع؟ هي أن الحكمة التي من أجلها أُبِيحَ بيع الرطب بالتمر أيش؟ قد زالت، ولا يمكن أن نفتح للناس باب الخداع، نقول: لو أننا صححنا البيع وألزمنا بائع النخلة ببقاء العقد تَحيَّل الناس على هذا، فلذلك يقول المؤلف: إذا اشترى عريَّة فأتمرت بطل البيع.
ثم قال: (والكل للبائع)، الكل في هذه المسائل كلها إذا بطل البيع رجع لِمَن؟ رجع للبائع؛ لأنه ملكه، ويأخذ المشتري الثمن من البائع إن كان قد أقبضه إياه، وإن كان لم يُقبِضه إياه سقط عن ذمته.
ثم قال: (وإذا بَدَا ما له صلاح في الثمرة واشتد الحَبّ جاز بيعه مطلقًا وبشرط التَّبْقية).
(إذا بَدَا ما له صلاح في الثمرة واشتد الحَب جاز بيعه).
ما يعني بالثمرة؟ ثمرة النخل، ثمرة العنب، كل ما يسمى ثمرًا، وهو ما تُخرِجه الأشجار، هذا الثمر، ما يخرج من الشجر ثمر، وما يخرج من الأرض زرع.
يقول: (واشتد الحب) حَبّ أيش؟ حبّ الزرع، (جاز بيعه مطلقًا) يعني بدون شرط، ودليل الجواز أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه (1)، وجه الدلالة أن (حتى) للغاية، وما بعد الغاية مخالفٌ لما قبلها، فإذا كان ما قبل بدو الصلاح محرَّمًا، كان ما بعده أيش؟ جائزًا، ونهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن بيع الْحَب حتى يشتد (2)، فإذا كان نُهِيَ عنه قبل اشتداده و (حتى) للغاية، فما بعد الغاية مخالفٌ لما قبلها، فيكون جائزًا.
وقوله: (جاز بيعه مطلقًا) يبين إطلاق قوله: (وبشرط التبقية).
وبشرط القطع من باب أوْلى.
وعلى هذا فنقول في بيع الثمار بعد بدو صلاحها والحَب قبل اشتداد حَبِّه، نقول: أيضًا له ثلاث حالات، كما قلنا فيما كان قبل ذلك، نقول: ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن يبيعه بشرط القطع، فماذا يصنع؟ يصح البيع ويقطعه.
والثانية: أن يبيعه بشرط التبقية، جائز ولّا غير جائز؟
طالب: على المذهب.
الشيخ: جائز، نعم وهو كذلك، على المذهب وغير المذهب فيما أظن.
والثالث: أن يبيعه ويسكت، فهو أيضًا جائز، والدليل ما سمعتم من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وعن بيع الْحَبّ حتى يشتد.
أما مسألة الضمان وعدم الضمان فسيأتينا إن شاء الله تعالى فيما بعد.
(وبشرط التبقية، وللمشتري تبقيته إلى الحصاد والجذاذ).
للمشتري أن يُبَقِّيه (إلى الحصاد) وهذا في الزرع، (والجذاذ) وهذا في الثمر، له أن يُبْقِيه إلى الحصاد والجذاذ، وله أن يَجُذَّه قبلُ؟
طالب: نعم.
الشيخ: لماذا؟ لأنه ملكه، المشتري الآن ملك الثمرة، له أن يَجذَّها قبل أن يأتي أوان جَذِّها، وله أن يُبْقِيَها حتى يأتي أوان جذها، وكذلك في الزرع؛ له أن يحصده قبل وقت الحصاد، وله أن يُبْقِيَه إلى وقت الحصاد؛ لأنه مُلكه.
لكن هذا ليس على إطلاقه، بل يقال: بشرط ألَّا يتضرر الأصل بعد تأخيره عن وقت الحصاد والجذاذ، فإن تضرر فليس له ذلك، ويقال: إن ثمرة النخل إذا لم تُجَذّ في أوان جذها ضرَّ النخلة، فإذا ثبت قلنا للمشتري: إذا جاء وقت الجذاذ لا بد أن تَجُذّ، ولا يمكن أن تؤخِّر؛ لما في ذلك من الضرر.
كذلك بالحصاد، جاء وقت الحصاد وقال: ما عندي الآن ماكينة تحصد، ولا عندي آلة، نقول: لا بد أن تحصد، الرجل يقول: فَرِّغ الأرض، أنا أريد أن أزرع الأرض بزرع آخر، نقول: نعم، له ذلك.
إذن قول المؤلف: (تبقيته إلى الحصاد والجذاذ) يُفْهَم منه أنه ليس له أن يُبْقِيَه إلى ما بعد ذلك إلا برضا البائع، وهو كذلك.
(ويلزم البائعَ سَقْيُه إن احتاج إلى ذلك وإن تضرَّر أصله).
(يلزم البائعَ سقيُه)؛ سقي أيش؟ سقي الزرع، وسقي الثمر، والمراد سقي الشجر، لكنه قَيَّد ذلك بقوله:(إن احتاج إلى ذلك) بأن يكون الوقت حارًّا وتَيْبَس أصولُه فيضمر الثمر ويتغير، فنقول: يلزم البائعَ أيش؟
طالب: يلزمه أن يسقيه.
الشيخ: أن يسقيه، حتى وإن تضرر الأصل؟ يقول:(وإن تضرَّر الأصل).
فإن قال قائل: كيف نقول: إنه يلزمه سَقيُه وإن تضرر الأصل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (3)؟ قلنا: ما في هذا ضرر، ما فيه مضارة هنا، البائع باعه، والعادة جرت أنه يلزمه حفْظُه والقيام عليه إلى متى؟ إلى الجذاذ، فهو الذي ألزم نفسه بذلك، وهو الذي رضي لنفسه بالضرر، فيلزمه.
وقول المؤلف: (إن احتاج إلى ذلك)، مفهومه: إن لم يحتج فإنه لا يلزمه، وهذا هو الصحيح، خلافًا للمذهب في هذه المسألة، حيث قالوا: يلزمه سقيه سواءٌ احتاج أم لم يحتج، والصواب أنه لا يلزمه إلا إذا احتاج.
(ويلزم البائعَ سقيُه إذا احتاج إلى ذلك وإن تضرر الأصل، وإن تلفت بآفة سماوية رجع على البائع، وإن أتلفه آدمي) إلى آخره.
(إن تلفت) الضمير يعود على الثمرة، إذا تلفت بعد أن بِيعَت بعد بُدُوّ الصلاح تلفت، (بآفة سماوية) مثل: حَرّ شديد أفسد الثمر، بَرَد أسقط الثمر، جُنْدٌ لا يمكن تضمينه كذلك أفسد، مثل الآفة السماوية؛ لأنه لا يمكن تضمين هذا الجند، جَراد أكلها.
المهم أن الآفة السماوية أعم مما يظهر من لفظها، إذ إن المراد بها ما لا يمكن المشتريَ تضمينُها، سواءٌ كان بآفة سماوية لا صنع للآدمي فيه، أو بصنع آدمي لا يمكن أن يُضمَّن.
إذا تلفت بآفة سماوية، لنضرب مثلًا بأن الله تعالى أنزل بَرَدًا حتى أسقط جميع الثمر، التلف هنا بآفة سماوية، يقول المؤلف رحمه الله:(رجع على البائع).
مَنِ اللي يَرجع؟
طلبة: المشتري.
الشيخ: المشتري، يرجع على البائع، الدليل قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«إِذَا بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ » (4)، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بوضع الجوائح (5)، اللفظ الأول مفصَّل:«إِذَا بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ » .
فإن قال البائع: كيف أضمن وهو في ملك المشتري الآن؟
قلنا: لأن بيعَك إياه التزامٌ منك إلى حفظه والقيام عليه حتى يأتي وقت الجذاذ، فهي الآن في حفظك وإن كان المشتري قد ملكها وله أن يجذها وله أن يبيعها، لكنها مضمونة عليك؛ لكونك أنت المطالَب بحفظها إلى وقت الجذاذ.
إذا قُدِّر أن المشتري تهاوَن في جَذِّهَا في وقت الجذاذ حتى جاء المطر فأفسدها، فهل يرجع على البائع؟ لا يرجع، لماذا؟ لأنه هو الذي فرَّط، والبائع يقول: خُذ، جُذّ النخل، يقول: انتظر انتظر.
فإذا قال المشتري: أنا لي سيارات، أَجُذّ النخل وأحملها، ولم تأتِ السيارات بعد، وتركها حتى فات وقت الجذاذ وتلفت بآفة سماوية، هل يرجع أو لا؟
طلبة: لا يرجع.
الشيخ: لا يرجع؛ لأن هذا التفريط من نفس المشتري، فلا يرجع على البائع بشيء.
إذا كان الذي حصل على الثمر ليس تلفًا ولكنه نقص، بمعنى أن بعض القِنوان تغيَّر، حَشَّف؛ صار حَشَفًا، فهل يضمن البائع النقص؟
طلبة: نعم.
الشيخ: بعض الناس يقول: لا، وبعض الناس يقول: نعم، والصواب أن نقول: نعم يضمن النقص؛ لأنه إذا ضمن الكل ضمن البعض، هذا التمر الذي حَشَّف وصار لا يأكله إلا البهائم هو كالتالف في الواقع، فضمانُ النقص على مَن؟ على البائع.
فإن كان النقص بسبب المشتري، المشتري لا يعرف يجني ويَخرِف، فكان يمسك التمرة ويَعُرُّها، حتى الشَّماريخ تتشقق، ففسد الثمر، فهل يضمنه البائع؟
طلبة: لا.
الشيخ: ليش؟ لأنه مِن فعل المشتري، ولهذا يراقب الفلاحون؛ يراقبون الذين يَخرِفون الثمرة، إذا كانوا لا يعرفون واختلت الثمرة قالوا: نحن لا ضمان علينا، التفريط من المشتري، هو الذي أفسدها.
طالب: قلنا: إنه (
…
) جاز بيعه مطلقًا، ما يشمل ما يلقط؟
الشيخ: كيف؟
الطالب: مثل البطيخ، هل يجوز بيعه مطلقًا إذا بَدَا صلاحه؟
الشيخ: نعم.
الطالب: وقلنا: إنه إذا نما في الوقت المذهب يقولون ..
الشيخ: المذهب أنها تبطل، والصحيح أنه لا يبطل.
الطالب: ألم يقل يا شيخ: (إذا بدا ما له صلاحٌ في الثمرةِ جاز بيعه مطلقًا)؟
الشيخ: نعم.
