المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاعتبار والمتابعات والشواهد - الوسيط في علوم ومصطلح الحديث

[محمد أبو شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌تقدمة بين يدي الكتاب

- ‌منهجي في تأليف هذا الكتاب:

- ‌ال‌‌مدخلللكتاب

- ‌مدخل

- ‌ألقاب المشتغلين بالحديث

- ‌مدخل

- ‌من مفاخر المحدثين

- ‌الحفظ والفقه للأحاديث

- ‌فائدتان

- ‌علوم الحديث بالمعنى العام

- ‌مدخل

- ‌علم الحديث دراية

- ‌مدخل

- ‌تاريخ علم الحديث دراية

- ‌الرواية في الإسلام:

- ‌تعريف الرواية:

- ‌كون الرواية طريقا إلى العلم

- ‌تاريخ الرواية:

- ‌الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌الإذن لبعض الصحابة بالكتابة

- ‌آراء العلماء في التوفيق بين أحاديث الإذن وحديث النهي

- ‌الحديث في عهد الصحابة وكبار التابعين

- ‌تدوين الحديث تدوينا عاما

- ‌التدوين في القرن الثاني 100-200ه

- ‌التأليف في القرن الثالث" 200-300ه

- ‌التأليف في القرن الرابع 300-400ه

- ‌التأليف بعد القرن الرابع:

- ‌تقليد المؤلفين في العلوم النقلية للمحدثين في الرواية

- ‌مناهج المحدثين في التأليف

- ‌شروط الراوي في الإسلام

- ‌الفرق بين عدل الرواية والشهادة:

- ‌التحمل والأداء وشروطهما

- ‌فائدة

- ‌تفريعات:

- ‌الإسناد العالي والنازل

- ‌مسائل تتعلق بكتابة الحديث وآدابها

- ‌صفة رواية الحديث وآدابها

- ‌مسائل تتعلق بهذا الفصل

- ‌آداب المحدث

- ‌آداب طالب الحديث

- ‌الرحلة في سبيل العلم

- ‌مدخل

- ‌وارتحال التابعين ومن بعدهم

- ‌أدب أهل العلم والحديث وطلابه مع الله ورسوله

- ‌تقسيم الحديث من حيث عدد رواته

- ‌المتواتر

- ‌شروط المتواتر

- ‌أقسام المتواتر:

- ‌العلم الذي يفيده المتواتر:

- ‌الشبه التي أوردت على المتواتر:

- ‌وجود المتواتر من الأحاديث:

- ‌أمثلة المتواتر

- ‌أخبار الآحاد

- ‌المشهور من الحديث

- ‌العزيز:

- ‌تقسيم الحديث من حيث نسبته إلى قائله

- ‌مدخل

- ‌مظان الموقوف والمقطوع

- ‌ما له حكم المرفوع من الموقوف والمقطوع

- ‌الحديث القدسي

- ‌مدخل

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني

- ‌أمثلة للأحاديث القدسية:

- ‌طريقة رواية الحديث القدسي

- ‌المؤلفات في الأحاديث القدسية:

- ‌المتصل" أو "الموصول

- ‌المسنَد

- ‌أقسام الحديث من حيث القبول والرد

- ‌مدخل

- ‌الحديث الصحيح

- ‌مدخل

- ‌أقسام الحديث الصحيح:

- ‌حكم الحديث الصحيح

- ‌فوائد مهمة تتعلق بالصحيح

- ‌الفائدة الأولى:

- ‌الفائدة الثانية:

- ‌الفائدة الثالثة:

- ‌الفائدة الرابعة:

- ‌الفائدة الخامسة:

- ‌تعقيبات وتنبيهات

- ‌الحديث الحسن

- ‌تعريفه:

- ‌تنبيهات وتعقيبات

- ‌التنبيه الأول

- ‌تنبيه آخر

- ‌تنبيه ثالث

- ‌تنبيه رابع

- ‌الاحتجاج بالحديث الحسن:

- ‌خاتمة:

- ‌الحديث الضعيف

- ‌أقسام الضعيف

- ‌حكم الحديث الضعيف رواية وعملا

- ‌فائدة

- ‌المرسل

- ‌تعريفه:

- ‌حكم المرسل عند المحدثين

- ‌المنقطع

- ‌تعريفه:

- ‌فائدة تتعلق بالمنقطع

- ‌المعضل

- ‌تعريفه:

- ‌فائدتان

- ‌تفريعات

- ‌المعلق

- ‌المدلس

- ‌الشَّاذُ

- ‌المحفوظ

- ‌المنكر

- ‌المعروف

- ‌المتروك

- ‌المُعَلُّ" لا "المعلول" ولا "المُعَلَّل

- ‌المضطرب

- ‌المدرج

- ‌المقلوب

- ‌المطروح

- ‌الحديث الموضوع

- ‌تعريفه

- ‌حكم رواية الموضوع:

- ‌حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أقسام الموضوع:

- ‌متى نشأ الوضع في الحديث:

- ‌عرض موجز لحركة الوضع في الحديث

- ‌مدخل

- ‌الأسباب الحاملة على الوضع:

- ‌الوضاعون

- ‌أمارات الوضع:

- ‌آثار الوضع السيئة

- ‌الموضوعات وكتب العلوم:

- ‌الموضوع وكتب التفسير

- ‌الموضوعات وكتب الفقه والأصول:

- ‌الموضوع وكتب الوعظ، والتصوف، والأخلاق

- ‌الموضوع وكتب العلوم الأخرى:

- ‌جهاد العلماء في مقاومة حركة الوضع وتنقية السنة والأحاديث

- ‌كتب أخر للتخاريج

- ‌الاعتبار والمتابعات والشواهد

- ‌معرفة الأفراد

- ‌معرفة زيادات الثقات وحكمها

- ‌انتقاد الحافظ القول القائل بالقبول مطلقا

- ‌علم الجرح والتعديل

- ‌جواز الجرح وإن كان غيبة

- ‌مدخل

- ‌من الذي يستأهل أن يكون ناقدًا

- ‌مناهج النقاد في النقد

- ‌مشاهير المتصدين للجرح والتعديل

- ‌بم تثبت العدالة

- ‌هل يشترط ذكر السبب في الجرح والتعديل

- ‌بم يكون الجرح

- ‌المراد بالبدعة وحكم رواية المبتدع

- ‌هل يجزئ التعديل على الإبهام

- ‌مدخل

- ‌فائدتان مهمتان

- ‌هل الرواية عن رجل سماه تعتبر تعديلا

- ‌هل يعتبر عمل العالم أو فتياه على وفق حديث تصحيحا له

- ‌جهالة الراوي

- ‌هل يقبل تعديل العبد والمرأة

- ‌ألفاظ الجرح والتعديل ومراتبها

- ‌مدخل

- ‌مراتب الجرح والتعديل

- ‌ألفاظ التجريح، ومراتبها

- ‌المسلسل من الحديث

- ‌تعريفه:

- ‌الأمثلة لهذه الأنواع:

- ‌المسلسلات لا تخلو من ضعف في التسلسل:

- ‌أشهر المؤلفات في المسلسلات

- ‌علم علل الحديث

- ‌مدخل

- ‌المؤلفات في علل الحديث

- ‌علم غريب الحديث:

- ‌تعريفه:

- ‌منشأ الغريب في الحديث:

- ‌التثبيت في القول في غريب الحديث

- ‌المؤلفون في هذا العلم:

- ‌علم مختلف الحديث ومشكله

- ‌مختلف الحديث في اللغة

- ‌مختلف الحديث في الاصطلاح:

- ‌مشكل الحديث

- ‌أقسام مختلف الحديث

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في مختلف الحديث ومشكله

- ‌علم ناسخ الحديث ومنسوخه

- ‌مدخل

- ‌النسخ في اللغة

- ‌يطلق النسخ في اللغة على معنين

- ‌بم يعرف النسخ

- ‌أشهر الكتب المؤلفة في الناسخ والمنسوخ في الحديث

- ‌محكم الحديث

- ‌علم أسباب ورود الحديث

- ‌مدخل

- ‌هذا العلم نظير علم أسباب النزول عند علماء علوم القرآن

- ‌سبب ورود الحديث قد يذكر في الحديث وقد يذكر في غيره

- ‌ القسم الأول: وهو ما يذكر في الحديث من أمثلته:

- ‌القسم الثاني من أسباب ورود الحديث

- ‌المؤلفات في هذا العلم:

- ‌علم المصحف والمحرف

- ‌تعريفه:

- ‌منشأ التصحيف

- ‌مقالة جيدة للحافظ ابن كثير الدمشقي

- ‌ذكر العلماء المثل للتصحيف للتصويب والتحذير لا للتشهير

- ‌التصحيف في حديث لا يخل بصحته وحسنه

- ‌أقسام التصحيف

- ‌تقسيم أول:

- ‌تقسيم ثان له

- ‌تقسيم ثالث له

- ‌النتيجة

- ‌المؤلفات في الصفحات

- ‌معرفة الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌من هو الصحابي

- ‌تعريف الصحبة:

- ‌بم تعرف الصحبة

- ‌عدالة الصحابة

- ‌المكفرون لبعض الصحابة

- ‌أكثر الصحابة رواية للحديث

- ‌الصحابي المظلوم أبو هريرة

- ‌أكثر الصحابة علما وفتيا

- ‌المعروفون بالفتوى من الصحابة:

- ‌عدد الصحابة

- ‌طبقات الصحابة

- ‌أفضل الصحابة

- ‌مدخل

- ‌خصائص بعض الصحابة

- ‌أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌أول الصحابة إسلاما

- ‌آخر الصحابة موتا

- ‌المؤلفون في الصحابة

- ‌التابعون رضي الله عنهم

- ‌مدخل

- ‌طبقات التابعين

- ‌سيدات النساء التابعيات

- ‌جماعة عدوا من التابعين وليسوا منهم

- ‌قوم من الصحابة عدوا من التابعين وبالعكس

- ‌آخر التابعين

- ‌اتباع التابعين

- ‌رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌المدبج وراية القرين عن القرين

- ‌معرفة الإخوة والأخوات من الرواة

- ‌رواية الآباء عن الأبناء

- ‌رواية الأبناء عن الآباء

- ‌السابق واللاحق

- ‌معرفة الوحدان

- ‌معرفة من ذكر بأسماء أو صفات مختلفة

- ‌معرفة المفردات من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌المؤلفات في هذا الفن

- ‌القسم الأول: في أسماء

- ‌فمن الصحابة:

- ‌ومن التابعين

- ‌القسم الثاني: الكني

- ‌القسم الثالث: الألقاب

- ‌معرفة الأسماء والكنى

- ‌مدخل

- ‌أقسام هذا النوع

- ‌معرفة كنى المعروفين بالأسماء

- ‌معرفة ألقاب المحدثين، ومن يذكر معهم

- ‌المؤتلف والمختلف

- ‌مدخل

- ‌المؤلفات فيه:

- ‌وما ضبط من هذا النوع قسمان:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌الأنساب

- ‌تعليق المؤلف

- ‌المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوها

- ‌أقسام المتفق والمفترق

- ‌المتشابه

- ‌المشتبه المقلوب

- ‌معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم

- ‌النسب التي هي على خلاف ظاهرها

- ‌معرفة المبهمات

- ‌معرفة التواريخ لمواليد الرواة والسماع والقدوم والوفيات لهم

- ‌مدخل

- ‌فروع:

- ‌الفرع الأول:

- ‌الهجرة مبدأ التاريخ الإسلامي:

- ‌الفرع الثاني:

- ‌الفرع الثالث:

- ‌الفرع الرابع:

- ‌سبعة من الأئمة الحفاظ، أحسنوا التأليف، وعظم النفع بتأليفهم

- ‌معرفة من اختلط من الرواة الثقات

- ‌مدخل

- ‌طبقات العلماء والرواة

- ‌معرفة الموالي من العلماء والرواة

- ‌بلوغ الموالي من العلماء والرواة مرتبة سامية في الإسلام

- ‌معرفة أوطان الرواة وبلدانهم

- ‌رواية الصحابة بعضهم عن بعض والتابعين بعضهم عن بعض

- ‌معرفة ما رواه الصحابة عن التابعين

- ‌مدخل

- ‌معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه وعكسه

- ‌معرفة من وافق اسم شيخه اسم أبيه

- ‌معرفة من اتفق اسمه واسم أبيه وجده

- ‌معرفة من اتفق اسمه واسم شيخه

- ‌معرفة من اتفق اسم شيخه والراوي عنه

- ‌معرفة من اتفق اسمه وكنيته

- ‌معرفة من وافق اسمه نسبه

- ‌معرفة الأسماء التي يشترك فيها الرجال والنساء

- ‌معرفة من لم يرو إلا حديثًا واحدًا

- ‌باب: المراجع والفهارس

- ‌المراجع الأصلية:

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌الاعتبار والمتابعات والشواهد

‌كتب أخر للتخاريج

‌الاعتبار والمتابعات والشواهد

"كتب أخر للتخاريج":

وهناك عدا ما ذكرت "تحفة الراوي في تخريج أحديث البيضاوي" وتخريج "أحاديث أصول البزدوي" لقاسم بن قطلوبغا الحنفي، وتخريج أحاديث "شرح السعد" و"شرح المواقف" وهما للسيوطي، وتخريج أحاديث "منهاج الأصول" لشيخ الإسلام عمر بن علي الأنصاري، وتخريج "أحاديث شرح الرضي على الكافية" لعبد القادر البغدادي، وقد اطلعت على هذه التخاريج وكلها مخطوطة وتخريج أحاديث "شرح الشفا" للحافظ السيوطي وهو مطبوع.

وهكذا نرى أن كتب التخاريج قد أسهمت إلى درجة كبيرة في التنبيه إلى الموضوعات والإسرائيليات، وما على شاكلتها، ولو أن هذه التخاريج التي لم تطبع وجدت من يطبعها لكان في ذلك خدمة تشكر للحقيقة والبحث ولما وقع الكثيرون في خطأ ذكر الموضوعات من غير بيانها اعتمادا على وجودها في كتب العلوم.

"الاعتبار والمتابعات والشواهد":

هذا النوع من الأنواع التي يذكرها علماء علوم الحديث في تصانيفهم ومؤلفاتهم وإيراد العنوان على هذا الوضع يوهم أن الاعتبار قسيم للمتابعات والشواهد وليس الأمر كذلك.

وإنما الاعتبار: هو البحث في طرق الأحاديث والمرويات ليتوصل بذلك إلى معرفة الحديث أتفرد به راويه أم لا؟ وأهو معروف أم لا؟

وذلك بأن يأتي إلى حديث لبعض الرواة فيعتبره بروايات غيره من

ص: 364

الرواة بسبر طرق الحديث1 ليعرف أشاركه في ذلك الحديث راو غيره فرواه عن شيخه أم لا؟ فإن لم يكن فينظر هل تابع أحد شيخ شيخه في روايته فرواه عمن روى عنه؟ وهكذا إلى آخر الإسناد وتلك هي المتابعة.

فإن لم يكن فينظر: هل أتى بمعناه حديث آخر؟ وهو الشاهد، فإن لم يكن فالحديث فرد، ومن ثم نرى أن الاعتبار ليس قسيما2 للمتابع، والشاهد، بل هو الوسيلة للتوصل إليهما.

