المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط صحة اللعان] - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: ‌[شروط صحة اللعان]

الشيخ: غلط، ما هو يتهم أن يقذف زوجته بالزنا، فيقول: أنتِ زنيتِ، وسواء أضافه إلى شخص أو أطلق؛ يعني سواء قال: أنتِ زنيتِ بفلان أو أطلق.

أولًا: إذا قذف بالزنا إن أقرت انتهى الوقت أُقيم عليها الحد، هذه واحدة، إذا لم تقم، نطالب الزوج بالبينة، إن أتى بها فلا لعان، ثالثًا؟

طالب: نقول للزوج: إما أن تلاعن أو نقيم عليك حد القذف.

الشيخ: يعني بعد تعذُّر الإقرار والبينة، نقول: للزوج إما أن تلاعن، وإما أقمنا عليك حد القذف ثمانين جلدة.

[شروط صحة اللعان]

اللعان لا بد له من شروط، يقول المؤلف رحمه الله:(يشترط في صحته أن يكون بين زوجين)، فلو قذف الإنسان أمه، أو قذف ابنته، أو قذف أخته، أو عمته، أو خالته، أو غير ذلك من النساء فإنه لا لعان، وإنما يكون اللعان بين الزوجين؛ لقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} إلى آخره، فإن كان بين اثنين أجنبيين، ثم تزوج الرجل بهذه المرأة التي قذفها، هل يجري اللعان أو لا يجري؟ لا يجري؛ لأنه إنما قذفها قبل؟

طالب: أن يتزوجها.

الشيخ: أن يتزوجها، وعليه فإذا قذف امرأة قبل أن يتزوجها إن أقرت أُقيم عليها الحد، وإن لم تقر وأتى ببينة أقيم عليها الحد، وإن لم يأتِ ببينة أقيم عليه هو الحد.

يشترط أيضًا أن يكون باللغة العربية لمن يحسنها؛ لقوله: (ومن عرف العربية لم يصح لعانه بغيرها) إذن يُشترط أن يكون باللغة العربية لمن كان قادرًا عليها، فإن تلاعن بِلُغتهما وهما يقدران على اللغة العربية لم يصح، حتى وإن كانا قد عرفا اللغة، فلو حصل ذلك بين ويش نمثل غير عرب؟ بين أيش؟ بين زوجين لغتهما لغة إنجليز، وهما يعرفان العربية، فتلاعنا بلغتهما، فإن ذلك لا يصح؛ لأن المؤلف اشترط أن يكون بالعربية لقادر عليها، فإن كان بغير العربية، ولو كانت لغة الزوجين فإن اللعان لا يصح.

ص: 3302

والقول الثاني: أنه يصح بلغتهما، وإن عرف العربية، وهذا جواب مقطوع به؛ وذلك لأن ألفاظ اللعان ليست ألفاظًا تعبدية حتى نحافظ عليها، إنما هي ألفاظ يعبر بها الإنسان عما في نفسه، فمتى عُلمت لغته أجزأ اللعان.

نمشي على كلام المؤلف: (ومن عرف العربية لم يصح لعانه بغيرها) ذكر المؤلف للعان شرطين؛ الشرط الأول: أن يكون بين زوجين، والشرط الثاني: أن يكون باللغة العربية لمن قدر عليها.

وهل يُشترط أن يكون بين زوجين مميزين؟ نقول: نعم، لا بد من هذا، لا بد أن يكونا مميزين، ولا بد أن يكونا عاقلين، وإنما لم يذكر المصنف ذلك لوضوحه وعدم الاختلاف فيه، فإذا قذف امرأته بالزنا، فقال: أنتِ زنيتِ -والعياذ بالله- أو: يا زانية، فله إسقاط الحد باللعان، أي حد؟

طالب: القذف.

الشيخ: حد القذف، وقال: الآن سنحدك ثمانين جلدة بنص القرآن، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} ، قال: لا، أنا لي طريق آخر؛ وهو اللعان، أريد أن ألاعن، نقول: ياللا لاعن.

(فيقول قبلها أربع مرات: أشهد)(يقول قبلها)، فلا بد أن يكون قول الرجل قبل قول المرأة؛ لأن قوله: عليها بمنزلة إقامة البينة.

فيقول أولًا: (أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه، ويشير إليها ومع غيبتها يسميها أو ينسبها) إذن نحضر الزوج والزوجة، ويحضرهما القاضي، فيقول: أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه، ويشير إليها، إذا لم تكن حاضرة يسميها، فيقول: أشهد بالله لقد زنت زوجتي فلانة بنت فلان، أو ينسبها فيقول: بنت فلان، وقد علم الناس أنه قد تزوج فلانة من بناته، وكذلك أيضًا أن يصفها بوصف لا يتعداها، فيقول: زوجتي الطويلة، أو القصيرة، أو البيضاء، أو ما أشبه ذلك.

ص: 3303

(وفي الخامسة) يعني في الشهادة الخامسة، يقول:(وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) الضمير هنا في (عليه) يُجعل عند اللعان بضمير النفس؛ يعني يقول الزوج: عليَّ، لكن كُنِّي عن ضمير النفس بضمير الغيبة كراهة أن ينسب الإنسان الحكم إلى نفسه.

(إن كان من الكاذبين، ثم تقول هي أربع مرات: أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا، ثم تقول في الخامسة: وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) هو يدعو باللعنة إن كان من الكاذبين، وهي بالغضب إن كان من الصادقين.

وإنما كان الغضب في جانبها دون الزوج؛ لأن الزوج أقرب منها إلى الصدق، وجه ذلك أنه لا يمكن لأحد أن يرمي زوجته بالزنا إلا عن صدق، لماذا؟ لأن رميها بالزنا تدنيس لفراشه، والناس سيقولون: إنه ديوث، لن يقولوا: إنها زنت مرة واحدة وبأول مرة لاعن، لا، يتحدثون ملء أفواههم؛ فهو إلى الصدق أقرب من المرأة، ولذلك كانت عقوبة المرأة التي تدعو بها على نفسها أعظم.

