الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(12) بَابٌ في النَّهْيِ عن سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
-
4658 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عن الأَعْمَشِ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ". [خ 3673، م 2541، ت 3861، حم 3/ 11]
===
(12)
(بَابٌ في النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ (1) رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم)
4658 -
(حدثنا مسدَّد، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد (2) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَسبُّوا أصحابي).
فإن قلت: لِمنِ الخطاب في قوله: "لا تَسُبُّوا أصحابي"، والصحابة هم الحاضرون؟ قلت: لغيرهم من المسلمين المفروضين في العقل، جعل من سيوجد كالموجود الحاضر وجودهم المترقب.
(فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدُكم مثلَ أُحُد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدِهم) هو ربع صاع (ولا نَصِيفه) أي بقدر نصف المد أيضًا.
(1) هل يُكفَّر مَنْ سَبَّ الصحابة؟ مختلف فيه جدًّا، كما بسط في مكتوب عزيز الرحمن الكنكوهي الكَجراتي في "المكتوبات العلمية"، ورجَّح ابن عابدين (ص 344) عدم التكفير، ولابن عابدين رسالة مستقلة في ذلك في "رسائله"، وهل يدخل في عمومه النهي عن الكلام فيما تشاجر بينهم.
والجملة فيه كما بسطه صاحب "الإشاعة"(ص 100): أنهم مجتهدون في ذلك، لكن عليًا مصيب فله أجران، وغيره خاطئ فله أجر، أما طلحة والزبير وعائشة فمجتهدون قطعًا، ولم يطمعوا في الخلافة، وأما معاوية فمع طمعه في الخلافة لا يُذكر إلَّا بخير؛ لأنه صحابي وصهر له صلى الله عليه وسلم، وأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يتولى، ودعا له:"اللهم اجعله هاديًا مهديًّا"، ولا حاجة إلى الاعتذار عن الخوارج لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى.
وكذا قال الحافظ: إنهم مجتهدون مخطئون، وقال التفتازاني: ما وقع بينهم من المحاربات لم يكن عن نزاع في الخلافة، بل عن خطأ في الاجتهاد، وكذا في "مكتوبات المجدِّد"(دفتر أول، الجزء الرابع)، وبسط الكلام في ذلك. (ش).
(2)
وبسط الحافظ أن الرواية لأبي سعيد، ومن روى لأبي هريرة فقد وَهِمَ. "فتح الباري"(7/ 35، 36). (ش).
4659 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، نَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ الثَّقَفِيُّ، نَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرُ (1)، عن عَمْرِو (2) بْنِ أَبِي قُرَّةَ قَالَ: كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ، فَكَانَ يَذْكُرُ أَشْيَاءَ قَالَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لأُناسٍ (3) مِنْ أَصْحَابِهِ في الْغَضَب، فَيَنْطَلِقُ نَاسٌ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ حُذَيْفَةَ فَيَأتُونَ سَلْمَانَ وَيَذْكُرُونَ (4) لَهُ قَوْلَ حُذَيْفَةَ، فَيَقُولُ سَلْمَانُ: حُذَيْفَةُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ. فَيَرْجِعُونَ إلَى حُذَيْفَةَ فَيَقُولُوِنَ لَهُ: قَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَكَ لِسَلْمَانَ فَمَا صَدَّقَكَ وَلَا كَذَّبَكَ، فَأَتَى حُذيْفَةُ سَلْمَانَ وَهُوَ في مَبْقَلَةٍ،
===
4659 -
(حدثنا أحمد بن يونس، نا زائدة بن قُدامة الثقفي، نا عمر بن قيس الماصرُ)(5) بكسر الصاد المهملة وتخفيف الراء، ابن أبي مسلم الكوفي، أبو الصباح مولى ثقيف، قال ابن معين وأبو حاتم: ثقة، وقال الآجري: سئل أبو داود عنه فقال: من الثقات، وأبوه أشهر منه وأوثق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، له عندهما -أي في "الأدب المفرد" للبخاري وأبي داود- حديث:"أيما رجل من أمتي سببته"، وفيه قصة حذيفة مع سلمان.
