الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: كيف يصح؟ أنا قلت: بِعْهَا مؤجَّلة، يصح؟
الطالب: نعم يصح.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأن في الحالّ قد يكون له فائدة أكثر من المؤجَّل.
الشيخ: يعني زاده خيرًا.
الطالب: نعم.
الشيخ: ولا يُسْتَثْنَى شيء.
الطالب: يُسْتَثْنَى، إلا إذا كان فيه ضرر.
الشيخ: إلا إذا كان فيه ضرر، تمام.
لو عَيَّن مَن يبيع عليه، قال: بِع هذا على فلان بثمن مؤجَّل، بِع هذا على فلان إلى رمضان؛ لأني أعرف أن هذا الرجل فقير، وأنه في رمضان تكثر الزَّكَوَات، فباعه حالًّا؟
طالب: لا يصح.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأن له غرضًا صحيحًا في التأجيل.
الشيخ: لأن له غرضًا صحيحًا، وهو التيسير على المشتري الذي عَيَّنَه، واضح؟ فيكون هذا تَصَرَّف في مال غيره بغير إذنه، فينبني على القاعدة اللي ذكرناها قبل قليل.
قال له: اشْتَرِ لي سيارة نقدًا بخمسين ألف ريال، فاشترى له سيارة مؤجَّلَة بخمسين ألف ريال، أيصح هذا أو لا؟
طالب: يصح يا شيخ البيع، ولكن إذا كان في ضرر على الموكِّل ..
الشيخ: يصح ما لم يكن فيه ضرر، كيف يتصور الضرر منه؟
الطالب: بأن -مثلًا- إذا رجع عليه بالمال قال الموكِّل: فإني -مثلًا- رجل مسافر، ولا أستطيع -مثلًا- أن أحفظ المال حال السفر، وأخشى من قُطَّاع الطرق، إذا خاف على المال يعني.
الشيخ: صحيح، يعني يمكن أن يكون المؤجَّل خيرًا للموكِّل في مثل هذه الصورة، أو يقول: أنا رجل يدي ما تمسك، لو أعطيتني إياه الآن أخلصه بشهر.
***
[مدخل]
(باب الشركة)
الشركة لفظها بوزن عَرَفَة، ونَمِرَة، وحِكْمَة، إذا كان بوزن عَرَفَة نقول؟
طلبة: شَرَكَةَ.
الشيخ: شَرَكَة، بوزن نَمِرَة؟
طلبة: شَرِكَة.
الشيخ: شَرِكَة، بوزن حِكْمَة شِرْكَة.
تعريفها يقول المؤلف: (هي اجتماع في استحقاق أو تَصَرُّف)
(اجتماع في استحقاق) بمعنى أن يكون شيء بين شخصين فأكثر اشتركَا فيه باستحقاق، وهذه تسمى شركة الأملاك.
دليلها: قول الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]، هذا اجتماع في استحقاق، والاجتماع في الاستحقاق يسمى شركة أملاك.
(أو تَصَرُّف) ويسمى شركة عقود، بمعنى أن يتعاقد شخصان في شيء يشتركان فيه، هذه تسمى شركة عقود، هذا تعريفها.
أما حكمها فإنها جائزة ليست حرامًا، وهنا نسأل: هل نحتاج إلى دليل على الجواز أو لا؟ لا نحتاج إلى دليل على الجواز.
لو قال لنا قائل: ما دليلكم على جواز الشركة؟ قلنا: لا حاجة لنا؛ لأن الأصل في المعاملات الحِلّ، فنقول: دليلنا عدم الدليل، عدم الدليل على أيش؟ على المنع، ما هو على الجواز؛ لأن الأصل في المعاملات هو الحِلّ، وقد قال الله تعالى:{ابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ} [الكهف: 19]، فأضاف الوَرِق إليهم جميعًا، وهذا لا شك أنه اشتراك في تصرُّف؛ لأن الظاهر أنهم ليسوا ورثة ورثوا هذه الدراهم.
إذن هي اجتماع في استحقاق أو تَصَرُّف، وهي جائزة حكمًا تكليفيًّا، الدليل؟ ذكرنا أولًا قلنا: الدليل عدم الدليل.
ثم لنا دليل من الشرع، أما شركة الاستحقاق فقوله تعالى:{فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]،
وأما شركة العقود فكما ذكرنا في قصة أصحاب الكهف، وأيضًا قال الله تعالى:{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} [الروم: 28]، ما لكم شركاء، فدَلَّ هذا على أن الشركة ممكنة.
أما حكمها من حيث الحكم الوضعي فإنها جائزة، يعني من العقود الجائزة، وليست من العقود اللازمة، بمعنى أنه يجوز لكل واحد من المشترِكَيْنِ أن يفسخ الشركة، فهي من العقود الجائزة.
[شركة العنان]
أما أنواعها فذكر الفقهاء رحمهم الله أنها أنواع، وكأن الدليل على هذا التنويع هو التتبع والاستقراء، والتتبع والاستقراء طريق من طرق الأدلة، على أنه ربما تحدث أنواع من الشركات يصعب تنزيلها على ما قال الفقهاء، فهل إذا وجدنا نوعًا من الشركات حدث كما يحدث الآن في المعاملات الأخيرة، هل نقول: إنه حرام؛ لأنه خارج عما قال الفقهاء؟
طالب: لا.
الشيخ: لا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: ليش؟
الطالب: الأصل الحِلّ.
الشيخ: لأن الأصل الحِلّ، نقول: هي أنواع؛ الأولى شركة عنَان، قيل: إنها مشتقة من أَعِنَّة الخيل، كأن المشتَرِكَيْنِ فَرَسَا رِهَان يتباريان ويتجاريان، وقيل: إنها مشتقة من عَنَّ له، إذا طرأ عليه، كأن كل واحد منهما طرأ عليه أن يشارك الآخر، لكن الاشتقاق الثاني لا يمنع دخولَ بقية الأنواع؛ لأن بقية الأنواع كلها إنما تحدث بأيش؟ بما عَنَّ لكل واحد، أي: بما طرأ، فاشتقاقها من المعنى الأول أقرب إلى الصواب، فما هي شركة العنان؟
يقول: (أن يشترك بدنان -يعني شخصين- بمالَيْهِما المعلوم ولو متفاوتًا لِيَعْمَلَا فيه ببدنيهما)، إذن فيه مال وفيه بدن.
شخصان ومالان، زيد وعمرو، أرادَا أن يشتركَا في المال والتصرف، كل واحد جاء بماله وقالَا: نحن شركاء، هذه نسميها شركة عنان؛ لأنها جامعة بين أيش؟ بين المال والبدن، وفائدتها إذا قال قائل: ما الفائدة؟
فائدتها أن كلًّا من الشريكين يُنَشِّط الآخر، هذه من جهة، من جهة أخرى ربما يكون مال كل واحد منهما ليس بالمال الكثير الذي يمكنهما أن يستوردَا البضائع الكثيرة التي فيها الفائدة الكثيرة، وهذا واقع ولَّا غير واقع؟ واقع، يعني –مثلًا- واحد عنده مليون والثاني عنده مليون، لكن مليون ما يستطيعون أن يأتوا ببضائع كبيرة فائدتها كثيرة، فيجتمعان ويشتريان البضائع، هذه هي فائدتها.
إذن العنان جامعة بين أيش؟ بين المال والبدن، فائدتها تنشيط بعضهما بعضًا، والثاني: أنه قد لا يتمكن كل واحد منهما أن يتجر بماله، فيحتاج إلى ضمِّ مالٍ آخر إليه حتى تتسع التجارة، لكن اشترط شروطًا، أولًا: بمالَيْهِمَا، وهذا يدل على أنه لا بد أن يكون مملوكًا لهما، ولكن هل هذا شرط؟ أو نقول: بمالَيْهِمَا أو مال مَن لهما حق التصرف فيه، الأول ولَّا الثاني؟
طلبة: الثاني.
الشيخ: الثاني، يعني إما أن يكون مالًا لهما، أو يكون مال هما فيه وكلاء، أو فيه أولياء، أو ما أشبه ذلك، لكن تعلمون أن الوكلاء لا بد فيه من الإذن.
اشترط (المعلوم) ضده المجهول، وذلك لأنه لا بد أن نرجع عند فسخ الشركة إلى المال، كل واحد منا بماله، فإذا كان لا بد من الرجوع إلى المال فإنه لا يمكن الرجوع إلا إذا كان كل منهما معلومًا حتى يُعْرَف عند تنضيد المال مال كل واحد منهما.
قال: (ولو متفاوتًا)، متفاوتًا يعني بعضه أكثر من بعض، مثلًا إنسان شارك بمليون والثاني بخمس مئة ما فيه مانع، يجوز، يعني ليس بشرط أن يكون المالان سواء، بل يجوز أن يتفاوَتَا، ويأتي إن شاء الله عن كيفية توزيع الربح.
قال: (لِيَعْمَلَا فيه ببدنيهما)، أي: بأبدانهما، أو بأبدان مَن يُنِيبَانِه، كما لو كان أحدهما عنده عَبْد، عنده خادم، وما أشبه ذلك، يتصرف في ماله، فهذا كأنه هو الذي يتصرف.
فقوله: (ببدنيهما) بناء على الغالب، وإلَّا يجوز أن يكون أحدهما يشترك في المال، وفي بدن خادمه، أو بدن عمه، أو بدن ابن عمه، أو ما أشبه ذلك، ما الذي يتفرَّع؟
قال: (فينْفُذُ تصرُّف كلٍّ منهما فيهما بحكم الملك في نصيبه، وبالوكالة في نصيب شريكه).
الآن لما اشتركنا كل واحد منا ينفذ تصرُّفه في المالَيْنِ جميعًا، بالنسبة لملكه يتصرف بالأصالة بحكم الملك، بالنسبة لشريكه يتصرف بالوكالة؛ لأنه فرع عنه.
مثال ذلك: اشترك اثنان شركة عنان أحدهما يبيع أقمشة، والآخر يبيع أطعمة، يجوز أو لا؟
طلبة: يجوز.
الشيخ: يجوز؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يجوز لبائع الأطعمة أن يبيع شيئًا من الأقمشة ولو كانت عند صاحبه، ويجوز لصاحب الأقمشة أن يبيع شيئًا من الأطعمة ولو كانت عند صاحبه، كيف يبيع شيئًا ليس في دكانه، ولكنه في الدكان الآخر، أو قد يكون في بلد آخر أيضًا؟
نقول: لأن الشركة تقتضي هكذا، تقتضي أن كل واحد يتصرف بالمال كله مجموعًا؛ لأنه لما عقدنا الشركة صار نصف مالك لي، ونصف مالي لك، إذا تصرفتَ فيه يكون بالملك لنصيبك وبالوكالة في نصيب شريكك، وإن لم يُخْلَط المالان نقول: وإن لم يُخْلَطَا كما سيأتي إن شاء الله الكلام في المتن.
يقول: (بحكم الملك في نصيبه، وبالوكالة في نصيب شريكه)، إذا تصرَّف في نصيب شريكه، وتبيَّن أن شريكه قد باعه مثلًا، فما الحكم؟
نقول: هذا كما ذكرنا فيما سبق في الوكالة أنه ينعزل الوكيل في مثل هذه الحال؛ لأن الْمُوَكِّل تصرف تصرفًا يمنع الوكيل من أن ينفذ تصرفه فيه.
مثاله: إنسان شارك آخر، لأحدهما معرض سيارات وللآخر أطعمة، صاحب الأطعمة باع سيارة من المعرض عند صاحبه، ثم تبين أن صاحبه قد باع السيارة، فما الحكم؟
الحكم يبطل بيع الأخير؛ لأن بَيْع أخيه للسيارة صحيح ولَّا غير صحيح؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح، فإن قلتم: ألست تقول: إنهم شركاء في ماليهما؟
أقول: بلى، لكن لما باع صاحب المعرض السيارة باع السيارة بحكم ملكه في نصيبه، كمِّلوا، وبالوكالة في نصيب شريكه، انتهى البيع، تم العقد، لما جاء الشريك الآخر وباعها بعد بيع الأول لم يصح البيع؛ لأنه وكيل في بيعها، لكن تصرف فيها الشريك قبل أن يبيع هذا، هذا معنى قوله:(بِحُكْم الملك في نصيبه، وبالوكالة في نصيب شريكه).
يقول: (ويُشْتَرَط) يشترط يعني مع الشروط السابقة، وهي أن يكونَا مالِكَيْنِ، أو لهما حق التصرف، أن يكون المال معلومًا.
يقول: (ويُشْتَرَط -بالإضافة إلى ذلك- أن يكون رأس المال من النقدين المضروبين)، أن يكون رأس المال اللي به الشركة من النقدين، وهما الذهب والفضة، (المضروبين) وهما الدراهم والدنانير.
المضروب ما معناه يا جماعة؟ معناه المضروب اللي يضرب باليد؟ أيش معناه؟
طلبة: المصكوك؟
الشيخ: الذي جُعِلَ نقدًا، جُعِل دراهم وجُعِل دنانير، لو أن كل واحد منهما أتى بصُرَّة من ذهب واشتركَا، يصح؟
طلبة: لا يصح؟
الشيخ: لا يصح، لماذا؟ لأنه غير مضروب، كل واحد أتى بمئة ربطة فئة عشرة، أوراق، يصح أو لا يصح؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، لماذا؟
طلبة: ليسَا نَقْدَيْن.
الشيخ: لأنهما لَيْسَا نَقْدَيْن، كل واحد أتى بعشرين سيارة، يعني هما أصحاب معرض، كل واحد أتى بعشرين سيارة، يصح أو لا يصح؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: رأس المال أربعون سيارة الآن؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: ليش؟ لأن ذلك ليس من النقدين.
وقول المؤلف: (من النقدين) يشمل ما إذا كان أحدهما أتى بدنانير والآخر أتى بدراهم، فمثلًا واحد أتى بعشرة دنانير، والثاني أتى بمئة درهم، يصح.
لكن هذا فيما سبق في زمان العلماء السابقين، الدراهم والدنانير ما تتغير، يعني عشرة دراهم بدينار ما تتغير، في وقتنا الآن هل تتفاوت أو لا؟ تتفاوت، أحيانًا يزيد الذهب وأحيانًا ينقص، وبناءً على ذلك نقول: لا بد أن يكون النقد واحدًا من جنس واحد، إما ذهب وإما فضة.
هذا هو الذي مشى عليه المؤلف رحمه الله أنه لا بد أن يكون رأس المال من النقدين، كمِّل.
طلبة: المضرُوبَيْنِ.
الشيخ: المضرُوبَيْنِ.
وقيل: يصح أن يكون رأس المال عَرَضًا، أي: من عروض التجارة.
فأحدهما يأتي بأطعمة، والثاني يأتي بأقمشة، ويختلطان، كيف نعمل الآن؟ عند فسخ الشركة نقول لأحدهما: اشترِ طعامًا لأخيك، ونقول للثاني: اشترِ أقمشة لأخيك؟ ! ! هذه مشكلة، قد ترتفع الأقمشة، وقد ترتفع الأطعمة، نقول: هنا نعرف كيف نتخلص، عند عقد الشركة نقول: ماذا تساوي الأطعمة، وماذا تساوي الأقمشة؟ فإذا قالوا: الأطعمة عشرة آلاف، والأقمشة عشرة آلاف، عند الفسخ نرجع إلى الأصل، إلى القيمة، نعطي كل واحد عشرة آلاف، والربح يُقْسَم حسب الشرع.
أقول مرة ثانية: القول الثاني في المسألة أنه يصح أن يكون رأس المال من غير النقدين المضروبين، ولكن تُقَدَّر قيمته بالنقدين عند عقد الشركة ليَرْجِعَ كل واحد منهما إلى قيمة ملكه عند فسخ الشركة، وهذا القول هو الراجح، وعليه العمل.
طالب: لو أن صاحب الأطعمة يا شيخ باع سيارة عند صاحب معرض السيارات.
الشيخ: اشترك صاحب طعام وصاحب سيارات.
الطالب: فباع صاحب الأطعمة سيارة من المعرض، ثم بعد ذلك صاحب السيارات باع نفس السيارة.
الشيخ: الأول منهما هو الذي ينفذ، سواء صاحب المعرض أو صاحب الطعام.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، هل يُشْتَرَط أن يكون المال حاضرًا؟
الشيخ: لا بد أن يكون حاضرًا، إلا إذا كان في ذمة أحدهما، يعني –مثلًا- واحد عنده عشرة آلاف أحضرها، وفي ذمته للآخر عشرة آلاف، فهذا كالحاضر.
الطالب: شيخ، أحسن الله إليك، في الوكالة هل تختلف الوكالة على نفس الشركة؟ لأنه إذا باع الوكيل السيارة (
…
) وقد باعها الْمُوَكِّل قلنا: إن عقد الْمُوَكِّل هو الذي ينفذ لأنه تصرف في ملكه، فعقده أقوى من عقد البيوع، ولَّا ماذا يا شيخ؟
الشيخ: أبدًا، إذا وَكَّلَ شخصًا في بيع شيء، ثم باعه الوكيل نفذ، وإذا ورد عقد الْمُوَكِّل بعد بيع الوكيل فإنه لا أَثَر له.
طالب: بارك الله فيك، إذا اشتركَا في تجارتين، فمثلًا اشتركَا في المال وفتحَا دكانين، وكان كل واحد منهما يحسن نوعًا من التجارة، فتصرف الآخر فيما لا يحسنه، فهل ينفذ تصرفه؟
الشيخ: إذا تصرَّف فيما لا يحسنه فلا ينفذ تصرفه؛ لأن لا بد –إن شاء الله يأتينا أنه لا بد يتصرف لمصلحة الشركة.
طالب: الدخول بشركة الأعيان هل صحيح أن بعضهم حكى الإجماع على عدم جواز هذا الشيء؟
الشيخ: أيش؟
الطالب: هل صحيح أن بعض أهل العلم حكى الإجماع على أنه لا يجوز الشركة في الأعيان أو في العروض؟
الشيخ: يعني في غير النقدين يعني؟
الطالب: نعم، في العروض، هل يدخل مثل هذا في عقد شيء وهذا .. ؟
الشيخ: لا، ليس فيه إجماع.
طالب: إذا اشترك صاحب أطعمة وصاحب سيارات، وصاحب الأطعمة باع سيارة، وتَبَيَّن أن صاحب السيارات باعها.
الشيخ: قبلَه ولَّا بعده؟
الطالب: قبله، ولكنهم ما زالوا في وقت الخيار، فهل ينفذ الأول أو الثاني؟
الشيخ: لا، ينفذ الأول.
الطالب: إلى متى؟ إلى أن ينتهي وقت الخيار؟
الشيخ: إذا انتهى وقت الخيار فهو يجدد العقد.
طالب: أحسن الله إليك، ما سبب قول هؤلاء العلماء أنه لا يجوز شراء بغير النقدين المضروبين.
الشيخ: لا، هم يقولون: أحضروا النقدين، أحضروا الدراهم وبعدين بيعوا واشتروا، ما هو معناه: (
…
) الدراهم، ويش الفائدة من الدراهم؟ علشان أيش يا جماعة؟ علشان عند فسخ الشركة نرجع إلى الدراهم.
طالب: إذا اشترك شريكان كان أحدهما يبيع ملابس، والآخر يبيع طعامًا، وحُدِّدَت القيمة بعشرين ألفًا، وأصبحت القيمة مشاعة بينهما، فعند الانفصال هل يُلْزَم صاحب الطعام إذا تبقى طعام بأخذ طعامه، وأخذ الملابس بأخذ ملابسه؟
الشيخ: يُقَوَّم عليه بدراهم، وكل واحد يرجع إلى دراهمه، والربح يكون بينهما على ما شرطاه.
طالب: يبذلان الآن جميع المال المشترَك فيه ويعمل فيه واحد فقط، هل يصح؟
الشيخ: يصح، لكن بشرط أن يُجْعَل له من الربح أكثر من ربح ماله، مثلًا إذا جاء واحد بألف واحد بألف، ولَّا إذا ما واحد يعمل نقول: الربح يكون بينكما أثلاثًا، لئلا يعمل الثاني بدون عِوَض.
