المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أشهر الكتب المؤلفة في مختلف الحديث ومشكله - الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

[محمد أبو شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌تقدمة بين يدي الكتاب

- ‌منهجي في تأليف هذا الكتاب:

- ‌ال‌‌مدخلللكتاب

- ‌مدخل

- ‌ألقاب المشتغلين بالحديث

- ‌مدخل

- ‌من مفاخر المحدثين

- ‌الحفظ والفقه للأحاديث

- ‌فائدتان

- ‌علوم الحديث بالمعنى العام

- ‌مدخل

- ‌علم الحديث دراية

- ‌مدخل

- ‌تاريخ علم الحديث دراية

- ‌الرواية في الإسلام:

- ‌تعريف الرواية:

- ‌كون الرواية طريقا إلى العلم

- ‌تاريخ الرواية:

- ‌الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌الإذن لبعض الصحابة بالكتابة

- ‌آراء العلماء في التوفيق بين أحاديث الإذن وحديث النهي

- ‌الحديث في عهد الصحابة وكبار التابعين

- ‌تدوين الحديث تدوينا عاما

- ‌التدوين في القرن الثاني 100-200ه

- ‌التأليف في القرن الثالث" 200-300ه

- ‌التأليف في القرن الرابع 300-400ه

- ‌التأليف بعد القرن الرابع:

- ‌تقليد المؤلفين في العلوم النقلية للمحدثين في الرواية

- ‌مناهج المحدثين في التأليف

- ‌شروط الراوي في الإسلام

- ‌الفرق بين عدل الرواية والشهادة:

- ‌التحمل والأداء وشروطهما

- ‌فائدة

- ‌تفريعات:

- ‌الإسناد العالي والنازل

- ‌مسائل تتعلق بكتابة الحديث وآدابها

- ‌صفة رواية الحديث وآدابها

- ‌مسائل تتعلق بهذا الفصل

- ‌آداب المحدث

- ‌آداب طالب الحديث

- ‌الرحلة في سبيل العلم

- ‌مدخل

- ‌وارتحال التابعين ومن بعدهم

- ‌أدب أهل العلم والحديث وطلابه مع الله ورسوله

- ‌تقسيم الحديث من حيث عدد رواته

- ‌المتواتر

- ‌شروط المتواتر

- ‌أقسام المتواتر:

- ‌العلم الذي يفيده المتواتر:

- ‌الشبه التي أوردت على المتواتر:

- ‌وجود المتواتر من الأحاديث:

- ‌أمثلة المتواتر

- ‌أخبار الآحاد

- ‌المشهور من الحديث

- ‌العزيز:

- ‌تقسيم الحديث من حيث نسبته إلى قائله

- ‌مدخل

- ‌مظان الموقوف والمقطوع

- ‌ما له حكم المرفوع من الموقوف والمقطوع

- ‌الحديث القدسي

- ‌مدخل

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني

- ‌أمثلة للأحاديث القدسية:

- ‌طريقة رواية الحديث القدسي

- ‌المؤلفات في الأحاديث القدسية:

- ‌المتصل" أو "الموصول

- ‌المسنَد

- ‌أقسام الحديث من حيث القبول والرد

- ‌مدخل

- ‌الحديث الصحيح

- ‌مدخل

- ‌أقسام الحديث الصحيح:

- ‌حكم الحديث الصحيح

- ‌فوائد مهمة تتعلق بالصحيح

- ‌الفائدة الأولى:

- ‌الفائدة الثانية:

- ‌الفائدة الثالثة:

- ‌الفائدة الرابعة:

- ‌الفائدة الخامسة:

- ‌تعقيبات وتنبيهات

- ‌الحديث الحسن

- ‌تعريفه:

- ‌تنبيهات وتعقيبات

- ‌التنبيه الأول

- ‌تنبيه آخر

- ‌تنبيه ثالث

- ‌تنبيه رابع

- ‌الاحتجاج بالحديث الحسن:

- ‌خاتمة:

- ‌الحديث الضعيف

- ‌أقسام الضعيف

- ‌حكم الحديث الضعيف رواية وعملا

- ‌فائدة

- ‌المرسل

- ‌تعريفه:

- ‌حكم المرسل عند المحدثين

- ‌المنقطع

- ‌تعريفه:

- ‌فائدة تتعلق بالمنقطع

- ‌المعضل

- ‌تعريفه:

- ‌فائدتان

- ‌تفريعات

- ‌المعلق

- ‌المدلس

- ‌الشَّاذُ

- ‌المحفوظ

- ‌المنكر

- ‌المعروف

- ‌المتروك

- ‌المُعَلُّ" لا "المعلول" ولا "المُعَلَّل

- ‌المضطرب

- ‌المدرج

- ‌المقلوب

- ‌المطروح

- ‌الحديث الموضوع

- ‌تعريفه

- ‌حكم رواية الموضوع:

- ‌حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أقسام الموضوع:

- ‌متى نشأ الوضع في الحديث:

- ‌عرض موجز لحركة الوضع في الحديث

- ‌مدخل

- ‌الأسباب الحاملة على الوضع:

- ‌الوضاعون

- ‌أمارات الوضع:

- ‌آثار الوضع السيئة

- ‌الموضوعات وكتب العلوم:

- ‌الموضوع وكتب التفسير

- ‌الموضوعات وكتب الفقه والأصول:

- ‌الموضوع وكتب الوعظ، والتصوف، والأخلاق

- ‌الموضوع وكتب العلوم الأخرى:

- ‌جهاد العلماء في مقاومة حركة الوضع وتنقية السنة والأحاديث

- ‌كتب أخر للتخاريج

- ‌الاعتبار والمتابعات والشواهد

- ‌معرفة الأفراد

- ‌معرفة زيادات الثقات وحكمها

- ‌انتقاد الحافظ القول القائل بالقبول مطلقا

- ‌علم الجرح والتعديل

- ‌جواز الجرح وإن كان غيبة

- ‌مدخل

- ‌من الذي يستأهل أن يكون ناقدًا

- ‌مناهج النقاد في النقد

- ‌مشاهير المتصدين للجرح والتعديل

- ‌بم تثبت العدالة

- ‌هل يشترط ذكر السبب في الجرح والتعديل

- ‌بم يكون الجرح

- ‌المراد بالبدعة وحكم رواية المبتدع

- ‌هل يجزئ التعديل على الإبهام

- ‌مدخل

- ‌فائدتان مهمتان

- ‌هل الرواية عن رجل سماه تعتبر تعديلا

- ‌هل يعتبر عمل العالم أو فتياه على وفق حديث تصحيحا له

- ‌جهالة الراوي

- ‌هل يقبل تعديل العبد والمرأة

- ‌ألفاظ الجرح والتعديل ومراتبها

- ‌مدخل

- ‌مراتب الجرح والتعديل

- ‌ألفاظ التجريح، ومراتبها

- ‌المسلسل من الحديث

- ‌تعريفه:

- ‌الأمثلة لهذه الأنواع:

- ‌المسلسلات لا تخلو من ضعف في التسلسل:

- ‌أشهر المؤلفات في المسلسلات

- ‌علم علل الحديث

- ‌مدخل

- ‌المؤلفات في علل الحديث

- ‌علم غريب الحديث:

- ‌تعريفه:

- ‌منشأ الغريب في الحديث:

- ‌التثبيت في القول في غريب الحديث

- ‌المؤلفون في هذا العلم:

- ‌علم مختلف الحديث ومشكله

- ‌مختلف الحديث في اللغة

- ‌مختلف الحديث في الاصطلاح:

- ‌مشكل الحديث

- ‌أقسام مختلف الحديث

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في مختلف الحديث ومشكله

- ‌علم ناسخ الحديث ومنسوخه

- ‌مدخل

- ‌النسخ في اللغة

- ‌يطلق النسخ في اللغة على معنين

- ‌بم يعرف النسخ

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في الناسخ والمنسوخ في الحديث

