الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(145)
بابٌ (1) في الْقِيَامِ
5215 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، نَا شُعْبَةُ، عن سَعْد بْنِ إبْرَاهِيمَ، عن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ أَقْمَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"قُومُوا إلَى سَيِّدِكمْ، أَوْ إلَى (2) خَيْرِكُمْ"، فَجَاءَ حَتَّى قَعَدَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [خ 3043، م 1768، حم 3/ 22]
5216 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ، نَا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ، عن شُعْبَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ لِلأَنْصَارِ: "قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ"[انظر الحديث السابق]
===
(145)(بابٌ في الْقِيَامِ)
(3)
5215 -
(حدثنا حفص بن عمر، نا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد الخدري: أن أهل قريظة لما نزلوا على حكم سعد) أي ابن معاذ (أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) يدعوه ليحكم فيهم (فجاء على حمار أَقْمَرَ) أي أبيض (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم، أو إلى خيركم، فجاء) أي سعد (حتى قعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم).
5216 -
(حدثنا محمد بن بشار، نا محمد بن جعفر، عن شهبة بهذا الحديث، قال) شعبة: (فلما كان) أي سعد (قريبًا من المسجد قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (للانصار: قوموا إلى سيدكم) قال في الحاشية: احتجّ به المصنف والبخاري
(1) زاد في نسخة: "ما جاء".
(2)
في نسخة: "حبركم".
(3)
غرض الباب على الظاهر جوازه، وسيأتي منعه في "باب الرجل يقوم الرجل يُعظِّمُه بذلك"(ص 614). (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ومسلم على مشروعية القيام (1) وقال مسلم: لا أعلم في قيام الرجل للرجل حديثًا أصح من هذا، ونازعه فيه طائفة، منهم: ابن الحاج، بأنه صلى الله عليه وسلم -إنما أمرهم بالقيام لسعد لينزلوه عن الحمار لكونه مريضًا كما في بعض الروايات، ففي "مسند أحمد":"قوموا إلى سيدكم فأنزلوه"، قال: ولو كان القيام المأمور لسعد هو القيام المتنازع فيه لما خص به الأنصار، فإن الأصل في أفعال القرب التعميم.
وقال التوربشتي: يعني قوموا إلى سيدكم، أي إلى إعانته وإنزاله عن دابته، ولو كان المراد التعظيم لقال: قوموا لسيدكم، وقيل: بل معنى قوموا إليه أي قوموا وامشوا إليه تلقيًا وإكرامًا كما يدل عليه لفظ "سيدكم"، ذكره السيوطي، وللناس كلام كثير في هذه المسألة، وعلى هذا الحديث، والأقرب أن تركه أولى وأحرى إن تيسر بلا إفضاء إلى إيذاء وخصومة، انتهى "فتح"(2).
وقال الشيخ في "اللمعات"(3): قد ادعى بعضهم أن القيام للداخل سنة، واحتجوا بهذا الحديث، وذهب بعضهم إلى أنه مكروه منهي عنه لما ثبت من حديث أنس (4) رضي الله عنه من كراهته صلى الله عليه وسلم قيام الصحابة له، فقد يحتجّ على جواز القيام بما روي من قيامه صلى الله عليه وسلم -لعكرمة بن أبي جهل حين قدم، وبما روي عن حديث ابن حاتم:"ما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا قام أو تحرك"، وفيه كلام كثير.
(1) وصرح بندبه "الشامي"(9/ 551)، وجعل العيني (15/ 376) القيام على أربعة أوجه، وبسط الحافظ (11/ 51، 52) الكلام على روايات الباب إثباتًا ونفيًا أشد البسط، وبسط شيئًا منه شراح "الشمائل"(2/ 135) وحكوا ندب القيام عن النووي وابن حجر المكي، وعن القاضي عياض: أن المنهي عنه ما إذا قاموا وهو جالس. [انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (6/ 338)]. (ش).
(2)
راجع: "فتح الباري"(11/ 51).
(3)
انظر: "أشعة اللمعات"(4/ 30).
