الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآن صارت إلا أن يرضى المستحقون بدونه، من المستحقون؟ الورثة، إذا قالوا: إحنا نعرف أنه يجوز لنا أن نقتل هذا الرجل بمثل ما قتل به الميت، لكننا لا نريد ذلك مثل لو كان الرجل ألقاه من شارع، فإنهم قالوا: ما نريد هذا، نريد أن يقتل بالسيف. نقول: لكم هذا، لكم ذلك؛ لأن الحق لكم.
فإذا قال قائل: أليس للميت حق أيضًا؛ لأن اللي تألم من هو؟ الميت.
نقول: لكن الشارع لم يلتفت إلى ذلك بدليل أنه أباح للأولياء وشرع لهم العفو، فإذا كان لهم أصل الحق فلهم أيضًا صفة الحق؛ يعني إذا كان لهم أصل القتل إن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا لم يقتلوه، فكذلك أيضًا وصف القتل، لكن ما رأيكم لو أن الإمام رأى أن يُنفِّذ القصاص على حسب ما فعل الجاني، ولو رضي الأولياء بدونه يجوز ولَّا لا؟
لو قال: (
…
)، لكن أنا أريد أني أنكل بهذا الرجل مَنْ بعده؛ فله الحق في هذا لا سيما على اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أن قتل الغيلة ليس فيه تخيير.
طالب: لو رضي الذين لهم الحق أن يخدر، ثم يقتل؟
الشيخ: ما فيه مانع؛ لأنه حق لهم، ما دام أنه أصله حق لهم فلهم (
…
).
طالب: (
…
) يعني المستحقين للقتل (
…
)؟
الشيخ: لا، (
…
).
الطالب: (
…
).
الشيخ: لا أبدًا، ما لهم حق (
…
).
[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]
القصاص فيما دون النفس، لا يثبت القصاص فيما دون النفس إلا حيث ثبت فيها، إذن الشروط الخمسة للقصاص؛ لأن إحنا قلنا: لا يثبت. الكلام هنا على شروط الثبوت ولَّا شروط الاستيفاء؟
طلبة: الثبوت.
الشيخ: الثبوت، إذن لا بد من الشروط الخمسة السابقة، شروط ثبوت القصاص، ما يمكن يثبت القصاص فيما دون النفس إلا إذا كان يثبت في النفس، فلو قطع حُرٌّ يد عبد تُقطع يده ولَّا لا؟ على القول بأن الحر لا يُقتل بالعبد ما تُقطع يده، لو قطع والد يد ولده، فعلى القول بأن الوالد لا يُقتل بالولد لا تُقطع.
لو قطع مسلم يد كافر؛ لم تقطع يده، ولكن هو نوعان: أحدهما: في الطرف كالعين والأذن، الطرف يعني العضو المستقل يسمى طرفًا مثل العين والأذن، وكذلك اليد، أظن أو لا؟ والرجل، واللسان، والأنف، وما أشبه ذلك، المهم العضو المستقل يسمى طرفًا، ويشترط له شروط أولًا: إمكان الاستيفاء بلا حيف، يُشترط له؛ لثبوت القصاص ولَّا لاستيفائه؟
طلبة: لاستيفائه.
الشيخ: لاستيفائه؛ لأن شروط الثبوت أجملناها في قولنا: لا يثبت القصاص إلا حيث ثبت في النفس، إمكان الاستيفاء بلا حيف، تقديره يعني أو ضابطه (بأن يكون القطع من مفصل أو له حد ينتهي إليه)(أن يكون القطع من مفصل) والمفاصل معروفة كالمرفق، ومفصل الكف، أو يكون له حد ينتهي إليه، ومثَّلوا له بمثال واحد؛ وهو مارِن الأنف، ومارن الأنف ما لان منه، اللين من الأنف؛ لأن الأنف له قصبة وله مارن، المارن ما لان منه، هذا ما هو مفصل ولَّا لا؟ هذا ليس بمفصل.
ويقولون: إن بعض الناس لعب على صبي، وقال: إن أنفك سيسقط، كيف؟ سيسقط، قال: نعم، المسه وشوفه يتهزهز ولَّا لا؟ فمسه، مس المارن، وبدأ يهزه، وقال: الآن معناه بيسقط الآن؛ لأنه لين، غضروف، وله حد ينتهي إليه.
