الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الأحاديث إلا إذا عزاه إلى مخرجه أو بينت درجته من الصحة أو الحسن أو الضعف وقد ينفر من هذا بعض المقلدة ولكنه الحق الذي لا محيص عنه.
"
الموضوع وكتب الوعظ، والتصوف، والأخلاق
":
وكذلك كتب الوعظ والتصوف والأخلاق ذكرت فيها بعض الأحاديث الضعاف والموضوعة، ومن هذه "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي، و"قوت القلوب" لأبي طالب المكي، و"غنية الطالبين" للجيلاني ونحوها، وكتاب الإحياء من أجل كتب الوعظ والأخلاق والتربية لولا ما شابه من ذكر أحاديث ضعيفة وموضوعة، ومما ذكر في هذا الكتاب من الموضوعات ما ذكره في فضل العقل وشرفه وأقسامه، وقد حكم عليها النقاد بالوضع حتى قالوا:"لم يثبت في فضل العقل شيء"، وليس معنى هذا أن الإسلام لا يكرم العقل ولا يقر بشرفه، ولكن لا يكون ذلك عن طريق الكذب على الرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر كثيرا من الموضوعات والضعاف في أبواب صلوات أيام الأسبوع ولياليه. قال الإمام العراقي:"ليس يصح في أيام الأسبوع ولياليه شيء"، وفي الكتاب طامات وأحاديث باطلة كثيرة.
وقد أحسن الإمام العراقي صنعا حينما خرج أحاديث الإحياء وبين صحيحها من ضعيفها ولذلك أنصح كل من يقرأ الإحياء ألا يعتمد على ما يذكره من أحاديث، إلا بعد الاطلاع على تخريج العراقي، وإلا وقع في إثم الكذب وهو لا يشعر. وكتاب الغنية للجيلاني أشد خطرا من الإحياء، وكتاب "قوت القلوب" أقل الثلاثة موضوعا، وكتاب:"تنبيه الغافلين" للسمرقندي يجب الحذر مما فيه من موضوعات وإسرائيليات وكذا كتاب "بستان العارفين" له، ومما ينبغي الحذر منه كتاب "نزهة المجالس"، فقد أفسد عقول العامة بما فيه من خرافات وأكاذيب، ولما ألف
الصفوري هذا الكتاب عارضه برهان الدين الناجي محدث دمشق، وبين كثرة ما فيه من موضوع، وقد جمع منه رسالة وأرسلها إلى الإمام السيوطي بمصر فوافقه على كثير منها بالوضع والاختلاق.
ومن الكتب التي وقع فيها الموضوع كتاب "عوارف المعارف": للسهروردي المتوفى سنة 632هـ.
فقد ذكر في فضائل التواجد والرقص عند سماع الغناء ورمي الخرقة أحاديث مكذوبة قبح الله من وضعها، وله كتاب في "صفة التصوف" روى فيه مرويات باطلة، وقد أفتى الإمام النووي ببطلانها1.
ومن الكتب التي وقع فيها الموضوع كتاب "الحلية" لأبي نعيم، ومع أنه من الحفاظ فقد تساهل في ذكره أحاديث بأسانيدها من غير تنبيه على وضعها، ولعله ممن يرى أن ذكر السند يعفى من التبعة.
هذا وإني أرى لزاما عليّ في هذا المقام أن أسدي النصح -والدين النصيحة- لإخواننا الوعاظ والمرشدين والأئمة، والخطباء، والمؤلفين والمحاضرين أن لا يعتمدوا على هذه الكتب وأشباهها في الثقة بالأحاديث والاعتماد عليها فيما ذكرته، ومؤلفوها مع جلالتهم إلا أنهم ليسوا من أئمة الحديث، الناقدين له، العارفين بصحيحه ومعلوله، وفي كتب السنن المعتمدة متسع، كالكتب الستة والموطأ، و"مسند" الإمام أحمد، و"الترغيب والترهيب" للمنذري و"رياض الصالحين" للإمام النووي مع التحري والتخير من الكتب التي لم يلتزم مؤلفوها فيها الصحة، إنهم إن فعلوا ذلك فقد أرضوا الله ورسوله، ورفعوا منار الحق، وأزهقوا الباطل.
1 نذكر الموضوعات للفتني ص198.