المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لكن عندنا الآن حصر المسألة: المذهب: أنه إذا أُخذ نعله - الشرح الصوتي لزاد المستقنع - ابن عثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌[مكروهات الصلاة]

- ‌[أركان الصلاة وواجباتها]

- ‌[باب سجود السهو]

- ‌(كتابُ الْمَنَاسِكِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط وجوب الحج والعمرة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[باب الإحرام]

- ‌(بابُ مَحظوراتِ الإحرامِ)

- ‌(بابُ الفِديةِ)

- ‌(باب جزاء الصيد)

- ‌[باب صيد الحرم]

- ‌[باب ذكر دخول مكة]

- ‌[باب صفة الحج والعمرة]

- ‌[باب الفوات والإحصار]

- ‌[باب الهدي والأضحية]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب البيع

- ‌[باب شروط البيع]

- ‌[باب الشروط في البيع]

- ‌[باب الخيار]

- ‌[باب الربا والصرف]

- ‌[باب بيع الأصول والثمار]

- ‌[باب السلم]

- ‌[باب القرض]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌(باب الشركة)

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[باب السبق]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب الوديعة]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الجعالة]

- ‌[باب اللقطة]

- ‌[باب اللقيط]

- ‌(كتابُ الوَقْفِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الهبة والعطية]

- ‌[فصل في تصرفات المريض]

- ‌[مدخل]

- ‌كتاب الوصايا

- ‌[باب الموصى له]

- ‌[باب الموصى به]

- ‌[باب الوصية بالأنصباء والأجزاء]

- ‌[باب الموصى إليه]

- ‌(كتابُ النِّكاحِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[أركان النكاح]

- ‌[شروط النكاح]

- ‌[باب المحرمات في النكاح]

- ‌[باب الشروط والعيوب في النكاح]

- ‌[باب نكاح الكفار]

- ‌[باب الصداق]

- ‌[باب وليمة العرس]

- ‌[باب عشرة النساء]

- ‌[باب الخلع]

- ‌(كتاب الطلاق)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب ما يختلف به عدد الطلاق]

- ‌[باب الطلاق في الماضي والمستقبل]

- ‌[باب تعليق الطلاق بالشروط]

- ‌[باب التأويل في الحلف]

- ‌[باب الشك في الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌(كتابُ الإيلاءِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[من يصح منه الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء وما تحصل به الفيئة أو فسخ النكاح]

- ‌(كتابُ الظِّهارِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[كفارة الظهار]

- ‌(كتابُ اللِّعانِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط صحة اللعان]

- ‌[ما يلحق من النسب]

- ‌(كتابُ العِدَدِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الاستبراء]

- ‌(كتابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[مدخل]

- ‌[شروط الرضاع المحرِّم]

- ‌[من يُحَرَّم بالرضاع]

- ‌[مدخل]

- ‌[باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم]

- ‌[باب الحضانة]

- ‌[باب شروط القصاص]

- ‌[باب استيفاء القصاص]

- ‌[باب العفو عن القصاص]

- ‌[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

- ‌(كتاب الديات)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب مقادير ديات النفس]

- ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

- ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

- ‌[باب العاقلة وما تحمله]

- ‌[باب القسامة]

- ‌(كتاب الحدود)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب حد الزنا]

- ‌[باب حد القذف]

- ‌[باب القطع في السرقة]

- ‌[باب حد قطاع الطريق]

- ‌[باب حد المسكر]

- ‌[باب قتال أهل البغي]

- ‌[باب التعزير]

- ‌[باب حكم المرتد]

- ‌(كتاب الأطعمة)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب الصيد]

- ‌(كتاب الأيمان)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب جامع الأيمان]

- ‌[باب النذر]

- ‌(كتاب القضاء)

- ‌[مدخل]

- ‌[باب آداب القاضي]

- ‌[باب طريق الحكم وصفته]

- ‌[مدخل]

- ‌(كتاب الشهادات)

- ‌[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]

الفصل: لكن عندنا الآن حصر المسألة: المذهب: أنه إذا أُخذ نعله

لكن عندنا الآن حصر المسألة: المذهب: أنه إذا أُخذ نعله أو نحوه ووجد موضعه غيره فهو لُقطة مطلقًا.

القول الثاني: أنه يُنظر للقرائن، فإذا وُجدت قرائن تدل على أن صاحب النعل أخذ نعلك، وأبقى لك هذا النعل فإنه لا يكون لُقَطة؛ وإنما يكون لواجِده، ولكن في هذه الحال ينبغي أن يتأنَّى بعض الشيء لعل صاحبه يرجع، فإذا أيس منه أخذه، فإن كان أدنى من نعله اكتفى به، وإن كان أعلى وجب عليه أن يتصدق بالفرْق بين قيمتي النعلين.

[باب اللقيط]

ثم قال المؤلف رحمه الله: (باب اللقيط)، أعقبه بباب اللُّقطة والمناسبة واضحة؛ لأن اللُّقطة ضياع الأموال، وهذا ضياع الأبدان والآدميين؛ فلذلك ناسب أن يجعلوا باب اللقيط عند باب اللقطة، وإلا فله مناسبات أخرى كمناسبة باب ما يلحق من النسب، وما لا يلحق، وكذلك في الميراث تحقق أنه وارث أو غير وارث، لكنه أشبه ما يكون بأيش؟

طالب: باللقطة.

الشيخ: باللقطة؛ فلذلك جعلوه تابعًا له.

(اللقيط) في اللغة العربية (فعيل) بمعنى (مفعول)؛ لأن فعيلًا في اللغة العربية تأتي بمعنى (مفعول) في مواطن كثيرة، يُقال: قتيل بمعنى (مقتول)، وجريح بمعنى (مجروح)، وإلا فالأصل أن فعيلًا بمعنى (فاعل)، لكنها قد تأتي بمعنى (مفعول) حسب السياق والقرائن.

قال: (وهو طفل) هذا التعريف الاصطلاحي، (طفل)، والطفل من دون التمييز.

(لا يُعرف نسبه) أي لا يُدرى لمن هو. (ولا رِقه) فلا يُدرَى أهو حُرٌّ ينتسب إلى فلان بن فلان أو رقيق يملكه فلان أو فلان ما يدري.

يقول: (نُبِذَ أو ضل) أما قوله: (نُبِذ) فنعم يعني نعرف أنه نُبِذ، لكن كيف نعرف أنه نُبِذ؟

بالقرائن، نعرف أنه منبوذ؛ يعني أن صاحبه -أي: صاحب هذا الطفل- قد نبذه وطرحه لا يريده، وهذا من المعلوم أنه لا يُتصوَّر غالبًا إلا فيمن لا يستطيع المشي كطفل في المهد وجدناه مثلًا في المسجد، وجدناه في الحمَّامات، وجدناه على الأرصفة، وغلب على ظننا أنه أيش؟

ص: 2316

منبوذ بقرائن منها -أي: من القرائن-: أنه إذا نُبِذ يُكتب عليه في مهاده: هذا ليس له أحد، وهذا يقع فيما إذا حصل -والعياذ بالله- زنا، ثم وَضعت المرأة من هذا الزنا، وقد عُرف أنها ليست متزوجة فإنها تنبُذ هذا الطفل. أحيانًا يكثر هذا في المساجد، وأحيانًا يقل، وعلى كل حال إذا نُبذ واضح أنه لقيط.

قال: (أو ضل) يعني أو ضاع، وهذا في الحقيقة فيه نظر ظاهر، إذا علمنا أن هذا الطفل له خمس سنوات أو ست سنوات قد ضاع عن أهله، يصيح يبكي يدوِّر أهله، هل يمكن نقول: هذا لقيط يأخذه إنسان ويجعله عنده؟ لا، هذا يُشبِه اللقطة بمعنى أن يجب أن يبحث عن أهله، وهذا يقع كثيرًا في مواسم الحج والعمرة، يقع كثيرًا، ولكن من توفيق الله لهذه الحكومة السعودية أنها جعلت أناسًا يتلقَّون هؤلاء الضائعين، ومِن المعلوم أن من ضاع له طفل بهذه السن أنه أول ما يذهب إلى الشرطة الذين يتلقون هؤلاء فيحصل بهذا خير كثير.

وعلى ظاهر كلام المؤلف أن من وجده أخذه على أنه لقيط، ولكن هذا فيه نظر ظاهر، فالصواب إذن أن اللقيط طفل لا يعرف نسبه ولا رِقُّه نُبِذ فقط، ولا نقول: أو ضل؛ بل نقول: أن الضال يُبحث عن أهله.

ولهذا اقترح بعض الناس اقتراحًا جيدًا، قال: ينبغي في المواسم؛ مواسم العمرة والحج أن يُكتب على ظهر كل إنسان بطاقة من الصغار دول، يُكتب بطاقة: هذا فلان بن فلان، رقم هاتف أبيه كذا وكذا، وهذا طيِّب؛ لأنه يستريح الذي يجده، ويستريح أهله أيضًا؛ فهو اقتراح من أحسن ما يكون.