فإذا قُدِّر أن رجلًا اعتدى على شخص وقطع أنفه من المارن، الآن يمكن القصاص بلا حيف ولَّا ما يمكن؟ يمكن؛ لأن له حدًّا ينتهي إليه، من مفصل كالمرفق مثلًا له حد ينتهي إليه، واضح؟
طيب إذا لم يكن له حد ينتهي إليه، وليس من مفصل؛ فمعناه أنه لا يمكن القصاص، مثاله: لو قطع يده من نصف الذراع، يجوز القصاص ولَّا لا؟ ما يجوز القصاص؛ لأننا حددنا إمكان الاستيفاء بهذا الحد، أن يكون من مفصل، أو له حد ينتهي إليه، وهذا ليس من مفصِل، وليس له حد ينتهي إليه؛ لأننا ذكرنا أن الذي له حد ينتهي إليه هو مثال واحد فقط، وهو مارن الأنف.
طالب: شحمة الأذن.
الشيخ: شحمة الأذن ما أظن، ما لها حد، وأنا شوف الأذن ما لها حد، إنما نشوف الموضوع أصل هذا الشرط، والصحيح أنه يشترط إمكان الاستيفاء بلا حيف مطلقًا، ولا نقيده بما إذا كان من مفصل أو له حد ينتهي إليه، والآن بسبب تقدم الطب يمكن أن نستوفي بلا حيف من أي مكان ولَّا لا؟ يمكن من أي مكان، ثم سيأتينا -إن شاء الله- دليل على هذا أيضًا من كلام الفقهاء.
على هذا لو كان المعتدي رجلًا فقيهًا، وقال: أنا الآن إن قطعت من مفصل الكف قُطعت يده، وإن قطعت من مفصل المرفق قطعت يده، أبقطعه من نصف العضد أكثر إصابة وأقل بلاءً؛ ما يصبح القصاص، يمكن ولَّا ما يمكن؟ يمكن إذا صار فقيه، يقول: بدلًا ما أني أقتص من الكف أو من المرفق، أرتفع شوي ولا يصير عليَّ القصاص، وأنا مستعد لدفع الدية، واضح؟ فهذا القول -في الحقيقة- فيه أيضًا فتح باب لشر القول بأنه لا بد أن يكون من مفصل، أو له حد ينتهي إليه، هذا في الحقيقة فيه بلاء.
فالصواب في هذه المسألة أن نُبقي العبارة على إطلاقها بدون أن نقيدها بالمفصل، أو بالحد الذي ينتهي إليه فنقول: إمكان الاستيفاء بلا حيف، وهذا يمكن أن يكون بدقة في الوقت الحاضر، ثم نقول: إنه سيأتينا -إن شاء الله- في الجراح، إنه إذا جنى بأعظم من الموضِحة اقتص الموضِحة، وله أرش الزائد، فمثل هذا يمكن أن نقول: لما تعذر الاستيفاء من محل القطع نستوفي من المفصل، ونأخذ أرشًا للزائد ولَّا لا؟
وهذا هو القول الصحيح في هذه المسألة، فنقول: القول الراجح في هذه المسألة: أنه إذا أمكن الاقتصاص من موضع القطع قُطِع، وإن لم يمكن قُطع من أدنى مفصل إليه، وله أرش الزائد، وحينئذٍ لا يمكن لأي متحيل أن يحتال، واضح يا جماعة؟
صار المسألة الآن: المذهب أنه ما يمكن الاستيفاء إلا إذا كان من مفصِل أو له حد ينتهي إليه؛ لأنه يقول: هذا هو الذي يمكن فيه الاستيفاء، والصواب خلاف ذلك، وأن الاستيفاء يمكن من أي مكان لا سيما في الوقت الحاضر، وتقدم الطب، ولكن هل على هذا القول يكون الاستيفاء بالمساحة أو بالنسبة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: بالمساحة أو بالنسبة؟ أو ما تدرون (
…
)؟ واحد مثلًا قطع يد المجني عليه من نصف الذراع، لكن ذراعه طويلة، المقطوع ذراعه طويلة، والجاني ذراعه قصيرة، إذا قلنا بالمساحة، وأخذنا، قِسنا نصف ذراع المجني عليه، يمكن يستهلك ثلاثة أرباع ذراع الجاني أو لا؟
إذن يكون بالنسبة، نقول: نقطع نصف ذراع الجاني كما قطع نصف ذراع المجني عليه، كما أن العكس كذلك أيضًا، قد يكون ذراع المجني عليه قصيرًا، فإذا قدرنا بالمساحة وهي نصف ذراع، يمكن تبلغ ربع الذراع بالنسبة للجاني، نقول: المعتبر ويش المعتبر؟ النسبة دون المساحة، والحاصل أن القول الراجح في هذه المسألة أنه إن أمكن القصاص من موضع القطع فُعل، وإن لم يمكن؟ أُخِذ من أدنى مفصل وللمجني عليه أرش الزائد.
