الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
المنقطع
":
تعريفه:
قد اختلفت آراء العلماء في تعريف المنقطع، وهاك آراءهم في ذلك:
"الأول" تعريف الحاكم أبي عبد الله:
المنقطع: هو ما سقط فيه قبل الوصول إلى التابعي راوٍ في موضع أو في مواضع، أو ذكر فيه بعض الراوة بلفظ مبهم نحو رجل أو شيخ مثلًا.
فالفرق بينه وبين المرسل عنده أن المرسل ما رواه التابعين عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر الصحابي.
وانتقد تعريف الحاكم: بأن الصحيح أن يقال: "إلى الصحابي"؛ لأن ما سقط منه التابعي يسمى معضلًا لا منقطعًا.
وبأن ما روي عن شخص مبهم لا يوافقه عليه الأكثرون من العلماء، فإنهم لا يسمونه منقطعًا بل هو متصل في إسناده مجهول كما نبه على ذلك الإمام العراقي في تعليقاته على "علوم الحديث" لابن الصلاح.
مثال ما حذف فيه راوٍ واحد في أكثر من موضع ما رواه عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن زيد بن يُثَيْع1 عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن وليتموها أبا بكر فقويّ أمين
…
" الحديث.
فهذا إسناد ظاهره الاتصال، ولكن إذا تأمل فيه الماهر في صنعة الحديث وجده منقطعًا في موضعين؛ لأن عبد الرزاق لم يسمعه من الثوري، وإنما سمعه من النعمان بن أبي شيبة الجندي2 عن الثوري؛ ولأن الثوري لم يسمعه أيضًا من أبي إسحاق، إنما رواه عن شريك عن أبي إسحاق، ومثال
1 بضم الياء التحتية وفتح الثاء وإسكان الياء التحتية، ويقال: أثيع بهمزة بدل الياء.
2 بفتح الجيم والنون.
الثاني: الحديث الذي رواه أبو العلاء بن الشِّخِّير1 عن رجلين عن شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء في الصلاة: "اللهم إني أسألك الثبات في الأمور وعزيمة الرشد، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأستغفرك لما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأسألك من خير ما تعلم". قال الحاكم: هذا مثال لنوع من المنقطع لجهالة الرجلين بين أبي العلاء بن الشخير، وشداد بن أوس.
أقول: وقد علمت الحق في مثل هذا آنفا.
الثاني: تعريف الفقهاء وبعض المحدثين كالخطيب وابن عبد البر:
المنقطع: هو ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان سواء أكان الساقط منه الصحابي أو غيره، إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال عند الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر ما يوصف بالانقطاع ما رواه من دون التابعي عن الصحابي، وسواء أكان من أول السند أو وسطه أو آخره، وسواء أكان الساقط واحدا أم أكثر. قال ابن الصلاح في مقدمته:"وهذا المذهب أقرب، صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم، وهو الذي ذكره الحافظ أبو بكر في كفايته"2.
ولعلك على ذكر مما ذكرناه لك في تعريف المرسل عند الفقهاء، وعلى ذلك يكون المنقطع والمرسل عندهم عند الإطلاق سواء، وتكون النسبة بينهما التوافق.
"مثاله": مالك عن ابن عمر
…
فإن مالكا رضي الله عنه لم
1 بكسر الشين المعجمة وتشديد الخاء المعجمة المكسورة.
2 هكذا في "علوم الحديث" ص46، وفي مختصره لابن كثير في كتابيه، وللخطيب كتابان في علوم الحديث: أحدهما يسمى "الكفاية في قوانين الرواية"، والثاني يسمى:"الجامع لآداب الشيخ والسامع". فلعل المراد الأول المسمى بالكفاية على ما في المقدمة، أو هما معا كما في المختصر.
يسمع من ابن عمر، وإنما سمع من نافع عن ابن عمر، ومن أمثلته التعاليق التي في صحيح البخاري ومسلم عن غير شيوخهما، ومراسيل أبي داود ونحوها.
"القول الثالث": المنقطع: هو ما روي عن التابعي، أو من دونه قولا كان أو فعلا، وهذا القول غريب ضعيف لأن المعروف أن ذلك يسمى مقطوعا لا منقطعا وبينهما فرق.
"تعريف المحققين من المحدثين":
ذهب المحققون من المحدثين كالحافظين العراقي وابن حجر وغيرهما إلى ما يأتي:
المنقطع: هو ما سقط منه قبل الصحابي راوٍ واحد في موضع أو في مواضع، فإن سقط منه واحد في موضع قيل له: منقطع، فإن سقط منه اثنان في موضعين قيل له: منقطع في موضعين وهكذا.
أما إن سقط منه الصحابي فهو المرسل، وإن سقط منه اثنان على التوالي فهو المعضل، وعلى هذا تكون النسبة بين المرسل والمنقطع، والمعضل التباين، ولو استبعدنا من تعريف الحاكم ما ذكرنا فيه أحد الرواة بلفظ مبهم، لكان تعريفه موافقا لتعريف المحققين من المحدثين.
ومثال المنقطع عند المحدثين المثال الذي ذكرناه أولا.
"بم يعرف الانقطاع؟ ":
يعرف الانقطاع بين الراوي والمروي عنه؛ إما بعدم المعاصرة، أو بعدم الاجتماع به واللقى، ولم تكن له منه إجازة، وذلك يعرف من جهة علم "تاريخ الرجال" المبين لمواليد الرواة ووفياتهم وتعيين أوقات طلبهم، وارتحالهم ولقاءاتهم، ولذلك عني المحدثون بعلم تاريخ الرجال عناية فائقة، وألفوا في ذلك كتبا كثيرة وواسعة ذكروا فيها كل راوٍ