الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
معرفة الوحدان
":
الوحدان: جمع واحد كشاب، وشبان، وراع ورعيان.
وهو من لم يرو عنه إلا واحد.
ومن فوائده: معرفة المجهول إذا لم يكن صحابيا فلا يقبل كما تقدم، وهو أن من لم يرو عنه إلا راو واحد فهو مجهول العين فلا تقبل روايته، إلا أن يكون صحابيا فإن الصحابة كلهم عدول.
وقد ألف فيه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري كتيبا صغيرا1.
"أمثلته":
مثاله في الصحابة:
1-
وهب بن خنبش2 الطائي الكوفي قال ابن الصلاح: وسماه الحاكم، وأبو نعيم: هرما، وذلك خطأ، وكذا وقع عن ابن ماجه.
قال المزي: ومن قال وهب أكثر وأحفظ.
2-
وعامر بن شهر، وعروة بن مضرس، ومحمد بن صفوان الأنصاري ومحمد بن صيفي الأنصاري، وليس بالذي قبله على الصحيح، وهؤلاء صحابيون أجلاء لم يرو عنهم غير الشعبي التابعي الجليل.
وقد عقب على ذلك العراقي في شرح "علوم الحديث" فقال: ما ذكره في عامر قاله مسلم وغيره، وفيه نظر: فإن ابن عباس روى عنه قصة رواها سيف بن عمر في "الردة" -أي قتال أهل الردة- قال: حدثنا طلحة الأعلم عن عكرمة عن ابن عباس قال: أول من اعترض على الأسود العنسي -وكان ادعى النبوة- وكابره عامر بن شهر الهمداني إلى آخر كلامه، وما قاله في عروة قاله أيضا ابن المديني، والحاكم، وليس كذلك فقد روى عنه ابن عمه: حميد بن منهب الطائي، ذكره الحافظ المزي في "تهذيب الكمال".
3-
وانفرد قيس بن أبي حازم بالرواية عن أبيه، وعن دكين3 أبي
1 هي رسالة صغيرة في 24 صحيفة مطبوع طبع حجر بالهند.
2 بفتح الخاء المعجمة وسكون النون، وفتح الباء الموحدة، آخره شين معجمة.
3 دكين بضم الدال وفتح الكاف وسكون الياء المثناة من تحت على صيغة المصغر.
سعيد الخثعمي ويقال المزني، وعن الصنابح1 بن الأعسر، ومرداس بن مالك الأسلمي من الصحابة.
قال العراقي في "شرحه على مقدمة ابن الصلاح": لم ينفرد عن الصنابح، بل روى عنه أيضا الحارث بن وهب ذكره الطبراني.
قال السيوطي: لكن قال شيخ الإسلام -يعني الحافظ ابن حجر: إنه وهم والصواب أن الذي روى عنه الحارث، الصنابحي التابعي -يعني لا الصنابح الصحابي- وقال المزي: روى عن مرداس أيضا زياد بن علاقة.
قال العراقي: والصواب خلافه، فإنما روى زياد عن مرداس بن عروة صحابي آخر.
4-
ومن لم يرو عنه من الصحابة إلا ابنه المسيب بن حزن القرشي والد سعيد بن المسيب، ومعاوية بن حيدة القشيري، والد حكيم.
قال العراقي: بل روى عن معاوية أيضا عروة بن رويم اللخمي، وحميد المزني ذكرهما المزي.
وقرة بن إياس والد معاوية، وأبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن، وإن كان عدي بن ثابت أيضا روى عنه، فلم يدركه كما قال المزي.
قال أبو عبد الله الحاكم في "المدخل إلى الإكليل": لم يخرجا -أي الشيخان: البخاري ومسلم- في الصحيحين عن أحمد من هذا القبيل من الصحابة.
وتبعه على ذلك البيهقي، فقال في "سنته" عند ذكر بهز بن حكيم عن أبيه عن جده في حديث:"ومن كتمهما فإنا آخذوها، وشطر ماله"
1 الصنابح: بضم الصاد، وفتح النون الممدودة وكسر الباء الموحدة، آخره حاء مهملة والأعسر بالعين والسين المهملتين.
الحديث، ما نصه: "فأما البخاري ومسلم فإنهما لم يخرجاه جريا على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي، إذا لم يكن له إلا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين، وغلطوه في ذلك وقد نقض هذا القول بإخراجهما حديث المسيب بن حزن أبي سعيد في وفاة أبي طالب مع أنه لا راوي له غير ابنه سعيد.
وبإخراج البخاري حديث الحسن البصري عن عمرو بن تغلب مرفوعا: "إني لأعطي الرجل، والذي أدع أحب إليّ"، الحديث. ولم يرو عنه غيره أي غير الحسن وبإخراج البخاري أيضا حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي:"يذهب الصالحون الأول، فالأول" ، ولا راوي له غير قيس كما تقدم تحريره.
وبإخراج مسلم حديث عبد الله بن الصامت عن رافع بن عمرو الغفاري، ولا راوي له غيره.
قال العراقي: بل روى عنه ابنه عمران أيضا كما قال المزي، وأبو جسر مولى أخيه كما في "جامع الترمذي".
ونظائره في الصحيحين كثيرة، قال ابن الصلاح: كإخراجه حديث أبي رفاعة العدوي، ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي، وحديث الأغر المزني، ولم يرو عنه غير أبي بردة.
وقال العراقي: بل روى عن أبي رفاعة أيضا صلة بن أشيم العدوي، وعن الأغر عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومعاوية بن قرة.