ما هو الدليل على هذا الأمر أنه يُقتص من الأطراف؟ قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45].
فإذا قال قائل: هذا في التوراة؛ لأن الله يقول: {كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} أي في التوراة؟
قلنا: ولكن الشرع أقره؛ بدليل قصة الرُّبَيِّع بنت النضر التي كسرت سن جارية من الأنصار، فعرضوا عليهم الدية، فأبوا إلا أن يكون القصاص، فقال أنس بن النضر: والله لا تُكسر ثنية الربيع، ثم إن الله تعالى هدى المرأة وأولياءها إلى أن يعفو، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» . والمهم أن الرسول قال له لما قال: والله لا تكسر ثنية الرُّبَيِّع، قال:«يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ» (6). فدل هذا على أن الشريعة الإسلامية أقرَّت هذه الآية.
ما رأيكم لو أن الجاني أعور، وقلع العين الصحيحة المماثلة لعينه الصحيحة، يُقتص منه ولَّا لا؟ مثال ذلك: رجل مثلًا ليس له إلا العين اليسرى فقط، فجاء إلى إنسان له عينان فقلع عينه اليسرى، هل تُقلع العين اليسرى ولَّا لا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: نشوف الآن، نطبقه على هذا، إذا استوفينا، هل يكون فيه حيف؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يكون فيه حيف؛ لأنا إذا اقتصصنا من الجاني أفقدنا بصره، أليس كذلك؟ وهو لم يُفقد البصر، وعلى هذا فإنه لا يُقتص منه، ولكن العلماء اختلفوا في هذا، وترى هذا هو القول الصحيح والمسألة خلافية، المسألة فيها خلاف، لكن هذا القول الراجح، ولكن على هذا القول، هل يلزم الجاني نصف الدية ولَّا يلزمه دية كاملة؟
طالب: دية كاملة.
الشيخ: نعم، المذهب أنه بيلزمه دية كاملة؛ لأنها عِوض عن بصره، والبصر منفعة ليس في البدن سواها؛ ففيها دية كاملة، وقال بعض العلماء: ليس له إلا نصف الدية؛ لأنها عين، وما قلع من المجني عليه إلا عينًا واحدة، لم يُذهِب إلا نصف بصره، وأظن أننا ذكرناها فيما بعد، ويأتي فيها التحقيق إن شاء الله، المهم أنه في هذا الحال لا قصاص، لماذا لا قصاص؟ لأن فيه حيفًا.
(الثاني: المماثلة في الاسم والموضع)(في الاسم) معناه ما تؤخذ يد برجل، شو السبب؟
طلبة: لاختلاف ..
الشيخ: لاختلاف الاسم. (والموضع) ما تؤخذ يمنى بيسرى؛ لاختلاف الموضع، كاليد اليمنى باليد اليمنى فلا تُقطع الرجل بها ولَّا اليد اليسرى أو لا؟ اليد اليمنى لو قطع اليد اليمنى قُطعت يد الجاني اليمنى، تُقطع بها الرِّجل؟
طلبة: لا.
الشيخ: لماذا؟ للاختلاف في الاسم، لا، هنا ما يقطع الرِّجل اليمنى، قطع اليد اليمنى، وأنا بقطع بها رجله اليمنى ما يصلح؟ لاختلاف الاسم. طيب نبغي نقطع يده اليسرى؟ لاختلاف الموضع.
رجل جانٍ، ما له إلا اليد اليمنى فقط، لكن ها اليد اليمنى شيطانية، قطع يد رجل يمنى له يدان، تُقطع يده اليمنى ولا ما تقطع؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: رجل أقطع ما له إلا يد يمنى، لكنها شريرة تقطع الأيدي، فذهب هذا الجاني، وقطع يد رجل يُمنى له يدان، تُقطع يد الجاني ولَّا لا؟
طلبة: لا.