ولما كان المثال هو الذي يوضح الممثل له فقد جرى أئمة علوم الحديث على توضيح ذلك بالمثال فمثال الاعتبار: أنه يروي حماد بن سلمة مثلا حديثا لا يتابع عليه عن أيوب3، عن ابن سيرين4، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فينظر: هل رواه ثقة غير أيوب عن ابن سيرين؟ فإن لم يوجد ثقة غيره فينظر: هل رواه غير ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه، فإن لم يوجد فينظر هل رواه صحابي آخر غير أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأي ذلك وجد علم به أن له أصلا يرجع إليه، وإن لم يوجد شيء من ذلك فلا أصل له.

1 السير هو التتبع والاختبار والنظر، ويكون بالنظر في الجوامع، والمسانيد، والمعاجم، والمشيخات، والفوائد، والأجزاء؛ كما قال ابن الصلاح في "علومه"، والمراد بالجوامع: الكتب التي جمعت فيها الأحاديث على ترتيب أبواب الفقه كالكتب الستة والموطأ، أو على ترتيب الحروف الهجائية في ترتيب الأبواب كالبدء بكتاب الإيمان، ثم كتاب البر، ثم كتاب الثواب وهكذا، كما فعل ابن الأثير في "جامع الأصول"، أو ترتيب متون الأحاديث كما فعل السيوطي في "الجامع الصغير"، والمراد بالمسانيد ما جمع فيه مسند كل صحابي على حدة صحيحا أم ضعيفا، وبالمعاجم: ما ذكرت فيه الأحاديث على ترتيب الصحابة أو الشيوخ، أو البلدان، أو غير ذلك، والغالب أن يكونوا مرتبين على حروف الهجاء وبالمشيخات: الكتب التي تشتمل على ذكر الشيوخ الذين لقيهم المؤلف وأخذ عنهم، أو أجازوه وإن لم يلقهم، وبالأجزاء ما دون فيه حديث شخص واحد من الأئمة المعروفين، أو مادة واحدة من أحاديث جماعة. "شرح شرح النخبة ص94".

2 القسيم هو القسم المقابل.

3 أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني ثقة ثبت حجة.

4 هو التابعي الجليل محمد بن سيرين.

ص: 365

ثم بين المثال بما هو موجود بالفعل في بعض كتب الحديث المعتمدة وذلك كالحديث الذي رواه الترمذي عن طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن ابن سرين، عن أبي هريرة، أراه رفعه "أحبب حبيبك هونا". الحديث، قال الترمذي: غريب، لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه أي من وجه يثبت، وإلا فقد رواه الحسن بن دينار عن ابن سيرين والحسن متروك الحديث لا يصلح للمتابعات.

والمتابعة: أن يرويه عن أيوب غير حماد، وهذه المتابعة التامة، وهي التي تكون في أول السند أي من جهة الإمام الراوي فإن لم يروه عن أيوب غير حماد ولكن رواه عن ابن سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة، غير ابن سيرين، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم صحابي غير أبي هريرة، فكل هذا يسمى متابعة ولكنها قاصرة؛ لأنها تقصر عن المتابعة الأولى بحسب بعدها منها، قال ابن الصلاح، وتسمى المتابعة شاهدا أيضا.

والشاهد: أن يروي حديث آخر بمعناه، ولا تسمى هذه متابعة.

وهذا الذي ذكرناه في تعريف المتابعة والشاهد هو ما ذكره الإمام الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في "علوم الحديث" وتبعه النووي وغيره.

وبالتأمل فيه نرى أن ابن الصلاح خص المتابعة بما كان باللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحابي أم لا، والشاهد: خصه بما كان بالمعنى سواء أكان عن ذلك الصحابي أم لا، وقيل: الشاهد أعم من أن يكون باللفظ أو بالمعنى.

