الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو نواقص أو بعضها كامل وبعضها ناقص لم يصح ذلك، وهو ظاهر لمن تأمله.
وقد أجاب الشرف ابن البارزي ثم الحافظ ابن كثير في "بدايته" باحتمال وقوع الأشهر الثلاثة كوامل، وكان أهل مكة والمدينة قد اختلفوا في رؤية هلال ذي الحجة فرآه أهل مكة ليلة الخميس، ولم يره أهل المدينة إلا ليلة الجمعة فحصلت وقفة عرفات يوم الجمعة برؤية أهل مكة، ثم رجعوا إلى المدينة فأرخوا برؤية أهلها، فكان أول ذي الحجة الجمعة وآخره السبت، وأول المحرم الأحد، وآخره الاثنين، وأول صفر الثلاثاء وآخره الأربعاء، وأول ربيع الأول الخميس، فيكون الثاني عشر منه يوم الاثنين.
وأجاب البدر بن جماعة بجواب آخر فقال: "يحمل قول الجمهور لاثنتي عشرة خلت يعني بأيامها، فيكون موته صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر وتفرض الشهور كوامل فيصح قول الجمهور"، وكأنه لم يعتبر يوم الوفاة، وأما على قول الأولين -ابن البارزي وابن كثير- فاعتبروا يوم الوفاة فقد كانت وفاته صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحى وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بأكفانه بقية يوم الاثنين يصلي عليه المسلمون أرسالا فرادى لا إمام يجمعهم حتى كان يوم الثلاثاء ضحى فدفن فيه، وقيل: دفن ليلة الأربعاء والله أعلم.
الهجرة مبدأ التاريخ الإسلامي:
ومن الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة حدث الأحداث في الإسلام، كان ابتداء التاريخ الإسلامي، وقد كان العرب في الجاهلية يؤرخون بالأحداث العظيمة كحادث الفيل، وقد جاء الإسلام وهم على هذا، ثم فيه صدر الإسلام أرخوا بشهر المبعث، وهو شهر ربيع الأول الذي نبئ فيه النبي صلى الله عليه وسلم ثم لما هاجر المسلمون إلى المدينة أرخوا بها؛ إلا أنهم سموا
كل سنة أتت عليهم باسم حادثة وقعت فيها: كسنة القدوم، وسنة الإذن وسنة الأمر، وسنة الابتلاء، واستمر الأمر على هذا المنوال في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي خلافة الصديق رضي الله تعالى عنه، حتى كانت خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فيقال: إن أبا موسى الأشعري كتب إليه: إنه يأتينا من أمير المؤمنين كتب لا ندري بأيها نعمل؟ وقد قرأنا صكًا مجلة شعبان، فلم ندر أي الشعبانين: الماضي أم الآتي؟ ويقال: إن أمير المؤمنين عمر رفع إليه صك مجلة شعبان فقال: أي شعبان هو؟ ثم قال: إن الأموال كثرت فينا، وما قسمناه غير مؤقت، فكيف التوصل إلى ضبطه؟ واتفق أن قدم رجل من اليمن فقال للفاروق عمر: رأيت باليمن شيئًا يسمونه التاريخ يكتبونه من عام كذا، وشهر كذا، فقال عمر: إن هذا لحسن، فأرخوا فاجتمعوا وتشاوروا بمحضره، فقال قوم: نؤرخ بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال قوم بالبعث، وقال قوم من حين خروجه من مكة إلى المدينة، وقال قوم بالوفاة1، فقال الفاروق: أرخوا من خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وكان ذلك سنة سبع عشرة، ومن يومها وقد أصبحت الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي ولأجل أن لا يكون هناك خلاف بين مبدأ التاريخ ومبدأ السنة القمرية تأخروا بتاريخ الهجرة إلى شهر المحرم، وكان هذا توفيقًا عظيمًا من الله تبارك وتعالى للمسلمين وعلى هذا فلا يجوز للمسلمين -ولا سيما العرب- استبدال التاريخ الميلادي، أو التاريخ الشمسي بالتاريخ الهجري أو تقديم التاريخ الميلادي أو الشمسي عند الكتابة على التاريخ الهجري ولا سيما وقد أصبح التاريخ الهجري مما يميز المسلمين عن غيرهم، وفي صحيح البخاري عن سهل بن سعد "ما عدوا من مبعث
1 أما البعث فلم يؤرخوا به لأن الإسلام لم يكن قد ظهر، وأما الوفاة فلم يؤرخوا بها لما فيها من الذكرى المؤلمة، فلم يبق إلا الهجرة لأن بعدها ظهر الإسلام وانتشر.
النبي صلى الله عليه وسلم ولا من متوفاة، إنما عدوا من مقدمه المدينة"1.
1-
وتوفي الخليفة الأول الراشد أبو بكر الصديق في جمادى الأول سنة ثلاث عشرة يوم الاثنين، وقيل: ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء لثمان، وقيل: لثلاث بقين منه، وقيل: في جمادى الآخرة لسبع عشرة مضت منه، وقيل: غير ذلك. قال السيوطي:
والصحيح الذي جزم به الأئمة، وصححه الحفاظ، وثبت بأسانيد صحيحة عن عائشة وغيرها عشية ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة.
2-
وتوفي شهيدا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد في شهر ذي الحجة آخر يوم منه يوم الجمعة سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم السبت مستهل المحرم.
3-
وقتل شهيدا ذو النورين عثمان بن عفان في ذي الحجة ثاني عشر منه، وقيل: ثامن عشرة منه، وقيل: غير ذلك سنة خمس وثلاثين، وقيل: سنة ست وثلاثين، وهو ابن اثنتين وثمانين.
4-
وقتل شهيدا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في شهر رمضان ليلة الحادي والعشرين منه، وقيل: يوم الجمعة، وقيل: ليلتها سابع عشرة منه سنة أربعين للهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: غير ذلك.
5، 6- وقتل الصحابيان الجليلان: طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي، والزبير بن العوام القرشي الأسدي في يوم "وقعة الجمل" في يوم واحد في جمادى الأولى، وقيل: الآخرة وعليه الجمهور سنة ست وثلاثين للهجرة، قال الحاكم: كانا ابني أربع وستين سنة وقيل غير ذلك،
1 تدريب الراوي ص508، 509، والسيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة ح2 ص4، وشرح ألفية العراقي للسخاوي ج3 ص290.
قال السيوطي في "تدريبه": فائدة: قال الزبير بن بكار: أعرف الناس في القتل عمارة بن حمزة، بن مصعب بن الزبير بن العوام، قتل عمارة وأبوه حمزة يوم فديد، وقتل مصعبا عبد الملك بن مروان، وقتل الزبير يوم "الجمل" وقتل العوام يوم الفجار، زاد أبو منصور الثعالبي في كتابه "لطائف المعارف": وقتل خويلد أبو العوام في حرب خزاعة، قال: ولا نعرف في تاريخ العرب والعجم ستة مقتولين في نسب واحد إلا في آل الزبير.
7-
وتوفي سعد بن أبي وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح، وقيل: غير ذلك، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة أو أربع وسبعين، قال الأول المدائني، والثاني الفلاس.
8-
وتوفي عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: غير ذلك ابن خمس وسبعين سنة، وقيل: غير ذلك.
9-
وتوفي أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بطاعون عمواس سنة ثماني عشرة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة بلا خلاف في الأمريين.
10-
وتوفي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل سنة إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين، وقيل: ثمان وخمسين وهو ابن ثلاث وسبعين، وقيل: ثمان وسبعين رضي الله عنهم أجمعين1.
1 تدريب الراوي ص510، 511.