الطالب: (
…
).
الشيخ: ويش معنى (مطلقًا)؟ يعني بشرط التبقية أو بشرط القطع أو بالسكوت.
الطالب: قد يكون شَرَط يا شيخ (
…
) على المذهب يصح أو لا يصح؟
الشيخ: بعد أن بَدَا صلاحه؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: صلاح الثمر؟
الطالب: البطيخ ..
الشيخ: إي نعم.
الطالب: بَدَا صلاحها ثم شَرَط (
…
).
الشيخ: لا ما يصح؛ لأنه إذا شرط عشرة أيام صار البيع ينعقد بعد عشرة أيام، وما نما في هذه المدة مجهول.
الطالب: ما بدا صلاحه يا شيخ؟
الشيخ: بَدَا، لكن هذا ينمو ويزداد، أما ثمر النخل فهو قليل جدًّا إذا نما بعد بدو الصلاح إن نما فهو نماءٌ قليل.
طالب: شيخ، إذا اشترط البائع على المشتري بأن صلاح النخل على المشتري.
الشيخ: بأن؟
الطالب: بأن حفظ النخل مِن سُقْيَا أو غيرها على المشتري، ووافق المشتري، ثم أصابته آفة سماوية، فهل الجائحة على البائع؟
الشيخ: الجائحة على البائع تكون، حتى هذا الشرط في صحته نظر؛ لأنه إذا اشترط عليه أن يسقيه فهذا السقي ما ندري، قد يحتاج إلى كثير وقد يحتاج إلى قليل؛ لأنه تبع الجو، إذا اشتد الحر معناه يحتاج إلى ماء كثير، فيكون هذا مجهولًا، ويعود بالثاني إلى جهالة الثمن.
طالب: وهل الشرط هذا باطل؟
الشيخ: والله هو للبطلان أقرب.
طالب: شيخ، إذا تلف الثمر وكان المشتري قد اشترى الثمرة مع أصلها، هل يكون على البائع ضمان؟
الشيخ: إذا اشتراها مع أصلها، يعني مثلًا اشترى النخل وفيه ثمر؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: فليس على البائع ضمان.
الطالب: أصابته آفة سماوية.
الشيخ: إي، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«إِذَا بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا» (4)، وهذا لم يَبْتَع ثمرًا، هذا باع أصلًا والثمرة له، ولهذا لا أحد يفكر يضمِّن البائع؛ لأنه انتقلت الشجرة بثمرتها.
طالب: شيخ، إذا باع الزرع بشرط البقاء إلى الحصاد، فتأخر المشتري ..
الشيخ: يعني بعد اشتداد حَبِّه؟
الطالب: اشتد حَبِّه، تأخر المشتري عن الحصاد، والبائع يريد أن يخلي الأرض لمحصول آخر، فهل له أن يبيعه على آخر في هذه الحال؟
الشيخ: البائع ما يبيع، لكن يجبر المشتري على أن يحصده.
الطالب: هل للبائع أن يحصده وتكون الأجرة على المشتري؟
الشيخ: ما يصير، تكون فوضى، لكن البائع يرفع الأمر إلى الجهة المسؤولة وهم يجبرونه.
طالب: شيخ، إذا اشترى مُشْتَرٍ الثمرة ثم عند جذاذها انكسرت شجرة البائع، هل عليه الضمان؟
الشيخ: كسر الشجرة؟ !
الطالب: يعني قطعها، عند جذاذ الثمر كسر شجرة النخيل.
الشيخ: النخلة ما تنكسر من هذا!
الطالب: بعض الأحيان يعني هو ما يعرف الجذاذ جيدًا ومسكها هكذا ..
طالب آخر: الشجر بعضه يُكْسَر يا شيخ.
الشيخ: الشجر يمكن، فعليه الضمان.
طالب: ضمان الشجرة؟
الشيخ: ضمان ما انكسر.
طالب: إذا نمت الثمار بالتراضي بين البائع والمشتري، هل للبائع أن يشترط أن يجعل له شيئًا من ثماره، يقول: أنا موافق وراضٍ ولكن اجعل لي شيئًا؟
الشيخ: إذا اصطلحَا على شيء ما فيه بأس.
طالب: شيخ، جزاكم الله خيرًا، إذا اشترى مشترٍ ثمارًا واحتاج الأصل إلى السُّقْيَا، فسقاها ولكن تأخر المشتري بتهاون إلى ما بعد الجذاذ، هل يضمن المشتري أم لا وتضرر الأصل؟
الشيخ: إذا تأخر المشتري في الجذاذ عن وقته فما حصل من تلف فهو على المشتري؛ لأنه هو الذي فرَّط. (
…
)
رجل اشترى فرَاخة؛ فراخة النخل، وطلب من البائع أن يبقيه إلى آخر السنة، فهل يصح هذا أو لا يصح؟
على مقتضى قواعد المذهب أنه لا يصح؛ لأن الذي ينمو مجهول، فيعود إلى جهالة المبيع، لكن الصحيح أنه لا بأس به؛ لأن هذا النماء نماءٌ يسير، ومعلوم، يعني يكاد يكون معلومًا، ولا يعد الناسُ هذا جهالة، فالصواب أن هذا لا بأس به.
طالب: الذي عليه الجذاذ يتضرر بسُقْيَا الأصل لا تضرُّر ثمر وإنما فوات كمال، كما يقول القشر ونحوه بسبب الماء، فهل يُلزم صاحب الأصل ألّا يسقي في هذا الوقت؟
الشيخ: إي نعم، إذا عُلِم أن سقي الأصل يضر الثمرة فإنه يُمْنَع.
الطالب: فوات كمال، ما هو بضرر وتلف، كمال.
الشيخ: إي ما يخالف، المهم أنه يضره.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: فهذا إذا كان ضمانه على البائع فمعلوم أنه لا يجوز أن يمكَّن مما يضر.
طالب: يا شيخ حفظك الله، لو أن إنسانًا اشترى تمرًا، يعني اشترى ثمرة، وقال للبائع: إن أذنت أن تُبْقِيَه إلى وقت الجذاذ، فأَذِن البائع، وقال له المشتري ..
الشيخ: يعني بعد بدو الصلاح؟
الطالب: بعد بدو الصلاح، وقال له المشتري على الإطلاق: سواء أصابها جائحة أو لم تصبها جائحة فالمال لك؟
الشيخ: هذا لا يصح الشرط؛ لأنه خلاف ما ثبت في الشرع؛ ولأن هذا يؤدي إلى الجهالة العظيمة؛ لأنه إذا شرط البائع على المشتري ألَّا يردها بالجائحة فالثمن سوف ينقص أو يزيد؟
طلبة: ينقص.
طالب آخر: إن اشترط الجائحة؟
الشيخ: إذا قال البائع للمشتري: أشترط عليك أنها إذا أُصيبت بجائحة فإنك لا ترجع عليّ، الثمن يزيد أو ينقص؟
الطالب: يزيد.
الشيخ: يزيد! أيش تقولون؟
طلبة: ينقص.
الشيخ: هذا ينقص، ما فيه شك، إذا نقص، مثلًا إذا قدَّرنا أنه لو رجع على البائع تساوي مئة، وإذا اشتُرِطَ عليه ألّا يرجع تساوي ثمانين، فهنا قد تصيبها الجائحة بأكثر من عشرين؛ لأن الفرق الآن عشرين في المئة، قد تصيبها جائحة بأكثر من عشرين، وقد لا تصيبها جائحة، فإن أصيبت بجائحة أكثر من عشرين فالمتضرر مَن؟ المشتري، وإن لم يصبها فالمتضرر البائع، وحينئذٍ يكون هذا شبيهًا بالميسر، والميسر حرام.
طالب: تعليل النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون يعني قيدًا، قال:«بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ » (4)، هل يشترط مرضاة المشتري؟
الشيخ: هذا بعد أن يقع، بعد أن تقع الجائحة لا بأس أن يتسامحَا.
***
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم.
قال رحمه الله تعالى في باب بيع الأصول والثمار:
وإن أتلفه آدميٌّ خُيِّرَ مشترٍ بين الفسخ وإمضاءِ ومطالبةِ المُتْلِف.
الشيخ: (بين الفسخ والإمضاء ومطالبةِ المُتْلِفِ)، يعني الإمضاء تابعة لما بعدها.
الطالب: وإن أتلفه آدميٌّ خُيِّرَ مُشْتَرٍ بين الفسخ والإمضاء ومطالبة المُتْلِف، وصلاحُ بعض الشجرة صلاحٌ لها ولسائر النوع الذي في البستان، وبَدُوُّ الصلاح في ثمر النخل أن تَحمرَّ أو تَصْفرّ، وفي العنب أن يَتَمَوَّه حُلْوًا، وفي بقية الثمرات أن يبدو فيه النضج، ويطيب أَكْلُه.
الشيخ: عندي أنا (الثمر).
طلبة: (الثمرات).
الشيخ: الثمرات؟ لا، اللي عندي أصح؛ لأنه لو كانت (الثمرات) لقال: أن يبدو فيها النضج.
الطالب: وفي بقيَّةِ الثمر أن يبدوَ فيه النُّضْجُ، ويطيب أكلُه، ومن باع عبدًا له مالٌ فمالُه لبائِعه، إلا أن يشترطَه المشتري، فإن كان قصدُه المالَ اشتُرِطَ عِلْمه، وسائرُ شروطِ البيعِ وإلا فلا، وثيابُ الجَمَال للبائع والعادةِ للمُشتري.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إذا بَدَا الصلاح في الثمر كم صورةً لبيعه؟
طالب: ثلاث صور.
الشيخ: نعم، الأولى.
الطالب: الأولى أن يكون (
…
).
الشيخ: قطعًا.
طالب: له ثلاث صور: يجوز بيعه مطلقًا.
الشيخ: أن يبيعه مطلقًا، ما معنى مطلقًا؟
الطالب: (
…
) البقاء.
الشيخ: يعني لا يشترط بقاءً ولا قطعًا، هذه واحدة.
الطالب: الثاني: أن يبيعه بشرط التبقية، والثالث: أن يبيعه بشرط القطع.
الشيخ: في الحال، ما هو الجائز من هذه الصور الثلاثة؟
طالب: أن يبيعه ب ..
الشيخ: أنت فاهم السؤال؟ باعه بعد بُدُوّ صلاحه، فله ثلاث صور، فما هو الجائز من هذه الصور الثلاثة؟
الطالب: أن يبيعه بشرط القطع.
الشيخ: والصورتان الباقيتان؟
الطالب: يرجع كله.