طالب: إذا تلف الطعام بعدما تعاقدوا هل يُمْضَى العقد أو يُفْسَخ؟
الشيخ: يقول: إذا تلف الطعام بعد أن تعاقدوا، هل بتفريط، أو بتعدٍّ، أو بدون تَعَدٍّ ولا تفريط؟
الطالب: بلا تفريط.
الشيخ: يعني –مثلًا- أمر جاءه مثلًا مطر ولَّا غيره، أو حريق؟
الطالب: على كل تقدير.
الشيخ: لا ما هو على كل .. إذا كان متعديًا أو تفريطًا فالضمان عليه هو، وليس على شريكه شيء، وإذا كان بغير تَعَدٍّ ولا تفريط فهو من ضمان الجميع، يعني يكون المال السالم بينهما جميعًا. (
…
)
وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، يقول المؤلف: إنه لا يقبض الثمن إلا بقرينة، فمثل القرينة ده أيش؟ ما مثالها؟
طالب: القرينة تنقسم إلى قسمين: قرينة شرعية، وقرينة عُرفية؛ أما القرينة الشرعية فهي التي يُشْتَرَط التقابض فيها، كالذهب، والعرفية إذا باع على رجل مماطل أو على رجل غريب له ..
الشيخ: قرينة شرعية وقرينة عرفية، القرينة الشرعية أن يُوَكِّلَه في بيع ذهب بفضة، فهنا لا بد أن يقبض؛ لأن مقتضى التوكيل هذا أن يقبض، والعرفية أن يبيعها على شخص مجهول يخشى ألَّا يُعْرَف فيما بعد، أو على شخص مماطل، فهنا قَبْض الثمن مأذون فيه عرفًا.
إذا قال: اشْتَرِ لي ما شئت بما شئت؟
طالب: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز، لماذا؟
الطالب: لأنه ممكن يشتري له شيئًا وهو يريد شيئًا آخر، أو ممكن يشتري له أشياء هو لا يريدها.
الشيخ: نعم؟
الطالب: ممكن يتصرف في المال يشتري له كل شيء.
الشيخ: كل شيء.
الطالب: فإذا اشترى له كل شيء ..
الشيخ: بأي ثمن.
الطالب: بأي ثمن.
الشيخ: لأنه قال: بما شئت.
الطالب: نعم.
الشيخ: إي، فلا بد من التعيين حتى لا يحصل النزاع والخصومة.
إذا قَيَّدَ ذلك بالأصلح؟
الطالب: يصح يا شيخ.
الشيخ: يصح، مثل أن يقول؟
الطالب: اشتر لي بما تراه مناسبًا مثلًا.
الشيخ: اشتر ما تراه مناسبًا، مثل: وردت بضائع ووَكَّلَه أن يشتري منها، وقال: اشترِ ما تراه مناسبًا بأي ثمن تراه.
اقبض حقي من زيد، هل يقبض من ورثته؟
طالب: لا يقبض من ورثته.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأنه هنا عَيَّنَ الجهة التي يقبض منها، وهي زيد، أما إذا قال: اقبض حقي الذي عند زيد فإنه لا يقبض ..
الشيخ: أنا أسألك: اقبض حقي من زيد.
الطالب: لا يقبض.
الشيخ: فوجده ميتًا.
الطالب: لا يقبض؛ لأنه عَيَّن الجهة التي يقبض منها.
الشيخ: نعم، وهو قوله: من زيد.
إذا قال: اقبض حقي الذي عند زيد فوجده ميتًا.
طالب: يقبض من ورثته.
الشيخ: يقبض من ورثته.
الطالب: نعم؛ لأنه عَيَّن الجهة.
الشيخ: لأنه لم يُعَيِّن المقبوض منه، وإنما عَيَّن؟
الطالب: الجهة.
طالب: المقبوض.
الشيخ: الجهة أو المقبوض.
ادَّعَى شخص أن زيدًا وَكَّلَه في قَبْض حقه من عمرو؟ جاءك رجل قال لك: إن فلانًا وَكَّلَنِي أن أقبض الدَّيْن الذي له عليك، فأعطني إياه، فهل يلزمك الدفع؟
طالب: ما يلزمني.
الشيخ: لا يلزمك، حتى لو صَدَّقته؟
الطالب: نعم.
الشيخ: حتى لو صدقته، إذا كَذَّبْتَه واضح، إذا قلت: أبدًا ما وَكَّلك، واضح إنه لا يلزمك، لكن إذا صَدَّقْتَه لماذا لا يلزمك؟
الطالب: لأنه قد يكون الْمُوَكِّل ينكر على ..
الشيخ: وكالته، تمام؛ لأنه قد يُنْكِر الْمُوَكِّل فيقول: أنا ما وَكَّلْتُه، لكن لو صَدَّقَه فدفع إليه، ثم أنكر الْمُوَكِّل الوكالة؟
طالب: يُضَمِّن الْمُوَكِّل أيهما شاء.
الشيخ: لا.
الطالب: إذا أنكر.
الشيخ: ما هي وديعة هذه، دَيْن.
الطالب: الدَّيْن؟
الشيخ: نعم.
الطالب: يُضَمَّن الذي عنده الدَّيْن.
الشيخ: أحسنت، يضمن الذي عليه الدَّيْن للمُوَكِّل، واضح؟ ثم يرجع على الذي ادَّعَى الوكالة.
المؤلف يقول: إذا كان المدفوع وديعة أخذها، فإن تلفت ضمن أيهما شاء، ما معنى العبارة؟
طالب: كأن يقول مثلًا للوكيل مُدَّعِي الوكالة هذا إذا أخذ الوديعة ..
الشيخ: يعني نفرض إنها كتاب عند خالد.
الطالب: أخذها لي من اللي ادَّعَى توكيلي إذا أخذها منه هذه الوديعة فأنا لي الحق أن أطلبه من مُدَّعِي الوكيل، أو من المستودَع الكتاب؛ لأنها وديعة وأخذها بدون وكالة.
الشيخ: فمن هذا أو هذا؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: يعني لك أن تُضَمِّن خالدًا.
الطالب: أُضَمِّن خالدًا أو زيدًا.
الشيخ: كذا؟
طالب: له ذلك يا شيخ.
الشيخ: له ذلك؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يعني على الوديعة التي عندك.
الطالب: على سبيل الفرض.
الشيخ: على سبيل الفرض؟ صحيح، إذا كانت الوديعة، لأن الوكيل الآن ما هو راح يتصرف فيها، سيحملها لصاحبها الذي هي له، فإذا تلفت بيد مُدَّعِي الوكالة ضَمَّن أيهما شاء، إلا إذا صَدَّقَه، قال: نعم، أنا وَكَّلْتُه يأخذه، فهو لا يرجع على أحد إذا تلفت بغير تَعَدٍّ ولا تفريط.
يقول المؤلف في باب شركة العنان، أولًا: شركة العنان ما معناها؟
طالب: إذا اشترك اثنان فأكثر بمالهما ويعملَان فيه ببدنهما.
الشيخ: إذا اشترك اثنان فأكثر بماليهما وبدنيهما.
إذا اشتركَا هل يكون المال الذي كان لزيد، والمال الذي كان لعمرو، هل يكون بينهما؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يكون بينهما.
الطالب: إذا اتفقا أن يكون مشاعًا فهو مشاع.
الشيخ: كيف مشاع؟ اشتركَا شركة عنان؟
الطالب: لا يكون معهما.
الشيخ: لا يكون لهما؟
الطالب: لا يكون لهما.
الشيخ: كل واحد له ماله؟
الطالب: كل واحد له ماله.
طالب: يكون المال بينهما يا شيخ.
الشيخ: يكون المال بينهما، كذا؟ ما تقولون؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح؟ نعم صحيح، ويكون المال بينهما، هل ينفذ تصرُّف كل واحد منهما؟
طالب: (
…
) في نصيبه.
الشيخ: ينفد تصرُّف كل واحد منهما بحكم الملك في نصيبه، وبحكم الوكالة في نصيب شريكه.
لو تلف مال أحدهما فقط هل هو من بين الجميع ولَّا على صاحبه.
طالب: نعم، إلا إذا لم يكن بتعَدٍّ أو تفريط.
الشيخ: بلا تَعَدٍّ ولا تفريط، جاءه أمطار وأفسدته ولَّا حرق.
الطالب: الضمان عليهما.
الشيخ: يعني أن المال يتلف عليهما جميعًا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: كيف مالك عندك أنت الآن دكانك؟
الطالب: نعم، لكن الآن صار مشاركة.
الشيخ: ماذا تقولون؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح؟ يعني لو تلف مال أحدهما صار المال الباقي لهما جميعًا.
(
…
) أنصافًا إذا كان المالان متساويين، أو أثلاثًا حسب المال، فإذا كان هذا الإنسان ماله ألفان، وهذا ماله ألف، ثم تلف المال الذي لصاحب الألفين، يرجِع على المال الذي هو لصاحب الألف بماذا؟ بثُلُثَيِ الألف؛ لأن المال المشترك على حسب الملك.
شركة المال لها شروط، هل يُشْتَرَط فيها أن يكون المالان متساوِيَيْنِ؟
طالب: لا يُشْتَرَط.
الشيخ: لا يُشْتَرَط، يعني: يجوز واحد يجيب عشرة آلاف، وواحد مئة ألف؟
الطالب: يجوز.
الشيخ: يجوز؟ كيف عشرة آلاف مع مئة ألف؟
الطالب: يجوز.
الشيخ: يجوز؟
الطالب: إي، بس يُشْتَرَط أن يكون من النقدين.
الشيخ: لا، ما بعد وصلنا لهذه، المهم هل يُشْتَرَط التساوي أو لا؟
الطالب: لا، لا يُشْتَرَط.
الشيخ: لا يُشْتَرَط، توافقونه على ذلك؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: نعم، لا يُشْتَرَط.
يُشْتَرَط أن يكون المال معلومًا أو لا يُشْتَرَط؟
طالب: يا شيخ يشترط أن المال معلوم، لازم معلوم.
الشيخ: نعم، يُشْتَرَط أن يكون معلومًا، وذلك لأنهما عند فسخ الشركة سوف يرجع كل واحد منهما إلى ماله، فإذا لم يكن معلومًا حصل النزاع والعداء والبغضاء والخصومة.
يُشْتَرَط أن يكون من النقدين المضروبين، فما هما؟
طالب: الدراهم والدنانير.
الشيخ: الدراهم والدنانير، ما معنى قوله:(المضروبين) احترازًا من أيش؟
طالب: الذهب والفضة.
الشيخ: كيف؟
طالب: غير النقدين، غير الذهب.
الشيخ: لا، نقدين لكن يقول: مضروبين، معناه: يشترط شرطين؛ نقدين ومضروبين، مضروبين احترازًا من أيش؟ ما حضرت؟
طالب: حضرت.
الشيخ: إذا حضرت فنحن شرحناها شرحًا جيدًا، ما حضرت؟
طالب: حضرت.
الشيخ: حضرت؟ سبحان الله إذا سُئِلْتَ لم تحضر وإذا أجبت حضرت؟ !
طالب: المضروبين احترازًا مما ليس مضروبًا كالذهب المستعمل في (
…
) وغيره (
…
).
الشيخ: صحيح، المضروبين يعني اللَّذَيْنِ جُعِلَا نقدًا، سكة دراهم ودنانير، احترازًا مما لو كان قطعة من الذهب قطعة من الفضة، لا يجوز.
هل يجوز أن يكون مال أحدهما ذهبًا والآخر فضة؟
طالب: نعم.
الشيخ: يجوز؟ من أين يُؤْخَذ من كلام المؤلف؟
طالب: من قوله: (ولو متفاوتًا).
الشيخ: لا، متفاوتًا بالكمية.
الطالب: (ولو يسيرًا).
الشيخ: ويش اللي هو اليسير؟
طالب: (ولو مغشوشَيْنِ يَسِيرًا).
الشيخ: لا.
طالب: قوله: (من النقدين).
الشيخ: قوله: (من النقدين)، الآن إذا أتى أحدهما بذهب والآخر بفضة فالمال من النقدين.
يُشْتَرَط أن يكون رأس المال من النقدين، وظاهر كلام المؤلف: ولو كان أحدهما ذهبًا والآخر فضة، وهذا مَبْنِيٌّ على أن سعر الفضة بالنسبة للذهب لا يتغير، كما في الزمن السابق، فإن في الزمن السابق الدينار اثنا عشر درهمًا، ثلاثة دراهم رُبُع دينار؛ ولهذا جاء في السرقة:(لا تُقْطَع اليد إلَّا في رُبُع دينار فصاعدًا)، وقطع النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة مِجَنٍّ قيمته ثلاثة دراهم، فدل هذا على أن الدينار في ذلك الوقت قيمته من الفضة كم؟
طلبة: اثنا عشر درهمًا.
الشيخ: اثنا عشر درهمًا.
كذلك أيضًا في الدية ألف دينار واثنا عشر ألف درهم، متقارب يعني، فدلَّ ذلك على أيش؟ على أنه إذا تفاوَتَ فكان أحدهما ذهبًا والثاني فضة فلا بأس، لكن في الوقت الحاضر وقبل هذا الوقت أيضًا لا يستقيم هذا؛ لأن الذهب والفضة لَيْسَا مُسْتَقِرَّيْن، قد ترتفع قيمة الذهب، وقد ترتفع قيمة الفضة، وعلى هذا فلا يصح أن يأتي أحدهما بذهب والآخر بفضة، إلا على القول بأنه لا بأس أن يأتي أحدهما بعروض وتُقَدَّر قيمتها عند انعقاد الشركة، فإنه لا بأس.
يقول: (من النقدين المضروبين)، لو كان المال من غير النقدين، يعني: سيارات، إنسان عنده معرض سيارات، وإنسان عنده معرض أطعمة، واشتركَا شركة عنان، أيجوز؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لا، لا يجوز يا إخوان، سبحان الله! (من النقدين المضروبين)، الآن رأس المال من العروض، أحدهما سيارات، والثاني أيش؟ أطعمة، إذن لا تصح الشركة، حتى لو عَمِلَ فرِبْحُ مالِ كلِّ واحد له، والثاني لا حق له فيه؛ لأن الشركة غير صحيحة، وهذا هو المذهب، والقول الثاني أنه يصح أن يكون رأس المال عروضًا، ولكن لا بد أن تُقَدَّر القيمة بالنقدين، فيقال مثلًا: كم قيمة السيارات؟ قال: قيمة السيارات مئة ألف، كم قيمة الأطعمة؟ مئة ألف، صار المال الآن أنصافًا، صار المال مئتي ألف، كل واحد منهما أتى بمئة ألف، قالوا -مثلًا-: السيارت تساوي مليونًا، والأطعمة خمس مئة ألف، صار المال الآن أيش؟ أثلاثًا؛ لصاحب السيارت الثلثان، وللثاني الثلث، وهذا القول هو الراجح، هو الصحيح، أنه يجوز أن يكون رأس المال من غير النقدين، لكن يجب أن يُقَوَّم عند عقد الشركة بالنقدين، وذلك من أجل الرجوع إليهما عند انفساخ الشركة.
وقوله: (ولو مغشوشين)، هذه إشارة خلاف، لكن المؤلف يقول:(مغشوشين يسيرًا)، كانت الدنانير والدراهم فيما سبق يُتلاعب بها، وكل إنسان يستطيع أن يصنع دينارًا أو أن يصنع درهمًا، فيأتي بعض الناس ويغش، يَخْلِط مع الذهب معدنًا آخر، أو مع الفضة معدنًا آخر.
يقول العلماء: إن كان هذا الخليط شيئًا يسيرًا من أجل تصليب الذهب وتصليب الفضة، فهذا لا يضر؛ لأنه كالإنفحة مع اللبن من أجل أن تُجَبِّنَه، وهذا لمصلحة النقدين، ولا يضر، أما إذا كان الغش كثيرًا يُراد به الترويج فإنه لا يصح أن يكون نقدًا يُتعامل به؛ لأنه صار في الحقيقة كعروض التجارة، ولا يصح أن يكون رأس مال شركة؛ لأنه صار كعروض التجارة.
والخلاصة: الغش بالنقدين ينقسم إلى قسمين:
1 -
قسم يسير من أجل تصليب النقدين؛ لأن الذهب لو لم يُصَلَّب صار ليِّنًا، وكذلك الفضة، هذا لا بأس منه؛ لأنه لمصلحته.
2 -
قسم آخر: يُرَاد به الغش والخداع، هذا لا يجوز التعامل به، ويجب على وَلِيّ الأمر أن يمنع التعامل به؛ لأنه غش، ولا يصح أن يكون رأس مال شركة، وهذا هو مُحْتَرَز قوله:(ولو مَغْشُوشَيْنِ يسيرًا).
على ما قلنا قبل قليل نقول: لا يُشْتَرَط أن يكون رأس المال من النقدين، لكن يجب أن يُقَوَّم مال كل واحد منهما عند عقد الشركة بالنقدين، لكن بأيهما؟ لا شك أن تقدير القيمة بالأكثر رواجًا، وعند الناس الآن الأكثر رواجًا هو؟
طلبة: الذهب.
الشيخ: لا يا إخوان، الفضة؛ لأن النقود هذه كلها عِوَض عن الفضة، وهذا العمل بالنقدين المعدنيين أيضا راح، أكثر الدول الظاهر -إن لم أقل: كل الدول- تتعامل بأيش؟ بالأوراق النقدية، هذا شرط.
الشرط الثاني: (وأن يَشْتَرِطَا لكل منهما جزءًا من الربح مشاعًا معلومًا)، لا بد أن يَشْتَرِطَا لكل واحد جزءًا من الربح مشاعًا معلومًا.
مثال ذلك: قال: نحن اشتركنا في المال، ولكل واحد منا من الربح النصف، يصح.
اشتركنا في المال، ولك يا زيد من الربح ألف، والباقي لي.
طلبة: لا يصح.
الشيخ: ليش؟ لأنه غير مشاع، وغير المشاع ربما لا يكون الربح إلا مقدار ما شُرِطَ لأحدهما، ويبقى الثاني لا ربح له.
اشترطَا الربح، قال: لك بعضه ولي بعضه؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: ما يصح، لماذا؟ لأن البعض مجهول، فلا يصح شرطه، لا بد أن يكون معلومًا، والثاني مشاعًا، (جزءًا من الربح مشاعًا معلومًا).
(فإن لم يَذْكُرَا الربح، أو شرطَا لأحدهما جزءًا مجهولًا، أو دراهم معلومة، أو ربح أحد الثوبين، لم تصح)؛ لأن كل هذه مخالفة للشرط.
(إن لم يذكرَا الربح)، بل قال: نحن شركاء شركة عنان، ولم يتعرضَا للربح، هل هما أنصاف؟ أو أرباع؟ أو ما أشبه ذلك؟ فالشركة لا تصح، ويكون لكل واحد منهما رِبْحُ ماله، ولا يرجع على الثاني بشيء، حتى لو تلف أحد المالين في هذه الصورة لم يرجع على صاحبه؛ لأن العقد فاسد، والعقد الفاسد لا يترتب عليه أثره، هذه واحدة.
الثاني: (شَرَطَا لأحدهما جزءًا مجهولًا)، قال: نحن الآن شركاء، سنعمل في المال ولك بعض الربح ولي بعضه، أو لك بعضه ولي باقيه، يصح؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح؛ لأنه مجهول.
(أو دراهم معلومة)، قال: سنشترك شركة عنان، والربح يكون لك منه عشرة آلاف، والباقي لي، يصح؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، لماذا؟ لأنه ربما لا يربح إلا العشرة آلاف، ويبقى الثاني لا رِبْح له، والشركة مبنية على أصل، وهو اشتراك الشريكين في الْمَغْنَم والْمَغْرَم، لا بد من هذا، هذا شيء يجب أن نلاحظه في كل الشركات؛ أن يشترك الطرفان في الْمَغْنَم والْمَغْرَم.
(أو ربح أحد الثوبين)، اشتركَا فقال أحدهما للآخر: لك ربح السيارات، ولي ربح الطعام، يصح؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، لماذا؟
طالب: ربما لا يربح.
الشيخ: لأنه ربما يربح في السيارات ولا يربح في الأطعمة، أو بالعكس، والشركة مبنية على التساوي.
