الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن قَتَادَةَ أَوْ غَيْرِهُ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ في الْجَاهِلِيَّةِ، أَنْعَمَ اللهُ بِكَ عَيْنًا، وَأَنْعِمْ صَبَاحًا، فَلَمَّا كَانَ الإسْلَامُ نُهِينَا عن ذَلِكَ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ مَعْمَرٌ: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَجُلُ: أَنْعَمَ اللهُ بِكَ عَيْنًا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: أَنْعَمَ اللَّه عَيْنَكَ.
(154) بَابٌ في الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: "حَفِظَكَ الله
"
5228 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، عن ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ،
===
عن قتادة أو غيره) عطف على قتادة (أن عمران بن حصين قال: كنا نقول في الجاهلية: أنعمَ الله بك عَيْنًا، وأنْعِمْ صباحًا، فلما كان الإِسلام نُهِيْنَا عن ذلك، قال عبد الرزاق: قال معمر: يكره أن يقول الرجل: أنعمَ الله بك عينًا (1)، ولا بأس أن يقول: أنعمَ الله عينك).
كأنه زعم أن بناء النهي على إبهام لفظ العين الموهم إضافتها إليه تعالى، فالظاهر في معنى هذا الكلام أنه يوهم أن الله سبحانه وتعالى ينعم عينه بالمخاطب، وهذا لا يجوز في حقه تعالى، فهذا الكلام منهي عنه لأمرين: لكونه من تحية الجاهلية، ولكونه موهمًا للمعنى الفاسد، وأما "أنعم صباحًا" فليس فيه شيء من الإيهام المخالف، فلعل النهي عنها لأنها من تحيات الجاهلية، وأما:"أنعم الله عينك"، فليس من تحيات الجاهلية ولا موهم لها للمعنى المخالف للمقصود.
(154)
(بابٌ في الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: حَفِظَكَ اللهُ)
5228 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن ثابت البناني،
(1) يشكل عليه ما في "المجمع"(4/ 761)، إذ قال في حديث مطرف:"لا تقل: نَعَّمَ الله بك عينًا، فإن الله تعالى لا ينعّم بأحد، ولكن قل: أنعم الله بك عينا"، قال الزمخشري: بل هو صحيح فصيح في كلامهم، وعين تمييز من الكاف وباؤه للتعدية، ومعناه: نعَّمَكَ الله عينًا، أي نعَّمَ عينك وأقرَّها
…
إلخ. (ش).
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: نَا أَبُو قَتَادَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ في سَفَرٍ لَهُ فَعَطشُوا، فَانْطَلَقَ سَرْعَانُ النَّاسِ، فَلَزِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ:"حَفِظَكَ اللَّه بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ". [م 681]
(155)
بَابُ (1) الرَّجُل يَقُومُ لِلرَّجُل يُعَظِّمه بِذَلِك
5229 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، ثنَا حَمَّادٌ، عن حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عن أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَامِرٍ، فَقَامَ ابْن عَامِر
===
عن عبد الله بن رباح الأنصاري قال: نا أبو قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر له فعطشوا، فانطلق سرعانُ الناسِ، فَلَزِمْت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لي:(حَفِظَكَ اللهُ بما حفظت به نَبِيّه).
قال المنذري: وأخرجه مسلم بطوله، وقد تقدم في كتاب الصلاة مختصرًا أيضًا، وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه (2) مختصرًا.
(155)
(بَابُ الرَّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ (3) يعَظِّمُه بِذَلِكَ)
5229 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن حبيب بن الشهيد، عن أبي مجلز قال: خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر).
قال القاري (4): وفي "شرح السنة"(5) عن أبي مجلز: أن معاوية خرج وعبد الله بن عامر وعبد الله بن الزبير جالسان
…
إلخ.
(1) في نسخة بدله: "باب في قيام الرجل للرجل".
(2)
انظر: "سنن الترمذي"(1894)، و"سنن ابن ماجه"(3434).