وأنتم تعلمون أن بعض الْحُجَّاج الذين يقدمون من بلاد بعيدة يكتب على إحراماتهم ولَّا لا؟ إي نعم، فإذا كان الحاج وهو بالغ عاقل يكتب عليه لئلا يضيع، كيف عاد الأطفال؟

فهنا من المستحسن أن من معه طفل في هذه المواسم أنه يجعل كتابة على ظهره، هذا فلان بن فلان، ورقم والده، أو رقم أهله كذا وكذا، حتى يستريح الجميع.

ص: 2317

يقول: (نُبِذ أو ضل)، ثم قال:(وأخذُه فرْض كفاية) يعني إذا وجد هذا اللقيط فإنه يجب على المسلمين أن يأخذوه، وهو فرْض كفاية؛ وفرض الكفاية هو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين؛ ولكن هل يجب على أول من يراه أن يأخذه؟

نقول: هذا هو الأصل، يجب على أول من يراه أن يأخذه؛ لأننا لو لم نقل بهذا وقلنا للأول: ما فيه مانع تتركه، وجاء الثاني نقول: ما فيه مانع تتركه، وهذا لا شك أنه يضيع الطفل لا سيما إذا كان في أيام الحر مثلًا وأيام الصيف يحتاج إلى رعاية، أو أيام الشتاء والبرد في البلاد الباردة.

فعلى هذا نقول: هو فرْض كفاية صح؛ لكن يجب على أول من يجده أن يأخذه، إلا إذا رأى شخصًا آخر يقول: دعْه لي، فهنا نقول: حصلت الكفاية.

وبالمناسبة اختلف العلماء رحمهم الله أيهما أفضل: فرْض الكفاية أو فرْض العين، منهم: من رجَّح فرض الكفاية وقال: إن القائم به يُسقِط الفرض عن جميع الناس، فكأنه حصل على أجْر جميع الناس، ومنهم من قال: فرْض العين أفضل؛ لأنه طُلِب من كل واحد، وهذا القول هو الراجح -بلا شك- أن فرْض العين أفضل؛ لأنه لولا أن الله تعالى يحبه ويحب من عباده أن يقوموا به جميعًا ما جعله فرْض عيْن.

(وأخذُه فرض كفاية وهو حُرٌّ) في وقتنا الحاضر -والحمد لله عندنا في السعودية- الحكومة جعلت لمثل هؤلاء دُورًا معينة، تسمى دُور الرعاية أو ما أشبه ذلك من العبارة، فهنا يؤخذ هذا الطفل، ويُجعل في بيت الرعاية، في دار الرعاية، لكن لو أراد لاقطه أن يكون له عنده في حضانته، فهل يُمنَع؟ لا، لا يُمنع، لكن سيأتينا إن شاء الله أنه لا بد من شرْط.

قال المؤلف: (وهو حُرٌّ) هو الضمير يعود على؟

طالب: اللقيط.

الشيخ: اللقيط، يعني لا يقول واجده: إنه عبد، أنا أعتقته، أنا أخذته، فهو عبد لي أبيعه وأشتري بدله. لا، هو حُرٌّ، حتى لو كان في حي أهله عبيد فإنه حُرٌّ؛ لأن الأصل في بني آدم؟ قل.

طالب: الحرية.

الشيخ: الأصل في بني آدم الحرية.

ص: 2318

ثم قال: (وما وُجد معه أو تحته ظاهرًا أو مدفونًا طريًّا، أو متصلًا به كحيوان وغيره أو قريبًا منه فله) أي: للقيط.

قوله: (ما وُجِد فله)(ما): مبتدأ، والخبر:(فله).

(ما وجد معه) أي: مع اللقيط، مثل: أن يكون في جيبه، أو معلق برقبته، أو ما أشبه ذلك، فهذا له.

وهذا يقع أحيانًا، اللُّقَطة يكون الذي نبذهم يجعل في رقابهم إما دراهم، وإلا طعام، وإلا وعاء لبن حليب يعني، فيكون له، كذلك ما وُجد تحته فهو له، يعني مثلًا هذا اللقيط مضجع، ووجدنا تحته سُرَّة دراهم فهو له.

يقول المؤلف: (سواء كان ظاهرًا) يعني غير مدفون (أو مدفونًا طريًّا) يعني دفنه قريب، فإن وُجِد تحته مدفون، لكنه قديم فليس له؛ لأن قرينة الحال تدل على أنه ليس له، لكن إذا عرفنا الآن الأرض منفوشة، ووجدنا تحت هذا المنفوش دراهم، والطفل فوقه؛ فهذه الدراهم الموجودة تكون للطفل.

فإن قال إنسان: كيف تكون له وهي مدفونة؟ قلنا: نعم، ربما يكون الذي نبذه دفن هذه النفقة حِفاظًا عليها؛ لأنه من الجائز أن الطفل ينقلب فتبرز الدراهم. إذن الذي تحته ظاهرًا أو مدفونًا طريًّا هو له.

(أو متصلًا به) يعني ما وجد متصلًا به، كيف متصلًا به؟ نعم، يقول:(كحيوان وغيره)، هذا طفل منبوذ وجدنا فيه صخرة صغيرة مربوطة به تكون هذه الصخرة لمن؟ لواجده أو لمن؟

طالب: (

).

الشيخ: أيش اللي قلنا؟

الطالب: صخرة صغيرة مربوطة به.

الشيخ: لهذا الطفل تكون له؛ لأن ربطها بها يدل على أن صاحبها قد جعلها له.

وقوله: (كحيوان وغيره) يعني كإبريق، إناء، كيس من الطعام، أي شيء.

(أو قريبًا منه) هذه تحتاج إلى تفصيل في الواقع، إذا وجد شيئًا قريبًا منه فهو له، وهذا مُسلَّم إذا كان هناك قرينة تدل على أنه له، وإلا فيكون الذي كان قريبًا منه يكون لُقطة؛ لأن الأصل عدم الملك، لكن إذا وُجِد قرينة مثل أن يكون الطفل ملفوفًا بخرقة، وما حوله ملفوف بخرقة مثلها فإنه يدل على أنه تبع له.

ص: 2319

قوله: (قريبًا منه) قيَّد إذا كان هناك قرينة.

قال: (ويُنفق عليه منه) يعني الواجِد (يُنفِق عليه) أي: على هذا اللقيط (منه) أي: مما وجد معه، بدون إذن الحاكم؟ نعم، بدون إذن الحاكم؛ لأنه وليه فينفق .. ويش قلنا؟

طالب: ينفق على اللقيط من المال الذي وجد معه بدون إذن الحاكم.

الشيخ: نعم، بدون إذن الحاكم.

(ويُنفق عليه منه)(وإلَّا) يعني وإن لم يُوجد شيء معه (فمن بيت المال).

إذا كان الحصول على بيت المال يحتاج إلى وقت، إلى أوراق ومعاملة تدور بين الدوائر، والطفل الآن محتاج إلى الرضاع، فماذا نعمل؟ يُنفق عليه الواجد؛ لأن الإنفاق عليه فرْض كفاية، فإذا كانت المعاملة تحتاج إلى مدة؛ قلنا: أنفِق الآن.

وهل إذا أنفق يرجع على بيت المال أو لا؟ أو فيه تفصيل إن نوى الرجوع رجع وإلا فلا؟

طالب: الثاني.

الشيخ: الثاني أقرب؛ أنه إذا نوى الرجوع يرجع، وإن لم ينوِ الرجوع فقد قام بواجب عليه، ولا يرجع به على أحد.

(وإلا فمن بيت المال)، ثم قال:(وهو مسلم).

طالب: تعلمون الآثار المترتبة على حال اللقيط، فالغالب أنه يفسد لا في الدِّين ولا في الخلق، ما ترون يا شيخ جراء لهذا أن القول في نكاح أُمِّه واستلحاقه أنه .. ؟

الشيخ: لا، ما يمكن، ما يمكن استلحاقه قبل أن يتزوجها.

الطالب: إذا حملت به؟

الشيخ: حملت ما صار لقيطًا.

الطالب: وسيكون لقيطًا مآله إلى.

الشيخ: ما هو على كل حال.

الطالب: لماذا يا شيخ؟

الشيخ: ربما إن أمه ترغب الولد أن يكون عندها.

الطالب: لكن ما يكون هناك سبب ..

الشيخ: المهم ما يمكن أن يكون لقيط إلا إذا كان انفصل عن أمه ونُبِذ، واستلحاقه بعد أن ينفصل لا يُمكن.

طالب: (

) بالنسبة للقيط، كيف يُسمى أو ماذا يسمى؟

الشيخ: التسمية، إي نعم، نُسَمِّه عبد الله ما هي مشكلة، لكن الاسم الثلاثي والرباعي، ما يمكن نقول: هو عبد الله بن عبد الكريم بن عبد الرءوف بن عبد الرحيم.

طالب: يصبح عائلة.

الشيخ: عائلة نعم، يُصبح فيما بعد عائلة.

ص: 2320

طالب: عائلة عبد الكريم.

الشيخ: عائلة عبد الكريم.

طالب: يا شيخ -عفا الله عنكم- فيه يا شيخ يحدث كثيرًا في مثل هذه الرفوف اللي هي في المسجد الآن، يكون ليس في موضع حذاء الإنسان إنما بجانبه تمامًا، والحذاء نفس النوعية والماركة والرقم، فتؤخذ، ولكن الإنسان ما يجزم أن اللي أخذها صاحب هذه اللقطة؟

الشيخ: إي، تكون لُقطة، الباقي في الرف لقطة، حذاؤك أنت تدوِّر صاحب دكان قريب من المسجد وتشتري منه، وينتهي الموضوع.

