الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
رواية الأكابر عن الأصاغر
":
قد يروي الكبير القدر، أو السن، أو هما معا عمن دونه في كل منهما أو فيهما الأصل في هذا الباب ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته عن تميم الداري الصحابي العابد الناسك العالم مما أخبر به عن رؤية الدجال في تلك الجزيرة التي في البحر في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في قصة الجساسة1.
وروايته عن مالك بن مزرد، وقيل: ابن مرارة، وقيل ابن مرة الرهاوي فيما أخرجه ابن منده في الصحابة بسنده عن زرعة بن سيف بن ذي يزن: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه كتابا، وأن مالك بن مزرد الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت وقاتلت المشركين، فأبشر بخير
…
" الحديث.
وكذا ما ثبت في صحيح البخاري من رواية معاوية بن أبي سفيان عن مالك بن يخامر2 عن معاذ، وهو قوله:"وهم بالشام" في حديث: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله" ، رواه الشيخان.
فائدة معرفة هذا: من فائدة معرفة هذا النوع أن لا يتوهم أن المروي عنه أكبر وأفضل لكونه الأغلب في ذلك تنزيلا لأهل العلم منازلهم وفي مقدمة صحيح مسلم تعليقا بصيغة التمريض أي التضعيف قال: وذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم"، ورواه أبو داود في "سننه" وفي سنده انقطاع.
أقسامه: وينقسم إلى أقسام ثلاثة:
الأول: أن يكون الراوي أكبر سنا وأقدم طبقة من المروي عنه كالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك بن أنس، وكالأزهري أبي القاسم عبيد الله بن أحمد في روايته عن تلميذه الخطيب البغدادي، وهو إذ ذاك شاب.
الثاني: أن يكون الراوي أكبر قدرا لا سنا كحافظ عالم روى عن
1 صحيح مسلم -كتاب الفتن وأشراط الساعة- باب قصة الجساسة.
2 ومعاوية صحابي، ومالك بن يخامر تابعي كبير، وقد عده بعضهم في الصحابة ولم يثبت له ذلك.
شيخ ممن لا علم عنده مثل مالك في روايته عن عبد الله بن دينار، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسى العبسي.
الثالث: أن يكون الراوي أكبر من المروي عنه من الوجهين معا مثل عبد الغني بن سعيد الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري تلميذه، وكالبرقاني في روايته عن الخطيب البغدادي، وكالخطيب في روايته عن ابن ماكولا1.
ومن هذا القسم الثالث من رواية الأكابر عن الأصاغر رواية الصحابة عن التابعين كالعبادلة وغيرهم من الصحابة كأبي هريرة ومعاوية، وأنس في روايتهم عن كعب الأحبار.
ومنه أيضا رواية التابعي عن تابع التابعي كالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن مالك، وكعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ليس تابعيا، وروى عنه منهم أي التابعين أكثر من عشرين نفسا فيما جمعهم الحافظ عبد الغني بن سعيد في جزء له، بلغ بهم تسعة وثلاثين، وقيل أكثر من سبعين قاله الحافظ أبو الفضل الطبسي2، وعدهم الحافظ أبو الفضل العراقي فبلغ بهم نيفا وخمسين، وذكرهم عنه صاحب التدريب3.
وما جزم به ابن الصلاح وتبعه النووي من كون عمرو بن شعيب ليس تابعيا تبع فيه الحافظ عبد الغني بن سعيد، وأبا بكر النقاش المفسر4 رده الحافظ العراقي في "التقييد والإيضاح على علوم ابن
1 هو الأمير أبو نصر عليّ بن الوزير أبي القاسم هبة الله بن عليّ بن جعفر البغدادي المعروف بابن ماكولا، وهو اسم أعجمي قال ابن خلكان: لا أعرف معناه توفي سنة خمس وسبعين وأربعمائة، وقيل: سنة ست وثمانين أو سبع أو تسع وثمانين.
2 نسبة إلى طبس وهي بين نيسابور، وأصبهان، وكرمان، وكانت وفاته في حدود سنة ثمانين وأربعمائة.
3 ص425.
4 وهو ضعيف.