في هذه الصيغة -كما ترون- دعاء مُعلَّق بشرط، أين الشرط في دعاء الرجل؟

إن كان من الكاذبين، والشرط في دعاء المرأة: إن كان من الصادقين، فهل يجوز أن يدعو الإنسان دعاء معلقًا؟ الجواب: نعم، يجوز عند الاشتباه علق؛ لأن الله أعلم، ومن ذلك دعاء الاستخارة؛ لأن المستخير ماذا يقول؟ اللهم إن كنت تعلم أن هذا خير لي، وهذا تعليق دعاء واضح؟ أجيبوا.

طلبة: نعم.

الشيخ: إذن الدعاء المعلق بشرط جائز في الأمور التي تخفى على الإنسان، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخه -شيخ الإسلام- أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فسأله عن ذلك قال: يا رسول الله، إن قومًا يُقدَّمون إلينا، لا ندري أمسلمون هم أم غير مسلمين؛ لأنهم رؤساء البدعة، فلا ندري أمسلمون أم لا، فهل نصلي عليهم أو ندع الصلاة عليهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«عَلَيْكَ بِالشَّرْطِ» .

ص: 3304

ما معنى الشرط؟ الشرط في الدعاء أن يقول: اللهم إن كان هذا الرجل مسلمًا فاغفر له، ولا حرج والله تعالى يعلم إن كان مسلمًا أو غير مسلم.

هذه الرؤيا هل يعمل بها أو لا؟ من المعلوم أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالمرائي، حتى تعرض هذه الرؤيا على نصوص الشرع إن وافقت قبلت، وتكون رؤيا تنبيهًا فقط وإن لم توافق رُدَّت، وإلا لأمكن كل واحد أن يقول: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم البارحة، وقال: يا بني، عظِّمني، أقم لي ليلة المولد باحتفال عظيم، ثم يجيء يقول: يا جماعة، أنا رأيت سنة، أيش رأيت؟ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأوصاني أن أقيم له احتفالًا بمولده. يمكن هذا ولَّا ما يمكن؟ يمكن، وما أكثر مثل هذه المنامات عند أهل الصوفة، من هم أهل الصوفة؟

طلبة: الصوفية.

الشيخ: الصوفية، وليسوا أهل صُفَّة، بل هم أهل صوفة، أهل الصفة أولياء أتقياء، أما هؤلاء فبدع وخرافات.

إذن إذا رأى الإنسان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في منامه في صورته المعروفة، وأوصاه بشيء فإنه ليس حكمًا شرعيًّا؛ لأن إبلاغ الرسول عليه الصلاة والسلام انتهى بموته، لكن نعرضه على النصوص الشرعية إذا وافقها قبلناه لموافقة النصوص، وتكون الفائدة في هذه الرؤيا؟ أجيبوا، التنبيه والتذكير.

نرجع إلى ما نحن فيه، يقول رحمه الله:(فإن بدأت باللعان قبله) لم يصح، وماذا نعمل إذا بدأت قبله؟ تعيد بعد لعان الزوج، فإذا لاعنت أولًا، ثم لاعن الزوج، قلنا: لعانها الأول لاغٍ، ويجب عليها أن تُعيد مرة ثانية بعد الزوج.

إذن يُشترط في ذلك الترتيب أو لا يشترط؟ يشترط الترتيب أن يبدأ الزوج أولًا.

ص: 3305

(أو نقص أحدهما شيئًا من الألفاظ الخمسة) بأن قال ثلاث مرات: أشهد بالله لقد زنت زوجتي هذه، وقال في الرابعة: وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين؛ فاللعان لا يصح؛ لأن الله اشترط أن تكون أيش؟ {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} ، وفي الخامسة كذلك، فإذا نقص عن العدد المعين شرعًا، فإن اللعان لا يصح.

يقول: (أو لم يحضرهما حاكم، أو نائبه)، هذا إذن يُشترط حضور الحاكم أو نائبه، الحاكم مَنْ؟ القاضي.

(أو نائبه) نيابة عامة، أو نيابة خاصة في إجراء الملاعنة؛ النيابة العامة أن يكون للقاضي نائب عام، النيابة الخاصة: أن يقول لشخص ما: يا فلان، قد أنبتك أن تجري اللعان بين هذا الرجل وزوجته.

وعُلم من كلامه رحمه الله أنه يجوز للقاضي أن يُنيب عنه من يُجري اللعان بين الرجل وزوجته؛ فهذا تدخله النيابة.

(حاكم، أو نائبه، أو أبدل لفظة أشهد بأُقسم، أو أحلف) فلا يصح؛ لأن الله قال: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} فلا بد من الشهادة أو أبدل (لفظة اللعنة بالإبعاد)؛ لأن اللعنة هي الإبعاد عن رحمة الله.

فلو قال الزوج: بالله من رحمته إن كنت (

) إنه لا يجزئ؛ لأن الله قال، ولأنه أشد وقعًا في النفس من كلمة أبعدني الله عن رحمته، وإن كان المعنى واحدًا.

أو أبعد، أو أبدل من الذي يبدي؟

طالب: المرأة.

الشيخ: المرأة، قال في الخامسة: وأن سخط الله عليها، والغضب فرق لطيف، فليس مرادفة للفظة الغضب بالسخط، لم يصح، ما الذي لم يصح؟ لم يذكر هذا اتباعًا لما جاءت به السنة؛ إما في القرآن وإما ..

طالب: أحسن الله إليكم يا شيخ، مسألة حادثة يثبتون الآن نسبة الولد عن طريق معرفة الدم.

الشيخ: إننا لم نصل إلى الكلام عن الولد حتى الآن.

الطالب: لا، بالبينة يا شيخ بالبينة، إذا أتم الزوج.

الشيخ: إننا لم نصل إلى هذا.