الطالب: فيه حيف.
الشيخ: الظاهر أنكم مثل ابن جني هذا اليوم!
طالب: فيه قولان.
الشيخ: كيف فيه قولان؟ لا، تُقطع اليد، تقطع يده اليمنى، لماذا؟ لأن اليد اليمنى لا تقوم مقام اليدين، بخلاف العين فيما سبق فإنها تقوم مقام عينين، الإنسان يبصر بعين واحدة يبصر إبصارًا كاملًا، بعض الناس يكون بالعين الواحدة أقوى من صاحب العينين، لكن اليد الواحدة يقول العوام: اليد الواحدة ما تصفق، ما فيه شك أنه إذا قُطعت يده اليسرى أنه ما يمكن يعمل بيده اليمنى عمل اليدين ما يعمل عمل اليدين بهاح ولذلك قال العلماء: إن الأقطع تقطع يده أو رجله بخلاف ما سبقت الإشارة إليه في مسألة العين.
ما رأيكم الخِنصر بالبنصر من يدٍ واحدة؟ خِنصر ببنصر من يد واحدة، بيجوز ولَّا لا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: الاختلاف في الاسم والموضع ولَّا لا؟ الاسم والموضع إي نعم (
…
) ألا يكون طرف الجاني أكمل من طرف المجني عليه، فإن كان أكمل فإنه لا يُؤخذ به، لو كان أكمل ما يؤخذ به، مثال هذا: قَطَعَ يدًا شلَّاء، والقاطع يدُهُ سليمة، هل تُقطع باليد الشلاء؟
طالب: لا.
الشيخ: ما تقُطع باليد الشلاء، لماذا؟ لأن طرف الجاني أكمل من طرف المجني عليه. قلع عينًا قائمة وعينه -أي القالع- سليمة، تقلع عينه ولَّا لا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: ما تقلع؟
طالب: قائمة.
الشيخ: قلع عينًا قائمة وعينه -أي القالع- صحيحة؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: معنى القائمة التي صورتها باقية وهي لا تُبصِر، صورتها قائمة على اسمها قائمة، لكنها لا تُبصر؛ فالصورة صحيحة، لكن العمل أو المنفعة اللي في العين ما هي موجودة، هل تُقلع عين الجاني بها ولَّا لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: لماذا؟ لأنه يُشترط ألَّا يكون طرف الجاني أكمل. طيب قلع عينًا قائمة ونظيرتها منه قائمة؟
طلبة: تُقلع.
الشيخ: تقلع، لاستوائهما وتماثلهما. طيب قلع أذن أصم وهو يسمع؟
طلبة: ما تقلع.
الشيخ: ما تقلع؟ لا، تقلع؛ لأن السمع ليس بالأذن، أليس كذلك؟ السمع من داخل، ولهذا لو قُلعت الأذن، هل يبقى السمع ولَّا ما يبقى؟ يبقى السمع؛ فالسمع ليس له دخل في الأذن، هذه الأذن -بإذن الله- لتكيف دخول الصوت على الداخل فقط، هذه منفعتها، وهذه المنفعة حاصلة سواء كانت شلاء أو غير الشلاء. طيب ما هي الأذن الشلاء؟ هي التي لا تتحرك؟ أيش تقولون؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: التي لا تتحرك؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: إن قلتم نعم، قلنا: من يحرك أذنه؟
طالب: فيه واحد يحرك ..
الشيخ: كيف؟
الطالب: في واحد يحركها.
الشيخ: مين اللي يقول؟
الطالب: أنا يا شيخ.
الشيخ: حركها أنت.
الطالب: لا، فيه واحد يقول: (
…
).
الشيخ: عجيب، معلوم بيده يمكن!
طلبة: لا (
…
).
الشيخ: على كل حال، هذه ما ندري عنها.
طلبة: (
…
).
الشيخ: على كل حال إذن الحكم الشرعي أنه إذا قلع أذن أصم، فإن أُذُنه تُقلع، لماذا؟ لأن الصمم ما يُفقَد بفقد الأذن، ولا يبقى أيضًا ببقائها، بخلاف البصر في العين يبقى ببقائها ويُفقد بفقدها. طيب قلع أنف أشم وأنفه سليم، يُقلع ولَّا لا؟
طلبة: يقطع.
الشيخ: يُقطع ولَّا ما يقطع؟
طلبة: يقطع.