الطالب: ولكن شيخ، إذا بقيت مثلًا ليوم أو يومين، وما أحد أخذها؟

الشيخ: ما تأخذها أبدًا، إلا إذا علمت مثلما مثَّلنا، رجلان في المسجد، الحمد لله.

طالب: لكن القرينة يا شيخ، نفس الرقم اثنان وأربعون، وهذه اثنان وأربعون؟

الشيخ: والله ما يمكن، الآن الناس يشكون من سرقات الأحذية عند المساجد خصوصًا الحذيان الزين، أنا سمعت كثيرًا من هذا.

طالب: عفا الله عنك يا شيخ، بالنسبة للذي (

).

الشيخ: كيف؟

الطالب: إذا يكبر اللاقط (

).

الشيخ: إذا كبر اللاقط يُقال: أنت يا فلان عبد الله بن عبد الكريم بن عبد الرحيم.

الطالب: عائلة اللاقط يا شيخ مثل (

).

الشيخ: هؤلاء أجانب منه إلا إذا أرضعته المرأة صارت أمه من الرضاعة، وصارت بناتها أخواته من الرضاعة.

طالب: في باب اللُّقَطة فيه أشياء تتعلق بها همة أوساط الناس، لكن أوساط الناس مثلًا لا يُبحث عنها إلا بعد أسبوع، شهر، شهرين وتُترك.

الشيخ: حلو، واحد بيلقي مثلًا بمئة ريال يدور لك مدى الدهر.

الطالب: لكن (

) التعريف ظنًّا منه أنه حول كامل، هل (

) في الغالب؟

الشيخ: لا، لازم الحول الكامل؛ لأنه ربما يكون صاحب اللُّقطة راح عن البلد، ويرجع إليه بعد شهر أو شهرين أو ما أشبه ذلك.

طالب: شيخ -بارك الله فيكم- بالنسبة للمولود من الزنا والسؤال يا شيخ تابع لسؤال الشيخ، يعني يكفر مع وجود التوبة والرجعة.

الشيخ: هل أيش؟

ص: 2321

الطالب: المولود من الزنا ومع وجود الصحوة والراجعين إلى الله عز وجل التائبين يعني ..

الشيخ: إي، هل؟

الطالب: إذا كان الإنسان فكَّر بعد ما ابتُلي بالفاحشة أنه يتزوج هذه المرأة إذا تابت، فهل الولد الحاصل بينهما يمكن استلحاقه به بالرجل يعني؟

الشيخ: هذا لا نُفتي به في هذا المكان، إذا وقعت مسألة بعينها أعاننا الله على الفتوى بها.

الطالب: تقع كثيرًا يا شيخ.

الشيخ: إذا وقعت بعينها.

الطالب: سُئلت هذا.

الشيخ: إذا وقعت بعينها.

الطالب: وقعت بعينها يا شيخ.

الشيخ: ما هي عليك، إذن ما هي بعينها.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- امرأة أرادت تشرب ماء زمزم عند البئر، فوضعت عباءتها في مكان، فلما رجعت تريد تأخذ عباءتها وجدت عباءة أخرى.

الشيخ: وهي ما تشرب إلا واضعة عباءتها؟ ليش ما بتأحذها معها؟

الطالب: (

).

الشيخ: كيف؟ على كل حال هي مثل غيرها مثل الرجل يضع نعليه ولا يجده.

طالب: شيخ -بارك الله فيك- ذكرنا أنه ما يوجد مع اللقيط فهو له، ولكن يا شيخ إذا كان دراهم.

الشيخ: إذا كان؟

الطالب: إذا كان دراهم، فهل يجوز لمن أخذه أن ينتفع بهذه الدراهم؟

الشيخ: لا؛ ينفق عليه منها.

طالب: إذا خرج إنسان من المسجد وجد نعل (

).

الشيخ: يعني زوجي النعلين أخذهما.

الشيخ: أيش تقولون في هذه الصورة هذه؟ يقول: لما خرج وجد نعل (

) ما هي نعلته، (

) نعلة الأخ اللي خدها.

الطالب: يعني نفس اللون والحجم؟

الشيخ: إي: يقع يا هذا.

طالب: اتسرقت قبل.

الشيخ: اتسرقت أنت؟

الطالب: هنا في المسجد يا شيخ.

الشيخ: الحمد لله، ويش سويت؟

الطالب: (

).

الشيخ: جزاك الله خيرًا، لكن إذا كان واحدة مثلًا جديدة وواحدة عتيقة، الظاهر أن ما أحد لابسها؛ لأن حتى الناس يتنقصونه، لكن إن كان هي مقاربة، فأرجو أن يكون هذا يأخذها ولا عليه.

طالب: (

).

الشيخ: إي نعم.

الطالب: (

).

ص: 2322

الشيخ: والله الظاهر يمكن هذا، يمكن طاح من السيارة، هذا ما هو لقيط؛ لأنه ما نبذ، هذا يدخل في قوله:(أو ضل) وقد عرفت أن القول الراجح أن الضال لا يدخل في اللقيط.

الطالب: لُقطة.

الشيخ: لقطة.

طالب: (

).

الشيخ: إذا كان لقطة، وصار لا تتبعه همة أوساط الناس فهو له سواء كان أُخِذ متاعه أو لا.

طالب: إذا وجد على الخط السريع وجد لقطة؟

الشيخ: هذه مرت علينا، لكنك نسيت، ماذا قلنا فيها؟ قلنا: يُعرِّفها في أقرب البلاد، الخط السريع، يُعرِّفها في أقرب البلاد.

الطالب: (

).

الشيخ: يعني أقل من الكيلو.

الطالب: بعيدة، مسافة بعيدة.

الشيخ: طيب، أي البلدتين أقرب؟

الطالب: ليست إلى أيهما أقرب، بلدة المسافة بعيدة؛ يعني بيننا وبين المدينة.

الشيخ: بينك وبين المدينة، إذا كان في نصف الطريق معناه تعرفها بكلتا القريتين، فهمت؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: لكن في الغالب أنه قد يكون الشيء الذي يسقط هكذا، لو كان في البلد تتبعه همة أوساط الناس، لكن في هذا تجد الرجل يقول: خلاص أيس منه، مثل لو وقع كرتون من هذه أجرار الماء، جرة الماء معروفة، لو سقط كرتون، صاحبه لا يهتم به، ولهذا لو ذكر عن قُرب ما يرجع، لكن لو وجدت مثلًا صندوقًا فيه حلي ذهب، يرجع ولَّا ما يرجع؟

طلبة: يرجع.

طالب: يا شيخ، إذا ضل من لا عقل له (

الشيخ: أما ذكرنا لكم أن مسألة الضال هذه لا ترد على القول الراجح، لا ترد أصلًا.

الطالب: (

).

الشيخ: مربط يعني؟

الطالب: لا (

).

الشيخ: إي نعم، مثل الطفل يقول: هنا يجب أن يعرف يسأل عنه، يبحث عن أهله.

طالب: يا شيخ -أحسن الله إليك- بالنسبة للمرأة تفقد عباءتها، قد يا شيخ يحدث هذا مثلًا في الولائم لما تدخل النساء ينزعن يعني العباءت.

الشيخ: صحيح، إي نعم.

الطالب: عباءتهم، ولما يطلعن، وكل واحدة تأخذ عباءة غيرها.

الشيخ: هي مثلًا ما لها حد، الصور كثيرة، ما لها حد.

الطالب: كيف تعمل يا شيخ؟

ص: 2323

الشيخ: نفس اللي قاله الأخ يكون لقطة.

الطالب: تُعرِّفها يعني؟

الشيخ: تُعرِّفها وإلا تتركها.

الطالب: ما ممكن تطلع بغير عباءة يا شيخ؟

الشيخ: إذا كان ممكن تطلع بغير عباءة تستعير من أختها.

الطالب: وفي الحرم يا شيخ كيف تصير؟

الشيخ: حتى الحرم؟

الطالب: منين تستعير في الحرم؟

الشيخ: كيف؟

الطالب: إذا قلنا: إنها تستعير، منين تستعير في الحرم؟

طالب آخر: تشتري.

الشيخ: ما أدري.

طالب: (

).

الشيخ: أيش؟

الطالب: (

).

الشيخ: لا، هذا مثل الضمان الثاني مثل لو وافقت واحد (

) في وسط المسجد (

) ضمان يعني (

) رجل ادعى أن اللقطة له، فهل يلزم دفعها إليه؟

طالب: لزم.

الشيخ: لزم دفعها إليه، خطأ.

الطالب: (

).

الشيخ: يعني إذا وصف.

الطالب: (

).

الشيخ: ألا يمكن أن يقال للاقط؛ يعني واجِد اللُّقطة أن يقول: لا أدفعها إلا ببينة.

الطالب: (

).

الشيخ: نعم، أحسنت؛ لأن صاحبها ليس له (

).

لكن لو خاف بأن كانت هذه اللُّقطة يعني موجودة بكثرة بين الناس، كل إنسان يمكن أن يأتي ويقول: هي لي.

الطالب: (

).

الشيخ: يعني له ذلك أن يطلب البينة. صحيح، إذا خاف من أحد يرجع عليه فله أن يطلب البينة.