قال: لك ربح النصف الأول من السنة، ولي ربح النصف الثاني؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: ليش؟ أنصاف يا جماعة؟
لا يصح، لماذا؟ لأنه ربما يربح في أول السنة كثيرًا، وفي آخر السنة لا يربح إلا قليلًا، أو لا يربح أصلًا.
قال: لك ربح السفر إلى مكة، ولي ربح السفر إلى المدينة؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، لأنه قد يربح في هذا ولا يربح في هذا، والأصل في الشركة أن يشترك الاثنان في الْمَغْنَم والْمَغْرَم.
(وكذا مساقاة ومزارعة ومضاربة)، كلها لم تَأْتِ بعد، لكن استطرد المؤلف لذِكْرِها.
المساقاة هي أن يدفع الإنسان أرضه ونخله لشخص يقوم عليها بجزء من الثمرة، هذه المساقاة.
إنسان -مثلًا- عنده أرض وعليها أشجار من نخيل وأعناب ورمان وغيرها، فأعطاها شخصًا يُنَمِّيهَا بجزء من الثمرة، يجوز هذا أو لا؟
طلبة: يجوز.
الشيخ: يجوز، وسيأتي دليله إن شاء الله، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم عامَلَ أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع. (5)
المزارعة كذلك، إنسان عنده أرض بيضاء ما فيها زرع، فأعطاها فلاحًا يزرعها وله نصف الزرع –مثلًا- يجوز أو لا؟ يجوز، هذا منه العمل وهذا منه الأرض، وكذلك في الشجر، هذا منه الأرض والشجر، وهذا منه العمل.
مضاربة؛ المضاربة أن يدفع ماله لشخص يتجر فيه وله جزء من الربح، أعطى رجلًا مئة ألف ريال، قال: خذ، اتجر، ولك نصف الربح، نسمي هذا مضاربة.
كل هذه الثلاث لا بد أن يُشْتَرَط لأحدهما جزء مشاع معلوم.
نأتي للمساقاة، لو قال: خُذْ هذا الشجر اعمل فيه ولك بعضه؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، لماذا؟ لأنه غير معلوم، خذ هذا الشجر اعمل فيه ولك ثمر السُّكَّرِي والباقي لي؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، ليش؟ لأنه ربما تُثْمِر هذه ولا تثمر هذه.
خذ هذه الأرض وشَجَرَها، ولك ثمرتها عام ستة عشر، ولي ثمرتها عام سبعة عشر؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح؛ لأنه مجهول، قد تثمر في هذه السنة ولا تثمر في السنة الأخرى، خُذْ هذه الأرض مساقاةً بشجرها، ولك ثمرة الجزء الغربي منها، ولي ثمرة الجزء الشرقي منها، لا يصح، خُذْ هذه الأرض مساقاة ولك من ثمرها مئة صاع والباقي لي، لا يصح؛ لأنه غير مشاع.
كذلك نقول في المزارعة، إذا قال: خُذْ هذه الأرض، أرض بيضاء، ازرعها هذا العام ولك من الزرع شرقيه ولي غربيه، لا يصح، لك بعضه ولي بعضه، لا يصح، لك ما تزرعه من شعير ولي ما تزرعه من بُرّ، لا يصح، لك زرع هذا العام ولي الزرع العام الثاني، لا يصح، لا بد أن يكون جزءًا مشاعًا معلومًا.
المضاربة كذلك، أعطيتُ هذا الرجل مالًا يتجر به، وقلت له: لك بعض الربح ولي بعضه.
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، لك ربح هذا الشهر، ولي ربح الشهر الثاني؟
الطلبة: لا يصح.
الشيخ: لك ربح ما تجلبه في مكة، ولي ربح ما تجلبه المدينة.
الطلبة: لا يصح.
الشيخ: لك ربح السيارات، ولي ربح الأطعمة؟
الطلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، لأن هذا يخالف القاعدة الأصيلة الأصلية في المشاركة، وهي تَسَاوِي الشريكين في الْمَغْنَم والْمَغْرَم.
ثم قال: (والوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ المَالِ).
الوضيعة يعني: ما يُوضَع من القيمة، أي: الخسارة، الخسارة على قَدْر المال لا على قدر الشرط، فلو جاء أحدهما بعشرة آلاف، وجاء الثاني بعشرين ألفًا، فالمال الآن أثلاثًا، فقالوا: إذا خَسِر فالخسارة أنصافًا، لا يصح هنا؛ لأن الخسارة يجب أن تكون على قدر المال، إذا خَسِرَت الشركة فعلى صاحب -كم قلنا؟ عشرة آلاف وعشرين- على صاحب العشرة ثلث الخسارة، وعلى صاحب العشرين الثلثان، ولا يصح أن تكون الخسارة على خلاف ذلك، ولهذا قال:(الوضيعة على قدر المال).
الربح؟
طلبة: ثلاث.
الشيخ: لا، الربح على ما شَرَطَاه، يعني: لو أن أحدهما جاء بعشرين ألفًا، والثاني بعشرة، وقالَا: الربح بيننا نصفين، فهنا صار الربح على قدر المال أو يختلف؟
طلبة: يختلف.
الشيخ: يختلف؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يصح؟
طلبة: يصح.
الشيخ: يصح، إذا قال: كيف يصح؟ هذا يُعْطَى أكثر من ربح ماله؟
قلنا: نعم؛ لأنه ربما يجعل للثاني أكثر؛ لأنه أَخْبَرُ منه بالبيع والشراء، فأعطاه أكثر من ربح ماله؛ لأنه أخبرُ منه، أما الوضيعة فلا يمكن أن نُحَمِّل أحدهما أكثر من خسارة ماله، فصار الربح كما قال المؤلف فيما سبق الربح على أيش؟ على ما شَرَطَاه، وأما الوضيعة فعلى قدر المال، انتبهوا لهذه النقطة.
مثال الربح، الربح على ما شرطاه؟
طالب: أن يكون في نصف الربح يأخذ نصفًا.
الشيخ: كيف يعني؟
الطالب: يشترك.
الشيخ: يعني يشتركان في المال، ويقول: الربح لك نصفه ولي نصفه، لو كان لأحدهما عشرون ألفًا وللثاني عشرة آلاف، وجعلوا الربح أنصافًا يصح؟
طلبة: يصح.
الشيخ: كيف يصح ويُعْطَى هذا أكثر من ربح ماله.
طالب: لأنه قد يكون صاحب العشرة آلاف عنده خبرة.
الشيخ: إي، تمام، أما الوضيعة فهي على قدر المال.
قال: (ولا يُشْتَرَط خَلْط المالين)، يعني: لا يُشْتَرَط أن يَخلط المالين، بل لو عمل كل واحد منهما بماله فلا بأس.
وهذا المؤلف نفاه، واعلموا أن لدى العلماء قاعدة أنهم لا ينفون شيئًا إلا لوجود خلاف فيه؛ لأن السكوت يُغْنِي عن النفي، إذا لم يكن خلاف فالسكوت عن ذِكْرِه يُغْنِي عن نَفْيِه، لكن إذا كان هناك خلاف يذكرون النفي دفعًا لهذا الخلاف، فقوله:(لا يُشْتَرَط خَلْط المالين) إشارة إلى نفي القول باشتراطهما، والقول باشتراط الخلط نوعان:
1 -
بعضهم يقول: لا بد أن يُؤْتَى بالمالين ويُجْعَلَا في متجر واحد، ولو كان كل واحد منهما ماله متميزًا.
مثاله: واحد ماله أقمشة، والثاني ماله أطعمة، يقول: لا بد أن يؤتَى بالأطعمة إلى مكان الأقمشة، أو بالعكس، ويكون محله واحدًا، وإن كان هذا يعمل بماله وهذا يعمل بماله.
2 -
وبعضهم يقول-النوع الثاني من الخلط- يقول: لا بد أن يختلط المالان جميعًا، ويتصرف كل واحد منهما بهما جميعًا، يعني كأنه صاحب متجر وخادم عنده، بمعنى أن المالين صارَا خَلِيطَيْنِ كالمال الواحد، يعني كأنه متجر لشخص واحد، وكل منهما يعمل به.
الثالث الذي مشى عليه المؤلف يقول: ما هو شرط، هذا يعمل في مكة، وهذا يعمل في المدينة، وهما شركاء. عرفتم؟
الآن نجيب صورًا، الاختلاط نوعان: اختلاط تام، واختلاط في المكان.
الاختلاط التام أن يؤتى بالمالين جميعًا، ويأتي الرجلان جميعًا، ويتصرف كل واحد منهما فيهما جميعًا، يقف الزبون عند الباب يقول: أريد الثوب الفلاني، يجيبه أي واحد منهما، أريد الكيس الفلاني من الأطعمة، أي واحد يجيبه، هذا خلط تام، وهذا هو مذهب الشافعي، لا بد أن يُخْلَطَ المالان خلطًا تامًّا، هذا واحد.
الثاني لمالك، الإمام مالك يرحمه الله يقول: يجب أن يُخْلَطَا في المكان، وإن تميَّز مال كل واحد عن الآخر، فمثلًا يكون متجر كبير الجانب منه هذا أطعمة، والجانب هذا أقمشة، وصاحب الأقمشة يتصرف في أقمشته، وصاحب الأطعمة يتصرف في أطعمته.
القول الثالث: يقول: ما هو شرط، كل واحد منهم يعمل بماله في مكانه، حتى لو كان أحدهما في مكة، والآخر في المدينة واشتركَا شركة عنان فلا بأس، الذين قالوا بالاشتراط قالوا: أين الشركة إذا كان كل واحد يعمل من مكان وفي ماله الخاص فأين الشركة؟ أجابوا عنه، قالوا: الشركة هو أنهما إذا اختلطَا صار المال الذي في البلد هناك بينه وبين شريكه نصفين، والمال الذي في بلده بينه وبين شريكه نصفين، كما لو كانَا شريكَيْنِ شركة أملاك فإنهما يكونان هكذا.
فعلى كل حال القول الراجح أنه لا يُشْتَرَط خَلْط المالين كما قال المؤلف؛ لأن الشركة حاصلة بدون الخلط. قال: (ولا كونهما من جنس واحد)، يعني –مثلًا-: لو أتى أحدهما بذهب والثاني بفضة فلا بأس، ولكن قلت لكم قبل قليل: هذا مَبْنِيّ على أيش؟ على أن سعر الذهب والفضة لا يتفاوت.
أما إذا كان يتفاوت كما هو العرف فلا بد أن يكون المالان من جنس واحد، أو يُقَوَّم أحدهما بالآخر، فمثلًا يقال: أنت أتيت بذهب والآخر أتى بفضة، لازم يُقَوّم الذهب حتى يساوي الفضة.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، ما عرفت الفرق بين الاشتراك التام والمكان؟
الشيخ: أيش؟
الطالب: الآن ذكرت قولًا للشافعية وقولًا للمالكية.
الشيخ: إي نعم.
الطالب: أنا ما عرفت الفرق بينهما.
الشيخ: المالكي يقول: لا بد يكون المالان في مكان واحد، وكل واحد يشتغل بملكه بماله، الشافعي يقول: لا بد يكون في مكان واحد ويشتغل الطرفان في نفس المال كله، عرفت؟
طالب: أحسن الله إليك، إذا كان في عرف الناس –مثلًا- أنه لا يُشْتَرَط أن يقولَا: نشترك في المال ولنا النصف، هو معلوم؟
الشيخ: أيش؟
الطالب: إذا كان من المعلوم ألَّا يقولَا: نشترك في المال ولنا النصف، مثلًا زيد يأتي بمال وعمرو يأتي بمال، ومعلوم أن الربح يكون نصفًا بينهما، فهل هذا .. ؟
الشيخ: يكون نصفين؟
الطالب: الربح يكون بينهما نصفين.
الشيخ: لكن نصفين على حسب مالهما.
طالب: نصفين، فهل يشترط أن يقولَا أن .. ؟
الشيخ: إذا كان هذا عرفًا مُطَّرِدًا فإنا نقول قاعدة مهمة: العرف الْمُطَّرِد كالشرط المشتَرَط، بشرط أن يكون مُطَّرِدًا ما فيه خلاف يعني.
طالب: بارك الله فيك، إذا كان النقدان مغشوشين كبيرًا، قلنا: وفي هذا الوقت الآن يمكن تُخْرَج القيمة ولو كان مغشوشًا؛ لأن هناك أجهزة تُعَيِّن الغش؟
الشيخ: أصلًا المغشوش يُرْمَى، عندنا الآن المغشوش يُرْمَى ما له قيمة إطلاقًا، لكن فيما سبق المغشوش له قيمة.
طالب: المغشوش الآن ذهب، إذا كان مصكوك هذا موجود جنيه، وإذا كان مغشوشًا (
…
) أقل من الصرف.
الشيخ: هذا ينبني على العروض، المذهب ما يجيز العروض.
طالب: هذا اللي رَجَّحْنا.
الشيخ: لا، اللي رجحنا يُقَوَّم مال كل واحد منهما حتى يتفقَا فيه.
طالب: إذا كان لك في السنة ربح عشر في المئة، والخسارة يتحملها هذا؟
الشيخ: ما يجوز، حرام.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، في بعض شركات السيارات تكون هذه السيارة –مثلًا- لعامل يشترك معهم، اذهب وسُقْ هذه السيارة، وما تحصل عليه من أجرة فإن لي منها مئة ريال مثلًا، وما زاد ..
الشيخ: هذا سيأتي في المضاربة إن شاء الله.
طالب: شيخ، بارك الله فيك، إذا اشترَطَا أنه يكون عائد الربح على النصف بينهما، والخسارة اختلف القدر يا شيخ.
الشيخ: والخسارة أيش؟
طالب: أخلف القدر التحمل بينهما على الثلث والثلثين في الخسارة، وعلى الربح ..
الشيخ: أصلًا الخسارة ما يمكن أن تكون إلا على رأس المال، ما يُحَمَّل أحد أكثر من خسارة ماله.
طالب: شيخ، (
…
) استحقاق (
…
).
الشيخ: اجتماع.
الطالب: (
…
) أو بمالهما.
الشيخ: هذه شركة عقود.
الطالب: تسمى شركة يا شيخ؟
الشيخ: إي، كيف؟
الطالب: كيف يا شيخ تسمى شركة، ما اشتركنا.
الشيخ: إلا، اشتركنا، لَمَّا شاركتك أنا وصار مالك الآن لي نصفه، أو ثلثه إذا كان المال اللي أنا ساهمت فيه الثلث.
طالب: ينفرد بماله يا شيخ.
الشيخ: لا ما ينفرد إلا بالتصرف فقط.
طالب: شرط يا شيخ أن يكون في مدينة أخرى بماله ..
الشيخ: إي نعم.
طالب: والآخر يكون ..
الشيخ: والآخر يكون في بلد آخر، واشتركا، الآن الربح الذي يكون حسب ما اشترطَا، لكن لا مانع أن أحدهما يشتغل بماله، والثاني يشتغل بماله، يكونوا شركاء.
طالب: أحسن الله إليك، ذكرنا أن الشركة إذا اشترك اثنان في أمر ما أن يَتَّفِقَا في الْمَغْرَم والْمَغْنَم، لكن يا شيخ إذا تصرَّف أحد الشريكين في شراء أمر من الذي يُبَاع يا شيخ بإذنه بدون استئذان شريكه، هل نقول: هذا يضمن بماله؟
الشيخ: إذا كان من مصلحة الشركة فهو على الجميع، وإذا لم يكن من مصلحتها فهو على المشتري، حسب الحال.
طالب: شيخ، بارك الله فيك، إذا كانت الشركة على ذهب مَصُوغ، فكيف يكون تقسيم الربح والخسارة؟
الشيخ: يُقَدَّر قيمته، هذا الذهب الْمَصُوغ كم قيمته مثلًا؟ قال: عشرة آلاف؟ يكون رأس مال هذا الرجل عشرة آلاف.
طالب: وحتى لو كان (
…
) هذا خمسة كيلو ذهب، وهذا خمسة كيلو ذهب، لكن القيمة قد تكون مختلفة؟
الشيخ: نفس الشيء، يُقَوَّم، ما دام إنه حلي فهو يُقَوَّم، لا بد من التقويم.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، الدراهم في عصرنا تختلف في كل بلد وبلد آخر، ولو اجتمع اثنان يا شيخ من بلدين مختلفين، وأرادَا الاجتماع في بلد أحدهما، فيأتي هذا بماله وهذا بماله، أو يجتمعان على مال واحد؟
الشيخ: لا بد إذا أتى هذا بماله وهذا بماله لا بد أن يُقَوَّم أحدهما بقيمة الآخر، مثل هذا أتى بدولارات وهذا أتى بدراهم سعودية، لازم عند العقد نقول: كم يسوى الدولار؟ أربعة ريالات مثلًا، يكون هذا الذي جاء بالدولارات إذا أتى –مثلًا- بأربعين دولارًا يكون مئة وستين وهلم جَرَّا. (
…
)
***
(لِمُتَّجِر به).
طالب: لِمُتَّجِر به ببعض ربحه، فإن قال: والربح بيننا فنصفان، وإن قال: ولي أو لك ثلاثة أرباعه أو ثلثه، صحّ، والباقي للآخر، وإن اختلفا لِمَن المشروط فلعامل، وكذا مساقاة ومزارعة.
ولا يضارِب بمالٍ لآخر إن أضرّ الأول ولم يَرْضَ، فإن فعل رَدّ حصته في الشركة، ولا يُقْسَم مع بقاء العقد إلا باتفاقهما.
وإن تلف رأس المال أو بعضه بعد التصرف، أو خسر جُبِرَ من الربح قبل قسمته أو تنضيضه.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
في شركة العنان إذا قال أحدهما: لي بعض الربح ولك الباقي؟
طالب: ما يصح.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: لأنه مجهول، علي أي شيء من النصوص تطبقه؟
الطالب: لأنه من بيع الغَرَر.
الشيخ: نعم، إن الرسول نهى عن بيع الغَرَر. (6)
هل يُشْتَرَط خلط المالين في الشركة؟
طالب: على المذهب لا يُشْتَرط.
الشيخ: إي، لا يُشْتَرَط، يعني: فيجوز أن يكون أحدهما يشتغل في دكانه على ما هو عليه، والثاني في دكانه على ما هو عليه، كذا؟ متأكد؟
هل يُشْتَرَط أن يكون من جنس واحد؟
طالب: لا.
الشيخ: لا يُشْتَرَط.
الطالب: لا يُشْتَرَط، لا يجوز أن يكون هذا (
…
).
الشيخ: عندما يتم فسخ الشركة، كيف يرجعان؟
الطالب: يرجعان بالقيمة عند ابتداء الأخذ.
الشيخ: يعني معناه إن الآن المؤلف كلامك اختلف عن كلام المؤلف، المؤلف يقول: لا يُشْتَرَط كونهما من جنس واحد، فيأتي أحدهما بدنانير، والثاني بدراهم، لكن عندما تنفسخ الشركة إذا قال صاحب الدنانير: أنا أريد دنانيري كاملة، وقال صاحب الدراهم: أنا أريد دراهمي كاملة؟
الطالب: نعم، هذا يا شيخ مبني على أنهما لم يَخْلِطَا المالين، فكل منهما يأخذ دنانير كاملة، ثم الربح الباقي يقتسمانه على ما شَرَطَاه.
الشيخ: لا.
(فصلٌ)
الثاني: (الْمُضارَبَةُ) لِمُتَّجِرٍ به ببعضِ رِبْحِه، فإن قالَ: والرِّبْحُ بينَنا. فنِصفانِ، وإن قالَ: ولِي أو لك ثلاثةُ أرباعِه أو ثُلُثُه. صَحَّ ، والباقِي للآخَرِ، وإن اخْتَلَفا لِمَن الشروطُ فلعامِلٍ، وكذا مُساقاةٌ ومُزارعةٌ، ولا يُضارِبُ بمالٍ لآخَرَ إنْ أَضَرَّ الأوَّلَ ولم يَرْضَ، فإن فَعَلَ رَدَّ حِصَّتَه في الشَّرِكَةِ، ولا يُقْسَمُ مع بقاءِ العَقْدِ إلا باتِّفَاقِهما، وإن تَلِفَ رأسُ المالِ أو بعضُه بعدَ التصرُّفِ ، أو خَسِرَ جُبِرَ من الربْحِ قبلَ قِسمتِه أو تَنْضِيضِه.
