الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما هو الأفضل للميت؟ نقول: هذا يرجع إلى حال الورثة، إذا كانوا أغنياء فليكن قضاء الواجب من أين؟ من التركة، من رأس المال، وإذا كانوا فقراء فليكن من ثُلُثِه حتى لا يضيق عليهم.
[باب الموصى له]
ثم قال المؤلف رحمه الله: (باب الْمُوصَى له)، عندنا الآن مُوصًى له، ومُوصًى به، ومُوصًى إليه، ومُوصِي، أربعة.
الْمُوصِي معروف: المتبرِّع، الموصَى له: مَن أوصى له الميت ليكون الشيء له ملكًا، والموصَى به: العين التي أوصى بها أو المنفعة، والموصَى إليه: نظير الوكيل في حال الحياة، يعني الذي يُؤمَر بالتصرف بعد الموت، وسيأتي إن شاء الله.
قال: (تصح لمن يصح تَمَلُّكه)، هذا القاعدة، إذا قيل: مَن الذي يصح الوصية له؟ فالجواب: كل مَن يصح تَمَلُّكُه.
أما مَن لا يصح تَمَلُّكه فلا تصح الوصية له، فلو أوصى لعبدِ غيرِه فالوصية لا تصح، لماذا؟ لأن عبدَ الغير لا يملك على ما هو المشهور من المذهب.
لو أوصى لِجِنِّيّ، له صاحب صديق من الجن يخدمه ويساعده على أموره، ويطلب العلم عنده، فأوصى له بشيء، يصح أو لا يصح؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، مع أن الفقهاء رحمهم الله يقولون: إنه يُقْبَل قول الجني أن ما بيده ملكه، يعني: لو وجدنا جنيًّا بيده محفظة وحضر الدرس، وقال: المحظة لي، ولكن الأخ قال: هذه محفظتي، نقول: هات الشهود، هي بيده، بيد الجني، فهي له إلا إذا أتيت بالشهود.
فأشكل على بعض المتأخرين، قال: كيف يقول الفقهاء: إنها لا تصح الوصية للجني؛ لأنه لا يملك، ويقولون: إن ما بأيديهم يُقْبَل أنه لهم؟
أجابوا عن ذلك -إن صح، يعني أنا أقول ما قاله الفقهاء، قد أوافق أو لا أوافق- إن صح فالفرق واضح، الفرق ظاهر؛ لأن الوصية لهم تمليك جديد، وما بأيديهم ملك مستمر، فهو لهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد مَلَّكَهُم كل عَظْم ذُكِرَ اسم الله عليه يجدونه أَوْفَر ما يكون لحمًَا، قال لهم:«لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ تَجِدُونَهُ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا» ، وهذا يدل على أنهم يأكلون، «وَكُلُّ بَعْرَةٍ فَهِيَ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ» (2).
هل يصح أن يُوصِي لِمَلَك، لجبريل، مكائيل، إسرافيل؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، ليش؟ الْمَلَك لا يملك، الملائكة عليهم الصلاة والسلام لا يأكلون ولا يشربون، صُمْت، يعني: ليس لهم أمعاء وليس لهم معدات ولا شيء، صُمْت فهم لا يملكون، ولا تصح الوصية لهم.
إذا أوصى لدابّة، قال: هذه وصية لبعير فلان؛ لأنه ركب البعير ووجدها هِمْلَاجَة وسهلة، فقال: صَنَعَتْ إليّ معروفًا وسأكافئها، وأوصى بهذه البقعة من الأرض الزراعية قال: هذه لبعير فلان وصيةً، يصح أو لا يصح؟
طلبة: لا يصح.
الشيخ: لا يصح؛ لأنها لا تَمْلِك.
المهم القاعدة: مَن الذي تصح الوصية له؟ كل مَن يصح تَمَلُّكُه، ومَن لا فلا.
الآن جاء وقت الأسئلة.
طالب: أحسن الله إليك، هل فيه أحد يقول أوصيت لجبريل؟
الشيخ: يقول أيش؟
الطالب: أوصت لجبريل أو لجني؟
الشيخ: إي فيه، جني ما مَرَّ عَلَيَّ، لكن الملائكة فيه ناس جُهَّال ما يدرون، أما الجن فلهم أصدقاء من الإنس، وأسمع أنه فيما سبق يحضرون الدروس، عاد ما أدري يُلْقُون أسئلة أو ما يلقون ما أدري، لكنهم يسمعونهم، لا ما يُرى، لكن ربما يُرى الجني.
طالب: بارك الله فيك يا شيخ، مثال واحد وَصَّى لجبريل ..
الشيخ: أيش؟
طالب: لواحد وَصَّى جبريل أو مكائيل، ماذا يفعلون بالمال؟
الشيخ: للورثة.
الطالب: للورثة.
الشيخ: إي نعم؛ لأنه ما تصح الوصية.
طالب: إذا وَصَّى للدابة هل تُصْرَف في شئون الدابة هذه؟
الشيخ: المذهب لا تصح، لكن فيه سيذكر المؤلف الظاهر، فيه قول ثانٍ أنها تصح، لكن إذا كانت الدابة من دوابّ الجهاد فالوصية لها صحيحة بلا إشكال؛ لأن المقصود إحياء الجهاد والمعونة على الجهاد، مثل لو أوصى للخيل التي يجاهَد عليها في سبيل الله هذه لا إشكال في جوازها؛ لأنها قُرْبَة لكن لدابة فلان هذا هو محل الخلاف، بعضهم يقول: تصح ويُصْرَف في مصلحتها، وبعضهم يقول: ما تصح.