طالب: ويش هو أشم؟
الشيخ: الأشم اللي ما يشم الروائح، ما تقولون؟
طلبة: يقطع.
الشيخ: يقطع، ليش؟ لأن الشم ليس في نفس الأنف، بل في قوة داخلية، فتبين الآن يا جماعة أن الأذن الشلاء والأنف الأشل حكمهما حكم الصحيح السليم؛ لأن منفعتهما باقية حتى مع الشلل.
ألَّا يكون طرف الجاني أكمل من طرف المجني عليه. هل يمكن أن نستثني هاتين الصورتين ولَّا لا؟ ألَّا يكون طرف الجاني أكمل من طرف المجني عليه إلا في الأذن والأنف. فتُقطع السليمة من هاتين بالشلاء منهما.
هذه ثلاثة شروط، فيه سؤال: لو أن القطع وجب على حامل، وخِيف من قطع يدها أن تُسقِط الولد، هل تُقطَع يدها ولَّا لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: من أين تُؤخذ؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: نقول: هذا استيفاء بحيف، وبعضهم يقول: لا؛ لأن إمكان الاستيفاء بلا حيف بالنسبة لنوع الجناية، أما هنا فالأمن من الحيف لأمر خارجي، وكتبوا بدل من هذا قالوا: ولا يجوز الاستيفاء مع خشية الحيف على الغير.
وعلى كل حال الخلاف قريب من اللفظ، المهم أنه إذا كان الاستيفاء يمكن أن يتعدى إلى الغير كالحامل فإنها لا يقتص منها.
طالب: ينتظر يا شيخ؟
الشيخ: إي، ينتظر كما قلنا فيما لو كان القصاص في النفس، الثاني في الجراح، الثاني منين؟ من نوعي القصاص فيما دون النفس. الثاني في الجراح: فيقتص لكل جرح ينتهي إلى عظم.
الجراح، الضابط فيه كل جرح ينتهي إلى عظم فإنه يُقتص منه، مثل أيش؟ مثل جرح الرأس، وجرح العضد، والساق، والفخذ، والقدم، والخد، وما أشبه ذلك؛ لأن كل هذه تنتهي إلى عظم. كذلك أيضًا الصدر يمكن ينتهي إلى عظم ولَّا لا؟ والظهر، لكن البطن ينتهي إلى عظم ولَّا لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: ما ينتهي إلى عظم، إذن كل جرح ينتهي إلى عظم فإنه يُقتص منه، هذا الضابط، والله تبارك وتعالى يقول في القرآن:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45].
أما إذا كان الجرح لا ينتهي إلى عظم فإنه لا يُقتص منه، لماذا؟ يقول العلماء لأنه لا يمكن فيه المماثلة. المماثلة مُتعذِّرة، هنا ينتهي إلى عظم، اجرحه (
…
) العظم، اللي هو الجاني، لكن إذا كان لا ينتهي إلى عظم إلى أين؟ فيقولون: إنه لا يجوز الاقتصاص، مثلًا جرحه في فخذه، الفخذ، تعرفون أن فيه مثلًا أعصابًا كثيرة ولحم، لكن ما وصل إلى العظم يُقتص منه ولَّا ما يُقتص؟ ما يقتص منه؛ لأنه لم يصل إلى العظم، وكل جرح لا يصل إلى العظام فإنه لا قِصاص فيه؛ وذلك لتعذر إمكان المقاصة أو لتعذر المقاصة.
ولكن كما سبق وأن أشرنا إليه في وقتنا هذا وبمناسبة تقدم الطب نرى أنه تُمكن المقاصة في كل جرح؛ لأنهم يضبطونه ويعرفون أنسجة ها الجسم، ويعرفون كيف يصل، وكيف لا يصل، فالذي نرى أنه الآن يمكن المقاصة في كل جرح.
وعلى كل حال القاعدة الأساسية عندنا هي أنه لا بد أن يمكن القصاص، قد نكون في بلد ما فيه أطباء، ولا يعرفون يقتصون من جرح لا ينتهي إلى عظم فنقول هنا: لا قِصاص، وقد نكون في بلد ترقى فيه الطب يمكن أن يقتصوا من أي جرح يكون، وحينئذٍ نقول: يجب القصاص إلا أنه يُستثنى من هذا مسألة إلا أن يكون أعظم من الموضِحة فله أن يقتص موضِحة وله أرش الزائد.