(فصلٌ)
الثالثُ (شَرِكَةُ الوُجوهِ) أن يَشْتَرِيا في ذِمَّتَيْهِما بجاهيهما، فما رَبِحا فبينَهما، وكلُّ واحدٍ منهما وَكيلُ صاحبِه وكَفيلٌ عنه بالثَّمَنِ، والْمِلكُ بينَهما على ما شَرَطَاهُ، والوَضيعةُ على قَدْرِ مِلْكَيْهِما، والربحُ على ما شَرَطاه.
الرابعُ (شَرِكَةُ الأبدانِ) أن يَشْتَرِكا فيما يَكتسبانِ بأَبْدَانِهما، فما تَقَبَّلَه أحدُهما من عَمَلٍ يَلْزَمُهما فِعْلُه، وتَصِحُّ في الاحتشاشِ والاحتطابِ وسائرِ الْمُباحاتِ، وإن مَرِضَ أحدُهما فالكَسْبُ بينَهما، وإن طالبَه الصحيحُ أن يُقيمَ مُقامَه لَزِمَه.
طيب عندما يتم فسخ الشركة كيف يرجع؟
طالب: يرجع إلى (
…
).
الشيخ: يعني معناه الآن المؤلف، كلامك اختلف عن كلام المؤلف، المؤلف يقول: لا يُشترط كونهما من جنس واحد، فيأتي أحدهما بدنانير والثاني بدراهم، لكن عندما تنفذ الشركة إذا قال صاحب الدنانير: أنا أريد دنانيري كاملة، وقال صاحب الدراهم: أنا أريد دراهمي كاملة.
طالب: نعم، شيخ، هذا مبني على أنه لم يخلطا المالين، فكل منهم يأخذ دنانير كاملة وفضة كاملة، ثم الربح الباقي يقتسما على ما شرطا.
الشيخ: إي، لا.
طالب: مبني على أن سعر النقدين ثابت.
الشيخ: مبني على أن قيمة النقدين ثابتة؛ اثنا عشر درهم يقابله دينار لا يزيد ولا ينقص.
وهل ينسحب هذا النفي كونهما من جنس واحد على وقتنا الحاضر؟
طالب: لا ينسحب على وقتنا الحاضر؛ لأن قيمة النقود تختلف الآن من وقت لآخر، فيصح أن تنعقد الشركة بنقود مختلفة، ولكن تُقوَّم وقت العقد بأحد النقدين.
الشيخ: إي، سمعتم؟ يقول: في وقتنا الحاضر الدنانير -يعني الذهب والفضة- تختلف أسعارهما من حين لآخر، فعلى هذا يجب عند العقد أن يُقوَّم أحدهما بالثاني؛ لأجل عند الفسخ نرجع إلى القيمة.
وذكرنا أن المؤلف لماذا قال: (لا يُشترط)(ولا كونهما)؟
طالب: أراد بالنفي أن يبين أنه اشترط الآخرون (
…
).
الشيخ: أقول: لماذا نفاه والأصل أن سكوته يدل على أنه ليس بشرط؟
طالب: يريد أن يدفع الرأي الآخر.
الشيخ: أحسنت، يريد أن يدفع الرأي الآخر، وهكذا العلماء إذا كان هناك خلاف مشهور تجده -مثلًا- ينفي الخلاف، وإن كان لو سكت لعُلم أنه منفي.
***
[شركة المضاربة]
(فصلٌ) النوع (الثاني المضاربة) المضاربة: مأخوذ من الضرب في الأرض؛ وهو السير فيها، قال الله تعالى:{وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: 20].
ومعلوم أن كل تجارة فهي مضاربة يضرب الإنسان في الأرض، لكن خُصَّت بهذا النوع من المعاملة اصطلاحًا لا لغةً، كما قيل: مزدلفة تسمى جمعًا، مع أن الحجاج يجتمعون في عرفة، لكن هكذا اصطلح أهل اللغة على أن المزدلفة تسمى جمعًا، وأيضًا مزدلفة ومنى أقرب منها إلى الحرم فهي أقرب، لكن هذا اصطُلِح، وقد يقال للمزدلفة باعتبار أنها مشعر، وعرفة مشعر أيضًا، وهي أقرب المشعرين إلى مكة.
إذن المضاربة مأخوذة منين؟ من الضرب في الأرض؛ وهو السير فيها، كقوله تعالى:{وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ} .
وقوله: (لمتجر به)(اللام) حرف جر، والمعروف أن كل مجرور لا بد له من عامل يتعلق به، وهذا العامل إما مذكور وإما محذوف؛ فإن كان مذكورًا فالأمر واضح، وإن كان محذوفًا فلا بد أن يُقدَّر ما يناسب السياق، فهنا نقدر: المضاربةُ دفعُ مالٍ لمتجر به، وعلى هذا فتكون متعلقة بمحذوف هو المصدر؛ أي: دفع مال لمتجر به.
وقوله: (لمتجر به) أي: لمن يتجر به، (ببعض ربحه) المؤلف قال:(بعض) ولم يبين هذا البعض، هل يجوز أن تقول: خذ هذا المال مضاربة ببعض ربحه؟ لا، لكن المؤلف اعتمد على قوله في الفصل قبله:(وكذا مساقاة ومزارعة ومضاربة)، فكما يُشترط في شركة العِنان أن يكون؟ السهم المشروط لأحدهما ماذا يشترط فيه؟
طالب: أن يكون معلومًا يا شيخ.
الشيخ: يكفي معلومًا؟
الطالب: معلوم مشاع.
الشيخ: مشاعًا، أن يكون جزءًا معلومًا مشاعًا.
إذن قوله: (ببعض ربحه) هذا مبهم، لكن يُفسَّر يقال: بالربع، بالثمن، بالخمس، حسب ما يتفقان عليه.
مثال ذلك: أعطى رجل آخر مئة ألف ريال وقال: خذ هذه اتجر بها ولك نصف الربح، يصح. خذ هذه اتجر بها ولك ربع الربح، أيضًا يصح. خذ هذه ولك ثلاثة أرباعه، يصح.
المهم لا بد أن يكون مشاعًا؛ ولهذا قال: (فإن قال: والربح بيننا فنصفان) إن قال من؟ الدافع ولَّا المضارَب؟
طلبة: الدافع.
الشيخ: الدافع وهو المضارِب، والعامل يسمى مضارَب، بفتح الراء.
إن قال المضارِب -وهو رب المال-: (الربح بيننا فنصفان) أي: فهو نصفان؛ نصف للعامل، ونصف للمضارب؛ لأن هذا مقتضى البينية، مقتضى البينية هو التساوي، ولهذا لو أعطيت جماعة دراهم وقلت: هذه بينكم فكيف يملكونها؟
طلبة: بالتساوي.
الشيخ: بالتساوي، إذا كانت عشرة دراهم وهم عشرةٌ لكل واحد درهم.
(وإن قال: ولي أو ولك ثلاثة أرباعه أو ثلثه صح، والباقي للآخر) إذا قال: لي ربعه يصح؟
طلبة: نعم، يصح.
الشيخ: إذا لم يقل: لك ثلاثة أرباعه؟ قال: لي ربع، ولم يقل: ثلاثة أرباعه لك؟
طالب: يصح.
الشيخ: هذا يصح؛ لأنه إذا أُخذ الربع فالباقي للآخر.
كذلك لو قال: لي ثلاثة أرباعه وسكت عن الربع الرابع يصح، ويكون الربع الرابع للعامل؛ أي: للمضارَب؛ ولهذا قال: (صح والباقي للآخر).
(وإن اختلفا لمن المشروط فلعامل) يعني: اتفقا على أنه قيل: ثلاثة أرباعه لك والباقي لي، ثم اختلفوا؛ أحدهما يقول: ثلاثة أرباع مشروطة لي، والثاني يقول: مشروطة لي، فمن القول قوله؟
قالوا: إن القول قول العامل؛ لأن الربح إنما حصل بفعله، فكان هو أولى به؛ فلذلك نقول: القول قول العامل.
صَوِّرِ المسألة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أعطاه مئة ريال أم مئة ألف ريال؟ مضاربة وقال: ثلاثة أرباعه لك، وثلاثة أرباعه لي، وما فيه مكتب بينهم، عند قسم الربح قال العامل: المشروط لي، كم المشروط؟ ثلاثة أرباع، وقال صاحب المال المضارِب: المشروط لي، فمن القول قوله؟ يقول المؤلف: القول قول العامل؛ فإذا اختلفا لمن المشروط فالقول قول العامل.
وإن اختلفا في قدر المشروط، ما هو من يستحقه، اختلفا في قدره، فالقول قول رب المال؛ بأن قال العامل: شرطنا لك الثلث؛ ثلث الربح وقال صاحب المال: بل نصف الربح، هما الآن متفقان أن المشروط لمن؟
طلبة: للعامل.
الشيخ: لا، العامل يقول: إننا شرطنا لك أنت يا صاحب المال الثلث، وصاحب المال يقول: شرطت النصف، الآن قد اتفقا على أن المشروط له هو.
طالب: صاحب المال.
الشيخ: رب المال يا إخواني، لكن اختلفوا في القدر؛ صاحب المال يقول: النصف، والعامل يقول: الثلث، إذا قدرنا أنه الثلث، كم يكون للعامل؟
طلبة: ثلثان.
الشيخ: ثلثان، إذا قدرنا أنه النصف، ليس له إلا النصف، يكون هنا القول قول رب المال؛ لأن الربح تبع للأصل، ما دام الآن ما اختلفوا في: لمن المشروط له؟ لكن اختلفوا في قدره، فالربح تابع للأصل، وإذا ادعى العامل أن له النصف قلنا: اتفقتما على الثلث، وأنت أيها العامل ادعيت الزائد؛ وهو السدس، والبينة على مَن؟ على المدعي، واضحة المسألة؟
طلبة: لا يا شيخ.
الشيخ: ما هي بواضحة، طيب اختلفا لمن المشروط؛ في تعيين من الذي شرط له السهم، فالقول قول؟
طلبة: العامل.
الشيخ: اختلفا في قدره مع اتفاقهما على المشروط له، القول قول رب المال، واضح ذا ولَّا ما هو بواضح؟
طلبة: واضح.
الشيخ: طيب صورة المسألة الأولى هو المشروط الآن ثلاثة أرباع، قال العامل: إنه أنا المشروط له ثلاثة أرباع، وقال رب المال: بل أنا المشروط له ثلاثة أرباع، من القول قوله؟
طلبة: العامل.
الشيخ: قول العامل؛ لأن أصلا الربح من أين جاء؟
طلبة: من العامل.
الشيخ: إلا من العامل فالقول قوله.
المسألة الثانية صورتها: اتفقا على أن المشروط له هو رب المال، قال: نعم صحيح، الشرط لرب المال، لكن قال رب المال: إنك قد شرطت لي النصف، وقال العامل: لم نشترط إلا الثلث لك أنت يا صاحب المال، مَن القول قوله؟
طلبة: قول صاحب المال.
الشيخ: القول قول صاحب المال؛ لأنه ما فيه اختلاف بيننا لمن المشروط، الاختلاف بيننا الآن في قدر المشروط، وجاء بالبينة الفرق بين الصورتين. صوِّر الأولى ثم صوِّر الثانية؟
طالب: الصورة الأولى أن اختلفوا في الشرط لمن المشروط (
…
) للعامل ولا رب المال، فقال رب المال: الشرط لي ..
الشيخ: صَوِّر، مثال؟
طالب: زيد وعمرو؛ زيد العامل، وعمرو رب المال، قال زيد: المشروط لي، وقال عمرو: لا، المشروط لي فهنا ..
الشيخ: ويش المشروط الآن؟ كم ألف ولَّا ألفان؟
الطالب: ثلاثة أرباع.
الشيخ: ثلاثة أرباع.
الطالب: فالقول هنا قول زيد.
الشيخ: من هو زيد؟
الطالب: العامل.
الشيخ: العامل طيب، يعني العامل يقول: إنا شرطنا لك النصف، ودا يقول: شرطنا لك ثلاثة أرباع، فالقول قول العامل، كم نعطي رب المال؟
طالب: ربع المال يا شيخ؛ لأن العامل قال: إن مشروطه ثلاثة أرباع المال.
الشيخ: زين.
طالب: وزيد، يكون له ربع.
الشيخ: رب المال يقول: ليه، مشروط لي أنا ثلاثة أرباع؟
طالب: نقول: القول هنا قول زيد؛ لأنه هو العامل.
الشيخ: العامل فيأخذ ثلاثة أرباع (
…
) إلا الربع.
طالب: نعم.
الشيخ: طيب الصورة الثانية؟
الطالب: الصورة الثانية: أن يختلفوا في القدر، واتفقوا أن الشرط لزيد، وهو رب المال.
الشيخ: لرب المال.
الطالب: فإن القدر قال زيد: لك النصف، لك الثلث، وقال ..
الشيخ: قال رب المال: اترك زيدًا وعبيدًا ما علينا منهم (
…
).
الطالب: (
…
) نصف، نصف المال، والعامل قال: لا، بل لك ربع.
الشيخ: إي نعم.
طالب: فالقول قول ..
الشيخ: يعني الآن متفقان على أن المشروط له هو رب المال، لكن رب المال يدعي النصف، وذاك يقول: ما لك إلا الربع، مَن القول قوله؟
طالب: القول قول رب المال.
الشيخ: قول رب المال، تمام. إذن إذا اختلفوا في تعيين المشروط له؟
طلبة: القول قول العامل.
طلبة آخرون: القول قول رب المال.
الشيخ: القول قول العامل، وإن اختلفوا في قدر المشروط مع اتفاقهم على المشروط له فالقول قول رب المال. هذا الحكم.
وكذا (مساقاة ومزارعة) يعني: لو اختلف المساقي والمزارع، أولًا عرفنا فيما سبق الفرق بين المساقاة والمزارعة، يلا؟
طالب: المزارعة يا شيخ هو ..
الشيخ: المساقاة أول شيء.
الطالب: المساقاة هو أن يكون رجل له مزرعة ويبحث؛ يعني: رب مزارع يبحث عمن يسقي له مزرعته، يعني (
…
) اتفق مع رجل على أنه يدفع له مبلغ على أنه يسقي له مزرعته.
الشيخ: النخل مثلًا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يسقي النخل؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يعني: دفع له مبلغًا على أن يسقي النخل.
الطالب: نعم، أما المزارع فهو يتفق مع ..
الشيخ: (
…
).
الطالب: الله المستعان.
الشيخ: الله المستعان!
الطالب: لا يا شيخ، أن يعطيه حصة للمزارع؛ يعني نسبة.
الشيخ: يعني يقول: خذ هذا البستان، فيه أشجار نخيل ورمان وعنب وغيره، قال: خذ اعمل به، على أن لك؟
الطالب: حصة؛ عشرة في المئة، خمسة عشر في المئة.
الشيخ: هذه مساقاة، المزارعة؟
الطالب: المزارعة هو أن يتفق رجل مع آخر على أنه يزرع له النخل و ..
الشيخ: يزرع النخل؟
الطالب: نعم.
الشيخ: النخيل (
…
) فرق بين النخل والزرع؟
الطالب: شيخ (
…
).
الشيخ: غلط.
طالب: (
…
) شيء معلوم من ..
الشيخ: من الزرع، تمام، إذن الفرق بين المساقاة والمزارعة: المساقاة على أشجار، والمزارعة على أرض تزرع، هذا هو الفرق.
المساقاة والمزارعة إذا اختلفا لمن المشروط فلمن؟
طالب: للعامل.
الشيخ: فللعامل، إن اختلفا لمن المشروط فللعامل، وإن اختلف في قدره فالقول قول صاحب الأرض أو صاحب النخل؛ صاحب الأرض في المزارعة، وصاحب النخل في المساقاة.
مثال ذلك: أعطيت فلاحًا يفلح هذا البستان نخيل وعنب ورمان، وقلت: لك ثلثه؛ ثلث ما يخرج منه؛ يعني: ولي الثلثان، هذه نسميها أيش؟
طلبة: مساقاة.
الشيخ: مساقاة، عندي أرض بور ما فيها شيء، أعطيتها شخصًا يزرعها زرعًا؛ شعيرًا أو برًّا أو رزًّا أو ما أشبه ذلك، بالنصف، بالربع، بالثلث، هذه نسميها مزارعة، فالمساقي يقول في الصورة الأولى: خذ هذا النخل والأشجار، خذها ولك الثلث؛ يعني: والباقي لصاحب البستان.
طيب عند جَذِّ النخيل وصرم العنب وما أشبه ذلك اختلفوا؛ فقال العامل: المشروط لي، اتفقوا على أن المشروط ثلثان، فقال العامل: هو مشروط لي، وقال صاحب النخل: هو مشروط لي، مَن القول قوله؟
طلبة: العامل.
الشيخ: قول العامل.
طيب اختلفا في قدر المشروط؛ قال العامل: إنك قد شرط لي ثلاثة أرباع، وقال صاحب الأصل: قد شرط لك النصف، هم الآن متفقان على أن المشروط له هو؟
طالب: العامل.
الشيخ: العامل، لكن اختلفوا في قدر المشروط فالقول قول؟
طلبة: صاحب الأرض.
الشيخ: نعم، صاحب الأرض، واضح، وكذلك يقال في المزارعة، فهنا فرق بين الاختلاف في تعيين المشروط له وبين الاختلاف في تعيين المشروط؛ إن كان الاختلاف في تعيين المشروط له فالقول قول العامل، وإن كان في تعيين المشروط مع الاتفاق على تعيين المشروط له فالقول قول رب المال.
والتعليل -كما عرفتم- أن العامل استحق السهم في عمله بالعمل فكان القول قوله، وأما الاختلاف في القدر فالأصل أن الربح في المضاربة والنماء في المساقاة والمزارعة أنه تابع لأصله، فيكون القول قول رب المال.
قال المؤلف: (ولا يضارب بمال لآخر إن أضر الأول ولم يرض) لا يضارِب الفاعل المضارَب، المضارَب لا يضارب بمال لآخر؛ يعني مثلًا: أنا أعطيت هذا الرجل مالًا يتجر به المضاربة فذهب إلى آخر وقال: أعطني مالًا مضاربة، يقول المؤلف: هذا لا يجوز، لكن متى لا يجوز؟ إن أضر الأول ولم يرضَ، فإن رضي جاز، وإن لم يضر به جاز، أفهمتم الآن؟
طلبة: لا.
الشيخ: طيب أعطيت هذا الرجل عشرة آلاف، قلت: هذه مضاربة اشترِ بها رزًّا، قال: طيب، أخذ الآن العشرة ليشتري رزًّا ويأتي بالأسواق يبيعه بربح، نقول: لا يجوز للمضارَب اللي أخذ عشرة آلاف ريال أن يأخذ من شخص آخر عشرة آلاف مضاربة، لا يجوز. لماذا؟
يقول: بشرط إن أضر الأول ولم يرض، إضرار الأول يحصل بأحد أمرين؛ إما أن ينشغل المضارَب بالمضاربة الثانية عن المضاربة الأولى مع اختلاف المال، وإما أن يشتري مالًا من جنس ما ضاربه الأول عليه حتى تضخم الأسواق من هذا النوع من المال فيرخص، كل هذا ضرر، أنتم فاهمون معي ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: فاهمون المسألة الآن؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: طيب أعيد المثال مرة ثانية: أعطيت رجلًا عشرة آلاف ريال، قلت: خذ هذه مضاربة في الرز؛ لأني عرفت أن الرز عليه طلب، فقال: أهلًا وسهلًا، أخذها ثم ذهب إلى آخر وأخذ منه عشرة آلاف ريال مضاربة في الرز، يضر الأول ولَّا ما يضره؟
طلبة: يضره.
الشيخ: كيف يضره؟ الرزق على الله؟
طلبة: السوق يرخص.
الشيخ: نعم؛ لأن السوق إذا امتلأ من الرز سوف يرخص، فهو يضره.