رجل ترك حيوانًا بفلاة عاجزًا عنه، فهل يملكه آخذه؟

طالب: لا يملك أخذه.

الشيخ: لا يملك أخذه، خطأ.

الطالب: (

).

الشيخ: يملكه آخر، هذا ما مشى عليه المؤلف إذا تركه عجزًا ملكه آخر، أو الانقطاع ملكه آخر.

هل هناك قول آخر؟

طالب: (

).

الشيخ: ما ندري هذا صاحبه لما وجده مع الرجل قال: هذا ملكي.

الطالب: (

).

الشيخ: اللي مشى عليه المؤلف يقول: يملكه آخذه، وليس لصاحبه أن يقال، لكن أسأل: هل فيه قول آخر؟

طالب: (

).

الشيخ: أنا أقول لك: من تركه عجزًا.

الطالب: لمالكه.

الشيخ: فهو لمالكه.

طالب: (

).

ص: 2324

الشيخ: القول الثاني، وهذا هو الراجح؛ لأن الأصل بقاء ملكه، ودائمًا الإنسان يعجز عن الشيء، ويدعه على أساس أنه سوف يرجع إليه، ويحاول أخذه، على هذا الرأي ضُم هذه المسألة إلى ما ذكر في باب الجعالة أن من عمل لغيره عملًا لم يستحق شيئًا إلا.

طالب: (

).

الشيخ: إلا رد (

). أو إذا أنقذه من هلكة. هل يجوز أن ينشد الضالة في المسجد؟

طالب: لا يجوز.

الشيخ: ليش؟ مجتمع الناس.

الطالب: (

).

الشيخ: أيش؟

الطالب: (

).

الشيخ: مو هذه من مصلحة المسلمين؟ الواجد يبرأ منها وصاحبها يأخذها.

الطالب: (

).

الشيخ: (

) أخشى أن واحدًا يطلع من على الباب الثاني ولا يسمع.

الطالب: (

).

الشيخ: أيش؟

الطالب: (

).

الشيخ: هو هذا، هو الآن ضال.

طالب: (

).

الشيخ: فقولوا، ويش يقولوا؟

الطالب: لا ردَّها الله عليك.

الشيخ: لا ردها الله عليك، هل نقول: فإن المساجد لم تُبنَ لهذا، أو إن هذا تعليل للحكم الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام، تعليل إذا ما نقول: إن المساجد لم تبنَ لهذا.

يقول: نصيح فيه: لا ردها الله عليك، لا ردها الله عليك.

طالب: (

).

الشيخ: ويش نقول؟ يعني هل نقول: إذا سمعنا أحدًا يقول: من عيَّن الضالة هل نقول: لا ردها الله عليك، ونسكت، ولَّا نقول: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تُبنَ لهذا؟

الطالب: (

).

الشيخ: لا، نحن ما بناهرينه، بس بنقول: لا ردها الله عليك.

الطالب: (

).

الشيخ: الحديث يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن نقول كل الجملة؛ لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبنَ لهذا، ويحتمل أن الرسول قال ذلك تعليلًا للحكم وهو قوله:«قُولُوا: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ» (3).

ص: 2325

كأن سائلًا يسأل: لماذا نقول ها الكلام؟ قال: لأن المساجد لم تُبنَ لهذا. وعليه فنقول: ينظر للمصلحة إذا كان من المصلحة أن يقول: لا ردَّها الله عليك؛ فإن المساجد لم تُبنَ لهذا فليقُلها، تطمينًا لنفسه وقلبه وبيانًا للعلة والحكمة وهذا أحسن؛ لأنك لو قلت: لا ردها الله عليك، وصِحْت به: لا ردها الله عليك سيكون في قلبه شيء، لكن إذا قلت: فإن المساجد لم تُبنَ لهذا؛ اطمأن.

قال: (وهو) أي اللقيط (مسلم) يعني يُحكَم بإسلامه، لأن الأصل أن كل مولود يولد على الفطرة، وهذا مالم يكن في بلد كفار، إن كان في بلد كفار؛ كرجل سافر إلى بلاد الكفر لتجارة أو زيارة أو علاج فوجد لقيطًا وأهل البلد كلهم كفارًا، والبلد بلد كفار، فهنا نحكم بكفره تبعًا للدار من وجه، وحُكمًا بالقرينة من وجه آخر تبعًا للدار؛ لأن الدار دار كفر؛ قرينة؛ لأن الغالب أن من كان في بلد كل أهله كفار أو غالبهم أنه منهم.

لكن إذا وُجِد في بلاد الإسلام، أو في بلد أكثر أهله إسلام فإنه يُحكَم بإسلامه، ويترتب على هذا -إذا حكمنا بإسلامه- أنه لو مات هذا الطفل قبل أن يبلغ فإننا نُغسِّله، ونُكفِّنه، ونُصلي عليه، وندفنه في مقابر المسلمين، ويرثه من يرثه من المسلمين، مثل إذا حكمنا بأن الميراث للاقط يرثه.

لكن سيأتي ذكر لمن يكون ميراثه.

قال: (وهو مسلم وحضانته لواجده الأمين)(حضانته) يعني ضمه وتربيته وكفالته (لواجده الأمين).

لكن اشترط المؤلف أن يكون أمينًا، فإذا كان الذي وجده امرأة والمرأة أمينة لا نخشى عليه لوجوده عندها فحضانته للمرأة، إذا كان رجلًا أمينًا فحضانته للرجل.

إذا كان غير أمين مثل أن يكون فاسقًا أو مشهورًا باستلاب الأموال فإنه لا حضانة له؛ لأن المقصودَ بالحضانة في كل أحوالها هو حفْظ المحضون والقيام بمصالحه، فإذا عرفنا أن الواجد ليس بأمين فلا له حضانة له.

ص: 2326

(لواجده الأمين، ويُنفق عليه بغير إذن الحاكم) يُنفق عليه الواجد بغير إذن الحاكم؛ أي دون أن يستأذن من القاضي؛ لأن الحضانة له، لكن من أين ينفق؟ ينفق مما معه، وسبق أن ما كان معه أو قريبًا منه أو مدفونًا طريًّا فهو له، فينفق عليه مما معه بغير إذن الحاكم؛ والمراد بالحاكم -إذا أُطلق في كلام الفقهاء- القاضي.

(وميراثه وديته لبيت المال)(ميراثه) إن خلف مالًا، وديته إن قُتل لبيت المال؛ لأنه ليس له وارث.

وأسباب الإرث ثلاثة: النكاح، والنسب، والولاء. وهذا ليس له سبب؛ لا نكاح، ولا نسب، ولا ولاء، فيكون ميراثه لبيت المال، أفهمتم؟

طيب لو تزوج هذا اللقيط؛ كبر وتزوج، وأتاه أولاد، فميراثه لمن؟ لورثته، للزوجة إن بقيت معه ولأولاده، لكن إذا لم يتزوج فإن ميراثه يكون لبيت المال.

(ديته) إن قُتِل فهي لبيت المال؛ لأن الدية في حُكم الموروث؛ ولهذا لو أوصى الإنسان بثلثه، وأحصينا ماله بعد أن قُتل فإننا نضم الدية إلى المال، ويُخرج ثلث الدية كما يُخرج ثلث بقية المال.

(وميراثه وديته لبيت المال، ووليه في العمْد الإمام) يتعين أي (يتخير بين القصاص والدية).

(وليه) أي: ولي اللقيط (في العمد) أي: في القتل العمد.

(الإمام يتخير بين القصاص والدية) فأيهما أنفع يفعله، أحيانًا يكون القصاص أنفع وأحيانًا تكون الدية أنفع وإذا ترددنا فالدية.

أحيانًا يكون القصاص أنفع إذا كان الذي قتله عمدًا معروفًا بالشر والفساد والعدوان، فهنا أيش؟ القصاص أنفع.

فلو قال قائل: أنتم إذا اقتصصتم منه فوَّتُّم ديته على بيت المال؟

قلنا: لكننا إذا نظرنا إلى المصلحة العامة رجَّحنا القصاص.

(الدية) أحيانًا يكون القاتل عمدًا ليس معروفًا بالشر والفساد، وربما يكون عن نزاع بينه وبين هذا اللقيط فقَتَله، فهنا قد نقول: إن الدية أفضل؛ أخذ الدِّية هنا أفضل، ولكن هل هذا التخيير بين القصاص والدية هل هو تخيير إرادة أو تخيير مصلحة؟

طالب: تخيير مصلحة.

ص: 2327

الشيخ: الثاني، تخيير مصلحة، وكل من ..

ووَلِيُّه في العَمْدِ الإمامُ يَتَخَيَّرُ بينَ الْقِصَاصِ والدِّيَةِ، وإن أَقَرَّ رجلٌ أو امرأةٌ ذاتُ زَوجٍ مسلمٍ أو كافرٍ أنه وَلَدُه أُلْحِقَ به ولو بَعْدَ موتِ اللقيطِ، ولا يَتْبَعُ الكافرَ في دينِه إلا ببَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أنه وُلِدَ على فِراشِه، وإن اعْتَرَفَ بالرِّقِّ معَ سَبْقِ مُنافٍ، أو قالَ: إنه كافرٌ ، لم يُقْبَلْ منه، وإن ادَّعاهُ جَماعةٌ قُدِّمَ ذو الْبَيِّنَةِ، وإلا فمَن أَلْحَقَتْهُ القافةُ به.

