الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسلم لحظة طبع قلبه على الإيمان، وجوارحه على الاستقامة على الدين؛ لأنه بإسلامه متهيئ للقبول والتأثر، فإذا قابل ذلك النور العظيم أشرق عليه، فظهر أثره على قلبه بقوة الإيمان، وعلى جوارحه بالاستقامة والعمل الصالح، والأخلاق الكريمة، وقد كان يأتيه الكافر، فينظر إليه فإذا به يصير مؤمنا صادقا، فما بالك بالمسلم؟ ويشهد لهذا الرأي الراجح الحديث المروي في الصحيحين من رواية جابر بن عبد الله الأنصاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام 1 من الناس، فيقولون: فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون لهم: نعم فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون لهم: نعم فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم".
1 جماعة وهو بكسر الفاء وهمزة على الياء وحكى فيه ترك الهمزة.
"
بم تعرف الصحبة
؟ ":
تعرف الصحبة بأمور:
1-
بالتواتر: كالخلفاء الأربعة، وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وغيرهم وسواء أكان ذلك بالقرآن على سبيل التنصيص على الصحبة كالصديق أبي بكر رضي الله عنه فقد أجمع المفسرون على أنه المراد بالصاحب في قوله تعالى:{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ، أو ذكر اسمه كزيد بن حارثة في قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} ، أو بالسنة المتواترة.
2-
أو بالاستفاضة والشهرة كضمام بن ثعلبة وعكاشة بن محصن وسلمة بن الأكوع وغيرهم.
3-
أو يقول صحابي عنه أنه صحابي كحممة بن أبي حممة الدوسي، الذي مات مبطونا بأصبهان زمن سيدنا عمر، فشهد له أو موسى الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم حكم له بالشهادة. ذكره أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" ورويت قصته في مسند الطيالسي ومعجم الطبراني.
4-
أو بإخبار بعض ثقات التابعين عنه بأنه صحابي وهذا بناء على قبول التزكية من واحد وهو الراجح.
5-
أو بإخباره عن نفسه بأنه صحابي، وذلك بشرط أن يكون معروف العدالة وبشرط أن يكون ادعاؤه لذلك قبل مضي مائة سنة من وفاته صلى الله عليه وسلم فإن ادعاها بعد المائة، فلا تقبل دعواه ويكون كاذبا وذلك كجماعة ادعوا الصحبة بعد المائة كأبي الدنيا الأشج، ومكلبة بن ملكان، ورتن الهندي، فقد أجمع أهل الحديث على كذبهم، وذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قال:"أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد". الحديث1، وفيه:"يريد بذلك انخرام ذلك القرن"، وكان إخباره بذلك قبل موته بشهر كما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر: "تسألوني عن الساعة، وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ"، وهذه الرواية المقيدة باليوم يحمل عليها ما ورد في بعض طرق حديث جابر عند مسلم أيضا:"ما من نفس منفوسة تبلغ مائة سنة".
وبهذه المناسبة أنبه إلى أن بعض المستشرقين وتابعهم بعض الكتاب المعاصرين2 زعموا أن الحديث يدل على قيام الساعة، والساعة لم تقم
1 صحيح البخاري، كتاب العلم، باب السمر في الليل.
2 فجر الإسلام ص266 للأستاذ أحمد أمين.