الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد أن ملأ الغرب والشرق علما1.
"تنبيه": معرفة الثقات والضعفاء وهو من أجل أنواع علوم الحديث قد سبق أن ذكرته في البحث الطويل: الجرح والتعديل فليتنبه إلى ذلك طلاب العلم والحديث.
1 علوم الحديث لابن الصلاح من ص421-441، وتدريب الراوي من 511-519، وألفية العراقي بشرحها للسخاوي ج3 من ص179-313.
معرفة من اختلط من الرواة الثقات
مدخل
…
"معرفته من اختلط 1 من الرواة الثقات":
قال ابن الصلاح -وتبعه النووي- هذا فن عزيز مهم لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف واعتنى به مع كونه حقيقا بذلك.
قال العراقي تعقيبا عليه مع التوضيح مني للمختلطين وقد أفرد للمختلطين كتابا الحافظ أبو بكر الحازمي المتوفى سنة أربع وثمانين وخمسمائة حسبما ذكره في كتابه "تحفة المستفيد" والظاهر أن ابن الصلاح لم يقف عليه.
وكذلك ألف فيه الحافظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلد بن عبد الله العلائي الدمشقي ثم المقدسي الشافعي، المتوفى ببيت المقدس سنة إحدى وستين وسبعمائة أقول:
ومن تآليفه: "جامع التحصيل في أحكام المراسيل" و"اختصار جامع الأصول" لابن الأثير الجزري، وقد رتب كتابه على حروف المعجم مع الاختصار.
وقد ذيل عليه شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر المتوفى سن اثنتين وخمسين وثمانمائة وكذا ألف فيه البرهان الحلبي، وسمى كتابه
1 في القاموس ج2 ص359: "واختلط: فسد عقله"، وضبطه: ضبط بسكون الخاء المعجمة وفتح التاء واللام والطاء مبنيا للفاعل.
"الاحتياط بمن رمي بالاختلاط" وفائدة ضبطهم تمييز المقبول من غيره، ولهذا لم يذكر الضعفاء منهم كأبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني لأنهم غير مقبولين بدونه.
وحقيقة التخليط: فساد العقل، وضعف الذاكرة، وعدم انتظام الأقوال والأفعال إما بخرف أو ضرر أو مرض أو عرض من موت ابن، وسرقة مال كالمسعودي، أو ذهاب كتب كابن لهيعة أو احتراقها كابن الملقن.
حكم من اختلط: أنهم يقبل منهم ما روي عنهم مما حدثوا به قبل الاختلاط، ولا يقبل ما حدثوا به بعد الاختلاط أو شك فيه أهو قبل الاختلاط أم بعده وذلك على سبيل الاحتياط.
1-
فمنهم عطاء بن السائب أبو السائب الثقفي الكوفي اختلط في آخر عمره، فاحتجوا برواية الأكابر عنه كالثوري، وشعبة، بل قال يحيى بن معين: جميع من روى عن عطاء سمع منه في الاختلاط غيرهما لكن زاد يحيى بن سعيد القطان والنسائي، وأبو داود، والطحاوي حماد بن زيد، ونقل ابن المواق الاتفاق على أنه سمع منه قديما قال العراقي: واستثنى الجمهور أيضا كابن معين وأبي داود، والطحاوي، وحمزة الكناني، وابن عدي رواية حماد بن سلمة عنه.
وقال العقيلي: إنما سمع منه في الاختلاط، وكذا سائر أهل البصرة؛ لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره، وتعقب ذلك ابن المواق بأنه قدمها مرتين، فمن سمع منه في القدمة الأولى صح حديثه.
واستثنى أبو داود أيضا هشاما الدستوائي قال العراقي: وينبغي استثناء ابن عيينة أيضا، فقد روى الحميدي عنه قال: سمعت عطاء قديما، ثم قدم علينا قدمة، فسمعته يحدث ببعض ما كنت سمعت، فخلط فيه فاتقيته واعتزلته.
