الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
حكم الحديث الضعيف رواية وعملا
":
الحديث الموضوع أو الساقط أو الذي لا أصل له لا تجوز روايته إلا مقترنًا ببيان وضعه، أو سقوطه، أو أنه لا أصل له، ومن روى شيئًا من ذلك من غير بيان، وهو يعلم، فهو آثم أشد الإثم كما أنه لا يجوز العمل بالموضوع، وما شاكله قط لا في الحلال والحرام، ولا في باب الترغيب والترهيب، والقصص والمواعظ، ولا في التفسير؛ لأنه مختلق مكذوب فمن عمل به، فقد زاد في الشرع ما ليس منه.
أما الضعيف الذي لم يصل إلى حد السقوط والوضع، وهو الضعيف المحتمل فقد اختلفت فيه أنظار العلماء وإليك آراءهم في هذا:
قال ابن الصلاح: يجوز رواية ما عدا الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة، من غير اهتمام ببيان ضعفها فيهما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالمواعظ والقصص، وفضائل الأعمال، وسائر فنون الترغيب والترهيب، وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد1.
ومقتضى ذلك العمل به فيما ذكر قال: وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما.
والمراد بفضائل الأعمال: الأعمال الفاضلة الثابتة قبلُ بالأحاديث الصحيحة، بمعنى أنه إذا ورد حديث ضعيف دال على ثواب مخصوص من الأعمال الثابتة قبل، فإن أصل العمل ثابت استحبابا من دليل آخر، ولم يثبت بالضعيف إلا الثواب المرتب على هذا العمل، وحينئذ لم يثبت حكم شرعي بالحديث الضعيف.
1 مقدمة ابن الصلاح بشرح العراقي ص113 ط العلمية بحلب.
وقال الإمام ابن العربي المالكي1: لا يعمل به مطلقا لا في الحلال والحرام ولا في الفضائل ونحوها.
وأجاز بعض الأئمة رواية الضعيف من غير بيان ضعفه والعمل به، ولكن بشروط:
1-
أن يكون الحديث في القصص، أو المواعظ، أو فضائل الأعمال، أو نحو ذلك مما لا يتعلق بصفات الله، وما يجوز له، وما يستحيل عليه سبحانه، ولا بتفسير القرآن ولا بالأحكام كالحلال والحرام، وغيرهما.
2-
أن يكون الضعف فيه غير شديد فيخرج حديث من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب، والذين فحش غلطهم في الرواية، والحديث الذي كثرت طرقه، ولم تخل طريق منها من شدة الضعف.
3-
أن يكون ما ثبت به مندرجًا تحت أصل من أصول الشريعة لئلا يثبت ما لم يثبت شرعًا به، وحينئذ يكون الضعيف مؤكدًا لما ثبت بذاك الأصل الكلي.
4-
أن لا يعتقد العامل به ثبوته بل يقصد الاحتياط والخروج من العهدة.
5-
أن لا يعارضه دليل آخر أقوى منه2.
والحق أنه لا يجوز رواية الضعيف إلا مقترنًا ببيان ضعفه وبخاصة
1 هو الإمام الحافظ العلامة القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي، ولد سنة ثمان وستين وأربعمائة، رحل مع أبيه إلى المشرق، وسمع من كثير من علماء عصره، وسمع عنه الكثيرون، أثنى عليه ابن بشكوال وقال: أخبرني أنه رحل إلى المشرق سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وسمعت بإشبيلية منه وقرطبة كثيرًا، وكان أبوه من علماء الوزراء، وكان فصيحًا مفوهًا شاعرًا، ولما مات أبوه بمصر رجع إمامنا إلى الأندلس، وقد قيل: إنه بلغ مرتبة الاجتهاد، صنف في الحديث، والفقه، والأصول، وعلوم القرآن، والأدب، والنحو والتواريخ، وكانت وفاته بالعدوة بفاس سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
2 الباعث الحثيث ص91، والتدريب ص196، والأسلوب الحديث في علوم الحديث لشيخنا الشيخ أمين الشيخ، بحث العمل بالضعيف.