الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(121) بَابٌ في بِرِّ الْوَالِدَيْنِ
5137 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِيهِ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيهِ فيُعْتِقَهُ". [م 1510، ت 1906 جه 3659، حم 2/ 230]
5138 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عن ابن أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي الْحَارِثُ، عن حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمرَ، عن أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ، وَكُنْتُ أُحِبُّهَا، وَكَانَ عُمَرُ
===
(21)
(بابٌ في بِرِّ الْوَالِدَيْنِ)(1)
5137 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، حدثني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجزي ولد والده) أي لا يقضي حقه (إلا أن يجده) أي يجد الولد الوالد (مملوكًا فيشتريه) من مالكه (فيعتقه) أي يكون سببًا لعتقه، لأن الوالد سبب لوجود ولده وحياته، فالولد إذا اشترى والده فيعتق عليه كان سببًا لحياته، لأن الرق كالموت حكمًا، ولا ذريعة للولد لإحياء الوالد غير ذلك.
قال الخطابي (2): قوله: "فيعتقه" ليس معناه استئناف العتق [فيه] بعد الملك، لأن العلماء قد أجمعوا على أن الأب يعتق على الابن إذا ملكه في الحال.
5138 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن ابن أبي ذئب قال: حدثني خالي الحارث) بن عبد الرحمن، (عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه) ابن عمر (قال) ابن عمر: (كانت تحتي امرأة، وكنت أحبها، وكان عمر) رضي الله عنه
(1) وبسط السيوطي رواياته في تفسير الإسراء. "الدر المنثور"(5/ 261، 262). (ش).
(2)
"معالم السنن"(4/ 150).
يَكْرَهُهَا، فَقَالَ لي طَلِّقْهَا، فَأَبَيْتُ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"طَلِّقْهَا". [ت 1189، جه 2088، حم 2/ 20]
5139 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثير، أَنَا سُفْيَانُ، عن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ قَالَ:"قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: "أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ".
===
(يكرهها) لعله يكرهها لنقصان في دينها (فقال) عمر رضي الله عنه (لي: طَلَّقها، فابيت، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له) بأني آمر عبد الله أن يطلق زوجته، وهو يأبى، (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: طلقها) لما أمر عمر رضي الله عنه ابنه عبد الله بطلاق زوجته لم يكن طلاقها واجبًا عليه (1)، فلما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بطلاقها وجب عليه الطلاق، لأن الظاهر أن أمره صلى الله عليه وسلم به للوجوب، والله أعلم.
5139 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن بهز بن حكيم، عن أبيه) حكيم، (عن جده) معاوية بن حيدة (قال: قلت: يا رسول الله من أبر؟ ) بفتح الهمزة والباء الموحدة صيغة المتكلم من البر، وهو الإحسان (قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك) ثلاثًا، وإنما قدم الأم، وذكرها ثلاثًا لزيادة احتياجها، ولزيادة تعبها في حمله (2) وإرضاعه (ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب).
(1) لكن في "الدر المنثور"(5/ 265) مرفوعًا: "أطع والديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فأخرج"
…
الحديث. (ش).
(2)
قال العيني (15/ 141): فيه حجة على أن طاعة الأم مقدمة، وفي "الكوكب الدري" (3/ 44): أن الأب مقدم في الطاعة. انتهى.
قلت: وبه صرح في كراهية "العالمكَيرية"، وقال ابن بطال: مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، قال: وكان ذلك لصعوبة الحمل، ثم الوضع، ثم الرضاع، فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها، ثم تشارك الأب في التربية، ووقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14]، فسوى بينهما في الوصاية، وخص بالأم بالأمور الثلاثة، كذا في "الفتح"(10/ 402). (ش).
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَسْأَل رَجُلٌ مَوْلَاهُ منْ فَضْلٍ هوَ عِنْدَهُ فَيَمْنَعُهُ (1) إيَّاهُ، إلَّا دُعِيَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَضْلُهُ الَّذِي، مَنَعَهُ شُجَاعًا (2) أَقْرَعَ"(3). [ت 1897، حم 5/ 3، 5]
5140 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا الْى حَارِثُ بْنُ مُرَّةَ،
===
(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يسأل رجل مولاه) أي معتقه - بالفتح - بعد إعتاقه (من فضل) أي فضل مال من حاجته (هو) أي الفضل (عنده) أي عند المولى إذا احتاج الرجل (فيمنعه) أي لا يعطيه (إياه إلَّا دُعِيَ له) أي للمعتق بفتح التاء (يوم القيامة فضله الذي منعه شجاعًا أقرع) أي حية انحسر شعرها من كثرة سمها فيلسعه، ويحتمل العكس بأن يكون المراد من الرجل العبد المعتق، ومن المولى مالكه.
كتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": في قوله: لا يسأل رجل مولاه
…
إلخ، أراد بالرجل العبد الذي أعتقه مولاه، ففيه إشارة إلى أنه وإن لم يبق له ما كان عليه من حق المماليك قبل أن يعتقه، فليس له أن يبخل عليه بفضل ماله حين افتقر هو إليه، ويمكن أيضًا عكسه، فيكون إيجابًا على العبد حسن السلوك بماله إن كان فاضلًا إذا افتقر إليه معتقه، ومولاه الذي مَنَ عليه بفاضلة الإعتاق، انتهى. ويحتمل أن يكون المراد من لفظ المولى القريب.
5140 -
(حدثنا محمد بن عيسى، نا الحارث بن مرة) بن مجاعة - بضم الميم وتشديد الجيم- الحنفي، أبو مرة، اليمامي، ثم البصري، قدم بغداد، وروى عن كليب بن منفعة وغيره، قال ابن معين: ليس به بأس،
(1) في نسخة: "فمنعه".
(2)
في نسخة: "شجاع".
(3)
زاد في نسخة: "قال: أبو داود: الأقرع: الذي ذهب شعر رأسه من السم".
نَا كُلَيْبُ بْنُ مَنْفَعَةَ، عن جَدِّهِ، أَنَّهُ أَتَى النَّبيَّ (1) صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: "أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأخْتَكَ، وَأَخَاكَ، وَمَوْلَاكَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ، حَقًّا وَاجِبًا،
===
وقال مرة: صالح، روى له أبو داود حديثًا واحدًا في الأم، وعن ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، قال الآجري عن أبي داود: ليس به بأس.
(نا كليب بن منفعة) الحنفي البصري، روى عن جده، وقيل: عن أبيه عن جده أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أبر؟ الحديث، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وسمى ابن منده جده كليبًا أيضًا.
(عن جده) قال في "مرقاة الصعود": اسمه بكر بن الحارث، انتهى. وذكره الحافظ في "الإصابة"(2) بكر بن الحارث الأنماري أبو المنفعة، ذكره الترمذي وابن شاهين في "الصحابة"، وأبو بكر بن عيسى البغدادي فيمن نزل حمص من الصحابة، وقال: سألت عبد الله بن عبد الرحمن المخزومي عن اسم أبي المنفعة فقال: أخبرني جابر بن نمر بن حبيب بن أنس بن خالد أن اسم أبي منفعة بكر بن الحارث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن قانع فسماه أيضًا بكر بن الحارث، ثم أخرج حديثه من طريق كليب عن منفعة عن جده قال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، انتهى.
قلت: فما نقل الحافظ (3) عن ابن منده أن اسمه كليب لم أجد له أصلًا.
(أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، وأباك، وأختك، وأخاك)، وإنما قدم الأم والأخت على الأب والأخ لاحتياجهما (ومولاك) أي قريبك (الذي يلي) أي يستحق بالقرابة (ذلك) أي البر (حقَّا واجبًا)
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
"الإصابة"(1/ 167).
(3)
انظر: "تهذيب التهذيب"(8/ 644).
وَرَحِمًا مَوْصُولَةً".
5141 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ، أنَا. (ح): وَحَدَّثنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى قَالَ: نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عن أَبِيهِ، عن حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ"، قِيْلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالدَيْهِ؟ ! قَالَ:"يَلْعَنُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَلْعَنُ أَبَاهُ، وَيَلْعَنُ أُمَّهُ فَيَلْعَنُ أُمَهُ". [خ 5973، م 90، ت 1902، حم 2/ 164]
===
أي حال كونه حقًا وأجبًا (وَرَحِمًا موصولة) وفي نسخة على الحاشية: "حق واجب، ورحم موصولة"، فيمكن توجيهه أن يكون لفظ:"ذلك" مبتدأ، و"حق واجب ورحم موصولة" خبره.
5141 -
(حدثنا محمد بن جعفر بن زياد قال: أنا، ح: وحدثنا عباد بن موسى، نا إبراهيم بن سعد، عن أبيه) سعد بن إبراهيم، (عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله، كيف يلعن الرجل والديه؟ ) وإنما سألوا ذلك على حسب حال زمانهم، فإن في ذلك الزمان كان احترام الوالدين في غاية المرتبة، وأما في زماننا هذا فكثيرًا ما نسمع الأولاد تَسُب والديها وتلعنهما.
(قال) صلى الله عليه وسلم: (يلعن أبا الرجل فيلعن) أي الرجل (أباه، ويلعن أمه فيلعن) أي الرجل المسبوب (أمه) أي: أم السابِّ.
والحاصل: أن المراد يلعن الرجل والديه أن يكون سببًا وذريعة للعن الوالدين، فكأنه هو لعنهما، كما قال الله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (1) الآية.
(1) سورة الأنعام: الآية 108.