- ‌محكم الحديث

- ‌علم أسباب ورود الحديث

- ‌مدخل

- ‌هذا العلم نظير علم أسباب النزول عند علماء علوم القرآن

- ‌سبب ورود الحديث قد يذكر في الحديث وقد يذكر في غيره

- ‌ القسم الأول: وهو ما يذكر في الحديث من أمثلته:

- ‌القسم الثاني من أسباب ورود الحديث

- ‌المؤلفات في هذا العلم:

- ‌علم المصحف والمحرف

- ‌تعريفه:

- ‌منشأ التصحيف

- ‌مقالة جيدة للحافظ ابن كثير الدمشقي

- ‌ذكر العلماء المثل للتصحيف للتصويب والتحذير لا للتشهير

- ‌التصحيف في حديث لا يخل بصحته وحسنه

- ‌أقسام التصحيف

- ‌تقسيم أول:

- ‌تقسيم ثان له

- ‌تقسيم ثالث له

- ‌النتيجة

- ‌المؤلفات في الصفحات

- ‌معرفة الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌من هو الصحابي

- ‌تعريف الصحبة:

- ‌بم تعرف الصحبة

- ‌عدالة الصحابة

- ‌المكفرون لبعض الصحابة

- ‌أكثر الصحابة رواية للحديث

- ‌الصحابي المظلوم أبو هريرة

- ‌أكثر الصحابة علما وفتيا

- ‌المعروفون بالفتوى من الصحابة:

- ‌عدد الصحابة

- ‌طبقات الصحابة

- ‌أفضل الصحابة

- ‌مدخل

- ‌خصائص بعض الصحابة

- ‌أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌أول الصحابة إسلاما

- ‌آخر الصحابة موتا

- ‌المؤلفون في الصحابة

- ‌التابعون رضي الله عنهم

- ‌مدخل

- ‌طبقات التابعين

- ‌سيدات النساء التابعيات

- ‌جماعة عدوا من التابعين وليسوا منهم

- ‌قوم من الصحابة عدوا من التابعين وبالعكس

- ‌آخر التابعين

- ‌اتباع التابعين

- ‌رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌المدبج وراية القرين عن القرين

- ‌معرفة الإخوة والأخوات من الرواة

- ‌رواية الآباء عن الأبناء

- ‌رواية الأبناء عن الآباء

- ‌السابق واللاحق

- ‌معرفة الوحدان

- ‌معرفة من ذكر بأسماء أو صفات مختلفة

- ‌معرفة المفردات من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌المؤلفات في هذا الفن

- ‌القسم الأول: في أسماء

- ‌فمن الصحابة:

- ‌ومن التابعين

- ‌القسم الثاني: الكني

- ‌القسم الثالث: الألقاب

- ‌معرفة الأسماء والكنى

- ‌مدخل

- ‌أقسام هذا النوع

- ‌معرفة كنى المعروفين بالأسماء

- ‌معرفة ألقاب المحدثين، ومن يذكر معهم

- ‌المؤتلف والمختلف

- ‌مدخل

- ‌المؤلفات فيه:

- ‌وما ضبط من هذا النوع قسمان:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌الأنساب

- ‌تعليق المؤلف

- ‌المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوها

- ‌أقسام المتفق والمفترق

- ‌المتشابه

- ‌المشتبه المقلوب

- ‌معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم

- ‌النسب التي هي على خلاف ظاهرها

- ‌معرفة المبهمات

- ‌معرفة التواريخ لمواليد الرواة والسماع والقدوم والوفيات لهم

- ‌مدخل

- ‌فروع:

- ‌الفرع الأول:

- ‌الهجرة مبدأ التاريخ الإسلامي:

- ‌الفرع الثاني:

- ‌الفرع الثالث:

- ‌الفرع الرابع:

- ‌سبعة من الأئمة الحفاظ، أحسنوا التأليف، وعظم النفع بتأليفهم

- ‌معرفة من اختلط من الرواة الثقات

- ‌مدخل

- ‌طبقات العلماء والرواة

- ‌معرفة الموالي من العلماء والرواة

- ‌بلوغ الموالي من العلماء والرواة مرتبة سامية في الإسلام

- ‌معرفة أوطان الرواة وبلدانهم

- ‌رواية الصحابة بعضهم عن بعض والتابعين بعضهم عن بعض

- ‌معرفة ما رواه الصحابة عن التابعين

- ‌مدخل

- ‌معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه وعكسه

- ‌معرفة من وافق اسم شيخه اسم أبيه

- ‌معرفة من اتفق اسمه واسم أبيه وجده

- ‌معرفة من اتفق اسمه واسم شيخه

- ‌معرفة من اتفق اسم شيخه والراوي عنه

- ‌معرفة من اتفق اسمه وكنيته

- ‌معرفة من وافق اسمه نسبه

- ‌معرفة الأسماء التي يشترك فيها الرجال والنساء

- ‌معرفة من لم يرو إلا حديثًا واحدًا

- ‌باب: المراجع والفهارس

- ‌المراجع الأصلية:

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌أشهر الكتب المؤلفة في مختلف الحديث ومشكله

"إن لم يكن الترجيح فالتوقف":

قال الإمام الحافظ ابن حجر في "النخبة وشرحها" مع التوضيح: "فإن أمكن الترجيح تعين المصير إليه، وإن لم يمكن الترجيح فلم يتعين المصير إليه. بل يتوقف الحكم لا له ولا عليه، فصار ما ظاهره التعارض واقعا على هذا الترتيب:

1-

الجمع إن أمكن. 2- فاعتبار الناسخ والمنسوخ.

3-

فالترجيح إن تعين.

4-

ثم التوقف عن العمل بأحد الحديثين حتى يظهر حكمه ويتبين أمره، والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط وذلك على ما اشتهر على الألسنة من أن الدليلين إذا تعارضا تساقطا أي تساقط حكمهما؛ لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر إنما هو بالنسبة إلى المعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه والله أعلم1. وصدق الله حيث قال:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} 2، وأيضا فإن التعبير بالتساقط عن الأدلة الشرعية غير لائق.

1 انظر النخبة بشرحه للإمام الحافظ ابن حجر، وحاشية العلامة الإمام علي القاري عليها ص104، 105.

2 سورة يوسف، الآية 76.

ص: 453

"‌

‌أشهر الكتب المؤلفة في مختلف الحديث ومشكله

":

وقد ألف العلماء المحدثون وغيرهم في علم مختلف الحديث كتبا قيمة، كما يوجد الكثير من مسائل هذا العلم وقضاياه في كتب شروح الحديث وذلك كشرح الإمام النووي لصحيح مسلم، وشرح الكرماني على صحيح البخاري، وشرح الإمام الحافظ الكبير أحمد بن علي بن حجر لصحيح البخاري في الكتاب الجليل "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"، وشرح الإمام العلامة الشيخ العيني لصحيح البخاري في كتابه القيم:"عمدة القاري"، فقد ضمنوا شروحهم الكثير من المباحث التي تتعلق

ص: 453

بالأحاديث التي خالف ظاهرها بعضها بعضا، وما ذكروا في شروحهم يربي على ما ذكره العلماء المحدثون في كتب "علوم الحديث" و"أصوله" و"مصطلحه"، ومن أشهر هذه الكتب:

1-

أول كتاب ألف في هذا الفن هو الكتاب الذي ألفه الإمام الكبير الشافعي رحمه الله تعالى الجامع بين علم التفسير والفقه والأصول وغيرهما من العلوم والمتوفى سنة أربع ومائتين، وهو الموسوم بـ"اختلاف الحديث".

ولم يقصد الإمام الشافعي استيفاء مسائل هذا العلم وقضاياه، وهذا هو الشأن في كل مبتدئ علما لم يسبق إليه، وإنما قصد أن يذكر جملة من مسائله ينبه بها على طريقه، وليكون نبراسا يسير على ضوئه من يجيء بعده من العلماء.