طالب: أحسن الله إليك، لو وكل الزوجين أحدًا ليلاعن عنه؟

ص: 3306

الشيخ: إي نعم، يقول: هل يصح أن يوكل الزوج أو الزوجة من يلاعن؟

نقول: لا؛ لأن هذا مما يتعلق بنفس الشخص، أرأيت لو أن إنسانًا قال: وكلتك تحلف عني عند القاضي؟ أجب؟ لا.

حتى إن العلماء رحمهم الله قالوا: لو وكل إنسانًا في الخصومة؛ بيع أو شراء أو إيجار أو غير ذلك، وتوجهت عليه اليمين، فإن الوكيل لا يحلف، بل يُؤتى بالموكِّل ليحلف؛ لأن هذه المسألة تتعلق بنفس الشخص.

طالب: والقسامة من هذا الباب؟

الشيخ: القسامة يُقسم أهل الميت، عصبته.

طالب: شيخ -أحسن الله إليك- إذا لاعن، وبعد اللعان أراد أن يرد زوجته، ثم منع منه، قال: أردت زنا العين؟

الشيخ: ما وصلنا لها، ستأتي.

طالب: بارك الله فيكم، هذه مسألة واقعية، وقعت وتحتاج إلى (

)، رجل ترك أمانة أهله عند رجل آخر وسافر، ثم هذا الذي ترك عنده الأمانة رأى أهله تزني وتحقَّق من ذلك ..

الشيخ: أيش؟

الطالب: هذا رجل ..

الشيخ: المؤتمن.

الطالب: نعم المؤتمن، يعني شاهد زوجة هذا الرجل المسافر الذي ترك أهله عنده؛ يعني تيقن من زناها من رجل آخر، وحتى جاء ولد من هذا الزنا؛ لأن هذا الذي سافر لم يعد إلا بعد قرابة السنتين، فما هو الحل؟

الشيخ: ويش الإشكال؟ ما هو الإشكال؟

الطالب: ما فيه بينة، وكيف يُنصح هذا الرجل؟

الشيخ: يعني مثلًا رجل سافر عن زوجته، كذا ولَّا لا؟ وأتت بعد سفره بسنتين بولد، الولد لها.

طالب: شيخ، يقول: تأكد منها الرجل الثاني أنها تزني؛ يعني الرجل ترك زوجته عند آخر، والزوج سافر والوكيل على الزوجة رأى زوجة المسافر تزني وتأكد من زناها حتى جاءت من هذا الزنا بابن.

الشيخ: كذا؟

طالب: نعم هكذا.

الشيخ: ليس على ما فهمته أنا، فهمتم السؤال الآن؟ إنسان جعل زوجته عند شخص، وسافر، ثم إن الشخص الذي عنده الزوجة رآها تزني وولدت، هذا إذا ولدت، فإن ادعى زوجها أن الولد له وأمكن ذلك؛ فالولد له، فهمت؟ وإن لم يمكن فليس له ولد.

ص: 3307

طالب: هو نفاه يا شيخ، ولكن كيف ينتفي الولد بدون اللعان؟

الشيخ: يقول: ليس هذا ولدي، يقول: هذا ليس الولد مني، ويأتي بشهود على أن الرجل سافر منذ كذا وكذا، وأنه لم يرجع إلى الزوجة؛ لأن فيه احتمال أنه جاء في الليل ليلة من الليالي، جاء ودخل على زوجته وجامعها، ما فيه احتمال؟

طالب: يعني في الغالب يا شيخ (

).

الشيخ: فيه احتمال ولَّا لا؟

طالب: (

) حتى (

) لأن ما دام أن (

) قال: يعني الطريق الوحيد لنفي الولد هو (

) اللعان.

الشيخ: لا، الصحيح أنه ما يحتاج لعانًا بالنسبة للولد؛ أن الولد ولده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» (6).

لكن لو أصر على أن ينفيه، فمن العلماء من يقول: يقذف الزوجة أولًا فيقول: إنها زنت، ثم يلاعن.

ومنهم من قال: إنه لا يحتاج أن يقذف الزوجة، بل يكفي أن يقول: هذا ليس ولدي، ثم يجري اللعان، فيقول: أشهد بالله أربع مرات أن هذا الولد ليس ولدي، ويقول في الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.

طالب: هذا يا شيخ -بارك الله فيكم- هو هذا الرجل تُوفي؛ يعني هو تكلم كلامًا كثيرًا بين ..

الشيخ: من اللي توفي؟

الطالب: يعني الزوج، تُوفي، وقبل أن يتوفى تكلم كلامًا، هكذا بين الناس أن هذا الولد ليس له، لكن (

)، فهل هذا (

الشيخ: إي نعم، الولد يلحق به ويرث منه.

ولده وقال له: يا بن الزانية، فهل يعتبر هذا اللعان أو لا؟ أو يفيد؟

يعني يعتبر قذفًا يعني؟

طالب: سب ولدًا له قال له: يا بن الزانية، هل هذا يعتبر قذفًا؟

الشيخ: هذا عاد ينظر إذا كان مما يجعل الإنسان بلا قصد كما هو معروف عند بعض الناس فليس بقذف، بعض الناس -نسأل الله العافية- على طول يقول: يا بن الزانية.

***

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

فصل

ص: 3308

وإن قذف زوجته الصغيرة، أو المجنونة عُزر، ولا لعان، ومن شرطه قذفها بالزنًا لفظًا، كزنيت، أو يا زانية، أو رأيتك تزنين في قبل أو دبر، فإن قال: وطئت بشبهة، أو مكرهة، أو نائمة.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

سبق معنى اللعان وسببه، فما هو السبب؟ أن يقذف الرجل زوجته بالزنا.

وكيفيته؟ ما سبق أن يحضرهما الحاكم، ويعظهما أولًا، ويقول لهما: إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فإن صمما أجرى اللعان بينهما، كيف يقول؟ يقول للزوج: اشهد بالله أربع شهادات أن زوجتك هذه زنت، ويقول في الخامسة: وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم يقول لها: اشهدي أربع شهادات بالله أنه كاذب، وفي الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإذا تم فسيأتي ما يترتب على هذا إذا تم اللعان.