(باب الوقف)

وهو تَحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ الْمَنفعةِ، ويَصِحُّ بالقولِ وبالفعلِ الدالِّ عليه كمَن جَعَلَ أَرْضَه مَسْجِدًا وأَذِنَ للناسِ في الصلاةِ فيه، أو مَقبرةً وأَذِنَ في الدفْنِ فيها، وصَرِيحُه: وَقَفْتُ، وحَبَسْتُ، وسَبَلْتُ. وكِنايتُه: تَصَدَّقْتُ وحَرَّمْتُ وأَبَّدْتُ.

(وديته لبيت المال، ووليه في العمد الإمام يتخير بين القصاص والدية)(وليه) أي: ولي اللقيط، (في العمد) أي: في قتل العمد.

(الإمام يتخير بين القصاص والدية) فأيهما أنفع يفعله، أحيانًا يكون القصاص أنفع، وأحيانًا تكون الدية أنفع، وإذا ترددنا فالدية.

أحيانًا يكون القصاص أنفع إذا كان الذي قتله عمدًا معروفًا بالشر والفساد والعدوان، فهنا القصاص أنفع.

فلو قال قائل: أنتم إذا اقتصصتم منه فَوَّتم ديته على بيت المال؟

قلنا: لكننا إذا نظرنا إلى المصلحة العامة رجحنا القصاص.

الدية؛ أحيانًا يكون القاتل عمدًا ليس معروفًا بالشر والفساد، وربما يكون عن نزاع بينه وبين هذا اللقيط فقتله، فهنا قد نقول: إن أخذ الدية هنا أفضل، ولكن هل هذا التخيير بين القصاص والدية هو تخيير إرادة أو تخيير مصلحة؟

طالب: تخيير مصلحة.

الشيخ: الثاني؛ تخيير مصلحة، وكل من خُيِّر بين شيئين وهو متصرف لغيره فالمراد المصلحة، أما من خُيِّر بين شيئين للتوسيع عليه ولا يتعلق بغيره فهو تخيير إرادة.

ص: 2328

وقول المؤلف رحمه الله: (ووليه في العمد الإمام) ولم يقل: أو نائبه، ولم يقل: الحاكم الذي هو القاضي.

فيقال: أما الأول فقد عُلِمَ في كلام الفقهاء رحمهم الله أن نائب الإمام يقوم مقام الإمام، فمثلًا في عرفنا الآن في مسألة القصاص والحدود وما أشبهها نائب الإمام في هذا؟

طلبة: القاضي.

الشيخ: لا، وزير الداخلية، ووزير الداخلية له نواب، وهم الأمراء والمحافظون، فعلى هذا نقول: الإمام أو نائبه، كما جرى ذلك في كلام الفقهاء في مواضع كثيرة.

(وإن أقرَّ رجل أو امرأة ذات زوج مسلم أو كافر أنه ولده أُلْحِقَ به) إن أقر رجل أو امرأة ذات زوج أنه له فإننا نلحقه بدون بينة؛ لأن الشرع يتشوف إلى إلحاق الأنساب.

وظاهر كلام المؤلف أنه سواء أقر .. ، بل صرح به قال:(أُلْحِقَ به ولو بعد موت اللقيط) هذا رجل علم باللقيط، فجاء إلى القاضي أو إلى الأمير أو إلى المحافظ قال: هذا ولدي، فيلحق به، إلا إذا علمنا كذب الدعوة؛ مثل أن يأتي وله عشر سنوات يقول: الولد ولدي، يمكن هذا ما يمكن؟ أو يأتي وله عشرون سنة واللقيط الآن له اثنتا عشرة سنة، يمكن؟

طلبة: ما يمكن.

الشيخ: انتبهوا يا جماعة، ما يمكن، الظاهر أن الأخ يقول: يمكن.

طالب: لا، لا يمكن.

الشيخ: ليش؟ لماذا؟

الطالب: إذا كان اثنا عشر سنة (

) سنوات.

الشيخ: ما يمكن يُولَد له.

الطالب: هذا غريب.

الشيخ: غريب ولَّا غير ممكن؟

الطالب: أو مستحيل.

الشيخ: مستحيل، عادةً مستحيل.

إذن نقول: لا بد من إضافة قيد؛ أن يمكن صحة الدعوى، فإن لم يمكن صحة الدعوى فإنه لا يُقْبَل؛ ولهذا قال المؤلف:(أو امرأة ذات زوج) لو ادعت امرأة ذات زوج أنه ولدها، يُقْبَل أو لا يُقْبَل؟

طلبة: يُقْبَل.

الشيخ: يُقْبَل، لو أنكر الزوج؛ قال زوج المرأة: ليس هذا ولدًا لي، أُلْحِقَ بالمرأة ولم يُلْحَق بالزوج؛ لاحتمال أن يكون هذا الولد أتاها قبل أن تتزوج، أو أنها وُطِئَت بشبهة أو بزنًا، وزوجها لا يريد أن يستلحقه.

ص: 2329

إن لم تكن ذات زوج يلحق بها أيضًا من باب أولى؛ لأنه إذا كانت ذات الزوج تُقْبَل دعواها أنه ولدها، فمن لم يكن لها زوج من باب أولى، اللهم إلا إذا كذَّبها الواقع؛ بأن تكون بكرًا وتقول: هذا الولد لي، فلا يُقْبَل.

قال: (أو كافر) معطوف على (مسلم) يعني: سواء كان المقر بأنه ولده كافرًا أو مسلمًا، إن كان مسلمًا فالأمر ظاهر ولا إشكال فيه، إذا جاءنا رجل مسلم قال: هذا اللقيط ولدي، قلنا: خذه، بارك الله لك في ولدك، إذا كان كافرًا نلحقه به، لكن لا نمكنه من حضانته، نقول: نعم، الولد الآن ولدك، لكن الولد محكوم بإسلامه، ولا حضانة لك عليه.

إذن ما الفائدة بإلحاقه؟ النسب؛ لأن هذا الكافر ربما يُسْلِم يومًا من الأيام، فيرد اللقيط إليه ويتوارثان، والشارع له تَشَوُّف بالغ في إلحاق النسب.

(أو كافر أنه ولده أُلْحِقَ به) أي: صار ولدًا له، وصار أولاد المدعي أيش؟

طالب: إخوانه.

الشيخ: أخوة له.

CID=8947 قال: (ولو بعد موت اللقيط) هذه إشارة خلاف؛ يعني: يُلْحَق به ولو بعد موت اللقيط.

ومن العلماء من يقول -القول الثاني؛ المذهب- يقول: ولو بعد موت اللقيط؛ لأن للشارع تشوفًا في إلحاق النسب، ولم يَدَّعِه أحد، فليكن ولدًا له.

القول الثاني أنه بعد موت اللقيط لا نطلق أنه يُقْبَل، بل في ذلك تفصيل؛ إن كان هناك تهمة فإنه لا يُلْحَق به، والتهمة أن يكون لهذا اللقيط أموال كثيرة فيدعي بعد موت اللقيط أن اللقيط ولده؛ من أجل أن يرث هذه الأموال، فهذا لا نقبله؛ لأن التهمة هنا قائمة قيامًا تامًّا، ثم أي فائدة من حيث النسب، أي فائدة نحصل عليها وهو قد مات ولم يخلف ذرية ولا شيء؟ !

وهذا القول الثاني -وهو الصواب- أنه بعد موت اللقيط إذا قامت التهمة والقرينة على أنه إنما يريد المال فإننا لا نلحقه به.

ص: 2330

قال: (ولا يتبع الكافرَ في دينه إلا ببينة تشهد أنه ولد على فراشه) أي كافر؟ الكافر الذي ادعاه نحكم بأنه ولده، ولا نحكم بأنه على دينه؛ لأنه سبق لنا أن اللقيط مُسْلِم.

قال: (ولا يتبع الكافرَ في دينه إلا ببينة تشهد أنه ولد على فراشه) فإذا أقام بينة بأنه وُلِدَ من زوجته أو أنه وُلِدَ من سُرِّيَّته فهنا لا بد أن نلحقه به؛ نسبًا ودينًا، حتى يبلغ سن التمييز ويختار من الأديان ما شاء.

(وإن اعترف بالرق مع سبق منافٍ أو قال: إنه كافر لم يُقْبَل منه)(إن اعترف) الضمير يعود على؟

طالب: اللقيط.

الشيخ: اللقيط قال: إنه رقيق لفلان، نظرنا: إن سبق ما ينافي دعواه لم نقبل منه؛ مثل أن كان هذا اللقيط يتصرف في بيع وشراء كل شيء، ثم قال: إنه رقيق، فهنا لا نقبل، لماذا؟

طالب: لأنه قد (

) دعواه ما ينافي ..

الشيخ: صحة قوله، نقول: هذا الرجل كان يتصرف بنفسه، ولا يقول: إني أراجع سيدي أو ما أشبه ذلك، فلا نقبل، وأما إذا لم يسبق منافٍ فإنه يُقْبَل.

