الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين -في القرون الثلاثة الأولى- أشرف الناس نفسا، وأعلاهم خلقا، وأشدهم خشية لله، وبذلك نصرهم الله وفتح عليهم الممالك وسادوا على كل الأمم والحواضر في قليل من السنين بالدين والخلق قبل أن يكون بالسيف والرمح"1.
أقول: ولن يؤمن بهذه الأكذوبة وبهذا التجني الآثم إلا رجل ألغى عقله وكفر بقواعد البحث العلمي الصحيح، وأهمل الخصائص الدينية والخلقية والنفسية التي تمثلت أقوى ما تكون في هؤلاء السلف الصالح: أهل القرون الثلاثة الفاضلة.
1 مقدمة الباعث الحثيث ص8-10 ط أولى.
"
مناهج المحدثين في التأليف
":
وقد سلك المحدثون في تأليفاتهم مسالك مختلفة منها ما أشرنا إليه فيما سبق ومنها ما لم نشر إليه، وإليك أشهر مناهجهم في التأليف:
1-
أجودها تصنيفة على الأبواب الفقهية. بأن يذكر في كل باب ما ورد فيه من أحاديث، فالجامع بينها وحدة الموضوع، وأصحاب هذا المنهج منهم من يقتصر على الصحيح كأصحاب الكتب الصحاح، وعلى رأس هؤلاء صاحبا الصحيحين: البخاري والمسلم.
ومنهم من يجمع بين الصحيح والحسن والضعيف كأصحاب السنن: سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. ونحوها كشعب الإيمان للبيهقي، و"البعث والنشور" له، وهؤلاء الجامعون بين الصحيح وغيره منهم من يبين كل نوع ويميزه عن الآخر ومنهم من لم يبين ويكتفي بإخراج الحديث بسنده اعتماده على نقد القارئ له، ومعرفة درجته عن طريق النظر في سنده.
2-
التأليف على المسانيد بأن يجمع في ترجمة كل صحابي ما عنده من حديث صحيحا أو حسنا أو ضعيفا من غير أن يكون بينها وحدة.
في الموضوع فقد يذكر حديث في الصلاة بجانب حديث في الزكاة بجانب حديث في البيوع وهكذا فالوحدة في كتب المسانيد هي وحدة الصحابي.
وقد اختلف في أول من ألف على المسانيد فقيل: نعيم بن حماد، وقيل أسد بن موسى، وقيل عبيد الله بن موسى العبسي، وأبو داود الطيالسي1 وقيل غير ذلك، وأصحاب هذه الطريقة منهم من يرتب الصحابة على حسب السوابق في الإسلام فيبدأ بالعشرة المبشرين بالجنة، ثم أهل بدر ثم أهل الحديبية، ثم المهاجرين بينها وبين الفتح، ثم من أسلم يوم الفتح ثم أصاغر الصحابة سنا كالسائب بن يزيد وأبي الطفيل عامر بن واثلة ثم بالنساء بادئا بأمهات المؤمنين وذلك كما صنع الإمام الجليل أحمد في مسنده.
ومنهم من رتب على القبائل فبدأ ببني هاشم، ثم بالأقرب نسبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم من رتب على حسب حروف المعجم كما فعل الطبراني في المعجم الكبير فإنه رتب الصحابة فيه على حسب حروف المعجم.
3-
وهنالك طريقة سلكها ابن حبان في صحيحه فقد رتبه على الأوامر والنواهي والأخبار والإباحات وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم. ونوع كل نوع من هذه الأنواع الخمسة إلى أنواع وسمى كتابه "التقاسيم والأنواع" وهي طريقة مشكلة معقدة لا يسهل الكشف بها على الحديث.
1 هو أبو داود سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي بفتح الطاء، والياء وكسر اللام ينسب إلى الطيالسة التي تجعل على العمائم مولى آل الزبير الفارسي الأصل البصري الحافظ له مسند قيل: إنه أول مسند صنف وقد جمعه بعض الحفاظ من خراسان، جمع فيه ما رواه يونس بن يزيد عنه خاصة وله من الأحاديث التي لم تدخل هذا المسند قدره أو تكثر منه وتوفي بالبصرة سنة ثلاث ومائتين وقد رد العراقي أنه أول مسند صنف "تدريب الراوي ص102".
4-
ومن أحسن المناهج في التأليف تصنيف معللا بأن يجمع في لك حديث أو باب طرق واختلاف رواته، فإن معرفة العلل أجل أنواع الحديث وأدقها، والأولى جعله على الأبواب ليسهل تناوله وذلك كما فعل ابن أبي حاتم الرازي.
وقد صنف الإمام يعقوب بن شيبة مسندا معللا فلم يتم، قيل ولم يتم مسند معلل قط وقد صنف بعضهم مسند أبي هريرة معللا في مائتين جزء.
5-
ومن طرق التأليف جمعه على الأطراف وذلك بأن يذكر طرف الحديث1 الدال على بقيته ويجمع أسانيده إما مستوعبا لجميع الكتب أو مقيدا بكتب مخصوصة كأطراف الصحيحين للحافظ إبراهيم بن محمد الدمشقي المتوفى سنة إحدى وأربعمائة "401هـ"، وكتاب "تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف" للحافظ أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي الدمشقي المتوفى سنة اثنين وأربعين وسبعمائة، جمع فيه أطراف الكتب الستة على مسانيد الصحابة، وقد طبع أخيرا بالهند، وعليه كتاب "النكت الظراف على الأطراف" للحافظ ابن حجر، وقد أشرف على طبعه السيد عبد الحميد شرف الدين الهندي.
وكتاب "إتحاف المهرة بأطراف العشرة" للحافظ ابن حجر المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة وقد جمع فيه أطراف الكتب الآتية:
1-
الموطأ.
2-
ومسند الشافعي.
3-
ومسند أحمد.
4-
ومسند الدارمي.
5-
وصحيح ابن خزيمة.
6-
والمنتقى لابن الجارود.
7-
وصحيح ابن حبان.
8-
ومستدرك الحاكم.
9-
ومستخرج أبي عوانة.
10-
وشرح معاني الآثار.
11-
وسنن الدارقطني.
وإنما زاد العدد واحدا، لأن صحيح ابن خزيمة
1 طرف: بفتح الراء أوله الدال عليه.