طالب: عفا الله عنك (
…
).
الشيخ: يعني: أوصى لشخص لا يصلي، ولَّا الْمُوصِي لا يصلي؟
الطالب: لا، الموصَى له.
الشيخ: وذاك يحبه؟
الطالب: أوصى له.
الشيخ: أنت تَوّك تقول: إنه يحبه.
الطالب: المهم أوصى له.
الشيخ: سحبت كلمة يحبه؟
الطالب: ما أقدر أحتّم على هذا، أسأل المسألة عن (
…
).
الشيخ: على كل حال هل يصح تَمَلُّكُه أو لا يصح؟
الطالب: يصح تَمَلُّكُه (
…
).
الشيخ: على كل حال المذهب يصح، تصح الوصية للكافر، لكن الْمُرْتَدّ يرى بعض أهل العلم أنه لا يمكن أن يملك شيئًا؛ لأنه يجب قتله ويُصْرَف ماله في بيت المال، حتى ورثته لا يرثونه، وتارك الصلاة مُرْتَدّ عن الإسلام.
طالب: (
…
) الوصية.
الشيخ: أيش؟
الطالب: السفيه.
الشيخ: السفيه تصح وصيته؟ نعم تصح وصيته؛ لأن التبرع هذا بعد الموت، أما عطيته لا تصح.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا بأس؛ لأن السفيه يصح تملكه، ويكون الموصَى به عند وَلِيِّه.
طالب: (
…
) أوصى لعبدِ غيرِه فلا تصح الوصية.
الشيخ: نعم.
الطالب: (
…
) أوصى لعبده.
الشيخ: ستأتي في كلام المؤلف.
طالب: أوصى للحَمْل؟
الشيخ: أيش؟
الطالب: أوصى لِحَمْل.
الشيخ: لِحَمْل، سيأتي.
طالب: (
…
).
الشيخ: هه؟
الطالب: هل يُجْزِئُه؟
الشيخ: هذه المشهور من المذهب أنها تجزئ، تبرأ بها ذمته، وابن القيم رحمه الله ذكر في تهذيب السنن أن ذِمَّتَه لا تبرأ؛ لأنه مات وهو غير ناوٍ إخراجها، وإخراج غيرِه عنه لا ينفعه، لكننا نُلْزِم الورثة بالإخراج؛ لأن فيها حقًّا للفقراء، وهذا لا شك إخراجها واجب، أما هو فنقول: أمره إلى الله، ومعلوم أنّ تَرْك الزكاة ليس كفرًا، فيكون داخلًا تحت المشيئة، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عَذَّبه، والنصوص تدل على تعذيب مَن منع الزكاة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
طالب: قلنا: إذا أوصى لعمرو.
الشيخ: لعبده.
الطالب: قلنا: إذا أوصى لعمرو.
الشيخ: لعمه؟
الطالب: لعمرو.
الشيخ: لعمرو.
الطالب: ثم أوصى لزيد مثل نفس العين، الثانية ناسخة للأولى.
الشيخ: على القول الراجح، المذهب يَشْتَرِكَان فيها.
الطالب: يمكن الجمع.
الشيخ: نعم؟
الطالب: يمكن الجمع.
الشيخ: لا، ما يمكن؛ لأن العين واحدة.
الطالب: اشتراك.
الشيخ: لا، ما يمكن، هو أوصى بها كلها لزيد، ثم أوصى بها كلها لعمرو.
طالب: الموصَى لهما في الوصية، (
…
) أشكل، قد قرأنا فيما سبق أن الوصية إن وَسِعَها الثلث نُفِّذَت جميعها، وإلَّا رجع النقص على الجميع، ما هي صورة الوصية التي تنفذ جميعها؟
الشيخ: ما دون الثلث لغير وارث.
الطالب: هذه الصورة.
الشيخ: الصورة هذه أوصى بعين واحدة، العين الواحدة ما تصح على اثنين إلا إذا قال: إنها لهما، إذا قال: أوصيت بهذه السيارة لزيد وعمرو فهي لهما، اشتراك ملك، إن قَبِلَاهَا فهي لهما، وإن رَدَّها أحدهما رجع نصيبه إلى التركة، أما إذا أوصى بها لزيد، ثم أوصى بها لعمرو، فالمذهب أنه لهما جميعًا، لكن يشترط التزاحم؛ لأنه أوصى لكل واحد منهما بكل العين، فيشتركان فيها اشتراك تزاحم، وإذا رد أحدُهما عادت للثاني؛ لأنه قال: أوصى بها بعينها له.
طالب: هذه قرينة، أي هذه الوصية قرينة (
…
).
الشيخ: قرينة؟
الطالب: نعم، (
…
) اشتراك في الوصايا.
الشيخ: كيف؟
الطالب: ما سبق إذا نص أن الوصية ..
الشيخ: ما أوصى بعين، أوصى بشيء مشاع، هذا أوصى بعين واحدة، سيارة، أو بيت، أو ما أشبه ذلك.
طالب: (
…
).
الشيخ: أيش؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: نعم.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا، ما قال: لزيد ثم عمرو، أوصى بها لزيد، ثم بعد ذلك كتب وصية أخرى لعمرو، أما إذا قال: أوصيت بها لزيد ثم لعمرو، فهذا يشتركان فيها اشتراك ملك.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا، هذا ترتيب ذِكْرِي ما هو ترتيب معنوي.