قال يحيى بن سعيد القطان إلا حديثين سمعهما منه شعبة بأخرة1 عن زاذان فلا يحتج بهما وممن سمع منه بعد الاختلاط: جرير بن عبد الحميد، وخالد الواسطي، وإسماعيل بن علية، وعليّ بن عاصم، ومحمد بن فضيل بن غزوان، وهشيم وإن روى له البخاري في صحيحه حديثا من رواية هشيم عنه فقد قرنه بأبي بشر جعفر بن إياس، وليس له عنده غيره، وممن سمع منه في الحالتين أبو عوانة.
ومنهم: أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي -بفتح السين وكسر الباء الموحدة- اختلط أيضا، وأنكر ذلك الذهبي أبو عبد الله وقال:"شاخ ونسي، ولم يختلط"، ويقال سماع سفيان بن عيينة منه بعد اختلاطه قاله الخليلي، ولذلك لم يخرج له الشيخان من روايته عنه شيئا، وقال الإمام الذهبي:"سمع منه وقد تغير قليلا" وممن سمع منه حينئذ إسرائيل بن يونس، وزكريا بن أبي زائدة، وزهير بن معاوية وزائدة بن قدامة، قاله ابن معين وأحمد، وخالف عبد الرحمن بن مهدي وأبو حاتم في إسرائيل، وروايته ورواية زكريا، وزهير عنه في الصحيحين.
وكذا رواية الثوري وأبي الأحوص سلام بن سليم، وشعبة وعمرو بن أبي زائدة ويوسف بن أبي إسحاق، وأخرج له البخاري من رواية جرير بن حازم، ومسلم بن رواية إسماعيل بن أبي خالد، ورقبة -بفتح الراء المهملة، والقاف، والباء الموحدة- بن مصقلة، والأعمش، وسليمان بن معاذ، وعمار بن زريق -بتقديم الزاي على الراء مصغرا- ومالك بن مغول، ومسعر -بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملة- بن كدام -بكسر الكاف، وفتح الدال.
1 في القاموس ج1 ص363 "وجاء أخرة وبأخرة محركتين، وقد يضم أولهما".
ومنهم سعيد بن إياس الجريري: اختلط وتغير حفظه قبل موته، ولم يشتد تغيره قاله النسائي وغيره، وأنكر أيام الطاعون.
وممن سمع منه قبل التغير: شعبة وابن علية، والسفيانان: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، والحمادان: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، ومعمر بن راشد اليمني، وعبد الوارث، ويزيد زريع1، ووهب بن خالد، وعبد الوهاب الثقفي وكل من أدرك أيوب السختياني كما قاله أبو داود.
وسمع بعده يحيى بن سعيد القطان، ولم يحدث عنه شيئا، وإسحاق الأزرق ومحمد بن أبي عدي، وعيسى بن يونس، ويزيد بن هارون.
وقد روى له الشيخان من رواية بشر بن المفضل، وخالد بن عبد الله، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الوارث بن سعيد.
وروى له مسلم من رواية ابن علية، وجعفر بن سلميان الضبعي، وحماد بن أسامة وحماد بن سلمة، وسالم بن نوح والثوري وسليمان بن المغيرة، وشعبة، وابن المبارك وعبد الواحد بن زياد، وعبد الوهاب الثقفي، ووهب بن خالد، ويزيد بن زريع، ويزيد بن هارون.
ومنهم: سعيد بن أبي عروبة -بفتح العين المهملة، وضم الراء المهملة وسكون الواو- مهران اليشكري، اختلط فوق عشر سنين، وقيل: خمس سنين.
وممن سمع منه قبل الاختلاط يزيد بن هارون، وعبدة بن سليمان، وأسباط بن محمد، وخالد بن الحارث، وسرار بن مجشر، وسفيان بن حبيب، وشعيب بن إسحاق، وعبد الله بن بكر السهمي، وعبد الله بن المبارك، وعبد الأعلى الشامي، وعبد الله بن عطاء، ومحمد بن بشر، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن زريع.
1 بضم الزاي وفتح الراء المهملة، وسكون الياء آخره عين على صيغة المصغر.
قال ابن معين: أثبت الناس فيه عبدة، وقال ابن عدي: أرواهم عنه عبد الأعلى ثم شعيب، ثم عبدة، وأثبتهم فيه يزيد بن زريع، وخالد، ويحيى القطان قال العراقي: وقد قال عبدة عن نفسه: إنه سمع عنه في الاختلاط اللهم إلا أن يريد بذلك بيان اختلاطه، وأنه لم يحدث بما سمع منه في الاختلاط.