طيب أخذ عشرة آلاف ريال مضاربة من شخص آخر، لكن يريد أن يشتري بها سيارات، السيارات لا تؤثر على الرز ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لكن ربما ينشغل هذا المضارب بالاتجار بالسيارات، لا سيما إذا فهم أن ربحها أكثر، ويركن المضارب الأول يركنه إلى رزه ولََّا لا؟ يقول: السيارة أكسب، هذا يضره أو لا يضر؟
طلبة: يضره.
الشيخ: يضره، إذن الضرر يكون لواحد من أمرين؛ إما أن يأتي بسلعة من جنس السلعة التي عينها المضارِب الأول، هذه واحدة، وإما أن ينشغل بالسلعة الثانية عن السلعة الأولى، وهذا ضرر.
الشرط الثاني قال: (ولم يرض) فإن رضي فلا بأس؛ لأن الحق له.
طالب: أحسن الله إليك، قلنا: إذا اختلف لمن المشروط فالقول قول العامل، لكن هنا يقول الشيخ -أحسن الله إليه-:(فلعامل) كأن بين العبارتين فرقًا يا شيخ؟
الشيخ: كيف (وإن اختلفا لمن المشروط فلعامل)؟
الطالب: ونحن قلنا: فالقول قول العامل، كأن العبارتين بينهم فرق يا شيخ.
الشيخ: أي العبارتين؟ إذا قال: (فلعامل) يعني معناه: القول قوله.
الطالب: لكن -مثلًا- اشترط الربع، واتفق على أن الشرط الربع، لكن اختلفا لمن المشروط، وقال العامل بأن المشروط لرب المال، فعلى القول بأن القول قوله.
الشيخ: السؤال الآن ما هو (
…
) شايف فيه ضرر عليه، العامل لن يدعي إلا القسم الأكبر، العامل ما هو مُدَّعٍ إلا القسم الأكبر؛ يعني: ما يمكن بيقول رب المال: الربع، ويقول: لا، الثمن لي، هذا لا يمكن، اللهم إلا بيجي إنسان ورع جدًّا ويخاف الله يمكن، فالعامل لن يدعي إلا الأكثر.
طالب: بارك الله فيكم، عللنا بأنه إذا اختلف لمن المشروط، قلنا: للعامل؛ لأنه هو حصل بعمله، وقلنا: إنه إذا اختلف قدر الشرط، قلنا: لرب المال؛ لأن المال له (
…
) شيخ ما يكون التعليلان واحد؟
الشيخ: لا، بينهما فرق؛ لأن الربح الآن أصل العامل يستحقه بالشرط، الأصل أن العامل يستحق الربح بالشرط ورب المال يستحق الربح بالتبعية؛ فلهذا فرقوا بينهم قالوا: إذا اختلفا في قدر المشروط واتفقا أنه لأحدهما فالقول قول رب المال، وأما إذا اختلفا لمن المشروط هل هو لهذا أو لهذا؟ فالقول قول العامل.
***
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال رحمه الله تعالى:
ولا يضارب بمال لآخر إن أضر الأول ولم يرض؛ فإن فعل رد حصته في الشركة، ولا يقسم مع بقاء العقد إلا باتفاقهما، وإن تلف رأس المال أو بعضه بعد التصرف أو خسر جبر من الربح قبل قسمته أو تنضيضه.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، سبق لنا أن المضاربة تعريفها هو .. ، ما هي المضاربة؟
طالب: أن يعطي الإنسان شخصًا مالًا له ليتجر به.
الشيخ: دفع مالًا لآخر ليتجر به بأيش؟
الطالب: ليتجر بالمال.
الشيخ: بماله، لكن بأيش؛ ببلاش ولَّا؟
الطالب: بجزء من الربح.
الشيخ: بجزء من ربحه، هذا الجزء، يشترط الأخ؟
طالب: أن يكون مشاعًا معلومًا.
الشيخ: أن يكون مشاعًا معلومًا. ما ضد المشاع؟
طالب: ضد المشاع اللي غير مشاع.
الشيخ: إي، أحسنت، هذا الجواب، تمام، إي نعم، لكن نريد حدده؟
طالب: يعني: يكون غير مشاع بينهما (
…
) مختص لإنسان؛ مختص لأحدهما.
الشيخ: لا.
طالب: المجهول يا شيخ.
الشيخ: المجهول، كيف؟ لا إحنا نقول: المشاع، المجهول ضد معلوم.
الطالب: ضد المشاع يا شيخ.
الشيخ: إي، ما ضد المشاع؟
طالب: ضد المشاع المجهول.
الشيخ: لا، خطأ.
طالب: (
…
).
الشيخ: لا، غلط.
طالب: معين.
الشيخ: إي، كيف معين؟ محدد يعني؟
طالب: نعم.
الشيخ: مثل أن يقول؟
طالب: (
…
).
الشيخ: صح، المحدد، المشاع معناه الشائع، اللي بحيث يكون كل حبة منهما من ربح مشتركة، ضدها المحدد؛ مثل أن يقول: لك مئة، ولي الباقي، أو مثل أن يقول: لك ربح الثياب، ولي ربح الأواني، أو لك ربح هذه السَّفرة، ولي ربح السفرة الأخرى، أو لك ربح المال الذي في مكة، ولي ربح المال الذي في المدينة، المشاع معناه أنه مشترك يكون المضارِب -أعني رب المال- والمضارَب -وهو العامل- يكونين شريكين في كل حبة وذرة، واضح؟ أجيبوا يا جماعة.
طلبة: واضح.
الشيخ: خلاص، طيب، معلومًا ضد المعلوم، مثل؟
طالب: مثل أن يضارب في بيع -مثلًا- سلع ..
الشيخ: قال: خذ عشرة آلاف ريال مضاربة، والربح؟
الطالب: والربح بيننا.
الشيخ: لا، بيننا ما هو، معلوم هذا.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لك من الربح؟
طالب: (
…
).
طالب آخر: مثل أن يقول: لك من الربح بعضه.
الشيخ: صح، لك من الربح بعضه، هذا مجهول.
إذن لا تصح المضاربة بهذا (
…
)، لك من الربح بعضه لا تصح، لك من الربح مئة، لك من الربح ربح الأقمشة، لك من الربح ربح المال الذي في المدينة، هذا لا يصح.
لك من الربح ما شئت؟
طالب: أيضًا.
الشيخ: لا يصح. لماذا؟
الطالب: لأنه غير معلوم.
الشيخ: غير معلوم، يمكن يقول: أنا أريد ثلاثة أرباع أو أريد ربعًا، إذن هو مجهول.
إذا لم تصح المضاربة -انتبهوا- إذا لم تصح المضاربة فالقاعدة هذه ما علمتكم بها لكن الآن نعلمكم، إذا لم تصح المضاربة فالربح كله لرب المال وللعامل أجرة المثل، فمثلًا إذا كان مثل هذا العامل شهريته ألف ريال، له على رب المال ألف ريال، حتى لو أحاطت بالربح كله أو كانت جزءًا من ألف جزءٍ من الربح له أجرة المثل، هذا هو المشهور من المذهب، يقول: لأن هذه المضاربة فاسدة، فيستحق العامل أجر عمله.
والصحيح في هذه المسألة أن للعامل سهم المثل، هذا الصحيح. لماذا؟ لأن العامل إنما عمل على أنه شريك لا على أنه أجير، ولأنه لو قلنا: يعطى الأجرة، فربما تحيط الأجرة بالربح كله، وحينئذٍ يخسر رب المال، ورب المال لم يعطه على أنه أجير.
إذن إذا فسدت المضاربة فما الضابط أيش؟ له -على المذهب- أجرة المثل، والصواب أن له سهم المثل، فيقال: لو اتجر الإنسان بهذا المال كم يُعطى في العادة؟ قال: يُعطى نصف الربح، إذن له نصف الربح، يُعطى ثلاثة أرباع الربح، له ثلاثة أرباع الربح، يُعطى ربع الربح، له ربع الربح. إذن إذا فسدت فللعامل -على القول الراجح- سهم مثله.
طيب إذا اختلف هذه من المشروط؟
طالب: القول قول العامل يا شيخ.
الشيخ: نعم، القول قول العامل. مثاله؟
طالب: مثاله (
…
) أن يقول: لي ثلاثة أرباع، ولك الربع.
الشيخ: يعني اتفقوا على أن المشروط ثلاثة أرباع؟
طالب: نعم.
الشيخ: ولكن العامل قال: هو لي، ورب المال قال: هو لي، فلمن؟
طالب: القول قول العامل؛ لأن الربح إنما حصل بعد جهده هو.
الشيخ: طيب، القول قول العامل.
هذه أيضًا لم أنبهكم في الدرس الماضي على أنه ما لم يَدَّعِ ما يخالف العادة، إن ادعى ما يخالف العادة فإنه لا يُقبل، إذا قال: واللهِ العادة أن ثلاثة الأرباع في مثل هذه التجارة تكون لرب المال، فالقول قول من؟
طالب: قول رب المال.
الشيخ: قول رب المال؛ لأنكم تعرفون البضائع تختلف، فمثلًا بضاعة الصيرفة سهلة ولَّا متعبة؟
طالب: سهلة.
الشيخ: الصيرفة سهلة ما تتعب، بضاعة الأطعمة متعبة ولَّا لا؟ متعبة؛ لأن الطعام يحتاج إلى تحميل وتنزيل وعمال وسيارات تنقله، فهي متعبة.
على كل حال المشهور من المذهب أنهما إذا اختلفا لمن المشروط فهو؟
طلبة: للعامل.
الشيخ: للعامل؛ قلَّ أو كثر، والصحيح أنه للعامل ما لم يَدَّعِ ما يخالف العادة، فإن ادعى ما يخالف العادة وأن العادة أن مثل هذا يكون لرب المال فالقول قول رب المال.
طيب كل من قلنا القول قوله فلا بد من يمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (1)، فإذا اختلفا قال: المشروط ثلاثة أرباع؛ العامل يقول: لي، ورب المال يقول: لي، وجرت العادة أن مثل هذا القدر لا يُعطى العامل وإنما يكون لرب المال، قلنا: على القول الراجح يكون لرب المال، لكن لا بد أن يحلف؛ لأن العامل مُدَّعٍ، ورب المال في هذه الحال منكرٌ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ، فنقول: احلف أن هذا المشروط لك، فإذا حلف فهو له.
إذا اختلفا في قدر المشروط لا لمن المشروط؟
طالب: لصاحب المال.
الشيخ: إذا اختلفا في قدر المشروط فالقول قول من؟
طالب: صاحب المال.
الشيخ: قول صاحب المال، مثاله؟
طالب: إذا اتفقا لمن المشروط، اتفقا -مثلًا- أن الربح للعامل، ولكن اختلفا في القدر؛ فقال صاحب المال: لك الثلث؛ يعني للعامل، وقال: لي النصف، فالقول قول صاحب المال؛ لأنه هو الأصل.
الشيخ: طيب، اتفقا قال: نعم، نحن شرطنا هذا القدر للعامل، رب المال يقول: لا، أنكر، والعامل يقول كذلك، لكن قال العامل: إن لي الثلثين، وقال رب المال: إن لك النصف، فالقول قول رب المال، فلهذا نفرق بين أن يختلفا في تعيين من شُرط له وبين أن يختلفا في قدر المشروط؛ إذا اختلفا في تعيين من شُرِط له فالقول قول العامل، وإذا اختلفا في قدر المشروط فالقول قول رب المال. إي نعم.
يقول المؤلف: (كذا مساقاة ومزارعة) وأريد أن أعرف الفرق بين المساقاة والمزارعة؟
طالب: الفرق بينهم أن المساقاة هو سقي الأشجار.
الشيخ: أن المساقاة معاملة على الأشجار.
الطالب: نعم، معاملة على الأشجار.
الشيخ: والمزارعة؟
الطالب: معاملة على الأرض.
الشيخ: إي، على الزرع في الواقع، على الزرع الذي يُزرَع في الأرض.
الطالب: نعم.
الشيخ: صورة المسألة؟
الطالب: مثلًا ..
الشيخ: المساقاة.
الطالب: المساقاة أن يتفق معه على مثلًا ..
الشيخ: إنسان عنده ..
الطالب: عنده مزرعة فيها نخل مثلًا.
الشيخ: نعم، بستان كله نخيل وأشجار.
الطالب: اتفق معه على أن يسقي هذا الزرع ..
الشيخ: قال: خذ هذا البستان لك، نعم.
الطالب: ويسقيه -مثلًا- بربع المحصول.
الشيخ: قم عليه كله؛ سقي وتصريف الماء وكل شيء.
الطالب: نعم.
الشيخ: ولك؟
الطالب: الربع.
الشيخ: ربع أيش؟
الطالب: ربع الخراج؛ الناتج.
الشيخ: ربع الثمرة، طيب.
الطالب: والمزارعة أن يعطيه أرضًا.
الشيخ: المزارعة أن يعطيه أرضًا.
الطالب: نعم، ويقول: ازرع هذه الأرض، ومثلًا شجر يعطيه فيها عنب مثلًا ..
الشيخ: لا يا أخي، عنب، شجر.
الطالب: إي، شجر، مزارعة.
الشيخ: المزارعة زرع، ما هو شجر.
الطالب: يعطيه أرضًا مثلًا ..
الشيخ: قال: هذه الأرض خذها، ازرعها بُرًّا، شعيرًا، ذرة، دخنًا، رزًّا.
الطالب: ولك -مثلًا- الربع أو النصف على ما (
…
).
الشيخ: تمام، صح، هذه المزارعة.
إذا اختلفا (
…
) المشروط؟
طلبة: العامل.
الشيخ: العامل طيب؛ يعني الذي أخذها مزارعة.
وإذا اختلفا في قدر المشروط؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: فرب المال، بارك الله فيكم.
قال المؤلف: (ولا يضارب).
طالب: إذا اختلفا في قدر المشروط (
…
).
الشيخ: لا، من عنده، قال:(ولا يضارب بمال لآخر) قرأنا هذه.
طلبة: نعم.
الشيخ: الضمير في قوله: (ولا يضارب) لمن؟
طالب: لا يضارب العامل.
الشيخ: السؤال لك خاصة، لمن؟
الطالب: للعامل.
الشيخ: مثل؟
الطالب: كأن يطلب صاحب المال ..
الشيخ: مثاله، أعطاك محمد الشرافي.
الطالب: أعطاني مالًا ..
الشيخ: كم؟
الطالب: أعطاني عشرة آلاف.
الشيخ: عشرة آلاف؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: مضاربة، هكذا؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: طيب، اشهدوا عليه أنه أقر أنه أعطاه عشرة آلاف.
الطالب: مضاربة في الأطعمة مثلًا، فلا يجوز (
…
) أن أذهب إلى شخص آخر وآخذ منه مالًا أضارب به -مثلًا- في السيارات إلا بشرطين؛ إن لم يضر ذلك بالأول، وإن رضي، فإن رضي ولم يضر به ذلك فإنه يجوز.
الشيخ: ما فهمت، تداخلت الأحوال، أعطاك محمد شرافي عشرة آلاف تعمل بها في الأطعمة، وأعطاك سامي العقيلي عشرة آلاف.
الطالب: لا يجوز أن أضارب بمال سامي إذا أضر ذلك.
الشيخ: بأطعمة؟
الطالب: بغيرها يا شيخ.
الشيخ: لا بأطعمة، (بمال لآخر) ما هي بمال آخر، بمال لشخص آخر.
الطالب: إي نعم، لا يجوز أن أضارب بها إن أضر ذلك بالمضارَب الأول ولم يرض، فإن رضي ولم يضر ذلك به جازت المضاربة.
الشيخ: إن رضي ولو أضر به ما علينا منه، إذا رضي؟
الطالب: (
…
) جازت المضاربة.
الشيخ: وإذا لم يضر به ولم يرض؟
الطالب: لم تجز المضاربة؛ لأنه اشترط رضاه.
الشيخ: توافقون على هذا؟
طلبة: لا.
الشيخ: هو فيه شرطين؛ الشرط الأول أن يضره، والشرط الثاني ألَّا يضره، إذا أضره ولم يرض قلنا: لا تضارب، فإن رضي جاز حتى لو أضره؛ لأن هو اللي رضي عن نفسه بالضرر، طيب وإن لم يضر به؟
طلبة: جاز.
الشيخ: جاز؛ أذن أم لم يأذن.
قول المؤلف رحمه الله: (ولا يضارب) المؤلف لم يفصح تمامًا بالحكم، فهل هو مكروه أو حرام؟ هذه العبارة إذا جاءت في كلام العلماء (لا يفعل كذا) فهي محتملة للكراهة وللتحريم، كما لو قالوا في الصلاة مثلًا: ولا يفعل كذا في الصلاة، فهي محتملة للكراهة وللتحريم، لكن الفقهاء صرحوا بأن ذلك حرام؛ يحرم أن يضارب بمال لآخر بالشرطين المذكورين: أن يضره، وألَّا يرضى؛ فإن لم يضره فلا بأس، وإن رضي فلا بأس.
طيب، فإن فعل؛ يعني هذا المضارَب، ولعلنا نغير المضارَب والمضارِب لأجل (
…
)، إن أقدم العامل وضارب بمالٍ لآخر مع الضرر، قال المؤلف:(فإن فعل رد حصته في الشركة)(إن فعل) أي: العامل؛ بأن ضارب بمالٍ لآخر وحصل له ربح في المضاربة الثانية فإنه يرد حصته من هذا الربح في الشركة الأولى، فكأنه ربح من المال الأول.
مثال ذلك: رجل أعطى شخصًا عشرة آلاف ريال مضاربة على النصف، ثم إن هذا العامل أخذ مضاربة من شخص آخر عشرة آلاف ريال، الأولى ربحت ألف ريال، العشرة ربحت ألف ريال، كم نصيب العامل؟
طلبة: خمس مئة.
الشيخ: خمس مئة، الثانية ربحت عشرة آلاف ريال، كم نصيب العامل؟
طلبة: خمسة آلاف.
الشيخ: خمسة آلاف، نضيف الخمسة آلاف إلى الألف؛ لأن نصيب العامل خمسة آلاف من المضاربة الثانية، نضيف الخمسة آلاف إلى الألف، فكأن المضاربة الأولى ربحت؟
طلبة: ستة آلاف.
الشيخ: ستة آلاف؛ ولهذا قال: (فإن فعل رد حصته في الشركة) هذا معنى كلام المؤلف، إذن إذا ضارب العامل بمال لشخص آخر وربح فإن هذا الربح يضاف إلى ربح المضاربة الأولى، ويكون المضارب الأول شريكًا، كأن هذا الربح من المضاربة الثانية كأنها ربح ماله، هذا ما ذهب إليه المؤلف.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: إنه لا يستحق من ربح المضاربة الثانية شيئًا؛ لأنها ليست من ماله، وإنما هي من كسب العامل، والعامل أخطأ في كونه يضارب بمال للآخر مع الإضرار بالأول، لكن ما الذي يُحل هذا الربح لصاحب المال الأول، وهو في الواقع لا يحل؛ ولهذا كان هذا القول هو الراجح؛ أنه لا يضيف ربحه من المضاربة الثانية إلى ربح المضاربة الأولى، بل هو له، لكنه آثم.
فإن قال قائل: لو فُرض أنه فَوَّت على المضارِب الأول -أي: على رب المال- فَوَّت عليه أرباحًا، فهنا ربما نضمنه، وقد لا نضمنه أيضًا، لكن الكلام على أن الربح من المضاربة الثانية لا يُرد في ربح المضاربة الأولى، على القول الراجح، أما المذهب -فكما سمعتم- قال:(رد حصته في الشركة).
قال: (ولا يقسم) الضمير على الربح، (ولا يقسم) أي: الربح، هذا كلام جديد، (ولا يقسم) يعني: الربح؛ يعني: العامل اتجر بالمال وربح، والعقد باقٍ لم يفسخ حتى الآن، يقول:(لا يقسم) الضمير يعود على الربح وليس على كل المال؛ لأن العامل ليس له حق في رأس المال، إنما حقه في الربح.
فيقول: (لا يقسم مع بقاء العقد إلا باتفاقهما) أما إن فسخ العقد فيقسم الربح؛ لأنه انتهى، لكن مع بقاء العقد لا يقسم إلا باتفاقهما، لماذا؟ لأن الربح وقاية لرأس المال، فربما يقول العامل: اقسم الآن يخشى أنه يتجر به مرة ثانية، فيخسر، فيطالب العامل بأيش؟
طلبة: بالقسمة.
