الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوها
أقسام المتفق والمفترق
…
"المتفق والمفترق من الأسماء، والأنساب ونحوها":
وهو ما اتفق خطًّا ولفظًا وافترقت مسمياته بخلاف النوع الذي قبله فإن فيه الاتفاق في صورة الخط مع الافتراق في اللفظ.
قال ابن الصلاح: وهذا من قبيل ما يسمى في أصول الفقه "المشترك" وقد زلق1 بسببه غير واحد من الأكبر ولم يزل الاشتراك من مظان الغلط في كل علم وقال السيوطي في "تدريبه" وإنما يحسن إيراد ذلك فيما إذا اشتبه الراويان المتفقان في الاسم لكونهما متعاصرين واشتركا في بعض شيوخهما أو في الرواة عنهما.
"المؤلفات فيه" وللخطيب البغدادي أحمد بن عليّ بن ثابت المتوفى سنة ستين وثلاثمائة كتاب نفيس فيه، سماه "المتفق والمفترق" وذلك على إعواز فيه، ذلك أنه مع كونه كتابًا حافلًا غير مستوفٍ للأقسام التي ذكرها ابن الصلاح ومن تابعه.
أقسام المتفق والمفترق:
القسم الأول: من اتفقت أسماؤهم، وأسماء آبائهم.
ومثاله: الخليل بن أحمد ستة.
أحدهم وهو أولهم: الخليل بن أحمد شيخ سيبويه صاحب النحو والعروض بصري روى عن عاصم الأحول وآخرين، ولد سنة مائة وتوفي سنة سبعين ومائة وقيل: سنة بضع وستين، ولم يسم أحد بأحمد بعد النبي صلى الله عليه وسلم قبل أبي الخليل هذا، قاله أبو بكر بن أبي خيثمة، وقال المبرد: فتش المفتشون فما وجدوا بعد نبينا صلى الله عليه وسلم من اسمه أحمد قبل أبي الخليل.
قال ابن الصلاح: واعترض ذلك بأبي السفر2 سعيد بن أحمد فقد
1 أي أخطأ عن غير تعمد.
2 بفتح السين، وفتح الفاء.
سماه بذلك ابن معين وهو أقدم وأجيب بأن أكثر أهل العلم قالوا فيه سعيد بن يحمد لا ابن أحمد.
الثاني: أبو بشر المزني البصري حدث عن المستنير بن أخضر، وعنه العباس العنبري قال الخطيب: ورأيت شيخا من شيوخ أصحاب الحديث يشار إليه بالفهم والمعرفة جمع أخبار الخليل العروضي، ومن روى عنه، فأدخل في جمعه أخبار الخليل هذا ولو أمعن النظر لعلم أن العنبري يصغر عن إدراك الخليل العروض.
الثالث: أصبهاني روى عن روح بن عبادة وعيره وقد صحح العراقي أن هذا الثالث يسمى: "الخليل بن محمد" لا "ابن أحمد" كما سماه بذلك أبو شيخ في طبقات الأصبهانيين، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، وغلط في العراقي من سماه "ابن أحمد" كابن الصلاح، وابن الجوزي، والهروي في كتاب "مشتبه أسماء المحدثين".
الرابع: أبو سعيد السجزي القاضي بسمرقند الحنفي حدث عن ابن خزيمة وابن صاعد، والبغوي، وعنه الحاكم مات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
الخامس: أبو سعيد البستي القاضي سمع من الخليل السجزي المذكور قبله، وأحمد بن المظفر، وروى عنه البيهقي.
السادس: أبو سعيد البستي الشافعي فاضل تصرف في علوم، دخل الأندلس وحدث عن أبي حامد الإسفراييني، وروى عنه أبو العباس أحمد بن عمر العذري.
قال السيوطي: من أمثلة هذا القسم أنس بن مالك عشرة، روى منهم الحديث خمسة:
الأول: خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنصاري نجاري يكنى أبا حمزة نزل البصرة.
