الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوع ذلك في الحديث.
3-
أو فحش غلطه.
4-
أو غفلته.
5-
أو فسقه بالفعل أو بالقول مما لا يبلغ الكفر.
6-
أو وهمه.
7-
أو مخالفته للثقات في السند أو المتن.
8-
أو جهالته عينا أو حالا أو اسما.
9-
أو بدعته وهي اعتقاد ما أحدث على خلاف المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بمعاندة ومكابرة بل بنوع شبهة.
10-
أو سوء حفظه وهو من لم يرجح جانب إصابته على جانب خطئه1.
1 شرح النخبة ص30 ط الاستقامة.
"
المراد بالبدعة وحكم رواية المبتدع
":
وللحافظ الكبير ابن حجر في البدعة كلام حسن مع إيجازه، قال رحمه الله وأثابه بعد أن عرف البدعة بما ذكر آنفا:
"البدعة إما أن تكون بمكفر كأن يعتقد ما يستلزم الكفر، أو بمفسق.
فالأولى: لا يقبل صاحبها الجمهور، وقيل: يقبل مطلقا، وقيل: إن كان لا يعتقد حل الكذب لنصره مقالته قبل"1.
والتحقيق: أنه لا يرد كل مكفر -بفتح الفاء المشددة- ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم ذلك تكفير جميع الطوائف فالمعتمد أن الذي ترد رواتيه من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة وكذلك من اعتقد عكسه2.
فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لم يرويه، مع
1 وحكي هذا القول عن الإمام الشافعي حكاه عنه الخطيب في "الكفاية"؛ لأنه قال: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، قال: وحكي هذا أيضا عن ابن أبي ليلى والثوري، والقاضي أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة.
2 كمن أنكر أحد الأركان الخمسة، أو اعتقد التجسيم، أو عدم علم الله بالجزئيات، أو أنكر صفة من صفات الله تعالى.
ورعه، وتقواه، فلا مانع من قبوله.
والثاني: وهو من لا تقتضي بدعته التكفير أصلا، وقد اختلف أيضا في قبوله ورده.
فقيل: يرد مطلقا، وهو بعيد، وأكثر ما علل به أن في الرواية عنه ترويجا لأمره وتنويها بذكره، وعلى هذا ينبغي أن لا يروي عن مبتدع شيء يشاركه فيه غير مبتدع، وقيل: يقبل مطلقا إلا أن اعتقد حل الكذب كما تقدم.
وقيل: يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته؛ لأن تزيين بدعته قد يجمله على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه، وهذا هو الأصح وأعرب ابن حبان فادعى الاتفاق على قبول غير الداعية من غير تفصيل، نعم الأكثر على قبول غير الداعية إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المذهب المختار، وبه صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم ابن يعقوب الجوزجاني1 شيخ أبي داود، والنسائي، في كتابه "معرفة الرجال" فقال في وصف الراوة:"ومنهم زائغ عن الحق أي عن السنة صادق اللهجة، فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكرا إذا لم تقو به بدعته"، وما قاله متجه؛ لأن العلة التي رد لها حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية والله أعلم2.
وفي الحق أن العبرة في الرواية بصدق الراوي وأمانته، والثقة بدينه، وخلقه، وسلوكه والاستقامة على الدين، والمتتبع لأحوال الرواة يرى بعضا من أهل البدع موضعا للثقة والاطمئنان وإن كان داعية
1 الجوزجاني بضم الجيم وسكون الواو وفتح الزاي والجيم.
2 شرح نخبة الفكر ص39، 40 ط الاستقامة.
ولذلك قال الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي1: "شيعي جلد، ولكنه صدوق فلنا صدقه، وعليه بدعته"، ونقل توثيقه عن أحمد، وغيره.
وقال أبو داود السجستاني: ليس في أهل الأهواء أصح حديثًا من الخوارج: ولذلك احتج البخاري بعمران بن حطان، وهو من دعاة الشراة2 وخرج الشيخان لعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني3، وكان داعية إلى الإرجاء وقد وثقه ابن معين، وأحمد بن حنبل، وغيرهما ولم يحتج مسلم بعبد الحميد، بل أخرج له في المقدمة -يعني مقدمة صحيح مسلم، وقد ذكر العراقي في تعليقه على "علوم الحديث" لابن الصلاح نحو ذلك4، فإذا وجدنا بعض الأئمة الكبار من أمثال البخاري ومسلم لم يتقيد فيمن أخرج لهم في كتابه ببعض القواعد فذلك لاعتبارات ظهرت لهم ورجحت جانب الصدق على الكذب والبراءة على التهمة، وإذا تعارض كلام الناقد وكلام صاحبي الصحيحين فيمن أخرج لهم الشيخان من أهل البدع قدم كلامهم واعتبارهم للراوي على كلام غيرهم؛ لأنهما أعرف بالرجال من غيرهما، وليس ذلك تعصبًا لصاحبي الصحيحين -رحمهما الله- ولكنه الحق الذي ظهر بعد البحث والنظر والله أعلم.
"كلام حسن للإمام أبي عبد الله الذهبي في البدعة":
وللإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة ثمانٍ وأربعين وسبعمائة للهجرة في البدعة وانقسامها إلى صغرى وكبرى، كلام
1 ج1 ص5 ط دار إحياء الكتب العربية.
2 الشراة فرقة من الخوارج يزعمون أنهم باعوا أنفسهم لله.
3 الحماني: بكسر الحاء المهملة وتشديد الميم المفتوحة قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ ورمي بالإرجاء من التاسعة مات سنة اثنتين ومائتين، خ، م، د، وت، وق "تقريب التهذيب ج1 ص469".
4 علوم الحديث لابن الصلاح وشرحها للعراقي ص128.
جيد ذكره، في ترجمة أبان بن تغلب المذكور آنفا.
قال: "فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحد الثقة العدالة والإتقان؟ فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟
قال: وجوابه: أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو، ولا تحرف فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين، والورع، والصدق فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينة.
ثم بدعة كبرى: كالرفض الكامل، والغلو فيه، والحط على أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة.
وأيضا فما أستحضر في هذا الضرب رجلا صادقا، ولا مأمونا، بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله؟! كلا وحاشا.
فالشيعي الغالي في زمان السلف، وعرفهم هو من تكلم في عثمان، والزبير، وطلحة، ومعاوية وطائفة ممن حاربوا عليا رضي الله عنه، وتعرض لسبهم.
والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضا، فهذا ضال مفتر، ولم يكن أبان بن تغلب يعرض للشيخين أصلا بل قد يعتقد عليا أفضل منهما"1.
وهذا الذي قاله الإمام الذهبي هو الصواب والحق الذي لا يحل لمسلم أن يعتقد خلافه، وقد سبق الذهبي إلى رفض رواية الرافضة ومن على
1 ميزان الاعتدال ج1 ص5، 6.