الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
تفريعات
":
"الأول": الإسناد المعنعن: وهو الذي يقال فيه: فلان عن فلان. ما حكمه؟ أهو محمول على الاتصال؟ أم هو من قبيل المرسل والمنقطع؟
ذهب بعض العلماء إلى أنه من قبيل المرسل والمنقطع حتى يتبين اتصاله والصحيح الذي عليه العمل أنه متصل محمول على السماع، وهو الذي ذهب إليه جماهير العلماء من المحدثين وغيرهم، وادعى أبو عمرو الداني1 المقرئ، وابن عبد البر حافظ المغرب إجماع أهل العلم على هذا.
وقد اشترطوا لإفادته الاتصال شرطين:
1-
معاصرة الراوي لمن روى عنه مع ثبوت اللقاء.
2-
البراءة من وصمة التدريس2، وقد اكتفى الإمام مسلم بالمعاصرة فحسب، ولم يشترط ثبوت اللقاء بالفعل، وأنكر على من اشترط اللقاء، وشنع عليه في خطبة كتابه الصحيح، وقال:"إن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديما وحديثا أن يثبت كونهما في عصر واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا أو تشافها"3.
والحق هو الأول، وهو اشتراط المعاصرة مع اللقي، قال ابن الصلاح في مقدمته:"وفيما قاله مسلم نظر، وقد قيل: إن القول الذي رده مسلم هو الذي عليه أئمة هذا الشأن: الشافعي وعلي بن المديني؛ والبخاري، وغيرهما"4، ولهذا رجح صحيح البخاري على صحيح مسلم واشترط أبو المظفر السمعاني مع اللقاء طول الصحبة فزاد هذا على ما شرط الجمهور
1 الداني نسبة إلى دانية بلدة من بلاد الأندلس.
2 التدريب ص132 ط المحققة.
3 مقدمة صحيح مسلم بشرح النووي ج1 ص130.
4 علوم الحديث بشرح العراقي ص72.
وهو قول ضعيف، والعمل عند المحدثين على خلافه.
"الثاني": اختلفوا في قول الراوي: إن1 فلانا قال: كذا، أهو مثل قوله: عن فلان، فيكون محمولا على الاتصال حتى يثبت خلافه، أم هو دون قوله عن فلان؟
فذهب البعض إلى أنهما ليسا سواء، فجعلوا "عن" تفيد الاتصال، و"أن" في حكم الانقطاع حتى يثبت خلافه.
وذهب الجمهور من العلماء إلى أنهما سواء، وأنهما يفيدان الاتصال بالشرطين المتقدمين:
1-
المعاصرة مع اللقي.
2-
أن لا يكون معروفا بالتدليس.
وما ذهب إليه الجمهور هو ما ذهب إليه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، ويقوي ما ذهب إليه الجمهور ما حكاه ابن عبد البر من إجماع العلماء على أن الإسناد المتصل بالصحابي سواء فيه أن يقول الصحابي: قال رسول الله، أو عن رسول الله، أو إن رسول الله قال كذا مثلا، أو سمعت رسول الله يقول كذا، فكل ذلك محمول على السماع.
"الثالث": الحديث الذي رواه بعض الثقات مرسلا، ورواه بعضهم متصلا، ما حكمه؟ أهو من قبيل المتصل؟ أم من قبيل المرسل؟ خلاف بين العلماء.
منهم من قال: إن الحكم للمرسل، ومنهم من قال: الحكم للأكثر، والأحفظ، فإذا كان من أرسله أكثر أو أحفظ فالترجيح للمرسل، ولا يقدح في عدالة من وصله وأهليته، وقيل: يقدح في عدالته وأهليته.
ومنهم من قال: الحكم لمن أسنده مطلقا إذا كان عدلا فيقبل خبره، وإن خالفه غيره سواء أكان المخالف له واحدا أم جماعة، وهذا القول
1 الإسناد الذي فيه "إن فلانا قال" يسمى "المؤنن" أو "المأنأن" وأن بفتح الهمزة ويجوز كسرها.