الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
مراتب الجرح والتعديل
":
وإليكم بيان مراتب التعديل على ضوء ما ذكرها الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه القيم "تقريب التهذيب" مرتبة من الأعلى إلى الأدنى، ومضافا إليها زيادات من كلام غيره من العلماء.
المرتبة الأولى: الوصف بما يدل على المبالغة وهو الوصف بأفعل؛ مثل فلان أوثق الناس، وأعدل الناس وإليه المنتهى في التثبت ومثله قول الشافعي في ابن مهدي: لا أعرف له نظيرا في الدنيا ومثله: أيضا قول حسان بن هشام في ابن سيرين: حدثني أصدق من أدركت من البشر.
قال السيوطي: قلت: ومنه: لا أحد أثبت منه، ومن مثل فلان؟ وفلان لا يسأل عنه، ولم أر من ذكر هذه الثلاثة وهي في ألفاظهم.
المرتبة الثانية: ما كرر فيه أحد ألفاظ التعديل إما لفظا كثقة ثقة، أو ثبت ثبت1 أو حجة حجة، أو معنى كثقة حجة، أو ثقة حافظ، أو ثقة حجة، أو حجة حافظ إلى نحو ذلك.
المرتبة الثالثة: ثقة، أو ثبت، أو حجة، أو إمام، أو حافظ، أو متقن، أو عدل إلى نحو ذلك.
المرتبة الرابعة: من قصر عن درجة الثالثة قليلا وإليه الإشارة بقولهم: صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به قال ابن أبي حاتم: فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية -يعني على حسب
1 الثبث -بسكون الباء- المتثبت في أموره كما في "المصباح المنير" وفي "مختار الصحاح" مادة "ثبت": "ورجل ثبت -بسكون الباء- أي ثابت القلب، ورجل له ثبت عند الحملة بفتح الباء أي ثبات، وتقول: لا أحكم بكذا إلا بثبت -بفتح الباء- أي بحجه" وثبت الجنان أي ثاقب القلب، ورجل ثبت -بفتح الباء- عدل ضابط وعلى هذا يقال: رجل ثبْت، وثبَت -بسكون الباء وفتحها- ويطلق الثبَت -بفتح الباء- على ما يثبت فيه المحدث مسموعه مع أسماء المشاركين فيه؛ لأنه كالحجة عند الشخص لسماعه وسماع غيره وهو أمر اصطلاحي ولكن له أصل في اللغة.
تقسيمه- زاد العراقي، أو مأمون، أو خيار، أو ليس به بأس، ومن العلماء من فرق بين: صدوق، وبين: محله الصدق وهو الذهبي وتبعه العراقي فجعل صدوق من هذه، محله الصدق ما بعدها، لأن صدوقا صيغة مبالغة، بخلاف محله الصدق، فإنه دال على أن صاحبها محله، ومرتبته مطلق الصدق وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن عبد الرحمن بن مهدي قال وحدثنا أبو خلدة -بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام- فقيل له: أكان ثقة؟ قال: كان صدوقا، وكان مأمونا، وكان خيرا، الثقة: شعبة، وسفيان، وهذا يدل على تفرقتهم بين ثقة، وبين صدوق ونحوه.
المرتبة الخامسة: من قصر عن درجة الرابعة قليلا، وقد مثل لها ابن أبي حاتم بقوله: شيخ، وقال: يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية -يعني على حسب تقسيمه- وزاد العراقي في هذه الرتبة مع قولهم: محله الصدق: إلى الصدق ما هو، شيخ وسط، جيد الحديث، حسن الحديث، وزاد شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر قولهم: صدوق سيئ الحفظ، أو صدوق يهم، أو: له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بأخرة1.
قال الحافظ ابن حجر: ويلحق بذلك من رمي بنوع من البدعة كالتشيع2، والقدر3، والنصب4، والإرجاء5، والتجهم مع بيان
1 بأخرة: بهمزة، وخاء، وراء مفتوحات ثم تاء مثناة مربوطة ويجوز كسر الخاء أي اختل ضبطه في آخر عمره وآخر أمره، ويقال أيضا: بآخرة بمد الهمزة وكسر الخاء، وبالتاء المربوطة، ويقال أيضا بالهاء ضمير الغائب.
2 التشيع، يطلق على الانتصار لسيدنا علي رضي الله عنه، من غير انتقاص الشيخين أو عثمان رضي الله عنهم.
3 القدرية هم الذين يقولون: بأن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية، أما القدرية الذين كانوا يقولون: إن الأمر أنف، وأن الله لا يعلم الأشياء قبل وقوعها فقد انقرضوا، وانقرض مذهبهم.
4 النصب: بفتح النون وسكون الصاد المهملة: هو الانحراف على علي رضي الله عنه والنيل منه.
5 الإرجاء: الإرجاء نوعان: الأول أن الإيمان إقرار باللسان فقط ولو مع عدم الإيمان بالقلب وأن الكبيرة لا تضر مع الإيمان، وهذا ضلال والاتصاف به جرح شديد.
والثاني: اعتقاد أن الأعمال ليست جزءا من الإيمان، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن أمر المؤمنين يرجأ إلى الله تعالى، فلا يحكم لهم بجنة ولا نار وهذا يطبق عليه ما قلناه في رواية المبتدع.
الداعية من غيره.
المرتبة السادسة: صالح الحديث ونحو ذلك قال ابن أبي حاتم: من قيل فيه ذلك هو يكتب حديثه وينظر فيه يعني يكتب حديثه للاعتبار.
المرتبة السابعة: قال الحافظ: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وإليه الإشارة بلفظ مقبول حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.
المرتبة الثامنة: ما أشعر بالقرب من التجريح وهو أدنى المراتب كقولهم ليس ببعيد من الصواب، صويلح الحديث، مقارب الحديث، يكتب حديثه، ونحو ذلك، وما ينبغي أن يعلم أن بعض الكلمات قد يعتبرها بعض العلماء من مرتبة، والآخر يعتبرها من مرتبة أخرى فلا يشكلن عليك الأمر وإنما هو يرجع إلى اختلاف الاعتبار والأنظار.
"فائدة":
قولهم: مقارب الحديث قال العراقي: ضبط في الأصول الصحيحة بكسر الراء، وقيل: إن ابن السيد حكى فيه الفتح والكسر، وأن الكسر من ألفاظ التعديل، والفتح من ألفاظ التجريح قال: وليس ذلك بصحيح بل الفتح والكسر معروفان حكاهما ابن العربي في "شرح الترمذي" وهما على كل حال من ألفاظ التعديل، وممن ذكر ذلك الذهبي.
قال: وكأن قائل ذلك فهم من فتح الراء إن الشيء المقارب هو الرديء وهذا من كلام العوام وليس معروفا في اللغة، وإنما هو على