الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد سمي بعبد الله من الصحابة كثيرون قيل نحو مائتين وعشرين كما قال ابن الصلاح في مقدمته، واستدرك عليه ابن فتحون كثيرين، والذي حققه العراقي أنهم يبلغون نحو الثلاثمائة1.
1 مقدمة ابن الصلاح بشرحها ص262.
"
عدد الصحابة
":
قد حظي بشرف صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الألوف ممن لا يحصيهم العدد، ولا يجمعهم ديوان روى البخاري في صحيحه أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن تبوك:"وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ" يعني الديوان1، وروى الخطيب البغدادي بإسناده عن أبي زرعة الرازي، وقد قيل له: أليس يقال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟ فقال: ومن قال ذا؟ قلقل الله أنيابه، هذا قوله الزنادقة، ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع، وفي رواية: ممن رآه وسمعه، فقيل له: يا أبا زرعة أين كانوا؟ وأين سمعوا منه؟ قال: أهل المدينة، وأهل مكة ومن بينهما، والأعراب، ومن شهد معه حجة الوداع كل رآه، وسمع منه بعرفه.
وقد استشكل الحافظ العراقي التحديد بهذا العدد وقال: "وكيف يمكن الاطلاع على تحديد ذلك مع تفرق الصحابة في البلدان والبوادي والقرى" ثم قال: وقريب منه ما أسنده أبو موسى المديني في ذيله على كتاب "الصحابة" لابن منده على أبي زرعة الرازي قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة، وكل قد روى سماعا أو رؤية، وهذا لا تحديد فيه، فاعتراضه في الحقيقة على التحديد لا على الكثرة.
1 الديوان: السجل الذي يدون فيه أرزاق الجند والعمال وغيرهم ثم أطلق على المكان مجازا وهو معرب.
والذي يظهر لي أن أبا زرعة إنما أراد التقريب لا التحديد، وأنه قال ذلك اجتهادا فقد روى ابن الصلاح عن أبي زرعة أنه سئل عن عدة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ومن يضبط هذا؟ شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون ألفا، وشهد معه تبوك سبعون ألفا".
وروى أبو بكر الساجي في مناقب الشافعي بسند جيد عنه أنه قال: "قبض رسول الله والمسلمون ستون ألفا: ثلاثون ألفا بالمدينة، وثلاثون ألفا في قبائل العرب وغير ذلك"، والحق أن ضبط العدد على التحديد الدقيق متعذر وأن كلا قال ما قال على اجتهاده، وما وصل إليه علمه، ولعل ما ذكره أبو زرعة هو الأقرب إلى الحق والصواب.
ولا يشكلن عليك أن جميع ما ألف في الصحابة من كتب لا يزيد عددهم فيها عن عشر هذا المقدار إلا قليلا، وأوفاها وهو الإصابة مجموع التراجم التي فيها "12289" بما في ذلك المكرر للاختلاف في اسم الصحابي أو شهرته بلقب، أو كنية أو نحو ذلك، وبما فيه أيضا ممن ذكره بعض المؤلفين في الصحابة وليس منهم؛ لأنه ليس بلازم أن كل صحابي يصل خبره إلى الرواة المؤلفين مهما بالغوا في التتبع والاستقصاء، فكثير منهم أعراب حضروا حجة الوداع، ثم رجعوا إلى البادية، فلم يعلم عنهم خبر، وكثير منهم مات في حروب الردة، وفي الفتوحات في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وفي الطاعون العام كعمواس وغير ذلك، وكل هذا من أسباب خفاء الأسماء وضياع الأخبار.
ومهما يكن من شيء فتحديد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة آلاف مقالة زنديق ولا ريب يقصد بها التشكيك في الأصل الثاني من أصول التشريع في الإسلام وهي السنة، ورحم الله الإمام الجليل أبا زرعة لتنبيهه إلى ذلك، وشكر الله تبارك وتعالى له على هذه الالتفاتة الذكية الواعية، وليس أدل على هذا من أن الدواوين الواسعة المؤلفة في