الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
هذا العلم نظير علم أسباب النزول عند علماء علوم القرآن
":
وهذا العلم نظير النوع الذي يذكره علماء علوم القرآن في كتبهم، وهو النوع الخاص بأسباب النزول، والقرآن الكريم منه ما نزل على سبب خاص، ومنه ما لم ينزل على سبب خاص، بل نزل للتعليم والهداية والتفسير والإنذار.
وقد عرفوا سبب النزول: بأنه ما نزلت الآية أو الآيات مبينة لحكمه، أو متحدثة عنه إبان وقوعه، ومن أراد شرحا وافيا لهذا التعريف، فليرجع إلى كتابي:"المدخل لدراسة القرآن الكريم"1.
وعلى هذا يمكننا تعريف علم أسباب ورود الحديث فنقول:
هو علم يبحث فيه عن الأسباب الداعية إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث أولا، وهذا السبب قد يكون سؤالا، وقد يكون قصة، وقد تكون حادثة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بسببه أو بسببها، وسيتضح بضرب الأمثلة المراد، وقد جعل صاحب كتاب "البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف" شاملا للسبب الذي لأجله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث أولا، وللسبب الذي لأجله ذكر الصحابي الحديث فيما بعد مقالة النبي صلى الله عليه وسلم له أولا فقال في كتابه المذكور: وأفاد الحافظ ابن ناصر الدمشقي في التعليقة اللطيفة لحديث البضعة2 الشريفة أنه يأتي سبب الحديث تارة في عصر النبوة، وتارة بعدها، وتارة يأتي بالأمرين كحديث البضعة، أما سببه في عصر النبوة فخطبة علي رضي الله عنه ابنة أبي جهل على فاطمة رضي الله عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما فاطمة بضعة مني". الحديث3، وأما سببه بعد عصر النبوة فما رواه المسور4
1 ص132 ط الثانية.
2 بفتح الباء وسكون الضاد المعجمة وهي القطعة.
3 الحديث بتمامه: "إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها" ، رواه البخاري في كتاب النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغير. وكتاب الفضائل باب فضل فاطمة عليها السلام بلفظ: "
…
يغضبني ما آذاها" ، وفي غير ذلك. ومسلم، كتاب الفضائل، باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام.
4 المسور: بكسر الميم وسكون السين وفتح الواو، وهو ابن مخرمة صحابي صغير جليل.
تسلية وتعزية لآل البيت رضي الله عنهم، وذلك لما تلقاهم المسلمون حين قدموا المدينة بعد قتل الحسين رضي الله تعالى عنه، وكان فيمن تلقاهم المسور بن مخرمة، فحدث زين العابدين بن الحسين وأهل البيت رضي الله عنهم بهذا الحديث، وفيه التسلية عن هذا المصاب، وقد علم بما قرره أن من الأسباب ما يكون بعد عصر النبوة كما في أحاديث ذكروا أسباب ورودها عن الصحابة رضي الله عنهم، وقد نظر بعض المتأخرين في ذلك ولكن ذكرها أولى، لأن فيها بيان السبب في الجملة فإن الصحابة رضي الله عنهم حفظوا الأقوال، والأفعال، وحافظوا على الأطوار والحوال، فيكون السبب في الورود عنهم مبينا لما لم يعلم سببه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي أبواب الشريعة والقصص وغيرها أحاديث لها أسباب يطول شرحها، وما ذكرناه أنموذج لمن يرغب في سلوك هذه المسالك، ومدخل لمن يريد أن يصنف مبسوطا في ذلك1.
أقول: والحق أن سبب الورود إنما يراد به السبب الذي بسببه قال النبي صلى الله عليه وسلم الحديث، أما ذكر الصحابي للحديث فيما بعد ليستدل به في مناسبة من المناسبات، فإنه لا يسمى سبب ورود، وإنما يسمى:"سبب ذكر"، فنقول مثلا: والسبب في ذكر الصحابي رضي الله عنه الحديث هو كذا.
فذكر الصحابي المسور بن مخرمة التابعي الجليل علي زين العابدين وآل البيت الكرام هذا الحديث؛ لتسليتهم وحملهم على الصبر والتحمل لا يعتبر سبب ورود أبدا، وإنما يعتبر سببا لذكره، وفرق بين الأمرين، فليتنبه إلى هذا التحقيق أهل الحديث وطلبته.
1 البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف الجزء الأول ص34، 35 ط دار التراث العربي.