والقول الثاني أنه لا يُقْبَل؛ لأن الحرية والرق حق لله عز وجل إلا إذا أقام من أقرَّ له بينة على أنه رقيقه، فإننا نحكم بالبينة لا بإقرار اللقيط.

(أو قال: إنه كافر) من اللي قال؟

طالب: اللقيط.

الشيخ: اللقيط، فإننا لا نقبله؛ لأننا حكمنا بإسلامه.

وفائدةُ ردِّ قولِه: إنه كافرٌ أنه إذا أصرَّ على الكفر صار مرتدًا، فيقال له: إما أن تسلم، وإما أن تُقْتَل؛ لأن المرتد لا يُقْبَل منه البقاء على ردته، لكن لو كان كافرًا من الأصل أبقيناه على كفره وأخذنا منه الجزية، حسب ما تقتضيه الشريعة.

(وإن ادَّعاه جماعةٌ قُدِّم ذو البينة) أي: صاحب البينة، (إن ادعاه) أي: اللقيط، (جماعة) كل واحد قال: هذا لي، هذا ابني، إن أقام أحد البينة على أنه ابنه وُلِدَ على فراشه فهو له، وإلا لم يكن لأحدهم بينة، فإننا نعرضه على القافة، والقافة هم قوم يعرفون الأنساب بالشبه، وبنو مدلج من العرب مشهورون بهذا.

ص: 2331

ولهذا لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة ذات يوم وجدته مسرورًا؛ دخل عليها مسرورًا تبرق أسارير وجهه فسألته، فقال لها:«أَلَمْ تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ دَخَلَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَهُمَا قَدْ تَغَطَّيَا فِي رِدَاءٍ قَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» (1)، فسُرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة هذا الرجل القائف الذي لا يعرفهما ولا يعرف أمرهما، وذلك أن قريشًا كانت تتهم زيد بن حارثة؛ لأن أسامة أسود وزيد أبيض، وتقول: هذا ليس ولدًا لهذا، وهذا لا شك أنه يهم الرسول عليه الصلاة والسلام؛ يلحقه الهم؛ لأن زيدًا مولاه وأسامة ابن مولاه، وكلاهما مولاه، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يحبهما، ومعلوم أن الطعن فيهما ليس بأمر هين على النبي صلى عليه وعلى آله وسلم، فشهادة هذا القائف تزيده سرورًا.

المهم أن نعرضه على القافة، وكيف نعرضه على القافة؟

هذا يرجع فيه إلى الأساليب المعتادة؛ إما بأن يُعْرَض الوجه وتُسْتَر الأجسام، أن يُجْعَل حائل ويُعْرَض الوجه.

وإما أن تُعْرَض الأقدام؛ لأن الأقدام -سبحان الله- دليل واضح على الوجوه، حتى إنه عندنا هنا في البلد أناس يعرفون الرجل بقدمه؛ إذا رأى القدم ورأى أصابعه -يقول لي هذا الرجل بنفسه- يقول: كأنني أشاهد وجهه، سبحان الله! عجائب، حتى إنه إذا تسلق الجدار وكانت الجدران من قبل كانت من الطين تتأثر بالأصابع، فإذا سرق -مثلًا- وصعد على الجدار؛ تسلق الجدار عرفه بإبهامه فقط، ويقول: كأني أشاهد وجهه، وإذا دخل على حوش الغنم وسرق وخرج ورأى أثره في الرمل قال: خلاص، هو فلان.

فالمهم أن الوجوه والأقدام تدل على النسب؛ لأن مجززًا المدلجي إنما رأى أقدامهما.

ص: 2332

من ألحقته القافة به لحقه، لا فرق بين أن يكون الأول مدعيًا أو الثاني أو الثالث؛ يعني -مثلًا- لو أحدهم جاء في الساعة الواحدة والآخر في الساعة الثانية والثالث في الساعة الثالثة، كلهم ادعوا أنه ولدهم فإنما نعرضه على القافة، فمن ألحقته به لحقه.

قول القافة في الأنساب معتبر، فهل يُعْتَبر قول القافة في الأموال؟

بمعنى أن القائف إذا قال: هذا القدم الذي هو قدم السارق قال: هذا فلان ابن فلان، هل يُؤْخَذ به، أو يقال: إنه قرينة ويُؤْتَى بالرجل إن أقر، وإلا برئ؟

طلبة: فيها خلاف.

الشيخ: فيها خلاف بين العلماء؛ منهم من قال: إذا عرف بالإصابة بالتجربة فإنه يُؤْخَذ به، وكما قلت لكم قبل قليل: هؤلاء القافة ربما يشهدون شهادة على أن هذا قدم فلان ابن فلان وليس عندهم فيه شك، فيكون قرينة، وتعرفون قضية داود وسليمان {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: 78، 79]، فاستدل بالأثر على المؤثِّر.

إذا ألحقته باثنين؛ قالت: هو ولد لزيد وعمرو يلحق بهما؟

الفقهاء يقولون: يلحق بهما وأنه يمكن الحمل من رجلين، لكن علماء الطب المعاصر يقولون: هذا لا يمكن أن يكون ولد لشخصين، فيدرس الموضوع ويُنْظَر: هل ما قاله الفقهاء هو الواقع أو لا؟ لأن الفقهاء ربما يقولون: الشبه، إذا كان يشبه هذا وهذا يلحق بهما، والشبه أحيانًا يكون الرجل مشابهًا لرجل ليس من قبيلته، فضلًا عن كونه أبًا أو أخًا.

طالب: بارك الله فيكم، سؤال: الطب الحديث يمكن يعني .. ، أو سمعنا أنه يمكن معرفة إلحاق بالنسب عن طريق الدم والتحليلات في مكونات الدم، فهل يُؤْخَذ به إذا ثبت؟

ص: 2333

الشيخ: الدم يقولون لي: ما هو دليل؛ لأنه قد يكون الأب دمه من فصيلة كذا والابن من فصيلة كذا، لكن يمكن الأنسجة أو التي اطلعوا عليها أخيرًا الآن الجينات يمكن، لكن عاد تيجي عاد المسألة الأخيرة هذه الاستنساخ، عاد هذا مشكل، يبقى ما عندنا علم، لكن -كما تعلمون- الأمور هذه يُكْتَفى فيها بالظاهر؛ فإن الشاهدين إذا شهدا يجوز توهمهما ويجوز نسيانهما، والفروض العقلية في الأمور الخبرية غير واردة؛ لأننا لو أردنا أن نرجع إلى الأمور العقلية لكان كل خبر يرد عليه احتمال في العقل.

طالب: أحسن الله إليك، اللقيط الذي وُجِدَ في بلاد الكفار، إذا كان واجده مسلمًا، لماذا لا نحكم بإسلامه مع أنه (

الشيخ: إي نعم؛ لأن الواجد هذا يقول: ليس ولدًا لي، هو نفسه يقول: ليس ولدًا لي، ولا هي مسألة حرب حتى نقول: إن الأسير يتبع من أسره المسألة سلم.

طالب: يا شيخ -بارك الله فيكم- إذا وجدناه في بلاد المسلمين فادعاه كافر، فألحقناه به نسبًا لا دينًا، فكبر هذا اللقيط فاختار الكفر، هل يُقَر عليه أم يُسْتَتاب؟

الشيخ: لا، ما يُقَر عليه؛ لأن الحكم أنه مسلم.

الطالب: (

) بلغ يختار ما شاء من دين؟

الشيخ: إي، يختار ما شاء، لكن لو اختار الكفر ما نمكنه من هذا.

طالب: شيخ، لو ادعاه (

الشيخ: وعلى كل حال إذا كان الأب .. ، تعرف أن الولد يتبع أمه في الحكم، لكن هل يُلْحَق به أو لا؟ هذا محل تأمل.

طالب: المؤلف عبَّر بالقافة بالجمع، هل يُفْهَم منه أنه لا بد أن يكون القائف أكثر من واحد؟

الشيخ: لا، المراد الجنس، ولا القائف الواحد إذا كان عدلًا مجربًا بالإصابة يكفي (

).

في أربع سنوات وقرابة النصف من منتصف عام ألف وأربع مئة، وأربعة عشر في مئة وسبع وثلاثين درسًا، المقصود العلم.

طالب: واجد اللقيط أنفق عليه من ماله الخاص دهرًا طويلًا، ثم مات اللقيط، أفلا يكون أحق أنه يرثه؟

الشيخ: لا يرثه.

الطالب: (

ص: 2334

الشيخ: حقيقة هذه كنت أريد أن أقولها.

القول الثاني في مسألة الميراث أن ميراثه لللاقط، وهذا هو القول الراجح؛ أن ميراث اللقيط لمن وجده، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وجاء فيه حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ومعلوم أن هذا أولى من أن نجعله في بيت المال؛ لأن بيت المال من ينتفع به؟ عامة المسلمين، لكن هذا ينتفع به الواجد الذي تعب عليه وحضنه، وربما يكون هو السبب أيضًا في تحصيل المال، فالصواب القول الثاني في أن من أسباب الإرث الولاء بالالتقاط.

طالب: أحسن الله إليك، إذا ادَّعى رجل أن ابنًا له، ووافقت على ذلك المرأة أن الابن ولد من هذا الرجل، وادعى زوج المرأة أن الابن له؟

الشيخ: زوج المرأة؛ يعني: زوج ثانٍ قبل؟

الطالب: لا، هذا الرجل رجل أجنبي من المرأة، بعدين جاء ابن قال: هذا الابن له من هذه المرأة ..

