الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس فيها بالفتح والذال المعجمة يعني: الهمذاني.
قال صاحب المشارق: لكن فيهما من هو من مدينة همذان إلا أنه غير منسوب قال: إلا أن في البخاري مسلم بن سالم الهمداني ضبطه الأصيلي بالسكون وهو الصحيح، وفي بعض نسخ النسفي بالفتح والإعجام وهو وهم، وقال العراقي: هذا اللفظ وقع في صحيح البخاري على الوهم والصواب النهدي -بفتح النون، وسكون الهاء- الجهني.
ومما يستحسن ذكره هنا ما قاله الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح بعد هذا المطاف الطويل قال: "هذه جملة لو دخل الطالب فيها لكانت رحلة رابحة، إن شاء الله تعالى، ويحق على الحديثي1 إيداعها في سويداء قلبه، وفي بعضها من خوف الانتقاص من تقدم في الأسماء المفردة، وأنا في بعضها مقلد كتاب القاضي عياض، ومعتصم بالله فيه، وفي جميع أموري وهو سبحانه أعلم"2.
1 الحديثي: نسبة إلى الحديث أي المشتغل به حفظا ورواية، ودراية.
2 التدريب شرح "التقريب" من ص464-478، ومقدمة ابن الصلاح بشرح العراقي من ص381-404، وشرح ألفية العراقي للسخاوي من ص211-244.
"
تعليق المؤلف
":
أقول: نعم -والله- إن هذه الجملة الكبيرة من الأسماء والأنساب كان يرحل فيما دونها إلى المدينة ومكة وإلى غيرهما من المدن والأمصار الإسلامية، ولعلك -يا قارئي الفطن- على ذكر مما ذكرته في بحث "الرحلة في سبيل العلم، وأن علماء الحديث ضربوا في ذلك مثلا نادرة نعم -والله- إن على الحديثي أن يضعها في سويداء قلبه، وعلى صفحات صدره، وبين عينيه حتى يعصم نفسه ولسانه من الزلل والغلط في نطق الأسماء والأنساب فإنه لعاب كبير على العالم -ولا سيما المحدث- أن يغلط في ذلك وأمثاله وأنا أحب من المستشرقين
ومتابعيهم من الكتاب المسلمين في العصر الأخير أن يتأملوا في هذا الباب وغيره من الأبواب التي تنم عن علم عزيز دقيق في التفرقة بين أسماء الرواة وأنسابهم -وما أكثرهم- هذه الفروق الدقيقة العجيبة التي قد تخفى على كثيرين من الأذكياء والألباء، لأنها لا تدرك بالعقل، ولا بالسابق واللاحق، وإنما تدرك بالمداومة على لقاء الشيوخ، والحفظ، ومداومة البحث والدرس والسهر، ومجافاة المضاجع، ولزوم المحابر والدفاتر.
كنت أحب منهم أن يقفوا من أئمة الحديث وحفاظه، ورواته، ونقاده موقف المنصف لا موقف المتحامل، والمتعصب عليهم، وأن لا يكون موقفهم موقف المقلد لصنم المستشرقين "جولدتسيهر"، ومما نذكره لبعض المستشرقين المتأخرين عنه أنهم قد تخلصوا من ربقة التقليد لجولدتسيهر، فجاءت أحكامهم أقرب إلى الحق والصواب في هذا الباب.
ومما يذكر للشيخ الإمام أبي عمرو بن الصلاح بالإكبار، والإعظام قوله:"وأنا في بعض ما ذكرت مقلد كتاب القاضي عياض" وهكذا فليكن العلماء الأصلاء يسندون الفضل لذويه، وهي -لعمر الحق- خصيصة من خصائص علمائنا الأوائل على سعة علمهم وجلالة أقدارهم، وما أجدر طلاب العلم وأهله أن يقتدوا بأسلافنا الأفاضل في هذا إن بعض الطلاب الذين يتقدمون اليوم بأطروحاتهم لنيل الإجازات التخصيصية يحاولون إخفاء إسناد الأفكار لذويها، ويزعمون أن ما يذكرون من بنات أفكارهم ومن ثمرات قراءاتهم وبحثهم، وهذا ما لا ينبغي أن يكون قط، وإثبات الشخصية العلمية المتميزة لا تكون بسرقة الأفكار، ولا بجحد فضل ذوي الفضل، وليكن لهم في أسلافنا العلماء خير قدوة.