طالب آخر: كُلُّها جائزة يا شيخ.
الشيخ: كُلُّها جائزة؟
الطالب: نعم.
الشيخ: شرط القطع، والتبقية، والإطلاق؟
الطالب: والإطلاق، كلها جائزة.
الشيخ: إي، ما هي الحال التي يُفَرَّق فيها بين هذه الصور الثلاث؟
طالب: إذا كان قبل بُدُوّ صلاحه.
الشيخ: إذا كان قبل بُدُوّ صلاحه، فصِّل؟ إذا باع الثمر، ما هو العين، ما هي النخلة أو الشجرة، باع الثمر قبل بدو الصلاح؟
الطالب: إن باعه قبل بدو صلاحه، فإذا باعه مطلقًا فإنها لا تجوز.
الشيخ: الصورة الأولى أن يبيعه مطلقًا.
الطالب: لا تجوز.
الشيخ: والثانية؟
الطالب: الثانية أن يبيعه بشرط التبيقة.
الشيخ: والثالثة؟
الطالب: أن يبيعه بشرط القطع.
الشيخ: بشرط القطع، ما هي الصورة التي يجوز فيها البيع؟
الطالب: بشرط القطع.
الشيخ: إذا باعه بشرط القطع، أما بشرط التبقية أو على الإطلاق فإنه لا يصح.
الدليل على أنه لا يصح؟
طالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع الثمر حتى يبدو صلاحه. (1)
الشيخ: تمام، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، ما الذي خصص صورة القطع أنها جائزة والحديث عام؟
طالب: أن يأمن .. يعني الحكمة من النهي العاهة والانتفاع، فإذا قطع أَمِن العاهة.
الشيخ: فإذا شُرط القطع أمن العاهة، تمام، يعني إذن هذا التخصيص يسمى التخصيص بالعلة، كذا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: توافقون على هذا يا جماعة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: باعه بشرط القطع ولكنه تركه حتى نَمَا، أيش الحكم؟ باعه بشرط القطع وصح البيع كما سمعتم، لكنه تركه حتى نَمَا.
طالب: لا يجوز.
الشيخ: ما الذي لا يجوز؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: لكن تركه.
الطالب: هذا ما يجوز، (
…
).
الشيخ: السؤال الآن: باع هذا الثمر، ثمر النخل وهو لم يلوِّن بشرط القطع، ولكن المشتري تركه حتى نما وبدَا صلاحه؟
الطالب: لا يجوز.
الشيخ: ويش اللي ما يجوز؟ يعني يبطل البيع قصدك؟ يبطل البيع، توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: تمام، يوافقون على هذا؛ لأنه يُتَّخَذ حيلة إلى بيع الثمر قبل بدو صلاحه بهذا الشرط ثم يتركه.
باع جَزَّةً حاضرة –معروف- بشرط القطع، وتركها حتى نمت؟
طالب: (
…
) بطل البيع.
الشيخ: بطل البيع، ليش؟
الطالب: لأن النماء مجهول.
الشيخ: لأن ما حصل بالنماء مجهول، واختلط بمعلوم فصار الكل مجهولًا، أفهمتم يا جماعة؟
إذا اشترى جزة برسيم حاضرة ثم تركها لم يجزها في الحال بقيت حتى نمت، فالأخ يقول: بطل البيع؛ لأن هذا النماء الذي حصل مجهول ولّا غير مجهول؟
الطلبة: مجهول.
الشيخ: مجهول، ما ندري ويش قدره؛ لأن النمو يكون بالطول، ويكون بالتضخم، ولا ندري أيش مقداره، فيبقى مجهولًا، فالسؤال: هل هناك قول آخر في المسألة؟
طالب: نعم هناك قول آخر.
الشيخ: وهو؟
الطالب: إذا اصطلحَا، إذا اصطلح البائع والمشتري؛ لأن ال ..
الشيخ: إذا اصطلحَا فلا بأس.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: وإذا أسقط البائعُ حقَّه من النماء؟
الطالب: إن أسقط البائع حقه من النماء جاز.
الشيخ: جاز أيضًا، توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: وهذا هو الراجح؛ لأنه ليس هناك نهي كالثمر قبل بدو صلاحه، إنما هو لحق البائع، والبائع إذا أسقط حقه أو صالَح المشتري فلا بأس.
إذا باع ثمرًا بعد بدو صلاحه فمن الذي يلزمه ضمانه ومراعاته بسَقْي أو غيره من مصالحه؟
طالب: يلزم البائع.
الشيخ: وضمانه عليه؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ضمانه عليه.
الطالب: إذا تلف بآفة سماوية.
الشيخ: لا، أسألك: هل ضمانه عليه ولّا لا؟
الطالب: نعم ضمانه عليه.
الشيخ: ضمانه عليه.
إذا تلف هذا الثمر بفعل من المشتري، فهل على البائع ضمان؟
طالب: ليس على البائع ضمان.
الشيخ: توافقون؟
طلبة: نعم.
الشيخ: صحيح؛ لأن الضمان لو ضمنه البائع فهو للمشتري، والمشتري الآن هو الذي أضاع ماله وفرَّط.
لو تلف بآفة سماوية؟
طالب: إذا تلف بآفة سماوية فإن الضمان على البائع.
الشيخ: الضمان على البائع، الدليل؟
الطالب: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح.
الشيخ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، وقال:«إِذَا بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ » (4)
إذا أتلفه آدمي لا يمكن تضمينه كالجنود واللصوص وما أشبه ذلك؟
طالب: يُخَيَّر المشتري.
الشيخ: بارك الله فيك، ما يمكن تضمين الْمُتْلِف! جنود عظيمة، نزلت جنود السلطان بهذا الحائط وأكلته، ولا يمكن تضمينها، فعلى مَن يكون الضمان؟
الطالب: الضمان على المشتري.
الشيخ: لا إله إلا الله، غلط.
طالب: ما يضمنون هم.
الشيخ: الجنود ما يضمنون! لو حصل ضَمَّنَّاهم.
الطالب: لا ضمان على البائع.
الشيخ: لا ضمان على البائع ولّا على المشتري؟
الطالب: لا ضمان على البائع.
الشيخ: لا ضمان على البائع؟ ! سبحان الله!
طالب: الضمان على البائع؛ لأنه يدخل في الآفة السماوية.
الشيخ: لأنه كالآفة السماوية، توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، إذا أتلفه مَن لا يمكن ضمانه كاللصوص الذين لا نعرفهم، أو جنود السلطان الذين لا يمكن أن نُضَمِّنهم، فيكون هذا كالآفة السماوية بجامع أنه لا يمكن للمشتري أن يضمنهم، هذا الجامع وهو واضح.
إذا أتلفه آدمي معيَّن يمكن تضمينه فاستمع إليه، وهو بدء درس الليلة.
يقول رحمه الله: (وإن أتلفه آدمي خُيِّرَ مُشْتَرٍ بين الفسخ) هذا واحد، (والإمضاء ومطالبة المُتْلِف).
إذا أتلفه آدمي معيَّن يمكن تضمينه قيل للمشتري: أنت بالخيار، إن شئت فافسخ البيع، وحينئذ يكون الضمان على البائع، صح؟
طالب: الضمان على البائع.
طالب آخر: لا ضمان.
طالب آخر: (
…
).
الشيخ: لا إله إلا الله، يا إخواني، أتلفه آدمي معين يمكن تضمينه، قلنا للمشتري الذي اشترى الثمرة: أنت بالخيار، إن شئت فافسخ البيع، وإذا فسخ البيع على مَنْ يرجع؟
طلبة: على البائع.
الشيخ: على البائع، تمام، يرجع على البائع، وإن شئت أمضِ البيع وطالِب الْمُتْلِف؛ ولهذا قال:(والإمضاء ومطالبة المُتْلِف)، يُخَيَّر.
من المعلوم أنه إذا كان الخيار له فسوف يختار ما هو أنفع له، فإذا قُدِّر أن الثمن -ثمن الثمرة- زاد، فما هو الذي يختاره؟
طالب: يختار الإمضاء.
الشيخ: يختار الإمضاء، إذا قُدِّر أن ثمن الثمرة قد زاد يختار الإمضاء.
إذن إذا كان الثمن قد زاد فإنه سوف يختار الإمضاء ومطالبة المتلِف، فمثلًا إذا قُدِّر أنه اشترى الثمرة بمئة، ثم جاء إنسان وأتلفها، وصارت تساوي مئتين، أيهما أحسن؛ أن يفسخ البيع ويأخذ مئة من البائع، والبائع يرجع على الْمُتْلِف بمئتين، أو أن يأخذ من الْمُتْلِف مئتين؟
طلبة: الثاني.
الشيخ: الثاني لا شك، والعكس بالعكس، إذا كانت الثمرة قد نقصت فسيختار الفسخ ويرجع على البائع، وكذلك لو كان الْمُتْلِف مماطلًا أو فقيرًا والبائع غنيًّا فسيختار أيش؟ الفسخ، والعكس بالعكس؛ يختار الإمضاء.
على كُلِّ حال هذه الحكمة.
فإذا قال قائل: كيف تخيِّرونه بين الفسخ والإمضاء، والثمرة ملكه، وقد تلفت على ملكه؟ ! انتبهوا لهذا السؤال مهم، يعني لو قال قائل: إذا تلفت بآفة سماوية فمن المعلوم أنه لا يحل للبائع أن يأخذ من المشتري شيئًا بنص الحديث والمعنى المعقول، لكن إذا أتلفه آدمي معيَّن فلماذا لا نقول: إنه لا يُخيَّر في الفسخ؟ لأن الثمرة تلفت على ملك مَن؟ على ملك المشتري، وإذا تلفت فلْيُطالِب مَن أتلفها؛ لأنها ملكه.
قلنا: هذا سؤال وجيه ووارد، لكن لما كانت الثمرة في ضمان البائع صح أن نقول للمشتري: إن شئت أيش؟ فافسخ البيع؛ لأنها وإن كانت في ملكك أيها المشتري لكنها في ضمان مَن؟ في ضمان البائع، فهذا وجهه.
لكن لو قيل: بأنه لا يستحق الفسخ، لكان له وجه؛ لأن حقيقة الأمر أن الثمرة تلفت في ملكه، ومطالبة المتلِف ممكنة، فلا يرجع على البائع، نعم لو فرضنا أن البائع مفرِّط ورأى الرجل قد صعد الشجرة ليجذ الثمرة، فحينئذ نقول: القول بأنه يُخَيَّر بين الفسخ وبين الإمضاء ومطالبة الْمُتْلِف قول وجيه.