متى تكون الوصية واجبة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أيش؟ إذا كان عليه دَيْن.
الطالب: (
…
).
الشيخ: يعني إذا كان عليه دَيْن أو حق لا يثبت إلا بوصيته وجبت عليه الوصية، مثاله؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: كيف؟ أعد مثاله.
الطالب: (
…
).
الشيخ: ليس بينهما بينة.
الطالب: (
…
).
الشيخ: إنسان اشترى من شخص دارًا –مثلًا- أو استقرض منه قرضًا وليس به بينة فيجب عليه أن يُوصِي بذلك، ما هي الحال التي تجوز فيها الوصية؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لا، الجواز (
…
).
الطالب: يجوز (
…
).
الشيخ: بكل ماله.
الطالب: (
…
).
الشيخ: كيف؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: لازم فقير؟
الطالب: الأول تُكْرَه ..
الشيخ: ما أسأل عن تُكْرَه، أسأل عن تجوز.
الطالب: يجوز لمن له (
…
).
الشيخ: نعم، تجوز بالكل لمن لا وارث له، إذن الحال التي يجوز فيها الوصية أي تكون جائزة إذا كان لا وارث له، ما هي الوصية المستحبة؟
طالب: إن ترك مالًا كثيرًا، ترك خيرًا يُسْتَجَبُّ له أن يُوصِي.
الشيخ: بكم؟
الطالب: بالْخُمس.
الشيخ: بالْخُمس، ما هو الدليل على أن الأفضل أن يكون بالْخُمس؟
الطالب: قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أرضى ما رضي الله تعالى لنفسه ولرسوله الْخُمس (3).
الشيخ: الْخُمس، تمام، هل تجوز الوصية بالربع؟
طالب: نعم.
الشيخ: الدليل؟
طالب: (
…
).
الشيخ: نعم، فأجاز الثلث، والربع إذا جاز الثلث من باب أولى أن يجوز الربع، بارك الله فيك، الوصية للوارث جائزة أو غير جائزة؟
طالب: غير جائزة.
الشيخ: غير جائزة، الدليل؟
الطالب: الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» (4).
الشيخ: هذا دليل، أيضًا دليل آخر من القرآن.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لكن ما هو الدليل؟
الطالب: الدليل أن الله سبحانه وتعالى قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]، وذكر (
…
).
الشيخ: وغير؟
طالب: الله عز وجل لما ذكر حقوق الورثة قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [النساء: 13].
الشيخ: نعم، لَمَّا ذكر قسمة الميراث قال:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} ، ومن يتعدى حدود الله، هل المعتَبَر بكونه وارثًا أو غير وارث الوصية أو الموت؟
طالب: (
…
).
الشيخ: الموت، مَثِّل بمثال أوصى فيه لشخص غيرِ وارث، فكان عند الموت وارثًا؟
طالب: لو أوصى لأخيه مع وجود ابنه.
الشيخ: نعم.
الطالب: الأخ هنا غير وارث.
الشيخ: نعم.
الطالب: وقبل وفاته توفي الابن، صار الأخ وارثًا.
الشيخ: نعم، أحسنت، أوصى لأخيه مع وجود ابنه –أي: ابن الموصِي- ثم توفي الابن، وصار الوارثُ الأخ، فالوصية هنا لا تصح؛ لأنه صار وارثًا.
هل يثبت الملك بالقبول، أو يثبت بالموت؟
طالب: (
…
).
الشيخ: بالقبول، هذا قول ولَّا؟
الطالب: هذا قول.
الشيخ: والمؤلف أيش يقول؟ الملك به عقب ..
الطالب: عقب الموت.
الشيخ: عقب الموت، فعلى كلام المؤلف أنه يثبت الملك من حين الموت إذا قَبِلَ، والمذهب: لا يثبت إلا بالقبول؛ لأنه قبل ذلك لم يكن في ملكه.
هل هناك مثال يتبين به الخلاف؟
طالب: (
…
) إذا كان –مثلًا- أوصى له بشاة وولدت، فإنه على القول بأنه عقب الموت (
…
).
الشيخ: مثال آخر، أوصى؟
طالب: أوصى بيت يا شيخ إجارها (
…
).
الشيخ: موصَى له.
الطالب: موصى له، لما مات الموصِي ..
الشيخ: لما قَبِلَ ..
الطالب: (
…
).
الشيخ: نعم.
الطالب: على القول الثاني: المذهب (
…
).
الشيخ: يكون للورثة، تمام.
يقول المؤلف رحمه الله: إن الواجب على الموصِي يُخْرَج كله من ماله ولَّا من ثلثه؟
طالب: (
…
).
الشيخ: من ماله، مَثِّلْ.
الطالب: (
…
).
الشيخ: رجل أوصى بالثلث، ثم تُوُفِّي، فكان عليه دَيْن، هل نُخْرِج الدَّيْن من الثلث ويتوفر للورثة الثلثان، أو يخرج من كل المال؟
طالب: (
…
).
الشيخ: مَثِّل، هات صورة.
الطالب: إن أوصى بالثلث، وكان الدَّيْن أكثر من الثلث وجب إخراج ..
الشيخ: مثاله: أوصى بالثلث وهو عنده أربع مئة.
الطالب: وكان الدَّيْن أكثر من (
…
) فوجب إخراجه (
…
).
الشيخ: الدَّيْن مئتان، وخَلَّف أربع مئة وقد أوصى بالثلث، ماذا نعمل؟
الطالب: إذا جاء الدَّيْن (
…
).