الشيخ: يعني زانٍ؟

الطالب: إي نعم.

الشيخ: وادَّعى الزوج أنه له، فالقول قول الزوجة؛ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» (2) (

).

طالب: ذرية يا شيخ؟

الشيخ: ذرية من؟

الطالب: ذرية اللقيط.

الشيخ: يعني له ذرية؟

الطالب: نعم.

الشيخ: إذا علمنا أنه ليس قصد المال فلا بأس، نلحقه، إذا علمنا أن هناك قرينة تدل على أنه إنما أراد المال فلا نلحقه.

الطالب: حتى وإن الذرية يعني .. ؟

الشيخ: إي، وإن كان الذرية له، حتى الذرية إذا قدمهم الأب بيأخذ السدس مع الأبناء.

طالب: إذا ادعته -يا شيخ- المرأة اللقيط أنه ولدها (

) فهل (

الشيخ: لا بد يشوف ويش إقرارها؛ هل أقرت أنه ولدها من هذا الزوج؟ نعم يرث، إلا إذا أنكروا الأولاد.

طالب: يا شيخ، بالنسبة لمسألة ادعاء الرق، إذا اعترف بالرق، هل ترد على ما رجحناه قبلًا؟

الشيخ: اللي هي؟

الطالب: أنه لا يمكن أن يكون كبيرًا؛ أن اللقيط يكون (

) فقط ولا يكون ضائعًا.

ص: 2335

الشيخ: لا، ربما يكون بعدما كبر، من بعدما كبر وُجِدَ وهو صغير، ثم بعد أن كبر قال: إنه رقيق لفلان.

الطالب: يتصور؟

الشيخ: إي، يُتَصَور، كيف ما يتصور؟ وجده شخص، ولما كبر هذا اللقيط قال: إنه رقيق للوزير، للأمير، للملك، يُتَصَور.

***

طالب:

كتاب الوقف

وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، ويصح بالقول وبالفعل الدال عليه، كمن جعل أرضه مسجدًا وأَذِنَ للناس في الصلاة فيه، أو مقبرة وأَذِنَ في الدفن فيها.

وصريحه: وقفتُ، وحبستُ، وسبلتُ، وكنايته: تصدقتُ، وحرمتُ، وأبدتُ، فتشرط النية مع الكناية أو اقتران أحد الألفاظ الخمسة أو حكم الوقف.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

اللقيط تناقشنا فيه ولَّا؟

طلبة: (

).

الشيخ: على آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ما مناسبة ذكر حكم اللقيط في باب اللقطة؟

طالب: أنه بعدما ذكر الضياع من الأموال ذكر الضياع من الإنسان.

الشيخ: إذن الجامع بينهما أن في كل منهما ضياع، وإلا لكان الأنسب أن يُجْعَل في باب ما يلحق به النسب.

قال المؤلف: (لا يعرف نسبه ولا رقه نُبِذَ أو ضل) أيش معناها؟

طالب: (

).

الشيخ: لا.

ويش معنى (نبذ أو ضل)؟

طالب: نبذ يعني أن (

).

الشيخ: كيف اللقيط (

الطالب: نعم.

الشيخ: لا.

طالب: نبذ يعني (

)، والضال اللي (

).

الشيخ: طيب، إذن (نُبِذَ) هو المطروح؛ كالذي في المهد مثلًا، (أو ضل) يعني: أنه يمشي ويروح ويجي، لكن ضاع عن أهله ولم يوجد له علامة، ما حكم أخذه؟

طالب: فرض كفاية.

الشيخ: فرض كفاية، لماذا؟ عللْ أو دلِّلْ.

الطالب: لأن حفظه واجب على المسلمين.

الشيخ: لأن حفظه واجب على المسلمين، فصار فرض كفاية.

إذا قتل عمدًا فمن اللي يتولى شأنه؟

طالب: (

) يتخير بين الدية والقصاص أيهما أنفع (

).

الشيخ: هل يمكن أن يكون القصاص أنفع؟

الطالب: يكون أنفع إذا كان القاتل معروفًا بالعدوان (

).

ص: 2336

الشيخ: يكون أنفع، وإذا كان بالعكس فالدية أنفع؛ لأنها تنفع بيت المال.

يقول المؤلف: (إن اعترف بالرق مع سبق مُنَافٍ) أيش معناها؟

طالب: اعترف بالرق مع سبق مُنَافٍ.

الشيخ: من الذي اعترف؟

الطالب: اللقيط.

الشيخ: اللقيط، (بالرق) أي بأنه؟

الطالب: عبد فلان. (مع سبق مُنَافٍ) يعني: مع سبق (

).

الشيخ: يكذبه.

والسبق المنافي هل له ضابط؟

الطالب: هو التصرف الذي لا يصح من العبد.

الشيخ: هو التصرف الذي لا يصح إلا من حر.

لو قال: إنه كافر؟

طالب: لا يقبل.

الشيخ: لا يقبل، هو يقول: إنه كافر؟

الطالب: لا يقبل.

الشيخ: ليش؟

الطالب: لأن الأصل الإسلام.

الشيخ: إذا لم يقبل ما الذي يترتب على هذا؟

الطالب: يترتب على هذا أن يكون مسلمًا.

الشيخ: لكن يقول: إنه كافر الآن؟

الطالب: المولود يولد على الفطرة.

الشيخ: إي، لكن هو يقول: إنه كافر؟

الطالب: اللقيط؟

الشيخ: إي نعم، لقيط كبر صار خمسة عشر سنة.

الطالب: لا يُقْبَل.

الشيخ: إي، ولكن وماذا يترتب على القول: لا يُقْبَل؟

الطالب: يترتب على هذا أن يكون مسلمًا، وإلا يكون مرتدًا.

الشيخ: إي صح؛ يعني: إذا أصر على أنه كافر صار مرتدًا؛ لا نقبل منه إلا الإسلام أو القتل.

يقول المؤلف: (أنه إذا ادعاه مسلم قُبِلَ) إذا ادعاه أنه ابنه يقبل ولو بعد موت اللقيط، (لو) هذه إشارة إلى أيش؟

طالب: إلى خلاف.

الشيخ: إلى خلاف. ما هو الخلاف؟

الطالب: القول الثاني في المسألة إذا كان هناك تهمة فإنه لا يُقْبَل.

الشيخ: نعم، إذا كان هناك تهمة؛ بأن أثرى هذا اللقيط وصار غنيًّا، وكان الذي ادعاه فقيرًا ولم يكن يدعيه قبل ذلك -يعني حياتَه ما كان يدعيه- فإنه لا يُقْبَل.

القافة جمع؟

طالب: جمع (قائف).

الشيخ: جمع (قائف).

الطالب: وهو الذي يعرف الأنساب والأشكال.

الشيخ: الذي يعرف الأنساب؟

الطالب: يعرف الأنساب بالشبه.

الشيخ: بالشبه. هل قولهم معتبر؟

الطالب: نعم، قولهم معتبر.

الشيخ: ما الدليل؟

ص: 2337

الطالب: الدليل حديث مجزز المدلجي حينما دخل النبي صلى الله عليه وسلم -في الصحيح- على عائشة وأسارير وجهه تبرق، فسألته عائشة فقال:«إِنَّ مُجَزِّزًا الْقَائِفَ دَخَلَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَكَانَا نَائِمَيْنِ وَلَمْ يَبِنْ مِنْهُمَا إِلَّا أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» (3).

الشيخ: «إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» ، وهذا يدل على اعتبار القافة.

هل تعتبر القافة في الأموال؟

طالب: الصحيح أن قولهم قرينة.

الشيخ: الصيحح أنها قرينة، وقد تصل إلى حد البينة؛ لأن بعض القائفين في الآثار يجزمون جزمًا، حتى إن بعضهم حدثني أنه إذا رأى أثر القدم فكأنما رأى وجه الشخص عينًا بعين.

***

[مدخل (4)

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الوقف) الوقف بمعنى الحبس لغةً، والوقوف بمعنى القيام. فسَّره المؤلف رحمه الله في الاصطلاح بأنه (تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة)، (تحبيس الأصل) أي: منعه، والأصل: أصل الموقوف عليه؛ كالدار مثلًا، والشجر، والأرض، والسيارة، وما أشبه ذلك؛ لأن الوقف يكون في المنقول والعقار.

(وتسبيل المنفعة) يعني: إطلاقها، وعلمنا أن التسبيل بمعنى الإطلاق؛ لقوله في الأصل: إنه تحبيس، فيكون ضده الإطلاق، المعنى: أن الموقف يحبس الأصل عن كل ما ينقل الملك فيه، ويسبل المنفعة؛ يعني: الغلة والثمرة، وما أشبه ذلك.

ص: 2338

والأصل في هذا أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أرضًا في خيبر وكانت نفيسة عنده، فجاء يستشير النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يصنع فيها؟ لأن الصحابة رضي الله عنهم ينفقون مما يحبون، وكانت هذه الأرض أنفس مال عند عمر، فجاء يستأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها فأرشده إلى الوقف قال:«إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَسَبَّلْتَ ثَمَرَتَهَا» (5)، وفي لفظ:«احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَهَا» (6)، وهذا أول وقف في الإسلام، ففعل عمر رضي الله عنه، وجعل لها مصارف نذكرها -إن شاء الله- فيما بعد.