يقول رحمه الله: (وصلاح بعض الشجرة صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان).
(صلاح بعض الشجرة صلاح لها) كُلِّها، (ولسائر النوع الذي في البستان).
مثال ذلك: البستان فيه أنواع من التمر نعد ثلاثة أنواع:
النوع الأول؟
طلبة: سكري.
الشيخ: سكري، والثاني؟
طلبة: بَرْحِي.
الشيخ: بَرْحِي، والثالث: أم حمام.
بَدَا الصلاح في واحدة من البَرْحِي، يقول المؤلف: إن هذا بدو الصلاح في الشجرة صلاحٌ لها ولسائر النوع، ما هو النوع الذي .. ؟ البرحي، السكري وأم الْحَمام هل يكون صلاح البرحية صلاحًا لهما؟ الجواب: لا؛ لأن النوع مختلف.
وظاهر كلام المؤلف أنه سواء بِيعَ النوع جميعًا، أو بِيعَ تفريدًا، يعني بأن بِعْنَا التي بَدَا صلاحها وانتقل ملكها إلى المشتري، ثم بعنا البقية من نوعها على آخرين، ظاهر كلام المؤلف أيش؟ أن هذا صحيح، حيث ذكر أن صلاح بعض الثمرة صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان، وهذا أحد القولين في مذهب الإمام أحمد؛ أنه إذا بَدَا صلاح في شجرة فهو صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان.
أما المذهب فيقولون: إنْ بِيعَ النوع جميعًا فصلاح بعض الشجرة صلاحٌ للنوع؛ لأنه لما بِيعَ جميعًا صار كأنه نخلة واحدة، وصلاح بعض النخلة صلاح لجميعها، أما إذا أُفْرِد فإنك إذا بعت ما بدا صلاحه ثم جَدَّدْتَ عقدًا لِمَا لم يَبْدُ صلاحه صدَق عليك أنك بعت ثمرة قبل بدو صلاحها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها. (1)
وعلى هذا فيكون المذهب أصح مما هو ظاهر كلام المؤلف.
من العلماء من يقول: إن صلاح بعض الشجرة صلاح لها ولنوعها ولجنسها، فمثلًا إذا كان عند إنسان بستان فيه عشرة أنواع من النخل، وبَدَا الصلاح في نوع منها جاز بيع الجميع، الذي من نوعه والذي ليس من نوعه، لكن هل يجوز بيع العنب لأنه بَدَا صلاح ثمر النخل؟ لا؛ لأنه ليس من جنسه، وهؤلاء يقولون: التمر جنس واحد، كلٌّ بجميع أنواعه، فإذا بَدَا الصلاح في شجرة منه فهو صلاح للجميع، ولكن لا شك أن المذهب أدق، وهو أننا نعتبر كُلَّ نوعٍ على حدة، ثم إنْ بِيعَ النوعُ جميعًا فصلاح بعض الشجرة صلاح للجميع، وإن أُفرِد فلكل واحدة حكم نفسها.
ثم قال: (وبُدُّوّ الصلاح في ثَمَرِ النخل أن تَحمرَّ أو تَصفرَّ).
يعني أن تُلوِّن، ولونُ النخل إما أحمر وإما أصفر، ولا نعلم لونًا غير الأحمر والأصفر، أتعرفون نوعًا يلوِّن بغير الأحمر والأصفر؟
طالب: أسود.
الشيخ: أسود؟ فيه نخل يصير لونه أسود؟
طالب: فيه رطب (
…
).
الشيخ: لا، الرطب غير، هذا الذي يُلوِّن هو البلح قبل أن يكون رطبًا، وقبل أن يكون تمرًا.
على كُلِّ حال لو فُرِضَ أنه وُجِدَ بعض النخل أخضر، ثم إذا قارب النضوج صار أسود مثلًا، فالحكم يدور مع العلة، وتقييد ذلك بالاحمرار والاصفرار بناءً على الغالب، وما جرى بناءً على الغالب فليس له مفهوم.
(وفي العنب أن يتموَّه حُلْوًا)، شَرَطَ شرطين: أن يتموَّه، وأن تظهر فيه الحلاوة، ما معنى يتموَّه؟ معناه يلين، يصير ماءً؛ لأن العنب ما دام حِصْرِمًا فهو قاسٍ، فإذا لَانَ فهذا هو التموُّه، لكن لا بد مع ذلك أن يكون حلوًا، احترازًا مما لو تموَّه بآفة، كقلة الماء مثلًا، فإنه لا يكون ذلك صلاحًا، بل لا بد أن يتموه حلوًا.
عَبَّر بعض العلماء بقولهم: العنب أن يَسْوَدَّ، بدو الصلاح في العنب أن يَسْوَدّ، قياسًا على أيش؟ تلوين النخل، وهذا صحيح بالنسبة لما صلاحه باسوداده، لكن هناك عنب لا يَسْوَدّ، ولو بلغ الغاية في النضوج فإنه لا يَسْوَدّ.
ربما يوجد عنب أيضًا لا يتموه، عنب قاسٍ يتهرَّش، ولو كان قد بدا صلاحه، ولهذا عبر بعض أهل العلم بعبارة جامعة، قال: أن يطيب أكله، كما ذكره المؤلف في بقية الثمار، أن يطيب أكله، ولذلك يوجد الآن موجود في الأسواق، هل هو مُتَمَوِّه؟ لا، مُسْوَدّ؟ لا، أخضر قاسٍ ومع ذلك هو حلو، يطيب أكله.
(وفي بقية الثمر أن يبدو فيه النضج ويطيب أكله).
هذا بقية الثمر، وكلها تدور، حتى ثمار النخيل وثمار العنب وغيرها، كلها تدور على إمكان أكله واستساغته؛ لأنه إذا وصل إلى هذا الحد أمكن الانتفاع به، وقبل ذلك لا يمكن الانتفاع به إلا على كُرْه، وهو أيضًا إذا وصل إلى هذه الحال من النضج قلّتْ الآفات فيه والعاهات.
ثم قال: (ومن باع عبدًا له مال فماله لبائعه إلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ المُشْتَري).
(من باع عبدًا) كلمة (عبدًا) هنا تشمل العبيد والإماء، يعني مَن باع مملوكًا، (له مالٌ فماله لبائعه)، قد يبدو للإنسان أن هناك تناقضًا في العبارة؛ (له مال)، ثم قال:(فماله لبائعه)، فعلى هذا يرد على المال الواحد كم؟ مالكان، وهذا غير ممكن، أن يرد على مالٍ واحد مالكان من جهة واحدة، لكن قوله:(ومن باع عبدًا له مال) اللام هنا ليست للملك ولكنها للاختصاص، كما تقول: للفرس لجام وللدابة مِقْوَد، وما أشبه ذلك، فاللام هنا أيش؟ للاختصاص.
إذن ما هو المال الذي يكون للعبد؟ هو المال الذي اختصه سيده به، وقال: خذ أيها العبد هذا المال اتجر به، سُكَّرًا أو أرزًا أو سيارات أو غيرها، أعطاه إياه، قال: هذا بيدك، أنت بعه واتجر به، نقول: هذا المال لِمَنْ؟ المال للسيد ملكًا، وللعبد اختصاصًا.
إذن (عبدًا له مال) إضافة (مال) إلى العبد هنا إضافة اختصاص.
(فماله لبائعه)، هذه اللام في (لبائعه) لام المُلك أو المِلك، يعني التملك، المال للبائع، الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم:«وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» . (6)
وهنا نسأل: هل العبد يملك بالتمليك أو لا؟ يعني لو أن إنسانًا رأى عبدًا عليه ثياب رَثَّة ويحتاج إلى ثياب تقيه البَرْد، فملَّكه ثوبًا، قال: خذ هات ثوبًا لك، هل يملك هذا الثوب؟ عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ» يشمل ما كان بيده اختصاصًا أو تملُّكًا، وأنه لا يملك.
وقال بعض أهل العلم: إنه يملك بالتمليك، وفصَّل آخرون فقال: يملك بالتمليك من سيده دون غيره؛ لأن تمليك سيده إياه يعني رفع ملكه عن هذا الذي ملَّكه إياه، والحق للسيد، وعلى هذا يكون ما ملَّكه سيده ملكًا له، ليس لسيده فيما بعد أن يرجع فيه على سبيل الأخذ، يعني الرجوع في الهبة، وللعبد أن يتصرف فيه كما شاء بدون إذن السيد؛ لأنه مُلكه.
وظاهر الحديث العموم «فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ» ، حتى لو قلنا: يملك بالتملك، ما ملكه مالٌ له ولّا غير مال؟ يعني لو قلنا: العبد يملك بالتملك من السيد، صار الذي ملَّكه السيد له، إذا كان له دخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم:«فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ» .
إذا مات العبد وبيده مالٌ أعطاه السيد إياه يتجر به، وللعبد ابن حُرّ، فمَنِ الذي يرث هذا المال؟
طالب: السيد.
طالب آخر: المال للسيد.
الشيخ: إي، السيد أعطاه إياه، قال: هذا لك يا ولدي، ملك، أنت رجل وفيت وأديت، هذا ملكك، وكان لهذا العبد ابنٌ حر.
طالب: على التفصيل للأقوال الثلاثة.
الشيخ: إي، إن قلنا بأنه يملك بالتمليك، فماله لابنه، وإن قلنا: لا، فماله للسيد.
قال: (إلا أن يشترطه المشتري)، (يشترطه) الهاء في (يشترطه) تعود على المال؛ لأن المشتري ما يشترط السيد اللي باع.
إذن الضمير في قوله: (يشترطه) الهاء تعود على المال، فإذا اشترط المشتري المال فهو له؛ للحديث، وهو نصٌّ فيه:«إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» ، هو نص في ذلك، وحتى لو لم يرد النص على هذا فإن عموم قول الله تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] يشمل هذا؛ لأن الوفاء بالعقود يشمل الوفاء بأصل العقد ووصف العقد، والشروط المشروطة في العقد أيش؟ أوصاف له، ولحديث:«الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (7).