ثم قال المؤلف: (فصل، وإن قذف زوجته الصغيرة، أو المجنونة عُزِّر، ولا لعان)(إن قذف) أي الزوج، (زوجته الصغيرة) التي لم تبلغ، فلا لعان؛ لأن الصغير لا تُقبل منه الشهادة ولا يصح منه اليمين، وليس قذف الصغير كقذف الكبير.

(فصلٌ)

وإن قَذَفَ زوجتَه الصغيرةَ أو المجنونةَ عُزِّرَ ولا لِعانَ، ومن شَرْطِه قَذْفُها بالزِّنَا لفْظًا كزَنَيْتِ أو يا زَانيةُ أو رَأَيْتُكِ تَزنينَ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ، فإن قالَ: وُطِئْتِ بشُبْهَةٍ أو مُكرَهَةً أو نائمةً، أو قالَ: لم تَزْنِ ولكن ليس هذا الولَدُ مِنِّي. فشَهِدَت امرأةٌ ثِقَةٌ أنه وُلِدَ على فراشِه لَحِقَه نَسَبُه ولا لِعانَ، ومن شَرطِه أن تُكَذِّبَه الزوجةُ، وإذا تَمَّ سَقَطَ عنه الحدُّ والتعزيرُ، وتَثْبُتُ الفُرقةُ بينَهما بتحريمٍ مُؤَبَّدٍ.

(فصلٌ)

ص: 3309

مَن وَلَدَتْ زَوجتُه مَن أَمْكَنَ كونُه منه لَحِقَه، بأن تَلِدَه بعدَ نِصفِ سنةٍ منذ أَمْكَنَ وَطؤُه أو دونَ أَرْبَعِ سنينَ مُنذ أبانَها، وهو مِمَّنْ يُولَدُ لِمِثْلِه كابنِ عشرٍ، ولا يُحْكَمُ ببلوغِه إن شكَّ فيه ومَن اعْتَرَفَ بوطءِ أَمَتِه في الفَرْجِ أو دونَه فوَلَدَتْ لنِصفِ سنةٍ أو أَزيدَ لَحِقَه وَلَدُها إلا أن يَدَّعِيَ الاستبراءَ ويَحْلِفَ عليه، وإن قالَ: وَطِئْتُها دونَ الفَرْجِ أو فيه ولم أُنْزِلْ أو عَزَلْتُ. لَحِقَه، وإن أَعْتَقَها أو باعَها بعدَ اعترافِه بوَطْئِها فأَتَتْ بوَلَدٍ لدُونِ نِصفِ سنةٍ لَحِقَه والبيعُ باطلٌ.

ثم قال المؤلف: (فصل: وإن قذف زوجته الصغيرة، أو المجنونة عُزِّر ولا لعان)

(إن قذف) أي الزوج (زوجته الصغيرة) التي لم تبلُغ، فلا لعان؛ لأن الصغير لا تُقبل منه الشهادة، ولا يصح منه اليمين، وليس قذف الصغير كقذف الكبير، أيهما أشد عارًا؟ الكبير لأن الصغير، كل يعرف الصغير، مرفوع عنه القلم، يجري منه كل شيء، فلا يلحقها العار الذي يلحق البالغة، فلذلك لا لعان، ولكن يُعزَّر، كذلك المجنونة من باب أولى، امرأة مجنونة تخرج إلى الأسواق، وتمشي مع الرجال، فقذفها قال: أنتِ زانية، فلا لعان؛ لأن المجنون لا قصد له، ولا يُعتبر قوله، فكيف يعتبر لعانها؟ ! وأيضًا لا يلحق المجنونة من العار مثلما يلحق العاقلة.

(عُزِّر، ولا لعان) من يُعزِّره؟ الإمام أو نائبه، ونواب الإمام الآن هم القضاة، والتعزير هو التأديب، ولكن بماذا يكون التأديب؟ الصحيح أن التأديب يكون بكل ما يحصل به الأدب؛ قد يكون بالضرب، وهذا واضح، وقد يكون بغرامة مالية، وهذا واضح، والمخالفات المرورية الآن من هذا الباب التعزير بأيش؟ بالمال، وقد يكون بالتوبيخ أمام الناس، والتوبيخ أمام الناس عند بعض الناس أشد من الضرب، وقد يكون بحرمانه من عطائه في بيت المال، وقد يكون بفصله عن وظيفته.

ص: 3310

المهم أن التعزير كل ما يحصل به التأديب، ولا يتحدد بشيء إلا أنه لا يجوز في معصية الله عز وجل، ومثَّل العلماء لذلك بحلق اللحية، قالوا: لا يجوز أن يُعزَّر الإنسان بحلْق لحيته، وكان بعض الظلمة فيما سبق يُعزرون الرجل بحلْق لحيته، ويرون أن هذا من باب العقوبة والتعزير، أما الآن فبعض الناس يعطي أُجرة لمن يحلق لحيته!

ولقد سألني سائل في مكة، في الحج، فقال لي: إنه رمى جمرة العقبة، ولبس ثوبه قبل أن يحلق، يشير إلى لحيته، كأنه يرى أن حلق اللحية نُسك كحلق الرأس، فقلت له: أَبْقِ على ما أنت عليه، إذا كان الحل لا يكون إلا بحلق اللحية فابقَ على ما أنت عليه، فهذا فهم غلط، الآن الناس، بعضهم -نسأل الله أن يهديهم- يرون أن هذا زينة وتمدُّن، وما أشبه ذلك، بعض الظلمة فيما سبق يُعزِّر بحلق اللحية، ولهذا نص الفقهاء رحمهم الله في باب التعزير: أنه يحرم التعزير بحلق اللحية، فخذ الآن القاعدة التعزير في اللغة التأديب، وفي الاصطلاح كل ما يحصل به التأديب، لا يتقيد على القول الراجح بأي شيء هذا الرجل الذي قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة، نُعزِّره بما يرى الإمام أو نائب الإمام أنه يحصل به التأديب.