5142 -
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ (1) وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، الْمَعْنَى، قَالُوا، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ إدْرِيسَ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عن أَسِيدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْلَى بَنِي سَاعِدَةَ، عن أبِيهِ، عن أَبي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم -إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ (2) شَيءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ
===
قال في "مرقاة الصعود": قال النووي (3): فيه تحريم الوسائل والذرائع.
5142 -
(حدثنا إبراهيم بن مهدي وعثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء، المعنى، قالوا: نا عبد الله بن إدريس، عن عبد الرحمن بن سليمان) ابن الغسيل، (عن أسيد بن علي بن عبيد مولى بني ساعدة) الساعدي الأنصاري مولى أبي أسيد، وقيل: من ولده، والأول أكثر، وهو أسيد بن أبي أسيد بالفتح، وقال أبو نعيم بالضم، روى عن أبيه عن أبي أسيد، وقيل: عن أبيه، عن جده، عن أبي أسيد، روى عنه عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل.
(عن أبيه) علي بن عبيد الأنصاري المدني مولى أبي أسيد، روى عن مولاه حديثًا في البر، وقيل: عن أبيه، عن مولاه، ذكره ابن حبان في "الثقات"، أخرجوا له الحديث المذكور.
(عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلِمة) بكسر اللام، بطن من الأنصار، وليس في العرب بكسر اللام غيره (فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به)
(1) زاد في نسخة: "ابن موسى".
(2)
في نسخة: "والدي".
(3)
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (1/ 366).
بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالاسْتغفَارُ لَهُمَا، وَإنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إلَّا بِهِمَا، وَإكْرَامُ صَدِيقِهِمَا". [جه 3664، حم 3/ 498، حب 418]
5143 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، نَا أَبُو النضرِ، نَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عن يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ "أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْمَرْءِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ". [م 2552، ت 1903، حم 2/ 88]
5144 -
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، نَا أَبُو عَاصِمٍ، نَا جَعْفَرُ بْنُ
===
أي أوصل البر إليهما (بعد موتهما؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم، الصلاة عليهما) أي دعاء الرحمة لهما، (والاستغفار لهما) أن تستغفر الله لهما، (وإنفاذ عهدهما) أي إجراء وصيتهما (من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما).
قال في "مرقاة الصعود": ولفظ البيهقي: "وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قِبَلهما، فقال: ما أكثر هذا وأطيبه يا رسول الله! قال: فأعمل فإنه يصل إليهما"(1).
5143 -
(حدثنا أحمد بن منيع، نا أبو النضر، نا الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبو البر) أي أتم وأكمل في بر الأب (صلة المرء أهل ودِّ أبيه) أي إيصال الخير إلى أصحاب مودّة أبيه ومحبته (بعد أن يُوَلِّيَ) أي أبوه بموته أو غيبته.
5144 -
(حدثنا ابن المثنى، نا أبو عاصم، نا جعفر بن
(1) وهل ينتفع الوالد بعلم ولده؟ بسطه الشامي (9/ 617). (ش).
يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ، أَنا عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لَحْمًا بِالْجِعِرَّانَةِ- قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ أَحْمِلُ عَظْمَ الْجَزُورِ- إذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ حَتَّى دَنَتْ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ؟ فَقَالَوا: هَذِهِ أُمُّهُ الَّتي أَرْضَعَتْهُ.
5145 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، نَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ السَّائِبِ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ جَالِسًا يَوْمًا فَأَقْبَلَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَوَضَعَ لَهُ بَعْضَ ثَوْبِهِ، فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ فَوَضَعَ لَهَا شِقَّ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ
===
يحيى بن عمارة بن ثوبان، أنا عمارة بن ثوبان، أن أبا الطفيل) عامر بن واثلة (أخبره قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحمًا بالجعرانة) بكسر الجيم، والعين المهملة، وتشديد الراء، وقد يسكن العين، ويخفف الراء، موضع معروف على مرحلة من مكة، أقام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر يومًا لتقسيم غنائم حنين، واعتمر منها.
(قال أبو الطفيل: وأنا يومئذ غلام أحمل عظم الجزور) أي البعير (إذ أقبلت امرأة) وهي حليمة السعدية (1) بنت أبي ذؤيب (حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبسط لها رداءه فجلست عليه، فقلت: من هي؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته).
5145 -
(حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، نا ابن وهب، حدثني عمرو بن الحارث، أن عمر بن السائب حدثه، أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسًا يومًا فأقبل أبوه من الرَّضاعة) أي زوج أمه من الرضاعة (فوضع له) أي بسط (بعض ثوبه، فقعد عليه، ثم أقبلت أمه فوضع) أي فبسط (لها شِقَّ ثوبه من جانبه
(1) وبه جزم السيوطي في "شرح الترمذي". (ش).