الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجهين من قوله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا"، فمن كسر قال: إن معناه مقارب لحديث غيره، ومن فتح قال: معناه أن حديثه يقاربه حديث غيره، ومادة فاعل تقتضي المشاركة انتهى وممن جزم بأن الفتح تجريح البلقيني في "محاسن الاصطلاح" وقال: حكى ثعلب: تبر مقارب أي رديء. انتهى.
"فائدة أخرى":
قول العلماء "إلى الصدق ما هو، وللضعف ما هو" معناه قريب من الصدق والضعف فحرف الجر يتعلق بقريب مقدرا، و"ما" زئدة في الكلام -أي هو قريب من الصدق، والضعف- كما قال عياض والنووي في حديث الجساسة الذي رواه مسلم:"من قبل المشرق ما هو" المراد إثبات أنه في جهة المشرق.
وقولهم واه بمرة أي قولا واحدا لا تردد فيه، فكأن الباء زائدة، وقولهم: تعرف وتنكر أي يأتي مرة بالمشاهير أي الأحاديث المعروفة ومرة بالمناكير.
"
ألفاظ التجريح، ومراتبها
":
أما مراتب ألفاظ التجريح فهي ست، وسنرتبها من الأدنى إلى الأعلى:
المرتبة الأولى: فلان فيه مقال، أو ضعيف، أو لين الحديث ونحوها.
المرتبة الثانية: فلان لا يحتج به أو ضعفوه، أو منكر الحديث ونحوها.
المرتبة الثالثة: فلان مردود الحديث، أو ضعيف جدا، أو واه بمرة ونحوها.
المرتبة الرابعة: فلان متهم بالكذب أو الوضع أو ساقط، أو متروك
أو هالك ونحوها.
المرتبة الخامسة: فلان كذاب أو دجال، أو وضاع ونحوها.
المرتبة السادسة: فلان أكذب الناس أو إليه المنتهى في الكذب ونحوهما وهذه المراتب الأربعة الأخيرة لا يلتفت إلى من اتصف بها ولا إلى أحاديثه، ولا يعتبر بها ولا يستشهد ومن روى شيئا منها من غير بيان فهو داخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم:"من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين". رواه مسلم في مقدمة الصحيح.
"فائدة مهمة":
ومن ألفاظهم في التجريح أيضا: فلان له بلايا أو هذا الحديث من بلاياه قال برهان الدين الحلبي: هو كناية عن الوضع فيما أحسب، وكذا قولهم: له طامات وأوابد، ويأتي بالعجائب قال البرهان الحلبي، فلا أدري أتقتضي اتهام المقول فيه ذلك بالكذب، أم لا تفيد غير وصف حديثه بالنكارة.
وقال أيضا: والظاهر أن قولهم: آفته فلان -كناية عن الوضع، ويحتمل أن يكون المراد- آفته في رده ونكارته.
وإن قالوا: آفته فلان فهذا محل التردد، وكذلك قولهم:"له أحاديث مناكير" لا يقتضي ترك روايته حتى تكثر المناكير فيها، وحينئذ يقال فيه: منكر الحديث، وروى مناكير.
وفي شرح الإلمام لابن دقيق العيد: إن منكر الحديث موصوف بالترك وأما "روى أحاديث منكرة" فوصف بوقوع ذلك منه في حين من الأحيان لا دائما وذكر ابن حجر في "التقريب": "أن ابن حنبل يطلق على من يغرب على أقرانه في الحديث: أي يأتي بالغرائب: أنه منكر الحديث.
فعلى الناظر في كتب الجرح والتعديل، وكتب الرجال أن يدقق ويحقق ويبحث في اصطلاحات العلماء حتى يصل إلى الحق والصواب فيما يذكرون.
فائدة مهمة:
ذكر الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" في ترجمة "محمد بن خالد الطحان الواسطي "عن أبي زرعة1 أنه سأل أباه عنه، فقال:"هو على يدي عدل" قال الحافظ: ومعناه أنه قريب من الهلاك، وهذا القول مثل للعرب، ومورده: أنه كان لتبع2 على شرطته رجل يقال له: عدل بن سعد العشيرة، فإذا أراد تبع قتل شخص دفعه إليه ليقتله، فضرب به المثل لمن ييأس منه الناس وقرب من الهلاك كما ذكره ابن قتيبة والثعالبي وأخطأ من ظن أنه من ألفاظ التوثيق"، وفي القاموس المحيط "مادة "عدل" ج4 ص13": "العدل: ضد الجور وما قام في النفوس أنه مستقيم
…
وبلا لام -يعني وبلا ألف ولام- رجل ولي شرطة تبَّع فإذا أريد قتل رجل دفع إليه، فقيل لكل ما يئس منه: وضع على يدي عدل".
"تنبيه مهم":
ما ينبغي أن يعلم أن بعض الأئمة المجروحين كانوا يراعون العفة في القول، ويتحرجون من ألفاظ النقد الجارحة.
ومن هؤلاء إمام الأئمة البخاري -رحمه الله تعالى- فإنه كان يقول: فلان فيه نظر، وسكتوا عنه، وهاتان العبارتان يقولهما البخاري فيمن تركوا حديثه.
1 أبو زرعة هو الإمام الحافظ عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبو زرعة الرازي إمام حافظ ثقة مشهور من الطبقة الحادية عشرة توفي سنة أربع وستين ومائتين وله أربع وستون سنة.
2 تبع بضم التاء المثناة وفتح الباء المشددة، آخره عين مهملة من ملوك اليمن.