الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمثله كثيرة منها حديث علي رضي الله عنه: "عبدت الله مع رسول الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين أو سبع"، وفي رواته "حبة" واه في الحديث غال في التشيع وبهذا أعله العلماء وحكموا بوضعه.
"
آثار الوضع السيئة
":
1-
من آثار الوضع السيئة في الحديث أن ترعرعت في ظله فرق سياسية ومذهبية ما كان لها أن تقوم على قدميها لو لم يكن لها هذا السند من الأحاديث، فالشيعة لولا ما وضعوه لما كان لمذهبهم هذا الانتشار والبقاء، وكذا المرجئة، والقدرية، والخوارج، وأضرابهم، لولا ما وضع في تأييدهم لما لقيت مذاهبهم قبولا من الناس ولا سيما العامة الذين لا معرفة لهم بالأحاديث ونقدها.
ولا ننسى ما كان لقيام هذه المذاهب من أكبر الأثر في تفريق وحدة المسلمين وتمزيق شملهم ومعاداة بعضهم لبعض حتى ذهبت ريحهم، وأضعفتهم أمام عدوهم، ولا يزال آثار ذلك باقية إلى اليوم، وعلى ما بذل من التقريب بين المذاهب والآراء في القديم والحديث، فقد عز توحيد الصفوف، وتعذر التوفيق وبقي الانقسام.
2-
قد فتحت هذه الموضوعات لأعداء الدين من القساوسة والمتعصبين من المستشرقين منفذا ينفذون منه إلى الطعن في الإسلام وفي رسوله، وجل اعتمادهم على الروايات الباطلة والإسرائيليات الزائفة التي ذكرها المفسرون والمؤرخون ومن على شاكلتهم ممن
ليسوا من أهل الحديث الذين يميزون بين غثه وسمينه، وقد أمكنهم بمثل هذه الأباطيل أن يجعلوا حجابا بين الإسلام وبين من يريد أن يعتنقه من الغربيين، كما أمكنهم أن يدخلوا حظيرتهم بعض الذين لم يتسلحوا بمعرفة حقيقة الدين وحقيقة هذه الروايات الدخيلة على الإسلام فساروا على نهجهم في الاستخفاف بالدين والغض من شأن الأحاديث النبوية، وردت هذه الفرى باسم العلم حينا وحرية البحث حينا آخر، وقد قام بعض علماء الأزهر الشريف وغيرهم بجهاد مشكور في هذا الباب إلا أنه جهاد مهما بلغ فهو جهد المقل وكنا نود من القائمين على شئون الأزهر العتيد أن تكون لهم خطوات إيجابية في هذا بنشر الكتب والرسائل القيمة في هذا الباب.
وإرسال رجال من المتضلعين في الدين، والعارفين برد هذه الطعون إلى بلاد الغرب وتأليف جماعة من شأنها العمل على دحض هذه الأباطيل والكشف عن زيفها، بشتى الطرق والوسائل.
3-
من الآثار السيئة الضرر بالعقيدة كأحاديث التجسيم والتشبيه، فقد ضل بسببها قوم حتى زعموا أن الله جسم من الأجسام، وكحديث:"لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفع"، فقد تعلق به بعض الجهال الأغبياء فنفضوا قلوبهم من الثقة بالله، وانصرفوا إلى بعض الجمادات والمخلوقات يرجون النفع أو دفع الضر فوقعوا في الضلال المبين.
4-
من الآثار السيئة تكثير البدع وتنفيق سوقها فكثير من البدع تجد منشأها من الأحاديث الموضوعة، وذلك مثل بدعة الخرقة عند الصوفية على الهيئة المتعارفة عندهم فقد اعتمدوا فيها على
أحاديث أنكرها أهل العلم قاطبة، وكذا بدعة التواجد والرقص عند السماع، وكذا بدعة صلاة الرغائب، وصلاة نصف شعبان بطريقة غير مشروعة وصلوات الأيام والليالي وصيام أيام مخصوصة من رجب كلها أساسها الأحاديث المكذوبة، وكذا بدعة النوح والبكاء يوم عاشوراء وبدعة الفرح والسرور فيه، فقد وضع محبو الحسين رضي الله عنه أحاديث الحزن، ووضع أعداؤهم أحاديث الفرح1، وقد بلغ من المبتدعة أن زادوا في حديث: "كل بدعة ضلالة
…
": "إلا بدعة في عبادة"، وقد كذبوا فكل بدعة أيا كان نوعها ضلالة.