إذا اشترطه المشتري فهو له، لكن هنا يُشْكِل؛ إذا قدَّرْنا أن هذا العبد عنده عشرة آلاف ريال نقدًا، واشتراه المشتري بمئة ألف، واشترط أن المال الذي معه تبعه، فهنا يَرِد علينا إشكال؛ وهو أن تكون هذه المسألة من مسألة (مُدّ عجوة)؛ لأن فيه دراهم بدراهم، ومع أحد العِوَضَيْنِ من غير الجنس، فهل تُصَحِّحُون هذا أو لا؟
يقول المؤلف: فيه تفصيل (فإن كان قصدُه المال اشتُرِطَ علمه وسائر شروط البيع وإلا فلا)، إذا كان المشتري الذي اشترط أن مال العبد له إذا كان قصده المال فلا بد من شروط البيع، كل شروط البيع الثمانية، ولا بد أن يكون خاليًا من الربا، وإلا فلا.
كيف نعلم أن قصده المال أو أن قصده العبد؟ نعلم ذلك بالقرائن، إذا كان هذا الرجل محتاجًا إلى خادم -أعني المشتري- ويبحث عن رقيق يملكه ويجعله خادمًا له، لكنه اشترط أن يكون ماله تبعًا له؛ لأنه لا يحب أن يصرف هذا العبد عن تصرُّفِه الذي كان عليه من قبل؛ لأن المال لو أخذه السيد الأول اللي هو البائع ربما ينصدم العبد، فهو اشترط أن يكون ماله تبعًا له من أجل راحة العبد.
لكن قصده الأول ما هو؟ العبد، هذا نقول: لا يُشْتَرَط علم المال، ولا يشترط ألَّا يكون بينه وبين عِوَضه ربا، ولا يشترط أي شيء من الشروط.
لو قيل له -أي: للمشتري-: أنت اشترطت أن يكون ماله تبعًا له، هل تعلم ماله؟ قال: لا والله ما أعلمه، لكن أنا ما يهمني المال، يهمني مَن .. أيش؟ العبد، قلنا: لا يضر أن تجهل المال؛ لأنك قَصْدُك العبد.
لكن لو قال: أنا قصدي المال، أنا رأيت هذا العبد يَتَّجِر في محل تجارة وناجح، والمحل فيه أنواع من التجارة، أنا قصدي المال، لكن قلت: العبد، من أجل أن يندرج البيع، وأما العبد سأبيعه بضفيرة من شَعر، أنا قصدي المال، ماذا نقول له؟
نقول: إنما الأعمال بالنيات، لكن ما دام قصدك المال لا بد أن تجرد المال كله، حتى علبة الكبريت، ولا بد أن يكون هذا المال لا يجري فيه الربا بينه وبين الثمن، ولا بد أن يكون المبيع مشاهَدًا معلومًا، المهم أنه يُشْتَرَط جميع شروط البيع.
إذا قال قائل: ما هو الدليل؟ قلنا: عندنا حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هذا الحديث العظيم الذي تنبني عليه كل مسائل الدين، ما هو؟ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» . (8)
قال: (اشتُرِط علمُه وسائر شروط البيع وإلا فلا).
بقينا في الثياب، الفقهاء دقيقون، العبد عليه ثياب، له مال أو ما له مال، المهم عليه ثياب، هل ثيابه تبعه، ولّا نقول: إن البائع يُجَرِّدُه من ثيابه ويبيعه عليه عاريًا، حافيًا عاريًا؟ أيش نقول؟ فصَّل المؤلف قال:
أما (ثياب الجمال فهي للبائع)؛ لأنها خارجة عن حاجة العبد، وأما ثياب غير الجمال، ثياب (العادة) فهي للمشتري، صح؟
طالب: نعم.
الشيخ: ثياب العادة التي جرت العادة أن الناس يلبسونها هذه للمشتري تابعة للعبد، ثياب الجمال للبائع.
هل تختلف الأعراف في هذا؟
طالب: نعم.
الشيخ: لا تتعجلوا في الجواب، هل تختلف الأعراف في هذا، بمعنى أن ثياب جمال في عُرف ثياب عادة في عرفٍ آخر وبالعكس؟ نعم، لا شك أنها تختلف، وعلى هذا يُتْبَع العادة في ذلك، فيقال: إن عُدَّ هذا ثياب جمال فهو للبائع، إن عُدَّ ثياب عادة فهو للمشتري، والله أعلم.
طالب: إذا باع العبدَ البائعُ وصنع له عينًا صناعية، وإذا باع على المشتري وقال: هذه عين؟
الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله، ويش هذه الصورة؟
الطالب: هذا ليس من الثياب (
…
).
الشيخ: هذه أشد من ثياب العادة، نقول: اقلع العين وأعطها للبائع؟ !
الطالب: إي نعم.
الشيخ: حتى البائع ويش يستفيد منها؟
طالب: لو هو أسنانه ذهب يا شيخ.
طالب آخر: هو يمكن ذهب.
الشيخ: العين ذهب؟ !
الطالب: يمكن فيه يا شيخ.
الشيخ: لا، ما فيه، على كل حال هذه معروفة أنها تتبع العبد ولا إشكال في هذا، هي أبلغ من ثياب العادة، فإن خاف المشتري أن يَغْشِمَه البائع ويقول: اقلع عينه، يشترط العين، يقول: ترى عينه معه، لكن لعلك تقلب المسألة وتقول: مرايات، العبد عليه مرايات يعني نظارات في العين، هل تتبعه في البيع ولّا لا؟
طالب: نعم.
طالب آخر: لا.
طالب آخر: إن كانت جمالًا لا تتبع.
طالب آخر: هذه من حاجات العبد.
الشيخ: مَن يحط نظارات جمال؟ !
طالب: نظارات شمسية.
الشيخ: على كل حال إذن حكمها حكم الثياب، ما احتاج إليه العبد منها فهي تبع له، وما لا فلا.
إذا كان عنده مرايات للنظر، ومرايات للقراءة؟
طالب: حاجة كلها.
الشيخ: تتبع كلها؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لأنه محتاج إليها.
طالب: (
…
) ثياب الآدمي من ثياب الجمال.
الشيخ: إي نعم، يتبع العرف في هذا؛ لأنه ربما عبيد الأغنياء ليسوا كعبيد الفقراء.
الطالب: الأغنياء فيما بينهم (
…
).
الشيخ: الكلام على العبيد.
الطالب: أين هو؟
الشيخ: أقول: عبد غني، الإنسان اللي سيده غني لباس العادة عنده ثياب جمال عند مَن سيده فقير.
طالب: المذهب يقولون: إذا بَدَا الصلاح (
…
) إن باعه كله جاز وإن باعه تفريدًا لم يَجُز.
الشيخ: إن باعه كله.
الطالب: إن باعه كله نعم، هذا القول متناقض.
الشيخ: متناقض، سبحان الله!
الطالب: إما أن نقول بجواز بيعه مطلقًا جميعًا أو تفريدًا (
…
)؛ لأن ما الفرق بين أن يبيع حبة واحدة من نخلته ثم يبيعه جميعًا فيصح، أو أنه يبيعه تفريدًا لم يبد صلاحه ويحرم؛ لأنه إن قلنا بجواز بيع .. ؟
الشيخ: إحنا ما بَيَّنَّا وجه الفرق؟ بَيَّنَّا وجه الفرق، وقلنا: إذا باع النوى كله كأنه نخلة واحدة لأنها صفقة واحدة.
الطالب: (
…
).
الشيخ: إذا باع التي بَدَا صلاحها بقي الآخر له صفقة مستقلة، فإذا باعه؛ باع الباقي، فقد باع ما لم يَبْدُ صلاحه.
الطالب: (
…
).
الشيخ: ما فيها تناقض، تأمَّلْهَا. (
…
)
طالب: بالنسبة لنفس المسألة السابقة.
الشيخ: وهي؟
الطالب: مسألة بيع بعض البستان، باع ربع البستان، لم يبع البستان كله لكن باع ربعه وبدت في ربعه صلاح نخله، فهل نقول في هذه الحال: نلحقها بال ..
الشيخ: لكن هذا الربع اللي باعه، هل هو نوع واحد ولّا أنواع؟
الطالب: نوع واحد.
الشيخ: وباعه جميعه؟
الطالب: ربع البستان جميعه.
الشيخ: ربع البستان جميعه، وهو من نوعٍ واحد، وبَدَا الصلاح في واحدة منه، يصح.
طالب: عفا الله عنك، الزيتون، بماذا يُعْرَف بدو صلاحه؟
الشيخ: والله يعرفه أهل الصنف.
الطالب: الآن هو ما يتغير طعمه إلا إذا قُطِع وخُلِّل؟
الشيخ: إذن يقال: إنه يباع جَزَّة جَزَّة مثل البطيخ، لَقْطَة لَقْطَة، يلقَّط، إذا بلغ الغاية اللي يعرفونها يباع.
طالب: شيخ، إذا باع الأرض وفيها (
…
).
الشيخ: يتبع، يعني ليس للبائع إذا باع الأرض إلا اللقطة الظاهرة الحاصلة.
الطالب: ولكن يُجْبَر (
…
).
الشيخ: هذا ينبني على الخلاف في المسألة إذا نما، ولَّا الأصل أنه يُجْبَر عليه في الحال، وإلا يتفق مع المشتري بأن يبقى بسهم.
طالب: ما فهمت لماذا جاز بيع النخلة التي بَدَا صلاحها بمثل النوع الذي لم يَبْدُ صلاحه (
…
).
الشيخ: سمعتم إشكاله؟ من يجيب عنه؟
طالب: السؤال؟
الشيخ: يقول: لماذا لا يجوز بيع النخل الذي لم يَبْدُ صلاحه منفردًا، ويجوز مع الأخرى؟
طالب: لماذا جاز بيع النوع الذي (
…
).
الشيخ: نعم، هذا سؤالك.
طالب: أقول: إنه إذا باعه صفقة واحدة فهو كالنخلة الواحدة.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: وأما إذا باعه وفرَّقه فإن الذي (
…
) الصلاح يكون يعني كأنه نوع مختلف.
الشيخ: نعم.
طالب: العلة نهي النهي صلى الله عليه وسلم عن بيع ال ..
الشيخ: الآن مثلًا إذا بعت النوع جميعًا فقد بعت ثمرًا بَدَا صلاحه.
الطالب: نخلة واحدة.
الشيخ: لا، بس الجميع صفقة واحدة.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لكن الصفقة واحدة، البيعة واحدة، ولهذا النخلة الواحدة لو كان مثلًا فيها أربعة قنوان، وبَدَا الصلاح في قنوٍ واحد، هل نقول: لا يصح بيع الأربعة الثانية؟ يصح، فالمهم أنه إذا كان صفقة واحدة فالنوع الواحد كنخلة واحدة، ولهذا نقول: البيع إما أن يبيعه تفريقًا وتفريدًا فلكل واحدة حكم نفسها، أو يبيع نوعًا منه صفقة واحدة فيكفي بُدُوّ الصلاح في واحدة، أو يبيع البستان كله بجميع أنواعه، فلا بد أن يكون من كل نوع نخلة واحدة قد بَدَا صلاحها.