(عزر ولا لعان)(ومن شرطه) أي من شرط اللعان (قذفها بالزنا لفظًا) لا بد أن يقذفها باللفظ، لا تكفي الإشارة، ولكن الكتابة المعبِّرة تكون بمنزلة اللفظ، لو كتب لها: بسم الله الرحمن الرحيم، أنتِ يا فلانة زانية، حصل القذف، مثاله:(كزنيتِ، أو يا زانية، أو رأيتكِ تزنين في قُبل أو دُبُر) أو ما شابه ذلك من الكلمات التي هي صريح في القذف.

(فإن قال: وُطئت بشُبهة) فليس بقذف؛ أو قال: وُطئت مُكرهة فليس بقذف، أو وطئتِ نائمة، فليس بقذف؛ لأن هذا ليس زنا.

إذا وُطئت بشُبهة فهي معذورة، مُكرهة معذورة، نائمة معذورة، فليس قذفًا بالزنا، ولذلك لا نحد الزوج ولا نعزره ولا لعان.

ص: 3311

بقي أن يُقال: إذا قال: إنكِ وطئتِ بشبهة، أو مكرهة، أو نائمة، فهل يلزمه أن يتجنبها حتى تعتدَّ بثلاثة قُروء، أو لا يلزمه إلا بحيضة واحدة، أو لا يلزمه مطلقًا؟

هذه ثلاثة احتمالات، أقر الرجل أنها وُطئت وهي نائمة أو مكرهة، الآن أقر بأنها وطئت، فهل يلزمه أن يتجنبها حتى يعلم أن رحمها بريء نقي، إما بثلاثة قروء أو بقرء واحد يحصل به الاستبراء، أو لا يلزمه أن يتجنبها؟ كم الاحتمالات؟ ثلاثة، أصح هذه الاحتمالات أنه لا يجتنبها، بل ينبغي أن يبادر بجماعها حتى لا تلحقه الوساوس فيما بعد، ويقول: إن حملها ليس مني، وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضى بأن الوَلَد للفِرَاشِ -وهو الزوج- ولِلْعاهِرِ الْحَجَرُ (1)، فهذا قضاء الرسول عليه الصلاة والسلام، وما دام هذا قضاءَه فلا يلحقنا حرج.

ومن العلماء من قال: يجب أن تُستبرأ بحيضة لاحتمال أن يكون حملت، ولا تلزمها العدة؛ لأن العدة إنما تجب في النكاح.

ومنهم من قال: تلزمها العدة ثلاثة قروء، وإذا كانت تُرضع، وقلنا بهذا القول، كم باقٍ عليها؟ في الغالب أن التي تُرضع لا تحيض، وإذا كانت بدأت بالرضاع من الآن تبقى سنتين، مشكلة هذه.

المهم أن أصح الأقوال في ذلك: أنه لا يلزمها عدة ولا استبراء، وأننا نحب ونرغب أن يبادر بجِماعها حتى إذا حملت لم يكن في قلبه شك بالنسبة للولد.

هذه مسألة مهمة يا إخوان، أحيانًا تُغتصب زوجة الرجل، ويأتيها رجل فاجر، ويعلم الزوج وهي تعلم أنه حصل الجِماع، فالقول الذي ترتاح إليه النفس، وهو مقتضى حكم الرسول صلى الله عليه وسلم أنها لا تعتد، ولا تحرُم على زوجها، وأن لزوجها أن يجامِعها فورًا، ونستحب له ذلك حتى لا يلحقه القلق فيما بعد أو الشك.

طالب: شيخ، إذا قلنا بالمبادرة في الجماع، ألا يؤدي هذا إلى اختلاط الأنساب؟

الشيخ: من يقول: إنها حملت من الزاني؟

الطالب: احتمال.

الشيخ: احتمال، وحلها لزوجها يقين ولَّا احتمال؟

الطالب: يقين.

ص: 3312

الشيخ: يقين، فالأصل حلها.

طالب: أحسن الله إليك، إذا لم يعلم الزوج أنها وُطئت مُكرهة، فهل المرأة مثلًا من باب المعاشرة أو من باب .. تخبر الزوج؟

الشيخ: هذا سؤال مهم، يعني لو أن امرأة زنت مُكرهة، أو نائمة، أو متعمدة، ولكن تابت، هل يلزمها أن تخبر الزوج؟

أما على القول بوجوب الاعتداد فيلزمها أن تُخبر الزوج حتى يتجنبها، وأما على القول الراجح فلا يلزمها، ما دامت تابت إلى الله عز وجل، أو كانت مُكرهة، أو نائمة، لا يلزمها؛ لأنه لا يترتب على عدم إخباره، أجيبوا؟

طالب: لا يترتب شيء.

الشيخ: لا يترتب شيء، ولو أخبرته لأفسدت ما بينها وبين الزوج؛ لأن بعض الأزواج لا يتحمل إطلاقًا أن تزني امرأته حتى لو تابت، وربما يكون بينهما أولاد.

طالب: إذا خشيت أن يعلم (

) بعد الوقت، ربما يعلم من الناس (

) تترتب عليه مفسدة أعظم؟

الشيخ: هذا ربما ننفصل عنه بأن نقول: إذا علم وقال لها مثلًا، تقول له: القضية كذا وكذا؛ أنها مُكرهة، أو نائمة، أو مختارة، ثم تابت، وأنها لم تخبره؛ لأنها تعلم أنه لا يترتب على عدم إخباره شيء ما دمنا اخترنا القول بأنه لا يجب اجتنابها.