وقد جاء الإمام الحافظ ابن حجر فخالف ابن الصلاح في هذا واعتبر المتابعة فيما إذا كانت عن ذلك الصحابي الذي روى الحديث المتابع -بفتح الباء الموحدة- سواء أكانت باللفظ أم بالمعنى، واعتبر الشاهد فيما إذا كان عن صحابي آخر سواء أكان باللفظ أم

ص: 366

بالمعنى، وهذه المسألة إحدى مسائل الخلاف بين الشيخ ابن حجر والشيخ أبي عمرو بن الصلاح، وسبقت مسألة أخرى فقد جعل الإمام أبو عمرو الشاذ والمنكر شيئا واحدا وفرق بينهما الحافظ كما ذكرنا فيما سبق، فليكن أهل العلم وطلبة الحديث على بينة من هذا، وقد ضرب الحافظ ابن حجر مثالا يوضح ما أراده غاية التوضيح فقال -رحمه الله تعالى: مثال ما اجتمع فيه المتابعة التامة، والقاصرة، والشاهد:

ما رواه الشافعي في الأم عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: $"الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى ترو الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".

فهذا الحديث بهذا اللفظ ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك فعدوه في غرائبه1؛ لأن أصحاب2 مالك رووه عنه بهذا الإسناد بلفظ: "فإن غم عليكم فاقدروا له" ، لكن وجدنا للشافعي متابعا وهو عبد الله بن مسلمة القعنبي3 كذا أخرجه البخاري عنه عن مالك4، وهذه متابعة تامة.

ووجدنا له متابعة قاصرة في صحيح ابن خزيمة من رواية عاصم بن محمد عن أبيه محمد بن زيد عن جده عبد الله بن عمر: "فأكملوا ثلاثين" وفي صحيح مسلم من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بلفظ: "فاقدروا ثلاثين".

1 الغرائب جمع غريب وهو الحديث الذي ينفرد به بعض الرواة أو الحديث الذي ينفرد فيه بعضهم بأمر لا يذكره فيه غيره، إما في متنه أو في إسناده.

2 أي أصحابه الآخذون عنه وهم تلاميذه.

3 مسلمة -بفتح الميم وسكون السين المهملة وفتح اللام- والقعنبي نسبة إلى جده قعنب وهو بفتح القاف وسكون العين المهملة، وفتح النون آخره باء موحدة. ومعناه في الأصل الأسد والشديد الصلب، كان ابن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحدا مات سنة إحدى وعشرين ومائتين بمكة.

4 كتاب الصيام، باب: إذا رأيتم الهلال فصوموا.

ص: 367

قال الحافظ: ووجدنا له شاهدا رواه النسائي من رواية محمد بن حنين1 عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثل حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر بلفظه سواء2 ورواه البخاري من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة بلفظ: "فإن أغمى عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" ، وذلك شاهد بالمعنى.

وقد وافق الحافظ ابن الصلاح في أنه قد يطلق على الشاهد، والعكس أي وقد يطلق الشاهد على المتابع فلا فرق بينهما إلا بغلبة استعمال الشاهد في أحد معنييه عند قوم، وكثرة استعمال المتابع عند آخرين قال: والأمر سهل، إذ المقصود الذي هو التقوية حاصل بكل منهما سواء أكان متابعا، أم شاهدا.

قال الحافظ: وخص قوم المتابعة بما حصل باللفظ سواء أكان من رواية ذلك الصحابي أم لا، والشاهد بما حصل بالمعنى كذلك أي سواء أكان من رواية ذلك الصحابي أم لا.

ومراده بالقوم: الإمام ابن الصلاح ومن تبعه.

وإذا قلنا العلماء في مثل هذا الحديث: تفرد به أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو تفرد به ابن سيرين عن أبي هريرة، أو تفرد به أيوب عن ابن سيرين، أو حماد عن أيوب، كان مشعرا بانتفاء وجود المتابعات فيه وإذا انتفت المتابعات مع الشواهد فحكمه ما سبق في الشاذ من التفصيل أقول: يعني إن كان راويه ثقة ولم يخالف من هو أوثق منه فهو مقبول، وإن خالف من هو أوثق منه أو أولى منه فهو الشاذ المردود، ومقابله يسمى المحفوظ.

1 محمد بن حنين -بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخره نون- هو المكي وهو مقبول من الطبقة الرابعة، روى له النسائي.

2 أي اللفظان متوافقان ومتماثلان.

ص: 368