5-
من الآثار السيئة التهاون بالأعمال الصالحة والتكاسل عنها، وعدم التحرج من ارتكاب الآثام، وذلك كالأحاديث التي ترتب الثواب الكثير جدا على العمل القليل، وكالأحاديث التي تغري الفساق والمجان مثل:"سفهاء مكة حشو الجنة"، ومثل:"الكريم حبيب الله وإن كان فاسقا والفاسق السخي أحب إلى الله من عابد بخيل"، وهما كذبان قطعا ومناقضان للقرآن والسنة المستفيضة.
6-
من المفاسد تعطيل الناس عن العمل النافع بإيهامهم أن العمل في وقت كذا أو السفر في يوم كذا مضر أو شؤم ونحو ذلك مثل ما روي كذبا: "من أحب كريمتيه أو حبيبتيه فلا يكتبن بعد العصر"، فقد يغتر به بعض من لا يعرف فيفوت على نفسه خيرا كثيرا بعدم الكتابة بعده، ومثل ما روي كذبا:"يوم الأربعاء يوم نحس مستمر"، فقد يتشاءم باعتقاده بعض الناس فيعرضون عن أسفارهم وقضاء حاجاتهم فيه، فيفوتهم الخير الديني أو الدنيوي.
7-
من أسوأ الآثار أن كثيرين ممن ليسوا من أهل الحديث والمتفرغين
1 منهاج السنة ج2 ص248.
له لم ينتبهوا إلى بعض الموضوعات واغتروا بها وأوردوها في كتبهم ورسائلهم واحتجاجاتهم ومناظراتهم، وما من علم إلا ونجد في كتبه موضوعات وإسرائيليات منها ما هو بالغ الخطورة على الإسلام ورسوله، ففي بعض كتب الفقه موضوعات، وفي كتب الوعظ والتصوف والأخلاق، بل وفي بعض كتب النحو والصرف واللغة والأدب ولا سيما "المعالم"1 التي عرضت لكثير من الفنون كصبح الأعشى، ونهاية الأرب، وفي بعض كتب الحديث موضوعات إلا أنها -والحق يقال- قليلة جدا بالنسبة لغيرها من كتب العلوم الأخرى، وقد تلقى جمهور الناس، وعامتهم هذه الموضوعات وتقبلوها على أنها صحيحة، وأذاعوها، وقد ساعد على ذلك أن مؤلفي هذه الكتب علماء أجلاء في فنونهم وإن كانوا ليسوا من أهل العلم بالحديث، كما ساعد على انتشارها ضعف دراسة السنة والأحاديث، وعدم العناية بعلم الرجال والنقد بعد العصور الأولى عصور الحديث الذهبية.
وقد تنبيه علماؤنا الأوائل -أثابهم الله- إلى خطر ما في هذه الكتب فألغوا كتب التخاريج التي تميز الصحيح من الضعيف والحق من الباطل، ولو أن كتب التخاريج طبعت من هذه الكتب لكان من وراء ذلك الخير الكثير لقارئ هذه الكتب العلمية، ولكنها نشرت بدون هذه التخاريج فتسممت بها العقول والأفكار وليس أمامنا الآن إلا الجهاد العلمي في بيان هذه الموضوعات والتنبيه إليها، وهذا ما سأعالجه باختصار وإيجاز.
1 المعالم: جمع معلمة وهي كلمة عربية تقوم مقام كلمة "موسوعات" الغير العربية.