طالب: شيخ -بارك الله فيكم- في بعض البلدان التي لا يوجد محاكم حتى يكون اللعان، يعني هل يمكن أن يوكل عالم محترم مثلًا فيما بينهما هذا اللعان ولَّا لا؟

الشيخ: إي نعم، هذا سؤال مهم، يقول: في بعض البلاد ما فيه حاكِم شرعي، وربما لا يهتم بهذه الأمور أيضًا، فهل يجوز أن يختار الزوجان شخصًا يتلاعنان عنده؟

الجواب: نعم، يجوز، وهذه خذها قاعدة، أنه يجوز للمتخاصمين أن يُحكِّما بينهما رجلًا صالحًا للقضاء.

طالب: بالنسبة للفظة نائمة، فيه واحدة أحد يجامعها وهي نائمة؟ !

الشيخ: لا (

).

الطالب: يمكن ما تدري أنها تجامع أصلًا، إذا هي نائمة (

).

ص: 3313

الشيخ: لا يمكن أثناء العملية تستيقظ، لكن ممكن؛ يعني بعض الناس -يا جماعة- نومه ثقيل، تجده مثلًا يتدحرج من أعلى الدرج إلى آخره، وهو ما استيقظ، وبعض الناس نومه خفيف جدًّا إذا أذن ديك الجيران يستيقظ، فالناس يختلفون، فربما هذه المرأة مثلًا مُتكشِّفة في أيام حر وثوبها مثلًا خفيف، أو مع النوم (

)، وهذا رجل -نسأل الله العافية- ما يبالي، ففعل فلم تشعر إلا والمسألة منتهية. المهم هذا ممكن يعني عقلًا ممكن، وحسًّا ممكن، (

) لهذا.

طالب: شيخ -أحسن الله إليك- بعض البلاد لا يوجد للزاني حد، ولا يؤاخذ به، ثم ..

الشيخ: أين هو هذا البلد؟

الطالب: يمكن في بلاد الغرب ما يكون فيه الشريعة الإسلامية، ما يؤاخذون الزاني بشيء.

الشيخ: فيه بلاد إسلامية هكذا؟

الطالب: إي، فيه بعض البلاد ما يؤاخذ مثل ..

الشيخ: بعض البلاد الإسلامية؟ !

الطالب: لا، ما إسلامية.

الشيخ: زين.

الطالب: لا يُحكم بالشريعة الإسلامية، (

) ما يؤاخذون، مثل الكاميرون، يعني لا يؤاخذون ..

الشيخ: مثَّلْت الآن!

الطالب: الآن -شيخ- فيه قبائل يأخذون مثل إذا واحد زنى بواحد منهم، أو بابنته، أو زوجته ..

الشيخ: كيف زنى بواحد منهم؟ ! كيف؟ ! تلوَّط؟

الطالب: لا.

الشيخ: أنت تقول زنى بواحد منهم؟ !

الطالب: واحدة، شيخ يأخذون عليها مالًا، هذا المال يردع هذا الإنسان، ألا يزني أو ألا يعود مرة ثانية .. ؟

الشيخ: إي، يردعه.

طالب: شيخ، هل لهم أن يأخذوا هذا المال؟

الشيخ: لا؛ لأن هذا فيه حد مُقدَّر شرعًا {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] والْمُحصَن يرجم.

الطالب: شيخ، الحكم هذا ما يوجد، وإذا جلدته مئة جلدة يعني تستبعد إبعادها، أو يعني يحكموك حكومة صعبة ما تستطيع تتخلص منه.

طالب آخر: جريمة (

)، إقامة الحد جريمة.

الطالب: إي، إقامة الحد جريمة أكبر من ..

الشيخ: طيب، وأخذ المال؟

الطالب: أخذ المال عادي، يقرون عليه.

ص: 3314

الشيخ: عادي؛ لأنهم ألفوه.

الطالب: إي.

الشيخ: ما يجوز هذا أبدًا، يا إما يحكمون بالشرع وإلا يتركونه.

الطالب: إذا تركت هذا يا شيخ حصل مفسدة.

الشيخ: ليش؟

طالب: ليل ونهار ما يتركون (

)؛ لأنهم ما يخافون الله ..

الشيخ: أعوذ بالله! كيف (

)؟ ! الناس مثل الحمير ليل ونهار، عجيب! اترك السؤال هذا يا رجال، أنت الآن تأتينا إما بمحدثات الأمور ولَّا بعظائم الأمور، ولهذا يجب أننا نُعزرك بعدم الإجابة على سؤالك.

الطالب: شيخ، هذا واقع ويش يسوي؟

الشيخ: سوِّ، اترك، عجيب!

طالب: (

) يا شيخ، البلاد اللي تحكم بالدساتير، الدستور هذا، الطاغوت -نسأل الله العافية- هذا اللي غير المملكة، المملكة تحكم بالشريعة، جزاهم الله خيرًا، أغلب البلاد الإسلامية تحكم بالدستور، التحرش بالمرأة أشد من الزنا بها.

الشيخ: أعوذ بالله!

طالب: لأن الزِّنا قد تكون هي راضية، فهذا خلاص إذن تحل وديًّا وكذا، أما التحرش، هذا اعتداء شخصي، أو على حرية شخصية، هذه جريمة أكبر.

الشيخ: أعوذ بالله! نسأل الله العافية {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ} [الأعراف: 186]. (

)

***

الطالب: وإذا تم سقط عنه الحد والتعزير، وثبتت الفرقة بينهما بتحريم مؤبد.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:

سبق أنه من شرط اللعان أن يقذف الزوجة بالزنا صريحًا، فإن لم يقذفها بالزنا صريحًا، بل قال: رأيت عندها رجلًا، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يتم اللعان حتى يقذفها بالزنا صريحًا.