الشيخ: كم الدَّيْن؟
الطالب: مئتان.
الشيخ: مئتان، ويبقى؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: نُخْرِج الثلث من المئتين أم ماذا؟
طالب: (
…
).
الشيخ: ما تدري؟
الطالب: إذا كان المال أربع مئة؟
الشيخ: المال أربع مئة، إي نعم.
الطالب: (
…
) أكثر من الثلث.
الشيخ: الدَّيْن مئتان، قلنا: يُخْرِج الدَّيْن من رأس المال من أربع مئة، أخذنا مئتين، الثلث الآن هل نعتبره من المئتين، ولَّا نقول: ذهب مع الواجب؟
طالب: (
…
).
الشيخ: ذهب مع الواجب، إذن ما الفائدة من قوله: يُخْرِج من المال؟
طالب: (
…
).
الشيخ: بدأنا بالدَّيْن، وأعطينا صاحب الحق.
طالب: (
…
).
الشيخ: من الباقي؟
طالب: شيخ، إن أوصى أن يُخْرَج الدَّيْن من الثلث؟
الشيخ: دعنا من (أوصى)، كلام المؤلف.
الطالب: يُبْدَأ بالدَّيْن أولًا، ثم يُخْرَج الثلث من الباقي.
الشيخ: يُبْدَأ بالدَّيْن أولًا، ثم يُخْرَج الثلث من الباقي، ثلث الباقي، كذا؟ توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، إذا قال: أَخْرِجُوا الدَّيْن من ثلثي؟
طالب: بُدِئَ به.
الشيخ: بُدِئَ به، إن زاد الثلث على الدَّيْن؟
الطالب: لصاحب التبرع.
الشيخ: لصاحب التبرع، يعني يُصْرَف في وصيته، وإن نقص الثلث عن الدَّيْن؟
الطالب: من باقي التركة.
الشيخ: يُخْرَج من باقي التركة، بارك الله فيك، وإن كان بقدره؟
الطالب: يُدْفَع.
الشيخ: يُدْفَع لصاحب الدَّيْن ولا يبقى لصحاب التبرع شيء.
هنا مسألة لم نذكرها لكن نذكرها الآن، إذا تزاحمت الديون، فهل يُبْدَأ بالأول بالأسبق، وإذا كان فيها حق لله وحق للآدمي هل يُبْدَأ بحق الله أو بحق الآدمي؟ أفهمتم؟
عندنا مسألتان؛ المسألة الأولى: إذا تزاحمت الديون وصارت أكثر من المال، فهل نبدأ بالأسبق، أو يتساوى الجميع؟ وإذا كان فيها دَيْن لله ودَيْن لآدمي هل نبدأ بدَيْن الله، أو بدَيْن الآدمي، أو يشتركان؟ أفهمتم؟
المسألة الأولى نقول: إن الديون تشترك، والنقص يكون على الجميع؛ لأن تَعَلُّقَها بالتركة وَرَدَ على التركة في آنٍ واحد، متى؟ عند موت الْمَدِين، فلا فرق بين الدَّيْن السابق واللاحق.
مثال ذلك: عليه دَيْن لزيد ثلاثة آلاف استدانه قبل سنة من موته، وعليه دَيْن لعمرو ثلاثة آلاف استدانه قبل ستة أشهر من موته، ثم مات ولم نجد في تركته إلا ثلاثة آلاف، هل نعطيها زيدًا لأن دَيْنه أسبق؟ لا، نقول: النقص بالقسط، وكيف ذلك؟ ننسب التركة إلى مجموع الدَّيْن، انسب ثلاثة آلاف إلى مجموع الدَّيْن كم؟ ستة آلاف، يكون النصف، فنعطي كل واحد نصف حقه.
المسألة الثانية: هل إذا اجتمعت ديون لله وللآدمي هل نُقَدِّم دَيْن الآدمي أو دَيْن الله، أو هما سواء؟
في هذا ثلاثة أقوال للعلماء؛ القول الأول: يُقَدَّم دَيْن الآدمي، والثاني: يُقَدَّم دَيْن الله، والثالث: يشتركان.
مثال هذا: رجل مات وفي ذمَّتِه خمسة آلاف زكاة، وعليه لزيد خمسة آلاف، ولما توفي لم نجد إلا خمسة آلاف فقط، فالدَّيْن أكثر من التركة، فهل نصرف الخمسة في الزكاة، أو في دَيْن الآدمي، أو يشتركان؟ هذه صورة المسألة.
على خلاف؛ فمنهم مَن قال: يُقْضَى دَيْن الآدمي، فنعطي خمسة آلاف اللي هي التركة نعطيها مَن؟ زيدًا الآدمي، وعَلَّلَ ذلك بأن حق الله مبني على المسامحة، وهو غني عنا سبحانه وتعالى، وحق الآدمي مبني على المشاحَّة، وهو بحاجة إلى حقه فيُقَدَّم.
ومنهم مَن قال: يُقَدَّم حق الله عز وجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقْضُوا اللهَ، فَاللهُ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» (5)، و (أحق) اسم تفضيل، فيُقَدَّم على الحق المفضَّل عليه، وعلى هذا القول نُخْرِج خمسة آلاف التي في التركة لأي شيء؟ زكاة، لأهل الزكاة.
والقول الثالث: يتساويان؛ لأن كلًّا منهما دَيْن في ذمة الميت، فلا يُفَضَّل أحدهما على الآخر، وهذا هو المذهب عند الأصحاب رحمهم الله، وهو الصحيح.