وأخرج له الشيخان: البخاري ومسلم، عن خالد، وروح بن عبادة، وعبد الأعلى وعبد الرحمن بن عثمان، ومحمد بن سواء السدوسي، ومحمد بن أبي عدي، ويحيى العصا، ويزيد بن زريع.
وأخرج له البخاري عن بشر بن المفضل، وسهل عن يوسف، وابن المبارك، وعبد الوارث بن سعيد، وكهمس بن المنهال، ومحمد بن عبد الله الأنصاري.
وأخرج له مسلم عن ابن علية وحماد بن أسامة، وسالم بن نوح، وسعيد بن عامر الضبعي، وابن خالد الأحمر، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف وعبدة، وعليّ بن مسهر، وعيسى بن يونس، ومحمد بن بشر العبدي، ومحمد بن بكر البرساني وغندر.
وممن سمع في الاختلاط المعافى بن عمران، ووكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين.
ومنهم: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي نسبة لجده أحد الثقات المشهورين والكبار من المحدثين، كما صرح باختلاطه غير واحد كمحمد بن عبد الله بن نمير، وأبي بكر بن أبي شيبة والعجلي وابن سعد وأنه في آخر عمره قال أحمد: إنما اختلط ببغداد، فمن سمع منه بالكوفة أو البصرة فسماعه جيد وقال أبو حاتم: اختلط قبل موته لسنة أو سنتين وقال ابن معين: من سمع منه زمن أبي جعفر المنصور فهو صحيح السماع، ومن سمع منه زمن المهدي فليس
بشيء وهو قريب من قول أبي حاتم إذا مشينا على أن وفاة المسعودي كانت سنة ستين ومائة، لأن وفاة المنصور كانت بمكة في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة أما على القول بأن وفاة المسعودي سنة خمس وستين ومائة فلا.
وقد شذ بعضهم في أمره فرد حديثه كله؛ لأنه لا يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير قال ذلك ابن حبان، وأبو الحسن بن القطان قال العراقي: والصحيح خلاف ذلك فممن سمع منه في الصحة وكيع، وأبو نعيم الفضل بن دكين، قال أحمد، وممن سمع منه قبل قدومه بغداد أمية بن خالد، وبشر بن المفضل، وجعفر بن عون، وخالد بن الحارث وسفيان بن حبيب، وسفيان الثوري، وسليم بن قتيبة، وطلق بن غنام، وعبد الله بن رجاء، وعثمان بن عمرو بن فارس، وعمرو بن مرزوق، وعمرو بن الهيثم، والقاسم بن معين بن عبد الرحمن ومعاذ العنبري، والنضر بن شميل، ويزيد بن زريع.
وسمع منه بعد الاختلاط أبو النضر هاشم بن القاسم، وعاصم بن علي، وابن مهدي، ويزيد بن هارون، وحجاج الأعور، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد.
ومنهم: ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي لكثرة استعماله الرأي والقياس وهو شيخ الإمام مالك قال ابن الصلاح: قيل: إنه تغير في آخر عمره وترك الاعتماد عليه لذلك قال العراقي وما حكاه ابن الصلاح لم أره لغيره، وقد احتج به الشيخان، ووثقه الحفاظ والأئمة، ولا أعلم أحدا تكلم فيه باختلاط، ولا ضعف إلا ابن سعد، قال بعد أن وثقه: كانوا يتقونه لموضع الرأي، وقال ابن عبد البر: ذمه جماعة من أهل الحديث لإغراقه في الرأي، وكان سفيان والشافعي، وأحمد لا يرضون عن رأيه لأن كثيرا منه يخالف السنة والذي يظهر لي -والله
أعلم- أن اختلاطه لم يثبت وأنه إمام جليل ثقة ثبت، وكفى بالعراقي شاهدا لنفي الاختلاط عنه.
ومنهم: صالح بن نبهان مولى التوأمة1، قال ابن معين: خرف قبل أن يموت، وقال أحمد: أدركه مالك بعد اختلاطه، وقال ابن حبان: تغير سنة خمس وعشرين ومائة واختلط حديثه الأخير بالقديم، ولم يتميز فاستحق الترك.