(
…
)
فما الذي يدخل وما الذي لا يدخل؟
طالب: إذا باع الشجرة فإن كان الثمر قد أُبِّرَ فإنه يكون ..
الشيخ: إذا باع نخلًا ما الذي يدخل؟ نخل غير وقت الثمر، إذا باع نخلة فهل تدخل الأرض؟ وإذا باع أرضًا فهل تدخل النخلة؟
الطالب: إذا باع نخلًا فلا تدخل الأرض.
الشيخ: نعم.
الطالب: لكن العرف الآن ..
الشيخ: اصبر ما وصلنا، وإن باع أرضًا؟
الطالب: دخلت النخلة.
الشيخ: دخلت النخلة، ما هي العلة؟ لماذا إذا باع أرضًا دخلت الشجرة، وإذا باع شجرة نخلة لم تدخل الأرض؟
الطالب: لأن النخلة فرع، والفرع يتبع الأصل.
الشيخ: والفرع يتبع الأصل؟ ! الأصل ما فيه بيع.
الطالب: الأصل الأرض، فإذا بيعت النخلة تتبع ال ..
الشيخ: لا تتبع الأرض.
الطالب: إذا بيعت الأرض.
الشيخ: لا، بيعت النخلة فهل تدخل الأرض؟
الطالب: لا تدخل الأرض.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأن الفرع لا يتبع الأصل.
الشيخ: الفرع لا يتبع الأصل!
الطالب: يعني لا يدخل في الأصل.
الشيخ: كيف الفرع لا يدخل الأصل؟ ! الفرع يتبع الأصل، اعكس تُصِب.
الطالب: لأن الأصل لا يتبع الفرع.
الشيخ: لأن الأصل لا يتبع الفرع.
وإذا باع أرضًا وفيها نخلة؟
الطالب: فإن النخلة تدخل.
الشيخ: تدخل في البيع؛ لأن الفرع يتبع الأصل، تمام، هذه القاعدة.
أشار الأخ إلى عُرْف يقتضي خلاف ما ذُكِر.
طالب: العُرْف أنه الآن إذا باع النخل أنهم يقصدون به النخل أي والأرض معها.
الشيخ: نعم، إذا قالوا: فلان باع نخله على فلان.
الطالب: فيقصدون به الأرض والنخل.
الشيخ: الأرض والنخل، هذا العُرف، إذا تعارض العُرْف واللغة، أو العُرْف والقاعدة الفقهية، فما الذي يقدَّم؟
الطالب: إذا تعارض العُرف والقاعدة الفقهية يقدَّم العرف؛ لأن الناس هنا يتبايعون بأعرافهم.
الشيخ: أحسنت، يقدَّم العُرْف، تمام، وعلى هذا فإذا وجدنا وثيقة أن فلانًا ابن فلان باع نخله على فلان ابن فلان، نقول: هذا يشمل كل الحائط، أرضه وشجره.
إذا باع أرضًا ما الذي يدخل في البيع؟
طالب: يدخل كل ما تشمله الأرض (
…
) البناء.
الشيخ: والبناء، ويش بعد؟
الطالب: والزرع.
الشيخ: الزرع مطلقًا؟
الطالب: الزرع إلى (
…
).
الشيخ: إلى الآن ما وصلنا، إلى الحصاد للبائع، وبعد الحصاد يكون للمشتري.
الطالب: لا، أصوله للبائع.
الشيخ: فصِّل تفصيلًا بيِّنًا.
الطالب: إذا باع الأرض شمل البناء.
الشيخ: شمل البناء واضحة، البناء ليس شجرةً ولا زرعًا، يشمل البناء.
الطالب: والنخل.
الشيخ: والنخل.
الطالب: والنخل ليس مطلقًا، ولكن إذا كان قد أُبِّرَ (
…
).
الشيخ: لا، ما هي الثمرة هذه، نحن نتكلم عن الأصول، شوف كل اللي في الباب أصول، الفصل تكلم على الثمار.
(باب السلم)
وهو عَقْدٌ على مَوصوفٍ في الذِّمَّةِ مُؤَجَّلٍ بثَمَنٍ مقبوضٍ بمَجْلِسِ الْعَقْدِ، ويَصِحُّ بألفاظِ البيعِ والسَّلَمِ والسلَفِ بشُروطٍ سَبعةٍ:
(أحدُها): انضباطُ صِفاتِه بِمَكِيلٍ ومَوزونٍ ومَذروعٍ، وأمَّا المعدودُ الْمُخْتَلِفُ كالفواكِهِ والبقولِ والْجُلودِ والرؤوسِ والأوانِي الْمُختَلِفَةِ الرؤوسِ ، والأوساطِ كالقَمَاقِمِ والأسطالِ الضَّيِّقَةِ الرؤوسِ ، والجواهِرِ والحاملِ من الحيوانِ ، وكلِّ مَغشوشٍ وما يَجْمَعُ أَخْلَاطًا غيرَ مُتَمَيِّزَةٍ كالغالِيَةِ والْمَعَاجينِ فلا يَصِحُّ السَّلَمُ فيه، ويَصِحُّ في الحيوانِ والثيابِ المنسوجةِ من نَوعينِ ، وما خَلَطَه غيرَ مَقصودٍ كالْجُبْنِ وخَلِّ التمْرِ والسَّكنْجَبِينَ ونحوِها.
(الثاني): ذِكْرُ الجنْسِ والنوعِ وكلِّ وَصْفٍ يَخْتَلِفُ به الثَّمَنُ ظاهرًا
إذا وجدنا وثيقة أن فلانًا ابن فلان باعه نخله على فلان ابن فلان، نقول: هذا يشمل كل الحائط أرضه وشجره، إذا باع أرضه، ما الذي يدخل في البيع؟
طالب: يدخل كل ما تشمله القيمة (
…
) البناء ..
الشيخ: البناء، ويش بعد؟
الطالب: الزرع.
الشيخ: الزرع مطلقًا؟
الطالب: الزرع إلى الحصاد يكون للبائع.
الشيخ: إلى الآن ما وصل، إلى الحصاد للبائع، وبعد الحصاد يكون للمشتري.
الطالب: لا، (
…
) للمشتري.
الشيخ: فصِّل تفصيلًا بيِّنًا.
طالب: إذا باع الأرض يشمل البناء.
الشيخ: شمل البناء، واضح، البناء ليس شجرةً ولا زرعًا، يشمل البناء.
الطالب: والنخل.
الشيخ: والنخل.
الطالب: والنخل ليس مطلقًا، ولكن إذا كان قد أُبِّر (
…
).
الشيخ: لا، ما هي الثمرة هذه، الأصول الآن، نحن نتكلم عن الأصول، شوف كل اللي في الباب أصول، الفصل تكلم على الثمار.
طالب: إذا باع أرضه.
الشيخ: نعم، شمل بناءها، وشمل غرسها مطلقًا.
الطالب: شمل الغرس.
الشيخ: مطلقًا.
طالب: إذا باعها شمله مطلقًا.
الشيخ: طيب، وغير، الزرع.
الطالب: الزرع والأصول، أصول الثمار.
الشيخ: إذا باع أرضًا، فما حكم زرعها، هل يدخل في البيع أو لا يدخل؟
الطالب: نعم، يدخل في البيع.
الشيخ: مطلقًا؟
الطالب: ليس مطلقًا.
الشيخ: فصِّل.
الطالب: إذا باع الزرع فأصوله ..
الشيخ: إذا باع الأرض.
الطالب: إذا كان الزرع يُجزُّ أو يلقط فالجزة واللقطة ظاهرة فتكون للبائع، إلا أن يشترطه المشتري.
الشيخ: نعم، والأصول؟
الطالب: والأصول تكون للبائع.
الشيخ: تكون للبائع؟ !
الطالب: نعم.
الشيخ: كيف تقول: الجزة الظاهرة للبائع، ثم تقول: والأصول للبائع؟
الطالب: لا، الجزة واللقطة.
الشيخ: إي نعم، الظاهرة.
الطالب: الظاهرة للبائع.
الشيخ: للبائع، والأصول؟
الطالب: للمشتري.
الشيخ: للمشتري، هذه إذا كان يُجَزُّ ويلقط مرارًا، إذا كان لا يجز إلا مرة؟
الطالب: إذا كان لا يجز إلا مرة فيضحى إلى الحصاد ويكون للبائع إلا أن يشترطه المشتري، إذا اشترط ذلك ..
الشيخ: إذن الآن حصرًا لذلك نقول: إذا باع أرضًا شمل بناءها، يحتاج إلى تفصيل؟
طلبة: لا.
الشيخ: شمل غرسها.
طالب: ما يحتاج إلى تفصيل.
الشيخ: ما يحتاج إلى تفصيل. شمل زرعها؟
طلبة: يحتاج إلى تفصيل.
الشيخ: يحتاج إلى تفصيل، إذا كان الزرع لا يُلقط إلا مرة فإنه يكون مبقًّى للبائع إلى الحصاد، وإن كان يُجز ويلقط مرارًا فالأصول للمشتري، والجزة الموجودة حين البيع تكون للبائع. هذا حاصل بيع الأرض وما يدخل في بيعها.
يقول: (إذا اشترطَ المُشتري ذلك صحَّ)، ما هو الدليل؟
طالب: الدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا» (1)، طيب يا شيخ المسألة؟
الشيخ: المسألة يقول: إنه إذا اشترط المشتري ذلك صحَّ، اللقطة الظاهرة تكون للبائع، الجزة الظاهرة للبائع، إذا اشترطها المشتري يقول: يصح.
الطالب: نعم، مفهوم الحديث.
الشيخ: أي حديث؟
الطالب: حديث: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ» .
الشيخ: لا يا أخي، هذه أرض، كلامنا على الأرض، باع أرضًا وفيها زرعٌ يُلقط مرارًا وفيها الآن جزة جاهزة.
الطالب: إذا اشترطها المشتري صحَّ.
الشيخ: إذا اشترطها المشتري صح، ما هو الدليل؟
الطالب: أشياء كثيرة منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، والأمر بالوفاء بالعقد أمر به وبوصفه.
الشيخ: وبوصفه. إذا باع عبدًا واشترط الولاء له، البائع؟
الطالب: هذا لا يجوز.
الشيخ: ما هو {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ؟
الطالب: نعم، لكن يأتي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:«الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (2).