والثاني: كعبي قشيري يكنى أبا أمية نزل البصرة أيضا ليس له عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديث: "إن الله وضع عن المسافر الصيام وشطر الصلاة" أخرجه أصحاب السنن الأربعة.
الثالث: أبو مالك الفقيه، والرابع: حمصي، والخامس: كوفي.
القسم الثاني: من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم، وأجدادهم، أو أكثر من ذلك مثاله: أحمد بن جعفر بن حمدان، وهم أربعة كلهم يرون عمن يسمى عبد الله وكلهم في عصر واحد.
أحدهم: القطيعي1 أبو البغدادي يروي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل المسند وغيره وعنه أبو نعيم الأصبهاني، مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة.
الثاني: السقطي أبو بكر البصري يروي عن عبد الله بن أحمد الدورقي، وعنه أبو نعيم أيضا مات سنة أربع وثلاثمائة.
الثالث: دينوري يروي عن عبد الله بن محمد بن سنان صاحب محمد بن كثير، صاحب سفيان الثوري، وعنه عليّ بن القاسم بن شاذان الرازي.
الرابع: طرسوسي2 يكنى أبا الحسن يروي عن عبد الله بن جابر الطرسوسي وعنه أبو الحسن الخضيب ابن عبد الله الخضيبي.
ومن ذلك: محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري اثنان في عصر واحد روى عنهما أبو عبد الله الحاكم.
أحدهما: أبو العباس الأصم.
الثاني: أبو عبد الله بن الأخرم قال ابن الصلاح ويعرف بالحافظ
1 القطيعي بفتح القاف، وكسر الطاء مكبرا نسبة إلى القطيعة محلة ببغداد.
2 طرسوس: بفتح الطاء، والراء وضم السين المهملة بلد، ولا يخفف إلا في الشعر؛ لأن فعلولا ليس من أبنيتهم "مختار الصحاح".
دون الأول قال العراقي: ومن غرائب الاتفاق في ذلك: محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم الأنباري، والحافظ أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر النيسابوري، وأبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة البغدادي ماتوا سنة ستين وثلاثمائة.
القسم الثالث: ما اتفق في الكنية والنسبة معا كأبي عمران الجوني اثنان: أحدهما: عبد الملك بن حبيب الجوني التابعي، وسماه الفلاس عبد الرحمن، ولم يتابع عليه مات سنة تسع وعشرين ومائة والآخر: موسى بن سهل بن عبد الحميد البصري، متأخر الطبقة، روى عن الربيع بن سليمان المرادي صاحب الإمام الشافعي، وعنه الإسماعيلي، والطبراني أبو بكر بن عياش: ثلاثة.
أحدهم القارئ المشهور والثاني: حمصي الذي روى عنه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال ابن الصلاح: وهو مجهول، وجعفر غير ثقة، والثالث السلمي الباجدائي1 صاحب "غريب الحديث" واسمه حسين بن عياس بن حازم، له ترجمة في "التهذيب" مات سنة أربع ومائتين، وأفراد العراقي هذا المثال بقسم، وهو ما اتفق فيه الكنية واسم الأب.
القسم الرابع: عكسه بأن اتفق فيه الاسم وكنى الأب كصالح بن أبي صالح، وهو أربعة تابعيون:
أحدهم: صالح بن أبي صالح مولى التوأمة، واسم أبيه نبهان وكنيته هي أبو محمد، مدني روى عن أبي هريرة، وابن عباس، وأنس، وغيرهم، مختلف في الاحتجاج به والتوأمة هي بنت أمية بن خلف الجمحي.
1 الباجدائي ينسب إلى باجدا بفتح الباء الموحدة والجيم وتشديد الدال المهملة قربة من نواحي بغداد وهو أبو الحسن سلامة بن سليمان حدث ببغداد عن أبي يعلى الموصلي وغيره.
والثاني: الذي أبوه أبو صالح اسمه ذكوان السمان، مدني يكنى بأبي عبد الرحمن روى عن أنس، وأخرج له مسلم.
