الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلبة: أهل الزكاة.
الشيخ: أهل الزكاة، فتؤدَّى من ماله، لكنها عند الله لا تُبْرِئ ذمته؛ لكونه تعمد أن يترك، والله الموفِّق، انتهى الوقت.
طلبة: غدًا إن شاء الله.
الشيخ: غدًا إن شاء الله عشر دقائق تكون في أول الدرس إن شاء الله.
***
[باب المواقيت]
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف رحمه الله تعالى في كتاب المناسك: باب المواقيت .. وميقات أهل المدينة ذو الحُلَيْفَة، وأهل الشام ومصر والمغرب الجُحْفَة، وأهل اليمن يَلَمْلَم، وأهل نجد قَرْن، وأهل المشرق ذات عِرْق، وهي لأهلها ولمَن مَرَّ عليها من غيرهم، ومَن حج من أهل مكة فمنها، وعمرته من الحل، وأشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، سبق لنا أن شروط وجوب الحج خمسة؟
طالب: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والاستطاعة.
الشيخ: نعم، هذه خمسة: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والاستطاعة، ومن الاستطاعة وجود الْمَحْرَم، والباقي ظاهر.
(باب المواقيت)، المواقيت جمع ميقات، مأخوذ من الوقت، والمراد به هنا الأماكن التي حَدَّدَها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأهل البلدان يُحْرِمُون منها، واعلم أن الحج له ميقاتان: زماني، ومكاني، والعمرة لها ميقات واحد مكاني، وذلك أن العمرة تصح في أي يوم من أيام السنة، وأما الحج فهو أشهر معلومات كما قال الله عز وجل، تبتدئ أولَّ يوم من شوال، وتنتهي آخر يوم من ذي الحجة؛ لأن الله تعالى جمعها فقال:{أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]، وأقل الجمع ثلاثة.
وأما من قال: إنها تنتهي بعشر ذي الحجة، ففي قوله نظر؛ لأنه لم يأخذ بالجمع، ولم يأخذ بأفعال الحج؛ لأن أفعال الحج منها ما يُفْعَل بعد العاشر، كالمبيت والرمي.
المواقيت إذن جمع ميقات، والمراد به هنا الأمكنة التي حَدَّدَها النبي صلى الله عليه وسلم ليُحْرِم منها مَن أراد الحج أو العمرة.
قال: (ميقات أهل المدينة ذو الحُلَيْفَة)، وهو مكان معروف، وسُمِّيَ بذلك لكثرة شجرة الحلفاء فيه، ويسمَّى الآن؟
طالب: أَبْيَار عَلِيّ.
الشيخ: أَبْيَار عَلِيّ، الثاني (أهل الشام ومصر والمغرب الجُحْفة)، أهل الشام ميقاتهم الْجُحْفَة، وكذلك أهل مصر وأهل المغرب، وليس المراد المغرب الاصطلاحي الآن المملكة المغربية، بل المراد كل مَن كان غرب مكة ممن يأتي من هذا الطريق.
الْجُحْفَة قرية قديمة كانت مسكونة فخربت، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه أن ينقل حمى المدينة إلى الْجُحْفَة (8)؛ لأن أهلها إذ ذاك كانوا كفارًا، والله أعلم لماذا خَصَّ النبي صلى الله عليه وسلم هذه القرية بهذا الدعاء.
وميقات أهل اليمن يَلَمْلَم، قيل: إنه جبل، وقيل: إنه مكان حول الجبل، وعلى كل حال فهو الآن يُعْرَف بالسَّعْدِيّة.
(وأهل نجد قَرْن) يعني قَرْن المنازل، وهو يُعْرَف الآن بالسيل الكبير.
(وأهل المشرق) كالعراق وخرسان وأصفهان وغيرها (ذات عِرْق)، وهي محل معروف يسمى فيما سبق الضَّرِيبَة –بالضاد- أو الظريبة، قريب منه.
فهذه خمسة مواقيت ثبت توقيتها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من حديث عبد الله بن عباس (9)، وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (10).
أما هذه المواقيت فتختلف في البعد عن مكة، أبعدها ذو الْحُلَيْفَة، بينها وبين المدينة نحو تسعة أميال، والحكمة -والله أعلم- من كونه أبعد المواقيت وقريبًا من المدينة من أجل أن تتقارب الأحكام التي تتعلق بالْحَرَمَيْنِ، فكأنه لا يخرج من حَرَم المدينة حتى يدخل فيما يختص بحرَم مكة وهو الإحرام.
الْجُحْفَة نحو ثلاثة أيام عن مكة، يَلَمْلَم وقَرْن يومان، وذات عرق تزيد قليلًا.