الموضِحة هي جرح الوجه والرأس، الجرْح في الوجه والرأس موضِحة، له عشر مراتب عند العرب، لكن ما لنا ولها، ما ذكرناها، إنما الموضِحة هي التي تُوضِح العظم؛ يعني مثلًا واحد جرح إنسانًا حتى تبين العظم، تسمى هذه مُوضِحة، ويش اللي أعظم منها؟ أعظم منها الهاشمة، والمنَقِّلة، والمأمومة، والدامغة، هذه الأربع أعظم منها، فهمتم الآن؟
طالب: نعم.
الشيخ: لا، ما فهمتم، عدهن عليَّ أنت فاهم، ويش اللي أعظم منها؟
طالب: الهاشمة والموغلة ..
الشيخ: لا، الهاشمة، والمنقِّلة، والمأمومة، والدامغة، نشوف، الموضِحة ويش قلنا؟
طلبة: تُوضح العظم.
الشيخ: توضح العظم، الهاشمة تُوضح العظم وتهشمه، لكن ينهشم العظم وهو باقٍ في مكانه، أما اللي بعدها؟
طالب: المنقِّلة.
الشيخ: المنقِّلة تُوضِح العظم وتُهشِّمه، وتنقل العظم؛ يعني ينتقل العظم عن مكانه، أما المأمومة فإنها التي تصل إلى أم الدماغ؛ يعني يجرحه حتى يتبين المخ، هذه مأمومة، الدامغة هي التي تفري جلدة المخ، تفري الجلد، الغالب أنه ما يعيش، لكن إذا عاش هذه تسمى دامغة، حطوا بالكم يا جماعة.
إذا كان الجرح أعظم من الموضِحة يُقتص الموضِحة، وله أرش الزائد، نحتاج الآن إلى أن نعرف الأرش؛ الأرش: اعلم أن في الموضِحة خمسًا من الإبل، وفي الهاشمة عشرًا من الإبل، وفي المنقلة خمسة عشر بعيرًا، وفي المأمومة والدامغة ثلث الدية.
إذن إذا كان الجرح هاشمة، وأراد المجروح أن يقتص من الجارح فله أن يقتص موضِحة، ويُعطَى خمسًا من الإبل، إذا كانت منقلة يُعطَى عشرًا من الإبل، إذا كانت مأمومة يُعطى ثمانية وعشرين بعيرًا وثلث بعير؛ لأنه هو الفرْق بين الموضِحة وبين المأمومة؛ لأنا ذكرنا أن في المأمومة كم؟ ثلث الدية وفي الدامغة أيضًا ثلث الدية.
(إلا أن يكون أعظم من الموضِحة)(فله أن يقتص موضحة وله أرش الزائد)(له أرش الزائد) يعني الفرق بين دية الموضِحة، ودية ما هو أعظم منها، من هذه النقطة يتبين لنا رجحان شيء بحثنا فيه بالأمس، ويش هو؟
طالب: (
…
).
الشيخ: إي نعم، إذا قطعه من فوق المفصل فالمذهب لا يمكن القصاص، لكن نقول: قياس قولكم فيما فوق الموضِحة أن نقول: يُقتص من المفصل، وله أرْش الزائد على أننا قلنا: إذا أمكن القصاص من محل القطع -فيما سبق أمس- فهو الواجب، فإن لم يمكن اقتُص من المفصل وله أرش الزائد.
طالب: شيخ (
…
) مثل الرأس والوجه يعني إما خمس أو عشر (
…
)؟
الشيخ: نعم، في الحكومة، بيجينا إن شاء الله أن كل جراح ليس فيه مقدر من الشرع ففيه حكومة.
طالب: كيف يكون إذا تقطع اليد من نصف الذراع، نقصه من المفصل الأدنى ونعطيه زيادة الأرش، أو نأخذ منه هذه الدية؟
الشيخ: لا، نعطيه.
الطالب: كيف نعطيه وهو (
…
)؟
الشيخ: نعطي المجني عليه.
طالب: (
…
).
