الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أبا الجهم1 ومعاوية خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما معاوية فصعلوك -يعني فقير- وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه" ، رواه البخاري ومسلم إلى غير ذلك من النصوص.
وقد تكلم في الجرح بعض الصحابة كما تكلم فيه التابعون ومن جاء بعدهم وهذا إجماع منهم على أن هذا ليس من الغيبة المحرمة قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه "رياض الصالحين" اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو بستة أسباب. إلى أن قال: الرابع تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم وذلك من وجوه منها: جرح المجروحين من الرواة والشهود وذلك جائز بإجماع المسلمين بل واجب للحاجة ومنها: المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته أو إبداعه، أو معاملته، أو غير ذلك أن مجاورته، ويجب على المشاور أن لا يخفي حاله بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة ومنها إذا رأى متفقهًا يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم وخاف أن يتضرر بذلك فعليه نصيحته ببيان حاله بشرط أن يقصد النصيحة وهذا مما يغلط فيه، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد، ويلبس الشيطان عليه ذلك ويخيل إليه أنه نصيحة فليتفطن لذلك"2.
1 هو أبو الجهم بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي، اسمه عامر، وقيل: عبيد، وله ذكر أيضًا في الصحيحين في قصة الخميصة التي كادت تلهي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته فردها إليه، وأخذ أنجانيته.
2 رياض الصالحين ص536 ط الاستقامة.
"
من الذي يستأهل أن يكون ناقدًا
؟ ":
على من يتصدى للنقد والكلام في التعديل والتجريح أن يكون عالِمًا دَيِنًا، تقيًّا، ورعًا، صادقًا، عارفًا، بأسباب الجرح والتعديل حتى لا يجرح من ليس بمجروح ولا يعدل من ليس أهلًا للعدالة، وأن لا يتكلم في النقد إلا عن بينة ودليل، وأن يجرد نفسه من التعصب لإنسان أو
التحامل عليه بغير وجه حق، ومن الأهواء والشهوات النفسية حتى لا تميل به إلى جانب الباطل، وأن ينزل نفسه منزلة القاضي العادل النزيه الذي يبذل قصارى جهده في الوصول إلى الحق وقد علمنا فيما سبق أن الجرح أبيح للضرورة فليتق الله من يتصدى لذلك، وليكن على حذر من انتهاك الأعراض بلا سبب وبينة قال الإمام السبكي: من لا يكون عالما بأسبابهما -أي الجرح والتعديل- لا يقبلان منه لا بإطلاق ولا بتقييد، ولا يقبلان إلا من عدل متيقظ" وعلى من نصب نفسه للتعديل والتجريح ونقد الرواة أن يؤهل نفسه لذلك بطول البحث وكثرة التنقيب، وسعة الاطلاع، والعلم بالنفس البشرية وغرائزها وبالمباحث التي تعينه على الإصابة في الحكم، وإلا جاءت أحكامه باطلة بعيدة عن روح العدل والإنصاف.
قال الحافظ ابن حجر: "حق على المحدث أن يتورع فيما يرويه، وأن يسأل أهل المعرفة والورع ليعينوه على إيضاح مروياته ولا سبيل إلى أن يصير العارف الذي يزكي نقلة الأخبار ويجرحهم جهبذا إلا بإدمان الطلب والفحص عن هذا الشأن وكثرة المذاكرة والسهر، والتيقظ والتفهم مع التقوى والدين المتين، والإنصاف والتردد إلى العلماء والإتقان.
وإلا فدع عنك الكتابة لست منها
…
ولو سودت وجهك بالمداد
وقال أيضا: وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل فإنه إن عدل أحدا بغير تثبت كان كالمثبت حكما ليس بثابت فيخشى عليه أن يدخل في زمرة من روى حديثا وهو يظن أنه كذب، وإن جرح بغير تحرز أقدم على الطعن في مسلم بريء من ذلك ووسمه بوسم سوء يبقى عليه عاره أبدا، والآفة تدخل في هذا تارة من الهوى