وقد تعقبه العراقي فقال: بل ميز الأئمة بعض ذلك، فسمع منه قديما محمد بن أبي ذئب قاله ابن معين وغيره، وابن جرير، وزياد بن سعد قال ابن عدي وأسيد بن أبي أسيد2 وسعيد بن أبي أيوب، وعبد الرحمن الإفريقي، وعمارة بن غزية، وموسى بن عقبة، وسمع منه بعد اختلاطه مالك، والسفيانان.
ومنهم حصين بن3 عبد الرحمن الكوفي السلمي4 قال أبو حاتم: ساء حفظه في الآخر وقال يزيد بن هارون: اختلط وقال النسائي: تغير، وأنكر ذلك عليّ بن عاصم ولهم بهذا الاسم ثلاثة أخر كوفيون، ليس فيهم سلمي، ولا من اختلط إلا هذا وممن سمع منه قديما سليمان التيمي، والأعمش، وشعبة، وسفيان قال العراقي: وهو أحد الثقات الأثبات المتفق على الاحتجاج بهم.
وهو ممن خرج له الشيخان البخاري ومسلم من رواية خالد بن عبد الله الواسطي، والثوري، وشعبة بن الحجاج، وأبي زبيد عبثر بن5 القاسم، ومحمد بن فضيل وهشيم، وأبي عوانة الوضاح اليشكري عنه.
1 التوأمة: هي ابنة أمية بن خلف الجمحي صحابية سميت بذلك لأنها كانت هي وأخت لها في بطن واحد فسميت تلك باسم وهذه بالتوأمة.
2 بفتح الهمزة وكسر السين المهملة فيهما.
3 بضم الحاء وفتح الصاد المهملة وسكون الياء على صيغة المصغر.
4 بضم السين المهملة وفتح اللام.
5 بفتح العين المهملة، وسكون الباء الموحدة، وفتح الثاء المثلثة آخره راء.
وخرج له البخاري فقط من رواية حصين بن نمير، وزائدة بن قدامة، وسليمان بن كثير العبدي وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعبد العزيز بن مسلم، وأبي كدينة يحيى بن المهلب وأبي بكر بن عياش عنه.
وخرج له مسلم فقط من رواية جرير بن حازم، وزياد بن عبد الله البكائي، وأبي الأحوص سلام بن سليم، وعباد بن العوام، وعبد الله بن إدريس عنه.
وفي هؤلاء من سمع منه قبل الاختلاط كالواسطي، وزائدة، والثوري، وشعبة ومن سمع منه بعد كحصين بن نمير.
وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة عن ثلاث وتسعين سنة.
ومنهم: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي قال ابن معين اختلط بآخره، وقال عقبة العمي: قبل موته بثلاث سنين أو أربع قال الذهبي: لكنه ما ضر تغيره، فإنه لم يحدث بحديث في زمن التغير ثم استدل بقول أبي داود صاحب "السنن" وتغير جرير بن حازم، وعبد الوهاب الثقفي فحجب الناس عنهم.
ومنهم سفيان بن عيينة: اختلط قبل موته بسنتين قاله ابن الصلاح، أخذا من قول يحيى بن سعيد القطان: أشهد أن سفيان اختلط سنة سبع وتسعين وقد مات سنة تسع وتسعين وهذا الذي قاله يحيى بن سعيد قد نقله عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي.
وقد نقل السخاوي في شرحه للألفية للعراقي عن الذهبي أنه قال: "وأنا أستبعده وأعده خلطا من ابن عمار فالقطان مات في الكوفة في صفر سنة ثمان وتسعين عند رجوع الحاج وتحدثهم بأخبار الحجاز فمتى تمكن من سماعه باختلاط سفيان حتى تهيأ له أن يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به؟
ثم قال: فلعله بلغه في ذلك أثناء سنة سبع يعني وتسعين.
وهذا الذي ذكره ابن الصلاح في سنة وفاته وهم فالتحقيق أنه مات في رجب، وقيل في آخر يوم من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين.