الشيخ: والصحيح أن فيه القصاص، نقتص أولًا من مكان القطع إذا أمكن، وهذا قلنا: إنه في الوقت الحاضر يمكن، لكن إذا قال الأطباء: ما يمكن القصاص، نقول: يقتص من المفصل من هنا من المفصل، وله أرش الزائد؛ يعني يُثمِّن الباقي، ويُعطَى مثل نسبته من الدية يُقوِّم هذا المجني عليه كأنه عبد، ليس به كف، وبه نصف ذراع، ثُمَّ قُطِع نصف الذراع، فكم تنقص من قيمته؟ إذا قال: تنقص مثلًا كذا وكذا ننظر نسبتها للقيمة، ثم نأخذ مثل تلك النسبة من الدية.
طالب: في الموضِحة، إذا كانت أعظم من الموضحة أو دامغة، كيف نعمل؟
الشيخ: نقتص الموضحة من الجاني، ونعطي المجني عليه نسبة ما بين الموضحة، وهذا الجرح، فإذا كان الجاني جنى على هذا الرجل حتى صارت الجناية هاشمة، قلنا: نقتص من الجاني الجارح أيش؟ موضحة، ونأخذ منه خمسة من الإبل نعطيها للمجني عليه تكميلًا، مفهوم الآن يا جماعة؟
فيه (سراية الجناية) و (سراية القود) السراية معناه أن الجرح يتضاعف حتى يؤدي إلى ما هو أعظم منه، قد يؤدي إلى الموت، فيقول المؤلف أو الكاتب:(سراية الجناية مضمونة في النفس فما دونها إلا أن يُقتص من الجاني قبل بُرئها، والراجح ولا يستثنى شيء)(سراية الجناية مضمونة في النفس) يعني سواء سرت إلى النفس أو ما دونها، فلو قطع من رجل أصبعًا، قطع الجاني أصبعًا من شخص، ثم إن هذا الجرح سرى، وجعل يمشي في اليد حتى تساقط الكف كله، هل يضمن الجاني الإصبع الذي قطع أولًا أو الكف كله؟ يضمن الكف كله، لماذا؟
لأن هذه الجناية غير مأذون فيها، عدوان محض، والمعتدي يجب عليه ضمان عدوانه وما ترتب عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» (7). فكما أن الظلم في الأموال يسري إلى كل ما ترتب عليه، كذلك هنا يسري الضمان إلى كل ما ترتب على هذا العدوان، واضح؟
إذن نقول: لماذا كانت مضمونة؟ لأنها نتيجة عمل عدواني، والعمل العدواني مضمون، وكذلك ما ترتب عليه لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ، فما ترتب على العدوان فإنه عدوان، إلا أنه يُستثنى من هذا على المذهب مسألة واحدة: إذا اقتص من الجاني قبل البُرء فإنها السراية لا تضمن، كيف ذلك؟
مثلًا قبل أن يبرأ الجرح طَالَب المجني عليه بأن يقتص من الجاني، الجاني قطع أصبعه، مفهوم؟ هذه جناية، فقال المقطوع أصبعه: لا بد أن تقتصوا من الجاني وطَالَب بهذا، فعلًا اقتصصنا من الجاني، المجني عليه جرحه سرى إلى الكف كلها، وسقطت كل كفه، فهل نعود إلى الجاني ونقطع كفه ولَّا لا؟ ما نفعل؛ لأنه لما اقتص قبل البُرء فقد رضِي بأي شيء؟ بأن يكون القصاص بمقتضى الجناية، لا بمقتضى السراية، إذا اقتص قبل البرء فقد رضي كأنه أسقط حقه، يُقال: أنت الآن اقتصصت على وجه -أصلًا مُحرَّم أنه يقتص قبل البُرء، يجب الانتظار، لكن قد يطالب، يقول: ما أنا بقادر أنتظر حتى يبرأ جرحي، أبغي الآن أن أقتص منه ما دام المسألة في حرتها، فإذا اقتص منه، ثم سرى بعد القصاص فإنه لا يُضمن.
استدلوا لذلك بأثر ونظر؛ الأثر: أن رجلًا طعن رجلًا في ركبته بقرن -قرن معروف قرن بهيمة- فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستقيد منه، فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن ينتظر، ولكنه لم يفعل، فاقتص منه، ثم إن المجني عليه صار أعرج، فأراد من النبي عليه الصلاة والسلام أن يقتص فقال:«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَبْطَلَ عَرَجَكَ» (8). يعني معناه أن السراية لم تُضمن؛ لأنه اقتص منه قبل البرء، لكن هذا الحديث ضعيف ما تقوم به حجة.