فإن قال قائل: ما هو الجواب عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اقْضُوا اللهَ، فَاللهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» (6)؟
قلنا: الجواب أن معنى الحديث إذا كان دَيْن الآدمي يُقْضَى فدَيْن الله من باب أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَيُجْزِئُ عَنْهَا؟ » ، قالت: نعم، قال:«اقْضُوا اللهَ فَاللهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» (7).
والمسألة لم تَرِد في حَقَّيْنِ أحدهما لله والآخر للآدمي حتى نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم بأن دَيْن الله مقدَّم، إنما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم القياس، يعني: فإذا كان دَيْن الآدمي يُقْضَى فالله أحق بالوفاء.
ونجيب عن قولهم -القول الآخر؛ أن حق الآدمي مبني على المشاحّة والحاجة- بأن حق الله عز وجل يكون لعباد الله، فالزكاة مثلًا لمن؟ للمخلوقين ما هي لله عز وجل، بمعنى أن الله (
…
) ينتفع بها، فهي في الحقيقة حق لله وفي نفس الوقت حق لعباد الله، وكذلك نقول في الكفارات وغيرها مما يجب على الإنسان لله عز وجل.
وهذا القول -أعنى القول بأنهما يتحاصَّان ويشتركان- هو القول الراجح.
نأخذ درسًا جديدًا، قال:(باب الموصَى له)، سبق لنا أن الوصية تشتمل على .. فيه وصية ومُوصٍ ومُوصًى له ومُوصًى به ومُوصًى إليه.
الوصية هي العقد الصادر من الْمُوصِي، والْمُوصِي هو فاعل الوصية، والْمُوصَى له مَن له الوصية، والْمُوصَى به الشيء الذي أوصى به الْمُوصِي، والْمُوصَى إليه الذي عُهِد إليه بالتصرف في الوصية، وهو بمنزلة الوكيل بالنسبة للحي.
قال: (تصح لمن يصح تملُّكه) وسبق شرح هذا، وعلى هذا لو أوصى لعبدِ غيرِه، وقلنا بأن العبد لا يملك، لا تصح الوصية، فلا يقال: إنها تصح وتكون لسيده؛ لأن الْمُوصِي قد يقصد نفس العبد، يريد رحمته والبِرَّ به، فنقول: هذا لا تصح الوصية.
هل تصح لعبدِ نفسِه؟ يقول المؤلف: (ولعبده بِمُشَاع كثُلُثِه، ويعتق منه بقدره، ويأخذ الفاضل) إلى آخره.
الوصية لعبده فيها تفصيل؛ إن أوصى له بِمُشَاع كالثلث ونحوه فلا بأس، ثلث، رُبع، سُدس، خُمس، لا بأس يصح؛ لأنه يدخل فيه الوصية لنفسه، يعني هو نفسه يدخل في الوصية، فإذا مَلَكَ الجزء بالوصية صار حُرًّا، فصح أن يتملَّك، هذا وجه الفرق بين عبده وعبدِ غيرِه.
الآن لنفرض عنده عبد يساوي ألفًا، وعنده ألف عروض تجارة تساوي ألفًا، وعنده نقود ألف، أوصى لعبده بثلثه، يدخل العبد في الوصية ولَّا ما يدخل؟ يدخل؛ لأنها ثلث مشاع يشمل العبد وعروض التجارة والنقود، فيعتق ثلث العبد –مثلًا-، ويَنْجَرّ العتق إلى العبد كله بالسراية.
ثم إن زاد يقول: (ويعتق منه بقدره) أي: بقدر المشاع الذي أوصى به، سواء الثلث أو أقل، (ويأخذ الفاضل) إن فضل، بأن تكون قيمته أقل من الجزء المشاع الذي أوصى له به، أوصى له بالثلث -للعبد- انتبه معنا، تصح الوصية، قَدَّرْنَا العبد بعد موت سيده وجدنا أن الثلث عشرة آلاف، والعبد يساوي سبعة آلاف، يعتق العبد ولَّا لا؟ يعتق العبد، باقي بالثلث مَن يأخذه؟ العبد، ولهذا قال:(ويعتق منه بقدره) أي: بقدر الثلث إن كانت قيمة العبد أكثر من الثلث، (ويأخذ الفاضل) إن كانت قيمة العبد أقل من الثلث.
مثال آخر، إذا صار قيمة العبد أكثر: أوصى لعبده بثلثه -ثلث ماله- ثم توفي، قَدَّرْنَا الثلث، وجدنا أن الثلث عشرة آلاف ريال، والعبد يساوي خمسة عشر ألف ريال، ماذا نصنع؟ نقول: يعتق من العبد ثلثاه.
ووجه ذلك أنه أوصى له بالثلث، وقيمته تزيد على الثلث، فلا يعتق منه إلا مقدار الثلث، وإن ساوَى العبد الثلث عتق وليس له شيء، فصار الآن إذا أوصى لعبده بمشاع كثلثه إما أن تزيد قيمة العبد، أو تنقص، أو تساوي، كما سمعتم.
قال: (ويعتق منه بقدره) أي: بقدر المشاع الذي أوصى له به، (ويأخذ الفاضل) مَن الذي يأخذ الفاضل؟
طلبة: العبد.
الشيخ: العبد.