وقد نقل السخاوي في "شرحه على الألفية" مناقشة الحافظ ابن حجر لقول الإمام الذهبي وقد ذكر السخاوي أيضا أن الشيخين اتفقا على التخريج له من جهة جماعة من الرواة عنه: إسحاق بن راهويه، وبشر بن الحكم النيسابوري، وولده عبد الرحمن بن بشر، وقتيبة يعني ابن سعيد، ومحمد بن عباد المكي، وأبي موسى محمد المثنى.
وخرج له البخاري فقط من جهة: حجاج بن منهال، وصدقة بن المروزي والحميدي، وعبد الله بن محمد المسندي -بفتح النون- وعبد الله بن محمد النفيلي وعبيد الله بن موسى، وعليّ بن المديني، وأبي نعيم الفضل بن دكين، ومالك بن إسماعيل النهدي، ومحمد بن سلام، ومحمد بن يوسف، ويحيى بن جعفر البيكندي، وأبي الوليد الطيالسي عنه.
وخرج له مسلم فقط من جهة إبراهيم بن دينار التمار، وأحمد بن حنبل، وأبي معمر إسماعيل بن إبراهيم الجدلي، وأبي خيثمة زهير بن حرب، وسعيد بن عمرو الأشعثي، وسعيد بن منصور، وسويد بن سعيد، وعبد الله بن محمد الزهري، وعبد الأعلى بن حماد الندسي، وعبد الجبار بن العلاء، وأبي قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي وعبيد الله بن عمر القواريري، وعليّ بن جعفر، وعليّ بن خشرم، وعمرو بن محمد الناقد ومحمد بن حاتم بن ميمون، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبي كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ومخلد بن خالد الشعيري ونصر بن عليّ الجهضمي، وهارون بن معروف، ويحيى بن يحيى النيسابوري عنه.
وذلك كله إنما كان قبل اختلاطه قطعا في آخر سني حياته.
وممن سمع منه في التغير: محمد بن عاصم صاحب الجزء العالي قال
الذهبي: ويغلب على ظني أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع، فأما سنة ثمان ففيها مات ولم يلق أحدا فيها والله أعلم.
ومنهم: عبد الرزاق بن همام الصنعاني فإنه عمي في آخر عصره فكان يلقن فيتلقن قاله الإمام أحمد قال: من سمع عنه بعد أن عمي فهو ضعيف السماع.
وممن سمع منه قبل ذلك أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وعليّ بن المديني، ووكيع في آخرين، والضابط لمن سمع منه قبل الاختلاط أن يكون سماعه قبل المائتين وبعده: أحمد بن محمد بن شبوية، ومحمود بن حماد الطبراني، وإسحاق بن إبراهيم الدبري قال ابن الصلاح: وجدت فيما روى الطبراني عن الدبري عنه أحاديث استنكرتها جدا، فأحلت أمرها على ذلك، وقال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق، وللدبري ست سنين أو سبع، وقال الذهبي: اعتنى به -أي الدبري- أبوه فأسمعه من عبد الرزاق تصانيفه وله سبع سنين، أو نحوها، وقد احتج به أبو عوانة في "صحيحه" وغيره قال العراقي: وكأن من احتج به لم يبال بتغيره لكونه إنما حدث من كتبه لا من حفظه ثم قال: والظاهر أن الذي سمع منهم الطبراني في رحلته إلى صنعاء من أصحاب عبد الرزاق كلهم سمع منه بعد التغير وهم أربعة:
1-
الديري.
2-
وإبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني.
3-
وإبراهيم بن محمد بن عبد الله بن سويد.
4-
والحسين بن عبد الأعلى الصنعاني.
وقد بين السخاوي في شرحه لألفية العراقي من خرج له الشيخان من الرواة عن عبد الرزاق ومن خرج له البخاري فقط، ومن خرج له مسلم وحده فليرجع إليه من يشاء.
ومنهم عارم محمد بن الفضل أبو النعمان السدوسي، قال البخاري تغير في آخر عمره وقال أبو حاتم من سمع منه سنة عشرين ومائتين.