ص: 3315

إلى أن قال المؤلف: (أو قال: لم تزنِ، ولكن ليس هذا الولد مني) اعترف بأنها لم تزنِ، لكن قال الولد هذا ليس مني، فماذا يكون إذا نفى أن تزني، ثم قال: ليس مني؟ يمكن أن تكون وُطِئت بشُبهة؛ يعني أن أحدًا من الناس ظنها زوجته، فجامعها فحملَت، فالولد الآن ليس من الزوج، ولكنه لا يقتضي أن تكون زانية، لاحتمال أن تكون وُطئت بشبهة، فإذا قال هذا، وشهدت امرأة ثقة أنه وُلد على فراشه لحقه نسبه ولا لعان، إذا نفى أن يكون الولد منه فأتت امرأة ثقة -والثقة لا بد أن تكون ذات خبرة وأن تكون أمينة، لأنه لا ثقة إلا بقوة وأمانة؛ القوة أن تكون ذات خبرة، والأمانة أن نعلم أنها ليس لها هوى- فشهدت بأنه ولد على فراشه، وهو يقول: ليس مني، فإننا لا نقبل قوله؛ لأنه وُلِد على فراشه بشهادة امرأة ثقة، وهل يجري اللعان أو لا يجري؟ لا يجري اللعان؛ لأنه لم يقذفها بالزنا، وإنما قال ليس هذا الولد مني.

إذا لحقه نسبه، هل يرث؟ وهل يكون أخًا لأولاده؟ وهل تكون أخت الزوج مثلًا عمة له وما أشبه ذلك؟ الجواب؟ أجيبوا يا جماعة؟

طلبة: نعم.

الشيخ: نعم، تثبت جميع أحكام النسب، وهنا سؤال: لو أن رجلًا زنت امرأته -والعياذ بالله- وتحقق أنها زانية، فهل يلزمه أن يتجنبها حتى يستبرئها؟

طلبة: (

).

الشيخ: ذكرنا بالأمس أقوالًا ثلاثة:

أحدها: أن تعتد بثلاثة قروء.

والثاني: أن تستبرئ بحيضة واحدة.

والثالث: أنه لا عدة ولا استبراء. وقلنا: إن هذا القول هو الصحيح، وأنه ينبغي للزوج أن يبادر فيجامعها، حتى لا يلحقه الشك بأن الولد ليس منه، إذا أصر الرجل على أن الولد ليس ولده، ولم تشهد امرأة بخلاف ذلك، فهل يجوز أن يُلاعن لنفي الولد؟ المذهب: لا يجوز، ولهذا قال:(ولا لعان)، ماذا يصنع وهو يعلم أن الولد ليس ولده؟ إما لكونه قد تجنبها منذ سنة أو أكثر، أو لأي سبب من الأسباب.

ص: 3316

المهم أن الرجل لا يريد الولد، يقولون: يلحقه شاء أم أبى، إذا قال: أنا أريد أن أنفيه عن نفسي، فالمذهب يقولون: إذن يقذفها بالزنا أولًا، ثم يُلاعن، ولا شك أن هذا قول منكر، كيف يقذفها بالزنا وهو يعلم أنها ليست زانية؟ وكيف يُدنِّس عرضها وهو يعلم أن عرضها طاهر؟

إذن نقول: القول الراجح أنه يجوز أن يلاعن لنفي الولد فقط، إذا تأكد أن الولد ليس ولده فله أن يلاعِن لنفي الولد، كيف يلاعن لنفي الولد؟ يعني يقول: أشهد بالله أن هذا الولد ليس مني، أربع مرات، في الخامسة يقول: وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وإذا لاعن هو فقط ثبت الحكم أنه ليس ولده، واضح يا جماعة؟

هذا القول هو الراجح، نسأل الله لنا ولكم السلامة، هذه بلوى، الرجل يعرف أن له عن زوجته سنين وأتت بولد، ويقول: ليس مني، نقول: لازم يلزمه، فلا وجه لهذا القول.

ثم إذا قلنا: لا بد أن تقذفها بالزنا، ثم تلاعن، هذا أنكر وأنكر، ولا يمكن، فإن سكت الرجل وهو يغلب على ظنه أن الولد ليس منه، فهل له ذلك؟ الجواب: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: الولد لمن؟ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» . وقضى بالغلام لعبد بن زمعة مع أن فيه شبهًا ببينًا بعتبة ابن أبي وقاص، وقال:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» (1).

قال: (وإذا تم) يعني إذا تم اللعان (سقط عنه الحد) حد إيه؟ حد القذف، (والتعزير) تعزير أيش؟ تعزيره إذا كانت الزوجة غير محصنة؛ لأن قذْف غير المحصَن يُوجِب التعزير، وثبتت الفرقة بينهما بتحريم مؤبد، يعني تكون عليه حرامًا على التأبيد من غير نسب، ولا ينتشر هذا التحريم إلى أقاربها، بل إليها وحدها تحرم عليه تحريمًا مؤبدًا، جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

***

ص: 3317

ثم قال المؤلف: (فصل: من ولدت زوجته من أمكن كونه منه لحقه، بأن تلده بعد نصف سنة منذ أمكن وطؤه، أو دون أربع سنين منذ أبانها) والثاني الشرط الثاني (وهو ممن يولد لمثله كابن عشر). هذا في بيان ما يلحق من النسب، وهو فصل مهم.

يقول رحمه الله: (من ولدت زوجته من أمكن كونه منه)، وبيَّن الإمكان بقوله بأن تلده، وقوله:(وهو ممن يولد لمثله) شرطين، فإنه يلحقه سواء علمنا أنه اجتمع بها أم لم نعلم، لكن بشرط أن نعلم الإمكان.

انتبهوا يا إخواني، أن نعلم أنه يمكن أن يكون منه، وإن لم نعلم أنه اجتمع بها فإنه يكون ولده، ولكن بهذا الشرط أن تلده بعد نصف سنة منذ أمكن وطؤه بعد نصف سنة؛ لأن أقل الحمل ستة أشهر، فلو ولدت بعد أن أمكن وطؤه لثلاثة أشهر، وعاش الطفل، فالولد ليس ولده، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن تلده لثلاثة أشهر ويعيش، فهنا نعلم أنها قد وُطئت من قبل، وهذا الولد من الواطئ، أرجو الانتباه.