الشيخ: بأي شيء؟
طلبة: بالنصاب.
طلبة آخرون: بقسمة الربح.
الشيخ: إي، يطالب بالقسمة لئلا يخسر، يقول مثلًا: الآن ربح عشرة في المئة، اقسم، أنا أخشى أن يتجر مرة ثانية يخسر ما يربح، فيكون عمل العامل هباء لا فائدة منه، أما رب المال قال: لا، ما نقسم، أنت الآن إذا اشتريت بعشرة آلاف أقل مما لو اشتريت بأحد عشر، والربح الآن مستمر، فإذا اشتريت بأحد عشر صار الربح أكثر مما لو اشتريت بعشرة؛ يعني: أن رب المال ينازع يقول: أبدًا، ما نقسم ما دامت الشركة باقية فلا نقسم، فهل يُجبر العامل رب المال على القسمة أو لا؟ أجيبوا.
طلبة: لا.
الشيخ: لا؛ لأن العقد باقٍ، ولو كان بالعكس؛ رب المال هو الذي طلب القسمة الربح علشان يأخذ الربح ماله، وذاك يأخذ ربح عمله، وقال العامل: لا نقسم الربح، الآن مضمون، وإذا ربحنا من أحد عشر صار أكثر مما لو ربحنا من؟
طلبة: من عشرة.
الشيخ: من عشرة، فأنا لا أريد القسمة، يقول من؟
طلبة: العامل.
الشيخ: العامل يقول: نعم، لا يقسم مع بقاء العقد.
والخلاصة أنه ما دام العقد باقيًا فإنه إذا طلب أحدهما قسمة الربح فإنه لا يقسم إلا باتفاقه، وهذا واضح؛ لأن الحق لهما.
يقول: (وإن تلف رأس المال أو بعضه بعد التصرف أو خسر جُبِر من الربح قبل قسمته أو تنضيضه).
هذه عدة مسائل:
أولًا: إذا تلف رأس المال جُبِر من الربح؛ يعني مثلًا: إنسان عامل مضارَب اتجر وأودع؛ يعني: جعل الدراهم في الصندوق، وكانت عشرة آلاف وصارت بالربح عشرين ألف، سُرقت عشرة آلاف، يقول المؤلف: إنه يجبر من الربح، في هذا المثال اللي مثلنا هل يبقى للعامل شيء؟
طلبة: لا (
…
).
الشيخ: كيف خالف؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: هو عشرة، هذا أصل رأس المال، ربح عشرة أخرى وضعها في الصندوق؛ صندوق محرز فسُرق منها عشرة، ما الذي سُرِقَ؟ الربح؛ كل الربح الآن سُرِق، يقول المؤلف: إن ما تلف قبل القسمة أو التَنْضِيض يكون من الربح، وحينئذٍ تبقى العشرة الباقية لمن؟ تبقى لرب المال.
نبقى في المثال: سُرِق من العشرين خمسة، كم يكون الربح؟
الطلبة: خمسة آلاف.
الشيخ: خمسة آلاف، وعشرة تبقى؛ لأنه يكون من الربح، هذا إذا تلف أو بعضه.
(أو خسر) إذا خسر أيضًا يُجبر من الربح، مثال ذلك: كان من عادة هؤلاء العامل ورب المال إذا جاء الربح أودعوه في المصرف، ثم اتجر برأس المال، وهذا يودع في المصرف لكنه لا يقسم، ثم إن رأس المال خسر.
ونضرب مثلًا ليتضح: عشرة آلاف ريال رأس المال اتجر بها، فصارت خمسة عشر، أخذ الخمسة -وهي الربح- ووضعها في المصرف، ثم اتجر بالعشرة، فخسرت وصارت ثمانية، الآلفان هذه نأخذها من الربح ولَّا نقول: الربح خمسة باقٍ لأصله؟
طلبة: الأول؛ نأخذها من الربح.
الشيخ: الأول؛ نأخذها من الربح، ويكون الربح على هذا كم؟
طلبة: ثلاثة.
الشيخ: ثلاثة؛ ولهذا قال: (أو خسر جبر من الربح).
لكن يقول: (قبل قسمته) فإن قُسم فكل واحد منهما أخذ نصيبه؛ يعني مثلًا: قدرنا أن رأس المال عشرة آلاف، ربح ألفين، واتفق رب المال والعامل على أن يقسم الربح، أخذ العامل ألف ريال الذي هو نصيبه من الربح؛ لأن الربح كان بينهما أنصافًا بقي عندنا كم؟ ألف من الربح، وعشرة رأس المال، طيب نقول لرب المال: الآن الألف هذه؛ إن شئت اجعلها رأس مال، وإن شئت فخذها، لكن العامل أخذ نصيبه ألف ريال خسر المال، بعد أن أخذ العامل نصيبه خسر المال، هل نقول للعامل: هات الربح اللي أخذت؟
طلبة: لا.
الشيخ: لماذا؟ لأنه لما قسمه صار ملكه وخاصًّا به خارجًا من الشركة.
قال: (أو تنضيضه) تنضيضه؛ يعني: تحويله إلى نقد، التنضيض؛ يعني: التصفية، فلو خسر بعد التصفية فليس الضمان على رأس المال؛ لأنه نضَّ، وعرف العامل نصيبه وصفيت الشركة، لكن ما دام لم ينضض فإن الخسارة تكون على الربح، وأما بعد التَنْضِيض فلا، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.
والصحيح أنه إن كان التنضيض يعني فسخ الشركة أو يعني المطالبة بالقسمة فنعم، كما قال المؤلف، وأما إذا كان التنضيض اللي يصفي دراهم لأجل يشتري بضاعة أخرى؛ لأنه أحيانًا يكون العامل يرى أن هذه البضاعة ثقيلة ما تمشي، فيبيعها ويصفي المال؛ علشان يشتري به إيه؟
طالب: بضاعة.
الشيخ: بضاعة أخرى تمشي، فهنا لا نقول: إن التنضيض يعتبر كالقسمة؛ لأن العامل ورب المال كلاهما يعتقد أن هذا ليس فسخًا ولا قسمًا.
مثال ذلك: المضارَب الآن -العامل- هو اشترى عقارات وصار يؤجرها؛ يبتغي بها الربح، لكن رأى أن العقارات ضعفت الإجارة، ما فيها مكسب، فباعها جميعها بمئة ألف ريال، صار اللي بيده الآن مئة ألف ريال، لكن يريد أن يشتري بها نوعًا آخر من المال يرى أنه أفيد، فهنا نقول: هذا التنضيض ليس تنضيض قسمة ولا تنضيض فسخ، إنما هو تنضيض لمصلحة أيش؟
طلبة: الشركة.
الشيخ: فلو قُدِّر أنه خسر بعد ذلك فالخسارة على الربح.
وخلاصة الموضوع أن أي خسران يكون قبل القسمة أو فسخ الشركة فهو على الربح، فإن خسر كل شيء فمعلوم على الربح ورأس المال.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (الثالث: شركة الوجوه) الثالث من أيهم؟
طلبة: شركة (
…
).
[شركة الوجوه]
الشيخ: الثالث من أنواع شركة العقود؛ لأنه قال المؤلف في الأول: (وهي أنواع).
(شركة الوجوه أن يشتريا في ذمتيهما بجاههما، فما ربحا فبينهما) هذان رجلان عملا لكن ليس عندهما قرش واحد، كلاهما فقير، ذهبا إلى رجل غني كبير وقالا له: نريد أن نشتري منك هذا المعرض، قال: طيب، سلموا فلوسًا، قال: ما عندنا شيء، لكن نشتري بالذمة، هو الآن يساوي -مثلًا- مئة ألف، نشتري منك بمئة وعشرة في ذممنا، وهما ليس عندهما أي قرش، هذه تسمى شركة الوجوه؛ لأنهما اكتسبا المال بجاههما وثقة الناس بهما، فقال رب المعرض: بعت عليك، فصارا أيش؟ شريكين في هذا المعرض بدون أن يُسلما دراهم؛ لا منهما، ولا من أحدهما؛ لأنهما لو سلم دراهم منهما صارت شركة؟
طلبة: عنان.
الشيخ: عنان، ولو سلم أحدهما فمضاربة هذان لم يسلما مالًا؛ لأنهما اشتريا في ذمتيهما بجاههما.
رجلان آخران جاءا إلى صاحب معرض وهما أصحاب حيلة وأصحاب مكر، وقالا: بعْ علينا المعرض، قال: هات فلوسًا، قالا: ما عندنا، لكن لك وجيهنا، لكنهما معروفان بالحيل والمكر والخداع والمماطلة، أيعطيهما؟
طلبة: لا.
الشيخ: ليش؟ الاثنان الأولان أعطاهما؛ لأن لهما جاهًا ووجاهة وذمة، فتبين الآن أن شركة الوجوه معناها أن الشريكين ليس لهما مال؛ لا منهما ولا من أحدهما، وإنما لهما الذمة والجاه والاعتبار عند الناس، فيشتريان المال ويشتركان فيه، وهما تحت الله عز وجل.
هذه من يحتاج إليها؟ يحتاج إليها الفقراء الأقوياء على التكسب، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة:«لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» (2)، والناس قد يكون ليس عندهم مال فيذهبون إلى التجار ويقولون: أعطونا أموالكم نتجر بها ولكم، واكتبوها في ذمتنا الملك، ملك مَن؟ ملك التاجر اللي باع عليهما ولا ملكهما هما؟
طلبة: ملكهما.
الشيخ: ملكهما هما، الملك ملكهما، التاجر ما له إلا ثمن ثابت في الذمة.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- إذا كانت المضاربة ثم العامل بعد الربح ولم يقتسم المال، تصرف في المال بدون أذن صاحب المال؛ رب المال ..
الشيخ: بعد الفسخ؟
الطالب: قبل الفسخ؛ قبل أن يقسم المال زاد تجارة أخرى بدون أذن صاحب المال فخسر فيها؟
الشيخ: مضاربة لآخر؟
الطالب: لا.
الشيخ: في نفس الشركة؟
الطالب: في نفس الشركة، فخسر بدون أذن رب المال.
الشيخ: ما يخالف.
الطالب: فهل يضمن ولَّا؟
الشيخ: لا، يكون من الربح، ما دامت لم تُقسم فهو من الربح.
طالب: شيخ -بارك الله فيكم- لو قلنا بقول شيخ الإسلام ابن تيمية فإن في بعض الأحيان -يا شيخ- يرق دين الناس وأمانتهم، فنجد من إذا وجد مضاربة أخرى فيها مكسب أضرب عن المضاربة الأولى وذهب للمضاربة الثانية حيث يضر بالمضارِب الأول ويقول: الإثم أستغفر الله، لكن لو قلنا بقول المذهب فإنه فيه باب سد الذرائع.
الشيخ: لا، إذا أردنا أن نجعل المسألة من باب العقوبة نأخذ الربح من هذا المضارِب اللي هو العامل ونجعله في بيت المال.
طالب: إن قلنا: شيخ الإسلام ابن تيمية يقول ..
الشيخ: شيخ الإسلام يقول: ما يمكن يتأخر على رب المال الأول بأي طريق.
الطالب: إن فاته ربح كان يمكن أن يقول: لو .. ؟
الشيخ: ذكرنا في نفس البحث قلنا: لو فرضنا أنه أضر بالأول؛ يعني مثلًا صار يتكاسل ما يعمل بها فهذا ربما يُضمَّن، لكن إذا قدرنا أن الإنسان قائم بالعمل تمامًا، لكنه أخذ مضاربة في نفس المال الذي ضارب به الأول، ولكن السوق قوي يمشي.
الطالب: لكن الكلام في الإضرار -يا شيخ- لو أضر بالأول وقع الضرر على الأول.
الشيخ: حتى لو أضر بالأول ما يمكن يعطي الأول ربح المال؛ يعني: إن قلنا: إنه أضر بالأول فننظر هل تفويت الربح موجب للضمان؟ لأنه ربما يشغل الإنسان على أنه بيربح ولا يربح؛ فلذلك لو قلنا بأن كلام شيخ الإسلام هو الصحيح؛ لأن المسألة رد المال في الشركة الأول من مفردات مذهب أحمد، كل المذاهب الثلاثة يقول: لا، ما له حق، لكن لو أردنا أن نعزر -كما قلت- قلنا: هات ربحك وفي بيت المال.
الطالب: بيت المال؛ مال المسلمين؟
الشيخ: إي، بيت مال المسلمين، فهذا لا يُعطى شيء المضارِب الأول؛ لأنه ما ربح ما له شيء، وهذا (
…
) في هذا الحال (
…
) على ما قلت.
طالب: شيخ، بالنسبة إذا قال: لك واحد في المئة من المبيعات؛ يعني يكون المحل كبيرًا جدًّا، ويكون واحد في المئة (
…
)؟
الشيخ: ما يجوز، هذا من جنس: لك -مثلًا- ربح الأقمشة ولي ربح الأواني.
الطالب: يكون تحفيزًا له (
…
)؟
الشيخ: لا، يزود السهم شوية ويشتغل زين.
طالب: بارك الله فيك يا شيخ، إذا تلف رأس المال أو بعضه قبل القسمة هل تنفسخ المضاربة مثل (
…
)؟
الشيخ: لا، ما تنفسخ، إذا شاء ما انفسخت.
طالب: (
…
).
الشيخ: إي نعم، لكن لو تلف بالمرة انفسخت المضاربة فيما تلف، أو تلف النصف انفسخت المضاربة في النصف، المهم الذي يتلف انفسخت المضاربة فيه.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- هل مصطلح المضارَب والمضارِب هل هو اللي .. ، يعني أن المضارَب هو العامل والمضارِب هو رب المال وقد ينعكس .. ؟
الشيخ: لا، هذا هو المضارِب رب المال.
الطالب: (
…
) بآخر (
…
) المضارب الأول فأضر برأس المال؟
الشيخ: ما يمكن، كيف يضر برأس المال؟
الطالب: يأتي -مثلاً- خسارة على رأس المال.
الشيخ: لكن كيف يكون الضرر برأس المال الأول؟
الطالب: (
…
) السلعة -مثلًا- يخسر فيها.
الشيخ: طيب هل خسارته هذه من أجل المضاربة (
…
) عمل الآن أنه فرط؟
الطالب: هل يضمن في هذه الحالة إذا فرط؟
الشيخ: لا، ما يُضَمَّن، إلا إذا قلنا: إن الرجل حقيقة أنه رَكَن مال الأول وتركه ولم يعمل به دون أن يشعره بذلك، ربما يُضَمَّن حسب ما يرى القاضي.
طالب: شيخ -بارك الله فيكم- لو أن العامل جازف في التجارة ثم خسر؛ يعني نيته (
…
) توقع -مثلًا- شيئًا بعيدًا صورة بعيدة، ثم جازف في شراء بضاعة، ثم حدث (
…
)، ثم خسر خسارة، فيعتبر مفرِّطًا؟
الشيخ: (
…
) ربح، له شيء من الربح، لا (
…
) أنه بيخاطر (
…
).
طالب: شيخ، (
…
)؟
الشيخ: (
…
) يعني لكن لو اجتهد، لو اجتهد -مثلًا- وشرى بمال كثير، لكن بدون أن يستقرض بقدر المال اللي بيده، ثم إن الأمور نزلت هذه قد تقع، خصوصًا في الذهب، في الفضة، في العقار، هذه ربما تضفر مرة واحدة بسرعة تكون ربحًا عظيمًا أو بالعكس.
الطالب: العامل هنا ما يضمن ولا إيه؟
الشيخ: لا، ما يضمن.
الطالب: مجتهد؟
الشيخ: إي، مجتهد.
***
الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال رحمه الله تعالى:
فصل
الثالث: شركة الوجوه أن يشتريا في ذمتيهما بجاهيهما، فما ربحا فبينهما، وكل واحد منهما وكيل صاحبه وكفيل عنه بالثمن، والملك بينهما على ما شرطاه والوضيعة على قدر ملكيهما، والربح على ما شرطاه.
الرابع: شركة الأبدان أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما، فما تقبله أحدهما من عمل يلزمهما فعله، وتصح في الاحتشاش والاحتطاب وسائر المباحات، وإن مرض أحدهما فالكسب بينهما، وإن طالبه الصحيح أن يقيم مقامه لزمه.
الخامس: شركة المفاوضة أن يفوض كل منهما إلى صاحبه كل تصرف مالي أو بدني من أنواع الشركة، والربح على ما شرطاه، والوضيعة بقدر المال، فان أدخلا فيها كسبًا أو غرامة نادرين أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصب أو نحوه فسدت.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، سبق لنا الكلام على شركة الوجوه وشرحناها.
طالب: المقدمة فقط.
الشيخ: بس، شركة الوجوه يقول:(هي أن يشتركا في زمتيهما بجاهيهما، فما ربحا فبينهما) يعني: أنه ليس معهما مال، لكن معهما ثقة الناس بهما فيشتركان فيما يشتراياه في ذمتيهما.
فمثلًا: يذهبان إلى تاجر كبير ويقولان له: نريد أن تبيع علينا كذا وكذا من السلع، ونحن شركاء، فإذا قال: أدو لي الثمن، قالوا: ليس عندنا ثمن، ولكنك واثق بجاهنا، فيعطيهما على هذا الأساس، هذه ليس فيها مال، وإنما فيها الثقة والاعتبار بين الناس، فيشتركان في ذلك، وهذه يحتاج إليها الجماعة الذين ليس عندهم مال، ولكنهم موثقون عند الناس فيشتركون، ويشترون من التجار ما يكونون فيه شركاء، وهذا يدل على سعة المعاملات وأنه ليس فيها تضييق، كل معاملة ليس فيها ظلم ولا غرر ولا ربًا فإنها جائزة.
يقول: (فما ربحا فبينهما)(فبينهما) يعني: على حسب ما شرطا؛ قد يكون أحدهما أحذق من الآخر، فيشترط له من الربح أكثر والثاني أقل، وقد يتساويان فيجعلان الربح بينهما نصفين.
(فما ربحا فبينهما، وكل واحد منهما وكيل صاحبه) حتى وإن لم يصرح بالتوكيل؛ فإن مقتضى هذه الشركة أن يكون كل واحد منهما وكيلًا لصاحبه.
وأيضًا: (كفيل عنه بالثمن)(كفيل عنه) كفيل بمعنى: ضامن؛ أي: كفيل غرام -كما يقولون- بالثمن، فما دام البائع باع عليهم بوجوههما فإنه يضمر أو يعتقد هذا البائع أن كل واحد منهما غارم عن صاحبه، فكل واحد غارم، فلو أن أحدهما هرب بعد عقد الشركة وبقي واحد منهما، فللبائع عليهما أن يُضمِّن هذا الذي لم يهرب، فإذا قال: أنت تعلم أننا شركاء وأن لصاحبي الذي هرب النصف، قال: لكن كل واحد منكما كفيل عن صاحبه.
(والملك بينهما على ما شرطاه، والوضيعة على قدر ملكيهما)(الملك بينهما على ما شرطاه) فمثلًا إذا قال: ثلث لزيد وثلثان لعمرو؛ فلا حرج، ربع لزيد وثلاثة أرباع لعمرو؛ لا حرج، نصف لزيد ونصف لعمرو؛ لا حرج.
(والوضيعة) يعني: الخسارة، (على قدر ملكيهما، والربح على ما شرطاه)، (الوضيعةُ) يعني: الخسران، (على قدر ملكيهما) فإذا اتفقا على أن يكون لزيد الثلث ولعمرو الثلثان وخسر المال، فكم على عمرو؟
طالب: الثلثان.
الشيخ: الثلثان من الخسارة، وعلى زيد الثلث؛ لأن الوضيعة على قدر المال في جميع الشركات.
(والربح على ما شرطاه) يعني: الربح كيف يوزعانه؟ هل هو على قدر الملك؟ الجواب: لا، على ما شرطاه؛ لأنه ربما يشترطان لأحدهما أكثر من ربح ماله؛ لكونه حاذقًا في البيع والشراء، فهنا أمور:
أولًا: تصرفهما بأي طريق؟ بالأصالة؛ كل واحد يتصرف بالأصالة عن نفسه، والوكالة عن صاحبه. هذه واحدة.