(وبمئة أو معيَّن لا تصح له)، هذا التفصيل الثاني، الجانب الثاني من التفصيل، أوصى لعبده بمئة، قال: أُوصِي لعبدي بمئة ريال بعد موتي، فالوصية لا تصح، ولو كان عبدَه؟ نعم ولو كان عبدَه؛ لأن عبده لا يملك، وهو غير داخل في الوصية، المسألة الأولى إذا أوصى بالمشاع هو داخل في الوصية، هذه هو غير داخل في الوصية.
أوصى لعبده ببيت، الميت أوصى لعبده ببيت، قال: البيت الفلاني الشعبي لعبدي، تصح الوصية أو لا؟ لا تصح، لماذا؟ لأن العبد لا يملك، فصار الوصية لعبدِ الغير غير صحيحة، سواء أوصى له بمعيَّن، أو بمقدَّر، أو بِمُشَاع.
فالوصية لعبده إن أوصى بِمُشَاع صحَّت، إن أوصى بمقدَّر كمئة، أو بمعيَّن لا تصح، والفرق واضح؛ لأنه إذا أوصى بالْمُشَاع صار من جملة الْمُشَاع مَن؟ العبد، فيعتق منه بقدر الثلث، أو بقدر الْمُشَاع الذي أوصى به له.
(وتصح بحملٍ ولحملٍ تُحُقِّقَ وجوده قبلها)، الوصية بالحمل والوصية للحمل، بينهما فرق؛ الوصية بالحمل يعني أن الحمل يكون هو الْمُوصَى به، والوصية للحمل يعني أن الحمل الْمُوصَى له الْمُمَلَّك الذي يُعْطَى الوصية، فيجوز أن يوصِي بالحمل، ويقول –مثلًا-: أوصيتُ بحملِ هذه الشاة لفلان، ويريد الحمل اللي في البطن، ما هو بالحمل اللي في المستقبل، الحمل الذي في البطن، كشفنا عنها وجدنا أنه لا حمل في بطنها، ماذا تكون؟ الوصية باطلة؛ لأنه غير موجود.
حين الموت غير موجود، ليس في بطنها حمل، بعد الموت وُجِدَ الحمل؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لماذا؟ لأنه لم يُوجَد إلا بعد الوصية.
كذلك الحمل، إذا أوصى بحملِ فلانة، يعني الذي في بطنها، إن كان الحمل موجودًا حين الوصية صَحَّت الوصية، ولكن لا يملكها إلا إذا استهَلَّ صارخًا كالميراث، وإن لم يكن موجودًا فإنها لا تصح الوصية.
لكن متى نتيقن الوجود؟ نتيقن الوجود إذا وضعت هذه المرأة قبل ستة أشهر من الوصية وعاش، إذا ولدت قبل ستة أشهر وعاش نعلم الآن أنه موجود حين الوصية، لماذا؟ لأن أقلَّ حمل يعيش فيه المولود كم؟ ستة أشهر.
الدليل؟ الدليل مُرَكَّب من آيتين؛ الآية الأولى قوله تبارك وتعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]، كم ثلاثون الشهر بالنسبة للأعوام؟
طلبة: سنتان ونصف.
الشيخ: سنتان ونصف، وقال عز وجل:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14]، أَسْقِط عامين من ثلاثين يبقى كم؟ ستة أشهر، فيكون الاستدلال الآن مُرَكَّبًا من دليلين.
وذكر ابن قتيبة في المعارف أن عبد الملك بن مروان الخليفة المشهور وُلِدَ لستة أشهر، لكن الغالب أن الحمل يكون تسعة أشهر بالنسبة للآدميين.
(ولحمل تُحُقِّقَ وجوده قبلها، وإذا أوصى) إلى آخره، نمشي ولَّا فيه أسئلة؟
طالب: إذا أوصى لعبده بِمُشَاع وكان هذا العبد بخمسة عشر ألفًا، والوصية ثلثها عشرة آلاف يعتق ثلثاه، والباقي يوزع عليه .. ؟
الشيخ: كيف؟ لا، ما يسري عليه عتق.
طالب: (
…
).
الشيخ: على القول بالاستسعاء يمكن، على القول يأنه يستسعى يعتق الباقي ويستسعى العبد.
طالب: (
…
).
الشيخ: إي، هذا في حياته، هذا بعد الموت، الوصية هذه بعد الموت، أما في الحياة ما يصح.
طالب: إذا أوصى بمال مقدَّر لعبده وكان المال أكثر من ثمنه؟
الشيخ: لا تصح الوصية لعبده إلا إذا أوصى بِمُشَاع، أما بمعيَّن أو مقدَّر من المال لا تصح.
طالب: أسأل عن تمليك العبد في الأقوال الثلاثة.
الشيخ: نعم، الذي يظهر أن تمليك العبد يصح، خصوصًا إذا مَلَّكَه سيدُه، إذا كان الْمُمَلِّك السيد أنه يملك.
طالب: (
…
).
الشيخ: تعرفون كيف يكون؟ ننسب التركة إلى الدَّيْن، التركة خمسة الآن والدَّيْن عشرة، انسب خمسة إلى عشرة النصف، فيكون لكل واحد النصف؛ مئتان وخمسون للزكاة، ومئتان وخمسون للآدمي، أن تنسب الأقل إلى الأكثر.
طالب: شيخ، لو أوصى لحملٍ خَصَّصَه للذكورية بأن يكون ذَكَرًا دون أنثى؟ الشيخ: نعم؟
طالب: لو أوصى لحملٍ وخَصَّصَه بأن يكون ذَكَرًا.