فسماعه جيد قال: وأبو زرعة سنة اثنتين وعشرين. وقال أبو داود بلغنا أنه أنكر سنة ثلاث عشرة ثم راجعه عقله ثم استحكم به الاختلاط سن ست عشرة، وقال الدارقطني: وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر، وأما ابن حبان فقال: قد اختلط وتغير حتى كان لا يدري ما يحدث فوقع المناكير الكثيرة في روايته فما روى عنه القدماء فصحيح، وأما رواية المتأخرين فيجب التنكيب -أي البحث- عنها وأنكر ذلك الإمام الذهبي، ونسب ابن حبان إلى التخفيف والتهوير.
وممن سمع منه قبل الاختلاط: أحمد، وعبد الله المسندي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، وأبو عليّ محمد بن أحمد بن خالد، وجماعة منهم البخاري، فإنه إنما سمع منه قبل اختلاطه بمده، ولذا اعتمده في صحيحه في عدة أحاديث بل روى له أيضا بواسطة المسندي فقط.
ومنهم الذهلي محمد بن يحيى فإنه قال: حدثنا عارم وكان بعيدا من العرامة، صحيح الكتاب وكان ثقة.
ومنهم محمد بن يونس الكديمي وقد قال ابن الصلاح: ما رواه عنه البخاري والذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا منه قبل اختلاطه.
وممن سمع منه بعده أبو زرعة الرازي، وعليّ بن عبد العزيز البغوي وحديثه عند مسلم أيضا بواسطة أحمد بن سعيد الدارمي، وحجاج بن الشاعر وأبي داود سليمان بن معبد السنجي، وعبد بن حميد، وهارون بن عبد الله الحمال وكانت وفاته سنة ثلاث أو في صفر سنة أربع وعشرين ومائتين.
ومنهم: أبو قلابة -بكسر القاف- عبد الملك بن محمد الرقاشي -بفتح الراء المهملة وفتح القاف المخففة، ثم شين معجمة- نسبة إلى امرأة اسمها رقاش ابنة قيس.
روى عنه من أصحاب الكتب الستة ابن ماجه ومن غيرهم جماعة منهم: محمد بن جرير الطبري، وابن خزيمة، وهو الذي وصفه بالاختلاط فقال:"حدثنا أبو قلابة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداد" فظاهره أن من سمع منه بالبصرة فسماعه صحيح، وذلك كأبي داود السجستاني، وابنه أبي بكر، وابن ماجه، وأبي مسلم الكجي ومحمد بن إسحاق منه ببغداد أخيرا: أحمد بن سلمان النجاد، وأحمد بن كامل القاضي وأبو سهل بن زياد القطان، وعثمان بن أحمد السماك، وأبو العباس الأصم، وأبو بكر الشافعي وغيرهم، فعلى قول ابن خزيمة سماعهم منه بعد الاختلاط وكانت وفاته في شوال سنة ست وسبعين ومائتين.
ومنهم في المتأخرين: أبو أحمد محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم الغطريفي1 الجرجاني قال الحافظ أبو عليّ البردعي: بلغني أنه اختلط في آخر عمره قال العراقي: لم أره لغيره وقد ترجمه الحافظ حمزة السهمي في تاريخ "جرجان" فلم يذكر عنه شيئا في ذلك، وهو أعرف به فإنه شيخه، وقد حدث عنه الإسماعيلي في صحيحه إلا أنه دلس اسمه لكونه من أقرانه لا لضعفه فمرة يقول: حدثنا محمد بن أحمد العبدي ومرة محمد بن أبي حامد النيسابوري، ومرة الثغري ونحو ذلك، وقد مات الإسماعيلي قبله، وآخر أصحاب2 الغطريفي القاضي أبو الطيب الطبري، وسماعه منه في حياة الإسماعيلي، فهو قبل تغيره إن كان تغير وكانت وفاته سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
قال العراقي: وثم آخر يقال له: الغطريفي وافق هذا في اسمه واسم أبيه، وبلده، ونسبه، وتقاربا في اسم جده3، وتعاصرا، وذاك قد
1 بكسر العين المعجمة، وإسكان الطاء المهملة، ثم راء مكسورة بعدها مثناة من تحت، ثم فاء آخره ياء النسب، نسبة إلى جد جده وهو الثقة الثبت أحد أكابر الحفاظ في وقته.
2 أي تلاميذ.
3 فالأول جده الحسين، وهذا جده الحسن.
اختلط بآخره كما ذكر الحاكم في "تاريخ نيسابور" أنه تغير واختلط فيحتمل أن يكون اشتبه بالغطريفي هذا.