ثم قال ابن الصلاح "وهذا مصير منهما -أي البخاري ومسلم- إلى أنه ترتفع الجهالة عن الراوي برواية واحد عنه"، أقول: وإن لم يقل بذلك فكل من ذكرهم صحابة، والصحابة كلهم عدول والله أعلم.
"مثاله في التابعين":
1-
أبو العشراء الدارمي لم يرو عنه غير حماد بن سلمة.
قال العراقي: بل روى عنه يزيد بن أبي زياد، وعبد الله بن محرر كلاهما روى عنه حديث الزكاة متابعين لحماد بن سلمة.
2-
ومثل الحاكم لهذا النوع في التابعين بمحمد بن أبي سفيان الثقفي، وذكر أنه لم يرو عنه غير الزهري فيما نعلم.
قال العراقي: بل قد روى عنه أيضا ضمرة بن حبيب بن صهيب الزبيدي كما ذكره البخاري في "التاريخ" وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" والمزي في "التهذيب" وروايته عنه في المعجم الكبير للطبراني، وروى عنه أيضا تميم بن عطية العنسي وأبو عمر الأنصاري ذكره المزي في "التهذيب".
3-
قال الحاكم: وكذلك تفرد الزهري عن نيف وعشرين رجلا من التابعين لم يرو عنهم غيره.
4-
وكذلك عمرو بن دينار تفرد عن جماعة من التابعين.
5-
وكذلك يحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو إسحاق السبيعي، وهشام بن عروة وغيرهم.
وسمى الحاكم منهم في بعض المواضع فيمن تفرد عنهم عمرو بن دينار: عبد الرحمن بن معبد وعبد الرحمن بن فروخ.
وفيمن تفرد عنهم الزهري عمرو بن أبان بن عثمان وسنان بن أبي سنان الدؤلي وقد تعقبه العراقي في "التقييد والإيضاح" فقال: ذكر الحافظ أبو الحجاج المزي في "تهذيب الكمال" أنه روى عنه أيضا زيد بن أسلم، وكأنه قلد في ذلك ابن ماكولا، فإنه هكذا قال في "الإكمال" إنه روى عنه وعن أبيه أبي سنان.
والمشهور أن رواية زيد بن أسلم عن أبيه أبي سنان واسمه يزيد بن أمية، هكذا ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" قال البخاري: وقال زيد بن أسلم: حدثنا أبو سنان يزيد بن أمية، وكذا ذكر النسائي في "الكنى" والحاكم أبو أحمد في "الكنى" في ترجمة أبي سنان، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف" أنه روى عنه زيد بن أسلم، وكذلك ذكر الحاكم فيمن تفرد عنهم يحيى بن سعيد الأنصاري عبد الله بن أنيس -بضم الهمزة وفتح النون وسكون الباء آخره سين مهملة- الأنصاري.
وقد تعقبه في ذلك الإمام العراقي فقال: قال الخطيب في كتاب "المتفق والمفترق" عبد الله بن أنيس ثلاثة فذكرهم: فالأولان صحابيان، والثالث تابعي.
فلم يذكر هو ولا غيره تفرد يحيى بن سعيد عن واحد من الثلاثة، بل ولا روايته عن واحد منهم، وقد ذكر البخاري في التاريخ هذا الذي أشار إليه الحاكم، فقال: عبد الله بن أنيس عن أمه، وهي بنت كعب بن مالك "خرج النبي صلى الله عليه وسلم على كعب بن مالك وهو ينشد".
قال ابن وهب: "أنبأنا عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن أنيس حدثه ولم يذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" عبد الله بن أنيس هذا، فإن كان هذا هو التابعي المذكور في "المتفق والمفترق"، فلم ينفرد عنه يحيى بن سعيد بل تابعه على الرواية عنه زهرة بن معبد، وإن كان غيره فكان يلزم الخطيب أن يعدهم أربعة، ولهم أيضا خامس اسمه عبد الله بن أنيس الأنصاري صحابي روى عنه ابنه عيسى، وحديثه عند أبي داود والترمذي، وقد فرق بينه وبين عبد الله بن أنيس الجهني عليّ بن المديني، وخليفة بن خياط وغيرهما.
وذكره أبو موسى المديني في "ذيله" على الصحابة وقال في نسبه:
الزهري، وقد ذكر الطبراني حديث هذا في حديث عبد الله بن أنيس الجهني والله أعلم.
"مثاله في أتباع التابعين":
ومثل له الخطيب في أتباع التابعين بالمسور بن رفاعة القرظي، وذكر أنه لم يرو عنه غير مالك.
قال الحاكم: والذين تفرد عنهم مالك نحو عشرة من شيوخ المدينة منهم المسور بن رفاعة القرظي قال: وتفرد سفيان الثوري عن بضعة عشر شيخا منهم عبد الله بن شداد الليثي، وتفرد شعبة عن نحو ثلاثين شيخا منهم الفضل بن فضالة.
قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: وأخشى أن يكون الحاكم في تنزيله بعض من ذكره بالمنزلة التي جعله فيها معتمدا على الحسبان والتوهم، والله أعلم.
قال العراقي: "وما خشية المصنف هو المتحقق في بعضهم خصوصا المسور بن رفاعة، لقد روى عنه جماعة آخرون منهم إبراهيم بن سعيد ومحمد بن إسحاق
…
"، وذكر آخرين غير هذين1.
1 تدريب الراوي ص439-442، وعلوم الحديث لابن الصلاح بشرح العراقي من ص351-357، واختصار علوم الحديث ص206، 208.