الشيخ: لا بأس، يؤخذ بِشَرْطِه، فإن لم يكن على شرطه رُدَّ في التركة.
طالب: الديون يا شيخ إذا تزاحمت.
الشيخ: الديون.
طالب: يُعْتَبر فيها إذا كان بعضها مؤجَّل وغير مؤجَّل؟
الشيخ: لا، كلها سواء لأن المؤجَّل يحل بالموت.
طالب: عفا الله عنك يا شيخ، العبد الْمُدَبَّر اللي له سيد وليس له وارث، إن مات السيد وبقي العبد يستحق من ماله ولَّا ما يستحق؟
الشيخ: مَن؟
الطالب: العبد.
الشيخ: عبدٌ مُدَبَّر، يعني قال سيده: إذا مِتُّ فأنت حر، ومات السيد.
الطالب: مات السيد بغير وارث.
الشيخ: يكون حرًّا.
الطالب: له مال هو.
الشيخ: من له مال؟
الطالب: السيد له مال لكن هل يستحق العبد منه شيئًا أو ما يستحق؟
الشيخ: إذا لم يوجَد عاصب ينظر على خلاف العلماء هل المولى من أسفل يَرِث كالمولى من أعلى أو لا يرث، تعرف الفرق؟ المولى من أعلى مَن هو؟ السيد، أو أنه لا يرث، فيه خلاف بين العلماء، فالمذهب لا يَرِث المولى من أسفل، وعلى هذا فيكون مال سيده لبيت المال.
طالب: (
…
) إذا كان قيمة العبد تساوي ثلثًا أو أقل من ثلث لا شيء، أما إذا كانت تزيد عن الثلث (
…
) ما زاد على الثلث يُعْطَى للعبد.
الشيخ: إي نعم؛ لأن قيمة العبد -مثلًا- أقل من الثلث، فاللي بين قيمة العبد والثلث يُعْطَى العبد؛ لأنه أوصى له بالثلث.
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا لا، ما هي بأكثر، كيف أكثر؟ الثلث ثلاثة آلاف، وقيمة العبد ألفان، يأخذ ثلاثة آلاف.
طالب: (
…
)
الشيخ: لا، إذا زادت قمية العبد على الثلث يعتق بقدر الثلث فقط.
***
طالب: قال رحمه الله تعالى في كتاب الوصايا باب الْمُوصَى له: وإذا أوصى مَن لا حج عليه أن يُحَجَّ عنه بألفٍ صُرِفَ من ثلثه مؤونة حَجَّةٍ بعد أخرى حتى ينفد، ولا تصح لِمَلَك وبهيمة وميت، فإن وَصَّى لحي وميت يعلم موتَه فالكل للحي، وإن جَهِل فالنصف، وإن وَصَّى بماله لابْنَيْه وأجنبي فَرَدَّا فله التُّسْع.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
رجل أوصى لحمل من ذات زَوْج، ووُضِعَ الحمل بعد ثمانية أشهر، فهل يستحق أو لا؟
طالب: لا، ما يستحق يا شيخ.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأنه إنما يستحق إذا وضع لأقل من ستة أشهر، فيتحقق أن الوصية كانت عند وقت وجود الحمل في بطن المرأة.
الشيخ: لا يكون له.
الطالب: نعم.
الشيخ: لأنه يحتمل أنه نشأ من جِمَاع بعد الوصية فلا نتحقق، إذن لا نتحقق إذا كانت ذات زوج أو سيد يطؤها إلا إذا وُلِدَ لأقل من ستة أشهر.
إذا أوصى بحمل هذه الشاة؟
طالب: يعني أوصى بحمل شاة؟
الشيخ: إي نعم، قال لك: أوصيت بحملها الذي في بطنها لفلان.
الطالب: صح.
الشيخ: يصح مطلقًا؟
الطالب: إن تَبَيَّن الحمل يا شيخ، إذا كان موجودًا أثناء الوصية.
الشيخ: إذا كان موجودًا حين الوصية صَحَّ، وإلَّا فلا، وهذا يعرفه أهل الخبرة.
رجل أوصى وليس عليه حجٌّ، أو ما قرأنا هذا؟
طلبة: ما قرأنا.
الشيخ: نبدأ.
قال: (وإذا أوصى مَن لا حج عليه أن يُحَجّ عنه بألف صُرِفَ من ثلثه مؤونة حجة بعد أخرى حتى ينفد).
(إذا أوصى مَن لا حج عليه أن يُحَجّ عنه بألف) كرجل أدى فريضة الحج، ثم أوصى، قال: أوصيت أن يُحَجَّ عني بألف، وجدنا مَن يحج عنه بخس مئة، يقولون: إنه يُحَجُّ عنه مرة أخرى حتى ينفد الألف؛ لأنه قال: يُحَجّ عني بألف، ولم يقل: حجة، قال: يُحَجُّ عني بألف، فيُحَجُّ بكل ثلثه حجة بعد أخرى حتى ينفد؛ لأنه عَيَّنَ أن يكون الثلث في الحج فيُحَجّ عنه.
وإذا قال: أوصيت أن يُحَجّ عني حجةً بألف، قَيَّدَها، فهل إذا حَجَجْنَا عنه بثمان مئة نَحُجّ عنه أخرى، أو نطلب مَن يحج عنه بألف؟ هذا فيه تفصيل؛ إذا قال: أن يحج عني فلان بألف، أعطينا فلانًا الألف كاملة، وقلنا: حُجّ؛ لأن تعيينه الشخص وتعيينه أكثر مما تستحق الحجة يدل على أنه أراد مصلحة الشخص، فنعطيه الألف ولو كان يحج بثلاث مئة مثلًا.