ومنهم: أبو طاهر محمد بن الفضل حفيد الإمام أبي بكر بن خزيمة المعروف بإمام الأئمة.
قال الحاكم: اختلط قبل موته بسنتين ونصف، قال الذهبي: ولم يسمع أحد منه في تلك المدة وقد كان بدء اختلاطه في ذي الحجة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ومات في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاثمائة فتكون مدة اختلاطه سنتين ونصف سنة إلا أياما.
أقول: وما دام لم يسمع أحد من الرواة عنه في تلك المدة فلا خطر في تغيره.
ومنهم: أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك المعروف بالقطيعي، وهو راوي مسند الإمام أحمد والزهد له عن ابنه عبد الله، وله كما لعبد الله بن الإمام زيادات في المسند قال ابن الصلاح:"اختل في آخر عمره وخرف، حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه".
وقال الذهبي: ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات، وهو غلو وإسراف وقد وثقه البرقاني، والحاكم، والدارقطني، ولم يذكروا شيئا من ذلك.
قال العراقي: في ثبوت ذلك نظر، وما ذكره ابن الفرات لم يثبت إليه، قال: وعلى تقدير ثبوته فمن سمع منه في حال صحته: الحاكم، والدارقطني، وابن شاهين، والبرقاني، وأبو نعيم، وأبو عليّ التميمي راوي المسند عنه، فإنه سمعه عليه سنة ست وستين ومائتين، وتوفي القطيعي سنة ثمان وستين وثلاثمائة.
وقد ذكر السخاوي في "شرحه للألفية للعراقي" جملة ممن اختلط من المتأخرين فمن أراد ازديادا في هذا فليرجع إليه1، ثم قال العراقي:
1 جزء 3 ص349.
تتمة: ربما يتفق عروض ما يشبه الاختلاط ثم يحصل الشفاء منه كما حكاه أبو داود في "سننه" عن معمر بن راشد اليمني أنه قال: "احتجمت فذهب عقلي حتى كنت ألقن فاتحة الكتاب في صلاتي قال: وكان قد احتجم على هامته"، وبلغني أن البرهان الحلبي عرض له الفالج1 فأنسي كل شيء حتى الفاتحة ثم عوفي، وكان يحكي عن نفسه أنه صار يتراجع إليه محفوظه الأول كالطفل شيئا فشيئا.
"فائدة": مما ينبغي أن يعلم أن ما كان من هذا القبيل من الرواية عمن اختلط في الصحيحين أو في أحدهما ونحوهما من كتب الحديث التي التزم فيها مؤلفوها الصحة فهو محمول أنه مما عرف روايته قبل الاختلاط والله أعلم2.
"هل من مدكر؟ ":
"وبعد" هذا التطواف الطويل يتبين لنا أن الأئمة المحدثين والرواة الثقات الضابطين بلغ من علمهم بالأحاديث والسنن والرواة أن هذا الحديث مما روي عمن روى عنه وهو صحيح معافى، وأن ذاك الحديث مما روي عنه وقد اختلط، أو مرض وأن هذا الراوي قد روى عنه في حال الصحة والعافية فلان وفلان، وأن ذاك الراوي قد روى عنه في حال مرضه أو تخليطه فلان وفلان، وهذا أمر يكاد ينفرد به العلماء المحدثون، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على التبحر وسعة العلم بالأحاديث والرواة، وأنهم أحاطوا بالعلم بالرواة وأحوالهم وتاريخ ولادتهم ووفياتهم، وكنت أحب من المستشرقين الذين لا يعلمون إلا ظاهرا من العلم أن يعتبروا بهذا ويتفكروا ثم يتفكروا، ولو أنهم فعلوا لعرفوا للسنة وتاريخها ورواتها لجلالتها وجلالتهم، ولما افتروا على السنن والأحاديث ورواتها وأئمتها هذه الافتراءات التي سودوا بها كتبهم ولكن
1 نوع من الشلل وهو بفتح الفاء واللام.
2 علوم الحديث لابن الصلاح بشرحه للعراقي من ص442-468، تدريب الراوي من ص522-528، شرح ألفية العراقي للسخاوي جزء 3 من ص331-350.