كيف يضمنان المال؟ نقول: كل واحد يضمن عن نفسه ويضمن عن صاحبه.
ثالثًا: كيف يملكان هذا المال المشترك؟ على ما شرطاه؛ قد يجعلان لأحدهما الثلثين والآخر الثلث، أو يجعلانها أنصافًا.
رابعًا: الخسارة -وهي الوضيعة- على ما شرطاه.
طلبة: على قدر المال.
الشيخ: ما هو على ما شرطاه؟ على قدر المال.
خامسًا: الربح على ما شرطاه. هذه خمسة أمور كلها بينها المؤلف رحمه الله.
لو قُدِّر أن المال تلف بغير تعدٍّ ولا تفريط، هل يضمنان لمن أعطاهما بوجوههما أو لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: نعم، يضمنان؛ لأنهما أخذا هذا المال على أنه ملك لهما؛ عليهما غرمه، ولهما غنمه، وليس هذا من باب المضاربة أو من باب الأمانة وما أشبه ذلك هذا بيع وشراء، تم البيع والشراء على هذين الشريكين، فكانت الغرامة عليهما كما أن الغنيمة لهما.
[شركة الأبدان]
الرابع: (شركة الأبدان) هذه أيضًا ليس فيها مال، وقد يكون عند كل واحد منهما مال لكنهم لم يشتركا في المال، شركة الأبدان شركة في العمل؛ بأن يشتركا اثنان فيما يكتسبان بأبدانهما، وهذه لها عدة صور؛ منها ما قاله المؤلف:(الاحتشاش والاحتطاب وسائر المباحات).
هذه الاحتشاش خرج الرجلان إلى البر ليأتي بالحشيش ويبيعانه في السوق، فقال أحدهما للآخر: نحن شركاء فيما نكتسب لا بأس، يشتركان ويذهبان، كل واحد في وادٍ، كل واحد أتى بوقر بدنه من الحشيش هما يشتركان؛ الملك على ما شرطاه والربح على ما شرطاه، والوضيعة على قدر المال. هذه واحدة.
إذن هذه ليس فيها مال وإنما هو عمل، والفرق بينها وبين شركة الوجوه أن شركة الوجوه يأخذان المال من ثالث ويعملان بأبدانهم هذه، لا يأخذان من أحد مالًا، ولا يأتي أحدهما بمال، وإنما يشتركان في العمل الاحتشاش.
(الاحتطاب) مثله؛ اشتركا في الحطب خرجا إلى البر ليأتي بحطب يبيعونه، فقالا: نحن شركاء، لا بأس يشتركان على حسب ما يتفقان عليه، تصح مؤجلة ومطلقة؛ يعني: يجوز أن يكون نحن اليوم شركاء، أو نحن هذا الشهر شركاء، أو نحن هذا الأسبوع شركاء، أو تطلق، ومتى شاءا فسخا.
(والاحتطاب وسائر المباحات) من المباحات التقاط السمك، والجوهر، وما أشبه ذلك من البحر، هذه جائزة، وهي شركة أبدان، ومنها الاشتراك في جمع الكمأة، تعرفون الكمأة؟ الفقع، هذه أيضًا تنبت في البر، ويذهب الناس ويأخذونها ويبيعونها، يشتركان فيها.
اشتراك أيضًا في الصيد؛ يعني: ذهبا إلى مكان يكثر فيه الصيد واشتركا، هذه أيضًا شركة أبدان، كل واحد منهما يصيد ما شاء الله. هذه واحدة.
من الصور أيضًا الاشتراك في العمل؛ بمعنى أنهما كلاهما نجار مثلًا، أو أن أحدهما نجار، والثاني حداد، والثالث بنَّاء، فيشتركان، هذا أيضًا جائز، وتسمى شركة أبدان.
وهذه تقع أحيانا مع اتفاق الصنائع؛ كأن يشتركا نجاران في ورشة لهما يعملان فيها، هذا جائز، وكذلك أن يشترك حدادان في ورشة حدادة ميكانيكيان في ورشة مكاين، وهلم جرًّا، هذا اشتراك في عمل صناعة، المادة ليست لهما، المادة لغيرهما، لكنهما يصنعانها يحولانها إلى شيء معين يصلحانها، وما أشبه ذلك، هذه أيضًا من شركة الأبدان.
من شركة الأبدان أيضًا شركة الدلاليين؛ بأن يكون -مثلًا- هذا السوق فيه دلالون مشهورون بالحذق، فيشترك هؤلاء الدلالون في الدلالة، لا بأس أحدهما -مثلًا- يبيع الثياب، والثاني يبيع الأواني، والثالث يبيع الفرش، والرابع يبيع سلعًا أخرى؛ لا بأس، تسمى شركة الدلالين؛ لأنهم يشتركون في عمل بدني ليس عندهم مال، والمال ليس لهما أيضًا، وإنما هو لغيرهما ويأخذان عليه أجرة بالدلالة.
الخلاصة أن شركة الأبدان شركة في عمل، ولها أنواع، قد تكون هذه الأنواع التي ذكرنا أو غيرها.
(وإن مرض أحدهما فالكسب بينهما) هذه يقع فيها هذا العذر، إذا مرض أحدهما يقول المؤلف:(فالكسب بينهما) على أيش؟ على ما شرطاه؛ إذا كان النصف أو الربع أو الثلث، حسب ما شرطاه، مع أن هذا المريض لم يعمل، لكنه ترك العمل لعذر، هل لصاحبه في هذا الحال أن يفسخ الشركة؟ نعم، له ذلك؛ له أن يفسخ الشركة، وله أن يطالبه بمن يقوم مقامه، يقول: أنت الآن تركت العمل، خلي واحدًا يأتي بدلك.
ولنفرض أنهما نجاران؛ مرض أحدهما ولم يأتِِ إلى العمل، فلصاحبه أن يقول له: ائتِ ببدلك يقوم بالعمل؛ لأن هذه شركة بدن، لا بد يشتركان الشريكان في العمل.
وعُلِم من قوله: (إن مرض أحدهما فالكسب بينهما) أنه لو ترك العمل لغير عذر؛ لو تركه لغير عذر، إنسان ما يهتم بالأمور -كما يقول العوام عندنا تنبلي؛ تنبلي يعني: ما يهتم بالأمر- ولا يعمل تارة عليه يوم من الأيام في الصباح أفطر على أنه بيروح يشتغل مع صاحبه، قال: واللهِ اليوم فيه نوم، بدون عذر، يقول المؤلف:(الكسب بينهما)، ولكن هذا فيه نظر، فالصواب أن ما كسبه صاحبه في ذلك اليوم له يختص به صاحبه؛ لأن هذا ترك العمل بغير عذر.
فإذا قال قائل: أليس يلزمه أن يطالبه بأن يقيم مقامه من يكون بدله؟
قلنا: بلى، لكن ربما يستحي الإنسان؛ ربما يظن أنه ترك العمل لعذر فيخجل أن يذهب إليه، يقول: تعال؛ فلذلك القول الراجح في هذه المسألة أنه إذا ترك العمل لغير عذر فإنه لا يستحق كسب ذلك الزمن الذي ترك فيه العمل بلا عذر.
إذن إذا مرض أحدهما، وإن شئت فقل: إذا ترك العمل لعذر، سواء كان العذر مرضًا أو خوفًا أو أمطارًا غزيرةً لم يستطع معها الحضور، أو غير ذلك من الأشياء؛ فإنه إذا تركه لعذر فالكسب بينهما، حتى في اليوم الذي لم يعمل فيه، أما لغير عذر فالصواب ما دلَّ عليه كلام المؤلف أنه ليس له شيء من كسب اليوم الذي تخلف فيه.
والمذهب أنه له الكسب؛ أنه يشارك صاحبه وإن تخلف لغير عذر، وعللوا ذلك بأنه يمكن الشريك أن يطالبه بأن يقيم مقامه، وما دام يقيم ليش ما طالب؟
لكن هذا فيه نظر، والصواب أنه إذا كان لغير عذر فالكسب لصاحبه؛ لأنه انفرد به.
قال: (وإن طالبه الصحيح) يعني: الذي لم يمرض، (أَنْ يُقِيمَ مَقامه) أو مُقامَهُ؟
طلبة: مقامه.
الشيخ: إذا كانت رباعية فهي بضم أوله، وإن كانت ثلاثية فهي بالفتح، هذه القاعدة، فتقول: قام مَقامه، قام مَقام ولَّا قام مُقام؟
طالب: (
…
).
الشيخ: إي نعم؛ لأنه ثلاثي، أقام مُقامه زيدًا.
طالب: أقام مُقامه.
الشيخ: أقام مُقامه؛ لأنه رباعي.
طالب: (
…
)؟
الشيخ: قلنا: إذا رباعيًّا فضُمَّ أوله، وإذا كان ثلاثيًّا فافتحْ أوله، فتقول: قام الرجل مَقام صاحبه، صح؟
طلبة: نعم.
طلبة آخرون: لا.
الشيخ: فكروا يا جماعة، قام الرجل مَقام صاحبه، طيب إذا كان رباعيًّا ضم أوله، تقول: أقام الرجل غيره؟
طلبة: مُقامه.
الشيخ: مُقامه، ما تقول: مَقامه، طيب إذن المعنى (وإن طالبه الصحيح أن يقيم) أيش؟
طلبة: مُقامه.
الشيخ: (مقامه لزمه).
تركنا جملة في شركة الأبدان يقول: (الشركة فيما يكتسبان بأبدانهما فما تقبله أحدهما من عمل يلزمهما فعله)(فما تقبله أحدهما)(ما) هذه شرطية، و (تقبل) فعل الشرط، و (يلزم) جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه يجوز أن يكونا مضارعيين، أو يكونا ماضيين، أو يكونا مختلفين؛ إن قام زيد قام عمرو، إن يقم زيد يقم عمرو، طيب إن قام زيد يقم عمرو؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: إن يقم زيد قام عمرو، مختلفان المعنى، مختلفان أو لا؟
(فما تقبله أحدهما من عمل يلزمْهما فعله) مختلفان؛ (تقبل) فعل الشرط، (يلزمهما) جواب الشرط؛ ولهذا قلنا: إنه مجزوم وليس مرفوعًا؛ لأنك لو رفعته قلت: يلزمُهما، اختلف المعنى؛ إذ تكون الجملة صفة لـ (عمل)، ويختلف المعنى، معنى العبارة أن أي عمل يتقبله أحدهما فإنه يلزم الجميع، ومعنى يتقبل؛ أي: يلتزم به؛ يعني: فما التزم به أحدهما من عمل لزم الجميع، وهذا مع اتفاق الصنائع واضح؛ يعني -مثلًا- اشترك اثنان في النجارة فجاء شخص وقال لأحدهما: اصنع لي بابًا، قال: لا بأس، أصنع الباب، هنا لو أن الذي اتفق معه لم يصنع الباب أيش العمل؟
طلبة: يلزم الثاني.
الشيخ: يلزم الثاني، اصنع الباب؛ لأنكما شريكان متضامنان، فما تقبله أحدكما لزم الآخر.
طيب مع اختلاف الصنائع؛ مثل أحدهما خشاب والثاني حداد، التزم الخشاب أن يصنع بابًا من خشب، هل يلزم الحداد؟
طلبة: لا يلزم.
الشيخ: يا جماعة، كلام المؤلف، لا تجيبوني على ما جاء أفهامكم، على كلام المؤلف.
طلبة: يلزم.
الشيخ: يلزم؛ لأنهما شركاء، فيقال للحداد: اصنع باب الخشب لنا، يقول: واللهِ أنا ما خشاب، ما أعرف أستأجر من يصنعه؛ لأنك ملتزم بما التزم به شريكه، فيلزمه.
وكذلك بالعكس؛ لو جاء إنسان إلى الحداد قال: اصنع لي خشبًا، فالتزم، يلزم صاحبه، فعلى كل حال ما تقبله أحدهما من عمل لزم الآخر؛ لأنهما شريكان، كل واحد ملتزم بما التزم به الآخر.
الخامس: شركة المفاوضة، المفاوضة في الحقيقة شركة عامة لجميع أنواع الشركات السابقة، الشركات السابقة كم هي؟
طلبة: أربعة.
الشيخ: أربعة، العِنان، المضاربة، الوجوه، الأبدان.
شركة المفاوضة أن يشتركا في جميع أنواع الشركات، يفوض كل واحد منهما للآخر كل نوع من أنواع الشركة؛ مضاربة، عنان، أبدان، وجوه، عامة، وهذه عليها عمل كثير من الناس اليوم، أكثر الشركات اليوم على هذا؛ تجد الشركاء -مثلًا- كل واحد منهم يبيع بمؤجل، ويضارب، ويسافر بالمال، ويقرض المال؛ يعني: كل شيء، هذه اختلف فيها العلماء؛ الفقهاء رحمهم الله؛ فمنهم من أجازها، ومنهم من منعها ..
الخامسُ (شَرِكَةُ المفاوَضَةِ) أن يُفَوِّضَ كلٌّ منهما إلى صاحبِه كلَّ تَصَرُّفٍ ماليٍّ وبَدَنِيٍّ من أنواعِ الشَّرِكَةِ، والربحُ على ما شَرَطَاه، والوَضيعةُ بقَدْرِ المالِ، فإن أَدْخَلَا فيها كَسْبًا أو غَرامةً نادِرَيْنِ أو ما يَلْزَمُ أحدَهما من ضَمانِ غَصْبٍ أو نحوِه فَسَدَتْ.
(باب المساقاة)
تَصِحُّ على شَجَرٍ له ثَمَرٌ يُؤْكَلُ، وعلى ثَمَرَةٍ موجودةٍ، وعلى شَجَرٍ يَغْرِسُه ويعملُ عليه حتى يُثْمِرَ بجُزْءٍ من الثمرةِ، وهو عَقْدٌ جائزٌ، فإن فَسَخَ المالِكُ قبلَ ظُهورِ الثمرةِ فللعاملِ الأُجْرَةُ، وإن فَسَخَها فلا شيءَ له، ويَلزَمُ العاملَ كلُّ ما فيه صلاحُ الثمرةِ من حَرْثٍ وسَقْيٍ وزبارٍ وتَلقيحٍ وتشميسٍ وإصلاحِ مَوضِعِه وطُرُقِ الماءِ وحَصادٍ ونحوِه، وعلى ربِّ المالِ ما يُصْلِحُه كسَدِّ حائطٍ وإجراءِ الأنهارِ والدُّولَابِ ونحوِه.
الأبدان.
[شركة المفاوضة]
شركة المفاوضة أن يشتركَا في جميع أنواع الشركة، يُفَوِّض كل واحد منهما للآخر كلَّ نوع من أنواع الشركة؛ مضاربة، عِنان، أبدان، وجوه، عامة.
وهذه عليها عمل كثير من الناس اليوم، أكثر الشركات اليوم على هذا، تجد الشركاء مثلًا كل واحد منهم يبيع بمؤجَّل، ويضارب ويسافر بالمال، ويُقْرِض المال، يعني كل شيء.
هذه اختلف فيها الفقهاء رحمهم الله، فمنهم مَن أجازها، ومنهم من منعها؛ أما مَن منعها فقال: إننا لو أَجَزْنَا هذه الشركة، هذه الشركة واسعة لا يمكن الإحاطة بها، فهي مفاوَضة قد تؤدي إلى الفوضى؛ لأن فيها كل شيء، يعني أحدهما ضارَب، والثاني شارَك في بدن، والثالث شارَك في وجوه، والرابع شارَك في عِنان.
يقول: ما فيه مانع، كل أنواع الشركة تدخل في هذا العقد عقد مفاوضة.
ولكن القول الراجح أنها جائزة؛ لأنها لم تَعْدُ أن تجمع بين متفرِّق، أصل المضاربة وحدها؟ أجيبوا يا جماعة.
طلبة: جائزة.
الشيخ: والعِنان وحده؟
الطلبة: جائزة.
الشيخ: والوجوه؟
الطلبة: جائزة.
الشيخ: والأبدان؟
الطلبة: جائزة.
الشيخ: إذن هذه لم تَعْدُ إلا أنها جمعت بين هذا، وما جاز أفرادًا جاز جمعًا، فالصواب هو ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله أنها جائزة، والحاجة تدعو إليها، وعمل الناس اليوم على هذا، كثير من الشركاء، التجار الكِبَار شركتهم مفاوضة، تجد أحدهم مثلًا في المدينة، والثاني في مكة، هذا يعطي مضارَبة، ويعطي قرضًا، وربما أيضًا يتبرع أحيانًا بالشيء الذي ليس بكبير، وأخوه يُجِيزُه، فالصواب أنها جائزة.
ولذلك يقول المؤلف: (أن يفوِّض كل منهما إلى صاحبه كلَّ تصرف مالي أو بدني من أنواع الشركة)، إذن أنواع الشركة ما هي؟ كم؟
الطلبة: أربعة.
الشيخ: أربعة، الخامس: المفاوضة جامعة تجمع الأنواع الأربعة.
يقول: أنت مفوض، نحن شركاء؛ إن شئت شارِك غيرك شركة عِنان، وأنا على طريقك، إن شئت شارِك شركة مضاربة، إن شئت شارِك شركة وجوه، إن شئت شارِك شركة أبدان، لكن المفاوضة بيننا، وكذلك صاحبه يعمل مثل عمله.
فالمهم أن شركة المفاوضة يا إخوان جامعة لجميع أنواع الشركة، والعلماء مختلفون فيها؛ فمنهم مَن منعها لكثرة الغَرَر والفوضى فيها، ومنهم مَن أجازها وقال: إنها لا تَعْدُو أن تكون جمعًا لأفراد، ما دام يجوز كل فرد فليكن الجميع جائزًا أيضًا.
قوله: (من أنواع الشركة)، ما هي أنواع الشركة؟
طالب: الأربعة السابقة.
الشيخ: الأربعة السابقة.
(والربح على ما شَرَطَاه)، يعني: إذا قال أحدهما للآخر: لك الربع ولي ثلاثة أرباع، وقَبِلَ، جائز؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ثلثان وثلث؟
الطلبة: جائز.
الشيخ: نصف؟
الطلبة: جائز.
الشيخ: إذا قال قائل: كيف تجعلون الربح على ما شَرَطَاه والمال قد يختلف؟ قلنا: لأن الربح مبناه على أيش؟ على العمل والحذق، وقد يكون أحدهما أحذق من الآخر، وأقوى عملًا، بل ربما يكون عند الناس أيضًا أوثق؛ لذلك تجد مثلًا إنسانًا يجيء يعرض عليك سلعة يقول قيمتها بعشرة، تتردد هل قيمته عشرة أو لا؟ تتردد، يجيئك إنسان تعرف أنه دلّال حاذق عارف بالأسعار، يقول: قيمته اثنا عشر، تتردد أو لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: ليش؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لأنك تعرف أن هذا حاذق ويعرف الأسعار، وذاك ليس حاذقًا ولا يعرف الأسعار، تخشى أنه قال: بعشرة، وهي لا تساوي إلا ثمانية.
فالمهم أن العلماء رحمهم الله جعلوا الربح على ما شَرَطَاه؛ لأنه يختلف باختلاف العامل حِذقًا وعلمًا ونشاطًا وما أشبه ذلك، الوضيعة بأيش؟
طالب: بقدر المال.
الشيخ: بقدر المال، وهذه قاعدة اعرفوها؛ الوضيعة بقدر المال في جميع أنواع الشركة؛ لأنه لا يمكن أن نُلْزِم أحدهما غُرْمَ صاحبه؛ لأنك لو قلت: إن الوضيعة على ما شَرَطَاه، وكان المال مختلفًا، لزم من ذلك أن نلزم أحدهما بأيش؟ بغُرْم، على مَن؟ على صاحبه، أما الغُنْم فالإنسان كاسب على كل حال، حتى لو نقص غُنْمه عن غُنْم ماله فلا بأس، كلام عربي ولَّا عجمي؟
طالب: عربي.
الشيخ: الربح قلنا: على ما شَرَطَاه، يجوز كل واحد منهم يبذل عشرة آلاف ويكون الربح ثلاثة أرباع، يجوز ولَّا لا؟
طالب: يجوز.