(3)
وذكر الحافظ (11/ 51، 52) اختلاف الروايات فيه، وتقدم جوازه ح (5215). (ش).
(4)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(8/ 476).
(5)
"شرح السنَّة"(12/ 295) ح (3330).
وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لابْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ، فَإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا، فَلْيَتَبوأْ مَقْعَدَه مِنَ النَّارِ". [ت 2755، حم 4/ 91]
5230 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَذَثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عن مِسْعَرٍ، عن أَبِي الْعَنْبَسِ، عن أَبِي الْعَدَبَّسِ، عن أَبِي مَرْزُوقٍ، عن أَبِي غَالِبٍ،
===
قلت: ولكن خالف الترمذي (1) في هذه الرواية أبا داود، فروى من طريق سفيان، عن حبيب بن الشهيد، عن أبي مجلز قال: خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه فقال: اجلسا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث. يحتمل أن تكون الروايتان قصتين، فما في "الترمذي" وقع أولًا بأن ابن الزبير قام مع ابن صفوان فنهاهما معاوية، وما في رواية أبي داود وقع ثانيًا، فلم يقم في تلك المرة عبد الله بن الزبير، وقام ابن عامر لأنه لم يسمع النهي فنهى ثانيًا.
(وجلس) عبد الله (بن الزبير) أي بقي جالسًا (فقال معاوية لابن عامر: اجلس، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -يقول: من أحب أن يمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار).
5230 -
(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، عن مسعر، عن أبي العنبَس، عن أبي العَدَبَّسِ) بفتح المهملتين والموحدة المشددة بعدها مهملة، كوفي مجهول.
(عن أبي مرزوق) قال في "التقريب": أبو مرزوق، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، لين، من السادسة، ولا يعرف اسمه.
(عن أبي غالب) صاحب أبي أمامة بصري، ويقال: أصبهاني، قيل: اسمه حزور، وقيل: سعيد بن الحزور، وقيل: نافع. عن ابن معين: صالح
(1) انظر: "سنن الترمذي"(2755).
عن أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا، فَقُمْنَا إلَيْهِ، فَقَالَ:"لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا". [جه 3836، حم 5/ 253]
===
الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف، وقال الدارقطني: ثقة، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إلَّا ما وافق الثقات، وقال ابن سعد: كان ضعيفًا، ووثقه موسى بن هارون.
(عن أبي أمامة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصًا، فقمنا إليه، فقال: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يُعَظِّم بعضها بعضًا).
قال الطبراني: هذا الحديث ضعيف مضطرب السند، فيه من لا يعرف، كذا في "مرقاة الصعود"(1)، لعل معاوية رضي الله عنه كره القيام له في الحديث الأول لخوف التشبّه بزي الأعاجم المنهي عنه، وإلَّا فظاهر الأحاديث يدل على النهي عن القيام الذي تفعله الأعاجم بالانتصاب قائمًا على رؤوس ملوكهم أو بين أيديهم (2)، ويمكن أن معاوية رضي الله عنه جعله عامًا شاملًا لهذا القيام المنهي عنه والقيام للقادم تعظيمًا.
وقال الطبري: هذا الخبر إنما فيه نهي عن أن يقام له من السرور بذلك لا من أن يقوم له إكرامًا.
وقال ابن قتيبة: معناه من أراد أن يقوم الرجال على رأسه كما يقام بين أيدي ملوك الأعاجم، وليس المراد به نهي الرجل عن القيام لأخيه إذا سلم عليه.
ورجح النووى مقالة الطبري فقال: الأصح الأول، بل الذي لا حاجة إلى
(1) كذا في"مرقاة الصعود"، و"العيني"(15/ 375)، و"الفتح"(11/ 50). (ش).
(2)
قلت: وهو أيضًا جائز للضرورة لقيام مغيرة في قصة الحديبية، وجعله ابن القيم في "الهدي"(3/ 304) ستة عند مجيئي رسل الكافرين على المؤمنين إعظامًا لهم، وبسطه. (ش).