وإن قال: يحج عني فلان بألف، فماذا نصنع؟ نقول: يحج عنه فلان حجة بعد أخرى حتى ينفد الألف؛ لأنه لم يقيدها.
أما إذا قال: يُحَجُّ عني حجة بألف، ولم يعين الشخص، فهنا لا نحج بالألف إذا وجدنا مَن يحج بأقل؛ لأنه لا يظهر أنه أراد منفعة شخص معين، بل يحتمل أنه غلب على ظنه أنه لا يوجد مَن يحج إلا بأيش؟ إلا بألف، فقيَّدَها بالألف بناءً على ظنه أنه لا يوجد مَن يحج إلا بألف، والناس في هذه المسألة اختلفوا اختلافًا عظيمًا، أدركنا مَن يحج بخمسين ريالًا، الآن لا يُحَجّ إلا كم؟
طلبة: خمسة آلاف.
الشيخ: إي نعم، بخمسة آلاف أو بثلاثة آلاف، فتغيَّر الحال، فربما يكون هذا الموصِي الذي قال: يُحَجُّ عني حجة بألف، ظن أيش؟ أنه لا يوجَد مَن يحج إلا بألف، فإذا وجدنا مَن يحج بخمس مئة رددنا الباقي في التركة، فهذا هو تفصيل تعيين الحجة بألف، أو بأكثر، أو بأقل.
قال: (ولا تصح لِمَلَك)، (لا تصح) الفاعل يعود على الوصية، (لِمَلَك) لأن الْمَلَك لا يملك، فالملائكة عليهم الصلاة والسلام لا يملكون؛ لأنهم ليسوا بحاجة للأكل والشرب، بل كانوا صُمْدًا، يعني لا أَجْوَاف لهم، يُلْهَمُون التسبيح، يسبِّحون الله تعالى الليل والنهار لا يفترون.
ولا تصح الوصية لبهيمة؛ لأن البهيمة لا تملك، لكن ذكر بعض العلماء أنه يصح الوقف على بهيمة ويُصْرَف في علفها ومؤونتها، فيُخَرَّج من هذا أن تصح الوصية للبهيمة ويُصْرَف ذلك في عَلَفِها ومؤونتها، هذا إذا لم تكن البهيمة من خيول الجهاد أو إبل الجهاد، فإن كانت من خيول الجهاد أو إبل الجهاد فالوصية لها صحيحة؛ لأن المقصود أيش؟ المقصود الجهاد ما هو البهيمة، ولذلك لا يقوم بقلب الْمُوصِي أنها لهذا النوع من الخيل أو من الإبل، بل لعموم الإبل والخيل.
فصار الوصية للبهيمة لا تصح على المشهور من المذهب بناء على أيش؟ على أنها لا تملك، ومِن شرط صحة الوصية أن تكون لمن يملك.
لكننا نقول: تخريجًا على قول مَن يقول بصحة الوقف على البهيمة ويُصْرَف في علفها ومؤونتها نقول: قياسًا عليه وتخريجًا عليه أنه تصح الوصية للبهيمة وتُصْرَف في علفها ومؤونتها، فإذا قال: أوصيت لجملِ فلان بكذا وكذا، صحَّحْنَا الوصية على هذا.
كذلك إذا علمنا أن المقصود الجهة دون عين البهيمة، مثل أيش؟ مثل الجهاد، أو يكون هناك بهائم يعني إبلًا أو بقرًا تنقل الماء للمحتاجين في الأحياء، وأوصى لهذه الإبل أو البقر، فلا شك أن الوصية صحيحة، ويُصْرَف في مؤونتها وعلفها.
ولا تصح لميت؛ لأن الميت لا يملك، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: إذا كان لا يملك كيف تصح الوصية له؟ ! وقيل: تصح الوصية للميت وتُصْرَف صدقة له في أعمال الخير، وهذا القول هو الراجح؛ أنها تصح للميت لا على سبيل التمليك؛ لأن الميت لا يملك، وكل أحد يعرف أن الإنسان إذا أوصى لميت لا يريد أن يُشْتَرَى له طعام يأكله، أو شراب يشربه، أو لباس يلبسه، وإنما يريد أيش أن يُصْرَف في أعمال الخير لهذا الميت.
لكن لو قال: أنا أريد تمليك الميت، قلنا: الوصية غير صحيحة، هذا تلاعب؛ لأن الميت لا يملك، ملك الميت ينتقل إلى غيره إذا مات، فكيف يملك؟
يقول: (فإن وصى لحي وميت يعلم موتَه فالكل للحي)، نعم، (إذا وَصَّى لحي وميت) قال: أوصيت بألف ريال لزيد وعمرو الميت، وهو يعلم أنه ميت، فالكل للحي.
وجه ذلك أن اشتراكهما اشتراك تزاحم، فلما تعذَّر أن يكون نصيب الميت له عاد إلى الحي؛ لأنه يعلم أن الميت لا يملك، وعلى القول الذي رَجَّحْنَا ماذا يكون؟ يكون للحي النصف، وللميت النصف، ويكون صدقةً له.
وإن جهل موته فالنصف، ووجه أنه إنما أوصى للحي والميت بناء على أن الميت موجود حي، وعلى هذا البناء يكون الموصَى به بينهما نصفين، تَعَذَّر إيصال حق الميت إليه فيبقى حق الحي هو النصف.