ولست مع السيوطي في زعمه أن الشافعي لم يقصد إفراده بالتأليف، وإنما تكلم عليه في ضمن كتابه الأم1، وسأدع العالم بالحديث الشيخ أحمد شاكر يرد عليه في تعليقاته الجيدة على كتاب "اختصار علوم الحديث" للحافظ ابن كثير المتوفى سنة أربع وسبعين وسبعمائة. قال رحمه الله وأثابه على خدمة الحديث:"ولكن هذا غير جيد فإن الشافعي كتب في الأمر كثيرا من أبحاث اختلاف الحديث، وألف فيه كتابا خاصا بهذا الاسم، وهو مطبوع بهامش الجزء السابع من الأم وذكره محمد بن إسحاق بن النديم في كتاب "الفهرست" ضمن مؤلفات الشافعي ص295، وابن النديم من أقدم المؤرخين الذين ذكروا العلوم والمؤلفين، فإنه ألف كتاب "الفهرست" حول سنة 377، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمة الشافعي التي سماها "توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس" ضمن مؤلفاته التي سردها نقلا عن البيهقي ص78، والبيهقي رحمه الله

1 التدريب ص387 بتعليق الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف رحمه الله وأثابه ط الأولى.

ص: 454

من أعلم الناس بالشافعي وكتبه، وذكره ابن حجر في شرح النخبة"1.

أقول: ولا أدري كيف خفي هذا على الإمام السيوطي، وهو الطلعة الباقعة، ولعله وقع على نسخة مخطوطة من كتاب "اختلاف الحديث" عقب كتاب "الأم"، فظن أنه منه أو كان هذا منه على سبيل السهو أو سبق القلم، والله أعلم والعصمة لله تبارك وتعالى ولرسله عليهم الصلاة والسلام.

2-

كتاب الإمام العالم الأديب أبي محمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين "276" وأسمى كتابه "تأويل مختلف الحديث" فأتى فيه بأشياء حسنة وأشياء غير حسنة قصر باعه فيه، وعذره أنه لم يكن من أهل الحديث المتمرسين فيه، ولم يكن قصده الاستيعاب، ولكن بحسبه فضلا أنه يعتبر أول من رد على النظام وأمثاله من الطاعنين في الحديث وأهله في وقت لم يقم فيه بهذا الفرض الكفائي غيره من المحدثين.

ولم يأت هذا الكتاب قاصرا على "مختلف الحديث" بمعناه الفني الدقيق، ولكن جاء مشتملا عليه وعلى غيره من المشكل، فقد عرض للرد عليهم في حديث الذباب2، وفي حديث:"أن موسى لطم عين ملك الموت فأعوره"3، وفي حديث:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر وجعل سحره في بئر ذي أروان4، وأن عليا كرم الله وجهه استخرجه، وكلما حل منه عقدة وجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما أنشط من عقال"5 وغير ذلك، وهذه الأحاديث أحق أن تكون من "مشكل الحديث" وقد طبع

1 اختصار علوم الحديث لابن كثير بتعليق الشيخ شاكر ص174 ط ثالثة.

2 تأويل مختلف الحديث ص228.

3 المرجع السابق ص270.

4 ويقال: بئر ذروان -بفتح الذال وسكون الراء- وهي بئر لبني زريق بالمدينة. "النهاية".

5 ص177.

ص: 455

هذا الكتاب مرارًا.

3-

ومن الكتب النافعة المفيدة في هذا الكتاب، "مشكل الآثار" للإمام الحافظ الفقيه أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة، الطحاوي المصري والذي انتهت إليه رئاسة الحنفية في مصر في عصره المتوفى سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وهو يعتبر من أحفل الكتب وأجمعها وأنفعها في هذا الباب، ولم يقتصر فيه على مختلف الحديث بمعناه الفني الدقيق، بل جمع فيه إلى ذلك الأحاديث المشكلة التي هي أعم من المتعارضة، وقد طبع هذا الكتاب بالهند سنة 1333هـ، فوقع في أربع مجلدات.