رجل تزوج امرأة في البلد، عقد عليها في واحد محرم، ولم يدخُل عليها إلا في واحد جمادى الأولى، كم بقي معها؟ في أول يوم من محرم عقد عليها، ولم يدخل إلا في أول يوم من جمادى الأولى، بقِي أربعة أشهر، ما دخل عليها، لما مضى ثلاثة أشهر ولدت، هل الولد له؟

طلبة: (

).

الشيخ: الولد له، نعم، ثلاثة أشهر، لكن من العقد، كم مضى؟ سبعة أشهر، والمؤلف يقول:(منذ أمكن وطؤه)، وهذا ممكن يطأ ولَّا ما يمكن؟

طلبة: يمكن.

الشيخ: كيف يطأ؟ ما دخل عليها؟

طلبة: (

).

الشيخ: نعم، يمكن يا إخوان، وهذا أيضًا وقع، والسؤال عنه كثير إذا عقد على امرأة، وقال: الدخول بعد شهرين، أو ثلاثة، أو سنة، أو سنتين، واتصل بها وجامعها، يجوز أو لا يجوز؟

طلبة: (

).

طلبة آخرون: يجوز.

الشيخ: ما دخل عليها، الله يهديكم، ما دخل عليها.

طالب: عقد عليها.

ص: 3318

الشيخ: عقد عليها وهي زوجته، نعم، يجوز أن يخلو بها، وأن يسافر بها، وأن يجامعها، لكن من العادة -حسب عادة الناس- أنه يخالِف العادة، ثم إنه فيه خطر في مسألة الجماع خاصة، لو قدَّر الله أن تحمل من هذا الجماع، ثم دخل عليها بعد ثلاثة أشهر، ثم وضعت أو تبيَّن حملها عند الدخول لحق الرجل شبهة، بل لحق المرأة شبهة؛ منين جاء الحمل هذا؟ ولذلك نحن نفتي في هذه المسألة بأنه لا بأس للزوج الذي عُقِد له أن يجتمع بأهله بدون جِماع، والجماع لا بأس به، لكننا نخشى أن تحمل، ويكون هناك تهمة.

نرجع إلى مثالنا، رجل عقد على امرأة في أول يوم من محرم، ثم دخل عليها أول يوم من جمادى الأولى، ثم أتت بولد بعد ثلاثة أشهر من دخوله عليها، يكون الولد له ولَّا لغيره؟

طلبة: له.

الشيخ: له؟ !

طلبة: نعم.

الشيخ: يا جماعة، ما دخل عليها!

طالب: يمكن أمكن ..

الشيخ: لكن أمكن، فيكون الولد له، هذه المسألة كما رأيتم المؤلف يقول: إنها معلقة بالإمكان أن يكون الولد منه، هناك قول آخر: أن المرأة لا تكون فراشًا إلا بعد الجماع، وقبل ذلك ليست فراشًا، وذلك لأن هذا هو الحقيقة، متى كانت فراشًا له؟ بعد أن جامَعَها، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» (1). فإذا علمنا أن هذا الزوج لم يدخل على المرأة، ولم يجتمع بها؛ لأنه في بلد بعيد، وهي في بلد بعيد، وهي محفوظة عند أهلها، وعلمنا أنه لم يدخل عليها، فهل يكون الولد له في المثال اللي ذكرنا؟ أجيبوا يا جماعة؟

طالب: على المذهب يلحق (

).

الشيخ: لا، على القول الصحيح؟

طالب: لا يلحق به.

ص: 3319

الشيخ: لا يُلحق به؛ لأنا تيقنا أن الزوج لم يجامعها، ومن أين يأتي الولد إلا من الجِماع، أرجو الانتباه يا جماعة؛ لأن هذه مسألة خطيرة جدًّا، صار المذهب أنه متى أمكن أن يجامعها فالولد ولده، وإن لم نعلم أنه جامعها، القول الثاني -وهو الصحيح- أنها لا تكون فراشًا إلا إذا جامعها، وبناءً على ذلك في المثال اللي ذكرنا يكون الولد له ولَّّا لغيره؟

طالب: لغيره.

طالب آخر: هذا الأخير، لغيره.

الشيخ: أنتم (

طلبة: نعم.

الشيخ: طيب، عقد عليها في أول يوم من محرم، ودخل عليها في أول يوم من جمادى الأولى، ثم ولدت بعد دخوله بثلاثة أشهر، يكون له أو لا؟ لا، يكون لغيره؛ لأنها لم تكن فراشًا له إلا في واحد جمادى الأولى بعد الدخول.

رجل عقد على امرأة وهو في الصين، والمرأة في غرب أمريكا، ولم يذهب إلى أمريكا، ولم تأتِ هي إلى الصين، ثم ولدت لستة أشهر من العقد، هل يكون ولده له؟

طلبة: لا.

طالب: قولان يا شيخ.

الشيخ: قولان، أو ثلاثة؟

طالب: لم يصح، لم يجتمعا.

الشيخ: هذا يعني نعلم علم اليقين أنه ما اجتمع بها، لكن مع ذلك عند بعض أهل العلم -وأظنه مذهب أبي حنيفة رحمه الله أن الولد له؛ لأن المرأة تكون فراشًا بمجرد العقد عليها سواء أمكن أم لم يمكن؛ فالأقوال إذن ثلاثة:

قول أن المرأة تكون فراشًا للزوج بمجرد العقد، وإن لم يمكن أن يجتمع بها.

القول الثاني: أنها تكون فراشًا له بعد العقد إذا أمكن أن يجتمع بها، وإن لم نعلم أنه اجتمع بها، وهذا مذهب الحنابلة.

القول الثالث: لا تكون فراشًا حتى نعلم أنه جامعها، وهذا القول هو الراجح، وهو فيما أظن اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو المطابِق تمامًا للحديث:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» (1). المرأة لم تكن فراشًا الآن.

طالب: (

) غرب أمريكا.

الشيخ: مع شرق أمريكا.

طالب: لأن (

).

ص: 3320