ولم يذكر المؤلف رحمه الله حكم الوقف -الحكم التكليفي- يعني: هل هو جائز أو حرام أو واجب أو مندوب؟ وإنما ذكر حكمه الوضعي فقال: (ويصح) في القول وفي الفعل، لكن نحن نقول: الوقف لا، هو تبرع بالمال وحبس له عن التصرف فيه، فإذا كان على جهة مشروعة كان مستحبًّا؛ لأنه من الصدقة، وإذا نذره الإنسان كان واجبًا بالنذر، وإذا كان فيه حيف كان حرامًا، وإذا كان فيه تضييق على الورثة كان مكروهًا.

فيمكن أن تجد فيه الأحكام الأربعة أو الخمسة، هذا من حيث الحكم التكليفي، فإذا جاءنا إنسان يقول: أنا أريد أن أوقف هذه الأرض لأعمر عليها مسجدًا، ماذا نقول؟

نقول: هذا مستحب؛ لأنه من الإحسان والصدقة، والله تعالى يحب المحسنين.

(تسبيل المنفعة) يعني: إطلاقها، والمراد بالمنفعة: الغلة؛ كأجرة البيت -مثلًا- والثمرة والزرع، وما أشبهها.

(ويصح بالقول وبالفعل) يصح بالقول بأن يقول: وقفت داري، وقفت سيارتي، وقفت أرضي، وما أشبه ذلك، هذا بالقول، وسيأتي أن القول ينقسم إلى قسمين.

أما الفعل فيشترط أن يكون هناك قرينة تدل عليه على أنه وقف، فإذا وجدت قرينة تدل على أنه وقف فهو وقف ولو نوى خلافه.

ص: 2339

مثاله قال: (وبالفعل الدال عليه؛ كمن جعل أرضه مسجدًا وأذن للناس بالصلاة فيه) يعني: بنى مسجدًا وقال للناس: صلوا فيه، هنا ما قال: إنه وقف لكنه أيش؟ فعل فعلًا يدل على الوقف؛ لأن الرجل بنى مسجدًا وقال للناس: صلوا، وأما من بنى مُصَلًّى عند بستانه وصار الناس يأتون ويصلون فيه، فهذا لا يدل على أنه وقف، لكن إذا بنى مسجدًا -يعني هيئة مسجد- وقال للناس: صلوا فيه فهو أيش؟ وقف وإن لم يقل: وقفتُ؛ لأن هذا الفعل دالٌّ عليه، حتى لو نوى خلافه، فإنه يكون وقفًا؛ اعتبارًا لقوة القرينة.

وإذا قال: إني أردت أنه عارية، قلنا: في هذه الحال يجب أن تكتب بأني أعرت هذا المكان للناس يصلون فيه، متى احتجته أخذته، لا بد من هذا، وإلا صار وقفًا.

قال: (أو مقبرة وأذن في الدفن فيها) سور أرضه على أنها مقبرة ولم يكتب على بابها: إنها مقبرة، ولم يكتب في وثيقة: إنها مقبرة وقال للناس: من شاء أن يدفن فيها موتاه فليفعل، فهنا نقول: الأرض صارت مقبرة، صارت وقفًا على المسلمين، ولا يمكنه أن يرجع، نعم لو أراد أن يعير أرضًا للدفن فيها فهنا لا بد أن يكتب؛ لأنه أعار هذه الأرض للدفن فيها، وإذا أعار للدفن فيها فإنه لا يرجع حتى يُبْلَى الميت؛ لأنه من لازم الإذن في الدفن أن يبقى الميت المدفون محترمًا، فلا يُنْبَش إلا إذا بلي.

ثم قال: (وصريحه) هذا يعود على القول؛ يعني: القول ينقسم إلى قسمين: صريح وكناية، وهذا يأتي في مواضع، يأتي -مثلًا- في الطلاق في صريح الكناية.

والضابط في الصريح: هو الذي لا يحتمل غيره، والكناية: هو الذي يحتمله وغيره.

الصريح: مجرد ما ينطق به يثبت به الحكم؛ لأنه صريح لا يحتمل معنى آخر، والكناية: لا بد فيها من إضافة شيء؛ إما نية أو قرينة.

ولهذا قال: (وصريحه: وقفتُ) كيف وقفتُ؟ يعني: وقفتُ أرضي، وقفتُ بيتي، وقفتُ سيارتي، وقفتُ قلمي، أي شيء نوقفه فهو وقف.

ص: 2340

(وحبست) حبست يعني: أصله، فيحمل هنا على الأصل؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعمر:«إِنْ شِئْتَ حَبَسَتْ أَصْلَهَا» (7). فإذا قال: حبستُ، فهو وقف صريح.

سَبَّلتُ، سَبَّلتُ أيش؛ الأصل ولَّا المنفعة؟

طلبة: المنفعة.

الشيخ: المنفعة، فإذا قال: سَبَّلْتُ داري، فالمعنى: أنه سَبَّل منفعته وأبقى أصله حبيسًا، فمرة يذكر ما يعود على الأصل، ومرة يذكر ما يعود على المنفعة.

حَبَسْتُ تعود على الأصل، سَبَّلْتُ على المنفعة، فدلالة (حَبَسْتُ) على الوقف دلالة التزام؛ لأنه من لازم قوله: حبست؛ أي: الأصل أن يسبل المنفعة، وسَبَّلْتُ أيضًا دلالتها على توقيف الأصل دلالة التزام؛ لأن قوله: سَبَّلْتُ المنفعة يعني أيش؟ يعني: حبست الأصل، هذه ثلاث كلمات: وقفتُ، وحبستُ، وسبلتُ.

وما اشتق منها فهو مثلها؛ لو قال: هذه أرض موقفة أو موقوفة أو محبسة أو مسبلة فهي صريح. ولو قال: سأحبس لم ينعقد الوقف؛ لأن هذا خبر وليس إنشاء، والعقود إنشاء وإن كان صيغتها صيغة الخبر لكنها إنشاء.

أنا مُسَبِّل؟

طالب: ينعقد.

الشيخ: مثلها: أنا مُسَبِّل، مثلها: أنا موقف، أنا محبس، كل هذا يكون صريحًا في وقف.

(كنايته) ما الكناية؟ قلنا في تعريفها: ما يحتمل المعنى وغيره.

(كنايته: تصدقتُ) كلمة (تصدقتُ) تدل على الصدقة، والصدقة يملك بها المتصدق عليه الأصل والمنفعة وتكون ملكًا له، فإذا قال: تصدقتُ على فلان بسيارتي، فالسيارة تكون الآن ملكًا له يتصرف فيها كما شاء، ويمكن أن تكون وقفًا إذا نوى أنها وقف.

الثاني: (حرمت) دالة على من؟ على نفسي، حرمتها على نفسي، ولا يحرم ملك الإنسان على نفسه إلا إذا أخرجه عن ملكه.

(أَبَّدْتُ) كذلك هذا كناية؛ لأن أبدتُّ؛ أي: جعلته مؤبدًا لا يغير؛ فلذلك نقول: هو كناية وليس صريحًا.

ص: 2341

قال: (فتُشْتَرط النية مع الكناية أو اقتران أحد الألفاظ الخمسة أو حكم الوقف) يعني: أن الكناية لا يثبت بها الوقف إلا بواحد من أمور ثلاثة:

النية؛ فإذا قال: تصدقت بسيارتي على فلان، ثم قال: إنه نوى أنه وقف عليه، فكلام المؤلف يدل على أنها تصير وقفًا، وأن المتصدق عليه لا يبيعها ولا ينقل ملكها؛ لأنها وقف.

لكن لو ادَّعى المتصدق عليه أنها ملكه، فهنا تعارض شيئان: ظاهر اللفظ وباطن النية.

فهل نقول: إن الإنسان أعلم بنيته وأنه يرجع إليه؛ لأنه أخرج ملكه على هذا الوجه، فلا يخرج إلا على هذا الوجه، أو نقول: إن هذه دعوى خلاف الظاهر وهي ممكنة؛ لأنه ربما يتحسب على الصدقة بها ويدعي أنها وقف حتى تكون حبيسة؟

هنا ينبغي أن يتدخل فيها القضاء، ويُنْظَر هل هذا الرجل أمين بحيث يكون ما ادَّعاه من النية صدقًا، أو غير أمين ويحكم بالقرائن؟

إذا قال: حَرَّمتُ سيارتي، فهذه يحتمل أن المعنى حَرَّمَها؛ أي: حلف ألَّا يركبها؛ لأن التحريم يمين، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 1، 2]، فيحتمل أن يقال: حَرَّمْتُها؛ أي: حرمت ركوبها والانتفاع بها، وحينئذٍ يكون ذلك يمينًا؛ إذا كفَّر كفارة يمين عاد واستعملها.

فإذا قال: حَرَّمْتُ سيارتي، ثم رأيناه يريد أن يبيعها، فهنا نقول: قفْ، هل أنت نويت الوقف أو لا؟

إذا قال: لم أنو الوقف، قلنا: بعها، وكفِّر كفارة يمين. وإن قال: أنه نوى الوقف صارت وقفًا.

ص: 2342