الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما ينبغي أن يعلم أنه يقبل في المتابعات والشواهد رواية من لا يحتج به لأن شأن المتابعات والشواهد مبني على التسامح، ولا يصلح لذلك كل ضعيف، لأن الضعيف قسمان:
1-
ضعيف يعتبر به.
2-
وضعيف لا يعتبر به.
وسيأتي بيان ذلك في ألفاظ الجرح والتعديل إن شاء الله تعالى.
والخلاصة: أن الاعتبار ليس قسيما للمتابعات، والشواهد، وإنما هي الطريقة أو الوسيلة التي يتوصل بها إلى معرفة، هل للحديث متابع أو شاهد؟ 1
فائدة: المتابعة مصدر تابع يتابع متابعة فهي العلاقة التي بين المتابِع -بكسر الباء الموحدة- والمتابَع -بفتح الباء الموحدة- والمتابِع -بكسر الباء- هو الراوي الموافق لغيره، والمتابَع -بفتح الباء- هو الراوي الذي وافقه غيره والله أعلم.
1 انظر شرح شرح نخبة الفكر للقاري من ص89-93، والتقريب بشرحه "التدريب" من ص153-156، واختصار علوم الحديث ص59-60.
"
معرفة الأفراد
":
الأفراد جمع فرد قال في القاموس: "الفرد: نصف الزوج والمتحد "ج" فراد ومن لا نظير له جمعه أفراد وفرادى وشحرة فارد متنحية، وظبية فارد منفردة عن القطيع وناقة فاردة، ومفراد وفرود تنفرد في المرعى"1.
وهو في الاصطلاح الحديث الذي تفرد به راويه، فإن كان التفرد في أصل السند2 أو في كل السند، فهو الفرد المطلق، وإلا فهو الفرد النسبي وقد سبق بيان بعض ما يتعلق بهذا النوع في شرح "الحديث الغريب"، وفي بعض المباحث والأنواع السابقة.
1 القاموس ج1 ص322.
2 طرفه من جهة الصحابي.
وقد أفردته بعنوان أو إن شئت فقل ترجمه كما أفرده الحاكم، وابن الصلاح وغيرهما.
أقسامه:
وهو قسمان: أحدهما فرد مطلق، وهو الذي تفرد به واحد عن جميع الرواة وقد تقدم حكمه، أعني فإن كان راويه المتفرد به ثقة أو ممن يحتمل تفرده فهو مقبول، وإن خالف فيه راويه من هو أوثق منه، أو أقوى منه فهو الشاذ.
الثاني: فرد نسبي أي بالنسبة إلى جهة خاصة كقولهم: تفرد به أهل مكة أو الشام، أو البصرة، أو الكوفة، أو خراسان، أو نحو ذلك أو تفرد به فلان عن فلان وإن كان مرويا من وجوه عن غيره.
التفرد لا يقتضي الضعف:
ولا يقتضي هذا ضعفه من حيث كونه فردا إلا أنه يراد بتفرد المدنيين مثلا تفرد واحد منه تجوزا أو يقال: لم يروه ثقة إلا فلان، فيكون حكمه كالقسم الأول؛ لأن رواية غير الثقة كلا رواية، فينظر في المنفرد به: أبلغ رتبة من يحتج بتفرده أم لا؟ وفي غير الثقة أبلغ رتبة من يعتبر بحديثه أم لا؟
مثال ما انفرد به أهل بلد:
ما رواه أبو داود عن أبي داود الطيالسي، عن همام، عن قتادة، عن أبي نضرة1 عن أبي سعيد قال:"أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر".
1 أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة -بضم القاف، وفتح الطاء المهملة- العبدي العوقي -بفتح العين المهملة، والواو، آخره قاف- البصري مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، مات سنة ثمان أو تسع ومائة "تقريب ج2 ص275".
قال الحاكم: تفرد بذكر الأمر فيه أهل البصرة من أول الإسناد إلى آخره، ولم يشركهم في هذا اللفظ سواهم.
وما رواه مسلم من حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومسح رأسه بماء غير فضل يديه".
قال الحاكم: "هذه سنة غريبة تفرد بها أهل مصر، ولم يشاركهم فيها أحد".
وما رواه مسلم أيضا من حديث الضحاك بن عثمان عن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد".
قال الحاكم: تفرد به أهل المدينة.
وما رواه أحمد من حديث إسماعيل بن عبد الملك المكي عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها فقالت: يا رسول الله خرجت من عندي وأنت طيب النفس، ثم رجعت إليّ حزينا؟ فقال:"إني دخلت الكعبة، وددت أني لم أكن دخلتها أن أكون أتعبت أمتي" ، أي خشية أن أكون
…
إلخ.
قال الحاكم: تفرد به أهل مكة.
ومثال ما تفرد به فلان عن فلان: ما رواه أصحاب السنن الأربعة من طريق سفيان بن عيينة، عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية1 بسويق2 وتمر".
وقال ابن طاهر: تفرد به وائل عن أبيه، ولم يروه عنه غير سفيان.
1 هي السيدة صفية بنت حيي بن أخطب تزوجها عقب غزوة خيبر.
2 هو القمح يشوى بالنار قبل أن ينضح ويجف، وكان من طعام العرب.
وقد رواه محمد بن الصلت التوزي1 عن ابن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري، ورواه جماعة عن سفيان عن الزهري بلا واسطة ومثال ما تفرد به أهل بلد عن أهل بلد، والمراد تفرد واحد منه، حديث النسائي:"كلوا البلح بالتمر".
قال الحاكم: هو من أفراد البصريين عن المدنيين تفرد به أبو زكير عن هشام.
ومثال ما تفرد به ثقة حديث مسلم وغيره: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأضحى والفطر بقاف، واقتربت الساعة".
تفرد به ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي واقد الليثي ولم يروه أحد من الثقات غير ضمرة.
ورواه من غيرهم عبد الله بن لهيعة2 -وهو ضعيف عند الجمهور- عن خالد بن يزيد عن الزهري عن عروة عن عائشة.
المؤلفات في هذا النوع:
قال ابن كثير في مختصره: وللحافظ الدارقطني كتاب في الأفراد مائة جزء ولم يسبق إلى نظيره وقد جمعه الحافظ محمد بن طاهر في "أطراف" رتبه فيها3.
وقال السيوطي في "التدريب"4 "فائدة" صنف الدارقطني في هذا النوع كتابا حافلا وفي "معاجم الطبراني أمثلة كثيرة لذلك".
1 التوزي -بفتح التاء، وفتح الواو المشددة، وكسر الزاي- وهو محمد بن الصلت: صدوق يهم من العاشرة توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين. "التقريب ج2 ص172".
2 بفتح اللام وكسر الهاء المصري واسمه عبد الله.
3 اختصار علوم الحديث ص159-161.
4 ص161 ط المحققة.