الشيخ: طيب، إذن هذا الدليل، إذا اشترط المشتري هذا صحَّ، فيه دليل أولًا:«مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» (3)، والجزة الظاهرة أو اللقطة الظاهرة عند البيع تكون للبائع كمال العبد إلا إذا اشترطه المشتري، فهو قياسًا على مال العبد، يجوز.
رجل باع نخلة فيها سِتَّة قنوان؛ اثنان مؤبَّران وأربعة غير مؤبرة؟
طالب: قلنا: إن ما لم يُؤَبَّر يتبع (
…
) ويصبح للبائع.
الشيخ: كل الستة للبائع؟
الطالب: جميع ما في النخل.
الشيخ: يعني: كل الستة، ما ذكرنا إلا الستة، بعد توهمنا بشيء ثان.
الطالب: ما لم يؤبَّر، يتبعها.
الشيخ: ما لم يؤبر.
الطالب: تبع لما (
…
).
الشيخ: فتكون لمن؟
الطالب: تكون للبائع.
الشيخ: تكون للبائع، الدليل؟
الطالب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ» .
الشيخ: قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا» (1) إي نعم. وهل الحكم معلَّق بالتأبير أو معلق بالتشقق؟
الطالب: على المذهب علَّقه بالتشقق، على كلام المؤلف، وذكرتم أن الراجح أنه (
…
) قبل التأبير ..
الشيخ: وفيما رجحناه نظر!
الطالب: متأخر.
الشيخ: نعم؟
الطالب: النظر الآن.
الشيخ: لا، أنت قلت: ذكرتم، يعني إذا قلتَ: ذكرتم، معناها أنك غير مرتضيه.
الطالب: وهم في العبارة يا شيخ.
الشيخ: إذن الصحيح أنه معلق بأيش؟
الطالب: معلق بالتأبير.
الشيخ: بالتأبير؛ لأن هذا هو لفظ الحديث، ولأنه بعد التأبير تكون نفس البائع متعلقة به؛ لأنه عمل فيه عملًا بخلاف ما قبل ذلك.
رجل باع نخله، وفيها عُسُب يابسة، فلمن تكون العسب اليابسة؟
طالب: العسب اليابسة ما أعرفها، يا شيخ.
الشيخ: تعرف عسيب النخل؟ أغصانها؛ هذا العسيب.
الطالب: والورق (
…
).
الشيخ: أسألك الآن: هل العسيب اليابس يتبع النخلة ولّا لا؟
الطالب: ثمر ولّا ما هو بثمر؛ العسيب؟
الشيخ: لا، العسيب ما فيه ثمر.
الطالب: للمشتري، إذا كان ما هو ثمر، فهو للمشتري.
الشيخ: لكن يابس؟
الطالب: ولو كان يابسًا.
الشيخ: ولو كان يابسًا، توافقونه؟
طالب: لا.
الشيخ: لا توافقه.
الطالب: الأَولى الآن يقتضي أنه لا يتبع النخل؛ لأنه منفصل هذا.
الشيخ: لأنه منفصل؟
الطالب: نعم.
الشيخ: إي نعم.
طالب: المعلق هذا غير مقطوع.
الشيخ: لا ما قُطع، هو لو قطع ما فيه إشكال، لكن اليابس يعتبر للبائع كالثمر المؤبَّر؛ لأنه انتهى، الشجرة لا تنتفع به ولا ينمو، فهو كالثمرة المؤبَّرة.
باع نخلة وفيها ودي؟
طالب: ودي؟ !
الشيخ: إي نعم.
الطالب: ودي، ما أعرفه؟
الشيخ: ما تعرفه، الولد الصغير في النخلة.
الطالب: هذا للمشتري؛ لأنه تابع لها، لأنه ما يملك بغير شجرة كبيرة، تابع للشجرة، فهو للمشتري.
الشيخ: مَن عنده جواب آخر؟ هل أولاد النخلة الصغار تتبع النخل أو هي كالثمرة منفصلة؟
الجواب أنها منفصلة ما لم يُنص عليها أو ما لم يكن الجذع واحدًا، إن كان الجذع واحدًا فهو يدخل؛ لأنه فيه أحيانًا تكون النخلة يطلع جذع واحد ثم يتفرع، وأحيانًا تكون الغريسة عروقها في الأرض، ما لها دخل في الأم.
على كل حال أتينا بشيء لم نقله في الدرس، متى يصح بيع الثمر -ما هو الشجر- متى يصح بيع الثمر قبل صلاحه؟
طالب: يصح مع بيع الأرض، إذا باع الأرض شمل ..
الشيخ: لا، الثمر، متى يصح بيع الثمر قبل بدو صلاحه؟
الطالب: إذا باع أصل الثمر.
الشيخ: يعني: ويش لونه؟
الطالب: يعني: باع نخلة كاملة.
الشيخ: يعني: إذا باعه مع أصله؟
الطالب: مع الأصل.
الشيخ: دليلك على أنه يصح قبل بدو صلاحه إذا باعه مع أصله؟
الطالب: أنه باع الأصل.
الشيخ: دليل؟ إذا قلت: دليل؛ معناه قوله تعالى أو قول الرسول، أما (لأن) هذا تعليل.
الطالب: (
…
) بيع الثمر قبل بدو صلاحه، مفهوم الحديث إذا باع الأصل (
…
).
الشيخ: ما هو ظاهر.
طالب: الدليل هو نفسه حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه (4)، فإذا أراد أن (
…
) منعًا للنزاع.
الشيخ: لا، ما هو بواضح.
طالب: مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَ فَثَمَرُهُ لِلْبَائِعِ» ، وهذا لم يُؤبَّر، وما دام أنه لم يُؤبَّر مفهوم (
…
).
الشيخ: كيف؟ مُؤبَّر؛ ما بقي إلا قليل ثم يلون.
الطالب: كما قال الأخ: لأن الفرع يتبع الأصل، إذا باع النخلة يعني:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275].
الشيخ: خطأ.
طالب: شيخ، يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ صلاحها بشرط القبض في الحال.
الشيخ: إي، هذه واحدة، وغير؟
طالب: بشرط أن يُنتفع منها.
الشيخ: لا، هذا بشرط (
…
) في الحال إذا انتفع به، لكن نبغي المسألة الثانية، ما قلتم: إذا باعها مع أصلها؟ هذا صحيح، لكننا نريد الدليل، الدليل قول الرسول عليه الصلاة والسلام:«مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» (1)، فقوله:«إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا» دليل على أنه يصح بيعها مع أصلها وإن لم يَبْدُ صلاحها، وهذا واضح، يعني توًّا أُبِّرت الآن، بعتها مع أصلها؛ يعني: بعت النخلة، فقال المشتري: أنا أريد الثمرة. قلت: نعم، هذا يصح (
…
).
الشيخ: إي نعم، (
…
) طيب، فيه مسألة ثالثة أيضًا استثناها الفقهاء لكن فيها نظر.
طالب: أن يبيع الثمرة على مالك الأصل.
الشيخ: على مالك الأصل، إذا باع الثمرة على مالك الأصل أجازوا ذلك والصحيح عدم الجواز، فنطلب الآن مثالًا لبيع الثمرة على مالك الأصل.
طالب: رجل وعد شخصًا نخلًا (
…
).
طالب آخر: مثاله: أن رجلًا باع نخلًا لرجل آخر ..
الشيخ: قد أُبِّر.
الطالب: بعد التأبير، ولكن باعه قبل بُدوِّ صلاحه لهذا البائع الأول.
الشيخ: الآن مثاله: رجل باع نخلًا قد أُبِّر، فالثمرة لمن؟
الطالب: بعد أن أُبِّرَت الثمرة للبائع.
الشيخ: أحسنت، الآن الثمرة للبائع والأصل للمشتري، قبل أن يبدو صلاحها، هذا الثمر الذي للبائع باعه على المشتري، هذه المسألة، المذهب: أنه يصح؛ لأنه باعه لمالك الأصل، والصواب أنه لا يصح؛ لعموم الحديث.
فإن قال قائل: أليس المشتري لو اشترط الثمر في هذه الحال لكان له؟ فالجواب: بلى، إذن لماذا لا يصح؟
الجواب: الفرق أن هذا صار عقدين والأول عقد واحد، فهذا بعد أن ملكه البائع ذهب يبيعه على المشتري فصار عقدين، أما إذا اشتراه وقد أُبِّر، ثم اشترط أن الثمرة له فهذا عقد واحد، ودخول الثمرة هنا تبعًا للأصل، دخلت بشرط لا بعقد، هذا هو الفرق بينهما.
طالب: إن باع أرضًا تشمل الميراث، وقلنا -يا شيخ-: إن لها تقسيمًا، التأبير -يا شيخ- ما يُفَصَّل بأنها إن كانت مؤبرة أو غير مؤبرة؟
الشيخ: سامحك الله ورزقك فهمًا، التأبير وعدمه هذا في مسألة إذا باع النخلة فقط دون الأصل.
طالب: مثلها بقية (
…
) إلا بالتأبير.
الشيخ: إي نعم، مثلها مثل النخلة (
…
).
المناقشة ابتداءً من (إن باعه مطلقًا)، كذا؟
طالب: نعم.
الشيخ: رجل باع ثمرًا قبل بدو صلاحه ولم يشترط القطع.
طالب: لا يجوز.
الشيخ: يجوز ولَّا ما يجوز؟
الطالب: ما يجوز البيع، يبطل البيع.
الشيخ: لا يجوز.
الطالب: يبطل البيع.
الشيخ: لا، ما هو يبطل البيع، لا يجوز؛ لأن هذا البيع لم ينعقد، والبطلان فرع عن الانعقاد، إذن البيع غير صحيح، الدليل؟
الطالب: الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ ثَمَرًا قَبْلَ أَنْ يُؤَبَّرَ» (5).
الشيخ: لا، هذا في النخل، إذا كان نخلًا.
الطالب: قبل بدو صلاحه.
الشيخ: لكن، ويش الحديث؟
طالب: نهى عن بيع النخل حتى تزهو.
الشيخ: أن الرسول نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو، قيل لأنس: ما تزهو؟ قال: تحمر أو تصفر (6). إذا باعه بشرط القطع؟
طالب: إذا باعه بشرط القطع فله أن يقطعه ويصح البيع.
الشيخ: يصح البيع؟
الطالب: نعم.
الشيخ: كيف يصح مع أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه (4)؟
الطالب: لأنه اشترط عليه أنه يقطعه في الحال، فإذا قطعه في الحال فإن البيع يصح؛ لأنه لن يقع في النهي الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
طالب آخر: شيخ، يقال: إن النهي العلة من ذلك حتى لا يكون نزاع بينهما، فإذا اشترط القطع في الحال وقطعه فلن يكون نزاع بينهما.