والثالث: السدوسي روى عن عليّ وعائشة، وعنه: خلاد بن عمر، ذكره البخاري في التاريخ وابن حبان في "الثقات".
والرابع: مولى عمرو بن حريث، واسم أبيه مهران روى عن أبي هريرة، وروى عنه أبو بكر بن عياش ذكره البخاري في التاريخ، وضعفه ابن معين وجهله، قال العراقي في "التقييد والإيضاح" ولهم خامس أسدي روى عن الشعبي، وعنه زكريا بن أبي زائدة، وأخرج له النسائي.
القسم الخامس: من اتفقت أسماؤهم، وأسماء آبائهم، وأنسابهم مثاله: محمد بن عبد الله الأنصاري اثنان متقاربان في الطبقة1.
أحدهما: القاضي المشهور البصري الذي روى عنه البخاري والناس، وجده المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك مات سنة خمس عشرة ومائتين.
والثاني: كنيته أبو سلمة، وهو ضعيف واسم جده زياد، وهو بصري أيضا، وقد اقتصر الشيخ ابن الصلاح على هذين الاثنين تبعا للخطيب في كتابه، "المتفق والمفترق"، وزاد الحافظ المزي ثالثا: وهو محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن يزيد بن أنس بن مالك، روى عنه ابن ماجه في "السنن" ووثقه ابن حبان. وزاد العراقي رابعا: وهو محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقد أجيب عن الخطيب وابن الصلاح بأن الأولين متقاربان في الطبقة، وفي كونهما بصريين والثالث وإن كان بصريا لكنه متأخر عنهما والرابع متقدم عليهما في الطبقة.
1 الطبقة، في اصطلاح المحدثين الجماعة الذين تقاربوا في السنن والأخذ عن المشايخ.
القسم السادس: أن يتفقا في الاسم فقط أو في الكنية فقط ويقع ذكره في السند من غير ذكر أبيه أو نسبة تميزه فمن ثم يحتاج إلى بحث وأصالة نظر.
مثاله: حماد "لا يدرى أهو ابن زيد، أم هو ابن سلمة، ويعرف بحسب من يروي عنه، فإنه كان الراوي عنه سليمان بن حرب أو عارما1 فالمراد حماد بن زيد، قاله محمد بن يحيى الذهلي، والرامهرمزي والمزي، وإن كان الراوي عنه موسى بن إسماعيل التبوذكي فهو حماد بن سلمة قاله الرامهرمزي.
لكن قال ابن الجوزي: إنه لا يروي إلا عنه فلا إشكال حينئذ، وروى الذهلي عن عفان قال: إذا قلت لكم حدثنا حماد ولم أنسبه فهو ابن سلمة وكذا إذا أطلقه حجاج بن منهال، أو هدبة بن خالد ذكره المزي وقد ذكر السيوطي في "تدريبه" نقلا عما ذكره العراقي، "في التقييد والإيضاح" من انفرد بالرواية عن حماد بن زيد فذكر جماعة كثيرين جدا، ومن انفرد بالرواية عن حماد بن سلمة فذكر جماعة كثيرين، فمن أراد الوقوف على ذلك فليرجع إليهما2، وقد تركت ذلك خشية التطويل من ذلك إذا أطلق عبد الله وشبهه.
قال سلمة بن سليمان: إذا قيل بمكة عبد الله فهو ابن الزبير، وإذا قيل بالمدينة فابن عمر، وإذا قيل بالكوفة فهو ابن مسعود، وإذا قيل بالبصرة فهو ابن عباس وإذا قيل بخراسان فهو ابن المبارك.
وقال الخليلي في "الإرشاد" إذا قاله المصري فعبد الله بن عمرو بن العاصي أو المكي فابن عباس أو الكوفي فابن مسعود، أو المدني فابن عمر، وقال النضر بن شميل: إذا قال الشامي: عبد الله فابن عمرو بن
1 هو أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وقد سبق في نوع الألقاب.
2 علوم الحديث لابن الصلاح بشرح العراقي من ص411-413، والتدريب من ص485-487.