واستدلوا بالنظر، وهو الذي أشرنا إليه قبل قليل، وهو أن المجني عليه لما طالَب أن يقتص قبل البُرء كأنما رضي أن يكون القصاص بمعنى ما كانت عليه الجناية الآن، وأسقط الأثر؛ فلهذا لا تضمن.
لكن عندنا الراجح لا يستثنى شيء؛ لأن الحديث ضعيف، وأما التعليل فنقول: ما دام العلة في ضمان السراية كونها عدوانًا فإن طلب هذا القصاص لا يعني أنه أسقط ما يترتب عليه، بل يعني أنه أراد أن يشفي نفسه قبل أن تبرد المصيبة فقط، نعم، لو قيل له: أنت تُسقط السراية؟ فقال: نعم، أُسقط السراية. لو رضي بهذا صريحًا، قلنا: لا شيء له، أما مجرد أن يُطالب بالمبادرة فهذا لا يدل على إسقاط.
سراية القَوَد غير مضمونة، ويش معنى سراية القود؟ سراية القود يعني القصاص غير مضمونة؛ بمعنى أنك لو اقتصصت من الجاني، وسرى ذلك إلى ما هو أعظم فإنه لا يُضمن، مثاله؟
طالب: (
…
).
الشيخ: مثل رجل قطع إصبع إنسان، ثم قطعنا إصبع الجاني، ثم إن الجاني مات بهذا القطع يضمن ولَّا ما يضمن؟ لا يضمن، لماذا؟ لأن هذا القصاص بحق ولَّا بغير حق؟ بحق، فهو مأذون فيه شرعًا.
ومن القواعد المقررة فقهًا: ما ترتب على المأذون فليس بمضمون، كما أن عكسها ما ترتب على غير المأذون فهو مضمون، على هذا نقول: سراية القوَد غير مضمونة، لماذا؟ لأنها بحق؛ لأن القود بحق، فهو مأذون فيه، وما ترتب على المأذون فليس بمضمون إلا أن يستقيد في حال لا يجوز الاستيفاء فيها.
معلوم إذا استقاد في حال لا يجوز الاستيفاء فيها صار ذلك عدوانًا فيُضمن ما ترتب عليه، مثال ذلك: قيل: إن هذا الجاني مريض، لا يحتمل أن يُقتص منه الآن، وأنه إن اقتُص منه صار خطرًا عليه، فلَزَّم المجني عليه أن يُقتص منه فاقتُص منه في هذه الحال، ففيه ضمان ولَّا لا؟ فيه ضمان، لماذا؟ لأنه في هذه الحال ما يجوز أن يُقتصَّ منه.
طالب: (
…
) المجني عليه.
الشيخ: قصدي إذا فعل، لو فرضًا أنا ما مكناه، لكن هو ذهب واقتص لنفسه فإنه يضمن، كذلك مثلًا لو فرض أنه يقول الفقهاء: إنه إذا كان في شدة حر فالقصاص خطر، ولعل هذا في زمنهم؛ حيث لا يمكن توقف الدم، أما الآن فالأمر بالعكس، ولكن القاعدة هو إذا استقاد في حال لا يجوز الاستيفاء فيها؛ فإن سراية القود مضمونة، والعلة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: إذا صار بحق ما يُضمن.
طالب: لأن الاستيفاء غير مأذون فيه.
الشيخ: لأن الاستيفاء في هذه الحالة غير مأذون فيه، فيكون عدوانًا، وما ترتب على العدوان فإنه مضمون.
طالب: (
…
).
الشيخ: إي نعم، معناه يمتنع عن القصاص، يسقط القصاص، وتجب الدية، الديات أولًا ..
طالب: شيخ، لو أن المجني عليه مات من (
…
) يقتل؟
الشيخ: إي نعم، يُقتل.
الطالب: (
…
).
الشيخ: إي، يُقتل قتلًا.
الطالب: خطأ ما هو بفعل (
…
).
الشيخ: لكن هو ما سبق لنا أنه إذا جرحه فإنه يكون عمدًا، وطبعًا إذا قطع شيئًا بيصير يجرحه بكل حال، إذا قطع عضوًا فإنه بيجرحه بكل حال.
طالب: (
…
) أن الديات الموضحة والهاشمة ثابتة بالنص.
الشيخ: إي، ثابتة بالنص، وسيأتي إن شاء الله الآن ذكره.