4-

ومن الكتب المفيدة في هذا كتاب "مشكل الحديث وبيانه" للإمام الأصولي المتكلم أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك1 الأنصاري الأصبهاني المتوفى سنة ست وأربعمائة "406هـ"، ويفصح عن مراده بمشكل الحديث ما ذكره في مقدمة كتابه. قال رحمه الله وأثابه:"أما بعد فقد وفقت -أسعدكم الله- إلى إملاء كتاب نذكر فيه ما اشتهر من الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يوهم ظاهره التشبيه مما يتسلق به الملحدون على الطعن في الدين، وخصوا بتقبيح ذلك الطائفة التي هي الظاهرة بالحق لسانًا وبيانًا وقهرًا وعلوًّا وإمكانًا، الظاهرة عقائدها من شوائب الأباطيل وشوائب البدع والأهواء الفاسدة، وهي المعروفة بأنها: أصحاب الحديث"2.

ومن ثمة نرى أنه يريد بالمشكل الأحاديث التي جاء إشكالها من طرق أخرى غير طريق التعارض بين حديثين أو أكثر الذي يعرف بـ"مختلف الحديث".

1 هو لم يكن محدثًا بالمعنى الدقيق، ولكن له علم بالحديث، وهو إمام متكلم أصولي أديب نحوي واعظ بلغت مصنفاته في علم أصول الفقه وأصول الدين ومعاني القرآن قريبًا من مائة، وكان شديد الرد على الكرامية، وله مناظرات معهم كثيرة. "وفيات الأعيان ج4 ص272".

2 مشكل الحديث وبيانه ص2، 3.

ص: 456

ومن هذا العرض يتبين للناظر أن الإمام الجليل الشافعي قد استعمل "اختلاف الحديث" في معناه الدقيق الذي ذكره علماء علوم الحديث وأصوله في كتبهم فيما بعد.

وأن الإمام أبا محمد بن قتيبة قد ذكر اختلاف الحديث، وأراد ما هو أعم منه وهو المشكل؛ لكونه أعم منه، فهو من إرادة الخاص وإرادة العام، وأن الإمام أحمد بن محمد الطحاوي قد استعمل المشكل، وأراد به ما يشمل مختلف الحديث، وهو ما كان بسبب التعارض بين حديثين أو أكثر، وما كان لسبب غير ذلك، ويتبين ذلك من قوله في مقدمة كتابه "مشكل الآثار":"فإني نظرت في الآثار المروية عنه صلى الله عليه وسلم بالأسانيد المقبولة التي نقلها ذوو التثبيت فيها، والأمانة عليها، وحسن الأداء لها، فوجدت فيها أشياء مما سقطت معرفتها والعلم بما فيها عن أكثر الناس، فمال قلبي إلى تأملها، وتبيان ما قدرت عليه من مشكلها، ومن استخراج الأحكام التي فيها، ومن نفي الإحالات عنها"1.

وإن الإمام محمد بن الحسن بن فورك إنما أراد بالمشكل من الحديث نوعا آخر خلاف "مختلف الحديث"، وأنه يلتقي مع الإمام أبي محمد بن قتيبة في بعض ما ذكره في كتابه تأويل "مختلف الحديث"، وهي الأحاديث التي يوهم ظاهرها التشبيه والتجسيم وغيرها مما وضعته الزنادقة بقصد الطعن في "أهل الحديث"، وأنهم يروون الأحاديث التي تخالف العقل والنقل.

وهذا الذي وصلت إليه في بيان، "مختلف الحديث" و"مشكل الحديث" والفرق بينهما، قد أكثرت فيه القراءة والبحث والنظر، حتى وصلت فيه إلى هذه النتائج البالغة الغاية في التحرير والموازنة والتحقيق فلله الحمد والمنة، فعلى طلاب الحديث أن يعوه بقلوبهم، ويشدوا عليه بأيديهم ويعضوا عليه بنواجذهم.

1 مشكل الآثار ج1 ص2.

ص: 457