الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقضى أمتي، وأبي أقرؤهم، وأبو عبيدة أمينهم"، وروي عن عمر من وجوه: "عليّ أقضانا وأبي أقرؤنا"، وقال سعيد بن المسيب: "كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن" يعني عليًّا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ابن مسعود: "من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد"، وقال: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود -فبدأ به- وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل" ، رواه البخاري إلى غير ذلك مما ورد في خصائص بعض الصحابة.
"
أزواجه صلى الله عليه وسلم
":
أفضل نساء هذه الأمة أزواج النبي قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا} ، وأفضل أزواجه خديجة وعائشة، وقد اختلف العلماء في التفضيل بينهما، فمنهم من فضل خديجة، ومنهم من فضل عائشة ومنهم من توقف في التفضيل بينهما، وقد استدل القائلون بتفضيل عائشة بما يأتي:
1-
ما اشتهرت به من الفقه والعلم.
2-
ولنزول تبرئتها من فوق سبع سماوات.
3-
ولأنها كانت أحب نسائه إليه.
4-
ولما رواه البخاري في صحيحه مرفوعا: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
واختار السبكي في "الحلبيات" تفضيل خديجة ثم عائشة ثم حفصة ثم الباقيات سواء، والذي أرجحه ما ذهب إليه السبكي من تفضيل خديجة رضي الله عنها وذلك:
1-
لأنها أول من آمن بالنبي وواسته بنفسها ومالها، ووفرت له في حياتها كل وسائل الراحة النفسية والبيتية وأعانته على تأدية رسالته.
2-
وأيضا فقد روى البخاري ومسلم عن علي قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد" أي كل منهما خير نساء زمانها.
3-
ورويا أيضا بسنديهما عن أبي هريرة قال: "أتى جبريل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني السلام، وبشرها ببيت في الجنة من قصب1 لا صخب فيه ولا نصب"، فقد أقرأها ربها السلام، ولم يثبت ذلك لأحد من نساء النبي، وكل ما ثبت لعائشة إقراء جبريل السلام لها، وقد وفرت السيدة خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم كل وسائل الراحة في دنياها، فكان جزاء وفاقا أن يوفر الله سبحانه لها كل وسائل الراحة والنعيم في أخرها، وقد زاد الطبراني في رواية الصحيحين السابقة أنها قالت:"هو السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام" في رواية النسائي، "وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته"، وفي هذا الجواب ما يدل على فقهها، ووفور عقلها، وحسن أدبها رضي الله عنها.
4-
وأصرح من ذلك في الدلالة على تفضيلها على عائشة ما رواه ابن مردويه في تفسيره بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا ثلاث 2 مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد3 على سائر الطعام".
"عرفان الرسول لها فضلها": فلا تعجب إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حزن لموتها حزنا شديدا، وكان دائم الذكر لها والترحم عليها، روي عن عائشة
1 القصب اللؤلؤ المجوف.
2 من الموافقات اللطيفة التي جمعت الثلاث في نسق واحد أن كل واحدة منهن كفلت نبيا مرسلا وأحسنت له الصحبة وآمنت به، فآسية ربت موسى وأحسنت إليه، وصدقت به حين بعث، ومريم كفلت عيسى، وربته وصدقت به حين أرسل، وخديجة رغبت في النبي، وواسته بنفسها ومالها، وأحسنت صحبته، وكانت أول من صدقه حين نزل عليه الوحي.
3 الفت باللحم وكان عند العرب من أطيب الأطعمة.
قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها فذكرها يوما من الأيام فأخذتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزا قد أبدلك الله خيرا منها، فغضب، ثم قال:"والله ما أبدلني خيرا منها، آمنت بي إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله منها الولد دون غيرها"، وقالت عائشة: فقلت في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبة أبدا. رواه أحمد والطبراني.
ولم يقف الأمر عند ذكرها، بل كان يحب حبيباتها، ويصلهن فكان يذبح الشاة ويقطعها ويقول: أرسلوا إلى صديقات خديجة، رواه البخاري، وكانت تستأذن عليه هالة بنت خويلد أخت خديجة فيذكره صوتها بصوت خديجة، وحديثها العذب، وأيامها الحلوة فيهش لها، وترتاح نفسه لذلك، وتشرق أسارير وجهه، وجاءته ذات يوم امرأة عجوز من صويحباتها، فأحسن لقاءها، وصار يسأل عن أحوالها وما صارت إليه، فقالت عائشة لما خرجت: تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: "إنها كانت تأتينا زمان خديجة وإن حسن العهد من الإيمان" ، رواه الحاكم والبيهقي في الشعب ومما كافأ النبي به خديجة رضي الله عنها وأرضاها- في الدنيا أنه لم يتزوج في حياتها غيرها وهذا أمر متفق عليه، وقد عاش معها زهرة شبابه ومعظم حياته الزوجية، فقد عاش النبي بعد زواجها ثمانيا وثلاثين عاما انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عاما تقريبا وبذلك صان قلبها فيها من الغيرة التي هي من ملازمات النساء، ومن تكدير الضرائر لها، وهي فضيلة لم يشاركها فيها أحد غيرها من نساء النبي.
"التفضيل بين عائشة وفاطمة": وكذلك اختلفوا في التفضيل بين السيدة فاطمة والسيدة عائشة رضي الله عنها على ثلاثة أقوال:
1-
فاطمة أفضل.
2-
عائشة أفضل.
3-
التوقف في هذا.
والأصح تفضيل فاطمة من حيث كونها بضعة منه صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري: "فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني"، وفي الصحيح أيضًا مرفوعًا:"فاطمة سيدة نساء أهل الجنة" وقد صحح هذا الرأي السبكي في "الحلبيات" وبالغ في تصحيحه، وقد ثبت في الصحيح أنها سيدة هذه الأمة، وروى النسائي عن حذيفة مرفوعًا قال:"هذا ملك من الملائكة استأذن ربه ليسلم عليّ، وبشرني أن حسنًا وحسينًا سيدا شباب أهل الجنة، وأمهما سيدة نساء أهل الجنة"، وفي مسند الحارث بن أسامة بسند صحيح لكنه مرسل:"مريم خير نساء عالمها وفاطمة خير نساء عالمها"، ورواه البخاري موصولًا من حديث علي بلفظ:"خير نسائها مريم وخير نسائها فاطمة"، قال الحافظ ابن حجر: والمرسل يفسر المتصل يعني أن المراد نساء عالمها. قال الحافظ ابن حجر: "وأقوى ما يستدل به على تقديم فاطمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعدهن ما ذكر من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنها سيدة نساء العالمين إلا مريم" ، وأنها رزئت بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنهن متن في حياته فكن في صحيفته، ومات هو في حياتها فكان في صحيفتها وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدته منصوصًا، فذكر ما رواه ابن جرير الطبري في تفسير سورة آل عمران من تفسيره"1.
"بين السيدة خديجة والسيدة فاطمة": وكذلك اختلف في التفضيل بين خديجة وابنتها فاطمة، فمن العلماء من فضل أمها لما ذكرنا في فضلها، ومنهم من فضل فاطمة؛ لأنها بضعة منه صلى الله عليه وسلم قال السبكي الكبير:"الذي نختاره وندين الله به أن فاطمة أفضل ثم خديجة أفضل ثم عائشة أفضل"، وقيل: إنهما سواء وهذا الرأي أولى وهو ما أميل إليه ويشهد له ما ذكرناه من حديث: "خير نسائها خديجة". وحديث: "خير نسائها
1 فتح الباري ج7 ص83، 84، التدريب ص208.