(4)
أخرجه الترمذي (2754)، وأحمد (3/ 133، 134).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والصحيح أن احترام أهل الفضل من أهل العلم والصلاح والشرف بالقيام جائز، وفي "مطالب المؤمنين": لا يكره قيام الجالس لمن دخل تعظيمًا، والقيام ليس مكروهًا لعينه، وإنما المكروه محبة القيام لمن الذي يقام له، وما جاء من كراهته صلى الله عليه وسلم قيام الصحابة له فهو من جهة الاتحاد الموجب لرفع التكلف لا للنهي.
وقال النووي (1): القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاءت فيه أحاديث، ولم يصح في النهي عنه شيء تصريحًا، فَعُلِمَ أن القيام المذكور مما تكلم فيه العلماء ليس كما يقال: إنه بدعة لم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم، نعم لم يكن متعارفًا فيه كما في هذا الزمان، بل كانوا غير متكلفين في أحد الجانبين، بل الظاهر أن الغالب عدم القيام، وأما إنه بدعة مطلقًا فكَلَّا، انتهى ملخصًا.
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: باب في القيام، وهو جائز في نفسه ما لم يعترِ عليه عارض يخرجه من الجواز إلى الكراهة، مثل خوف افتتان الذي قام له، فيخاف عليه أن يصير يحب القيام له، فهذا لا يجوز لما فيه من تعريض دينه بالفساد، إلَّا أن يخاف على نفسه أو عرضه شيئًا.
وكذلك لا يجوز له أن يقوم لغيره رياء وسمعة، وليس له في قلبه شيء من المودة أو العظمة الباعثة له على القيام، فلا يقوم إلَّا موافقًا ظاهره بباطنه، إلَّا أن يخاف فتنة على نفسه أو عرضه فيجوز له ارتكاب هذا المكروه خوفًا من أن يبتلي بأكثر منها.
وأما الذي أورده المؤلف من الروايات فليس شيء منها كافيًا لإثبات المدعى، لأن القيام فيها ليس بقيام تعظيم، وفيه الكلام، وإنما هو قيام إعانة وإمداد في الأول، وقيام معانقة في الثاني أو غير ذلك، إلَّا أن يثبت المدعى
(1) انظر: "شرح صحيح مسلم"(6/ 338).
5217 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: نَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ، أَنَا إسْرَائِيلُ، عن مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عن الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عن عَائِشَةَ بنْتِ طَلْحَةَ، عن أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشبَهَ سَمْتًا وَدَلًّا وَهَدْيًا (1) - وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا وَكَلَامًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنُ: السَّمْتَ وَالهَدْيَ وَالدَّلَّ- بِرَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهَا، كَانَتْ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ،
===
بإثبات مطلقه، فإن مطلق القيام لما كان جائزًا كان تطرق الكراهة عليه لأمر عارض، إذ لو كان القيام نفسه مكروهًا لكانت الكراهة توجه في كل أفراده.
ولا يبعد أن يكون مراد المؤلف في عقد الباب مطلقًا من التعظيم وغيره، وإيراد تلك الروايات فيه أن الذي يثبت منه بالروايات هو هذا لا غير، فبقي ما وراءه على الكراهة لروايات النهي ولمشابهة الأعاجم والجبابرة، انتهى.
5217 -
(حدثنا الحسن بن علي وابن بشار قالا: نا عثمان بن عمر قال: أنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن أم المومنين عائشة) رضي الله تعالى عنها (أنها قالت: ما رأيت أحدًا كان أشبه سمتًا) بفتح فسكون (ودلًا) بفتح وتشديد لام (وهديًا) بفتح وسكون، وهذه الألفاظ متقاربة المعاني لغة، فمعناها الهيئة والطريقة وحسن الحال ونحو ذلك.
(وقال الحسن) شيخ المصنف: (حديثًا وكلامًا) في محل سمتًا وهديًا ودلًّا (ولم يذكر الحسن السمت والهدي والدل، برسول الله صلى الله عليه وسلم) الباء متعلقة بأشبه (من فاطمة) أي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الله وجهها) ولفظ: "من" صلة لأفعل التفضيل يعني أشبه.
(كانت) فاطمة رضي الله عنها (إذا دخلت عليه) أي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) في نسخة: "وهديًا ودلًا".