(عن عمرو بن أبي قُرَّة قال: كان حذيفة بالمدائن، فكان يذكر أشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم -لأُناس من أصحابه في الغضَب، فينطلقُ ناسٌ ممن سمِع ذلك من حذيفة فيأتون سلمانَ) الفارسي رضي الله عنه (ويذكرون له قولَ حذيفة) وحديثَه.
(فيقول سلمانُ: حذيفةُ أعلم بما يقول، فيرجعون إلى حذيفة فيقولون له) أي لحذيفة: (قد ذكرْنا قولَك لسلمان فما صدَّقك ولا كذَّبك).
(فأتى حذيفةُ سلمانَ وهو) أي سلمان (في مَبْقَلةٍ) أي أرض ذات بقْل وزرع
(1) في نسخة: "الماصري".
(2)
في نسخة: "عمر".
(3)
في نسخة: "لناس".
(4)
في نسخة: "فيذكرون".
(5)
انظر: "تهذيب التهذيب"(7/ 489، 490).
فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ! مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَدِّقَني بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ سَلْمَانُ: إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْضَبُ فَيَقُولُ في الْغَضَبِ لِنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَيرْضَى فَيَقُولُ في الرِّضَا لِنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، أَمَا تَنْتَهِي حَتَّى تُوَرِّثَ رِجَالًا حُبَّ رِجَالٍ، وَرِجَالًا بُغْضَ رِجَالٍ، وَحَتَّى تُوقِعَ اخْتِلافًا وَفُرْقَةً؟ وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ فَقَالَ:"أَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي سَبَبْتُهُ سَبَّةً، أَوْ لَعَنْتُهُ لَعْنَةً في غَضَبِي، فَإنَّمَا أَنَا مِنْ وُلْدِ آدم، أغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُونَ، وَإنَّمَا بَعَثَنِي رَحْمَةً لَلْعَالَمِينِ، فَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ صَلَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(1)، والله لَتَنْتَهِيَنَّ أوْ لأَكْتُبَنَّ إلَى عُمَرَ (2). [حم 5/ 437]
===
(فقال) حذيفةُ لسلمان: (يا سلمان! ما يمنعك أن تصدِّقني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال سلمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب) أحيانًا (فيقولُ في الغضَب لناسٍ من أصحابه) بعضَ الكلام، (ويرضَى فيقول في الرضا لناسٍ من أصحابه) بعض الكلام، (أَمَا تَنتهي) عن تحديث هذا الكلام (حتى تورِّثَ) أي تحدث وتنشئ (رجالًا) أي في قلوبهم (حُبَّ رجالٍ و) تحدث (رجالًا) أي في قلوب (بغضَ رجالٍ) من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، (وحتى تُوقعَ اختلافًا وفرقة) أي افتراقًا؟
(ولقد علمتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال: أيُّما رجلٍ من أمتي سَبَبْتُه سَبَّةً، أو لعنتُه لعنةً في غضبي، فإنما أنا من وُلْد آدم، أغضبُ كما يغضبون، وإنما بعثني) الله عز وجل (رحمةً للعالمين، فاجعلْها) أي تلك السبَّة واللعنة (عليهم صلاةً) أي رحمة (يوم القيامة، والله لَتنْتَهِيَنَّ) عن تحديثك هذا (أو لأَكْتُبَنَّ إلى عمر) رضي الله عنه.
(1) في نسخة: "إلى يوم القيامة".
(2)
زاد في نسخة: "قال أبو داود: فتحمَّل عليه برجال فكفَّر يمينَه، ولم يكتب إلى عمر، وكفَّر قبل الحِنْث، قال أبو داود: قبل وبعد كله جائز".