الشيخ: الوضيعة إذا كان كل واحد أتى بعشرة آلاف لا يمكن أن تكون الخسارة على هذا ثلثين وعلى الآخر ثلثًا، لماذا؟
طالب: (
…
).
الشيخ: كما قلت لكم؛ لأنَّا حمَّلنا غُرْم أحدهما على مال الآخر، وهذا لا يجوز، هذا حَيْف وجَوْر، (فالوضيعة على قدر المال، فإن أدخل فيها كسبًا أو غرامة نادِرَيْن أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصب أو نحوه فسدت)، إن أدخل فيها كَسْبًا نادرًا كالرِّكَاز مثلًا، الرِّكَاز كَسْب ولَّا لا؟
طالب: كَسْب.
الشيخ: لكنه؟
طالب: نادر.
الشيخ: نادر، متى يجد الإنسان رِكَازًا؟ نادر، لُقَطَة؟
طالب: نادر.
الشيخ: نعم نادر، ولَّا غير نادر؟ هذا من النوادر، متى تجد لقطة؟ ! ثم إذا وجدتها متى تعدم صاحبها! ربما تنشد عليها ثم أيش؟ ثم يأتي صاحبها فلا تكسب، هذه من المكاسب النادرة إذا أدخل في هذه الشركة المفاوضة، قال: حتى ما نجده من لقطة وما نطلع عليه من رِكَاز فهو بيننا.
طالب: (
…
).
الشيخ: نعم، غير صحيح رِكَاز أو لُقَطَة فهو داخل في الشركة، يقول المؤلف: الشركة لا تصح، ليش؟
طالب: لأننا (
…
).
الشيخ: لأنهما أدخلَا فيها كسبًا نادرًا، كذلك أيضًا كسبًا نادرًا، أو غرامة نادِرَيْن، الغرامة النادرة كالجناية، الجناية إنسان جنى على شخص خطأ، ولزمته دية ما جنى، هذا أيش؟ حكمه على مَن؟
طالب: على الجاني.
الشيخ: على الجاني، لكن لو أدخلَاها ضمن الشركة لم يصح؛ لأن هذا شيء نادر، أما خسارة المال أو ربح المال فهو ضمن الشركة؛ لأنه ليس بنادر، لو أدخلَا فيها ميراثًا، أحدهما مات قريبه وكسب من ورائه ألف مليون ريال، وقال: ندخله بالشركة، يدخل أو لا يدخل؟
طلبة: لا يدخل.
الشيخ: ليش؟
طلبة: لأنه نادر.
الشيخ: هذا من النادر، ولا علاقة له أيضًا بعمل الشريك، الهبة؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: الهبة؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: ترى ما يوهب لك ترى داخل في الشركة، هذا نادر، يقولون: ما يصح، يُفْسِد الشركة، لكن لو قال قائل: النوادر قسمان: قسم لا أثر للإنسان فيه، فهذا نعم لا يدخل في الشركة؛ كالميراث، قسم آخر من عمل الإنسان كالهبة مثلًا، الهبة لو شاء الإنسان لم يقبلها، فإذا قبلها صار هذا نوعًا من الكسب، وكونه نادرًا لا يمنع أن يدخل في الشركة.
إذا كان يقول: أنا راضٍ أنه إذا وُهِبَت لي هبة أن أُدْخِلها في الشركة، أنا راضٍ بهذا، يقولون –الفقهاء-: لا؛ لأن هذا فيه نوع جهالة وغَرَر؛ إذ إنه ليس شيئًا مطَّردًا معروفًا، هذا شيء أيش؟ نادر، كيف يدخل في الشركة!
ولكني أقول: إذا قال الكاسب الذي كسب النادر سواءً بفعله أو بغير فعله، إذا قال: أنا أدخله في الشركة وأجعله تبرُّعًا مني لصاحبي، نقول: يجوز، لكن هذا متى يجوز؟ في عقد الشركة يجوز إذا وقع، إذا وقع لا بأس، لا نردك أن تتبرع لأخيك، لكن تجعله في ضمن العقد لا، فإذا قال: أنا راضٍ في ضمن العقد أجعله، قلنا: ربما ترضى اليوم، ولكن إذا جاءت الدريهمات ما رضيت فتندم.
لهذا نقول: الشركة تكون فاسدة إذا أدخل فيها كسبًا نادرًا، أو غرامة نادِرَيْن؛ كالدية مثلًا.
(أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصب) -والله مُشْكِل هذا- قال: شوف، نحن شركاء؛ شركاء مفاوضة، لكن ما لزم أحدنا من ضمان غصب فهو على الشريك، قال: ما فيه مانع، اتفق على هذا.
يقول المؤلف: الشركة تكون فاسدة، وصدق رحمه الله ما فيه شك؛ لأن الشركة تكون فاسدة؛ لأنه ربما يكون هذا الشريك يغير على الناس، ويغصب مالهم، يقول: الحمد لله، كما يقول بعض السفهاء: أنا أسير سيرًا جنونيًّا، والدية موجودة في التابلوه، فيه بعض السفهاء يقول كذا، يقول: الحمد لله الدية موجودة، فإذا قال هذا، إذا أدخل في الشركة أن ما يلزم أحدهما من ضمان الغصب والإتلافات وما أشبهها فهو على الشركة تكون الشركة فاسدة، لماذا؟ لأنه يترتب على ذلك أن يتعدى أحدهما على حقوق الناس بالغصب والسرقة والتكسير والإحراق وغير ذلك، ويقول أيش؟ على الشركة، وهذا لا شك أنه ضرر عظيم.
إذن شركة المفاوضة ما كان من ربح المال أو من عملهما فهو داخل في الشركة معلوم، والخسارة ما كان من تصرف أحدهما في المال بغير عدوان منه ولكن لمصلحة المال، ثم تبين أن الصواب في خلاف العمل هذا، فهو على الشركة؛ لأن ذلك لمصلحتها، وليس كل إنسان يجتهد يكون مصيبًا، وبهذا انتهى باب الشركة.
طالب: ما فهمت شركة المفاوضة، يعني أولًا قلنا: إنها تدخل في جميع الشركات، كيف ذلك؟
الشيخ: أنا أقول مثلًا: أنا عندي مال، وأنا مثلًا نجّار أعمل بمالي وأحصّل ولَّا لا؟ وأنت كذلك عندك مال، وحدَّاد تعمل بمالك وتحصِّل، فباعتبار مَالَيْنَا شركة أيش؟
طالب: أموال.
الشيخ: إي، لكن شركة أيش؟ عِنان، وباعتبار عملنا؟
طالب: أبدان.
الشيخ: شركة أبدان، باعتبار ما نأخذه من الناس بدون تسليم قيمة؟
طالب: وجوه.
الشيخ: وجوه، ويش بقي علينا؟ مضاربة باعتبار أني أنا مثلًا أستطيع أن أعطي مالي لشخص يعمل فيه مضاربة في جزء من الربح، هذه مضاربة، أنت كذلك تستطيع أن تفعل هذا، فهي جمعت الآن؟
الطالب: جميع أنواع الشركة.
الشيخ: جميع أنواع الشركات، قد يقول قائل منكم -وله أن يقول-: ما هو الدليل على هذا التقسيم من حيث التنويع، وما هو الدليل على هذا التقسيم من حيث التصحيح والفساد؟
هذا سؤال وارد، نقول: أما من حيث التقسيم والتنويع فلا مشاحة في الاصطلاح، ما دمنا لم نخرج عن حدود الشرع لا مشاحة، أنا أستطيع أقسم هذا الشيء إلى أربعة أقسام وإلى خمسة أقسام ما دام أنه في إطار الشرع، أما مسألة التصحيح والتفسيد أو الصحة والفساد فما هو الأصل في المعاملات؟
طلبة: الحِلّ.
الشيخ: الحِلّ والصحة، فنحن أخذنا بذلك وقلنا: كل هذه الأنواع جائزة بناء على الأصل؛ أن الأصل في المعاملات الحِلّ، وهذه قاعدة اعرفوها، أي واحد يقول لك: هذه المعاملة حرام مما حدث أخيرًا في المعاملات، ومما يحدث ومما سبق ومما حضر، قل له: هات الدليل على المنع.
والمنع في المعاملات ذكره شيخ الإسلام رحمه الله في القواعد النورانية أنه يعود إلى ثلاثة أشياء: الظلم والربا والغَرَر، كل ما فسد من البيوع والإجارات وغيرها تجده لا يخرج عن هذه الثلاث؛ إما ظلم، وإما غَرَر، وإما ربا، هذا الجواب.
أما مثلًا أن بعضه صحيح وبعضه فاسد فهذا يرجع إلى تطبيق هذا الحكم على قواعد الشريعة، ما خالف قواعد الشريعة فهو فاسد، وما لم يخالفه فهو صحيح، أو نقول: ما وافقه، التعبير أيّ أدق؟ ما خالف قواعد الشريعة فهو باطل، وما وافقه فهو صحيح، أو نقول: وما لم يخالفه فهو صحيح؟
طلبة: (
…
).
طالب آخر: ما لم يخالفها فهو صحيح.
الشيخ: يلّا أيها الفرسان؟ ثلاث عبارات: ما خالف القواعد الشرعية فهو باطل، ما وافق القواعد الشرعية فهو صحيح، ما لم يوافق فهو فاسد، ما خالف فهو فاسد، ماذا نقول؟
طالب: ما وافق يا شيخ.
الشيخ: نقول: ما لم يخالف فهو صحيح، فالصحيح من المعاملات هو ما لم يخالف الشريعة، هذا الصحيح.
طالب: شيخ، إذا أدخل فيها كسبًا (
…
) لماذا لا نقول هنا: إنه يبطل الشرط فقط، لا سيما وإن كان مضى على (
…
) سنة.
الشيخ: نعم لا شك، وهذا غَرَرَ وجهالة عظيمة، فيكون فيها جَوْر وحَيْف، إن كان كسبًا نادرًا فهي على الكاسب حَيْف وضرر، وإن كانت الغرامة النادرة فهي على الثاني.
طالب: قسمة المال إذا كان مضت على الشركة سنة؟
الشيخ: ما يصح، أصل الشركة ما صحت، يقال: كل واحد منكما له كسب ماله، وله إن كان قد عمل بمال صاحبه له أجرة.
طالب: بارك الله فيكم، ما الفرق بين (
…
) والوضيعة على قدر المال، وفي شركة المفاوضة، والوضيعة بقدر المال.
الشيخ: لا فرق.
طالب: قلنا: إن القاعدة أن الوضيعة تكون بقدر المال إذا رضي الثاني أن تكون الخسارة عليه لسبب من الأسباب، كأن يكون مثلًا شريكه لا يقبل أن ..
الشيخ: قلنا: الذي لا يصح اشتراطه في العقد لا بأس أن يتبرع به فيما بعد ما فيه مانع، ما ذكرنا هذا يا جماعة؟ ذكرناه بارك الله فيكم، قلنا: هذا لا يدخل في الشروط، وإذا حصلت خسارة فليتبرع بما شاء، كذلك قلنا: الكسب النادر لا يدخل في الشروط، لكن إذا كسب أحدهما كسبًا نادرًا، وقال: أنا بدي أدخله في الشركة، وأنا سامح، فلا بأس، يعني: فرق بين أن يكون شرطًا في العقد، وبين أن يتبرع به الإنسان بعد وقوعه.
طالب: شيخ، قلنا: ما قَبِلَه أحدهما يلزم الثاني.
الشيخ: نعم، يلزم صاحبه فعله.
الطالب: إي نعم، النجّار والحدّاد مثلًا، إذا لم يقم مثلًا النجار بعمله الحداد لا يستطيع أن يعمل مثل ما يعمله النجار.
الشيخ: ما قلنا ها المسألة دي؟ ذكرناها، إذن هذا الجواب، إذن أنت مقلِّد الآن، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون} [النحل: 43]، الإخوان ذاكرون ماذا قلنا؟
طلبة: يستأجر.
الشيخ: يستأجر الحداد مَن ينجر الباب الذي اتفق الرجل مع صاحبه.
الطالب: إذا لم يكن له (
…
)؟
الشيخ: عنده ورشة، كيف ما عنده مال؟
طالب: مراجعة.
الشيخ: مراجعة الآن في الشركة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، الشركة تنقسم إلى قسمين؟
طالب: شركة الاستحقاق وشركة عقود.
الشيخ: اجتماع في استحقاق أو تصرف، بماذا تسمى الأولى؟
طالب: أملاك.
الشيخ: شركة أملاك، والثانية؟ شركة عقود، المؤلف رحمه الله تكلم على أي القسمين؟
طالب: القسم الثاني: شركة التصرف، التصرف لا شك ..
الشيخ: الاجتماع يعني شركة العقود، وهي الاجتماع في التصرف، هل في القرآن والسنة ما يدل على ثبوت أصل الشركة، أصل المشاركة يعني؟ مَن يعرف؟
طالب: قوله تعالى (
…
).
الشيخ: هذه شركة استحقاق، إي نعم.
طالب: قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19].
الشيخ: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} .
طالب: (
…
) العقود.
الشيخ: ويش وجهه؟
طالب: قوله تعالى: {بِوَرِقِكُمْ} .
الشيخ: {بِوَرِقِكُمْ} ، ظاهره أنهم مشتركون فيها، ألا يمكن أن يكون شركة استحقاق بأن يكونوا وارثين لميت قريب لهم؟
طالب: ما يمكن يا شيخ.
الشيخ: عجيب! يمكن، أليسوا سبعة وثامنهم كلبهم؟ ما يمكن يكون واحد مات عنده سبعة أولاد؟
طالب: لا؛ لأن القرآن قص القصة كاملة ما (
…
).
الشيخ: يا جماعة، نراه إنه يمكن.
طالب: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24] ولم ينكر مسألة المخالطة.
الشيخ: ألا يمكن أن يكون الخلطاء في الملك؟
الطالب: بلى.
الشيخ: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} [الروم: 28]، وهذا إثبات لأصل شركة العقود؛ لأن الرقيق لا يمكن أن يشارك سيده في استحقاق، هل للشركة أصل بالسُّنّة؟
طالب: عن السائب بن أبي السائب كان شريك النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة. (1)
الشيخ: نعم، وغيره.
طالب: حديث ابن مسعود قال: اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر، قال: فجاء سعد بأَسِيرَيْنِ ولم أَجِئْ أنا وعمار بشيء. (2)
الشيخ: قال الله تعالى ..
طالب: قول الله في الحديث القدسي: «أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ» .
الشيخ: قوله تعالى: «أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ» . (3)
إذن ثبتت الشركة أصلًا في الكتاب والسنة، هل أيضًا تثبت بالنظر الصحيح؟
طالب: نعم تثبت بالنظر الصحيح.
الشيخ: قل كيف ذلك؟
الطالب: لما فيها من المصلحة.
الشيخ: نعم؛ لأن الإنسان قد يكون عنده مال ولا يستطيع العمل، فيحتاج للمضاربة، وقد يكون ماله قليلًا فيحتاج إلى مَن يشاركه شركة عِنان؛ يُجْمَع المالان جميعًا ثم يُشْتَرَى بهم سلعة كبيرة.
ما الفرق بين شركة الوجوه وشركة الأبدان؟
طالب: شركة الأبدان أن يعملَا ببدنيهما.
الشيخ: نعم.
الطالب: وشركة الوجوه أن يشترِيَا بجاهَيْهِمَا، أي أن يتاجرَا بجاهَيْهِمَا، والفرق بين الأبدان أنه ليس فيه مال.
الشيخ: نعم.
طالب: أما في الوجوه ففيه مال.
الشيخ: تمام، شركة الوجوه فيها مال، لكن يأخذان من غيرهما، شركة الأبدان عمل يكتسبان به، هل تصح شركة الأبدان مع اختلاف الصنعة؟
طالب: نعم.
الشيخ: مثل؟
الطالب: مثل أن يكون أحدهما نجارًا والثاني حدادًا.
الشيخ: مثل أن يكون أحدهما نجارًا والثاني حدادًا، المؤلف يقول:(ما تَقَبَّلَه أحدهما من عمل يلزمهما فعله)، فإذا تَقَبَّل صاحب الحدادة عملًا خشبيًّا يلزم أن يفعله؟
طالب: نعم.
الشيخ: ويقول: أنا حداد.
طالب: يلزمه.
الشيخ: يلزمه، أيش بتشير، يعني التأشير هنا للمخالفة ولَّا الموافقة؟
طالب: لا، موافقة يا شيخ.
الشيخ: إذا قال الحداد: أنا لا أعرف؟
طالب: يستأجر أحدًا يعرف في الصناعة ..
الشيخ: إي، يستأجر أحدًا، اشترك رجلان في الاحتشاش؛ خرجَا إلى البَرّ يحُشَّان، أحدهما أتى بخمسين كيلو، والثاني أتى بمئة كيلو.
طالب: يصح.
الشيخ: يصح؟ وكذا يكونَان شريكين؟
الطالب: نعم.
الشيخ: واحد جاب مئة كيلو وواحد خمسين.
الطالب: ولو يا شيخ؛ لأن عقد الشركة يقتضي ذلك.
الشيخ: إي نعم، المساواة.
الطالب: على حسب ما اتفقَا به.
الشيخ: حسب ما اتفقَا عليه، قال: بيننا ما حصل فهو بيننا نصفين.
الطالب: يكون بالنصف.
الشيخ: يجوز؟
الطالب: نعم.
الشيخ: توافقونه؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: نعم، أعطى رجلًا آخر مالًا مضاربة، وقال: الربح بيننا نصفين، والخسارة بيننا نصفين.
طالب: لا يصح إذا كان المالان غير متساوِيَيْنِ.
الشيخ: بارك الله فيك، مضاربة، أنا قلت: مضاربة ولَّا لا؟
الطلبة: نعم.
طالب آخر: لا، ما يصح.
الشيخ: مضاربة، هو فيه مالان في المضاربة، مال واحد ولَّا لا؟ رجل أعطى شخصًا مئة ألف ريال يتَّجر بها، وقال: الربح بيننا أنصافًا والخسارة بيننا أنصافًا.
طالب: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، لماذا؟
الطالب: لأن الوضيعة على قدر المال.
الشيخ: على قدر المال! ما فيه قدر المال! إذا قلنا: قدر المال، معناه أن كل واحد جاب شيئًا.
الطالب: الوضيعة تكون على الربح كله حتى إذا استُنفِذ من بعد حينئذ تذهب ..
الشيخ: الوضيعة، إذا قيل: وضيعة لا بد يكون فيها نقص عن أصل المال.
الطالب: إذا ذهب الربح كله واستُوْفِي أو استُغْرِق في الوضيعة أُخِذ من رأس المال، وإلا فإن رأس المال محفوف بالربا.
الشيخ: أنت عرضت شيئًا لكن ما عرفت تعبر عنه.
طالب: الوضيعة على قدر الملك، والربح على قدر الشرط.
الشيخ: إي، ما يخالف، صح، لكن هنا ما عندنا إلا ملك واحد.
الطالب: فإن الوضيعة على المال.
الشيخ: صاحب المال، هذا الذي تريد؟ على صاحب المال.
الطالب: على صاحب المال إن لم يكن (
…
) الربح.
الشيخ: إذا قلنا: خسارة، معناه ما فيه ربح، تكون على صاحب المال.
الطالب: إي نعم، هذا الذي أريد.
الشيخ: هكذا، توافقون على ذلك؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لأنه لا يمكن أن تكون الوضيعة على العامل، فيخسر خسارة مالية وخسارة عملية، لكن على رب المال ما خسر عمليًّا، نقول: هذا العامل يكفي أنه خسر خسارة عملية.
اشترك اثنان شركة مفاوضة، واشترطَا أن ما لزم أحدهما من غصب فعليه.
طالب: لا يصح.
الشيخ: ليش؟
الطالب: أفسد الشركة؛ لأنه غَرَر.
الشيخ: لأن الغَرَر فيه ..
طالب: كثير.
الشيخ: كثير، فلا تصح الشركة، لو حصل الغصب وشارَكَه شريكه في تحمُّله بدون شرط؟
طالب: يجوز.
الشيخ: يجوز بدون شرط، توافقون على هذا؟
طالب: إذا تبرَّع معه.
الشيخ: بدون شرط، توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.