الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الأول:
فذهب كثير من العلماء إلى أن لفظه ومعناه من الله تعالى وأنه أوحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأي طريق من طرق الوحي وغالبا ما يكون بغير الوحي الجلي1 إما بمكالمة أو إلهام، أو قذف في القلب، أو في المنام، وعلى هذا يكون الفرق بينه وبين الحديث النبوي ظاهر ذلك أن هذا لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم وذاك لفظه من عند الله تبارك وتعالى وعلى هذا أيضا يكون موافقا للقرآن الكريم من حيث كونه كل منهما نزل بلفظه على النبي صلى الله عليه وسلم، وأن كلا منهما بوحي من الله تبارك وتعالى.
ويكون الفرق بينه وبين القرآن الكريم من هذه الوجوه:
1-
أن القرآن الكريم كله موحى به عن طريق الوحي الجلي وهو جبريل عليه السلام وهذا أمر يكاد يكون مجمعا عليه بين العلماء ومن أراد يقينا في هذا فليرجع إلى كتابي "المدخل لدراسة القرآن"2 أما الأحاديث القدسية فهي موحى بها بطريق الوحي الغير الجلي ولم أقف على ما يدل على وقوع بعضه بوحي جلي وإن كان جائزا.
2-
إن القرآن الكريم معجز بلفظه ومعناه، ولا كذلك الأحاديث القدسية وهذا أمر ظاهر لا يخفى على البلغاء، وعلى كل ذي ملكة في الأدب والبيان.
3-
أن الصلاة لا تصح: إلا بالقرآن الكريم أما الحديث القدسي فلا تجوز به الصلاة.
4-
أن القرآن الكريم متعبد بتلاوته ففي الحديث الذي رواه الترمذي مرفوعًا: "من قرأ حرفا 3 من القرآن فله بكل حرف عشر
1 الوحي المجلى: ما كان بوساطة جبريل، وما عدا ذلك فيسمى بالوحي الخفي وهذا تقسيم الأصوليين.
2 ص61-63.
3 المراد بالحرف هنا حرف الهجاء بدليل بقية الحديث.
حسنات، لا أقول:{الم} حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" وأما الأحاديث القدسية فلا يتعبد بتلاوتها.
5-
أن القرآن الكريم كله منقول بالتواتر المفيد للقطع واليقين في نسبته إلى الله تبارك وتعالى، أما الأحاديث القدسية فليست كذلك، ولا أعلم حديثا قدسيا متواترا.
6-
أن القرآن الكريم مكتوب كله في المصاحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس، ولا كذلك الأحاديث القدسية ويكفر من زاد متعمدا في القرآن حديثا قدسيا.
7-
أن القرآن الكريم لا يجوز مسه للمحدث بغير حائل، ويحرم على الجنب1 قراءته وكذا الحائض والنفساء بخلاف الأحاديث القدسية.
8-
أن القرآن لا تجوز قراءته إلا باللفظ النازل من عند الله، ولا تجوز قراءته بالمعنى بخلاف الأحاديث القدسية فيجوز روايتها بالمعنى بشروطها.
9-
أن القرآن لا يجوز إطلاقه شرعا إلا على المنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم أما الأحاديث القدسية فلا يجوز أن يطلق عليها اسم القرآن قط.
فإن سألني سائل: لم لم يكتف بالقرآن الكريم عن الأحاديث القدسية؟
والجواب: أن الله تبارك وتعالى أراد أن يبين أن بعض كلامه معجز وهو القرآن الكريم وبعضه غير معجز وهو الأحاديث القدسية، ألا ترى أن التوراة والإنجيل المنزلين من عند الله ليسا بمعجزين وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان.
1 هو المحدث حدثا أكبر كالمباشرة لامرأته أو المحتلم.