تعيين هذه الأماكن قبل أن تُفْتَح هذه الأماكن فيه آية للرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ مضمون هذا أن هذه البلاد سوف تُفْتَح ويَحُجُّ منها المسلمون، ولهذا يقول ابن عبد القوي رحمه الله في دَالِيَّتِه المشهورة:
وَتَوْقِيتُهَا مِنْ مُعْجِزَاتِ نَبِيِّنَا
لِتَعْيِينِهَا مِنْ قَبْلِ فَتْحِ الْمُعَدَّدِ
يقول: (وهي لأهلها)، (وهي) أي: هذه المواقيت، (لأهلها)، أي: لأهل هذه المدن ولِمَنْ مَرَّ عليها من غيرهم، كما جاء به الحديث، وهذا من لطف الله عز وجل أنَّ مَنْ مَرَّ بها من غيرهم فإن ميقاته منها؛ لأنه لو أُلْزِمَ بأن يرجع إلى ميقاته الأصلي لكان في ذلك حرج ومشقة.
قال: (ومَن حج من أهل مكة فمنها) يعني: مَن حج من أهل مكة من مقيمٍ بها، أي: من مستوطن وأُفُقِيّ، (فمنها): يُحْرِم من مكة، ودليل ذلك حديث ابن عباس:«وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» (9) حتى أهل مكة من مكة.
والدليل الآخر أن الصحابة الذين حَلُّوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج أحرموا من الأبطح من أماكنهم.
(وعمرته) أي: عمرة مَن كان من أهل مكة، والمراد مَن كان فيها من أهلها أو غيرهم (من الحِلّ)، أي: لا بد أن يخرج خارج حدود الحرم.
ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر عائشة أن تخرج لتعتمر من الحِلّ (11)، والتعليل واضح؛ لأن العمرة أصلها من الزيارة، والزائر لا بد أن يأتي من مكان آخر غير مكان الْمَزُور، والمكان الآخر في الذي معنا هو الحِلّ، فيأتي إلى العمرة من الحِلّ.
وهذا هو المتعيَّن، ومَن توهم أن أهل مكة يُحْرِمُون من مكة بالعمرة فقد غلط؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لما كَلَّف النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة وأخاها عبد الرحمن أن يَخْرُجَا إلى الحِلّ، ولا سيما أن الأمر كان ليلًا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينتظرهما، فلما لم يفعل عُلِمَ أنه لا بد لمن أراد العمرة وهو في الحرم أن يخرج إلى الحِلّ.
يقولون: إن عائشة ليست من أهل مكة، فنقول: إنه لا فرق بين أهل مكة وغيرها في الإحرام، ولذلك كان الذين ليسوا من أهل مكة لما أرادوا الإحرام بالحج أحرموا من مكة، فدل هذا على أن العمرة غير الحج.
قال: (وأشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشرٌ من ذي الحجة)، هذا الميقات الزماني، أشهر الحج شوال ويبتدئ من ليلة عيد الفطر، وذو القَعدة -بفتح القاف على الأفصح، ويجوز ذو القِعدة-، وعشر من ذي الحِجة –بالكسر، ويجوز الحَجة، لكن الأشهر الكسر- هذا الميقات الزمني.
بقي أن يقال: هذه الأشهر تنقسم إلى أقسام: شوال من أشهر الحج وليس شهرًا مُحَرَّمًا، ذو القعدة من أشهر الحج وهو من الأشهر الْحُرُم، ذو الحجة على كلام المؤلف بعضه من أشهر الحج، وبعضه ليس من أشهر الحج، ولكنه من الأشهر الْحُرُم، ذو القعدة من الأشهر الْحُرُم وليس من أشهر الحج.
طالب: مُحَرَّم.
الشيخ: نعم قصدي مُحَرَّم، مُحَرَّم من الأشهر الْحُرُم وليس من أشهر الحج.
يقول المؤلف رحمة الله: (عشر من ذي الحجة)، وفي هذا القول نظر؛ لأنه مخالِف لظاهر الآية:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} .
فإن قال قائل: هل هناك فرق بين أن نقول: أشهر معلومات إلى عشر ذي الحجة، أو إلى آخر أيام التشريق، أو إلى آخر ذي الحجة؟ نقول: بينهما فرق، الفرق هو أننا نقول: لا يجوز لأحد أن يؤخِّر شيئًا من أعمال الحج إلى ما بعد شهر ذي الحجة؛ لأن الحج أشهر معلومات لا بد أن ينحصر في هذا.
فإن قال قائل: الحج ليس يستوعب هذه الأشهر؟
قلنا: نعم، هو لا يستوعبها لا شك؛ إذ إن الحج يبتدئ في اليوم الثامن، وينتهي في اليوم الثالث عشر، لكن ما قبل وما بعد يُعْتَبَر من حُرُمَات الحج.
فائدة هذا التوقيت أنه يُكْرَه للإنسان أن يُحْرِم بالحج قبل أشهره، وأن يُحْرِم بالحج قبل الميقات، هذه فائدة، لو أراد إنسان أن يُحْرِم بالحج قبل الميقات قلنا: هذا ينعقد به الإحرام ولكنه مكروه.