الشيخ: نعم، هكذا كان؛ لأن سبب الحديث هو أنه كانوا يبيعون الثمر قبل بُدُوِّ صلاحه فيحصل فيه اختلاف، فنهاهم الرسول عليه الصلاة والسلام.
رجل اشترى جزة من البرسيم وتركها لمدة عشرة أيام عشرين يومًا، فنَمَت؟
طالب: المذهب يقولون: إن البيع يبطل.
الشيخ: يبطل البيع؟
الطالب: نعم.
الشيخ: العلة؟
الطالب: يقولون: لأنه زاد شيئًا ولم يتميز، اختلط حق البائع والمشتري بشكل لا يتميز أيضًا.
الشيخ: فيكون هناك جهالة، أنت قلت: المذهب، هل معنى ذلك أن هناك قولًا آخر؟
الطالب: نعم، هناك قول آخر.
الشيخ: وهو؟
الطالب: وهو أنها تصح إن كان برضا البائع؛ لأن هذا حق للبائع لأن الزائد ..
الشيخ: هي ستنمو برضاه أو بغير رضاه.
الطالب: لا، إن كانت تبقيته برضا البائع فإنه في هذا الحال نقول: إنها تصح؛ لأن الزائد حق للبائع.
الشيخ: يعني: لا يبطل البيع؟
الطالب: لا يبطل البيع (
…
).
الشيخ: لأنها حق للبائع وقد تنازل عنه، فلا يبقى إشكال في المسألة.
ما معنى قول المؤلف: (اشترى عريةً فأثمرت)؟
طالب: (اشترى عريةً)؟
الشيخ: (فأثمرت).
الطالب: أي: اشترى نخلًا (
…
).
طالب آخر: العرايا وهي أن يشتري رُطبًا فوق رؤوس النخل بتمر عنده بشروط، ومن الشروط أنه يشتريه فإذا أتمر زال (
…
).
الشيخ: العَرِيَّة معناها أن يشتري رُطبًا على رؤوس النخل بتمر قديم، فهذا رُخِّص له في ذلك لأجل أن يتفكه مع الناس بالرطب، فإذا ترك الرطب حتى أتمرت فات المقصود من هذا البيع فيبطل، كذا؟
على مَن يكون الحصاد واللقاط والجزاز؟
طالب: على المشتري.
الشيخ: على المشتري، لماذا؟
الطالب: لأنه انتقل (
…
) للبائع فهو هذا ..
الشيخ: فيلزمه تفريغ ملكه عن ملك البائع.
رجل باع ثمرة نخل، وقد بدا صلاحها؟
طالب: صحيح.
الشيخ: صحيح، إذا كان مع هذه النخلة نخلة أخرى لم يبدُ صلاحها؟
الطالب: من نوع واحد أم ماذا؟
الشيخ: فصِّلْ.
الطالب: هو إن كان من نوع واحد يجوز يعني يصح البيع، وإن كان من (
…
) متفرقة فلا يجوز، وكذلك فيه تفصيل، مثلًا إذا كان (
…
) واحد على المذهب (
…
) يصح، وعلى المذهب لا يصح إذا كان بعقدين، والصحيح هو القول الثاني.
الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، جيد. يعني: إذن إذا باع تمرًا بثمرة نخلة بدا صلاحها وضم إليها نخلة أخرى لم يبد صلاحها من غير جنسها فالبيع لا يصح، من جنسها يعني: من نوعها، وإلا الجنس التمر كله جنس واحد، من نوعها، فإن باعهما صفقةً واحدة صح البيع، يعني: معناه بعقد واحد، وإن باعهما بعقدين لم يصح. هذا التفصيل هو المذهب وهو الصحيح، وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه يصح أن يبيع أختها من نوعها وإن كانا بعقدين.
إنسان اشترى ثمرة نخلة فأتتها آفة من السماء فأفسدت الثمرة، أتلفتها؟
طالب: الضمان على البائع.
الشيخ: البائع؟
الطالب: على البائع.
الشيخ: الدليل؟
الطالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح.
الشيخ: نعم، وقال:«إِذَا بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ .. » .
الطالب: «ثَمَرًا فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا» .
الشيخ: «فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ» .
الطالب: «فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا» .
الشيخ: «فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ » (7).
لو اشتُرط على المشتري أنها إن تعيَّبت أو تلفت، فلا ضمان على البائع؟
الطالب: لا يصح الشرط.
الشيخ: لا يصح، لماذا؟
الطالب: لحديث: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (2).
الشيخ: نعم؛ لأن هذا خلاف ما حكم به الرسول عليه الصلاة والسلام فيكون شرطًا باطلًا لا يلزم الوفاء به.
لو كان العيب قد بدا فيها، وقال البائع للمشتري: أريد أن تبرئني من عيبها. فأبرأه؟
طالب: يصح.
الشيخ: يصح؟
طالب آخر: السؤال مرة أخرى يا شيخ.
الشيخ: أقول: لو كانت هذه الثمرة قد بدا فيها العيب واشتَرط البائع على المشتري ألا يُرَدَّها؟
الطالب: يصح يا شيخ.
الشيخ: يصح، لماذا؟
الطالب: لأن المشتري قد تنازل عن حقه.
الشيخ: لأن العيب موجود الآن ورضي به، بخلاف ما لو قال: إن تعيَّبت فلا رجوع؛ لأن هذا مجهول.
اشترى عبدًا ليس له مال؟
طالب: نعم، إذا اشترى عبدًا ليس له مال يصح البيع.
الشيخ: نعم، يصح البيع؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ما له مال؟
الطالب: حتى وإن كان.
الشيخ: طيب، له مال؟
الطالب: مالُه لسيده.
الشيخ: أيهما؟
الشيخ: البائع.
الطالب: إلا أن يشترطه.
الشيخ: إلا أن يشترط المشتري، الدليل؟
الطالب: من باع عبدًا فماله للبائع.
الشيخ: قاله محمد.
الطالب: ما هو بحديث؟
الشيخ: ما أدري، أنت جبت الدليل.
الطالب: هذا الحديث يا شيخ: «مَنْ بَاعَ .. » .
الشيخ: إذن قول مَن؟
الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم، كمل:«مَنْ بَاعَ عَبْدًا» .
الطالب: «فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ» .
الشيخ: «لَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» (3)، كذا؟
هل يشترط علم المال الذي معه؟
طالب: على حسب قصد المشتري، إن قصد العبد فلا يشترط، وإن قصد المال الذي مع العبد فإنه يشترط.
الشيخ: إذا قصد المال اشتُرط جميع شروط البيع.
أحسنت، اشترى عبدًا عنده مال من فضة بألف درهم، والدراهم من الفضة، هل يجوز هذا أو لا؟
الطالب: اشتراه بكم؟
الشيخ: اشتراه بما تيسر، بعشرين، ثلاثين، أكثر، أقل.
الطالب: لا بد فيه من التساوي.
الشيخ: التساوي بأيش؟
الطالب: الدنانير مع مال العبد.
الشيخ: لا ما هي دنانير، دراهم.
الطالب: الدراهم.
الشيخ: دراهم، العبد معه دراهم وهذا اشتراه بدراهم.
الطالب: لا بد أن يكون المال اللي يشتري فيه مساويًا لمال العبد حتى لا يقع في الربا إن كان أراد المال.
الشيخ: إذا كان مساويًا وقع في الربا؛ لأنه بيجيئه ماله وزيادة العبد.
الطالب: يحسب قدر العبد.
الشيخ: كيف؟
الطالب: يعني: يشتريه بثمن أقل.
الشيخ: العبد مثلًا يسوى مئتي درهم، ومعه ثمان مئة درهم، واشتراه بألف درهم؟
الطالب: يصح.
الشيخ: يصح، إي.
الطالب: لأنه مبني على مسألة مد عجوة ودرهم.
الشيخ: السؤال، هل يصح أو لا؟
الطالب: على المذهب لا يصح.
الشيخ: ليش؟
الطالب: لأن مسألة مد عجوة.
الشيخ: ما قصد المال.
الطالب: لأنه إن كان يقصد فهو مطلقًا، يصح.
الشيخ: يصح؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: وإن لم يقصد المال، لكن لاحظ أن المثال اللي ذكرنا، العبد يساوي مئتين ومعه ثمان مئة درهم واشتراه بألف درهم، هنا نقول: لا بد أن المشتري يقصد المال، يعني: ثمان مئة درهم، يعني: لا شك أن المال له فيه قصد.
إذن الخلاصة نقول: إذا اشترى العبدَ ومالَه بمال من جنس الذي معه وهو مما يجري فيه الربا، نظرنا إن كان قصده المال فإنه لا يصح البيع؛ لأنه يشبه مسألة مد عجوة ودرهم، وإن كان المال الذي عنده من غير جنسه فلا بأس، لكن إن كان ذهبًا أو فضة وهو يريد المال، إن كان ذهبًا وهو يريد المال فلا بد من التقابض قبل التفرق.
اشترى إنسان ثمرةَ نخلٍ وأصابتها آفة من السماء فتلفت، ما الحكم؟
طالب: الضمان على البائع.
الشيخ: على من؟
الطالب: على البائع.
الشيخ: ما فيه التفصيل؟ الرجل قبَّض النخلة للمشتري، قال: خذ، هذه النخلة، ما علمت (
…
).
الطالب: تلفت بعد أن قبض أو قبل القبض؟
الشيخ: لا، بعد القبض.
الطالب: إن كان بعد القبض فالضمان على المشتري؛ لأنها صارت في ملكه في ضمانه.
الشيخ: فعليه ضمانها، الدليل؟
الطالب: انتقلت.
الشيخ: الدليل؟
الطالب: الدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح (8).
الشيخ: إذا أمر بوضع الجوائح معناها ما عليه شيء، الضمان على البائع يكون.
الطالب: صارت الآن انتقلت من ملك البائع.
الشيخ: أنا الحين أقول لك: ما الدليل؟
الطالب: لأنه لا ضمان على البائع، والضمان على المشتري.
الشيخ: أنت تقول الآن: لا ضمان على البائع؛ لأنها دخلت في ملك المشتري وقبضها.
طالب: الضمان على البائع.
الشيخ: قبَّضها المشتري.
الطالب: ولو.
الشيخ: ولو؟ الدليل؟
الطالب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ لِأَخِيهِ ثَمَرًا» .