العاص، أو المدني فابن عمر.
قال الخطيب: "وهذا القول صحيح، وكذا يفعل بعض المصريين في عبد الله بن عمرو". وقال بعض الحفاظ: إن شعبة يروي عن سبعة عن ابن عباس كلهم يقال له: أبو حمزة بفتح الحاء المهملة وسكون الميم، وفتح الزاي، إلا أبا جمرة -بفتح الجيم وسكون الميم وفتح الراء- نصر بن عمران الضبعي، وأنه إذا أطلقه فهو بالجيم.
السابع من الأقسام: أن يتفقا في النسبة من حيث اللفظ ويفترقا في المنسوب إليه وللحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر الشيباني أحد المشهورين بالحفظ والمعرفة بعلوم الحديث، والمتوفى سنة سبع أو ثمان وخمسمائة، في هذا النوع مصنف، وقد جمع فيه نفائس، إلا أنه توسع فيه يذكر ما ليس من شرط المبهمات.
مثاله الآملي، والآملي بهمزة ممدودة وضم الميم1، قال أبو سعد السمعاني: أكثر علماء طبرستان من آملها والثاني إلى آمل جيحون قال ابن الصلاح:
واشتهر بالنسبة إليها عبد الله بن حماد الآملي روى عنه البخاري في صحيحه، وقد تعقب ذلك العراقي، فقال: إن البخاري لم يذكر في صحيحه روايته عن عبد الله بن حماد الآملي وإنما روي عن عبد الله بن حماد غير منسوب فظن الكلاباذي أنه الآملي، فذكره في رجال الصحيح للبخاري، وقال المزي: إنه يحتمل أن يكون عبد الله بن أبي القاضي الخوارزمي، ورجح هذا الاحتمال العراقي في "التقييد والإيضاح".
1 وهو اسم موضعين أحدهما في طبرستان، وأكثر المنسوبين إليه يعرف بالطبري، والثاني على طرف جيحون، ويقول له الناس: آمل الشط، وآمل المفازة.
قال ابن الصلاح: وما ذكره الحافظ أبو عليّ الغساني، ثم القاضي عياض المغربيان من أنه منسوب إلى آمل طبرستان فهو خطأ والله أعلم.
ومثاله أيضا الحنفي إلى بني حنيفة القبيلة المعروفة، وإلى المذهب نسبة لأبي حنيفة رضي الله تعالى عنه.
ومن الأول أبو بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي، وأخوه عبيد الله، أخرج لهما الشيخان، وكثير من المحدثين ينسبون إلى المذهب حنيفي بزيادة الياء لأجل الفرق ووافقهم من النحويين ابن الأنباري وحده وأكثر النحاة يأبون ذلك.
أقول: لأن النسبة إلى فَعِيلة فَعَلي فيقال: حنفي ولا يقال حنيفي قال السيوطي في "تدريبه": "والصواب معه -أي ابن الأنباري- وقد اخترته في كتاب "جمع الجوامع" في العربية فقد قال صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالحنيفية السمحة"، فأثبت الياء في اللفظة المنسوبة إلى الحنفية فلا مانع من ذلك"1.
أقول: والذي يظهر لي أن الحنيفية نسبة إلى الحنيف وهو الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد أصبح هذا الوصف كالاسم فنسب إليه على لفظه قال تعالى:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا} ولذلك قيل في الذين كانوا يدعون إلى التوحيد في الجاهلية "حنيفيون" والله أعلم.
ثم ما وجد من هذا الباب في الأقسام كله غير مبين بالراوي عنه أو المروي عنه أو بيانه في طريق آخر كما تقدم، فإن لم يبين واشتركت الرواة فمشكل جدا، يرجع فيه إلى غالب الظنون والقرائن، أو يتوقف.
قال ابن الصلاح: "وربما قيل في ذلك بظن لا يقوى، كما حدث القاسم بن زكريا المطرز يوما بحديث عن أبي همام عن الوليد بن مسلم عن
1 التدريب ص489.